تُعتبر جريمة الاختلاس من الجرائم المضرة بالمصلحة العامة بالمملكة وذلك نظرا لصفة القائم بفعل الاختلاس والجهة التي يتبعها هذا المختلس، سواء أكان موظف عام بالدولة، أو موظف بالبنوك العامة أو الخاصة أو موظف بمؤسسات الإقراض المتخصصة أو موظف بشركات المساهمة العامة، وذلك لما يترتب على هذا الفعل من زعزعة الثقة في تلك الجهات وموظفيها والتي تمثل الملاذ الأمن والعصب الاقتصادي للمملكة، ولذلك فقد أفرد المشرع لها بمقتضى (المادة 174) من قانون العقوبات عقوبة مختلفة مغلظة عن جرائم الاختلاس الأخرى التي تصدر من الأفراد العاديين وذلك ردعا لهم عن ارتكاب مثل هذا الفعل المؤثم، كما شدد العقوبة بشأن تلك الجرائم حال قيام الموظف باللجوء إلى التزوير أو الاحتيال لإخفاء أثار جريمته، وسوف نتناول في بحثنا هذا التعريف بجريمة الاختلاس، وأركانها والعقوبات المقررة لها، والظروف المشددة لتلك العقوبة، وذلك من خلال النقاط الآتية:
أولا: التعريف بجريمة الاختلاس:
رابعا: بعض اجتهادات محكمة التمييز بشأن جريمة الاختلاس:
أولا: التعريف بجريمة الاختلاس:
تنص المادة (174) من قانون العقوبات الأردني على أن:
1- كل موظف عمومي أدخل في ذمته ما وكل إليه بحكم الوظيفة أو بموجب تكليف من رئيسه أمر إدارته أو جبايته أو حفظه من نقود وأشياء أخرى للدولة أو لأحد الناس عوقب بالإشغال المؤقتة وبغرامة تعادل قيمة ما اختلس.
2- كل من اختلس أموالا تعود لخزائن أو صناديق البنوك أو مؤسسات الإقراض المتخصصة أو الشركات المساهمة العامة وكان من الأشخاص العاملين فيها ( كل منهم في المؤسسة التي يعمل بها ) عوقب بالعقوبة المقررة في الفقرة السابقة.
3- إذا وقع الفعل المبين في الفقرتين السابقتين بتزوير الشيكات أو السندات أو بدس كتابات غير صحيحة في القيود أو الدفاتر أو السجلات أو بتحريف أو حذف أو إتلاف الحسابات أو الأوراق وغيرها من الصكوك وبصورة عامة بأية حيلة ترمي إلى منع اكتشاف الاختلاس عوقب الفاعل بالأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة تعادل قيمة ما اختلس.
4- يعاقب المتدخل والمحرض بعقوبة الفاعل ذاتها ويحكم برد النقود، أو الأشياء، أو بتضمين الفاعل والمتدخل ،أو المحرض قيمتها وما أصابها من ضرر.
ونص المادة السابقة يتعلق باختلاس الموظف العام لدى الدولة أو الموظف لدى البنوك أو مؤسسات الإقراض أو شركات المساهمة لما يحوزه بسبب وظيفته، ولا يشترط لوقوع الجريمة أن يكون محلها مالا مملوكا للجهة التي يعمل بها الموظف، فبالنسبة للموظف العام لا يشترط أن يكون محل الحيازة مالا عاما بل قد يكون خاصا بآحاد الناس، وبالنسبة لموظف البنك لا يشترط أن يكون محل الحيازة مالا مملوكا للبنك الذي يعمل لديه بل قد يكون المال خاصا بأحد المودعين، لأن جريمة الاختلاس وفقا لهذه المادة تمثل نوع من أنواع خيانة الأمانة يقع من الموظف لدى أيا من تلك الجهات أو المؤسسات أو الشركات على المال الموجود في حيازته والمؤتمن عليه بحكم وظيفته، فالجريمة وفقا لذلك تشكل خيانة أمانة مشوبة باستغلال الوظيفة،[1] فعلة التجريم ليست فقط حماية أموال الدولة أو الأشخاص المعنوية الأخرى مثل البنوك وشركات المساهمة أو مؤسسات الإقراض، بل حماية الثقة فيهم والتي يزعزعها أن يستولي موظف خائن لدى احد تلك الجهات على مال أو أشياء سلمها إليه مالكها ثقة في الجهة التي يعمل باسمها.[2]
ثانيا: أركان جريمة الاختلاس:
1- الركن المفترض:
ويقصد الركن المفترض هو أن جريمة الاختلاس يفترض فيها أن تقع من قبل موظف عام أو موظف لدى جهة من الجهات المنصوص عليها بالفقرة 2 من (المادة 174) على الأموال أو الأشياء الموجودة في حوزته بسبب وظيفته، وصفة الجاني في الجريمة وضع قانوني يجب أن يكون متوفرا فيه قبل وقوع الجريمة، أما وجود المال أو الأشياء في حوزة الموظف بسبب الوظيفة التي يشغلها فهو وضع واقعي يجب أن يتوافر أيضا قبل وقوع الجريمة، وسوف نتناول هذين العنصرين من خلال النقاط الآتية:
أ – صفة الجاني:
يشمل نص المادة 174 عقوبات نوعين من الموظفين:
– الموظف العام بالدولة:
وقد عرفت (المادة 169) من قانون العقوبات الموظف العام بأنه كل موظف عمومي في السلك الإداري أو القضائي، وكل ضابط من ضباط السلطة المدنية أو العسكرية أو فرد من أفرادها، وكل عامل أو مستخدم في الدولة أو في إدارة عامة.
– الموظف لدى البنوك أو مؤسسات الإقراض المتخصصة أو الشركات المساهمة العامة:
وقد أعطى المشرع للموظف بتلك الجهات نفس حكم الموظف العام وذلك نظرا لما تحوزه تلك الجهات والمؤسسات من ثقة في التعاملات مع الأفراد والمؤسسات والشركات الأخرى، بحيث أن أي تلاعب أو اختلاسات في أموالها يضعف الثقة في تعامل معها، وهو الأمر الذي يترتب عليه خسائر اقتصادية جمة، نظر للدور الهام التي تلعبه تلك الجهات في تشكيل الاقتصاد القومي للمملكة.
وإذا لم يكن الجاني موظفا لدى الدولة أو لدى أي جهة من الجهات المنصوص عليها في (المادة 174/2) فإن فعل الاختلاس الصادر منه لا يندرج تحت وصف الاختلاس وفقا لمفهوم (المادة 174) بل يجرم طبقا للمواد الخاصة بجرائم الاعتداء على الأموال التي تصدر من الأفراد العاديين حسب الواقعة، ويأخذ نفس الحكم الخاص بالأفراد العاديين الموظف العام أو الموظف لدى أي جهة من تلك الجهات والذي تم فصله من وظيفته قبل ارتكاب الواقعة الإجرامية.[3]
حيث إنه يجب أن تتوافر صفة المتهم كموظف مختص وقت ارتكابه لفعل الاختلاس، وذلك تطبيقا للقواعد العامة والتي تجعل العبرة في تحديد توافر أركان الجريمة بوقت ارتكاب العمل الإجرامي.
ب- حيازة المال والأشياء بسبب الوظيفة:
ويشتمل هذا العنصر على فرعين الأول المال موضوع الاختلاس، والثاني الحيازة بسبب الوظيفة، وسوف نتناول هذين الفرعين من خلال الاتي:
– المال موضوع الاختلاس:
أوردت (المادة 174) عقوبات لفظ النقود والأشياء كموضوع لجريمة الاختلاس، ومن ثم فإن الاختلاس يتسع ليشمل كل شيء يصلح أن يكون محلا لحق من الحقوق، سواء أكانت حقوق مادية أو أدبية بحته، مثال ذلك اختلاس ساعي البريد للخطابات التي يسلمها أصحابها إليه بسبب وظيفته، فهي وان كانت غير ذات قيمة مادية إلا أنها قد يكون لها قيمة أدبية واعتبارية لدى أصحابها.
ولا يشترط أن يكون المال أو تلك الأشياء مملوكة للدولة أو للجهات الأخرى الواردة بنص (المادة 174)، فقد يكون مملوكا لآحاد الناس، مثال أن يقوم الموظف بمكتب البريد باختلاس النقود المسلمة إليه من أحد الأفراد لإيداعها لحسابه في صندوق التوفير، أو يختلس موظف البنك المال المسلم إليه من احد العملاء لإيداعه في حسابه بالبنك.
ويتعين أن يكون المال المختلس منقولاً وذلك يتفق مع الحكمة من تجريم فعل الاختلاس ألا وهو المحافظة على ما بين يدي الأمين بحكم وظيفته أو عمله، وهو ما لا يتحقق إلا بالنسبة إلى الأموال المنقولة، والعبرة في التفرقة بين المال المنقول والمال الثابت هو بإمكانية نقله من مكانه بدون تلف، ومن ثم فإن العقار بالتخصيص كالآلات الزراعية الموجودة بالأرض الزراعية يعتبر من قبيل المال المنقول في مفهوم جريمة الاختلاس.[4]
– الحيازة بسبب الوظيفة:
والمقصود من ذلك أن الصفة الوظيفية هي التي أتاحت للموظف ومكنته من حيازة هذا المال، سواء أكان موكل بتحصيله أو جبايته أو حفظه، ولا يشترط أن يكون المال موجود بين يدي الموظف المختلس بالفعل، بل يكفي أن يكون مختصا بحكم وظيفته من الوصول إليه، فيكون في تلك الحالة حائزا له ولو حكما، وعلى العكس من ذلك لا يكفي لاعتبار الموظف مختصا بحيازة المال مجرد استطاعته ماديا الدخول إلى حيث يوجد هذا المال إذا لم توجد له صفة قانونية في حيازته، وتطبيقا لذلك فلا يعد مختصا بحيازة المال الموظف الذي يستطيع الدخول دون قيد إلى غرفة رئيسة التي يوجد بها المال، ولا يعد باستيلائه على هذا المال مرتكبا لجريمة الاختلاس، لانتفاء الصلة المباشرة بين وظيفته وحيازة المال،[5] حيث أن أمانة الوظيفة هي المصلحة التي يحميها القانون من وراء تجريم فعل الاختلاس وليست أمانة الموظف بشكل عام، ولذلك فان العبرة تكون بدخول المال لحيازة الموظف بمقتضى وظيفته ولو لم يسلم إليه تسليما ماديا.[6]
ومن أمثلة التسليم الحكمي للمال المختلس تكليف أحد الخفراء العاملين بالدولة أو بأحد الجهات المنصوص عليها، بحراسة مخزن يحتوى على بضائع ما.
ويجب أن تكون الأشياء قد دخلت في حيازة الموظف بحكم وظيفته أو بأمر رئيس مختص، فإذا لم تكن وظيفته تقتضي وضع تلك الأموال أو الأشياء بين يديه، أو لم يتم تكليفه بجبايتها أو حفظها فلا يكون هناك مجال لانطباق نص (المادة 174) عقوبات.
2- الركن المادي: فعل الاختلاس:
ينصرف لفظ الاختلاس إلى تغيير الحائز للمال لصفة حيازته له من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة، فجوهر الاختلاس هو تغيير نية الموظف بحيث تتجه إلى تحويل حيازته الناقصة للمال المؤتمن عليه إلى حيازة كاملة، ولكن فعل الاختلاس باعتباره الركن المادي للجريمة لا يتحقق بمجرد تغيير الموظف لنيته، بل لابد من تحقق فعل مادي من قبل الموظف، فهو عمل مركب من فعل مادي ألا وهو الظهور على الشيء أو المال بمظهر المالك، تسانده نية داخليه هي نية التملك، ولا يشترط أن يتصرف الموظف المختلس في المال المختلس تصرفا قانونيا أو ماديا بل يكفي أن يصدر عنه أي فعل أو سلوك أخر يكشف عن نيته في تملك هذا المال،[7] فإذا قام الموظف باختلاس المال المؤتمن عليه وتخبئته في بيته تحقق بذلك فعل الاختلاس، وإن لم يقم فعليا بالإنفاق أو الصرف من هذا المال المختلس.
ومن أمثلة فعل الاختلاس:
- سحب الموظف للمال المؤتمن عليه من الخزانة وإيداعه باسمه في أحد البنوك.
- ادعاء الموظف بعدم تسلمه للمال المختلس.
- تبديد الموظف للمال المؤتمن عليه، لان التبديد يتضمن بالضرورة اختلاسا، لان التصرف لا يباح إلا لمالك، فإذا أنفق الموظف النقود الموجودة في حوزته أو أقرضها، أو باع أثاث مكتبه فيعد مختلسا وفقا لذلك.
ويجب أن يكشف سلوك الموظف بصفة قاطعه عن إرادته في تغيير حيازته الناقصة إلى حيازة كاملة، ومن ثم فإن مجرد تأخر الموظف عن رد المال الموجود في حوزته حين طلبه، أو وجود عجز في حساباته، فإن ذلك لا يعد اختلاسا حيث يكون من المحتمل أن يكون تفسير التأخير في الرد أو العجز في الحساب هو تكاسل الموظف أو اضطراب حساباته.[8]
ومتى توافر الاختلاس فلا يقبل من الموظف المبادرة برد المال عقب اختلاسه، أو الدفع بتقديمه تأمينات عند تعيينه في الوظيفة تغطي العجز الذي ترتب على الاختلاس.[9]
هل يوجد شروع في الاختلاس؟
يوجد اختلاف فقهي حول ما إذا كان يمكن تصور وجود شروع في جريمة الاختلاس، فذهب جانب من الفقه إلى أن الشروع في الاختلاس غير متصور، ذلك أن أي فعل يكشف على نحو قاطع عن اتجاه النية إلى اكتساب الحيازة الكاملة تقع به الجريمة تامة، فإن لم يكشف الفعل عن ذلك فالجريمة لم ترتكب أصلا، فالاختلاس إما أن يقع وإما أن لا يقع وليس بين الوضعين وسط، مثال ذلك: عرض الموظف المال المختلس للبيع، وعدم تمكنه من بيعه لعدم وجود مشتري فجريمته تقع تامة، لأن العرض للبيع يكشف بصورة قاطعة عن اتجاه إرادته نحو تغيير حيازته للمال الموجود في حيازته،[10] في حين يذهب جانب أخر من الفقه إلى جواز وقوع الشروع في الاختلاس باعتبار أن فعل الاختلاس عمل مركب يتطلب توافر فعل مادي بالإضافة إلى نية التملك، فإذا أراد الموظف الظهور على الشيء بمظهر المالك ثم تم ضبطه قبل أن ينال مراده عد فعله شروعا، مثال ذلك: الموظف الذي يتم ضبطه أثناء إخراجه للمال الذي يحوزه في خزينته، فالموظف هنا ضبط قبل إخراج المال من خزينته ليظهر عليه بمظهر المالك، ومن ثم فإن الاستيلاء على المال في هذه الحالة يعتبر مشروعا موقوفا.[11]
3- الركن المعنوي:
إن جريمة الاختلاس المنصوص عليها (بالمادة 174) عقوبات هي جريمة عمديه يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي، ومن ثم فلا تقوم الجريمة بتوافر الإهمال أو التقصير من جانب الموظف، فإذا هلك المال أو سرق أو تلف نتيجة إهمال الموظف أو تقصيره في الحفاظ عليه فلا يكون مختلسا، وإن جاز عقابه على فعله هذا وفقا لما تقضي به القوانين المنظمة لهذا.[12]
ويتحقق القصد الجنائي متى كان الموظف عالما بأن حيازته للمال الموجود تحت يده حيازة ناقصة، وأن تلك الحيازة الناقصة بسبب وظيفته، وان تتجه نيته إلى حرمان الجهة التي يعمل لديها من هذا المال بشكل نهائي وإنكار حقها عليه، بحيث تتجه نيته إلى تملك المال المختلس وممارسة جميع سلطات المالك عليه، ومن ثم فإذا اتجهت نية الموظف إلى مجرد استعمال الشيء أو المال في أمر معين ثم رده فلا تقوم جريمة الاختلاس.[13]
ويخضع القصد الجنائي في جريمة الاختلاس لقاعدة أن البواعث ليست من عناصره ومن ثم فإن نبل الباعث على ارتكاب الاختلاس كما لو استهدف الموظف المتهم بفعل الاستيلاء مساعدة محتاج أو معالجة مريض، لا يحول دون توافر القصد الجنائي لدى الموظف ومن ثم تحقق الجريمة قبله.
ثالثا: عقوبة جريمة الاختلاس:
ساوى المشرع في العقوبة على جريمة الاختلاس في صورتيها البسيطة والمشددة بين الموظف مرتكب فعل الاختلاس ومن قام بمعاونته أو تحريضه على ارتكاب هذا الفعل.
1- عقوبة جريمة الاختلاس في صورتها البسيطة:
إن عقوبة اختلاس وفقا لمفهوم (المادة 174) عقوبات في صورتها البسيطة هي الأشغال المؤقتة بين حديها الأدنى والأقصى، إضافة إلى الغرامة التي تعادل قيمة ما قام الموظف باختلاسه.
2- عقوبة جريمة الاختلاس في صورتها المشددة:
غلظ المشرع العقوبة المقررة لجريمة الاختلاس إذا اقترن فعل الاختلاس بقيام المختلس بتزوير شيكات أو سندات، أو قيامه بإضافة كتابات غير صحيحة في الدفاتر أو السجلات الخاصة بوظيفته، أو قيامه بتحريف أو حذف أو إتلاف الحسابات أو الأوراق التي تثبت وجود الأموال أو الأشياء في حوزته، وبصفه عامة عند قيام الموظف بأية حيلة تهدف إلى منع اكتشاف ما قام به من اختلاس، فجعل العقوبة في تلك الحالة الأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن خمس سنوات، إضافة إلى الغرامة التي تعادل قيمة ما قام باختلاسه.
وإضافة إلى هذه العقوبة الجنائية قرر المشرع جزاء مدنيا على مرتكب الجريمة أو المتدخل فيها أو المحرض عليها ألا وهو رد النقود أو الأشياء التي تم اختلاسها، أو التزام هؤلاء بضمان قيمتها وما قد أصابها من أضرار.
رابعا: بعض اجتهادات محكمة التمييز بشأن جريمة الاختلاس:
ورد في حكم محكمة التمييز الأردنية بصفتها الجزائية رقم 2466 لسنة 2021:
في ذلك نجد أن المادة (174/1) من قانون العقوبات حددت أركان جريمة الاختلاس بما يلي :-
- فعل الاختلاس المادي المتمثل بإدخال المختلس المال المختلس بذمته .
- أن يكون الفاعل من الموظفين العموميين .
- أن يكون المال الذي اختلسه موكلاً إليه بحكم الوظيفة أمر إدارته أو جبايته أو حفظه .
- النية الجرمية .
ونصت المادة (183) من قانون العقوبات على أنه : ( 1- كل موظف تهاون بلا سبب مشروع في القيام بواجبات وظيفته وتنفيذ أوامر آمره المستند فيها إلى الأحكام القانونية يعاقب بالغرامة من عشرة دنانير إلى خمسين ديناراً أو بالحبس من أسبوع واحد إلى ثلاثة أشهر).
وحيث إن من الثابت في هذه الدعوى بأن المميز ضده ….. موظف عمومي كان يعمل بوظيفة مساعد محاسب في وزارة الصحة – مركز صحي كفر الماء التابع لمديرية صحة إربد وأنه وبحكم وظيفته استلم مبالغ نقدية رسوم واردات التأمين الصحي بموجب فيش بقيم مختلفة بلغ مجموعها (1706) دنانير و (400) فلس ولم يقم بتوريدها إلى البنك حسب النظام المالي الذي يقضي بأنه لا يجوز له الاحتفاظ بأي مبلغ إلا إذا تعذر وصوله إلى البنك وبحيث لا يتجاوز المبلغ (200) دينار. وعلى إثر تشكيل لجنة التحقيق قام المميز ضده بإيداع ما مجموعه مبلغ (1240) ديناراً و (700) فلس وتبقى في حوزته مبلغ (465) ديناراً و (700) فلس لم يقم بإيداعها إلا لاحقاً وقبل إحالة القضية إلى المحكمة ومن ثم فإنه يتوجب البحث فيما إذا توفر لدى المميز ضده النية الجرمية لاختلاس تلك المبالغ من عدمها باعتبار أن جريمة الاختلاس جريمة قصديه لا بد لقيامها أن يتوافر لدى الجاني القصد الجرمي العام بعنصريه من العلم والإرادة فيتوجب أن يعلم بأن المال الذي في حوزته إنما وُجد في حوزته بحكم وظيفته وأن حيازته لهذا المال هي حيازة ناقصة ولا يملك حق التصرف فيه تصرف المالك وأن تتجه إرادته إلى اختلاس ذلك المال وإدخاله في ذمته بتحويل حيازته الناقصة لهذا المال إلى حيازة كاملة وذلك باختلاسه لنفسه أو بكتمه أو بالتصرف فيه تصرف المالك أو التعدي عليه بأية صورة من صور التعدي على المال بالإضافة إلى توفر القصد الخاص وهو إنكار حق الدولة على هذا المال وبنية تملكه لنفسه .
ونجد أنه ليس في البينات المقدمة والمستمعة في هذه الدعوى ما يثبت انصراف قصد المميز ضده من الاحتفاظ بالمبالغ المشار إليها في حوزته وعدم إيداعها البنك إلى إدخالها في ذمته واختلاسها لنفسه بنية تملكها ولم تقدم النيابة العامة أية بينة قانونية مقنعة تثبت توافر القصد الجرمي لدى المميز ضده لاختلاس تلك المبالغ .
ورد في حكم محكمة التمييز الأردنية بصفتها الجزائية رقم 2088 لسنة 2021:
إننا نجد أن ما قامت به المميزة …. والتي كانت تعمل بوظيفة لدى شركة البريد الأردني بوظيفة مأمور حجز خدمة وأن من طبيعة وظيفتها استقبال الطرود والبرقيات وقبض فواتير وعمليات الإيداع والسحب الخاصة بالتوفير البريدي وصرف المعونة الوطنية للمواطنين وغيرها ومن ثم فهي تعتبر موظفة بالمعنى المقصود في قانون الجرائم الاقتصادية وإن الأموال الموجودة في حوزتها والعائدة لشركة البريد الأردني وهي شركة مساهمة عامة تُعد أموالاً عامة وفقاً لأحكام المادة (2/أ/5) من قانون الجرائم الاقتصادية.
ومن ثم، فإن إقدام المميزة على الاستيلاء على مبلغ 2730 ديناراً من المبالغ التي سلمت إليها بحكم وظيفتها وكذلك الاستيلاء على مبلغ 5000 دينار من الأموال الموجودة في حوزتها بالصندوق بحكم وظيفتها للادعاء بأنها تعرضت للسرقة للتغطية على مبلغ النقص الحاصل لديها وبنية الاستيلاء على تلك المبالغ يُشكل بالتطبيق القانوني السليم كافة أركان وعناصر جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة (174/1) من قانون العقوبات.
[1] د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات القسم الخاص، ص 235.
[2] نقض مصري، 1941 مجموعة القواعد القانونية ج5 رقم 240 ص 424، د. محمود نجيب حسني، الموجز في شرح قانون العقوبات، القسم الخاص ص 91.
[3] د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات القسم الخاص، ص 237.
[4] د. حسن صادق المرصفاوي، قانون العقوبات الخاص، ص 81.
[5] د. فتوح عبد الله الشاذلي، الجرائم المضرة بالمصلحة العامة، ص 207.
[6] نقض مصري 3 يونيه، مجموعة أحكام محكمة النقض س 25 رقم 117 ص246.
[7] د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، ص 243.
[8] د. حسن صادق الحسني، قانون العقوبات الخاص، ص 44.
[9] د. فوزية عبد الستار، شرح قانون العقوبات القسم الخاص، 1980، ص 122.
[10] د. محمود نجيب حسني، الموجز في شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، ص 94.
[11] د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، ص 244.
[12] د. فتوح عبد الله الشاذلي، الجرائم المضرة بالمصلحة العامة، ص 218.
[13] د. حسن صادق المرصفاوي، قانون العقوبات الخاص، ص 85.