الكتابة الإلكترونية شأنها في ذلك شأن الكتابة العادية وسيلة يتم استخدامها للتعبير والدلالة عن فكرة معينة يراد إظهارها إلى حيز الوجود وإيصالها
إلى الآخرين مهما كانت الغاية التي تنطوي عليها تلك الفكرة وبغض النظر عن
مضمونها والأشخاص المخاطبين بها.
وعلى ذلك يمكن القول إنه لا بد أولاً من أن تكون الكتابة الإلكترونية ذات دلالة
واضحة المعنى، وأن تقبل بالتالي الفهم والإدراك.
وقد نصت المادة من قانون المعاملات الإلكترونية على شروط أخرى للكتابة الإلكترونية بقولها :
أ. يستمد السجل الإلكتروني أثره القانوني، ويكون له
صفة النسخة الأصلية إذا توافرت فيه مجتمعة الشروط التالية:
1-أن تكون المعلومات الواردة في ذلك السجل قابلة للاحتفاظ بها وتخزينها
بحيث يمكن في أي وقت الرجوع إليها.
2-إمكانية الاحتفاظ بالسجل الإلكتروني بالشكل الذي تم به إنشاؤه أو إرساله أو تسلمه أو بأي شكل يسهل به إثبات دقة المعلومات التي وردت فيه عند
إنشائه أو إرساله أو تسلمه.
3-دلالة المعلومات الواردة في السجل على من ينشئه أو يتسلمه وتاريخ ووقت
إرساله وتسلمه.
وعليه يمكن استخلاص الشروط اللازمة للاعتداد بالكتابة الإلكترونية كوسيلة
للتعبير الإرادي.
الشرط الأول: وضوح المعنى المستمد من الكتابة الإلكترونية
ورد هذا الشرط في بعض التشريعات صراحة مثل قانون رقم ١٥ لسنة ٢٠٠٤ المصري المتعلق بتنظيم التوقيع الإلكتروني، والذي سبقت الإشارة إليه في سياق تعريف الكتابة الإلكترونية في المادة الأولى من القانون بقولها “الكتابة الإلكترونية
كل حروف أو أرقام أو رموز أو أي علامات أخرى تثبت على دعامة الكترونية أو
رقمية أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة وتعطى دلالة قابلة للإدراك. ولعل هذا الشرط وهو وضوح دلالة الكتابة الإلكترونية ينسجم مع المنطق وتتطلبه طبيعة الكتابة الإلكترونية التي تحتاج إلى نظام معالجة الكتروني وسيط يسمح بقراءتها وإظهارها على نحو مفهوم قابل للإدراك بينما لا تتطلب الكتابة العادية ذلك لأنها تكتب مباشرة على دعامة ورقية وتخرج بمجرد كتابتها ذات دلالة
واضحة ومعنى مفهوم.
ولم ينص المشرع الأردني على هذا الشرط ونرى مع ذلك لزومه حيث تقتضيه طبيعة الأشياء باعتبار أن الكتابة الإلكترونية وسيلة للتعبير عن الإرادة يجب أن تتسم بالوضوح وذلك لإمكانية الفهم عن طريقها.
الشرط الثاني: إمكانية الحفظ والاسترجاع
وقد نص البند (۱) من الفقرة (أ) من المادة 8 من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني المؤقت على هذا الشرط، ومؤدى ذلك أن تكون الكتابة الإلكترونية بمجرد اكتمال إنشائها وتعبيرها عن مضمون معين قابلة للحفظ والتخزين الكترونيا بالهيئة التي أنشئت بها وذلك لإمكان الرجوع إليها واستخراجها على تلك الهيئة، فلا بد إذن من أن يكون نظام المعالجة الإلكترونية قابلا لحفظ الكتابة الإلكترونية لاسترجاعها
واستخراجها.
الشرط الثالث: معرفة منشئ الكتابة الإلكترونية
يتعين اتباع نظام معين من شأنه التثبت أن الكتابة الإلكترونية قد تم إنشاؤها من قبل شخص معين تسند إليه وفي حال إرسالها إلى آخر يتعين تحديد تاريخ ووقت إرسالها وتسلمها.
وقد ورد هذا الشرط في البند 3 من الفقرة أ من المادة 8 من قانون المعاملات
الإلكترونية الأردني.
وعليه فإن من المناسب التمييز بين الكتابة الإلكترونية من حيث ماهيتها
والوظيفة التي تضطلع بها وهي التعبير عن الأفكار والمفاهيم والإرادات
والتصرفات القانونية وغيرها مما يجعل من قابليتها للإدراك شرطاً أساسياً، وبين
الكتابة الإلكترونية من حيث وظيفتها في الإثبات والحجية وهي من هذه الزاوية فقط
يتوجب أن تسند إلى شخص معين لتكون حجة عليه في الإثبات.
ومن المعلوم أن العديد من الرسائل الإلكترونية المتبادلة بين أصحاب البريد
الإلكتروني تحمل معلومات ثقافية واجتماعية وعلمية ودينية وغيرها، وهذا يقودنا إلى التأكيد أن الكتابة الإلكترونية مثلما هي الكتابة العادية أوسع نطاقا من مجرد
المعاملات والتصرفات القانونية الإلكترونية، فالأخيرة تتطلب توافر شروط السجل
الإلكتروني بغايات الاعتداد بها قانونا.
غاية القول أن الكتابة تكون الكترونية طالما أدرجت على دعامة الكترونية وكانت قابلة للفهم والإدراك وتستمد بالتالي قيمتها من مقدار المعرفة التي تشتمل
عليها بينما تكون الكتابة الإلكترونية التي تشمل على تصرف قانوني غير ذات أثر
ما لم تكن قابلة لإسنادها إلى شخص من أصدرها.