يعتبر عقد العقل هو الرابطة القانونية بين العامل ورب العمل والذي يتضمن الالتزامات والواجبات المقررة على كلا طرفيه، ويعد تنفيذ هذه الالتزامات بالشكل والطريقة المتفق عليها في عقد العمل هو من اهم الضمانات لإلزام الطرف الآخر بتنفيذ الالتزامات المتقابلة، ولا شك أن عقد العمل ينطوي على العديد من الالتزامات التي يبغي رب العمل قيام العامل بتنفيذها بشكل يهدف الى تحقيق أهداف المنشأة، وبمفهوم المخالفة فإن إخلال العامل بتنفيذ الالتزامات التي يقررها عقد العمل في مواجهة يلحق ضررا جسيما بالمنشأة وحسن سيرها، وهو ما يعطي رب العمل سلطة إنهاء عقد العمل إذا ثبت أن العامل قد اخل بالالتزامات المترتبة بموجب عقد العمل وهو ما سوف نتناوله في هذا المقال على التفصيل الآتي :
ثانياً: التزامات العامل في القانون رقم 8 لسنة 1996
ثالثا: مدى سلطة صاحب العمل في إنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة
أولاً: مفهوم عقود العمل
ورد في القانون الأردني تعريف عقد العمل من خلال نص المادة الثانية من القانون رقم 8 لسنة 1996 المتعلق بقانون العمل على أنه: ” اتفاق شفهي أو كتاب صريح أو ضمني بموجبه يتعهد العامل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه أو إدارته مقابل أجر ويكون عقد العمل لمدة محددة أو غير محددة أو بعمل معين أو بعمل غير معين ).
- ومن خلال هذا التعريف يتبين لنا أن المشرع الأردني قد تناول تعريف عقد العمل بواسطة نصوص القانون ولم يترك الأمر لاجتهادات الفقه في تعريفه ولكن تم النص عليه بوضوح وبصراحة الألفاظ كما يتضح لنا من خلال النص السابق .
ويتضح أيضًا من خلال هذا النص أن المشرع الأردني من خلال تعريف هذا العقد أجاز أن يكون العقد مبرم بشكل شفهي أو مكتوب، كما أجاز أن يكون محدد المدة، أو أن يكون غير محدد المدة ومن الممكن أيضًا أن يكون العقد من أجل تنفيذ أعمال معينة أو غير معينة بحسب طبيعة العمل المتفق عليها مع العامل .
ثانياً: التزامات العامل في القانون رقم 8 لسنة 1996
نص قانون العمل الأردني على واجبات العامل أو الالتزامات التي تقع على عاتق العامل بموجب عقد العمل في المادة ( 19 ) وهي:
1– تأدية العمل بنفسه: فعلى العامل أن يؤدي العمل المتفق عليه بنفسه ولا يجوز له تفويض شخص آخر للقيام بهذا العمل لأن شخصية العامل ومقدرته تكون محل اعتبار عند إبرام العقد إلا إذا وافق صاحب العمل على ذلك.[1]
أما إذا كان عملاً آخر غير المتفق عليه فيجوز للعمل أن يعهد لشخص الآخر للقيام به، إلا إذا كان هذا العمل من الأعمال التي كلفه بها صاحب العمل وفقاً للمادة ( 17 ) من القانون والتي نصت على أن:” ﻻ يلزم العامل بالقيام بعمل يختلف اختلافاً بيناً عن طبيعة العمل المتفق عليه في عقد العمل إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعا لوقوع حادث أو لإصلاح ما نجم عنه أو في حلة القوة القاهرة وفي الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون على أن يكون ذلك في حدود طاقته وفي حدود الظرف الذي أقتضى هذا العمل”.
2- أن يبذل عناية الرجل العادي: وبموجب هذا الالتزام يتعين على العامل أن يتخذ الحيطة والحذر ويبذل العناية المتوقعة من الشخص العادي للقيام بمثل هذا العمل المتفق عليه، ويتحدد معيار الشخص العادي وفقاً للقواعد العامة.[2]
والحقيقة أن هذا الأمر نسبي ويخضع لسلطة رب العمل لذلك فهو برأيي لا يعتبر التزاماً جوهرياً يستحق طرد العامل وإنهاء عقد العمل فقد يستخدمه رب العمل كذريعة لإنهاء خدمة عامل نتيجة وجود خلافات أو لأي أسباب شخصية أخرى
3- الالتزام بأوامر صاحب العمل: حيث يلتزم العامل بتنفيذ أوامر رب العمل بشرط ألا تتعارض هذه الأوامر مع الشروط الواردة في عقد العمل و النظام العام والآداب.
4- المحافظة على أسرار صاحب العمل وحفظ الأشياء المسلمة إليه: من الالتزامات الطبيعية التي تقع على عاتق العامل أن يحافظ على أسرار صاحب العمل المتعلقة بالعمل الذي يؤديه حتى ولو بعد انقضاء عقد العمل حتى لا يستغل أعداء صاحب العمل هذه المعلومات والأسرار في منافسته،[3] أما إذا أفشى هذه الأسرار يعد مسؤولاً من الناحية المدنية والتأديبية.
وتحديد ما يعد من قبيل الأسرار الخاصة يرجع إلى ما جرى عليه العرف من اعتباره سرا وأن يكون هذا السر من الأسرار التي لم يكن في استطاعة العامل أن يعلم بها إلا بسبب عمله.
ومن تلك الالتزامات المألوفة أيضاً هو المحافظة على العهدة التي سلمت إليه لمساعدته في أداء عمله من أدوات وآلات فإذا هلكت هذه الأشياء بسبب إهمال العامل يكون مسؤولاً أمام رب العمل
5- إجراء الفحوصات الطبية اللازمة: يجب على العامل الخضوع للفحوصات الطبية التي تقتضيها طبيعة العمل سواء كان ذلك قبل التحاقه بالعمل أو بعد ذلك فإذا رفض العامل ذلك يتعرض لجزاء الفصل من الخدمة الذي نص عليه قانون العمل في المادة ( 28 )
6- عدم منافسة رب العمل: الحقيقة أن هذا الالتزام يجد أساسه في القانون المدني[4] في مواده (818، 819) حيث نصت الأولى على أن:” 1- إذا كان العامل يقوم بعمل يسمح له بالاطلاع على أسرار العمل ومعرفة عملاء المنشأة جاز للطرفين أن يتفقا على ألا يجوز للعامل أن ينافس صاحب العمل أو يشترك في عمل ينافسه بعد انتهاء العقد
2- على أن الاتفاق لا يكون مقبولا إلا إذا كان مقيدا بالزمان والمكان ونوع العمل بالقدر الضروري لحماية المصالح المشروعة.
- أما المادة ( 819 ) فنصت على أن:” إذا اتفق الطرفان على تضمين العامل في حالة الإخلال بالامتناع عن المنافسة – تضمينا مبالغا فيه بقصد إجباره على البقاء لدى صاحب العمل كان الشرط غير صحيح.
وبناءً على ما تقدم إذا كان العمل الذي يقوم به العامل هو السبب في اطلاعه على أسرار العمل وكان هناك اتفاقاً مسبقاً بين العامل ورب العمل على عدم المنافسة لمدة معينة وفي أماكن محددة فإن مخالفة العامل لهذه الشروط ترتب في حقه مسؤولية تجاه رب العمل.
ويتضح لنا من هذه الالتزامات أنها ليست جوهرية على النحو الذي يمنح لصاحب العمل سلطة إنهاء خدمة العامل فهي بمفردها لا تصلح أن تكون سبباً لقطع مصدر دخل العامل ولذلك يرى الباحث أنه يجب أن تقترن هذه الالتزامات بأسباب أخرى تجعل الأمر على قدر من الخطورة التي تبرر لصاحب العمل إنهاء العقد في الحال دون إشعار أو إخطار العامل لأنه ما وقع منه لا يستحق إلا هذا الجزاء.
ثالثا: مدى سلطة صاحب العمل في إنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة
تتعلق المادة ( 28 ) من قانون العمل الأردني بالفصل أو الطرد المشروع حيث نصت على الحالات التي يجوز فيها لصاحب العمل إنهاء عقد العمل بشكل فوري دون الحاجة إلى إخطار مسبق ودون مطالبة رب العامل ببدل إشعار مع احتفاظه بحقه في المطالبة بباقي الحقوق العمالية المنصوص عليها في قانون العمل
ومن ضمن هذه الحالات هي حالة عدم القيام بواجبات العمل حيث نصت المادة 28 في الفقرة ب على أن: ” لصاحب العمل فصل العامل دون إشعار وذلك في أي من الحالات التالية: – أ-…. ب- إذا لم يقم العامل بالوفاء بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل.
- ومن خلال مطالعة هذا النص يتضح لنا أنه جاء نصاً عاماً مطلقاً وهو ما يوسع من صلاحيات صاحب العمل في ممارسة حق إنهاء عقد العمل، وتكمن خطورة هذه السلطة الواسعة في عدم حاجة صاحب العمل الى الحصول على حكم قضائي وهو أمر قد يثير في بعض الأحيان عدة إشكاليات من أهمها الفصل التعسفي للعامل الذي نظمه المشرع في المادة ( 25 ) من القانون والتي نصت على: ( إذا تبين للمحكمة المختصة في دعوى أقامها العامل خلال ستين يوما من تاريخ فصله أن الفصل كان تعسفيا ومخالفا لأحكام هذا القانون جاز لها إصدار أمر الى صاحب العمل بإعادة العامل الى عمله الأصلي أو بدفع تعويض له بالإضافة الى بدل إشعار واستحقاقاته الأخرى المنصوص عليها في المادتين (32) و (33) من هذا القانون على أن لا يقل مقدار هذا التعويض عن أجور ثلاثة أشهر ولا يزيد على ستة أشهر ويحتسب التعويض على أساس آخر أجر تقاضاه العامل”.
- وكذلك المادة ( 23 ) التي أوجبت على صاحب العمل الذي يرغب في إنهاء عقد العمل غير المحدد المدة توجيه إشعار خطي مكتوب إلى العامل ونظم القانون مدة هذه الإشعار والحقوق العمالية المترتبة عليه .
ويرجع السبب الرئيسي وراء اعتبار المشرع الأردني عدم التزام العامل بواجبات وظيفته المنصوص عليها من أسباب الفصل المشروع للعامل إلى أن عقد العمل هو عقد ملزم للطرفين حيث يلتزم العامل بأداء العمل على النحو المتفق عليه في العقد وفي المقابل يلتزم صاحب العمل بإعطاء العامل الأجر المتفق عليه وتهدف هذه الالتزامات المتبادلة إلى حماية المصلحة العامة وإيجاد نقطة توازن بين مصالح كل من طرفي عقد العمل وصاحب العمل.[5]
ويري الباحث أن المشرع الأردني قد جانبه الصواب في صياغة هذا النص على إطلاقه الأمر الذي يعطي الفرصة لرب العمل الذي يريد إنهاء خدمة عامل لديه أن يختلق الأسباب ويتهم العامل بعدم وفائه بالالتزامات الواردة في عقد العمل فيؤدي ذلك إلى قطع مصدر رزقه الوحيد ويزداد الأمر سوءاً إذا كان هذا العامل عائلاً لأسرة فيمتد الضرر إليهم ولذلك يجب على المشرع أن يعيد صياغة هذا النص ويقيده من خلال تحديد طبيعة الالتزامات التي يؤدي عدم وفاء العامل بها إلى إنهاء عقده بصفة فورية دون إخطار.
والجدير بالذكر أن المشرع الأردني جعل توفر أحد الأسباب الواردة في المادة ( 28 ) سبباً في توقيع الجزاء على العامل وطرده.
رابعا: رقابة المحكمة في حالة إنهاء عقد العمل بسبب عدم وفاء العامل بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل
و نحن بصدد الحديث عن عقد عمل غير محدد المدة وكما هو معلوم أن هذا العقد يجوز فسخه بالإرادة المنفردة فهو عقد مؤقت بطبيعته، إلا أن هذا الأمر ليس على إطلاقه فلابد أن يتم وفقاً لإجراءات قانونية تضمن عدم التعسف وخاصةً في عقود العمل التي يكون العامل طرفاً فيها، لذلك فإن هذا القرار يخضع لرقابة المحكمة للتأكد من توافر هذه الإجراءات فإذا ثبت وجود تعسف من طرف رب العمل لا تستطيع المحكمة إلغاء قرار إنهاء خدمة العامل ولكن لها أن تحكم بالتعويض المناسب مقابل الأضرار التي تعرض لها العامل بسبب هذا القرار وهو ما أكدته محكمة النقض المصرية في حكم لها بأنه يجوز لرب العمل إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بإرادته المنفردة حتى لو اتسم هذا الإنهاء بالتعسف.[6]
أما محكمة التمييز الأردنية فقد كان لها اجتهادات بشأن الحالة لتي يقوم فيها رب العمل بإنهاء عقد العمل غير محدد المدة بسبب عدم وفاء العامل بالتزاماته نذكر منها:
حكم محكمة التمييز الذي قضت فيه بعدم مشروعية القرار الصادر ضد عامل استناداً إلى ضعف مستوى الأداء في وظيفته حيث ثبت للمحكمة أن العامل قد تم نقله إلى وظيفة أخرى جديدة بعد الموافقة على طلب النقل الذي قدمه وبالتالي لا يحق لصاحب العمل أن يستند إلى ضعف مستوى الوظيفي للعامل في وظيفته السابقة وبالتالي لا تتوافر في حقه أحكام المادة ( 28/ب[7] )
على صعيد آخر أيدت محكمة التمييز في حكم لها قرار إنهاء عقد العمل حيث ثبت أن العامل خالف الالتزامات المتفق عليها في العقد وقام بأعمال تشكل منافسة لرب العمل وبذلك تنطبق عليه أحكام المادة 28/ب وكذلك أحكام المادتين( 818 , 819 مدني) .[8]
وأيدت المحكمة هذا القضاء في حكم آخر قضت فيه بمشروعية قرار إنهاء خدمة عامل بسبب مخالفة التزامه ببذل العناية المطلوبة للقيام بالعمل المتفق عليه حيث ثبت أن العامل والذي يعمل لدى رب العمل حارس بنك كان نائماً أثناء فترة مناوبته وأدى ذلك إلى سرقة البنك والعبث بمحتوياته وبذلك تطبق عليه أحكام الفقرة ب من المادة 28 من قانون العمل الأردني.
خامسا: بعض الاجتهادات القضائية فيما يتعلق بإنهاء عقد العمل لعدم قيام العامل بالالتزامات المقررة في عقد العمل
1- الحكم رقم 6501 لسنة 2022 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 29-12-2022 حيث جاء فيه : ( وحيث إن الثابت من البينات الخطية المبرزة بالدعوى بأن المدعي عمل لدى المدعى عليها وتحت إشرافها وتبعيتها مما يجعلنا أمام عقد عمل وتنطبق عليه أحكام قانون العمل ويستحق المميز حقوقه العمالية كما تبين لمحكمتنا أن المدعي المميز ضده عين مديراً عاماً للشركة بتاريخ 7/1/2017 وأن هذا العمل جاء استمراراً لعمله السابق كمدة متصلة وأن تغيير طبيعة عمله لا يغير من الأمر شيئاً طالما أنه بقي يعمل تحت إشرافها وإدارتها إذ استمرت الخدمة من 17/9/1994 ولغاية 28/4/2021 ولطالما أن الإنهاء للخدمة كان من طرف الجهة المدعى عليها المميزة فإن عليها إثبات مشروعية ذلك الفصل وأنه جاء متفقاً وحكم المادة (28) من قانون العمل وحيث ادعت المميزة أن الفصل جاء وفقاً للفقرة (ب) من القانون ذاته (( عدم الوفاء بالالتزامات الواجبة عليه بموجب عقد العمل)) )
2- الحكم رقم 1020 لسنة 2021 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 29-4-2021 حيث جاء فيه : ( إذا تبين من أوراق الدعوى وبيناتها أن المدعي كان أثناء عمله مهملاً ولم يقم بالوفاء بالالتزامات المترتبة عليه مما ألحق ضرراً بالمدعى عليها(رب العمل) وسبب لها خسارة وتم إنذاره حسب الأصول عدة مرات الأمر الذي ينبني عليه أن للمدعى عليها الحق بإنهاء عمل المدعي دون إشعار عملا بالمادة 28 من قانون العمل فقد ورد فيها لصاحب العمل فصل العامل دون إشعار وذلك في أي من الحالات التالية ومنها إذا لم يقم العامل بالوفاء بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل. وحيث إن المدعي لم يقم بالوفاء بالالتزامات المترتبة عليه مما تسبب بخسائر للشركة. فإن الفقرة (ب) من المادة 28 من قانون العمل هي الواجبة التطبيق وإن الفصل والحالة هذه هو فصل مبرر ولا يستحق المدعي أي مبلغ عن الفصل ، ويعتبر إنهاء عمله مبرراً ولا يستحق بدل الفصل التعسفي. وحيث إن محكمة الاستئناف توصلت لخلاف ذلك فيكون إصرارها في غير محله وقرارها مستوجباً النقض ).
3- الحكم رقم 1713 لسنة 2020 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 18-5-2020 حيث جاء فيه : ( نصت المادة 28 من قانون العمل على أن لصاحب العمل فصل العامل دون إشعار وذلك إذا لم يقم العامل بالوفاء بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل كما أن النظام الداخلي لتنظيم العمل لدى المدعى عليها والصادر استناداً لأحكام قانون العمل وفي لائحة الجزاءات وفي البند الثالث منها بينت الحالات التي يجوز فيها لرب العمل فصل العامل بدون إشعار ومن ضمن هذه الحالات إذا ارتكب العامل خطأ نشأ عنه خسارة مادية جسيمة لصاحب العمل أو إذا خالف العامل النظام الداخلي للمؤسسة بما في ذلك سلامة العمل والعمال رغم إنذاره مرتين ، وحيث أن المدعى عليها وهي شركة ذات مسؤولية محدودة مسجلة حسب الأصول وأن المدعي عمل لدى المدعى عليها بوظيفة فني شراب ومعالجة مياه منذ 1/4/1990 وأثناء عمل المدعي ارتكب عدد من المخالفات ولم ينفذ العمل ولم يلتزم بالوفاء بالواجبات المترتبة عليه وتم توجيه إنذارات عديدة منها إنذارات انقضى على توجيهها عند إنهاء عمله أكثر من 12 شهراً ولا يجوز اعتمادها ومنها إنذارات لاحقه لذلك بناء على الإهمال والمخالفات ، حيث إنه في الشهر الثامن من عام 2010 قام بتحويل خط الإنتاج بالخطأ من إنتاج كوكا كولا إلى خط إنتاج فانتا مما أدى إلى فقدان الشراب وتوقف خط الإنتاج فترة طويلة وسبب إرباكاً بالعمل وأضراراً مادية ومعنوية للشركة المدعى عليها وقامت بتوجيه الإنذار تاريخ 5/8/2010 وتبلغه حسب الأصول، وبتاريخ 14/4/2011 وبسبب عدم قيام المدعي بتحضير مواد التعقيم ورفع درجة الحرارة للماء حسبما هو مطلوب للتعقيم وإغلاق المحابس مما تسبب بتأخير تعقيم خط الإنتاج وتأخر عملية الإنتاج مما ألحق ضرراً بالمدعية حيث قامت المدعية بتوجيه الإنذار تاريخ 14/4/2011 وتبلغه المدعي بتاريخ 25/4/2011 ، وبتاريخ 25/4/2011 قام المدعي بتحويل خط الكوكا كولا إلى خط عصير فروتي وبتاريخ 7/6/2011 قامت المدعى عليها بإنهاء خدمات المدعي معللة قرارها بتدني مستوى الأداء والإهمال من المدعي رغم توجيه الإنذارات العديدة له ، من خلال ما تقدم يتبين أن المدعي كان أثناء عمله مهملاً ولم يقم بالوفاء بالالتزامات المترتبة عليه مما ألحق ضرراً بالمدعى عليها وسبب لها خسارة وتم إنذاره حسب الأصول الأمر الذي ينبني عليه أن للمدعى عليها الحق بإنهاء عمل المدعي دون إشعار ويعتبر إنهاء عمله مبرراً ولا يستحق بدل الفصل التعسفي والإنذار.)
4- الحكم رقم 5762 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 9-2-2020 حيث جاء فيه : ( كما لم يرد في ملف الدعوى أي إنذارات لغايات تطبيق حكم الفقرة (د) مما يستدعي باستبعاد هاتين الفقرتين أما بخصوص الفقرة (ب) من المادة 28 من قانون العمل والتي نصت على ( إذا خالف العامل الوفاء بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل) فقد ثبت من خلال البينة الشخصية المقدمة أن المشاريع كانت تسلم بموعدها ولم يرد من البينات ما يثبت أن المدعي خالف الالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل أما بخصوص البيانات الموجودة على جهاز الحاسوب الخاص بالمدير العام فإن ذلك كان على سبيل المزاح من الشاهد خالد للمميز ضده وأن هذا الشاهد هو من عرض على المميز ضده إحضار الداتا كما أن الشاهد محمود جاءت شهادته منقولة عن شهادة الشاهد خالد وهي على السماع ومن جهة أخرى فلم يتم تنفيذ ذلك مما لا يعد مبرراً لإنهاء الخدمات وعليه فإن ما جاء بهذين السببين لا يرد على القرار المميز ويتعين ردهما ).
5– الحكم رقم 575 لسنة 2008 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 28-1-2009 حيث جاء فيه : (أجازت المادة 28/ب من قانون العمل لصاحب العمل فصل العامل دون إشعار – إذا لم يقم بالوفاء بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل .فاذا كانت الوظيفة الجديدة التي نقل إليها المميز تمت الموافقة على الدراسة التي قام بها وطلب إليه البدء بتنفيذها الأمر الذي يتناقض مع ما جاء في كتاب إنهاء الخدمات من عدم تحقيق مهام الوظيفة الجديدة ولا يحق للمميزة بعد تكليف المميز ضده بوظيفة جديدة أن تستند في إنهاء خدماته إلى ما سمته ضعف مستوى الأداء في وظيفة سابقة تم نقله منها . وحيث أن محكمة الاستئناف توصلت إلى عدم انطباق أحكام المادة 28 من قانون العمل على إنهاء خدمات المميز ضده فإن ما توصلت إليه يتفق والواقع والقانون ).
سادسا: خاتمة
في ختام هذا المقال توصلنا إلى أن المشرع الأردني حدد الحالات التي يجوز فيها لرب العمل إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بإرادته المنفردة وبدون إشعار مكتوب مسبق للعامل في المادة ( 28/ ب ) وتبين أن صياغة هذه المادة بصورة تجعلها مطلقة جعلها محل نقد ونرجو من المشرع إعادة النظر فيها نظراً لما تمثله من خطورة على العامل وأسرته.
أما بالنسبة للمحكمة فهي تطبق القانون وتتأكد من التزام صاحب العمل بنصوصه ولكنها في المقابل تملك سلطة تقديرية في رقابة المشروعية، لذلك يرى الباحث أن المحكمة في رقابة الحالات المتعلقة بنص المادة (28/ب) ينبغي عليها قراءتها مع نص المادة ( 19 ) في مجملها حتى تقدر مدى الضرر الذي وقع من العامل بسبب إخلاله وعدم وفاءه بالتزامات وظيفته..
[1] عبد الودود يحي، شرح قانون العمل، دار النهضة العربية 1989، ص 179
[2] عبد الرسول عبد الرضا، الوجيز في قانون العمل الكويتي، دار الكتب، 1997، ص222
[3] أحمد أبو شنب، شرح قانون العمل الجديد، مكتبة دار الثقافة، الأردن، 2003، ص 155
[4] القانون المدني الأردني رقم 43 لعام 1976
[5] حسين عبد اللطيف، قانون العمل، منشورات الحلبي، بيروت، 2009، ص 474
[6] حكم محكمة النقض المصرية، الطعن رقم 410، بتاريخ 12/4/1987
[7] حكم محكمة التمييز رقم 575/2008 بتاريخ 28/1/2009
[8] حكم محكمة التمييز رقم 139/2010، بتاريخ، 16/6/2010