نظم المشرع الأردني أحكام فصل العامل وعدد الحالات التي يجوز لصاحب العمل اتخاذ هذا الإجراء دون إشعاره، ومن اهم هذه الحالات إذا قام العامل بإفشاء أحد الأسرار الخاصة بالعمل دون تصريح من صاحب العمل و دون مبرر قانوني، إذ ينبئ ذلك عن سوء نية العامل ورغبته في الإضرار بالعمل، ما يبرر حق صاحب العمل في اتخاذ هذا الإجراء شديد القسوة في مواجهته، كونه قد أخل بأحد الالتزامات الجوهرية التي رأى المشرع ضرورة الالتزام بها حتى لو لم ينص عليه عقد العمل.
وفي خلال هذا المقال سوف نتناول أحكام فصل العامل بسبب إفشاء العامل الأسرار الخاصة بالعمل على النحو الآتي :
أولا: مفهوم الأسرار الخاصة بالعمل
لم يعني المشرع الأردني بتعريف الأسرار الخاصة بالعمل و ترك مهمة تعريف المقصود به الى الفقهاء القانونيين الذين اجتهدوا في تعريفها ووضعوا لها أكثر من تعريف ومن أهمها أنه : ( المعلومات التي تتعلق بالمنشأة والتي أوجب القانون كتمانها، أو جرى العرف بذلك بحيث يترتب على إذاعتها الإضرار بالمنشأة أو زعزعة الثقة فيها، وبشرط ألا يكون هذا الكتمان ساترا لجريمة جنائية أو حائلا دون الكشف عن جريمة تمت أو في مرحلة الشروع ).[1]
- كما عرف البعض الأسرار الخاصة بالعمل بأنها جميه المعلومات المتعلقة بأحد الأعمال الصناعية أو التجارية والتي لو علم الناس بها لأثرت على الثقة بصاحب العمل. [2]
وبالتالي فالأسرار الخاصة بالعمل هي كل معلومة لا يرغب صاحب العمل في إفشائها لغير العمال، ويكون لها دور في تمييز عمل منشاته عن غيره من المنافسين ويتصل علم العامل بها أثناء أو بمناسبة أدائه للعمل ويقع عليه التزام بعدم إفشائها أو تعريف الغير بها
والأسرار الخاصة بالعمل قد تكون أسرار صناعية وهي المعرفة الفتية بعوال وكيفية تصنيع المنتج الخاص بالمنشأة ويعرفها البعض بانها ( مجموع العناصر الداخلة في تركيب المعرفة الفنية بمفهومها الواسع ) [3] كما قد يتكون الأسرار الخاصة بالعمل أسرار تجارية وهي الأسرار ذات القيمة التجارية وتتوافر لها الخصوصية اللازمة بحيث يصعب على العامة معرفتها وقد تناولتها بالتعريف والتعيين المادة 4 من قانون المنافسة الغير مشروعة حيث نصت على : ( الأسرار التجارية
أ. لمقاصد هذا القانون تعتبر أي معلومات سرا تجاريا إذا اتسمت بما يلي :
.1 أنها سرية لكونها غير معروفة عادة في صورتها النهائية أو في مكوناتها الدقيقة أو انه ليس من السهل الحصول عليها في وسط المتعاملين عادة بهذا النوع من المعلومات .
2. وأنها ذات قيمة تجارية نظرا لكونها سرية .
3. وأن صاحب الحق أخضعها لتدابير معقولة للمحافظة على سريتها في ظل ظروفها الراهنة .
ب. لا تنطبق أحكام هذا القانون على الأسرار التجارية التي تتعارض مع النظام العام أو الآداب العامة ).
- والجدير بالذكر أن الأسرار الخاصة بالعمل قد تكون أيضا أسرار أخرى غير الأسرار الصناعية أو التجارية فقد تكون أسرار مالية أو مدنية أو غير ذلك طالما كان لها دور في التأثير على أداء المنشاة التي يعمل بها العامل.
– وترتيبا على ذلك فإن مخالفة إفشاء العامل الأسرار الخاصة بالعمل هي : قيام العامل بإفشاء أحد المعلومات الخاصة بالمنشأة التي يعمل بها والتي تحمل طابع السرية ويؤدي إفشائها الى الحاق الضرر بالمنشاة، أو مالكها ويؤدي إفشائها الى ثبوت حق صاحب العمل في توقيع أي من الجزاءات التأديبية على العامل مرتكب المخالفة بما فيها فصله من العمل، ويتحقق في مواجهة العامل المسئولية المدنية جراء عمله الغير مشروع شريطة ألا يكون ما أفشاه يمثل جريمة قانونية ترتكب في المنشاة.
– والجدير بالذكرة أنه هناك بعض الشروط التي يجب أن تتوافر في المعلومات التي يعرفها العامل حتى تعد من قبيل الأسرار الخاصة بالعمل منها :
1- أن تكون المعلومة حصرية للمنشاة أو على الأقل غير معروفة للآخرين، و لهذا منع العامل من إفشائها باعتبارها معلومة حصرية للمنشأة قد يكون لها دور في تمييزها عن غيرها من المنافسين أو قد يؤدي العلم بها الى زعزعة ثقة المستهلكين في المنشاة، وبالتالي فإذا كانت المعلومة غير سرية أصلا ومتداولة، فلا تتوافر لها صفة المعلومة السرية التي يجب عدم إبداؤها كذلك لو كانت سرية ثم تم إفشاؤها من قبل المنشاة أو من قبل الغير بحيث تكون قد زالت عنها صفة السرية.
2- ألا تكون المعلومة أو السر من اختراع العامل نفسه حتى لو كان الاختراع قد تم أثناء أداء عمله، إلا إذا كان العمل الموكل إليه يتطلب منه محاولة ابتكار أو اختراع شيء ما، أو أن يكون صاحب العمل قد اتفق معه في عقد العمل على أن يمتنع عن إفشاء سر أي ابتكار أو اختراع خاص به، فيجب على العامل في هذه الحالة الالتزام بما تم الاتفاق عليه، [4] وقد نصت المادة ( 20 ) من قانون العمل على : ( أ . تحدد حقوق الملكية الفكرية لكل من صاحب العمل والعامل بالاتفاق خطيا بينهما فيما يتعلق بأعمال صاحب العمل إذا استخدم العامل خبرات صاحب العمل أو معلوماته أو أدواته أو آلاته الأولية في التوصل الى هذا الابتكار.
ب. تكون حقوق الملكية الفكرية للعامل إذا كان حق الملكية الفكرية المبتكر من قبله لا يتعلق بأعمال صاحب العمل ولم يستخدم خبرات صاحب العمل أو معلوماته أو أدواته أو مواده الأولية في التوصل الى هذا الابتكار ما لم يتفق خطيا على غير ذلك ) .
3- ألا يكون السر الخاص بالعمل عملا أو سرا غير مشروع ويعد مخالفة قانونية إذ لا يجوز أن تتصف المعلومة أو السر في هذه الحالة بوصف – السر الخاص بالعمل – المنوط حمايته وعلى ذلك فيجوز للعامل إفشاؤه دون الرجوع الى صاحب العمل.
4- أن يكون السر خاصا بالعمل بشكل مباشر بحيث قد يؤدي إفشاؤه الى التأثير على العمل ذاته أو التأثير على شخص صاحب العمل.
ثانيا: الأساس القانوني لالتزام العامل بعدم إفشاء الأسرار الخاصة بالعمل
نظرا للأهمية البالغة للأسرار المهنية وما قد تحويها من معلومات وأفكار تساعد في تطور المنشأة الصناعية أو التجارية وتجعلها اكثر تميزا عن أقرانها من منشئات تجارية منافسة، وحفاظا أيضا على الحق في المنافسة التجارية والصناعية المشروعة، فقد جعل المشرع التزام العامل بالحفاظ على الأسرار الخاصة بالعمل وعدم إفشائها منصوصا عليه في التشريعات القانونية، سواء في القانون المدني باعتباره القانون الأم لجميع العلاقات القانونية المدنية أو في قانون العمل نفسه.
وترتيبا على ذلك فيمكننا القول أن أساس التزام العامل بعدم إفشاء أسرار العمل الخاصة هو القانون، وينبني على ذلك عدم اشتراط النص على هذا الالتزام صراحة في العقد، بل يجب على العامل العمل بمقتضاه حتى لو لم يتضمن عقد العمل بندا يمنع العامل من إفشاء أسرار العمل الخاصة، وفي هذا الخصوص فقد نصت المادة ( 312 ) من القانون المدني الأردني على : ( الحقوق التي تنشا مباشرة عن القانون وحده تسري عليها النصوص القانونية التي أنشأتها. ( وبالتالي فيجب على العامل العمل وفق هذا الالتزام باعتبار أن مصدر الإلزام به هو النصوص القانونية والتي تتمثل في نص المادة ( 814 / 5 ) من القانون المدني بقولها ك ( أ . التزامات العامل :
يجب على العامل :5 – أن يحتفظ بأسرار صاحب العمل الصناعية والتجارية ولو بعد انقضاء العقد وفقا لما يقتضيه الاتفاق أو العرف ) .
ثم تبعتها المادة ( 815) بقولها : ( يلتزم العامل بكل ما جرى العرف على انه من توابع العمل ولو لم يشترط في العقد) .
- كما نصت المادة ( 19 ) من قانون العمل على الواجبات التي يلتزم العامل بأدائها ومن أهمها الحفاظ على أسرار صاحب العمل الصناعية والتجارية حيث جاء نصها : ( على العامل:-
أ- تأدية العمل بنفسه وأن يبذل في تأديته عناية الشخص العادي وأن يلتزم بأوامر صاحب العمل المتعلقة بتنفيذ العمل المتفق عليه وذلك ضمن الحدود التي لا تعرضه للخطر أو تخالف أحكام القوانين المعمول بها أو الآداب العامة .
ب- المحافظة على أسرار صاحب العمل الصناعية والتجارية وأن لا يفشيها بأي صورة من الصور ولو بعد انقضاء عقد العمل وفقا لما يقتضيه الاتفاق أو العرف .
ج- الحرص على حفظ الأشياء المسلمة إليه لتأدية العمل ومنها أدوات العمل والمواد وسائر اللوازم الخاصة بعمله .
د- الخضوع للفحوصات الطبية اللازمة التي تقتضي طبيعة العمل ضرورة إجرائها قبل الالتحاق بالعمل أو بعد ذلك للتحقق من خلوه من الأمراض المهنية والسارية ).
ثالثا: فصل العامل بسبب إفشائه لأسرار العمل الخاصة
اتضح مما سبق ذكره أهمية الأسرار الخاصة بالعمل و مدى التزام العامل بعدم إفشاء تلك الأسرار، كما اتضح أن أساس هذا الالتزام هو القانون، ولما كان هذا الالتزام بهذه الأهمية للدرجة التي جعلت المشرع يعده من أحد الالتزامات الأساسية على العامل أثناء أداء عمله، فإن ذلك استدعى أن يضع المشرع جزاء إداريا قاسيا إذا قام العامل بخرق هذا الالتزام، وهو ما قرره المشرع الأردني بالفعل إذ عدد في المادة (28) من قانون العمل حالات جواز فصل العمل دون إشعار – طرد العامل – و ذكر حالة إفشاء العامل للأسرار الخاصة بالعمل كأحد هذه الحالات، حيث نصت المادة ( 28 ) من قانون العمل الأردني على : ( لصاحب العمل فصل العامل دون إشعار وذلك في أي من الحالات التالية:-
و- إذا أفشى العامل الأسرار الخاصة بالعمل ) .
- و حتى يثبت حق صاحب العمل في توقيع هذا الجزاء على العامل يجب أن يثبت أولا وقوع هذه المخالفة من العامل بشكل قطعي ويقيني دون أن يكون ذلك بمجرد الظن أو الشك وإلا كان فصله للعامل متعسفا ويخضع لأحكام الفصل التعسفي للعامل، كما قد يثبت صاحب العمل أن العامل قد ارتكب فعلا فعل إفشاء الأسرار العمل الخاصة، إلا أنه في حقيقة الأمر قد أفشاها في حالة من الحالات التي لا يترتب على إفشاء العامل أسرار العمل الخاصة أي مسائلة إدارية أو مدنية ومنها :
1- إذا كان الإفشاء بعلم ورضاء صاحب العمل: كأن يطلب صاحب العمل من العامل شرح آلية العمل أو آلية التصنيع أو التسويق الى جموع من الناس أو إلى عملاء محددين، وقد تكون هذه الآلية تحمل أسرارا صناعية أو تجارية أو مالية هامة، إلا أن طلب صاحب العمل من العمل شرحها وتوضيحها ينبئ عن رضاه بإفشاء هذه الأسرار، وبالتالي فلا يجوز لصاحب العمل أن يتزرع بإفشاء أسرار العمل في هذه الحالة لفصل العامل إذ أن ذلك قد تم برضاه.
2- إذا كان الإفشاء بقصد الإبلاغ عن جريمة : وفي هذه الحالة أيضا لا يعتبر إفشاء العامل لأسرار العمل من قبيل المخالفات التي تخول صاحب العمل حق فصله دون إشعار ويرجع ذلك الى أن مصلحة المجتمع ككل مقدمة على مصلحة أفراده، واذا كان في الإفشاء بأسرار العمل ما يشير إلى ارتكاب جريمة أو يدرئ مفسدة قد تلحق بالمجتمع، فيجوز للعامل إفشاء السر ودون رضا صاحب العمل ولا يجوز فصله أو طرده وإلا اعتبر ذلك من قبيل الفصل التعسفي للعامل .
3- إذا كان الإفشاء عن أسرار العمل قد تم أثناء إدلاء العامل بشهادته أمام القضاء، إلا أن ذلك شريطة أن يكون إفشاء العامل للسر ضروريا للوقوف على حقيقة الواقعة، وأن يكون له دور في حسن سير العدالة كأن تكون شهادة العامل متعلقة بأحد دعاوى الملكية الفكرية التي يكون صاحب العمل طرفا فيها، أو أحد دعاوى المنافسة الغير مشروعة، أما إذا ذكر السر التجاري أو الصناعي أو غيرها من أسرار العمل دون مقتضى فإن ذلك يجعل من حق صاحب العمل فصل العامل دون إشعار لتحقق أحد حالاته المنصوص عليها في المادة ( 28 ) من قانون العمل.
- وعلى ذلك فإذا توافرت في المعلومات صفة السر التجاري و لم يكن هناك أي مبرر قانوني لإفشائها ومع ذلك أفشاها العامل فيكون قد أخل بواجبه بالمحافظة على أسرار العمل الخاصة، والذي يعطي الحق لصاحب العمل في توقيع الجزاء الإداري المتمثل في فصله دون إشعار، وفي جميع الحالات إذا رأى العامل أن قرار فصله قد جاء مخالفا للقانون فله أن يطعن على هذا القرار أمام المحاكم العمالية، والتي لها السلطة التقديرية في تقدير ما إذا كان قرار الفصل جاء موافقا لصحيح القانون أم جاء متعسفا ومضرا بحقوق العامل.
رابعا: بعض اجتهادات القضاء الأردني في أحكام فصل العامل بسبب إفشاء العامل الأسرار الخاصة بالعمل
1– الحكم رقم 1066 لسنة 2023 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 2023-06-26 حيث جاء فيه : ( ولما كان ذلك وأن محكمة البداية بصفتها الاستئنافية توصلت إلى أن الشاهدة لما عبد الصمد وهي شاهدة لطرفي الدعوى وهي مدير إقليمي للمنظمة حيث ذكرت أنه تم إنهاء عمل المدعي بسبب إفشاء أسرار العمل من محاضر اجتماعات والمراسلات الإلكترونية في الإدارة العليا وكان المدعي بعد أن وصل إلى تلك المعلومات إلى تداولها مع العاملين وتمثلت الأسرار بتعلقها بالأسئلة للمسابقة للتوظيف والقرارات والعلامات وتم الاستعانة بوحدة الجرائم الإلكترونية للوصول إلى من دخل إلى النظام وبالنتيجة تبين أن المدعي هو من قام بالدخول إلى النظام كونه لا يملك أحد آخر الدخول إلى البريد الإلكتروني سوى المدعي بالإضافة لما جاء بباقي أقوال الشهود المستمعين من قبل محكمة الدرجة الأولى وتوصلت محكمة الدرجة الثانية إلى أن المدعي هو من قام بالدخول إلى النظام مستخدماً كلمة المرور الخاصة بالشاهدة لمى عبد الصمد وقام بالاطلاع على الأسئلة وأن الشاهد عصام أكد ذلك وأن المدعي قام بهذا العمل وإفشاء الأسرار بسبب مساعدة إحدى زميلاته في التعيين وتسريب الأسئلة والمعلومات .
وحيث إنه من واجبات العامل أن يقوم بعمله بكل أمانة وإخلاص وأن يفي بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل وأن لا يفشي الأسرار الخاصة بالعمل والمتعلقة بمسابقة التوظيف والدخول إلى النظام لغايات الحصول على أسئلة لمساعدة موظفين أو القيام بتسريب تلك الأسئلة والمعلومات وعلى ضوء ما تقدم فإن محكمة الموضوع ناقشت البينات الشخصية بصورة مستفيضة وقد قامت باقتطاف جزء من شهادات الشهود والتي تثبت لها عدم التزام المدعي بالواجبات المترتبة عليه وبالتالي فإن ما توصلت إليه محكمة الموضوع جاء موافقاً للأصول والقانون ومستندة إلى بينات لها أصلها الثابت في أوراق الدعوى الأمر الذي يتعين معه رد هذه الأسباب كونها لا ترد على القرار الطعين ( .
2– الحكم رقم 3752 لسنة 2018 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 2018-10-01
حيث جاء فيه : ( وحيث إن محكمة الاستئناف طبقت لائحة الجزاءات بحق المميز ضده دون الالتفات إلى نص المادة (28/ب) من قانون العمل التي نصت على ( إذا لم يقم العامل بالوفاء بالالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل ) والمادة 28/و التي نصت على (إذا أفشى العامل الأسرار الخاصة بالعمل ) فقد جاء قرارها قاصراً من حيث التعليل والتسبيب ويستوجب النقض لورود هذه الأسباب عليه .(
3– الحكم رقم 910 لسنة 2020 – بداية عمان بصفتها الاستئنافية الصادر بتاريخ 2020-06-16 حيث جاء فيه : ( وفي ذلك نجد بأن الشركة المدعى عليها قد بررت إنهاء خدمات المدعي لديها بتاريخ (28/09/2017م) بمخالفة قانون العمل وفقاً للمادتين (28/ب و28/و) من قانون العمل، والمتعلقين بعدم الوفاء بالالتزامات المترتبة على العامل بموجب عقد العمل، وإفشاء العامل الأسرار الخاصة بالعمل، ووفقاً أيضاً للمادة (19/ب) من القانون ذاته، والمتعلقة أيضاً بمسؤولية العامل بالمحافظة على أسرار صاحب العمل، وأن لا يفشيها ولو بعد انقضاء عقد العمل، وبالتالي وفي ضوء جواب المدعى عليها وما قدمت من مبرر لإنهاء خدمات المدعي، وادعاء الأخير بفصله من العمل تعسفياً، فإن عبء إثبات الفصل المشروع والمبرر قد انتقل للمدعى عليها لإثبات الفصل القانوني والمشروع، وفي ذلك نجد بأن الثابت من البينات الخطية والشخصية المقدمة من قبل طرفي الدعوى واقعة إبرام المدعي عقد عمل مع الشركة السعودية الأردنية للخدمات اللوجستية، وعمله لديها في ذات الفترة التي كان يعمل خلالها لدى الشركة المدعى عليها، حيث أن الشركة السعودية الأردنية تعمل في مجال عمليات النقل والشحن ومساحات تخزينية، وهو ذات مجال عمل المدعي لدى الشركة المدعى عليها، باعتبار أن طبيعة عمله تتعلق بعمليات الشحن والنقل والتخليص وتعبئة المواد، كما نجد بأن الثابت أيضاً من عقد عمل المدعي لدى الشركة السعودية الأردنية وباقي البينات الخطية والشخصية أن المدعي كان شريكاً أيضاً في الشركة السعودية الأردنية ومديراً عاماً لها، وبأنه قد قام بإعطاء الشركة السعودية معلومات تتعلق بعمل المدعى عليها من حيث إجراءات العطاءات ومعلومات عن الشركات المنافسة التي تتعامل مع المدعى عليها والشركاء الاستراتيجيين للمدعى عليها، وكذلك تزويدهم بالمعلومات التي تسهل السيطرة على العطاءات لدى المدعى عليها، وآلية العمل لدى المدعى عليها، وكذلك آلية العمل لدى المدعى عليها من حيث النقل والشحن والتعامل مع المواد وتعبئتها، مما يشكل مخالفة لأحكام المادة (28/و) من قانون العمل التي تفرض على العامل المحافظة على أسرار العمل وعدم إفشاؤها، وكذلك مخالفة المادة (19/ب) من قانون العمل التي فرضت ذات الالتزام على العامل، ومخالفة أيضاً المادة (28/ب) من القانون ذاته لمخالفة المدعي للالتزامات المترتبة عليه بموجب عقد العمل والنظام الداخلي لدى الشركة المدعى عليها، والذي ألزم العامل بالمحافظة على أسرار العمل، حيث أجاز قانون العمل وفي المادة (28/و) منه لصاحب العمل إنهاء خدمات العامل دون إشعار في حال تحقق الحالات المشار إليها أعلاه، وعليه فإن المدعى عليها قد أثبتت أن فصل المدعي من عمله كان مشروعاً، ويستند إلى أساس قانوني سليم، وموافقاً للمادة (28) من قانون العمل، وبالتالي فإن ما توصلت إليه محكمة الدرجة الأولى بخصوص ذلك وردها للمطالبة ببدل الفصل التعسفي وبدل الإشعار جاء واقعاً في محله، وبأن أسباب الاستئناف أعلاه لا ترد على القرار المستأنف ويتعين ردها.(
[1] الدكتور صالح محمد أحمد دياب، التزام العامل بالأمانة والإخلاص في عالقات العمل الفردية، دار الكتب القانونية مصر – دار شتات للنشر والبرمجيات مصر، 2010، ص95
[2] هشم رفعت هاشم ، شرح قانون العمل الأردني، تشريع- فقه- قضاء, الطبعة الثانية, عمان- الأردن, ص.125
[3] جلال احمد خليل، النظام القانوني لحماية الاختراعات ونقل التكنولوجيا في الدول النامية، ط 1 ، جامعة الكويت 1983، ص 523
[4] عبدالصبور فتحي، الوسيط في قانون العمل ، الجزء الأول، المطبعة العالمية القاهرة، 1976، ص.443