الدفع بعدم الاختصاص في المسائل الجزائية في القانون الأردني
اهتمت التشريعات المختلفة المدنية منها والجزائية بمسألة الاختصاص القضائي، واعتبرت القواعد العامة أن الاختصاص من مسائل النظام العام التي يجوز التمسك بها ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز، وفي نطاق المسائل الجزائية تحظي أحكام الاختصاص بأهمية بالغة نظرا لتعدد الجهات القضائية التي تنظر المسائل الجزائية وقد راعى المشرع ذلك بشدة فوضع أحكام ملزمة للجهات القضائية تلزمها بالفصل فقط فيما يدخل في اختصاصها الجزائي وإحالة ما يخرج عن اختصاصها الى المحكمة المختصة
وقد أجاز المشرع الأردني للخصوم الدفع بعدم الاختصاص وطلب إحالة الدعوى الجزائية الى المحكمة المختصة و أوجب على القضاء بحث هذا الدفع والرد عليه قبل الفصل في الموضوع وفي خلال هذا المقال سوف نتناول هذا الدفع ونطاقه وأحكامه على التفصيل الآتي :
أولا: ماهية الدفع بعدم الاختصاص وصوره
ثانيا: الدفع بعدم الاختصاص أمام المدعي العام في مرحلة التحقيقات
ثالثا: الدفع بعدم الاختصاص أمام محكمة الموضوع
رابعا: الدفع بعدم الاختصاص أمام محكمة التمييز
خامسا: بعض الاجتهادات القضائية فيما يتعلق بالدفع بعد الاختصاص في المسائل الجزائية
أولا: ماهية الدفع بعدم الاختصاص وصوره
– يعرف الدفع في العموم بأنه: : ( وسيلة قانونية تجيز للمدعي عليه مواجهة ما قدمه المدعي من وقائع أو أدلة أو وثائق تفيد رد الدعوى أو تأسيس قناعة لدى القاضي بعدم أحقية المدعي في طلبه).
– ويقصد بالاختصاص الجزائي بأنه: ( هو مباشرة ولاية القضاء في نظر الدعوى في الحدود التي رسمها القانون ) .
ولما كان المشرع قد أناط للعديد من الجهات القضائية داخل الدولة بالفصل في المنازعات القضائية، إلا أنه في سبيل الحيلولة دون حصول تنازع في الاختصاص بين هذه الجهات عند نظر الدعوى القضائية، قد وضع معايير وأحكام خاصة بالاختصاص بحيث من خلالها يسهل على المحكمة والمتقاضين معرفة المحكمة المختصة بالفصل في النزاع القائم، إضافة إلى تمكين الأطراف والمحكمة ذاتها من الوقوف على مدى اختصاص المحكمة من نظر النزاع، بحيث إذا رأى أحد الخصوم أو المحكمة عدم اختصاصها بنظر النزاع نوعيا أو محليا دفع بعد اختصاص المحكمة الذي إن ثبت موافقته لصحيح القانون قضت ، بعدم اختصاصها وأحالت الدعوى القضائية إلى المحكمة المختصة.
– ، ص وترتيبا على ذلك يمكننا تعريف الدفع بعد الاختصاص بأنه : الدفع الذي يبديه أحد الخصوم بقصد منع المحكمة التي تنظر الدعوى المعروضة عليها من نظرها والفصل فيها، نظرا لخروج الدعوى عن حدود الولاية القضائية للمحكمة طبقا لقواعد الاختصاص القضائي.
ويعتبر الدفع بعدم الاختصاص من الدفوع الشكلية التي يجب إبدائها قبل إبداء الدفوع الموضوعية، كما أنه دفعا لا يقصد منه تقرير حق أو نفيه في الدعوى القضائية، بل يهدف إلى إخراج النزاع من المحكمة التي تتولى نظر الدعوى.
– وفي مجال القضاء الجزائي يمكننا القول إن الدفع بعد اختصاص المحكمة الجزائية المعروض عليها الجريمة بالفصل فيها يعني خروج الجريمة محل الدعوى الجزائية عن اختصاص المحكمة الجزائية التي أسند إليها الفصل فيها كأن تكون الجريمة جناية وتعرض أمام المحكمة الصلحية، أو أن تكون الجريمة من جرائم الأحداث أو الجرائم العسكرية أو الشرطية وتعرض أمام المحاكم العادية.
– والدفع بعدم الاختصاص قد يكون أساسه عدم اختصاص المحكمة نوعيا للفصل في الدعوى الجزائية كما قد يكون أساسه عدم اختصاص المحكمة مكانيا للفصل في الدعوى الجزائية على النحو الاتي :
أ- الدفع بعدم الاختصاص النوعي : و يقصد به الاختصاص الذي يتحدد للمحكمة بناء على طبيعة النزاع المعروض عليها، حيث أسند المشرع لكل محكمة اختصاص نوعيا بعدد من الجرائم بناء على نوعها، فنجد أن المشرع قد أسند لمحاكم الصلح الفصل في بعض الجرائم على سبيل التحديد وهي جرائم المخالفات وبعض الجنح حيث نصت المادة ( 3 ) من قانون محاكم الصلح على : ( تختص محكمة الصلح بالنظر في المخالفات والجنح جميعها والتي لم يعين القانون محاكم أخرى للنظر فيها) .
ثم اخرج بعض الجرائم الجنحية عن ولايتها وأسند الفصل فيها إلى محكمة البداية، إضافة إلى بعض الجنايات، حيث نصت المادة ( 4 ) من قانون تشكيل المحاكم النظامية وتعديلاته على : ( أ. تشكل محاكم تسمى ( محاكم البداية ) في المحافظات أو الألوية أو أي مكان آخر بمقتضى نظام يحدد فيه الاختصاص المكاني لكل منها وتؤلف كل محكمة من رئيس وعدد من القضاة .
ب. يكون لمحاكم البداية : 1. بصفتها البدائية : صلاحية القضاء في جميع الدعاوي الحقوقية والدعاوي الجزائية التي لم تفوض صلاحية القضاء فيها لأي محكمة أخرى.
- بصفتها الاستئنافية : صلاحية النظر في : أ. الطعون الموجهة إلى الأحكام المستأنفة إليها الصادرة عن محاكم الصلح .
ب. الطعون الموجهة إلى القرارات الصادرة عن رؤساء التنفيذ القابلة للطعن بموجب قانون التنفيذ .
ج. الطعن في أي حكم يقضي أي قانون آخر باستئنافه إلى المحاكم البدائية .
ج. تنشأ في محكمة البداية غرفة قضائية للنظر في الدعاوى الحقوقية وغرفة قضائية أخرى للنظر في الدعاوى الجزائية ، ولرئيس محكمة البداية إنشاء غرف قضائية متخصصة ضمن كل من الغرفة الحقوقية أو الغرفة الجزائية وفي محكمة الصلح ضمن محكمة البداية ومحاكم الصلح التابعة لها إذا كان حسن سير العمل القضائي يستدعى ذلك ، وتضم كل غرفة هيئة واحدة أو اكثر وفقا لما يحدده رئيس محكمة البداية بحسب الحاجة ) .