نظم المشرع الأردني في قانون أصول المحاكمات المدنية مسألة تعيين القيم، وأعطى للمحكمة الصلاحية في أن تتدخل بإدارة أموال الغير عن طريق شخص أو ممثل يطلق عليه بالقيم، ولكن هذا التدخل وهذه الصلاحية تكون محصورة ومقيدة بأحوال محددة.
ونجد أن المشرع وفي قانون أصول المحاكمات المدنية لم يوضح ماهية دعوى تعيين القيم، مقتصرا بذلك على ذكر عدد من البنود المتعلقة بها تخص الأمور الجائزة للمحكمة القيام بها في حالة تعيين القيم أو الوكيل على المال والمبلغ الواجب دفعه للقيم بدل خدماته ونظم أيضا الضمانات التي تقع على عاتق القيم مسألة إلغاء الحجز على أموال القيم وبيعها.
وفي هذا المقال سوف نتناول ماهية دعوى تعيين القيم، والإجراءات المتبعة في تعيين القيم والتي نص عليها قانون أصول المحاكمات المدنية.
جدول المحتويات:
الإجراءات المتبعة لتعيين القيم
ماهية دعوى تعيين القيم
لم يتناول المشرع الأردني تعريف محدد لدعوى تعيين القيم كما أشرنا سابقا، ولكن يمكن استخلاص تعريفها وبيان ماهيتها وذلك من خلال استقراء النصوص القانونية التي جاءت معالجة لها ومنها المادة 32 من قانون أصول المحاكمات المدنية والمادة 896 من القانون المدني الأردني والمواد من 153-156 من قانون أصول المحاكمات المدنية.
وعليه يمكن تعريف دعوى تعيين القيم بأنها:
إجراء تحفظي مؤقت يتم بناءا على طلب شخص أو أكثر من الأشخاص الذين تنازعوا على مال، يطلب فيه تعيين حارس يقوم باستلام المال المتنازع عليه وإدارته، وأي حق آخر يفوضه إياه القاضي لحفظ مصلحة أطراف النزاع.
ويمكن تعريفه أيضا: إجراء تحفظي مؤقت يأمر به القاضي بناء على طلب صاحب المصلحة بوضع عقار أو منقول أو مجموع من المال يقوم بشأنه نزاع، أو يكون الحق فيه غير ثابت تحت يد أمين يتولى حفظه وإدارته ليرده مع غلته المقبوضة إلى من يثبت له الحق فيه.
شروط دعوى تعيين القيم
يمكن من خلال تعريف دعوى تعيين القيم ،تحديد الشروط الواجب توافرها فيها، حيث يشترط أن يكون هنالك نزاع على مال بين الطرفين المتنازعين وعدم الاتفاق بينهما على وضعه بيد شخص، وأن يكون هنالك خطر على المال وله صفة الاستعجال، فقد أستقر اجتهاد محكمة التمييز الأردنية على أن صفة الاستعجال هي الخطر الحقيقي المحدق الذي يتعلق بالحق لمطلوب حمايته وذلك من أجل عدم زوال الحقيقة والمحافظة عليها.
كما يشترط أن يكون المال موضوع الطلب قابلا لأن يعهد بحراسته إلى القيم.
ومن الجدير بالذكر بأن طلب تعيين القيم لا يشترط فيه أن يقدم فقط لدى محاكم الدرجة الأولى (الصلح/البداية)، حيث يمكن تقديمه والدفع فيه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
هل هنالك اختلاف ما بين دعوى تعيين القيم والحراسة القضائية؟
إن القيم ما هو إلا حارس قضائي تعينه المحكمة المختصة لإدارة مال متنازع عليه لحفظه وإدارته، ووفقا للقانون الأردني فإن لفظ الحارس يطلق على القيم في القانون المدني، ويطلق لفظ القيم عليه في قانون أصول المحاكمات المدنية، وعليه فإنه لا يوجد أي اختلاف فيما بينهما.
الإجراءات المتبعة لتعيين القيم
يتم طلب تعيين القيم من خلال الإجراءات التالية وهي:
طلب مستقل عارض داخل الدعوى:
حيث يتقدم المدعي، وفي حالة لم تتوافر صفة الاستعجال، بطلب تعيين القيم على أموال المدعى عليه في دعوى متعلقة بتنازع على مال للمحكمة التي تنظر موضوع النزاع، فإذا وجدت المحكمة بعد تقديم لائحة الطلب وإبداء الجواب عليها وتقديم بينات كل من المستدعي والمستدعى ضده ووزن البينة، أن الطلب جدي وأن الحالة تستدعي تعيين قيم على المال، تصدر القرار بتعيين القيم على المال موضوع الدعوى، أما إذا وجدت بأن المستدعي غير محق بطلبه وأن الطلب غي جدي، فإنهما تحكم برد الطلب.
طلب مستعجل أصلي:
حيث يقدم المستدعي فيه لقاضي الأمور المستعجلة المختص بطلب مستعجل لتعيين قيم على أموال المستدعى ضده، والدعوى المستعجلة لتعيين القيم تتطلب أن يؤيد المستدعي دعواه بينات تثبت ضرورة هذه الدعوى، ويشترط في ذلك أن يكون هنالك نزاع على مال بين الطرفين المتنازعين وعدم الاتفاق بينهما على وضع هذا المال بيد شخص معين، وأن يكون هنالك خطر على المال وله صفة الاستعجال وأن يكون الخطر حقيقيا متوقعا غير متوهم وأن يكون الخطر عاجلا محدق بالمال والمصالح المتعلقة به، وأن يكون المال قابلا لأن يعهد به إلى قيم.
وفي كلا الإجراءين تأخذ المحكمة بعين الاعتبار كل من قيمة المال المطلوب تعيين القيم عليه ومقدار الدين والنفقات المحتمل إنفاقها بسبب تعيين القيم، ومن ثم تصدر قرارها إما بتعيين القيم أو رفض تعيينه.
مكافئة القيم على خدماته:
عندما تصدر المحكمة قرارها بتعيين القيم، حيث يكون من ذوي الاختصاص والخبرة، فأنها تحدد أيضا المبلغ الواجب دفعه له كمكافئة على خدماته التي يقدمها، وتحدد أيضا كيفية دفعها له، كما تحدد المحكمة الشخص المكلف بدفع هذه المكافئة، وجميع القرارات التي تصدر من المحكمة بهذا الشأن تكون قابلة للاستئناف.
واجبات القيم:
يترتب على القيم وحسب ما نصت عليه المادة 155 من قانون أصول المحاكمات المدنية أن يقدم الكفالة التي تراها المحكمة مناسبة وتكلفه بتقديمها، والغاية من هذه الكفالة هي ضمان قيام هذا القيم بواجباته على أكمل وجه وذلك من حيث تقديم الحساب عن كل ما يقبضه من أموال بحكم من أوكل إليه من أعمال وذلك حسب المواعيد والكيفية التي تقررها المحكمة وتأمره بالقيام فيها، وأن يدفع المبالغ المتحصلة حسبما تأمره المحكمة بذلك، وأن يكون مسؤولا أيضا عن أية خسارة تلحق بالأموال نتيجة تقصيره المتعمد أو إهماله الشديد.
هل يجوز إلقاء الحجز على أموال القيم وبيعها؟
يجوز للمحكمة أن تصدر القرار بإلقاء الحجز على أموال القيم وبيعها، وذلك من أجل أن يسدد من ثمنها ما يثبت استحقاقه عليه وما تتلافى به الخسارة التي سببها وذلك في حالات نصت عليها المادة 156 من قانون أصول المحاكمات المدنية وهي حالة تخلف القيم عن تقديم حساباته في الميعاد والكيفية التي حددتها وأمرت بها المحكمة، أو في حالة تخلف القيم عن دفع المبلغ المستحق عليه كما أمرت به المحكمة، أو في حالة أوقع القيم خسارة بالأموال التي أوكلت إليه الصلاحية برعايتها بسبب تقصيره المتعمد من قبله أو بسبب إهماله الشديد.
الطعن في قرار تعيين القيم
الطعن بقرار تعيين القيم أمام محكمة الاستئناف:
تختص محكمة الاستئناف بالنظر في الطعون المقدمة في الأحكام الصادرة بتعيين القيم سواء أكانت هذه الأحكام صدرت في الطلبات المستعجلة ضمن الدعاوى الأصلية أم الأحكام الصادرة عن قاضي الأمور المستعجلة في الطلبات المستعجلة المستقلة.
وتصدر محكمة الاستئناف قرارها أما بفسخ الحكم أو رد الاستئناف شكلا أو رد الاستئناف موضوعا، لتعود محكمة الدرجة الأولى بنظر دعوى تعيين القيم من جديد بعد ذلك.
الطعن بقرار تعيين القيم أمام محكمة التمييز:
إن قرار محكمة الاستئناف في الطعن المقدم أمامها في قرار المحكمة في الطلب المستعجل لتعيين القيم هو قرار لا يقبل التمييز من حيث الأصل، إلا أنه وفي حالة وجود نقطة قانون أو حالة قانونية تستدعي نظر محكمة التمييز لأمر فإنه يجوز الطعن بحكم محكمة الاستئناف بعد الحصول إذن تمييز من رئيس محكمة التمييز بخصوص الموضوع.
اجتهادات محكمة التمييز الأردنية على تعيين القيم:
قرار محكمة التمييز الأردنية الصادر عن الهيئة العادية رقم 1816/2015 فصل بتاريخ 15/6/2015:
“حيث نجد إن المستفاد من أحكام المادة (153)من قانون أصول المحاكمات المدنية، أن المشرع أجاز تعيين قيم على المال الذي تم إلقاء الحجز الاحتياطي عليه، دون أن يكون هذا المال محل منازعة بين الطرفين، بمعنى أن المشرع أجاز تعيين القيم على المال المحجور عليه، بحيث يتم رفع يد المدين عن المال المحجور عليه، حماية وضمان للدائن للمحافظة على الضمان العام لهم.
أي أن ذلك لا يقتصر على وضع إشارة الحجز على الأموال المحجوزة وإبقائها تحت يد المدين بل اقتضى الأمر وفقا للسياق العام لهذا النص رفع يد المدين على إدارة الأموال المحجوزة من خلال تعيين قيم عليها على ذمة الدعوى الموضوعية وبما أن قرار الحجز التحفظي قد تم على حصة الشريك المستدعى ضده في شركة كنديان للصناعات المتعددة ذات المسؤولية المحدودة فإن حصة الشريك في الشركة هي جزء من أموال الشركة نفسها وبالتالي ليس هنالك ما يمنع من الحجز على حصة الشريك بالشركة موضوع الطلب وتعيين قيم على تلك الحصص المحجوزة مع مراعاة الأوضاع القانونية في ذلك بما يتوافق مع المادة (153/ج)سالفة الإشارة وعليه يكون قرار محكمة الاستئناف مخالف للقانون”.