التوقيف في القانون الأردني

التوقيف أو الحبس الاحتياطي كما يسمى في بعض الدول وأحيانا الحبس الاحترازي ويسمى الحبس على ذمة التحقيق كذلك. إن توقيف المشتكى عليه في القضايا الجزائية لا يعني إدانته فقد يعتقد البعض أن التوقيف ما هو إلا إدانة للمشتكى عليه بالجرم المنسوب إليه، والحقيقة أن التوقيف ما هو إلا إجراء احتياطي يوضع بموجبه المشتكى عليه وبأمر من جهة قضائية مختصة في الحبس مدة محددة وفق ما تقتضيه مصلحة التحقيق، وضمن ضوابط محددة في القانون.

ولكن صلاحية التوقيف ليست مطلقة فقد وضع المشرع الأردني الحالات التي يجوز فيها التوقيف، كما نص على قيود وضمانات تحيط هذا الإجراء الاحتياطي وذلك بهدف عدم إساءة استخدامه، فالتوقيف وإن جاء لتحقيق مصلحة عامة إلا أنه لا بد من مراعاة مصلحة الفرد الموقوف، فلم تثبت إدانته بعد، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته.

  • المطلب الأول: ماهية التوقيف

يعد التوقيف من الإجراءات الاستثنائية والخطيرة فأساسه سلب حرية المشتكى عليه مدة من الزمن بسبب وقوع جريمة معينة وتوافر دلائل كافية على أن المشتكى عليه هو مرتكب تلك الجريمة.

إذ يعتبر من الإجراءات الاستثنائية والخطيرة الذي تتخذه السلطة المختصة لضمان عملية التحقيق، ويترتب عليه حجز حرية المتهم لمدة محددة، وعلى الرغم من إقرار المشرع الأردني للتوقيف في قانون أصول المحاكمات الجزائية إلا أنه يعد إجراء خطير يترتب عليه سلب الحرية قبل ثبوت الإدانة، وهو مخالف لمبدأ ” المتهم بريء حتى تثبت إدانته “، وقرينة البراءة التي أكد عليها الدستور الأردني على عدم معاقبة الشخص بسلب حريته قبل ثبوت إدانته من التهم المنسوبة إليه. وهنا سنبين الأحكام القانونية للتوقيف في القانون الأردني، وتنفيذ مذكرة التوقيف، وكيفية الطعن في قرار التوقيف، وبيان شروط التوقيف، وإخلاء السبيل الوجوبي

ومن جهة أخرى يعتبر التوقيف من الإجراءات الأولية التي لها ما يبررها، إذ تعد ضرورة للموازنة بين مصلحة المشتكى عليه ومصلحة المجتمع، إذ يلجأ إليها لحماية المتهم من الانتقام والثأر الذي قد يتعرض له من أهل المجني عليه ومنعه من ارتكاب جريمة جديدة.

الفرع الأول: مفهوم التوقيف( التعريف ) :

التوقيف إجراء هام وخطير من إجراءات التحقيق، ويقوم على سلب حرية المشتكى عليه، ويوقع عليه إيلاما قبل أن تتقرر إدانته بحكم قضائي، ويتنافى على هذا النحو مع قرينة البراءة التي تقضي بأن الأصل في المشتكى عليه البراءة، وبذلك يتعين عدم اللجوء إليه إلا في أضيق الحدود[i].

فالمقصود به حجز مؤقت (في دار الإصلاح والتأهيل) لحرية المشتكى عليه (إجراء احتياطي) تأمر به سلطة قضائية مختصة (بموجب مذكرة التوقيف) لمدة محددة تقتضيها مصلحة التحقيق وفق ضوابط حددها القانون.

فالموقوف شخص لم تثبت إدانته وقد يكون بريء فيجب وجود مبررات لتوقيفه، والتوقيف يتم بالتحقيق الابتدائي للوصول للحقيقة ومنعه من الهرب والمحافظة على الأدلة وحماية المجتمع وضمان تنفيذ الحكم الصادر بالإدانة وإرضاء شعور المجني عليه وحماية الموقوف من الاعتداء عليه.

وقد عرفه بعض الفقه القانوني بأنه إجراء من إجراءات التحقيق الجنائي يصدر ممن منحه الشارع هذا الحق ويتضمن أمرا لمدير السجن بقبول المتهم وحبسه به ويبقى محبوسا مدة تطول أو تقصر حسب ظروف كل دعوى حتى ينتهي إما بالإفراج عن المتهم أثناء التحقيق الابتدائي أو أثناء سير الدعوى وينتهي إما بالإفراج عن المتهم أثناء التحقيق الابتدائي أو أثناء المحاكمة، وأما بصدور حكم في الدعوى ببراءة المتهم أو العقوبة وبدء تنفيذها عليه[ii] .

أو أنه إيداع المتهم بالسجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهي المحاكمة.

المقصود بالتوقيف في القانون الأردني

هو إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي، وهو إجراء وقتي، تقوم به الجهات المختصة بوضع المشتكى عليه أثناء التحقيق في مكان معين ولمدة محددة قانوناً، وإن التوقيف ليس بالإجراء العبثي وإنما شرع لغاية وهي تحقيق وحماية المصلحة العامة، ففي التوقيف حماية للأدلة الجرمية من الإخفاء أو العبث بها، ومنع الموقوف من الاتفاق مع باقي الشركاء إن وجدوا في محاولة لتضليل العدالة.

فالمشرع الأردني لم يورد تعريف للتوقيف في أي من القوانين، إلا أن قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني قد أشار للتوقيف من خلال المادة (١١١/١) من خلال النص على أنه يتخذ هذا الإجراء إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك، إذ نصت المادة المذكورة على أنه “للمدعي العام في دعاوى الجناية والجنح أن يكتفي بإصدار مذكرة حضور على أن يبدلها بعد استجواب المشتكى عليه بمذكرة توقيف إذا اقتضى التحقيق ذلك “. وترك أمر التعريف للفقهاء القانونيون كما ذكرنا سالفا.

فعلى الرغم من أن تكييف هذا الإجراء القانوني ينتهي إلى عدم اعتباره من العقوبات، إلا أنه يسلب الحرية فيتوحد من حيث الطبيعة مع العقوبات السالبة للحرية كعقوبة الاعتقال والحبس، بل يفوقها خطورة كون التوقيف يسلب حرية المتهم قبل ثبوت إدانته، بينما العقوبات السالبة للحرية تكون بناء على حكم قضائي بات، لذا فإنه إجراء من أخطر إجراءات التحقيق وأكثرها مساسا بحرية المشتكى عليه على الإطلاق[iii].

الفرع الثاني: التكييف القانوني للتوقيف ومبرراته.

▪︎أولا) التكييف القانوني:

يعد توقيف المتهم من الإجراءات التي تلجأ إليها السلطة القضائية لوضع المتهم تحت يد العدالة من خلال تقييد حريته وبالتالي لا يجوز لهذه السلطة أن تلجأ إلى توقيف المتهم إلا في الحدود التي أجاز لها القانون ذلك، لأن هذا الإجراء فيه مساس لحريته التي كفلها له الدستور وقد تزداد خطورة الموقف كلما زادت مدة توقيف المتهم في ضوء المبررات التي تعتمدها السلطة القضائية لتحديد مدة التوقيف للمتهم[iv].

وعلى الرغم من خطورة هذا الإجراء إلا أنه من حيث تكييفه القانوني هو من إجراءات التحقيق التي تتخذ بصفة احتياطيه، فهو إجراء تحفظي على سلامة التحقيق وتأمين أدلة الجريمة من أي عبث أو إفساد.

وبالرغم من أن التوقيف إجراء يسلب الحرية إلا أنه لا يكيف على أنه عقوبة من العقوبات السالبة للحرية وإن كانت طبيعته من جنس طبيعتها ، فهو يسلب الحرية حتى ولو لفترة مؤقتة ولكنه إجراء تقرره مقتضيات التحقيق ومصلحته ، فالأصل أن لا عقوبة إلا تنفيذا لحكم قضائي بالإدانة واجب النفاذ ، ويعد التوقيف من قبيل الاستثناء المقرر على هذا الأصل ، وهو مسألة جوازيه(الطابع التقديري)  فيجوز تقديره إذا قدر المحقق أن مصلحة التحقيق تقتضيه على أن يضع في اعتباره مقتضيات الصفة الاحتياطية لهذا التدبير ، فلا يقرر المدعي العام التوقيف إلا في حالة الضرورة وعندما لا يجد بديلا له من إجراءات الاحتياط الأخرى .

وعلى ذلك فإن مذكرة التوقيف تحمل طابع القرار القضائي لا الإداري، لذلك فهي تخضع بهذا التكييف للرقابة القضائية لا الرقابة الإدارية، كما تترتب عليها الآثار والنتائج ذاتها التي تترتب على معاملات التحقيق القضائية الأخرى مثل قطع التقادم[v].

ثانيا) مبررات التوقيف:

يمكن إجمال المبررات الوقائية لإجراء التوقيف على النحو التالي:

١التوقيف كتدبير لحفظ الأمن

يهدف التوقيف إلى إعادة الأمن والنظام العام الذي اخلط بهما الجريمة، ومنع المشتكى عليه من العودة إلى ارتكاب الجريمة، إذ لو أطلق سراح المجرم فربما يرتكب جرما أخر أو يندفع خصمه أو أقاربه إلى الأخذ بالثأر.

وقد نصت المادة الخامسة من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية على جواز سلب حرية الشخص إذا توافرت أسباب معقولة للاعتقاد بضرورة منعه من ارتكاب الجريمة، أي أن إجراء التوقيف ضروريا إذا كان هناك مخاوف من استمرار المدعى عليه في نشاطه الإجرامي[vi].

٢التوقيف كضمان لتنفيذ العقوبة

يضمن التوقيف عدم إفلات المشتكى عليه من العقاب، فالمشتكى عليه عند علمه بقرب الحكم عليه فإنه ربما يحاول الفرار ليتخلص من العقاب.

٣التوقيف كوسيلة تحقيق

على الرغم من أن التوقيف يعد وسيلة تحقيق إلا أن ذلك لا يعني أنه وسيلة إكراه أو ضغط مادي أو معنوي على المشتكى عليه بهدف الحصول على الاعتراف أو عناصر تثبت التهمة.

ولهذا فإن التوقيف يقتصر دوره على تأمين الحضور الشخصي للمشتكى عليه للإجراءات الأساسية للدعوى الجنائية ومنعه من العبث بالأدلة التي تثبت إدانته[vii].

الحكمة من التوقيف

إبقاء المتهم لدى جهات التحقيق منعاً من الهروب، وحتى لا يقوم بأي إجراء من الإجراءات السلبية التي من شأنها التأثير على إجراءات التحقيق، أو الشهود، أو الأدلة، وخاصة إذا كان متهم بجريمة من الجرائم الخطرة، كما أن التوقيف يمنع تجدد الجريمة ،ويجب النظام العام أي خلل قد ينتج عن جريمة  كما أن بالتوقيف حماية للمشتكى عليه من الأذى الذي قد يتعرض له من قبل المشتكي وأهله وأقاربه، فقد يقدموا في ثورة غضب على الاعتداء على المشتكى عليه الموقوف الذي لم تثبت إدانته بعد وقد يكون بريء، وهذا التوقيف ينتهي ويزول بزوال الأسباب التي دعت إليه.

  • المطلب الثاني: الإجراءات القانونية المنظمة لقرار التوقيف

الفرع الأول: قواعد تنفيذ التوقيف

الموقوفون هم أشخاص لم تثبت إدانتهم وقد تظهر براءتهم، والغرض من توقيفهم هو مجرد تقييد حريتهم لمنعهم من الهروب أو من التأثير على مجرى التحقيق ولحماية المجتمع، لذلك تقتضي دراسة تنفيذ التوقيف بيان كيفية تنفيذ مذكرة التوقيف:

تنفيذ مذكرة التوقيف

من أهم الإجراءات المتبعة في تنفيذ التوقيف هي مذكرة التوقيف، إذ يتم تبليغ المشتكى عليه مذكرة التوقيف كما تبلغ الأوراق القضائية وذلك بمعرفة محضر أو أحد أفراد الشرطة، ويجب أن تكون وفقا للأصول المتبعة في قانون أصول المحاكمات المدينة الأردني ومع مراعات الأحكام الخاصة في قانون أصول المحاكمات الجزائية إذ نصت المادة (١٤٦) منه على أنه:” تبلغ الأوراق القضائية بمعرفة محضر أو أحد أفراد الشرطة أو الدرك وفقا للأصول المعينة في قانون أصول المحاكمات المدنية مع مراعاة الأحكام الخاصة الواردة في هذا القانون”.

ويجب أن تحدد مدة التوقيف في المذكرة لأن التوقيف يتمتع بطابع التأقيت، لذلك يجب عدم تجاوز مدة التوقيف المحددة في المذكرة ما لم يتم تجديدها بصورة قانونية.

وقد بين المشرع الأردني الجرائم التي يجوز فيها اتخاذ إجراء التوقيف، حيث أشار إلى أن التوقيف في المخالفات هو أمر غير جائز قانونا مهما كانت المخالفة وقيمتها ، أما في الجنح فيجب التفرقة ما بين الجنح الصلحية والبدائية فلا يجوز كأصل عام التوقيف في الجنح الصلحية وهي التي تكون عقوبتها أقل من سنتين باستثناء بعض الجرائم النوعية والتي جاء النص عليها في المادة(١١٤/٢) من قانون أصول المحاكمات الجزائية “..تسري أحكام التوقيف والتمديد المشار إليها في الفقرة (١) من هذه المادة على المشتكى عليه المسند إليه إحدى الجنح المعاقب عليها قانونا بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين في أي حالة من الحالتين التاليتين :

أ- إذا كان الفعل المسند إليه من جنح الإيذاء المقصود أو الإيذاء غير المقصود أو السرقة.

ب- إذا لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في المملكة على أن يفرج عنه إذا قدم كفيلا يوافق عليه المدعي العام يضمن حضوره كلما ما طلب إليه ذلك.

أما بالنسبة للجنح البدائية فالتوقيف جوازي إذا رأت الجهة القضائية توافر أحد مبررات التوقيف.

أما التوقيف في الجنايات يعد جوازي مهما كانت العقوبة المترتبة على الجريمة المقترفة.

كما يجب أن تصدر مذكرة التوقيف بحق شخص يجوز توقيفه قانونا بتوافر دلائل كافية قوية تنسب الجريمة لمرتكبها يقدرها المدعي العام تحت رقابة المحكمة.

بالإضافة إلى ذلك يشترط بلوغ المشتكى عليه سن الرشد فلا يجوز توقيف الأحداث كأصل عام، وإنما يوضعوا في دور الرعاية وتسمى عقوبتهم الاعتقال.

 –الفرع الثاني: الإجراءات اللاحقة على إصدار قرار التوقيف

كما أشرنا سابقا يعتبر التوقيف إجراء استثنائي ومؤقت يرد على شخص يتمتع بقرينة البراءة، وقد أباحه القانون على سبيل الاحتياط لاعتبارات تتعلق بمقتضيات التحقيق ومصلحته في المحافظة على سلامة الأدلة وتأمينها، وإذا كانت الضرورات تبيح المحظورات فإن الضرورات يتعين أن تقدر بقدرها.

ويعني ذلك أنه إذا زالت مسوغات التوقيف أو طرأ عليها التغيير أو التعديل، فتبين أن مصلحة التحقيق لم تعد تستلزمه كان من الواجب إنهاؤه، فإذا كان الغرض من التوقيف سماع الشهود فسمعوا، أو معاينة آثار الجريمة فعوينت، وجب وضع حد له بإخلاء سبيل المشتكى عليه، إذ بذلك تكون العلة التي اقتضت التوقيف قد زالت. فإخلاء السبيل هو إذن عودة عن الاستثناء، وهو التوقيف إلى الأصل، وهو الحرية وقرينة البراءة[viii].

لذلك فإن المشرع الأردني فتح المجال أمام المشتكى عليه للطعن بقرار توقيفه أو التظلم منه، كما أجاز المشرع لسلطة التحقيق التراجع عن قرار التوقيف وإخلاء سبيل المشتكى عليه بناء على طلبه.

▪︎أولا) الطعن في قرار التوقيف.

وجد هذا الحق للمشتكى عليه بأن يطعن بالقرار الصادر بتوقيفه أمام جهة قضائية يحددها القانون لكي تفصل في مشروعية التوقيف ولتأمر في إطلاق سراحه إذا وجدت أن التوقيف كان غير مشروع لأي سبب من الأسباب.

ونجد أن المشرع الأردني لم ينص صراحة على نص قانوني يعطي الموقوف الحق بالطعن في قرار توقيفه إلا أنه أقر هذه الضمانة في قانون أصول الإجراءات الجزائية من خلال المادة (١٢٤) التي نصت ” يجوز استئناف القرار الصادر عن المدعي العام أو قاضي الصلح بتخلية سبيل المشتكى عليه أو تركه حرا إلى محكمة البداية والقرار الصادر عن محكمة البداية إلى محكمة الاستئناف وذلك خلال ثلاثة أيام تبدأ بحق النائب العام من وصول الأوراق إلى قلمه للمشاهدة وبحق المشتكى عليه من تاريخ وقوع التبليغ إليه”.

▪︎ثانيا) إخلاء السبيل

إخلاء السبيل هو الإفراج عن المشتكى عليه الموقوف على ذمة التحقيق إما بالكفالة أو بدون، ويتم الإخلاء في أي مرحلة من مراحل الدعوى، أو قد تطرأ بعد اتخاذ القرار بالتوقيف ظروف معينة تؤدي إلى زوال الأسباب التي أدت إلى اتخاذ القرار بالتوقيف، فيتعين عندئذ الإفراج عن المشتكى عليه الموقوف سواء طرأت هذه الظروف في مرحلة التحقيق أو الإحالة إلى المحاكمة[ix].

إخلاء السبيل الوجوبي

يجب على سلطات التحقيق أن تأمر بالإفراج عن الموقوف إذا توافرت شروط، ويكون في عدة حالات نص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني وهي:

الحالة الأولى: إذا كانت الجريمة جنحة ومعاقب عليها بالحبس أقل من سنتين. (المادة ١١٤ فقرة ٢).

الحالة الثانية: صدور حكم بالبراءة أو بعقوبة الحبس المشمول بوقف التنفيذ أو العقوبة. (المواد ١٩٣+١٩٦).

الحالة الثالثة: انتفاء المبرر القانوني.

الحالة الرابعة: عدم كفاية الأدلة أو عدم المعاقبة على الفعل. (المادة ١٣٠).

الحالة الخامسة: انتهاء مدة التوقيف. (المادة ١٢٣).

-إخلاء السبيل الجوازي

يعني الإفراج عن المشتكى عليه الموقوف ويترك أمر تقديره للسلطة المختصة التي منحها القانون حق إصدار القرار بشأنه آخذه بعين الاعتبار سلامة التحقيق ومقتضيات العدالة.

فيجوز ذلك لسلطة التحقيق في الجنح والجنايات المعاقب عليها بعقوبة مؤقتة بشرط أن يكون للمتهم محل إقامة ثابت ومعروف في المملكة، في حين أن الجنايات المعاقب عليها بالمؤبد أو الإعدام فلا يجوز لها إخلاء سبيله.

فيجوز للموقوف تقديم طلب إخلاء السبيل بالكفالة أو بدون للسلطة المختصة، كمان يجوز له الطعن بالقرار في حال رفضها لطلب إخلاء سبيله.

كما يحق لجهة التحقيق إعادة توقيف المشتكى عليه في أي مرحلة إذا رأت ضرورة لذلك وانطبقت الشروط القانونية اللازمة.

  • المطلب الثالث: ضمانات التوقيف.

التوقيف هو أخطر إجراءات التحقيق التي تباشر إزاء المشتكى عليه فهو تدبير استثنائي من شأنه سلب الحرية لمدة تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته، لذلك وجد للتوقيف العديد من الضمانات والشروط حتى يصدر وإذا صدر خلاف ذلك يعتبر باطل.

الفرع الأول: الشروط الشكلية لإصدار قرار التوقيف .

تعتبر هذه كضوابط إجرائية للتوقيف ضمانا هام لممارسة حق إصدار هذه الإجراء، ومخالفة هذه الشروط يعد مساس بالحرية الشخصية ويعتبر فيها التوقيف غير صحيح، فيجب أن تكون ممارسة التوقيف وفق هذه الإجراءات الشكلية المنصوص عليها في القانون وإلا فإن الحرية الشخصية تهدر بسهولة.

الشرط الأول: السلطة المختصة بإصدار قرار التوقيف

 فقرار التوقيف القانوني يصدر عن جهات يعطيها القانون سلطة التوقيف، وهم الجهات القضائية والادعاء العام، أما أعضاء الضابطة العدلية بصفتهم سلطة مختصة بجمع الأدلة فلم يجيز لهم القانون ذلك، وإنما أعطاهم الحق في القبض في حالات محددة. ويشترط أن تكون السلطة التي تصدر هذا الإجراء تتمتع بالكفاءة والاستقلال والحياد وحسن التقدير، وتكفل للمشتكى عليه الدفاع عن نفسه.

المشرع الأردني أعطى صلاحية تقرير التوقيف لسلطة التحقيق الابتدائي عندما تكون الدعوى في أمامها، وللمحاكم النظامية أو الخاصة حسب طبيعة الحال، وسلطة التحقيق الابتدائي في التشريع الأردني هي النيابة العامة وبالتحديد المدعي العام الذي له هذه الصلاحية دون العودة للقضاء.

إلا أن هناك بعض القوانين الخاصة أعطت صلاحية إصدار التوقيف لغير المدعي العام ومنها قانون الجمارك الأردني حيث قررت المادة (١٩٢) فقرة ب:

“ب- يصدر قرار التوقيف عن المدير أو من يفوضه بذلك وتبلغ النيابة العامة المختصة ويقدم الموقوف الى المحكمة الجمركية

المختصة خلال 24 ساعة ويجوز للمدير تمديدها مهملة مماثلة ولمرة واحدة بعد موافقة النيابة العامة إذا اقتضت

ضرورة التحقيق ذلك شريطة أن يحال الموقوف الى المحكمة الجمركية

حال انتهاء التحقيق”.

كما خول قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني المحكمة حق توقيف المشتكى عليه المخلى سبيله إذا تغيب عن حضور جلسات المحاكمة أو إذا قررت المحكمة إلغاء قرار التخلية أو عند إخلال المشتكى عليه بالشرط المدرج في سند الكفالة، وكذلك عند إصدار المحكمة حكمها الغيابي بحق المحكوم عليه لها أن تقرر توقيفه أيضا، وللمحكمة إصدار أمر التوقيف بحق الشخص الحاضر جلسة المحاكمة إذا وقع منه جرم جنائي أثناء انعقاد الجلسة وهذا ما نصت عليه المادة (١٤٢/١) والمادة (١٤٣) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني.  كما أعطى المشرع الأردني لرئيس المحكمة وكذلك للمدعي العام حق إصدار مذكرة توقيف المشتكى عليه في دعاوى التزوير إذا كان حاضرا في الدعوى في المادة (٣١٣) فقرة ٢ من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

من يملك الحق بتوقيف المشتكى عليه؟

المدعي العام أو المحكمة المحال إليها الدعوى.

صلاحية قاضي الصلح في التوقيف

نصت المادة 12 من قانون محاكم الصلح على مدى الصلاحية الممنوحة لقاضي الصلح في التوقيف الجنائي، فقد أعطى المشرع لقاضي الصلح من الصلاحيات في التوقيف ما أعطاه للمدعي العام، ولكن هذه الصلاحية محددة بحدود اختصاصه، وبالأحوال التي يجيز فيها القانون التوقيف.

الشرط الثاني : إخبار الموقوف بأسباب توقيفه

إن تحديد الجرم المنسوب إلى المشتكى عليه ووجوب إحاطته علما وإخباره تعتبر من الإجراءات الضرورية لإصدار قرار التوقيف، وذلك لإبلاغ الموقوف بأسباب توقيفه، لكي يتبين ما إذا كانت الواقعة التي ارتكبها مما يجوز فيها التوقيف أم لا. ويكون للمشتكي عليه الحق في الاتصال بمن يرى اطلاعه بما وقع، والاستعانة بمحام وأن يطعن بأمر التوقيف وأن يطلب تخلية سبيله[x].

تسبيب قرار التوقيف

وفي قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني لا يوجد نص يلزم المدعي العام أن يكون التوقيف مبنيا على أدلة كافية ومبررة وتسبيب امر التوقيف. ولكن محكمة التمييز الأردنية بصفتها الجزائية، أكدت على ضرورة وجود مبرر لإعادة توقيف المخلى سبيله بالكفالة في الحكم رقم ٧٥٤/١٩٩٧.

ولكن من الممكن أن نستخلص وجوب إبلاغ الموقوف بأسباب توقيفه من نص المادة (١١٧) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، فقد جاء فيها:” يبلغ المشتكى عليه مذكرات الحضور والإحضار والتوقيف ويترك له صورة عنها”. وإبلاغ المذكرة يتضمن الاطلاع على أسباب التوقيف، لأن المذكرة يرد فيها نوع التهمة والمادة القانونية التي تطبق عليها.

إن تسبيب قرار التوقيف الصادر عن الجهة المختصة بتوقيف المتهم أو تمديد قرار توقيفه هو من أهم ضمانات المتهم الموقوف لكي تتجنب سلطة التحقيق التعسف في قراراها بالتوقيف، فيجب ذكر الأسباب والمبررات التي دعت للتوقيف، لكي تتأكد المحكمة التي يرفع إليها الطعن ضد القرار أنه يستند إلى أسباب قانونية صحيحة لذلك يجب تسبيب قرار توقيف المتهم وقرار تمديد توقيفه.

بيانات أمر التوقيف وكيفية تنفيذ مذكرة التوقيف

من ضمانات المتهم في التوقيف هو وجود مذكرة توقيف تشتمل على امر التوقيف واسم الشخص الموقوف وشهرته ولقبه والمادة الموقوف بمقتضاها  وتاريخ التوقيف وتاريخ انتهاء التوقيف ويوقع عليها القاضي الذي اصدر قرار التوقيف ويختم بختم المحكمة ، أما بالنسبة لكيفية تنفيذ مذكرة التوقيف حيث تتم بتبليغ المتهم مذكرة التوقيف وذلك بمعرفة محضر أو أحد أفراد الشرطة ووفقا لما تحكمه القوانين ، ويتم إصدار مذكرة حضور أو إحضار حسب ما تقتضي ظروف الجريمة ونوعها ، ويتم إيداع الموقوف في أحد مراكز التوقيف ، ولا يجوز لمدير التوقيف قبول الموقوف إلا بعد التأكد من مذكرة التوقيف الصادرة بحقه ، وأنه الشخص المقصود بها ولا يجوز الاحتفاظ به في المركز بعد انتهاء المدة المحددة في القرار ما لم يتم تجديد مدة توقيف بصورة قانونية .

الفرع الثاني: الشروط الموضوعية لإصدار قرار التوقيف

نظرا لخطورة إجراء التوقيف قيده القانون بقيود قد تكون شديده، فلا يجوز التوقيف في كل جريمة، ولا لأية مدة، وتختلف طريقة تنفيذه.

كما أن القرار لا يؤدي فقط إلى القبض وإنما إلى السجن أيضا إلى أن يصدر حكم من المحكمة أو أن يتم الإفراج قبل ذلك.  والمحكمة قد تقضي ببراءته من التهمة، وهذا يظهر وجه خطورة هذا القرار إذ يجوز أن يلحق الأذى شخص بريء، ولهذا قد وضع المشرع شروطا موضوعية للتوقيف، وهي تعتبر من أهم الضمانات القانونية التي تكفل مباشرة التوقيف في نطاق قرينة البراءة التي تمتع بها المشتكى عليه طوال إجراءات التحقيق حتى صدور حكم نهائي في موضوع الدعوى الجزائية[xi].(١١)

الشرط الأول: معيار طبيعة الجريمة وجسامة العقوبة.

يجب مراعاة جسامة الجريمة المسندة إلى المشتكى عليه في التوقيف فمجال التوقيف هو الجنايات عموما أيا كان نوعها والجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، ومؤدى ذلك أنه لا يجوز التوقيف في المخالفات والجنح المعاقب عليها بالغرامة أو الحبس لمدة لا تقل عن سنة، وأساس ذلك أنه يجب أن تكون الجريمة ذات خطورة تبرر اتخاذ هذا الإجراء الخطير ضد التهم. (١٢) عقيدة، محمد أبو العلا (٢٠٠١)، شرح قانون الإجراءات الجنائية، القاهرة: دار النهضة العربية، ص٤٦٣.

وذلك وفق ما نصت المادة ١١٤ من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، فالمشرع الأردني جعل التوقيف يتفق مع جسامة الجريمة، بحيث حدد مدة الحبس التي تجيز التوقيف ولم يتركها مطلقة.

الشرط الثاني: وجود دلائل كافية على الظن أو الاتهام :

تطلب المشرع الأردني لإصدار مذكرة التوقيف أيضا أن تتوافر أسباب مبررة ودلائل كافية على الاتهام وهي الإمارات القوية التي يستنتج منها وقوع الجريمة وان شخص معين هو من ارتكبها.

والدلائل لا ترقى إلى مرتبة الأدلة وإنما هي أضعف منها[xii] .

نصت المادة (١١٤) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على: “توافر الدلائل التي تربط المشتكى عليه بالفعل المسند عليه”، لإصدار مذكرة التوقيف في جميع الجرائم.

فلا يجوز للمحقق أن يأمر بالتوقيف لمجرد ظنون بأنه هو مرتكب الجريمة.

العديد من قرارات محكمة التمييز الأردنية بصفتها الجزائية أكدت على وجوب وجود دلائل كافية وسبب معقول للتوقيف منها:

الحكم رقم 3556 لسنة 2018:

“وحيث إن المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية توجب على المحكمة في حال القبض على المشتكى عليه الذي جرت محاكمته غيابياً أن تحيله إلى المدعي العام لاستجوابه وتوقيفه إذا توافرت أدلة تربطه بالجرم المسند إليه “.

الحكم رقم 573 لسنة 2017:

..” أن المدعي العام إن كان الفعل المسند للمشتكى عليه معاقب عليه بعقوبة جنائية فإنه لا يملك تركه حراً بدون توقيف متى توافرت الأدلة التي تربطه بالفعل”.

الشرط الثالث: مدة التوقيف.

التوقيف محدد المدة وهو إجراء تحقيق والتحقيق الابتدائي مرحلة مؤقتة من مراحل الدعوى، وهناك العديد من السلطات لها صلاحية إصدار أمر التوقيف، لذلك فإن مدة التوقيف تختلف حسب الجهة التي قد يصدر منها.

تختلف مدد التوقيف باختلاف الجريمة المرتكبة، فإذا كانت من نوع جنحة بحيث كانت العقوبة فيها الحبس مدة تزيد عن سنتين، فإن مدة التوقيف لا يجوز أن تتجاوز سبعة أيام، وفي حال كانت من نوع جناية فتكون مدة التوقيف لا تتجاوز خمسة عشر يوماً، والمشرع الأردني وضع حدا أعلى لمدة التوقيف، إضافة إلى معيار جسامة الجريمة، فهناك جرائم لم يقرر التوقيف فيها حدا أقصى، وأخرى وضع لها حد أقصى على النحو التالي:

-الجنح الأخرى ، وهي الجنح الجائز فيها التوقيف على سبيل الاستثناء أي تلك المعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد عن سنتين والمنصوص عليها في الفقرة (٢) من المادة ١١٤ من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، والمادة(٧/ب/٢) من قانون محكمة أمن الدولة.

نص المادة ١١٤ فقرة ٢

. بعد استجواب المشتكي عليه، يجوز للمدعي العام أن يصدر بحقه مذكرة توقيف وفق ما تقتضيه الفقرة (1) من هذه المادة لمدة لا تتجاوز سبعة أيام إذا كان الفعل المسند إليه معاقبا عليه بالحبس مدة تزيد على سنتين، ولمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما إذا كان الفعل المسند إليه معاقبا عليه قانونا بعقوبة جنائية وتوافرت الأدلة التي تربطه بالفعل المسند إليه، ويجوز له تمديد أي من هاتين المدتين كلما اقتضت مصلحة التحقيق ذلك على أن لا يتجاوز التمديد شهرا واحدا في الجنح وثلاثة أشهر في الجنايات المعاقب عليها قانونا بعقوبة مؤقته وستة اشهر في الجنايات الأخرى، وعلى أن يفرج عن المشتكي عليه بعدها ما لم يتم تمديد مدة التوقيف في حالة الجناية وفق أحكام الفقرة (4) من هذه المادة.

مدة التوقيف في محكمة أمن الدولة

وتنص المادة(٧/ب/٢) من قانون محكمة أمن الدولة:

“على الرغم مما ورد في قانون أصول المحاكمات الجزائية المعمول به للمدعي العام إصدار مذكرة توقيف بحق المشتكى عليه في الجنح الداخلة في اختصاص محكمة امن الدولة لمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما قابلة للتجديد إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك على ألا تتجاوز مدة التجديد شهرين”.

مدة التوقيف في الجنايات الخطيرة

الجنايات الخطيرة وهي الجنايات المعاقب عليها قانونا بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد ، وقد جعل المشرع التوقيف وجوبيا في هذه الجرائم وليس جوازي ، وقرر أحكام خاصة بمدد التوقيف في الجنايات الواردة بموجب المادة (١١٤/٣)من قانون أصول المحاكمات الجزائية .

مدة التوقيف في الجنح

نص المادة (١١4/٣)

” تسري أحكام التوقيف والتمديد المشار إليها في الفقرة (2) من هذه المادة على المشتكي عليه المسند اليه إحدى الجنح المعاقب عليها قانونا بالحبس مدة لا تزيد على سنتين في أي حالة من الحالتين التاليتين:

أ‌. إذا كان الفعل المسند إليه من جنح السرقة أو الإيذاء المقصود أو الإيذاء غير المقصود الناجم عن حوادث السير إذا كان الفاعل مخالفا لأحكام قانون السير النافذ من حيث القيادة دون رخصة أو القيادة تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات أو المؤثرات العقلية.

ب. إذا لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في المملكة، على أن يفرج عنه إذا قدم كفيلا يوافق عليه المدعي العام يضمن حضوره كلما طلب إليه ذلك “.

الجرائم الأخرى، وهي الجنايات المعاقب عليها قانونا بالأشغال المؤقتة أو الاعتقال المؤقت، وكذلك الجنح المعاقب عليها قانونا بالحبس لمدة تزيد على سنتين، وقد ورد ذلك في المادة (١١٤) الفقرة لأولى والثانية من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني.

صلاحية قاضي الصلح في تمديد التوقيف

لقاضي الصلح تمديد التوقيف في الجرائم الجنحوية الداخلة في اختصاصه لمدة شهر واحد ، كما  أن لقاضي الصلح أن يطبق أحكام التوقيف والتمديد الممنوحة له على الجرائم الجنحوية التي لا تزيد عقوبة الحبس فيها عن سنتين وذلك في حالتين : إذا كان الفعل المسند إليه من جنح السرقة أو الإيذاء المقصود أو الإيذاء غير المقصود الناجم عن حوادث السير إذا كان الفاعل مخالفا لأحكام قانون السير النافذ من حيث القيادة دون رخصة أو القيادة تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات أو المؤثرات العقلية ، و إذا لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في المملكة .

هل من الممكن لقاضي الصلح أن يتراجع عن قرار التوقيف؟

لقاضي الصلح استرداد مذكرة التوقيف على أن يكون للمشتكى عليه محل إقامة ثابت في المملكة ليبلغ فيه جميع المعاملات المتعلقة بالتحقيق وإنفاذ الحكم.

الشرط الرابع: استجواب الموقوف:

أوجب المشرع الأردني الجهة المختصة بالتوقيف وحتى يكون صحيحا أن يتم استجواب المتهم، ويكون التوقيف باطل دون استجواب.

وقد نص المشرع الأردني في قانون أصول المحاكمات الجزائية المادة (١١٣) أنه “إذا أوقف المشتكى عليه بموجب مذكرة إحضار وظل في النظارة أكثر من أربع وعشرين ساعة دون أن يستجوبه أو يساق الى المدعي العام وفقاً لما ورد في المادة السابقة اعتبر توقيفه عملاً تعسفياً ولوحق الموظف المسؤول بجريمة حجز الحرية الشخصية المنصوص عليها في قانون العقوبات “.

بدائل التوقيف

لقد أجاز القانون للقاضي أو المدعي العام بدائل للتوقيف وهي

1_ الرقابة الإلكترونية.
2_ المنع من السفر.
3_ الإقامة في المنزل أو المنطقة الجغرافية للمدة التي يحددها المدعي العام أو المحكمة وتكليف الشرطة بالتثبت من ذلك.
4_ إيداع مبلغ مالي أو تقديم كفالة عدلية يعين المدعي العام أو المحكمة مقدار كل منهما.
5_ حظر ارتياد المشتكى عليه أماكن محددة.

هل هذه البدائل واردة على سبيل الحصر؟

لا، فلقاضي الصلح أن يعدل أو يضيف تدبيراً أو أكثر من البدائل السابقة وذلك إما من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب النيابة العامة أو المتهم.

التوقيف وجريمة حجز الحرية الشخصية

إذا تم توقيف المشتكى عليه لمدة تزيد عن أربعة وعشرين ساعة ولم يتم استجوابه أو عرضه على المدعي العام اعتبر توقيفه عملاً تعسفياً ولوحق الموظف المسؤول بجريمة حجز الحرية الشخصية المنصوص عليها في قانون العقوبات، وذلك سنداً لنص المادة 113 من قانون أصول المحاكمات الجزائية  ، كما ترتبط جريمة حجز الحرية الشخصية بالتوقيف غير القانوني والذي يقصد به  هو كل موقوف أو مسجون بصفة غير قانونية أو في محل غير مخصص للتوقيف أو الحبس  ، فكل من يقوم بهذا الفعل وكل مسؤول يهمل في عقابهم وإخراج الموقوف يعد مشترك في جريمة حجز الحرية الشخصية .

النصوص القانونية المتعلقة بالتوقيف الجنائي أمام محكمة الصلح

قانون محاكم الصلح

المادة 12:

أ‌. لقاضي الصلح في حدود اختصاصه، وفي الأحوال التي يجوز فيها التوقيف، ما للمدعي العام من صلاحية في التوقيف والتمديد والتخلية وفرض أي تدبير أو بدائل أخرى ورفعها وفقا لما هو منصوص عليه في قانون أصول المحاكمات الجزائية.

ب‌. إذا قرر قاضي الصلح، أو المحكمة المستأنف إليها عند وقوع الطعن، الموافقة على تخلية سبيل المشتكى عليه بالكفالة التي يحدّد مقدارها بقرار التخلية، يكتفى بالتصديق على ملاءة الكفيل من هيئة اختيارية.

قانون أصول المحاكمات الجزائية

المادة 114:

  1. ان التوقيف هو تدبير استثنائي، ولا يكون التوقيف إلا إذا كان هو الوسيلة الوحيدة للمحافظة على أدلة الإثبات أو المعالم المادية للجريمة أو للحيلولة دون ممارسة الإكراه على الشهود أو على المجني عليهم أو لمنع المشتكى عليه من إجراء أي اتصال بشركائه في الجريمة أو المتدخلين فيها أو المحرضين عليها أو أن يكون الغرض من التوقيف حماية المشتكى عليه نفسه أو وضع حد لمفعول الجريمة أو الرغبة في اتقاء تجددها أو منع المشتكى عليه من الفرار أو تجنيب النظام العام أي خلل ناجم عن الجريمة.
    بعد استجواب المشتكي عليه، يجوز للمدعي العام ان يصدر بحقه مذكرة توقيف وفق ما تقتضيه الفقرة (1) من هذه المادة لمدة لا تتجاوز سبعة أيام إذا كان الفعل المسند إليه معاقبا عليه بالحبس مدة تزيد على سنتين، ولمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما إذا كان الفعل المسند إليه معاقبا عليه قانونا بعقوبة جنائية وتوافرت الأدلة التي تربطه بالفعل المسند إليه، ويجوز له تمديد أي من هاتين المدتين كلما اقتضت مصلحة التحقيق ذلك على أن لا يتجاوز التمديد شهرا واحدا في الجنح وثلاثة أشهر في الجنايات المعاقب عليها قانونا بعقوبة مؤقته وستة اشهر في الجنايات الأخرى، وعلى ان يفرج عن المشتكي عليه بعدها ما لم يتم تمديد مدة التوقيف في حالة الجناية وفق أحكام الفقرة (4) من هذه المادة .
    3. تسري أحكام التوقيف والتمديد المشار إليها في الفقرة (2) من هذه المادة على المشتكي عليه المسند اليه إحدى الجنح المعاقب عليها قانونا بالحبس مدة لا تزيد على سنتين في أي حالة من الحالتين التاليتين:
    أ‌. إذا كان الفعل المسند إليه من جنح السرقة أو الإيذاء المقصود أو الإيذاء غير المقصود الناجم عن حوادث السير إذا كان الفاعل مخالفا لأحكام قانون السير النافذ من حيث القيادة دون رخصة أو القيادة تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات أو المؤثرات العقلية.
    ب. إذا لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في المملكة، على أن يفرج عنه إذا قدم كفيلا يوافق عليه المدعي العام يضمن حضوره كلما طلب إليه ذلك.

المادة 115: 

يوقع على مذكرات الدعوة والإحضار والتوقيف المدعي العام الذي أصدرها ويختمها بخاتم دائرته ويذكر فيها اسم المشتكى عليه وشهرته وأوصافه المميزة بقدر الإمكان ونوع التهمة.

المادة 116:

   يبين في مذكرة التوقيف الجرم الذي استوجب إصدارها ونوعه والمادة القانونية التي تعاقب عليه ومدة التوقيف

بعض من اجتهادات محكمة التمييز فيما يتعلق بالتوقيف الجنائي أمام محكمة الصلح

الحكم رقم 3632 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية

  ومن الملاحظ أن المشرع الأردني قد واكب وتماشى مع التطورات المتعلقة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية المستهدفة ضمان الحرية الشخصية ومبدأ المحاكمة العادلة ووضع ضوابط شفافة ومدد محددة من حيث متى يكون التوقيف وما هي الشروط الواجب توافرها للجوء إليه والسقف الزمني لاستمراره سواء في القضايا الجنحوية أم الجنائية وبهذا فإن المشرع الأردني قد أفصح عن فهمه وتقديره لمدى خطورة التوقيف على الحرية الشخصية وقساوته على الفرد متحرزاً بضوابط ومدد شديدة الوضوح كي لا يستغل إجراء التوقيف لغايات التعسف بحق الشخص المشتكى عليه أو للضغط عليه للحصول منه على تسويات في دعاوى في الأصل طابعها مدني.

وعليه فإننا نجد أن قرار المدعي العام باستبدال قرار منع السفر الصادر عنه بحق المشتكى عليه بكفالة عدلية بقيمة خمسة ملايين دينار فيه مغالاة واضحة جعلت تدبير منع السفر أقل وطأة عليه من تقديم تلك الكفالة وبذلك يكون المدعي العام قد خالف الغاية التي ابتغاها المشرع من التدابير البديلة للتوقيف الواردة في المادة (114 مكررة) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وتكون محكمة البداية بصفتها الاستئنافية بقرارها الصادر بالأكثرية قد أصابت بإنهاء منع السفر بحق المشتكى عليه من حيث النتيجة وليس من حيث التسبيب الأمر الذي يترتب عليه رد الطعن التمييزي

الحكم رقم 3546 لسنة 2020 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية: خصم مدة التوقيف من مدة العقوبة

وعملاً بأحكام المادة (301/1/أ) إضافة النصف لكل منهما لتصبح ست سنوات والرسوم لكل منهما محسوبة لهما مدة التوقيف.

الهوامش

[i]  المجالي ، نظام توفيق(١٩٩٧) ، الضوابط القانونية لشرعية التوقيف ، دراسة مقارنة في التشريع الجزائي الأردني ، مجلة جامعة مؤتة للبحوث والدراسات ، المجلد الخامس ، العدد الثاني ، ص١٢٢.

[ii]  المرصفاوي، حسن صادق (١٩٥٤) ، الحبس الاحتياطي وضمان حرية الفرد في التشريع المصري ،(رسالة دكتوراة ) ، دامعة القاهرة ، جمهورية مصر ، ص٣٥.

[iii] نمور ، محمد سعيد (٢٠٠٥) ، أصول الإجراءات الجزائية ، شرح لقانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، ط١ ، عمان : دار الثقافة للتوزيع والنشر ،ص٣٧٢.

[iv] عوض،  محمد محي الدين (١٩٨٩) ، حقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية ، المنصورة ، مكتبة الجلاء ، ص١٦٦.

[v] الجو خدار، حسن (٢٠١١)، التحقيق الابتدائي في قانون أصول المحاكمات الجزائية ،دراسة مقارنة ، عمان دار الثقافة للتوزيع والنشر ص٣٩٨ .

[vi] نص المادة(٥/الفقرة ٦) الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والتي دخلت حيز التنفيذ في ٣ أيلول ١٩٥٣.

[vii] سرور ، أحمد فتحي (١٩٨١)، الوسيط في قانون أصول الإجراءات الجزائية، ط٢ ، ص٩٢.

[viii] الجوخدار ، حسن ، التحقيق الابتدائي في قانون أصول المحاكمات الجزائية ، مرجع سابق ، ص٤٤٠.

[ix] البحر ، ممدوح خليل(١٩٩٨) ،مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني عمان : دار الثقافة للتوزيع والنشر، ص٢٤٧.

[x] مقابله، حسن يوسف مصطفى ، الشرعية في الإجراءات الجزائية، عمان : دار الثقافة للتوزيع والنشر ٢٠٠٣ ، ص٥٥.

[xi] الكيلاني ، فاروق(١٩٨١)، محاضرات في قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني والقانون المقارن الجزء الأول،طبعة١،ص١٦٥.

[xii] عبيد ، رؤوف ، المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجنائية، الجزء الأول، القاهرة، دار الفكر العربي ، ص٣١.

——————————————————————————————

قوانين أردنية مهمة

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلاتقانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 
قانون المخدرات والمؤثرات العقليةقانون أصول المحاكمات الجزائية
قانون الملكية العقارية الأردنيالقانون المدني الأردني
قانون الجرائم الإلكترونيةقانون محاكم الصلح
جدول رسوم المحاكمقانون العمل الأردني
قانون البينات الأردنيقانون أصول المحاكمات المدنية
تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة؛ اسم الملف هو --1.jpg
الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!