شرح مادة أحكام الإلتزام

قبل الخوض في شرح مادة أحكام الالتزام، يجب التذكير بنقاط مهمة هي (بوابة الدخول) إلى فهم مادة الأحكام:
1- الالتزام المدني ينشأ بفعل مصدر من مصادر الالتزام:
كـ(العقد أو الإرادة المنفردة”التصرف الانفرادي” أوالفعل الضار”المسؤولية التقصيرية” أو الفعل النافع “الإثراء بلا سبب”أو القانون)، وهذا يعني أن (مادة أحكام الالتزام) تعالج (الآثار القانونية) المتولدة من الالتزام الناشئ عن أحد هذه المصادر الخمسة.

2- إذا نشأ الالتزام بفعل احد المصادر السابق ذكرها ، فأن الأصل أن يقوم (المدين) بتنفيذ التزامه طوعاً وبمحض إرادته واختياره وضمن المدة المحددة ويسمى ذلك بتنفيذ الالتزام اختياراً (هذه هي القاعدة العامة في تنفيذ الالتزامات)….ولكن إذا لم يقم المدين بذلك، فأنه يجبر على تنفيذ التزامه (وهذا هو الاستثناء على القاعدة العامة) ويكون ذلك بإجباره بالتنفيذ ويكون تنفيذ الالتزام جبراً عن طريقين هما (التنفيذ العيني أو التنفيذ بمقابل أو ما يسمى التنفيذ بطريق التعويض).

3- أن مادة أحكام الالتزام دائماً حديثها عن (المدين الذي لا يقوم بتنفيذ التزامه) ، وهذا يعني أننا نتكلم عن الالتزام المدني والذي بدوره يختلف عن الالتزام الطبيعي ، فالالتزام الطبيعي وأن كان يحتفظ بعنصر المديونية (في ذمة المدين) إلا أنه يفتقد لعنصر المسؤولية (أي عدم إمكانية إجبار المدين بتنفيذه والسبب في ذلك لكونه تحول إلى مانع قانوني من المطالبة به قضاءً لانقضاء مدة المطالبة به-التقادم- وبالتالي لا تسمع دعوى المطالبة به ويرده القاضي لتقادمه زمنياً وعادة ما يكون ذلك بالتقادم الطويل 15 سنة في اغلب القوانين المدنية المقارنة ) ويفهم من هذا أن الالتزام الطبيعي لا يحميه القانون ، ويسميه الفقه الإسلامي ب(الواجب ديانة) …أما الالتزام المدني فهو يجمع مابين عنصر المديونية وعنصر المسؤولية أي وجوب تنفيذه من المدين اختياراً أو جبراً أو بطريق التعويض.

وبمناسبة الحديث عن الالتزام الطبيعي –ورد إلى الذهن سؤال مهم – هل إذا قام المدين بتنفيذ التزام طبيعي (دين في ذمته) إلى المدين مع علمه أو عدم علمه بأن التزامه طبيعي ولا يجبر عليه قانوناً هل يصح هذا الوفاء منه؟ وهل يجوز له استرداد ما دفعه؟ وهل يجوز له المقاصة مع دين في ذمته لدائنه بالالتزام المدني ؟


الجواب : إذا قام بالوفاء بدين وهو يعلم أو لا يعلم أنه ليس ملزماً قانوناً بالوفاء به ، كان وفاءه بالدين صحيحاً وتبرأ به ذمته ولا يجوز له المطالبة باسترداده والسبب في ذلك أن هذا الوفاء بمثابة (الإقرار بالدين ) والإقرار تصرف قانوني بإرادة منفردة يصلح سبباً للالتزام ، كما أنه لا يجوز الاحتجاج بأن ما قام به هو تبرع عن طريق الهبة لغرض استرداد ما دفعه ، إلا إذا كان واقعاً في غلط في شخص الدائن واستطاع إثبات ذلك فأنه يسترد ما أداه طبقاً لقواعد (الإثراء بلا سبب)،كما أنه لا تجوز المقاصة بين دين طبيعي ودين مدني ولا يجوز كفالة تنفيذ الالتزام الطبيعي من شخص آخر.

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!