إن العمل القضائي يسير وفق إجراءات قضائية متسلسلة لا يمكن تجاوزها وذلك من باب حفظ الحقوق وتحقيق العدالة، وهذه الإجراءات قد تطول أحياناً وذلك بسب التأخر بإتمامها سواءً من قبل الخصوم أو من قبل الإدارة القضائية، لذلك يتصف القضاء بأن أمد التقاضي فيه طويل نوعاً ما، لكن هناك نوع من القضاء يسمى بالقضاء المستعجل، الذي نص عليه المشرع في المادة 32 و33 من قانون أصول المحاكمات المدنية، وسنتعرف في هذا المقال على المقصود بالقضاء المستعجل؟ وقاضي الأمور المستعجلة، ومتى يمكن اللجوء إليه، وبماذا يتميز هذا النوع من القضاء ؟، بالإضافة إلى أهميته ومهمته وخصائصه، وإجراءات الدعاوى المستعجلة لديه
تعريف القضاء المستعجل
هو فرع من فروع القضاء العادي، والذي لا يتقيد بإجراءات التقاضي العادي، ويختص بالفصل في المسائل المستعجلة وهي المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت أو التي ينص القانون أنها من اختصاصه. أو التي تنطوي على ضرر محدق أو لرفع ضرر واقع ( مثال ذلك انظر نموذج طلب مستعجل لوقف نشر الصورة).
لذلك أوجد المشرع نظام القضاء المستعجل، والذي بمقتضاه يسعف الخصوم بأحكام سريعة قابلة للتنفيذ، حيث تضع هذه الأحكام الخصوم في مركز مؤقت ريثما يفصل في أصل الحق.
فالقضاء المستعجل يتميز بميزتين أساسيتين هما: –
الأولى: -أنه لا يلجأ إليه إلا إذا توافر استعجال يبرر السعي إليه قبل الفصل في موضوع الدعوى.
الثانية: -أنه لا يطلب فيه إلا اتخاذ إجراء مؤقت هذا الإجراء ليس مجرد إجراء تحفظي إنما هو إجراء يرمي إلى حماية لأحد خصمي الدعوى دون الآخر.
وبالرجوع إلى النصوص التي نظمت موضوع القضاء المستعجل في قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، نجد أن المشرع لم يضع تعريفا لهذا الفرع من القضاء ضمن أحكام قانون الأصول المدنية، وكذلك لم يضع تعريف لحالة الاستعجال، إنما اقتصر بالنص على شرط الاستعجال في المادة 32 الفقرة 1 من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، وفي الفقرة 2 من نفس المادة ذكر بعض المسائل المستعجلة بنص القانون.
الآثار المترتبة على اعتبار القضاء المستعجل فرعا من فروع القضاء المدني
إن قاضي الأمور المستعجلة لا يفصل بصفة مؤقتة بالمسألة المستعجلة إلا إذا كان القضاء المدني مختصا بالفصل في المسألة الموضوعية المتفرعة عنها المسألة المستعجلة أي أن كل منازعة لا يختص القضاء العادي بنظرها فإن القضاء المستعجل لا يختص بنظر الشق المستعجل والمتفرع عنها أو المتعلق بها، وكذلك إن كان الحكم المستعجل لا حجية له أمام المحاكم المدنية عند فصلها بأصل الحق، إلا أن قاضي الأمور المستعجلة مقيد دائما بحجية الحكم الصادر عن المحاكم المدنية.
وإن كان اختصاص قاضي الأمور المستعجلة قاصرا على الفصل وبصفة مؤقتة في الإجراء المؤقت إلا أن القضاء المدني يشاركه هذا الاختصاص إذا رفع له الطلب المستعجل بصفة تبعية للطلب الأصلي (الدعوى)وهذا ما أورده في المادة 32 من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، وإذا لم يرد نص خاص يبين طريقة اتخاذ إجراء معين أمام القضاء المستعجل فإن نفس الإجراءات التي تتبع أمام القضاء العادي تتبع أمام القضاء المستعجل.
أهمية القضاء المستعجل
يمكن القضاء المستعجل للخصوم من استصدار أحكام مؤقتة وسريعة دون المساس بأصل الحق، بمعنى أن أصل الحق يبقى سليما ويناضل به أصحابه أمام محكمة الموضوع مع الاختصار في الوقت والإجراءات ، وفي كثير من الأحيان يؤدي الحكم الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة إلى فض وإنهاء المنازعات وبالتالي يستغني الخصوم عن اللجوء للقضاء للفصل في أصل النزاع، حيث يكتفي الخصوم بالأوضاع التي قررها الحكم المستعجل لدلالته على الاتجاه الصحيح في النزاع ،وتبرز أهمية القضاء المستعجل أيضا في الإجراءات القضائية السريعة والتي مؤداها إسعاف الخصوم بالحصول على أحكام سريعة وقابلة للتنفيذ الجبري لحين فصل القضاء العادي بأصل الحق.
خصائص القضاء المستعجل
يتميز القضاء المستعجل عن القضاء العادي العديد من المميزات أهمها أن وظيفة هذا القضاء هي وظيفة مساعدة، حيث يتم اللجوء إليها بالنظر إلى إمكانية صدور حكم موضوعي محتمل في المستقبل سواء كان هذا القضاء نتيجة دعوى موضوعية أقيمت بالفعل أو ينتظر إقامتها، فهو يرمي إلى ضمان تحقيق الدعوى الموضوعية لهدفها، وعليه إذا فصل في الدعوى الموضوعية فإن الدعوى المستعجلة تصبح غير مقبولة.
كما تتميز دعوى القضاء المستعجل بكونها دعوة مجردة، فهذا النوع من القضاء هو وسيلة للتحفظ أو الاحتياط ويترتب على كونه مجرد استقلال الدعوى المستعجلة في شروطها عن شروط الدعوى الموضوعية التي تفترض ثبوت وجود الحق الموضوعي، ويتميز القضاء المستعجل أيضا بأنه ذو أثر مؤقت، فهو يرتب أثره إلى حين الفصل في الدعوى الموضوعية، ومثله الحكم المستعجل الصادر بتعيين حارس قضائي فإن أثر هذا الحكم ينتهي بصدور الحكم بالملكية لأحد الخصوم.
لماذا القضاء المستعجل؟
إن مهمة القضاء المستعجل عدم التعرض لأصل الحق ، إذ أن من المبادئ الفقهية المستقرة أنه وإن كانت مهمة القضاء المستعجل عدم التعرض لأصل الحق أو صميم النزاع إلا أن هذا لا يمنع القضاء المستعجل من اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية حقوق الطرفين ووضع الحلول التي تستقر معها العلاقة القانونية مؤقتا ريثما يقول القضاء الموضوعي كلمته وله في سبيل أداء مهمته هذه أن يبحث في ظاهر الأدلة المقدمة لمعرفة أي من الطرفين أجدر بالحماية الوقتية واتخاذ الإجراء التحفظي الذي يكفل هذه الحماية من خلال حكم القانون وطبيعة العلاقة القائمة بين الطرفين، لأن من حق الدائن إن سعى لبقاء أموال المدين جميعها باعتبارها ضامنة للوفاء بديونه تحت يد المدين، وعليه فإن البحث في ظاهر المسلسلات وباقي المستندات المبرزة في حافظة البينات لا يستلزم المساس بأصل الحق بل للوصول لمعرفة فيما إذا كان هذا الحق جدير بالحماية المؤقتة أم لا
التمييز بين الدعاوى المستعجلة والدعاوى التي تنظر على وجه السرعة
يمكن التمييز بين المسائل المستعجلة والمسائل التي تنظر على وجه السرعة، بأن المسائل المستعجلة تدخل ضمن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة أو ضمن اختصاص قاضي الموضوع إذا رفعت إلية بطريق التبعية، ولكنها تبقي أحكام مستعجلة ولو صدرت عن قاضي الموضوع، وتطبق بشأنها إجراءات الدعوى المستعجلة وطرق لطعن بالأحكام المستعجلة وتبقى أحكام مؤقتة لا يجوز المساس فيها بأصل الحق.
أما المسائل التي تنظر على وجه السرعة فهي مسائل موضوعية يحكم فيها قاضي الموضوع وترمي إلى تقرير حقوق والتزامات تخرج عن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة ويحظر عليه البت فيها، إنما يتعين على القاضي أن يفصل فيها على وجه السرعة لاعتبارات خاصة، مثل الدعاوى العمالية.
المحكمة المختصة بنظر دعاوى الأمور المستعجلة
جعل المشرع الأردني ومن خلال المادة 31 من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني محكمة البداية هي المرجع المختص في نظر الأمور المستعجلة، ورئيسها أو من يقوم مقامه هو قاضي الأمور المستعجلة ابتداء، وأجاز لرئيس المحكمة أن ينتدب أحد قضائها للنظر في هذه الأمور، أما إذا لم توجد محكمة بداية في المنطقة التي يقع فيها موطن المدعى عليه أو المطلوب حصول الإجراء في دائرتها، فأعطى الاختصاص لقاضي الصلح ودون النظر إلى قيمة الطلب المستعجل.
واختصاص قاضي الأمور المستعجلة، لا يسلب محكمة الموضوع اختصاصها بنظر الأمور المستعجلة إذا رفعت لها بطريق التبعية، وذلك حسب ما جاء في المادة 32 قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، ولكن يقتضي ذلك عدم الجمع بين الاختصاص فيتوجب على المدعي إما اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة لإجراء مؤقت وكدعوى مستقلة، أو رفع الدعوى المستعجلة تبعا للدعوى الأصلية.
إجراءات الدعوى المستعجلة
تتميز إجراءات الدعوى المستعجلة بالسرعة، وذلك بالمقارنة بالإجراءات الدعوى العادية، إذ تبدأ الخصومة في القضايا المستعجلة عند تقديم الدعوى المستعجلة إلى قاضي الأمور المستعجلة المختص بلائحة مستوفية لجميع بياناتها، كما يجوز أن يرد الطلب المستعجل ضمن لائحة الدعوى الموضوعية، إذا كانت الدعوى الموضوعية مرفوعة أمام المحكمة.
وتقدم الدعوى إلى قلم المحكمة ،مرفقة بجميع المستندات والأوراق المؤيدة لها ،وبعد أن يستوفى الرسم القانوني عليها ،يسجل القلم لائحة الدعوى في اليوم نفسه في سجل الدعاوى المستعجلة إذا قدمت بشكل مستقل ،وإذا كانت مقدمه مع الدعوى الموضوعية فإنها تسجل في سجل الدعاوى الموضوعية برقم متسلسل ووفقا لأسبقية تقديمها ويوضع عليها وعلى مرفقاتها ختم المحكمة ،ويذكر أمام الرقم تاريخ القيد وبيان اليوم والشهر والسنة ويؤشر بذلك على كل صور اللائحة ،وللمحكمة تكليف المدعي بتقديم كفالة نقدية أو مصرفية أو عدلية من كفيل مليء تضمن العطل والضرر الذي قد يلحق بالمستدعى ضده /المدعى عليه إذا ظهر أن المستدعي/المدعي غير محق في طلبه .
وتعتبر الدعوى المستعجلة مرفوعة ومنتجة لأثارها من تاريخ هذا القيد، والأصل أن تنظر المحكمة في هذه الدعوى تدقيقا ودون حاجة إلى دعوة الخصوم إلا إذا رأت خلاف ذلك، وهذا ما تؤكده نص المادة 33 فقرة 1 قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، وفي حال قررت المحكمة أن تنظر الطلب مرافعة يتوجب عليها أن تطبق القواعد العامة من حيث التبليغ، والحضور والغياب مع مراعاة القواعد الخاصة في الدعوى المستعجلة ،وحكم قاضي الأمور المستعجلة هو حكم قضائي بالمعنى الدقيق، فهو قد فصل في مسألة معينة متنازع عليها بين خصمين من سلطة قضائية مختصة فيكتسب حجية الشيء المقضي به، وتلزم هذه الحجية القاضي الذي أصدر الحكم كما تلزم طرفي الخصومة بما يقضي به القاضي بصفة مؤقتة مع عدم المساس بأصل الحق وعليه لا يجوز العدول أو الرجوع عن حكم قاضي الأمور المستعجلة إلا إذا كانت الأسباب التي تدعو إلى إصداره تم تعديلها، أو جد أمر يستدعي إلى الحد من أثره أو وقف تنفيذه.
وبما أن الأحكام المستعجلة ليست فصلا في أصل النزاع، كونها أحكام وقتية ولا تتعرض لموضوع الحق فلا تكون لها حجية على محكمة الموضوع وهذا ما أكدته المادة 33 فقرة 3 من قانون أصول المحاكمات المدنية، وقد حددت المادة 178 من قانون أصول المحاكمات المدنية ميعاد الاستئناف في المسائل المستعجلة بعشرة أيام من تاريخ صدور الحكم ويكون قرار محكمة الاستئناف الصادر في المواد المستعجلة نهائيا ولا يقبل أي طريق من طرق الطعن إلا بإذن.
الاختصاص النوعي للقضاء المستعجل
حدد المشرع الأردني الاختصاص النوعي للقضاء المستعجل في نص المادة 32 من قانون أصول المحاكمات المدنية، وعليه فإن هذا الاختصاص يتمثل بالمسائل التالية:
المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت، النظر في طلبات تعيين وكيل وقيم على مال، أو الحجز التحفظي، أو الحراسة، أو منع السفر، الكشف المستعجل لإثبات حالة، دعوى سماع الشاهد الذي يخشى فوات الاستشهاد به على موضوع لم يعرض بعد على القضاء ويحتمل عرضه عليه.
المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت
وهذه المسائل لا يمكن حصرها، حيث يمكن لقاضي الأمور المستعجلة أن يستخلصها من شروط وملابسات النزاع المعروض عليه، شريطة أن يتوافر فيه صفة الاستعجال، كون الاستعجال هو المعيار الذي ينطوي تحته كافة الحالات التي لا تحتمل التأخير.
مظاهر الخشية من فوات الوقت
الخشية من زوال المعالم: وهي المظاهر الخارجية والدلائل والأوصاف التي تلحق بالشيء، ومثال ذلك قيام شخص بإغراق أرض جاره بالمياه وهي معده وجاهزة للزراعة، ويرغب صاحب الأرض إثبات هذه الحالة فورا، وفوات الوقت يؤدي إلى جفاف المياه وبالتالي زوال المعالم التي يرغب صاحب الأرض الاستناد إليها في طلب التعويض مستقبلا.
الخشية من فوات المصلحة أو ضياع الحق: ومثال ذلك في حالة قيام المستأجر بتخريب العين المؤجرة وإلحاق أضرار بليغة فيها وتركه لها ففي هذه الحالة لا تزول هذه المعالم بمرور الوقت، ولكن التباطؤ في الإثبات يضيع حق المؤجر في الانتفاع في العين المؤجرة أو تأجيرها للغير.
ومن الأمثلة التي أوردها المشرع الأردني على المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت ،طلبات وقف التنفيذ والتي تقدم في دعاوى مختلفة ،وهي وقف التنفيذ في دعوى اعتراض الغير ،وفي إعادة المحاكمة ،وفي دعوى الاستحقاق ،ففي هذه الطلبات تكون سلطة المحكمة تقديرية عند النظر في الطلب المستعجل والذي يقوم على وقف تنفيذ الحكم موضوع الدعوى ،فالمحكمة تتحقق من توافر شرط الاستعجال والخشية من فوات الوقت ،فإذا وجدت أن هنالك ضرر جسيم لا يمكن تلافيه سيقع على المدعي إذا نفذ الحكم ،فإنها تقضي بوقف تنفيذ الحكم إلى حين البت في الدعوى .
النظر في طلبات تعيين وكيل وقيم على مال، أو الحجز التحفظي، أو الحراسة، أو منع السفر
طلب تعيين قيم :إن التقدم إلى المحكمة بطلب تعيين قيم قد يكون من خلال طلب مستقل أو من خلال الدعوى الموضوعية ،مع وجوب إرفاق كافة الوثائق و الدلائل و المستندات التي تؤيد هذا الطلب ،وللمحكمة أن تكلف مقدم الطلب تقديم كفالة لضمان العطل و الضرر ،والمحكمة في طلب تعيين القيم تأخذ بعين الاعتبار كل من قيمة المال المطلوب تعيين القيم عليه ومقدار الدين والنفقات المحتمل إنفاقها بسبب تعيين القيم ،وبعدها تصدر قرارها إما برفض تعيين القيم ،أو بالموافقة على تعيينه ،ثم يتم تحديد صلاحياته وهذا ما تم تنظيمه في المواد من 153-156 من قانون أصول المحاكمات المدنية .
طلب الحجز التحفظي: إن طلب الحجز التحفظي هو من الطلبات المستعجلة التي يتقدم بها الدائن بقصد المحافظة على أموال المدين، وذلك من أجل ضمان عدم تصرف المدين بهذه الأموال أو تهريبها، بقصد الإضرار بالدائن، فهو تدبير الغاية منه الحد من سلطة المدين على أمواله وحماية حق الحاجز (الدائن)ووضع المال المحجوز تحت يد القضاء.
لذلك لابد من توافر عدة شروط لإلقاء الحجز التحفظي وهي:
1_ أن يكون مقدار الدين معلوما، فإذا لم يكن الدين محدد المقدار تقوم المحكمة بتحديد مقداره.
2_ أن يكون الدين مستحق الأداء، أي أن يكون الدين غير معلق على شرط وأن يكون حالا غير مؤجل، ففي حالة كان الدين معلق على شرط واقف أو فاسخ أو مقيد فلا يجوز طلب إلقاء الحجز التحفظي في مثل هذه الحالة.
3_ تقديم كفالة نقدية أو مصرفية أو عدلية من كفيل مليء تضمن العطل والضرر الذي قد يلحق بالمحجوز عليه إذا كان طالب الحجز غير محق في طلبه /دعواه.
هل تقديم الكفالة وجوبي؟
وتقديم الكفالة وجوبي، ولكن يستثنى من تقديمها الحكومة والمؤسسات الرسمية والعامة والبلديات والبنوك العاملة في المملكة، ولا يترتب على الحجز خروج المال من يد المحجوز عليه، بل تبقى في ملكيته إلى أن يستوفي الدائن حقه من المال المحجوز عليه أو من أي مال آخر.
وقد نظمت المواد من 141-152 من قانون أصول المحاكمات المدنية مسألة الحجز التحفظي ،وبينت أن هنالك أموال مستثناة من الحجز بنص المادة 142 وهي :الألبسة والأسرة والفرش الضرورية للمدين وعياله ،بيت السكن الضروري للمدين وعياله ،أواني الطبخ وأدوات الأكل الضرورية للمدين وعياله ،الكتب و الآلات و الأوعية و الأمتعة اللازمة لمزاولة المدين مهنته أو حرفته ،مقدار المؤونة التي تكفي المدين وعياله ومقدار البذور التي تكفي لبذر الأرض التي إعتاد زراعتها إذا كان زارعا ،الحيوانات اللازمة لزراعته ومعيشته إذا كان زارعا ،ما يكفي الحيوانات المستثناة من الحجز من الأعلاف مدة لا تتعدى موسم البيدر ،اللباس الرسمي لمأموري الحكومة ولوازمهم الرسمية الأخرى ،الأثواب و الحلل و الأدوات التي تستعمل خلال إقامة الصلاة ،الحصة المستحقة للحكومة من الحاصلات سواء أكانت محصودة أو مقطوفة أم لم تكن ،الأموال و الأشياء الأميرية و المختصة بالبلديات سواء أكانت منقولة أم غير منقولة ،النفقة ،رواتب الموظفين إلا إذا كان طلب الحجز من أجل النفقة .
إجراءات إيقاع الحجز
وكذلك نصت على الإجراءات الواجب إتباعها لإيقاع الحجز ،فقد أوجبت على مأمور الحجز أن يصطحب معه شاهدين لا علاقة لهما بطرفي الدعوى وأن ينظم محضر يدون فيه الأموال و الأشياء التي ألقي عليها الحجز ،ونوعها وقيمتها على وجه التخمين وكذلك المعاملات التي قام بها ،كما أجيز لمأمور الحجز أن يضع الأشياء و الأموال تحت يد شخص أمين من أجل المحافظة عليها أو إدارتها إلى حين صدور قرار في الدعوى ،كما قررت المواد من 145-150 آلية الحجز على أموال المدين لدى الغير ،وذلك لمنع الغير من الوفاء للمدين أو تسليمه ما في حيازته من منقولات والمادة 151 تحدثت عن إجراءات حجز المال غير المنقول و المنقول الخاضع للتسجيل .
طلب وضع الحراسة: ويقصد بالحراسة بأنها عقد يتعهد بمقتضاه الطرفان المتنازعان إلى آخر بمال ليقوم بحفظه وإدارته على أن يرده مع غلته إلى من يثبت له الحق فيه، وهذا التعريف أورده المشرع الأردني في القانون المدني، فقانون الأصول المدنية خلى من تعريف الحراسة واقتصر على ذكره كطلب مستعجل.
شروط طلب الحراسة
ولطلب الحراسة شروط لابد من توافرها، حيث يشترط أن يكون هنالك نزاع على المال بين الخصوم، وأن يكون هنالك خطر داهم أو محدق، وأن يكون هنالك حالة من الاستعجال في الطلب، وأن يكون المال قابلا للحراسة، بالإضافة إلى عدم المساس بأصل الحق.
ولابد من الإشارة إلى المادة 90 من القانون المدني الأردني والتي عنيت بتنظيم تعيين الحارس القضائي، حيث يترك أمر تعيينه لذوي الشأن الاتفاق على شخص الحارس، فإذا لم يتم الاتفاق عليه تتولى المحكمة تعيينه، وكذلك الحال فيما يتعلق بسلطة الحارس وحقوقه مثل حقه في الأجر وواجباته والمصاريف، فكل ذلك يحدده الاتفاق أو الحكم الصادر عن المحكمة، وتنتهي الحراسة إما بانتهاء العمل الموكول للحارس أو باتفاق ذوي الشأن أو تخلي الحارس عن مهمته بشرط تبليغ ذوي الشأن، أو لوفاة الحارس، أو عجزه، أو عزله.
طلب المنع من السفر :
يقدم هذا الطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة أو إلى محكمة الموضوع التي تنظر في النزاع ،ويرفق به كافة البينات الخطية التي تؤيد طلب المستدعي وأن المدعى عليه مدين ،وأنه تصرف بجمع أمواله أو هربها أو أنه على وشك مغادرة البلاد من أجل تأخير دعوى الخصم ،أو عرقلة تنفيذ أي قرار يصدر بحق المدعى عليه ،وكذلك فإن المدعي يستطيع تقديم بيناته الشخصية على هذا الطلب، بعد ذلك تقوم المحكمة بنظر الطلب ،فإذا وجدت أن المدعى عليه قد هرب أمواله أو على وشك مغادرة البلاد فإنها تصدر بحقه مذكرة مثول وعند مثوله أمامها تقوم باستجوابه عن السبب الذي يحول دون تقديم كفالة من كفيل مليء لضمان ما قد يحكم عليه ،فإذا أثبت للمحكمة أن لديه أموال وأنه لا ينوي مغادرة البلاد كأن يثبت بأنه لا يحمل جواز سفر ،فإن المحكمة ترفض طلب المدعي بالمنع من السفر ،أما في حالة عجز عن إثبات السبب الذي يحول دون تقديم كفالة ولم تقتنع المحكمة بالأسباب المقدمة منه فإنها تصدر القرار بمنعه من السفر ،ويكون هذا القرار على ذمة الدعوى الأصلية ،وقد تم تنظيم ما سبق ذكره في طيات المادة 157 من قانون أصول المحاكمات المدنية .
الكشف المستعجل لإثبات الحالة:
ويقصد بإثبات الحالة تصوير حالة مادية يخشى ضياع معالمها، فيما لو يترك عرضها على محكمة الموضوع فهو إجراء تحفظي يهدف إلى تصوير الحالة المادية حتى لا يتعذر إثباتها في المستقبل صيانة وحفظا للدليل المثبت للحق من خطر الضياع.
وفي هذا الطلب يتوجب على قاضي الأمور المستعجلة أن يتحقق من عنصر الاستعجال، وعنصر الاستعجال مفترض في هذه المسائل، ولهذا يشترط ألا يترتب على الحكم الصادر بإثبات الحالة المساس بأصل الحق الموضوعي.
كما يتوجب على القاضي أن يتقيد بذات القيود التي يتقيد بها القضاء العادي، بحيث لا يختص بالفصل في دعاوى إثبات الحالة إلا إذا كان أصل النزاع مما يدخل في اختصاصه.
ويقدم هذا الطلب إلى المحكمة أو لقاضي الأمور المستعجلة، مرفقا بالبينات والمستندات المؤيدة له حتى يتم إجراء الكشف وإثبات واقع الحال، ويكون القرار الصادر بالطلب تدقيقا وعلى ذمة الدعوى الموضوعية.
طلب سماع شاهد:
نصت المادة 32 من قانون أصول المحاكمات المدنية على أنه “دعوى سماع الشاهد الذي يخشى فوات فرصة الاستشهاد به على موضوع لم يعرض بعد على القضاء ويحتمل عرضه عليه وتكون مصروفاته كلها على من طلبه”
وعليه فإنه يشترط لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة في النظر بهذا الطلب توافر شرطين، يتمثل الشرط الأول بوجوب توافر شرط الاستعجال في الدعوى، حيث يتحقق القاضي من خلال من خلال الأوراق والمستندات المقدمة إليه من توافر هذا الشرط، فإذا تبين له عدم توافر هذا الشرط فإنه يقضي بعدم اختصاصه، فقد أوجب المشرع صراحة في نص المادة 32 من قانون أصول المحاكمات المدنية على جعل الاستعجال من شروط هذا الاختصاص، ومثال ذلك سماع شهادة مريض تشير التقارير الطبية أن مرضه خطير ويحتمل وفاته.
أما الشرط الثاني فيتمثل بأن تكون الواقعة مما يجوز إثباتها بالشهادة، وبعد أن يتأكد القاضي من توافر هذين الشرطين يصدر قراره بسماع شهادة الشاهد، والحكم الذي يصدر عن قاضي الأمور المستعجلة وقتي وتخضع الشهادة لتدقيق وتمحيص وسلطة القاضي، الذي قد يأخذ بها في وزن البينة وقد يطرحها من البينات المنتجة في الدعوى، ومصاريف الشاهد تكون على من طلبه.
النصوص القانونية
في قانون أصول المحاكمات المدنية
المادة 32
يحكم قاضي الأمور المستعجلة بصفة مؤقتة مع عدم المساس بالحق بالامور التالية، على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضا بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية.
1- المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت.
2- النظر في طلبات تعيين وكيل أو قيم على مال أو الحجز التحفظي أو الحراسة أو منع السفر.
3- الكشف المستعجل لإثبات الحالة.
4- دعوى سماع الشاهد الذي يخشى فوات فرصة الإستشهاد به على موضوع لم يعرض بعد على القضاء ويحتمل عرضه عليه. وتكون مصروفاته كلها على من طلبه.
المادة 33
1- تنظر المحكمة أو قاضي الأمور المستعجلة في المسائل المستعجلة تدقيقا دون حاجة لدعوة الخصوم إلا اذا رأت المحكمة أو القاضي خلاف ذلك.
2- على الطالب ان يرفق الوثائق التي يستند اليها في طلبه وللمحكمة او قاضي الامور المستعجلة ان يقرر تكليفه بتقديم تامين نقدي او كفالة مصرفية او عدلية تحدد المحكمة او قاضي الامور المستعجلة نوعها ومبلغها ويقدمها كفيل ملئ يضمن العطل والضرر الذي قد يلحق بالمستدعى ضده اذا ظهر ان المستدعي غير محق في طلبه ، ويستثنى من تقديم التامين او الكفالة الدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية والعامة والبلديات والبنوك العاملة في المملكة ، وللمحكمة او قاضي الامور المستعجلة التحقق من ملاءة الكفيل.
3- القرار الذي يصدر بقبول طلب المستدعي في المسائل المستعجلة يكون على ذمة الدعوى الموضوعية ولحين الفصل فيها.
اجتهادات محكمة التمييز على القضاء المستعجل:
قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم 7/2018 فصل 21/1/2018 :(الكشف المستعجل لإثبات الحالة)
“وحيث أن الكشف المستعجل هو إجراء وقتي لبيان واقع حال المال المراد الكشف عليه دون المساس بأصل الحق وفقا لأحكام المادة 32 من قانون أصول المحاكمات المدنية.
ومن الرجوع إلى تقرير الكشف فإنه قد تدخل في أصل الحق مما يجعله مخالفا لأحكام المادة المذكورة أعلاه كما أن الضرر تقدره الخبرة المقررة من قبل المحكمة وحيث أن محكمة الاستئناف قد توصلت إلى هذه النتيجة فيكون قرارها واقعا في محله “.
اجتهادات لمحكمة التمييز حول ظاهر البينة
قاضي الأمور المستعجلة يحكم وفقا لظاهر البينة، ومن اجتهادات محكمة التمييز في ظاهر البينة
الحكم رقم 5868 لسنة 2018 – محكمة تمييز حقوق
1- يُستفاد من أحكام المادة (19) من قانون المالكين والمستأجرين أنها نصت إذا قام المالك بإخطار المستأجر بلزوم إخلاء المأجور ورد المأجور بانتهاء مدة عقد الإجارة وامتنع المستأجر عن إعادة المأجور خلال مدة عشرة أيام من تاريخ تبلغه الإخطار أو تاريخ انتهاء العقد إيهما لاحق فيعتبر ذلك سبب مشروع للمالك لتقديم طلب إلى قاضي الأمور المستعجلة.
2- أعطت المادة (32) من قانون أصول المحاكمات المدنية الحق لقاضي الأمور المستعجلة ان يحكم بصفة مؤقتة بالأمور التي حددتها المادة شريطة عدم المساس بأصل الحق.
3- إن قاضي الأمور المستعجلة وهو ينظر في الطلب المستعجل على ظاهر البينة المقدمة إليه ومن ثم فأنه يمتنع عليه أن يبحث مدى صحة هذه البينة ومناقشتها لتعارض ذلك مع مهمته كقاضي للأمور المستعجلة بمعنى أنه يتقيد بما تنبئ له ظاهر البينة دون المساس بأصل الحق وينبني على ذلك أنه لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يأمر بإجراء خبرة موضوعية للتحقق مما قد يثيره أحد الخصوم أمامه بشأن مستند ما أمر لأن ذلك يعتبر مساساً بأصل الحق وخروجاً عن مهمة قاضي الأمور المستعجلة.
الحكم رقم 1718 لسنة 2018 – محكمة تمييز حقوق
1- إذا كان الطلب الذي يقدمه المستأجر مستنداً للمادة (19) من قانون المالكين والمستأجرين فيكون طلب مستعجل تنطبق عليه أحكام الطلبات المستعجلة والمنصوص عليها في المواد (31) و(32) و(33) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
2- إن قاضي الأمور المستعجلة وهو ينظر في الطلب المستعجل على ظاهر البينة المقدمة إليه ، فأنه يمتنع عليه أن يبحث مدى صحة هذه البينة ومناقشتها لتعارض ذلك مع مهمته كقاضي للأمور المستعجلة بمعنى أنه يتقيد بما تنبئ له ظاهر البينة دون المساس بأصل الحق ، وينبني على ذلك أنه لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يأمر بإجراء خبرة موضوعية للتحقق مما قد يثيره أحد الخصوم أمامه بشأن مستند ما لأن ذلك يعتبر مساساً بأصل الحق وخروجاً عن مهمة قاضي الأمور المستعجلة.
3- استقر الاجتهاد القضائي على أن البت بصحة التوقيع على عقد الإيجار موضوع طلب استرداد المأجور على ضوء إنكاره يتعلق بأصل الحق ولا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة التعرض له أو البت فيه ، كون القرار المستعجل لا يمس حق أي طرف بإقامة دعوى موضوعية ضد الطرف الأخر لتقديم أي ادعاءات أو مطالبات وفق أحكام التشريعات النافذة ، وذلك وفقاً لقرار تمييز حقوق (2911/2017) وقرار (2119/2017).
4- يجوز للمستأجر وفق الأوضاع التي أقرها القانون أن يقيم دعوى موضوعية بما يدعيه من حيث عدم صحة التواقيع على عقد الإيجار وإن والقول بغير ذلك يشل آثار طلب استرداد الماجور ، وفقاً لأحكام المادة (19) من قانون المالكين والمستأجرين ويفرغه من الغاية التي شرع من أجلها وهي اختصار الوقت والإجراءات باستعادة المأجور بسبب انتهاء مدة عقد الإجارة مع حفظ حقوق الطرفين بإقامة دعوى موضوعية بما لديهم من ادعاءات أو حقوق.
الحكم رقم 819 لسنة 2018 – محكمة تمييز حقوق
1- إذا كان الطلب الذي يقدمه المستأجر مستنداً للمادة (19) من قانون المالكين والمستأجرين فيكون طلب مستعجل تنطبق عليه أحكام الطلبات المستعجلة والمنصوص عليها في المواد (31) و(32) و(33) من قانون أصول المحاكمات المدنية وأحكام المادة (176/2) من ذات القانون فيما يتعلق بالطعن في الحكم الصادر تمييزاً بعد الحصول على إذن تمييز.
2- إن قاضي الأمور المستعجلة وهو ينظر في الطلب المستعجل على ظاهر البينة المقدمة إليه ، فأنه يمتنع عليه أن يبحث مدى صحة هذه البينة ومناقشتها لتعارض ذلك مع مهمته كقاضي للأمور المستعجلة بمعنى أنه يتقيد بما تنبئ له ظاهر البينة دون المساس بأصل الحق ، وينبني على ذلك أنه لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يأمر بإجراء خبرة موضوعية للتحقق مما قد يثيره أحد الخصوم أمامه بشأن مستند ما لأن ذلك يعتبر مساساً بأصل الحق وخروجاً عن مهمة قاضي الأمور المستعجلة.
الحكم رقم 371 لسنة 2018 – محكمة تمييز حقوق
إن قاضي الأمور المستعجلة وهو ينظر في الطلب المستعجل على ظاهر البينة المقدمة إليه، فأنه يمتنع عليه أن يبحث مدى صحة هذه البينة ومناقشتها لتعارض ذلك مع مهمته كقاضي للأمور المستعجلة بمعنى أنه يتقيد بما تنبئ له ظاهر البينة دون المساس بأصل الحق، وينبني على ذلك أنه لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يأمر بإجراء خبرة موضوعية للتحقق مما قد يثيره أحد الخصوم أمامه بشأن مستند ما لأن ذلك يعتبر مساساً بأصل الحق وخروجاً عن مهمة قاضي الأمور المستعجلة.
استقر الاجتهاد على أنه ليس لقاضي الأمور المستعجلة أن يطلب بينات لم تقدم بالطلب لأن قاضي الأمور المستعجلة يحكم حسب ظاهر البينة المقدمة له وإذا طالب بينات يكون قد دخل في أصل الحق وهذا يتنافى وطبيعة القضاء المستعجل.
——————————————————————————————