الميثاق الوطني الأردني

صدرت الإرادة الملكية السامة بتشكيل اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني في التاسع من نيسان 1990 ، وكان المرحوم بأذن الله الملك الحسين قد أطلق قبل ذلك فكرة الميثاق وحدد الهدف والغاية منها ، وذلك من وحي إيمانه المطلق كإيمان الشعب كله بأن الحياة البرلمانية الدستورية هي خيار القيادة والشعب معا ، وانها السبيل والمطلب المشترك إزاء النهج الديمقراطي الذي لا رجعة عنه.

وضمت اللجنة ستين عضوا برئاسة دولة السيد احمد عبيدات ، واتسم تشكيلها بالشمولية ، حيث جمعت مختلف التيارات والاتجاهات السياسية والفكرية والدينية والبرلمانية والثقافية والمهنية وحرصت على إتاحة مجال المشاركة لكل اتجاه وتوجه ، لأطلاق الحوار وأعمال الفكر والرأي وصولا الى القواسم المشتركة التي يرتكز عليها الميثاق.

وقد بدأت اجتماعات اللجنة الملكية لصياغة الميثاق في اليوم التالي من صدور الإرادة الملكية ، حيث خاطبهم جلالة الملك الحسين معبرا عن ثقته بنجاح الشوط الجديد على طريق الديمقراطية البرلمانية ، كما تم بنجاح الشوط الذي سبقه والذي بدأ بالانتخابات النيابية العامة في تشرين الثاني عام 1989.

ودعا جلالته الى انتظام المجتمع بعقد اجتماعي يتمحور حول الديمقراطية ويتأسس على دستور وستظل بظله وصونه ويحميه.

وأكد جلالته في كلمته لأعضاء اللجنة بأن مهمتهم ستكون صياغة ميثاق وطني ، يشكل خط البداية يتلاقى عليه الشعب بسائر فئاته للانطلاق منه نحو ممارسة التعددية السياسية.

وعلى مدى ثمانية أشهر ، عقدت اللجنة بكامل هيئتها واللجان المنبثقة عنها اجتماعات مكثفة متواصلة ، وساد الاجتماعات الحوار الحر المسؤول وطرح الرأي والرأي الآخر ، والحرص من قبل جميع ممثلي التيارات السياسية على ان مصلحة الوطن تأتي فوق كل اعتبار ، وان الدستور هو المظلة التي يستظل بها الجميع .

وقد أنهت اللجنة أعمالها في أواخر الشهر الثاني عشر من عام 1990 ، ورفعت مشروع الميثاق الوطني الى جلالة قائد الوطن . وجرت مناقشات واسعة لمبادئ الميثاق ومرتكزاته في المحاضرات والندوات ، واللقاءات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية ، مما اعطى المواطن صورة متكاملة عنه مهدت لعقد المؤتمر الوطني للميثاق الوطني الأردني في التاسع من شهر حزيران 1991 ، حيث باركت الأمة ميثاقها الوطني وصادق عليه أعضاء المؤتمر البالغ عددهم ما يزيد عن ألفي عضو يمثلون الفعاليات المنتخبة للأسرة الأردنية الواحدة والفعاليات السياسية والاجتماعية التي تضم أعضاء مجلسي الأعيان والنواب والنقابات المهنية والمجالس البلدية والقروية في المملكة ، ورجال السياسة والفكر والصحافة والإعلام ورجالات المملكة في المدن والقرى والبادية.

مقدمة تاريخية

كان الأردن منذ أقدم العصور منطقة استقرار بشري وازدهار حضاري ، وموطنا لكثير من الهجرات السامية العربية ، وقد شيد الإنسان فيه حضارات لا تزال معالمها ماثلة للعيان ، وستظل ارض الأردن تزهو بأثار القبائل العربية التي قدمت من الجزيرة العربية قبل الإسلام ، وأسهمت منذ وقت مبكر في التواصل بين الجزيرة العربية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط ، وما مدينة البتراء التي بناها العرب الأنباط في جنوب الأردن الا رمز لتصميم الإنسان العربي في هذه المنطقة على البقاء وعنوان لجهده وعطائه .

وعندما بزغت شمس الإسلام من بطاح مكة المكرمة والمدينة المنورة ،وانطلقت الدعوة خارج حدود الجزيرة العربية تحمل رسالة النور والهدى للعالمين ، جابهت مقاومة الدول القائمة آنذاك ، وشهدت مؤتة أول صدام بين المسلمين والقوى البيزنطية ، وسقط على ثراها عدد من شهداء الإسلام ، وعلى ضفاف اليرموك كان النصر الحاسم للرسالة الإسلامية . وأصبح الأردن احد الأجناد العربية الخمسة في بلاد الشام ، كما اصبح أرضا للحشد والرباط ومنطلقا للفتح والتحرير ، وبقى جزءا من الدولة العربية الإسلامية ونقطة اتصال بين الجزيرة العربية والبلاد الإسلامية .

ومنذ مطلع القرن الثاني عشر الميلادي عرفت المنطقة تشكيلات إدارية خلال العصرين المملوكي والعثماني ، كما عرف الأردن ، شانه شان الأقطار العربية المجاورة ، قيام مجالس للإدارة المحلية شارك فيها السكان ، غير انه عانى من المراحل الأخيرة للحكم العثماني من التمييز الذي مارسه حزب الاتحاد والترقي ضد العرب وهويتهم القومية ، مما دعاهم الى الاحتجاج على السياسة الطورانية ورفضها ، والثورة على الحكم الذي تمثله تلك السياسة ، فكانت ثورتهم عليه نتيجة حتمية لسياسة التتريك وكثرة الظلم وسوء الأوضاع الاقتصادية ، وتزايد الفساد الإداري ، وعجز الدولة العثمانية عن توفير الأمن والاستقرار في الديار العربية عامة . وكان المشروع القومي النهوضين للثورة العربية الكبرى التي انطلقت شرارتها في التاسع من شعبان عام 1334 هـ الموافق العاشر من حزيران عام 1916م ، يهدف الى توحيد أقطار المشرق العربي في دولة عربية واحدة تضم العراق والحجاز وبلاد الشام ومن ضمنها الأردن وفلسطين .

وعلى هذا الأساس ، اعلن الأمير فيصل الأول تأليف أول حكومة عربية في دمشق في الخامس من تشرين الأول عام 1918، لكن بريطانيا أصدرت في 22 تشرين الأول من العام نفسه بيانا يقضي بتقسيم سورية الطبيعية الى ثلاث مناطق ، تنفيذا لاتفاقية سايكس بيكو التي عقدت عام 1916، وتمكينا لبريطانيا من تنفيذ وعدها للحركة الصهيونية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين الا من ممثلي الشعب في المشرق العربي الذين اجتمعوا في المؤتمر السوري العام الذي انعقد في دمشق من 6-8 أذار عام 1920 رفضوا هذا التقسيم ، واعلنوا وحدة البلاد بحدودها الطبيعية واستقلالها ، ونادوا بفيصل الأول ملكا عليها . غير ان بريطانيا وفرنسا لم تعترفا بإرادة الأمة ، واتفقتا في مؤتمر سان ريمو في 25 نيسان عام 1920 على فرض الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان ، وفرض الانتداب البريطاني على العراق وفلسطين وشرق الأردن . وعلى الرغم من المقاومة العربية للمخططات الاستعمارية ، فان المستعمر قد فرض أمرا واقعا بالقوة ، نتيجة للتفوق العسكري الذي احرزه على المجاهدين العرب في معارك كثيرة ، كان آخرها معركة ميسلون في 24 تموز عام 1920 وقبيل انهيار الحكم العربي في سوريا ، كانت القوات البريطانية قد انسحبت من جميع الأراضي السورية ، واحتل الفرنسيون دمشق ولكن قواتهم لم تدخل الأراضي الأردنية فبقيت خالية من اي قوة أجنبية ، وعندما تقرر وضع شرقي الأردن تحت النفوذ البريطاني تنفيذا لاتفاقية سايكس بيكو ، عين المندوب السامي البريطاني في فلسطين عددا من ضباطه لإدارة المناطق في شرق الأردن .

وقد جاءت اتفاقية ” ام قيس ” التي عقدت في اجتماع تم بين وفد من الأهالي في المنطقة الشمالية وبين أحد هؤلاء الضباط في 2 أيلول عام 1920 لتشكل أول برنامج سياسي وطني في شرق الأردن ، إذ طالب الأهالي في ذلك الاجتماع بتشكيل حكومة عربية في البلاد مستقلة عن حكومة الانتداب في فلسطين ، كما طالبوا بانضمام شرقي الأردن الى البلاد السورية حينما تتحقق وحدتها ، وبمنع الهجرة اليهودية الى المنطقة وتحريم بيع الأراضي لليهود .

والاحتلال البريطاني لفلسطين ، ولكن السنوات الأربع التالية شهدت صراعا مريرا بين ما تمثله الحكومة الجديدة من تطلعات قومية وسعي الى تحرير سورية ، وبين مصالح بريطانيا وفرنسا في المنطقة ، وانتهى هذا الصراع في أواخر اب عام 1924 ببسط سيطرة سلطات الانتداب البريطاني على الأمور الإدارية والمالية والعسكرية في الأردن ، ومطاردة تلك السلطات لرجالات حزب الاستقلال وإبعادهم عن البلاد .

وعلى الرغم من اعتراف بريطانيا باستقلال إمارة شرق الأردن في 25 أيار عام 1923 ، ووعدها بعقد اتفاقية لتثبيت العلاقة بين البلدين وتحديد الوضع الدستوري للبلاد ، فان المعاهدة البريطانية الأردنية الأولى التي عقدت في 20 شباط عام 1928 ، لم تحقق مطالب الأردنيين في دولة مستقلة كاملة السيادة ، مما اثأر استياء الشعب الأردني وسخطه على تلك المعاهدة وادى به الى السعي لعقد أول مؤتمر وطني للنظر في بنود المعاهدة والاتفاق على خطة للعمل السياسي ، فانعقد ذلك المؤتمر في عمان في 25 تموز عام 1928، وشارك فيه عدد كبير من شيوخ البلاد ورجالاتها وأصحاب الراي فيها ، واعتبر المؤتمر نفسه ممثلا شرعيا للشعب الأردني ، كما انبثقت عنه لجنة تنفيذية تولت قيادة الحركة الوطنية الأردنية ، وأصدر ” الميثاق الوطني الأردني ” ، فكان أول وثيقة سياسية وطنية ذات برنامج محدد ، وقد شكل هذا الميثاق علامة سياسية فارقة في تاريخ النضال الوطني والسياسي الأردني ، حددت فيه الثوابت السياسية للإمارة في تلك المرحلة ونص في بنوده الأساسية على أمور مهمة من ابرزها :

الثوابت السياسية للإمارة

1- ان إمارة شرق الأردن دولة عربية مستقلة ذات سيادة بحدودها الطبيعية المعروفة ، تدار بحكومة دستورية مستقلة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن الحسين المعظم وأعقابه من بعده .

2- عدم الاعتراف بمبدأ الانتداب الا كمساعدة فنية نزيهة لمصلحة البلاد ، وعلى ان تحدد هذه المساعدة بموجب اتفاق أو معاهدة تعقد بين شرقي الأردن وبريطانيا على أساس الحقوق المتقابلة والمنافع المتبادلة دون ان يمس ذلك بالسيادة القومية .

3- اعتبار وعد بلفور القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين مخالفا لعهود بريطانيا ووعودها الرسمية للعرب وتصرفا مضادا للشرائع الدينية والمدنية في العالم .

4- كل انتخاب للنيابة العامة يقع في شرقي الأردن على غير قواعد التمثيل الصحيح وعلى أساس عدم مسؤولية الحكومة أمام المجلس النيابي لا يعتبر انتخابا ممثلا لإرادة الأمة وسيادتها القومية ضمن القواعد الدستورية ، بل يعتبر انتخابا مصطنعا ليس له قيمة تمثيلية صحيحة ، والأعضاء الذين ينتخبون على أساسه اذا بتوا في حق سياسي أو مالي أو تشريعي ضار بحقوق شرقي الأردن الأساسية لا يكون لبتهم قوة الحق الذي يعترف به الشعب ، بل يكون جزءا من تصرف سلطة الانتداب وعلى مسؤوليتها .

5- رفض كل تجنيد لا يكون صادرا عن حكومة دستورية مسؤولة باعتبار ان التجنيد جزء لاحتجزا من السيادة الوطنية ، ورفض تحمل نفقات اي قوة أجنبية محتلة ، واعتبار كل مال يفرض عليها من هذا القبيل مالا مغتصبا من عرق عاملها المسكين وقلاحها البائس ، واعتبار كل تشريع استثنائي لا يقوم على أساس العدل والمنفعة العامة وحاجات الشعب الصحيحة تشريعا باطلا ، وعدم الاعتراف بكل قرض مالي وقع قبل تشكيل المجلس النيابي ، وعدم جواز التصرف بالأراضي الأميرية قبل عرضها على المجلس النيابي وتصديقه عليها واعتبار كل بيع وقع قبل انعقاد المجلس بيعا باطلا .

وقد حكمت هذه المبادئ الهامة النضال السياسي للشعب الأردني لسنوات متعددة لاحقة ، حتى أبرمت المعاهدة البريطانية الأردنية الثانية في 17 حزيران عام 1946 ، واعترفت بريطانيا بموجبها باستقلال شرقي الأردن باسم المملكة الأردنية الهاشمية . وفور توقيع المعاهدة الجديدة بالأحرف الأولى في 22/أذار عام 1946 ، اتخذت المجالس البلدية في المملكة قرارات عبرت فيها عن رغبة أبناء الشعب الأردني ومطالبته بإعلان الاستقلال على أساس النظام الملكي النيابي ، كما اجتمع المجلس التشريعي الأردني في 25 أيار عام 1946، وقرر بالإجماع إعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالا تاما وذات حكومة ملكية وراثية نيابية ، وإعلان البيعة بالملك لعبدالله بن الحسين بوصفه ملكا دستوريا على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ( ملك المملكة الأردنية الهاشمية ) وإقرار تعديل القانون الأساسي الأردني على هذا الأساس .

وبذلك بدأت أركان الدولة الأردنية تتوطد تدريجيا ، واخذ الوعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي للشعب الأردني يتعمق ويتعاظم باستمرار ، وجعل الشعب يطالب بالمشاركة في صنع القرارة السياسية ، والسير نحو النهج الديموقراطي ، وإقامة الحياة النيابية ، وضرورة إنهاء الوجود البريطاني الاستعماري ، وتصفية آثاره في السياسات الأردنية الداخلية وفي علاقات الأردن العربية والدولية .

ونتيجة لوعد بلفور ، وإصرار بريطانيا على المضي قدما في تنفيذه بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، أخذت الأوضاع على الساحة الفلسطينية تتدهور بسرعة ، واخضع الشعب العربي الفلسطيني لحكم الطوارئ ، وقمعت القوات البريطانية انتفاضاته المتلاحقة وثوراته المسلحة بمنتهى العنف ، وحالت دون استقلال فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية ، وفي الوقت نفسه فتحت أبواب فلسطين للهجرة اليهودية المدنية والعسكرية والسياسية ، ودربت قوة يهودية مقاتلة ضمن الجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية . وعندما صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 في 29 تشرين الثاني عام 1947 ، القاضي بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود ، واعلن انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في 15 أيار عام 1948، كانت الوكالة اليهودية تملك جميع مقومات الدولة ، في حين كان الشعب الفلسطيني منزوع السلاح يرزح تحت نير الإرهاب والبطش ، وكانت الأنظمة العربية الخاضعة في ذلك الوقت للنفوذ الاستعماري تمنع السلاح عن الشعب الفلسطيني ، فاستطاع اليهود بالتواطؤ مع بريطانيا ، احتلال ثلاثة أرباع فلسطين بالقوة العسكرية وإقامة دولتهم عليها ، وتم تهجير عدد كبير من الفلسطينيين تهجيرا قسريا .

وعندما دخلت الجيوش العربية فلسطين ، كان الجيش العربي الأردني من ضمنها فشارك في العمليات العسكرية ضد القوات الإسرائيلية ببسالة مشهودة ، واستطاع ان يحافظ على المناطق الفلسطينية التي سميت فيما بعد بالضفة الغربية من المملكة ، وكان دفاعه عن القدس مجيدا مشرفا ، وبلغ عدد شهداء الجيش الأردني في تلك المعارك حوالي ثلاثمائة وسبعين شهيدا ، فضلا عن الف جريح ، ولم يكن عدد أفراد الجيش كله في ذلك الوقت يتجاوز خمسة الأف رجل بأسلحة بسيطة وذخائر محدودة وبقيادة بريطانية مباشرة ، كما شارك المتطوعون الأردنيون في القتال جنبا الى جنب مع المناضلين من أبناء فلسطين وإخوانهم العرب الذين جاءوا للدفاع عن عروبة فلسطين .

وكان التحام الأردنيين والفلسطينيين مرة أخرى من اهم التطورات التي طرأت بعد حرب عام1948 إذ توحدت ضفتا الأردن ضمن إطار المملكة الأردنية الهاشمية واصدر مجلس الأمة الأردني الممثل للضفتين قراره التاريخي بتأييد هذه الوحدة في 24 نيسان عام 1950 .

وتلاحقت التطورات السياسية في البلاد ، كما استمر تطور المؤسسات فيها ، إذ أصدر الملك طلال الأول الدستور الأردني الجديد بعد ان افره مجلس الأمة في كانون الثاني عام 1952 . ونص هذا الدستور على ان الشعب الأردني جزء من الأمة العربية وان نظام الحكم في المملكة نيابي ملكي وراثي وان الأمة هي مصدر السلطات .

وفي الحادي عشر من شهر اب عام 1952، نودي بالحسين ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية ، وعندما تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية في الثاني من أيار عام 1953، اخذ التوجه الديموقراطي يتعزز في البلاد ، واتسمت مرحلة الانفتاح على الشعب بالتطلع العام نحو مزيد من الحريات والنزوع الى بناء مؤسسات الدولة العصرية وتحديثها ، كما تواصلت مسيرة التطور الاقتصادي والسياسي الفكري ونشطت الحركات السياسية الأردنية وانتعشت معها الحياة الحزبية . وفي عام 1954 اجري التعديل على الدستور لتعزيز التوجه الديموقراطي وبموجب هذا التعديل الذي أصبح نافذ المفعول في الأول من تشرين الثاني عام 1955 ، أصبحت الحكومة مسؤولة أمام مجلس النواب وترتب عليها ان تقدم بيانها الوزاري الى المجلس وان تطلب الثقة على أساسه .

وفي الأول من أذار عام 1956، قام جلالة الملك الحسين بتعريب قيادة الجيش وأقصاء الضباط البريطانيين عنه وكانت هذه الخطوة إنجازا كبيرا أكد مفهوم السيادة الوطنية والقومية وعزز التحام الشعب الأردني بقيادته الوطنية وجاءت انسجاما مع حرص الحسين وتصميمه منذ تسلم سلطاته الدستورية على تحقيق حرية الأردن وتنمية استقلاله واستجابة لتطلعات الشعب الأردني وجيشه في التحرر من التبعية الأجنبية .

وقد تلا هذا الحدث تأميم قناة السويس فوقف الأردن وحكومة وشعبا الى جانب مصر العربية حين تعرضت للعدوان الثلاثي الإسرائيلي الفرنسي البريطاني عام 1956 .

وفي أواخر عام 1956 أجريت أول انتخابات أردنية على أساس التعددية الحزبية والسياسية وتألفت وزارة برلمانية تحقق في عهدها توقيع اتفاقية التضامن العربي في كانون الثاني عام 1957 وإنهاء المعاهدة البريطانية الأردنية في 13 أذار من العام نفسه ، وجلاء القوات البريطانية عن البلاد . ولكن هذه المرحلة لم تستمر طويلا إذ تعثرت التجربة الديموقراطية لأسباب داخلية وخارجية مختلفة .

وعندما شنت إسرائيل الحرب على الدول العربية في الخامس من حزيران عام 1967 وبدا هجومها على مصر خاض الأردن الحرب التزاما بميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك وبقيادة عربية موحدة دون اي اعتبار آخر ، وقد جاء احتلال إسرائيل للضفة الغربية من المملكة وللجولان وسيناء ضربة قاصمة كان لها ابلغ الأثر في مجمل أوضاع الأردن وفي الوطن العربي كله .

وكانت “معركة الكرامة ” في 21 أذار عام 1968 منعطفا بارزا لوقف حالة التردي والهزيمة وبرهانا على ان وحدة الصف والتضحية والتصميم على الصمود هي التي تصنع النصر وتبدد أسطورة العدو الذي لا يقهر .

ولم تقف أحداث أيلول المؤلمة التي تفجرت على الساحة الأردنية عام 1970 حائلا دون استمرار وحدة الشعب الأردني وحفاظه على الاستقرار، إذ ان أصالته وإدراكه العميق لمخاطر الانقسام والتشتت، مكنت جميع أبنائه من راب الصدع وتجاوز تلك الأحداث .

وجاء قيام” الاتحاد الوطني العربي” في البلاد وإعلان ميثاقه عام 1971 محاولة للإصلاح وسد الفراغ السياسي الا ان الاتحاد قد اقتصر على تنظيم سياسي وحيد ولم يكن مهيأ بطبيعته لاستيعاب القوى السياسية المختلفة ومشاركتها على أساس التعددية الحزبية وقد تمت تصفيته وإلغاء قانونه .

ونتيجة للاستقرار وازدياد الوعي السياسي العام لدى المواطنين الأردنيين وما شهدته البلاد من تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة فقد دخل الأردن منذ منتصف عقد السبعينات مرحلة جديدة تحققت خلالها إنجازات هامة . كان من أبرزها إقامة عدد من المشاريع الإنتاجية الكبيرة واستكمال إقامة معظم البنى الأساسية في المملكة كما حقق الاقتصاد معدلات نمو عالية وحدث توسع كبير في التعليم شمل معظم مناطق المملكة . وانتشر التعليم الجامعي . غير ان هذه التحولات لم يواكبها تطور سياسي بالمستوى نفسه وكان لغياب المشاركة الشعبية والانفراد في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي إثر كبير في تراجع الأداء العام في السنوات الأخيرة وفقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة بالإضافة الى عوامل وأسباب اقتصادية ومالية داخلية أخرى . وعدم وفاء بعض الحكومات العربية بالتزاماتها المالية التي تقررت للأردن في قمة بغداد عام 1978 في الوقت الذي زادت فيه أعباء الدفاع وقد اعتمد الأردن على ان الأمة العربية لا يمكن ان تتخلى عنه و هو يقف على أطول خط للمواجهة مع إسرائيل المدعومة باستمرار وسخاء من اليهودية العالمية والولايات المتحدة الأمريكية وسواها ، وقد تضافرت هذه العوامل والأسباب جميعا فأدت الى اتساع الخلل وتفاقمه في نهاية الثمانينات وكانت النتيجة الحتمية لذلك كله تفجر الأزمة السياسية والاقتصادية التي مست معظم فئات الشعب الأردني وادت الى وقوع أحداث الجنوب في نيسان عام 1989 ونشوء حالة من التوتر عمت بقية أنحاء المملكة .

وقد شكلت هذه الأحداث – على اختلاف المعايير – نقطة تحول هامة في الأوضاع العامة في البلاد وكانت بداية مراجعة شاملة للسياسات والمواقف والممارسات الرسمية والشعبية على جميع المستويات فقرر جلالة الملك الإسراع في استئناف الحياة النيابية التي انقطعت بعد قرار فك الارتباط بالضفة الغربية في 31 تموز عام 1988 وأجريت الانتخابات العامة في أواخر عام 1989 فتحقق بذلك قيام الركن الأول في صرح البناء الديموقراطي وبدأت مرحلة التحول السلمي نحو الديموقراطية وشهدت البلاد انفراجا سياسيا سادت فيه روح الانفتاح والمصارحة والتواصل بين المواطنين ومؤسسات الدولة كما شهدت حوارا سياسيا واسعا شارك فيه أصحاب الراي والفكر والقادة السياسيون وجميع فئات الشعب ، وتكونت بذلك حالة ديموقراطية عبرت بمختلف الأساليب عن تلاقي أرادات أبناء الشعب الأردني وقيادته العليا على ضرورة الإصلاح العميق الشامل والبناء في جميع الميادين .

الفصل الأول : الميثاق – أسباب وأهداف

واستكمالا لمسيرة البناء الأردنية وتعزيزا لها أصدر جلالة الملك توجيها ساميا بتشكيل لجنة ملكية لصياغة ميثاق وطني ، يرسي قواعد العمل الوطني العام ويحدد مناهجه ، ويوضح معالم الطريق الى المستقبل ويضع نواظم عامة لممارسة التعددية السياسية باعتبارها الركن الآخر للديموقراطية بالاستناد الى الثوابت الدستورية والتراث السياسي والوطني ، والى الحقائق القائمة في المجتمع الأردني ، وبما يضمن استمرار مسيرة التقدم الوطنية والتحول الديموقراطي في البلاد ويجنبها التعثر والتراجع .

وقد نص الدستور الأردني على جملة من الثوابت والقواعد العامة ، التي تنظم أسلوب الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية ، وتعامل الشعب الأردني مع هذه الثوابت والقواعد منذ قيام الدولة الأردنية وتوطد أركانها واعتبرها مسلمات لا اختلاف فيها لأنها نابعة من صميم قناعاته ووجدانه ومصلحته ، وتتمثل تلك الثوابت والقواعد في الاعتزاز بالهوية القومية للشعب الأردني نسبا وانتماء الى الأمة العربية والإيمان بالإسلام دينا للدولة وحضارة وثقافة للشعب .

ولما كان الالتزام بهذه الثوابت والقواعد من شانه ان يجعل استمرار النضال الأردني الوطني والقومي نحو مستقبل أفضل مهمة أساسية ملقاة على عاتق الحكم والشعب على حد سواء .

  • ولما كان استمرار التلاحم بين القيادة والشعب من اهم الضمانات لتحقيق الأهداف الوطنية والقومية،
    •ولما كانت المرحلة التاريخية التي يجتازها الأردن والوطن العربي بعامة، حافلة بالتحديات والأخطار التي تهدد مصير الأمة ، وتنذر بالهيمنة على أرادتها وحريتها وإفقادها القدرة على مواكبة التقدم العلمي والحضاري ومنعها من استثمار مواردها لمصلحة أبنائها ومن مشاركتها الأمم الأخرى في بناء مستقبل افضل للإنسانية كلها ،
    •ولما كان المواطن العربي الأردني يتطلع الى النهوض والى توفير أسباب القوة اللازمة للدفاع عن وطنه وضمان امن المجتمع الذي ينتمي اليه ويتحلى بإحساس مرهف بالمسؤولية وادراك عميق لأهمية مشاركته في صنع مستقبله ومستقبل أبنائه ، ضمن اطر ديموقراطية وقواعد مؤسسية راسخة مستقرة ،
    •ولما كان مضمون الديموقراطية يتعزز بتأكيد حقوق الإنسان المعترف بها دوليا وإنسانيا وضمان حقوق المواطنة التي كفلها الدستور الأردني وهى الحقوق التي كفلها الدستور الأردني وهى الحقوق التي حفل بها تراثنا العربي الإسلامي العظيم وأكدها وكرمها تكريما شديدا بما في ذلك حق الناس في الاختلاف في الراي وحق المواطن رجلا كان أو امرأة في تغيير أوضاعه وتحسين أحواله بالطرق المشروعة وحقه في التعبير عن رايه وفيما يراه ضروريا لمصلحة الجماعة بالوسائل الديموقراطية وبما يتيح له المشاركة في صنع القرار ،
    * لذلك كله فان الخيار الديموقراطي هو انجع السبل وأكثرها ملاءمة لتلبية طموحات الشعب الأردني وتطلعاته الوطنية والقومية والإنسانية وان التوافق في الراي على هذه المنطلقات بين جميع الفئات والاتجاهات الشعبية والرسمية بمختلف مستوياتها قد تم على جملة من المفاهيم والقيم والمبادئ الأساسية ، والأهداف الوطنية والقومية التي يتضمنها هذا الميثاق ، والتي يجب ان تحكم المسيرة العامة للبلاد وتنظم العلاقات بين جميع الأطراف الوطنية الرسمية والشعبية في المجتمع ، وان هذا التوافق الوطني يعتبر إنجازا حضاريا متقدما، ومشروعا مستقبليا شاملا تتحدد ملامحه ومرتكزاته من خلال الأسس والحقائق والثوابت التالية:

أولا : نظام الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية نيابي ملكي وراثي ، والتزام الجميع بالشرعية واحترام الدستور نصا وروحا هو تمكين لوحدة الشعب والقيادة .

ثانيا : الشعب الأردني جزء من الأمة العربية، والوحدة العربية هي الخيار الوحيد الذي يحقق الأمن الوطني والقومي للشعب العربي في جميع أقطاره ويحمي الاستقرار الاقتصادي والنفسي لامتنا ويضمن لها أسباب البقاء والنهوض والاستمرار .

ثالثا :الإيمان بالله ، واحترام القيم الروحية والتمسك بالمثل العليا والتسليم بحق كل إنسان في الحياة الحرة الكريمة هي منطلقات أساسية في بناء الدولة وتطور المجتمع الأردني نحو الأفضل .

رابعا : الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع فيها .

خامسا : الحضارة العربية الإسلامية المنفتحة على الحضارة الإنسانية هي قوام هوية الشعب الأردني الوطنية والقومية وركيزة من ركائز وحدته واستقلاله وتقدمه في مواجهة الانقسام والتبعية والغزو الثقافي بجميع أشكاله وهي منبع القيم الأصيلة التي يسعى المجتمع الأردني الى ترسيخها بالعلم والمعرفة والتربية السليمة والقدوة الصالحة .

سادسا : اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة وهي لغة القران الكريم الذي حفظ للعروبة جوهرها الأصيل ، مما يقتضي تأكيد سيادتها في المجتمع الأردني على كل المستويات واعتمادها في جميع مراحل التعليم ، والاهتمام بإيجاد حركة ترجمة وتعريب تواكب تقدم العلوم المتسارع مع الحرص على تعلم اللغات الحية الأخرى وتعليمها .

سابعا : احترام العقل والإيمان بالحوار والاعتراف بحق الأخرين في الاختلاف في الرأي واحترام الرأي الآخر ،والتسامح ورفض العنف السياسي والاجتماعي ،هي سمات أساسية للمجتمع الأردني ويبنى على ذلك انه لا أكراه في الدين ولا تعصب ولا طائفية ولا إقليمية .

ثامنا : الأردنيون رجالا ونساء أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين . وهم يمارسون حقوقهم الدستورية ويلتزمون بمصلحة الوطن العليا وأخلاق العمل الوطني ، بما يضمن توجيه طاقات المجتمع الأردني وإطلاق قدراته المادية والروحية لتحقيق أهدافه في الوحدة والتقدم وبناء المستقبل .

تاسعا : ترسيخ دعائم دولة القانون وسيادته وتعميق النهج الديموقراطي القائم على التعددية السياسية من واجبات مؤسسات الدولة وأفراد المجتمع الأردني وهيئاته كافة

عاشرا : التعددية السياسية والحزبية والفكرية هي السبيل لتأصيل الديموقراطية وتحقيق مشاركة الشعب الأردني في إدارة شؤون الدولة وهي ضمان للوحدة الوطنية وبناء المجتمع المدني المتوازن .

حادي عشر : الانتماء الوطني التزام بحرية المواطنين جميعا وحماية امن الوطن واستقلاله وتقدمه ، وممارسة فعلية لصون الوحدة الوطنية وتأكيد سيادة الشعب الأردني على ترابه الوطني ، والحفاظ على كرامة أبنائه بعيدا عن كل أنواع التمييز والتعصب والانغلاق .

ثاني عشر : الاستقلال الوطني يقتضي تحرير الإرادة الوطنية من الهيمنة والضغوط الخارجية المختلفة وهو يتحقق ويصان بالحضور الدائم للإرادة السياسية الوطنية وفاعليتها على جميع المستويات مما يستوجب تطوير المؤسسات والنظم وامتلاك أساليب التحديث ومناهج التقدم الملائمة لمواجهة تحديات المستقبل ، مع الحفاظ على تقاليد المجتمع العربي الأردني الخيرة والاعتزاز بتراثه الأصيل .

ثالث عشر : القوات المسلحة الأردنية سياج الوطن ودرعه وضمان امنه واستقلاله والجيش العربي طليعة من طلائع التحرير والدفاع عن الكرامة العربية ، وان قوة الجيش وقدرته يستوجبان ان يكون المواطنون والجيش الشعبي ظهيرا فعالا لتعزيز الأمن الوطني والقومي . ويقع على عاتق الدولة والمجتمع دعم قدرات الجيش واستعداده وتوفير أفضل الظروف لتطويره .

رابع عشر : الاقتصاد الوطني المتحرر من التبعية دعامة حقيقية من دعائم استقلال الوطن وامنه وتقدمه ، وهو يتحقق بالاعتماد على الذات وتطوير القدرات الوطنية الكامنة وترشيد استثمار ثروات الوطن وموارده وتقوية قاعدة الإنتاج بجميع عناصرها وتوفير الإدارة المقتدرة والعمل على استقرار التشريعات الاقتصادية الأساسية وتكاملها ، ضمن إطار العدالة الاجتماعية .

خامس عشر : تحقيق متطلبات العدالة الاجتماعية للأردنيين كافة بتوسيع مظلة التأمينات الاجتماعية المختلفة ، وتطوير تشريعات العمل وتقليص الفجوة بين الدخول بما يحقق التوازن والسلام الاجتماعي ويوفر الأمن والاستقرار في المجتمع .

سادس عشر : احترام حقوق الإنسان وتعميق النهج الديموقراطي وضمان التنمية واستمرار توازنها وتحقيق الكفاية الإدارية في المملكة أهداف وطنية أساسية تقتضي العمل على وحدة النظام الإداري للدولة الأردنية وربط الهيئات المحلية بالسلطات المركزية لأغراض التوجيه والرقابة ، وتقوية البناء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للدولة بتعزيز مفهوم الإدارة المحلية في الأقاليم والمحافظات ، بما يوفر الفرص العملية لممارسة الشعب حقه في إدارة شؤونه بنفسه ، ويضمن استمرار التعاون بين الجهود الحكومية والأهلية وتوثيقها ، ويؤدي الى ترسيخ العمل الديموقراطي وتمكين المواطنين من المشاركة وتحمل المسؤولية في اطار من التوازن بين الحقوق والواجبات .

سابع عشر : الجامعات الأردنية جزء هام من مؤسسات الوطن وينبغي ان تكون منارات للإشعاع الفكري والتقدم العلمي مما يقتضي توفير الحرية الأكاديمية لها وضمان ممارسة هذه الحرية ، وتطوير مناهجها وانفتاحها المستمر على أفاق المعرفة والبحث العلمي ووسائله ، وربط دورها بتطور المجتمع الأردني وحاجاته وتهيئتها للإسهام في بناء مؤسسات الوطن وتعليم أبنائه وتأهيلهم لمواجهة مشكلات العصر وتحديات المستقبل .

ثامن عشر : عقد التسعينات عقد حاسم للأردن وللوطن العربي ولا بد من تمكين امتنا من مواصلة صحوتها واستكمال عناصر قوتها وتضامنها لمواجهة متطلبات المرحلة وتحديات القرن الحادي والعشرين المتمثلة في ثورة الديموقراطية وحقوق الإنسان ، وقيام التكتلات الاقتصادية الكبيرة ، وثورة التقنية المتقدمة والمعلوماتية .

الفصل الثاني : دولة القانون والتعددية السياسية

أولا : دولة القانون :

1- دولة القانون هي الدولة الديموقراطية التي تلتزم بمبدأ سيادة القانون وتستمد شرعيتها وسلطاتها وفاعليتها من إرادة الشعب الحرة كما تلتزم كل السلطات فيها بتوفير الضمانات القانونية والقضائية والإدارية لحماية حقوق الإنسان وكرامته وحرياته الأساسية التي ارسى الإسلام قواعدها وأكدها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع المواثيق الدولية والاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة بهذا الخصوص .

2- ان الدولة الأردنية هي دولة القانون بالمفهوم العصري الحديث للدولة الديموقراطية ، وهى دولة المواطنين جميعا مهما اختلفت آراؤهم أو تعددت اجتهاداتهم ، وهى تستمد قوتها من التطبيق الفعلي المعلن لمبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص ، وإتاحة المجال العملي للشعب الأردني ، للمشاركة في صنع القرارات المتعلقة بحياته وشؤونه ، بما يحقق للمواطنين الاستقرار النفسي والاطمئنان والثقة بالمستقبل ، والغيرة على مؤسسات الدولة والاعتزاز بشرف الانتماء الى الوطن .

ثانيا : المرتكزات الأساسية لدولة القانون .

1- الالتزام بأحكام الدستور نصا وروحا في أعمال السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في اطار أولوية الحق .

2- الالتزام بمبدأ سيادة القانون في اطار الرقابة الكاملة للسلطة القضائية المستقلة .

3- الالتزام في ممارسة الديموقراطية بمبادئ العدالة الاجتماعية ومقتضياتها .

4- التأكيد على ان تكون القوانين العامة وقوانين الأحزاب والانتخابات والمطبوعات الخاصة ملتزمة باحترام حقوق المواطن الأساسية وحرياته العامة .

5- اعتماد أسلوب الحوار الديموقراطي في التعبير عن الرأي بعيدا عن كل أساليب الضغط وأشكال الإرهاب الفكري على جميع الأصعدة الرسمية والشعبية .

6- قيام المؤسسات الحكومية جميعا بواجبها في التعامل مع المواطنين والهيئات وتقديم الخدمات لهم ، على أساس من المساواة التامة وعدم استغلال اي جماعة أو حزب أو تنظيم تلك المؤسسات لتحقيق أغراض سياسية أو حزبية سواء أكانت تلك المؤسسات مدنية أو عسكرية دون ان يشكل ذلك انتقاصا من حق المواطنين في التنظيم السياسي واعتبار ذلك كله شرطا أساسيا لنجاح النهج الديموقراطي .

وتعزيزا للمرتكزات المبينة أعلاه ولترسيخ البنيان الديموقراطي للدولة والمجتمع الأردني ينبغي العمل على تحقيق ما يلي :

1- إنشاء هيئة مستقلة باسم ديوان المظالم بموجب قانون خاص ، يتولى التفتيش الإداري ويراقب أداء الإدارة وسلوك أشخاصها ، ويرفع تقاريره الى مجلس الأمة ومجلس الوزراء وفقا لأحكام الدستور والقوانين والأنظمة المرعية ، دون اي مساس باستقلال القضاء واختصاصاته .

2- إنشاء هيئة مستقلة بموجب قانون خاص لتحديث التشريعات وتطويرها استنادا الى الأبحاث والدراسات اللازمة لذلك ، وترفع الهيئة تقاريرها بشان ما تقدم الى مجلس الأمة ومجلس الوزراء .

3- إنشاء محكمة دستورية تتولى الاختصاصات التالية :

  • تفسير أحكام الدستور الأردني في ما يحيله مجلس الوزراء اليها من أمور .
    •الفصل في ما تحيله المحاكم اليها من إشكالات دستورية في قضايا مرفوعة أمام تلك المحاكم .
    •الفصل في المنازعات والطعون المتعلقة بدستورية القوانين والأنظمة الخاصة بالدعاوى التي يقيمها أصحاب المصلحة لديها .
    •وفي جميع الأحوال المنصوص عليها في الفقرات السابقة يقتصر اختصاص المحكمة الدستورية على بيان الحكم الدستوري ويكون حكمها نهائيا وملزما لجميع سلطات الدولة وللكافة .
    •توحيد التشريعات المتعلقة بحالتي الطوارئ ،والطوارئ الخطيرة ،المنصوص عليهما في الدستور ومعالجتهما بقانون واحد يخضع فيه قرار مجلس الوزراء بقيام اي من الحالتين السابقتين ومدة سريان كل منهما ، لموافقة مجلس الأمة . وفي جميع الحالات تخضع القرارات الإدارية التي تصدر بموجب تلك التشريعات لرقابة محكمة العدل العليا .
    •رد صلاحيات مجلس الوزراء التشريعية المنصوص عليها في المادتين (114،120) من الدستور والمتعلقة بأنظمة الأشغال الحكومية واللوازم والخدمة المدنية الى مجلس الأمة .
    •إخضاع موازنات المؤسسات العامة لموافقة مجلس الأمة وإخضاع موازنات الشركات المختلطة الى الرقابة اللاحقة لمجلس الأمة في الحالات التي تبلغ مساهمة المال العام خمسين بالمائة فما فوق .
    •العمل على إجراء التعديلات الدستورية اللازمة بما يلبي متطلبات التطور ، وإلغاء الأحكام الدستورية التي فقدت مسوغات وجودها .
    ثالثا :- ضمانات النهج الديموقراطي :

ان من اهم ضمانات النهج الديموقراطي وتحقيق التعددية السياسية الالتزام بالمبادئ

التالية :

1- احترام قواعد العمل الديموقراطي في السلوك العام للتنظيمات والأحزاب السياسية الأردنية باعتبار ذلك ضمانا للعدل والاستقرار .

2- ترسيخ قيم التسامح والموضوعية ،واحترام معتقدات الغير، والنأي بالممارسات السياسية والحزبية عن الصراعات الشخصية الضيقة وعن تجريح الأشخاص والهيئات .

3- ضمان الحريات الأساسية لجميع المواطنين بما يحمي مرتكزات المجتمع الديموقراطي وحقوق الفرد ، ويكفل التعبير عن الراي وإعلانه بحرية كاملة ، في اطار الدستور .

4- تحقيق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين رجالا ونساء دون تمييز .

5- الحفاظ على الصفة المدنية والديموقراطية للدولة . واعتبار اي محاولة لإلغاء هذه الصفة أو تعطيلها باطلة من أساسها ، لأنها تشكل تعديا على الدستور وانتهاكا لمبدأ التعددية ومفهومها .

رابعا: قواعد تنظيم الأحزاب وضوابطها :

1- للأردنيين الحق في تأليف الأحزاب والتنظيمات السياسية والانضمام اليها ، على ان تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية ونظمها لا تخالف أحكام الدستور . على انه لا يجوز ان تنطوي القوانين الناظمة لعمل الأحزاب على أحكام تؤدي صراحة أو ضمنا الى تعطيل الحق الدستوري في تأسيس الأحزاب السياسية .

2- يقوم العمل السياسي والحزبي في الأردن على مبدا التعددية في الفكر والراي والتنظيم ، وعلى توفير متطلبات التنافس الديموقراطي ووسائله المشروعة .

3- يجب على الحزب الإعلان والإشهار لنظاميه الأساسي والداخلي اللذين يحددان أهداف الحزب وموارده المالية ، وبرامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

4- يعود للقضاء وحده الحق في البت في اي مخالفة لها علاقة بتطبيق قانون الأحزاب .

5- تلتزم الأحزاب السياسية الأردنية في تنظيماتها الداخلية وفي برامجها وتوجيهاتها وممارساتها ونشاطاتها العامة والحزبية بالمبادئ التالية :

أ‌- اعتماد الأساليب الديموقراطية في التنظيم الداخلي للحزب ، وفي اختيار قياداته ، وممارسة نشاطاته ، في إطار الحوار الديموقراطي ، والتنافس الحر بين الأحزاب السياسية . ويطبق ذلك على علاقات الحزب وتعامله مع الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى ، ومع المؤسسات الشعبية والدستورية في إطار احترام الرأي والرأي الآخر .

ب‌- عدم ارتباط قيادة الحزب وأعضائه تنظيميا أو ماليا باي جهة غير أردنية ، وعدم جواز توجيه النشاط الحزبي أو التنظيمي بناء على أوامر أو توجيهات من اي دولة أو جهة خارجية .

ومع الالتزام بما ورد في هذه الفقرة وبجميع قواعد تنظيم الأحزاب وضوابطها ، يعتبر ما يرد في النظامين الأساسي والداخلي لاي حزب أردني مرخص وفي برامجه من اجل فلسطين والوحدة العربية والتضامن الإسلامي عملا وطنيا أردنيا.

ج- التزام اي حزب يتولى المسؤولية الوزارية أو يشارك فيها بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين ، واعتماد الكفاية والأهلية معيارا أساسيا لتقلد الوظائف العامة .

د- اعتماد الأحزاب في مواردها المالية على مصادر أردنية محلية معروفة معلنة محددة ، تخضع للتدقيق المحاسبي والرقابة القانونية بالطريقة التي حددها القانون.

هـ- التزام الأحزاب في تشكيلاتها ونشاطاتها وتوجيهاتها بالامتناع عن التنظيم والاستقطاب الحزبي في صفوف القوات الأردنية المسلحة وأجهزة الأمن أو إقامة تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية “مليشيات ” باي صورة من الصور .

و- التزام الأحزاب بتشكيلاتها المختلفة بان تكون لها مقار ، وان تكون هذه المقار معلنة معروفة ، وعدم استخدام مؤسسات الدولة ودوائرها وأجهزتها وغيرها من المؤسسات العامة والخيرية والدينية ، أو استغلالها لمصلحة اي حزب أو تنظيم وعدم زج هذه المؤسسات في اي صراع سياسي أو حزبي .

الفصل الثالث : الأمن الوطني الأردني

يعتمد الأمن الوطني الأردني اعتمادا كبيرا على منعة المجتمع الأردني ، وعلى تعزيز عوامل قوته الذاتية ، لحماية ارض الوطن واستقلال إراداته ، وضمان امن الشعب الأردني وحريته ، وتوفير مقومات الحياة الكريمة للمواطن بما يحقق امنه المادي والشخصي ، واستقراره النفسي والاجتماعي حيثما كانت أقامته . وان موقع الأردن الجغرافي والسياسي في مواجهة الخطر الصهيوني يفرض عليه شد جميع الطاقات والإمكانات والجهود للتصدي لذلك الخطر ، والدفاع عن وجوده وحماية امنه الوطني والقومي بمختلف السبل والوسائل .

وعلى هذا الأساس، فان الأمن الوطني الأردني يقوم على المرتكزات والأركان التالية :

1- الأمن الوطني الأردني جزء من الأمن القومي العربي يؤثر فيه ويتأثر به سلبا وإيجابا مما يجعل صمود الأردن وبناء منعته صمودا للامة العربية ، ويؤكد أهمية البعد القومي لقوة الأردن وحماية امنه واستقراره .

2- تنطلق السياسة الأردنية في مفهومها للأمن الوطني من إدراكها لمخاطر التجزئة والتبعية وما تؤدي اليه من تهديد للأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأردني والعربي ، مما يتطلب سياسة وطنية تهدف الى تأكيد الاستقلال في جميع المجالات وتحصين المجتمع الأردني وتعميق الانتماء الى الوطن ، وتربية أجياله على التضحية والإيمان بعدالة قضايا الأمة المصيرية ، وتبصيرهم بطبيعة العدو وأهدافه ومراكز تحالفاته ، وخطره الحقيقي الذي يهدد مستقبل الأمة العربية ومقدساتها ، وتأكيد مسؤولية العرب والمسلمين في دعم الأردن للحفاظ على امنه ، وحماية المقدسات العربية والإسلامية .

3- يتطلب تحقيق الأمن الوطني الأردني تعميق مفهوم الاحتراف لدى قواتنا المسلحة ، والعمل على توسيع قاعدتها ، وتعزيز قدراتها وتطويرها ، وتعبئة طاقات الوطن والشعب دعما لها ، بما يمكنها من القيام بواجباتها ، لحماية الوطن ، والإسهام في أعماره وتنميته ، وبما يحقق اعلى درجات الالتحام بين قطاعات الشعب كله ، والالتزام بالحفاظ على امن الوطن وحماية إنجازاته .

4- العناية بتطوير أجهزة الأمن الوطني وتأهيلها للقيام بواجباتها على اكمل وجه ، وفقا لمقتضيات مسؤولياتها عن حماية امن الدولة الخارجي ، وتوجيهها للقيام بواجباتها الخاصة بحماية الأمن الداخلي ، في اطار احترام المواطن والمحافظة على كرامته وصون حريته ، والالتزام بحقوقه الدستورية ، وتأكيد مسؤوليتها الخلقية عن إشاعة الطمأنينة والثقة المتبادلة بينها وبين الشعب بجميع فئاته .

5- الأمن الاقتصادي والاجتماعي للشعب الأردني بفئاته المختلفة ركن أساسي من أركان امنه الوطني يستلزم زيادة قدرة الوطن في الاعتماد على موارده الذاتية ، وتمكينه من تلبية الحاجات الأساسية للشعب ، بما يحفظ كرامة المواطن ، ويسهم في توفير امنه المادي والمعيشي والنفسي .

6- ترسيخ النهج الديموقراطي عنصر أساسي لتعميق روح الانتماء للوطن وتعزيز الثقة بمؤسساته ، والإسهام في تمتين وحدة الشعب الأردني وحماية امنه الوطني ، ويتأتى ذلك بإتاحة أسباب المشاركة الحقيقية للمواطنين كافة في اطار من العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والتوازن بين الحقوق والواجبات.

الفصل الرابع : المجال الاقتصادي

يعمل الاقتصاد الأردني ضمن محددات تجعل من مهمة تنميته وتطويره تحديا كبيرا ، وتتمثل تلك المحددات في عدد من الأمور من أهمها قلة الثروات المعدنية ومصادر الطاقة ، وندرة المياه ، ومحدودية رقعة الأرض الصالحة للزراعة ، وتزايد عدد السكان بنسبة عالية وضيق السوق المحلي ، في غياب التطبيق العملي لمفهوم التكامل الاقتصادي العربي – وعدم توافر الاستقرار السياسي في المنطقة ، والتنامي المطرد في أعباء الدفاع الوطني .

وقد أدت محصلة هذه العوائق الى اعتماد الاقتصاد الأردني اعتمادا كبيرا على المساعدات والقروض الخارجية . ومع ذلك حقق الاقتصاد الوطني معدلات نمو ملحوظة ، انعكست أثارها في كثير من المجالات بصور مختلفة .

وكان من الطبيعي ان تتحمل الدولة عبء توفير البنية الأساسية في جميع مناطق المملكة، حين اتسع دور الدولة وازداد دخلها في النشاطات الاقتصادية . ونظرا لغياب سياسة اقتصادية شاملة والافتقار الى الإدارة الرشيدة ، وقصور مراقبة الأداء العام مراقبة فعلية ، فقد نمت القطاعات الاقتصادية المختلفة بصورة غير متوازنة ، وتفاوتت الدخول بشكل واضح ، مما أدى الى تقلص الطبقة الوسطى وأضعاف دورها الأساسي في بناء الاقتصاد الأردني وتطويره ، كما ساد نمط الاستثمار التفاخرين والاستهلاك الترقي في القطاعين العام والخاص ، وتفاقم الهدر في موارد الدولة ، وازداد حجم المديونية العامة زيادة كبيرة ، وانخفضت معدلات نمو الاقتصاد الوطني .

وعلى هذا الأساس ، فان التصور المستقبلي لاقتصاد البلاد وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية لابد ان يرتكز على ما يلي :

1- قيام النظام الاقتصادي للدولة الأردنية على أساس احترام الملكية الخاصة وتشجيع المبادرة الفردية ، وتأكيد ملكية الدولة للموارد والثروات الطبيعية والمشاريع الاستراتيجية ، وحقها في إدارة تلك الموارد والثروات والمشاريع أو الأشراف عليها حسبما تقتضيه المصلحة العامة ، وتنظيم الاقتصاد وتخصيص الموارد وفقا للأولويات الوطنية .

2- توفر رؤية استراتيجية محددة واضحة المعالم ، تعتمد التنمية المبنية على منهج الاعتماد على الذات ، واطلاق طاقات الإبداع من المجتمع ، ووضع العمل والإنتاج في مرتبة عالية من نظام القيم الاجتماعية ، وإعادة بناء اقتصاد الريف الأردني وتنميته ، وتعبئة الموارد والثروات والقدرات الذاتية وترشيد استغلالها ، والتركيز على تطوير القاعدة الإنتاجية الوطنية ، وتحسين مستوى الخدمات ورفع كفاية الإدارة العامة ، وتنشيط الرقابة المالية والنوعية .

3- الاستغلال الأمثل لجميع الموارد المتاحة ، واستخدام الوسائل العلمية والتكنولوجية الملائمة لزيادة الإنتاجية ، بما يلبي حاجات المواطنين ويوفر فرص العمل لهم ويسهم في زيادة دخولهم وتنويع مصادرها ، ويرفع من مستوى معيشتهم .

4- الالتزام بمؤسسية القرار الاقتصادي وعانيته وملاءمته من النواحي القانونية والموضوعية ، والنأي به عن اي تأثيرات مصلحية خاصة أو اعتبارات فردية .

5- اعتماد المعلومات الدقيقة الحديثة ، لأنها تشكل قاعدة أساسية في التخطيط الاقتصادي والاجتماعي ، وعنصرا هاما في عملية اتخاذ القرار ، والعمل على تجميعها وتوثيقها ونشرها دون أرجاء .

6- تأكيد حق التنظيم النقابي في شتى القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاع الزراعي ، والتحديث المستمر لتشريعات العمل والنقابات ، بما يضمن حدا ادنى للأجور ، ويوفر التدريب والتأهيل المستمر للقوى العاملة ، وتنظيم العلاقة بين أرباب العمل والعمال والحكومة ، بما يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات والأدوار .

7- العمل على توفير فرص العمل لجميع المواطنين ، ووضع السياسات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين هذا الحق ، من خلال خطط وطنية تعتمد تنمية النشاطات الاقتصادية التي تحقق استيعاب المزيد من الأيدي العاملة وتحسين فرص العمل وظروفه وتطوير نظام التعليم باستمرار وربطه بحاجات المجتمع ، وإعطاء العمل قيمة اجتماعية متقدمة .

8- محاربة الفقر ومعالجة آثاره هدف استراتيجي للدولة الأردنية ، ومسؤولية وطنية تستلزم إتاحة فرص العمل للقادرين عليه والباحثين عنه ، وإعطاء الأولوية فيه للأردنيين ، وتوخي العدالة في توزيع الخدمات ومشاريع التنمية من الناحية الجغرافية والاجتماعية ، بما يلبي الحاجات الأساسية للمواطن ، ويجعل الفقر حالة استثنائية ، ويحد من تفاقم آثاره السلبية التي قد تصيب الفرد والمجتمع .

9- الأردنيون في بلدان الاغتراب جزء من البنيان الاجتماعي والاقتصادي للدولة ، مما يتطلب توثيق المعلومات الكاملة عن أوضاعهم ، وتعزيز وسائل الاتصال بهم ، وتقوية عرى ارتباطهم بالوطن ، برعاية مصالحهم في أماكن العمل ،وضمان ممارستهم لحقوق المواطنة وتسهيل السبل التي تتيح لهم الوفاء بالتزاماتهم وواجباتهم نحو الوطن .

10- المياه عنصر استراتيجي يعتمد عليه مستقبل التنمية في الأردن اعتمادا شديدا ، مما يستوجب تأكيد ملكية الدولة للمياه وسيادتها عليها ، والمحافظة على مصادرها وتنميتها وضمان حسن إدارتها ورفع كفاية خزنها ونقلها وترشيد استعمالاتها ، ضمن سياسات وأولويات وطنية واضحة .

11- العمل على تكامل أدوار القطاعات الاقتصادية من خاص وعام ومختلط وتعاوني ، وتهيئة الظروف الموضوعية لتنمية تلك القطاعات ، والاعتراف بدور كل منها وتقييم أدائه ، وفق أسس اقتصادية واعتبارات اجتماعية ، والعمل على الغاء الإعفاءات المالية الممنوحة للشركات، والمؤسسات العامة التي تعمل على أسس تجاريه بما لا يتعارض مع أحكام القانون تشجيع الاستثمار وأهدافه .

12- تحتل الزراعة في الأردن موقعا أساسيا في الاقتصاد الوطني ، مما يفرض على المجتمع الأردني إعطاءها ما تستحقه من أولوية واهتمام ، كما يتطلب تنشيط أدوار المؤسسات الزراعية والعمل على تكامل أدوارها ، ووقف التصحر والزحف العمراني على الرقعة الزراعية ، وتطوير نوعية البحث والإرشاد الزراعي وتعميمه ، واعتبار التصنيع الزراعي وتنمية الثروة الحيوانية ، وتوفير مستلزمات الإنتاج ، وتطوير وسائل تسويق المنتجات الزراعية ، جزءا رئيسيا من السياسات الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي .

13- التركيز على الصناعات الوطنية ذات القيمة المضافة العالية المعتمدة على عناصر الإنتاج المحلي ، وتوفير الظروف المناسبة لأنشائها والحوافز الضرورية لنموها ، واعتماد مبدا المنافسة بين الصناعات الوطنية المختلفة .

14- تطوير الخدمات التي تعتمد على الإمكانات والخبرات الوطنية وتسويقها باعتبار ان قطاع الخدمات احد الروافد الأساسية للاقتصاد الوطني .

ولما كانت السياحة مصدرا هاما من مصادر الثروة الوطنية ، فان ذلك يتطلب استغلال إمكاناتها وضمان تسويقها بتطوير المواقع السياحية والأثرية ، وتشجيع السياحة الداخلية والنشاطات الثقافية ، والفنون الشعبية الأردنية ، ودعم الصناعات والحرف التراثية في جميع مناطق المملكة .

15- ان نمو الاقتصاد الوطني يتطلب وضوح التشريعات الاقتصادية والمالية وتكاملها ، وتطويرها بما يتناسب والمتغيرات الداخلية والخارجية ، كما يتطلب تشجيع الادخار وتوفير المناخ الملائم للاستثمار وتحفيزه ، وتبسيط الإجراءات .

16- التشريعات المالية والنظام الضريبي في الدولة وسائل هامة لتطوير الاقتصاد الوطني وتوجيه نشاطاته ، وركن أساسي في التنمية الوطنية المتوازنة ، التي تؤدي الى تضييق الفجوة بين الدخول ، وتسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية ، مما يتطلب استمرار تحديث تلك التشريعات وتوافر المرونة فيها ، لتواكب التطور الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع الأردني .

17- ضبط الاقتراض العام للدولة ومؤسساتها المختلفة وفق أولويات المملكة وحاجاتها الأساسية ، وإخضاع القروض الداخلية والخارجية واي قروض أخرى تكلفها الخزينة لموافقة مجلس الأمة .

18- البيئة المتوازنة النظيفة حق من حقوق الإنسان ، والحفاظ على البيئة الأردنية وحمايتها من التلوث من اجل أجيال الحاضر والمستقبل مسؤولية وطنية ، تستلزم التعاون الوثيق والتنسيق بين المؤسسات الرسمية والهيئات الاجتماعية المتخصصة ، وتوعية المواطنين لتكوين راي عام بيئي متطور ، وتحقيق درجة عالية من المشاركة والاهتمام العام بقضايا البيئة ومخاطر التلوث بأنواعه ، واعتماد السياسات التي تحقق التوازن بين الحفاظ على البيئة والتنمية المستديمة ، ووضع التشريعات والمعايير التي تتسع لمعالجة ما تخلفه بعض مشاريع التنمية من اثأر سلبية تفسد البيئة الطبيعية .

الفصل الخامس : المجال الاجتماعي

1- يستمد المجتمع الأردني قيمه ومثله من منظومة القيم العربية الإسلامية والإنسانية ، وتقوم الصلة بين أبنائه على أساس رابطة المواطنة ، كما يقوم تطوره على مشاركة جميع فئات الشعب ، ومؤسساته في البناء والإنتاج ، بغية تحقيق النماء الاجتماعي المتكامل في اطار من الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية .

2- احترام آدمية الإنسان عملا بقوله تعالى ” ولقد كرمنا بني ادم ” مما يتطلب قيام مؤسسات الدولة بالحفاظ على كرامة المواطن ، وصون حقوقه التي كفلها الدستور وأكدتها المواثيق الدولية ، مثلما يتطلب قيام الأفراد والجماعات بواجباتهم لصون تلك الحقوق وحمايتها ، والالتزام بمبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين في المجتمع الأردني .

3- الأسرة هي اللبنة الأساسية في بنية المجتمع الأردني ، وهى البيئة الطبيعية لتنشئة الفرد وتربيته وتثقيفه وبناء شخصيته ، وعلى الدولة بمؤسساتها الرسمية والشعبية ان توفر للأسرة أسباب تكوينها وتماسكها وعيشها الكريم ، وان تساعدها على القيام بمسؤولياتها في تربية الأجيال وتنشئتهم تنشئة صالحة .

4- الأمومة الصالحة أساس الطفولة السوية وحق طبيعي من حقوق الطفل ، وعلى الدولة الأردنية والمجتمع ، توفير الرعاية الخاصة للطفل وألام ، وتأكيد حق الام العاملة في إجازة الأمومة ورعاية الأطفال بما في ذلك الضمانات الصحية والاجتماعية ، وتوفير ظروف العمل المناسبة والخدمات المساندة الأخرى لها .

5- للأطفال الحق في الحصول على افضل مستوى ممكن من الرعاية والحماية من الوالدين ومن الدولة ، من اجل بناء الشخصية المستقلة المتعاونة للطفل الأردني ، دون تمييز بين الذكور والإناث .

6- المرأة شريكة للرجل وصنوه في تنمية المجتمع الأردني وتطويره ، مما يقتضي تأكيد حقها الدستوري والقانوني في المساواة والتعليم والتثقيف والتوجيه والتدريب والعمل ، وتمكينها من اخذ دورها الصحيح في بناء المجتمع وتقدمه .

7- الشباب مستقبل الوطن وثروته البشرية المتجددة ، وعلى الدولة ان تضع السياسات والبرامج الوطنية لحشد طاقاتهم وتأهيلهم لتحمل المسؤولية والانخراط في العمل المنتج المعبر عن إمكاناتهم في التجديد والابتكار ، والسعي لحمايتهم من الانحراف ومعالجة أسبابه ، وتوجيه قدراتهم الخلاقة نحو البناء والتنمية .

8- للمعوقين من أفراد المجتمع الأردني الحق في الرعاية الخاصة والتعليم والتدريب والتأهيل والعمل ، بما يضمن لهم التغلب على مصاعبهم ، ويمكنهم من ممارسة حياتهم على انهم جزء مشارك منتج في المجتمع .

9- العمل على تعميق مفهوم التكافل الاجتماعي في المجتمع الأردني ، بتوسيع مظلة الضمانات الاجتماعية ، وتطوير قانون الزكاة بما يحقق تنظيمها وتطوير أساليب جبايتها وتوحيدها ، ويضمن تحقيق أهدافها الأساسية في المجتمع .

10-قيام العمل الشعبي التوعي على مفهوم الانتماء الوطني وتكافل الاجتماعي مما يتطلب إنشاء الجمعيات التطوعية والأندية ، وتوفير الحوافز لها لتعميق قاعدة المشاركة الفعالة ، وتأكيد قيم المجتمع الأردني الخيرة وأحياء تقاليده العربية وقيمه الإسلامية في التكافل والتواصل والعون .

الفصل السادس : الثقافة والتربية والعلوم والإعلام

أولا : الثقافة

الثقافة العربية الإسلامية هي الأساس الذي تنتسب اليه ثقافتنا الوطنية ، فكرا وفنا وإبداعا في سعيها لتحقيق نهوض المجتمع الأردني وتقدمه ، وهي رمز لمنعة الأمة العربية ، ومصدر لقوتها المادية والمعنوية ، وعنوان لوحدتها وصمودها في وجه الغزو الثقافي الأجنبي ، والثقافة الأردنية جزء من ثقافتنا العربية المعاصرة بقضاياها وتحدياتها وتطلعاتها الى المستقبل .

ويبنى على ذلك ما يلي :

1- اللغة العربية هي لسان الأمة ووسيلة التعبير عن هويتها الحضارية ، وهى وعاء الفكر والعلم والقيم وأداة نقل المعرفة ، مما يتطلب الحفاظ عليها والعمل على تطويرها وتنشيط حركة الترجمة منها واليها ، وحث المؤسسات العلمية والأكاديمية الأردنية للإسهام في جهود التعريب ، وتشجيع عملية النشر بها في مختلف الحقول العلمية والأدبية والفنية .

2- العناية بتراث الأمة الثقافي والتعريف به وتحقيقه بمنهجية علمية ، والعمل على نشره وتعميمه ضمن الإمكانات المتاحة ، بالتعاون مع المؤسسات الثقافية العربية والإسلامية والدولية المعنية بتراث الأمة وحاضرها الثقافي .

3- الاعتزاز بالتاريخ العربي الإسلامي ، واستلهام الدور الإيجابي للامة العربية على الساحة الإنسانية ، والاهتمام بالتاريخ الوطني الأردني وتوثيقه وصيانة إثاره والتعريف بحقائقه ودراستها وتدريسها ، بما يؤكد دور الإرادة الوطنية للشعب العربي الأردني في صنع حاضره ومستقبله .

4- الاهتمام برفع المستوى الثقافي للمواطنين الأردنيين في جميع مناطق المملكة والعمل على تنمية ثقافتهم الوطنية وتطويرها بمختلف الوسائل الممكنة بما يحقق مشاركتهم في التنمية الثقافية الشاملة .

5- الاهتمام بوسائل نشر الثقافة الوطنية والقومية وتعميمها من مكتبات ومراكز معلومات ومسارح ومعارض ومتاحف ، وإبراز منجزات الإنسان العربي الأردني ثقافيا وحضاريا .

6- العناية بمختلف أنماط التراث الشعبي الأردني ، باعتبارها روافد إبداعية تغني الثقافة الوطنية ، والعمل على تطويرها بما يلائم روح العصر ، ويعزز وحدة النسيج الثقافي للامة .

7- تأكيد حق المثقفين والمفكرين والأدباء والفنانين والشعراء الأردنيين في الانفتاح على الثقافات المختلفة ، إغناء لثقافتنا الوطنية وحفاظا على حيويتها ، بما ينسجم مع قيمنا العربية الإسلامية .

8- احترام حق التأليف وتحديث التشريعات التي تضمن حقوق المؤلفين والمبدعين المختلفة .

ثانيا : التربية والتعليم :

نظام التربية والتعليم الأردني نظام متكامل متطور ، تعبر فلسفته عن فكر الأمة وقيمها ، وتقوم على ثوابت العقيدة الإسلامية والمثل العليا للامة العربية ، والتجربة الوطنية الأردنية .

وهذا يتطلب ما يلي :

1- ان تحرص سياسة التربية والتعليم في الأردن على تنشئة الفرد المتكامل روحيا وجسميا ونفسيا وعقليا واجتماعيا ، الواعي لحقوقه الملتزم بواجباته القوي الانتماء لوطنه المعتز بأمته ، المتمتع بالروح العلمية والديموقراطية المؤمن بحقوق الإنسان ومبادئ العدل والخير والمساواة القادر على الإنتاج المفيد ، والمبادرة المبدعة .

2- ان تقوم تربية النشء على الإيمان بالله وبأصالة الأمة العربية وبقدراتها على التجديد والإبداع في مختلف ميادين الحياة .

3- ان يعنى نظام التعليم بتنمية التفكير المستقل المبدع وذلك بتحريك دوافع العمل والجدية والإتقان والتميز ، وتوجيه التعليم نحو إعداد الإنسان الأردني للمستقبل ، بتنمية معرفته وتطوير قدراته العقلية والنفسية ، لمواجهة تحديات المستقبل وأخطاره ، وبناء منهجية التفكير العلمي والنقدي ، بتوجيه التعليم نحو مهارات استخراج المعرفة واستيعابها ومحاكمتها محاكمة عقلانية .

4- ان يتم الربط بين نظام التعليم والإنتاج وان تلبي عملية التربية والتعليم حاجات الأردن من القوى البشرية المؤهلة في الحاضر والمستقبل .

5- ان يتصف نظام التربية والتعليم بالشمول والمرونة بحيث يتم من خلاله الاهتمام بالنابهين والموهوبين وتوفير الفرص التي تتلاءم مع قدراتهم وقابليتهم ، وتضمن استفادة المجتمع الأردني من عطائهم المتميز ، والاهتمام بتعليم المعوقين ودمجهم المبكر في نظام التربية والتعليم وتأهيلهم ليصبحوا عناصر منتجة في المجتمع .

6- ان تكون اللغة العربية لغة التعليم في جميع مراحله وأنواعه ، مما يتطلب تطوير أساليبها ووسائل تدريسها ، وتعليمها لغير الناطقين بها ، وتأكيد أهمية تعلم اللغات الأجنبية الحية ، لتمكين الأجيال من الاطلاع على العلوم والآداب وشتى أشكال النشاط الإنساني المكتوب بتلك اللغات ، وتحقيق التواصل الحضاري مع الأمم الأخرى .

7- إيلاء مهنة التعليم ، ما تستحقه من عناية وتقدير ، لتحتل مكانتها الاجتماعية اللائقة بين المهن المختلفة ، والاهتمام بتأهيل المعلم الأردني وإشراكه في عملية صنع القرار التربوي ورفع مستواه العلمي والمعرفي والمعيشي .

ثالثا : العلوم والتكنولوجيا

للعلوم والتكنولوجيا دور مركزي في تطوير المجتمع الأردني وتقدمه ، ومعالجة مشكلاته الاجتماعية والاقتصاد وتدعيم امنه الوطني والقومي ، وتمكينه من التعامل مع المتغيرات المختلفة والتصدي لتحديات العصر والإسهام في الحضارة الإنسانية . وهذا يتطلب ما يلي :

1- وجود قرار سياسي واضح وعزم وطني مصمم على امتلاك التكنولوجيا ونقلها وتطويرها وتوظيفها لمصلحة البلاد وتلبية حاجاتها ، باعتماد تخطيط منهجي مدروس ، من خلال مؤسسات وطنية ، وفي ضوء نظام تعليمي متطور .

2- ترسيخ المنهج العلمي في التفكير ، وتوظيفه لمعالجة المشكلات وإيجاد الحلول لها ، وتطوير قدرة المجتمع الأردني ، على تحويل البيانات الأولية الى معارف قابلة للاستخدام في مجالات الحياة المختلفة ، والاهتمام بإنشاء بنوك معلومات وطنية لخدمة هذا الغرض .

3- تأكيد أهمية تعليم الرياضيات والعلوم ، والاهتمام بأبعادها التطبيقية في مختلف مراحل التعليم وأنواعه .

4- الاهتمام بتثقيف المجتمع الأردني علميا وتكنولوجيا ، ليصبح قادرا على التعامل مع التقنية المتطورة تعاملا رشيدا فعالا .

5- إشاعة مناخ الحرية الأكاديمية ، وتوفير الإمكانات الضرورية لتطوير البحث العلمي ، وتوجيه سياساته بما يلبي حاجات الأردن وتقدمه في مختلف الميادين ، والالتزام باستعمال اللغة العربية في عمليات البحث والتطوير والابتكار والنشر .

6- تنمية موارد البلاد الطبيعية ، وصيانتها من التأثيرات السلبية للتكنولوجيا ، والمحافظة على توازن البيئة الأردنية وحماية عناصر الحياة فيها من التلوث .

رابعا :الإعلام والاتصال

التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع ، وما أحدثته ثورة الاتصالات من اثأر في هذا العالم ، جعل للأعلام ووسائل الاتصال الجماهيرية دورا رئيسيا في تكوين المعرفة والقناعات والاتجاهات والمواقف ، كما تؤدي وسائل الاتصال الجماهيرية دورا مهما في ترسيخ النهج الديموقراطي وتعزيزه .

وهذا يتطلب ما يلي :

1- ان تقوم رسالة الإعلام الأردني على مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية ، واحترام الحقيقة ، وقيم الأمة العربية والإسلامية .

2- ان تعتبر حرية الفكر والرأي والتعبير والاطلاع حقا للمواطن كما هي حق للصحافة وغيرها من وسائل الإعلام والاتصال الوطنية ، وهى حرية ضمنها الدستور ولا يجوز الانتقاص منها أو انتهاكها .

3- ان تسهم المؤسسات الأردنية الرسمية والأهلية في تأهيل الأطر القادرة على تأدية رسالة الإعلام بموضوعية وبلا تحيز .

4- ان يكون للمواطن الحق في التماس الحقيقة والمعرفة والمعلومات من خلال مصادر البث والنشر المشروعة في داخل البلاد وخارجها ، ولا يجوز ان تحول الرقابة على المصنفات الإعلامية دون ممارسته لهذا الحق .

5- ان يكون للمواطنين الأردنيين وللتنظيمات السياسية والاجتماعية الحق في استخدام وسائل الإعلام والاتصال الوطنية ، للتعبير عن الرأي والإبداع الثقافي والفكري والفني والعلمي ، وعلى الدولة ان تضع السياسات الملائمة لممارسة هذا الحق .

6-ان تكون وسائل الإعلام والاتصال قنوات لإيصال صورة الوطن وثقافته وحضارته الى العالم ، وأداة لنقل المعرفة الجديدة والتطور العلمي والحضاري الى المواطن ، مما يتطلب تنمية الكفايات الوطنية والاستعانة بالخبرات القادرة على تحقيق هذه الغاية .

7-ان تسهم وسائل الإعلام في تكوين المواطن المنتمي لوطنه وامته ، المعتز بتراثه الأردني العربي والإسلامي ، بما يحقق التكامل بين دور البيت والمدرسة ودور العبادة ، في تطوير وعي المواطن ومعارفه واتجاهاته ، وبما يسهم في الحفاظ على السلام الاجتماعي وصون الوحدة الوطنية ، وتجنب التأثيرات الضارة لنشاط الإعلام المعادي .

8- ان تحرص وسائل الاتصال جميعها على تهيئة المناخ الحر اللازم لنمو المجتمع الأردني ، بالمعرفة المستنيرة والخبر الصادق ، وان تنأى عن المساس بحرية الأشخاص وحياتهم الخاصة .

9- ان تعزز السياسة العامة لوسائل الإعلام الأردني احترام عقل الإنسان وذكائه وحريته وحقه في التعبير ، وتهيئة المناخ الملائم لتشجيع الملكات الخلاقة والطاقات المبدعة .

10- ان تضمن الدولة حق الأفراد والجماعات والمؤسسات الأردنية وحريتهم في امتلاك الصحف وإصدارها وفقا لمبادئ الدستور ، وان تسن التشريعات اللازمة لضبط مصادر تمويل هذه الصحف ، بحيث تضمن حمايتها من اي تأثير خارجي .

11- تعتبر حرية تداول المعلومات والأخبار جزءا لا يتجزأ من حرية الصحافة والإعلام ، وعلى الدولة ان تضمن حرية الوصول الى المعلومات في الحدود التي لا تضر بأمن البلاد ومصالحها العليا ، وان تضع التشريعات اللازمة لحماية الصحفيين والإعلاميين في أدائهم لواجباتهم ، وتوفير الأمن المادي والنفسي لهم .

12- وسائل الاتصال الجماهيرية مؤسسات وطنية ملتزمة ، لا يجوز استخدامها أو استغلالها للترويج لفلسفة حزب أو تنظيم سياسي بعينه ، أو للدعاية لحكومة ما بأشخاصها . وينبغي ان يشارك المواطنون الأردنيون في توجيه سياسة البرامج العامة لهذه المؤسسات ، من خلال مجالس تنشأ لهذا الغرض .

الفصل السابع : العلاقة الأردنية الفلسطينية

ان حقائق العلاقة التاريخية والجغرافية الوثيقة بين الأردن وفلسطين خلال العصور ، وانتماء الأردنيين والفلسطيني القومي وواقعهم الثقافي والحياتي في الحاضر والمستقبل جعلت من هذه العلاقة حالة خاصة متميزة ، تعززها طبيعة الروابط وقوة الوشائج وعمق المصالح المشتركة بينهما ، مما يؤكد ضرورة استمرار هذه العلاقة وتمتينها ، في مواجهة الخطر الصهيوني العنصري الاستعماري ، الذي يهدد وجود امتنا العربية وحضارتها ومقدساتها ، ويستهدف الأردن مثلما استهدف فلسطين .

وفي ضوء هذه الحقائق ينبغي ان تقوم العلاقة الأردنية الفلسطينية على المرتكزات التالية :

أولا : ان الهوية العربية الفلسطينية هوية نضالية سياسية ، وهي ليست في حالة تناقض مع الهوية العربية الأردنية ويجب ان لا تكون ، فالتناقض هو فقط مع المشروع الصهيوني الاستعماري . وكما ان الهوية الوطنية الفلسطينية هي نقيض للمشروع الصهيوني وتكافح من اجل هدمه ، فان الهوية الوطنية الأردنية من هذا المنظور هي أيضا نقيض للمشروع الصهيوني وتحصين للأردن من مخططات الصهيونية ومزاعمها المختلفة . وبهذا المفهوم يصبح الأردن وفلسطين حالة عربية واحدة ، بنضالهما المشترك في التصدي للمخطط الصهيوني التوسعي ورفضهما الحازم لمؤامرة الوطن البديل .

ثانيا : ان انعكاس المتغيرات السياسية على الساحة الدولية والعربية ، وما وقع من تطورات على الساحة الأردنية – الفلسطينية ، تمثلت في قرار فك الارتباط الإداري والقانوني بالضفة الغربية المحتلة ، وموافقة منظمة التحرير الفلسطينية عليه ، وقرار إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، واعتراف الأردن بها ، وما نشأ عن تلك التطورات أو بسببها من واقع جديد ، اكد خصوصية العلاقة الأردنية – الفلسطينية وتميزها ، واصبح أساسا لوضع تلك العلاقة في أطارها الصحيح وإرسائها على أسس ومرتكزات واضحة .

ثالثا : وعلى هذا الأساس ، فانه لا يجوز باي حال من الأحوال ان تفهم العلاقة الأردنية – الفلسطينية أو ان تستغل اي حالة فيها من اي طرف وتحت اي ظرف ، لتصبح مدخلا للانتقاص من حقوق المواطنة وواجباتها ، أو سببا لأضعاف الدولة الأردنية من الداخل ، وخلق الظروف التي تؤدي الى تمرير المشروع الصهيوني لتحويل الأردن الى بديل عن فلسطين . وبهذا المفهوم يصبح الالتزام بأمن الأردن الوطني والقومي مسؤولية تقع على عاتق المواطنين جميعا ، مثلما يؤكد ذلك نضالهم وتضحياتهم الموصولة في سبيل تحرير فلسطين والحفاظ على الأردن وعروبته .

رابعا : لما كانت العلاقة الوحدوية المستقبلية بين دولتي الأردن وفلسطين مسألة حتمية ، فان إقامة تلك العلاقة وأدامتها تقتضي احترام خيارات الأردنيين والفلسطينيين في تحقيق أفضل صيغ الوحدة بينهما بما يجعلها نموذجا للوحدة العربية الشاملة .

وانطلاقا من كل ما سبق ، فان الوحدة الوطنية الأردنية هي القاعدة الصلبة التي تقوم عليها العلاقة الوثيقة بين جميع المواطنين في الدولة الأردنية ، كما ان استحالة الفصل على ارض الواقع بين المواطنين من أبناء الشعب العربي الأردني على اختلاف أصولهم يستلزم حماية هذه الوحدة وترسيخها ، بما يعزز منعة الأردن ، ويحفظ امنه الوطني والقومي ، ويحمي جبهته الداخلية ، ويضمن الفرص المتكافئة لجميع المواطنين دون تمييز ، ويصون مصالحهم المشروعة وحقوقهم التي كفلها الدستور .

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!