لا يجوز للخصم أن يصطنع دليلا لنفسه

القضاء كأحد الركائز الأساسية للدولة فلابد أن يقوم على مبادئ العدالة والمساوة، ومن تلك المبادئ ما نحن بصدد الحديث عنه في هذا المقال وهو عدم جواز اصطناع الدليل للنفس، ومن خلال هذا العرض سيتضح لنا أن هذا المبدأ من أهم المبادئ التي ترسي العدالة والمساوة، وسنتناول ذلك من خلال النقاط الآتية:

أولًا: مفهوم القاعدة

ثانيًا: مفهوم الأدلة

ثالثًا: تأثير نوع الدليل على سريان القاعدة

رابعًا: دفاتر التجار كشكل من أشكال الخروج عن القاعدة

خامسًا: أثر التقدم التكنولوجي على المبدأ

سادسا : من اجتهادات محكمة التمييز في لا يجوز للخصم ان يصطنع دليلا لنفسه

الخاتمة

أولًا: مفهوم القاعدة

قاعدة “عدم جواز أن يصطنع الأنسان دليل لنفسه” مفهومها أن الأنسان لا يجوز أن يثبت له حق أو أن يدفع عنه ادعاء بدليل من صنعه، فالادعاء أو دفع الادعاء ما هي إلا كلمات مرسلة لا تدب فيها الروح ويعترف بها كحقائق إلا عن طريق الأدلة.

فيجب بداهة أن يكون الدليل الذي يحتج به الخصم صادر منه، لأن الشخص لا يلتزم إلا بما يصدر عنه، ولا يجوز من ثم للخصم أن يحتج على خصمه بدليل يصنعه لنفسه كورقة أو قول أو فعل صدر عنه. وعلى ذلك فإن القاعدة العامة أنه لا يجوز أن يخلق الشخص دليلا لنفسه، فلا يجوز أن يكون الدليل الذي يقدمه المدعى على دعواه مجرد أقواله أو ادعاءاته إذ لا ينبغي أن يُصدق المدعى بقوله ولا بيمينه إذا لم توجه إليه اليمين ولا بورقة صادرة منه يقدمه في الدعوى أو مذكرات دونها بنفسه.[1]ومضمون ذلك أن الالتزام يكون بما أقره الشخص على نفسه أو أقرته وقائع مجرده حيادية لا أن يكون مصدر الالتزام أقوال الخصم.

ثانيًا: مفهوم الأدلة

في العنصر السابق بينا مضمون القاعدة وقلنا أن محورها الأدلة لذا فقبل الخوض في الحديث لابد أولًا أن نضع بين يد القارئ تعريف الدليل. فالأدلة هي الدعائم الأساسية للدعوى القضائية وهي أساس العدل لذا فقد أقرتها الشرائع وكذا الشريعة الإسلامية، لما روى الترمذي عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البينة على المدعي، واليمن على المدعي عليه…)[2].

والرأي عندنا أن الدليل هو عبارة عن خبر قولي أو شيء مادي أو تقرير فني صالح قانونًا مقبول عقلًا ومنطق يستخدم لإثبات ادعاء أو دفعه.

ثالثًا: تأثير نوع الدليل على سريان القاعدة

الأدلة تنقسم لعدة أنواع لكل منها حجيته أمام القضاء، فهل يؤثر نوع الدليل على تطبيق قاعدتنا موضوع المقال؟ للإجابة عن هذا التساؤل لابد لنا من التعرض لكل نوع من تلك الأنواع لبيان أثرها على القاعدة.

1- الأدلة الكتابية

نصت المادة (5) من قانون البينات الأردني نصت على (الأدلة الكتابية هي:- 1- الأسناد الرسمية.2- الأسناد العادية. 3- الأوراق غیر الموقعة.).

أ- السند الرسمي

نصت المادة )6/1) من قانون البينات الأردني على (أ- السندات التي ينظمها الموظفون الذين من اختصاصهم تنظيمها طبقاً للأوضاع القانونية ويحكم بها دون أن يكلف مبرزها إثباته ما نص عليه فيها ويعمل بها ما لم يثبت تزويرها، ب- السندات التي ينظمها أصحابها ويصدقها الموظفون الذين من اختصاصهم تصديقها طبقاً للقانون ، وينحصر العمل بها في التاريخ والتوقيع فقط). وكذلك المادة  (7/1) من قانون البينات الأردني على (تكون الأسناد الرسمية المنظمة حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بھا الموظف العام في حدود اختصاصه ،أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وذلك ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا)، وكذلك نصت المادة  (7/1) من قانون البينات الأردني على (أما ما ورد على لسان ذوي الشأن من بينات فيعتبر صحیحا حتى يقوم الدليل على ما يخالفه).

ومن جملة النصوص السابقة نجد أن المشرع الأردني قد جعل حجية السند الرسمي كدليل غير معلقة على من بيده السند إذا أن السند الرسمي مرجح في ذاته طالما كان مستوفٍ للشروط التي تطلبها القانون لصحته.

ويترتب على ذلك أن الخصم إذا ما قدم سند رسمي وافق الشروط المجملة من النصوص السابق بيانها وكان هذا المستند في صالحه فلا يعد ذلك من سبل تقديم الخصم دليلًا مصطنع لنفسه ذلك لأن الخصم غلت يده عن العبث بهذا المستند بحيث يدخل تحت مظلة القاعدة، فيكون المستند الرسمي منزه عن شبهة الاصطناع فيصلح لذلك متى قدم من أي من أطراف الدعوى ولو من له مصلحه في تقديمه.

وتخضع الصور من المستند الأصلي لما يخضع له الأصل إذا ما استوفت شروط عدة، وفي ذلك نصت المادة (8) من قانون البينات الأردني على (اذا كان اصل السند الرسمي موجودا فان الصور الخطیة والفوتوغرافیة التي نقلت منه وصدرت عن موظف عام في حدود اختصاصه تكون لها قوة السند الرسمي الأصلي بالقدر الذي یعترف فيه بمطابقة الصورة للأصل)، وكذلك المادة (9) من قانون البينات الأردني نصت على (اذا لم يوجد اصل السند الرسمي كانت الصورة الخطیة أو الفوتوغرافية حجة على الوجه الآتي:- 1- یكون للصورة الأولى قوة الأصل اذا صدرت عن موظف عام مختص وكان مظهرها الخارجي لا يتطرق معه الشك في مطابقتھا للأصل.2-ویكون للصورة الخطیة أو الفوتوغرافية المأخوذة من الصورة الأولى نفس القوة اذا صدرت عن موظف عام مختص یصادق على مطابقتھا للأصل الذي أخذت منه ويجوز لكل من الطرفين أن يطلب مراجعة هذه الصورة على الأولى على أن تتم المراجعة في مواجهة الخصوم.3- أما الصورة المأخوذة عن الصورة الثانیة فیمكن الاستئناس بھا تبعا للظروف).

وفي ذلك المدار نرى أن الأحكام القضائية متى حظت على حجية الأمر المقضي به ولم يعد لها أي سبيل من سبل الطعن فإنها تأخذ ذات الحكم الذي بيناه للسند الرسمي لذلك فلا يعد تقديم الخصم لحكم قضائي له حجية الأمر المقضي به من أشكال اصطناع الخصم الدليل لنفسه.

أما في حالة عدم استيفاء السند الرسمي لشروطه فلا يصير له الحجية التي للسند الرسمي المستوفي للشروط، وفي ذلك نصت المادة (6/2) من قانون البينات الأردني على (ذا لم تستوف هذه الأسناد الشروط الواردة في الفقرة السابقة فلا یكون لها إلا قيمة الأسناد العادية بشرط أن یكون ذوو الشأن قد وقعوا علیھا بتواقيعهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم).

ومن هذا النص يتضح أن السند الرسمي الغير مستوفي للشروط يمكن أن يدخل تحت قاعدة عدم جواز اصطناع الدليل وذلك إذا لم تحو على إمضاء الخصم، أما إذا احتوت على إمضاء الخصم فإنها تضحي ورقة عرفية تخضع لطرق الطعن من الخصم ولا تدخل حينها في محيط قاعدة اصطناع الدليل، بل تظل دائرة بين الخصوم ترجح بتدقيقها من محكمة الموضوع بالطرق القانونية بناءً على الادعاء والدفاع.

ب- السند العادي

نصت المادة  (10) من قانون البينات الأردني على (السند العادي ھو الذي یشتمل على توقیع من صدر عنه أو على خاتمه أو بصمة أصبعه ولیست له صفة السند الرسمي.)

ومن ذلك النص يمكنا القول أن السند العادي (غير الرسمي) يمكن أن يدخل تحت مبدأ عدم جواز اصطناع الإنسان الدليل لنفسه إن لم يكن التوقيع على السند للخصم، أما إذا كان للخصم توقيع على الورقة فله طرق الطعن فيه الخاصة.

2- الشهادة

نصت المادة (28/2/ ب) من قانون البينات الأردني والتي نصت على (مع مراعاة أحكام أي قانون خاص یجوز الإثبات بالشھادة في الالتزامات التجاریة مھما بلغت قیمتھا وفي الالتزامات المدنیة اذا لم تزد قیمتھا على مئة دینار).وكذلك نصت المادة (34) من قانون البينات الأردني على ( 1- للمحكمة أن ترجح بینة على أخرى وفاقا لما تستخلصه من ظروف الدعوى.2- لا یجوز للمحكمة أن تصدر حكما في أیة قضیة بالاستناد إلى شھادة شاھد فرد إلا إذا لم یعترض علیھا الخصم أو تأیدت ببینة مادیة أخرى ترى المحكمة أنھا كافیة لإثبات صحتھا).

ومن تلك النصوص نجد أن الشهادة كدليل قولي لها شروطها الخاصة وتخضع لتقدير القاضي وذلك لما يرد على لسان غير الخصوم ولا تخضع لقاعدة عدم جواز اصطناع الدليل، أما ما يرد على لسان أحد الخصوم من ادعاءات أو دفوع لا يعد من قبل الشهادة ولا تخضع في تقدير المحكمة في ذلك الشأن لأنها تدخل تحت قاعدة اصطناع الدليل للنفس.

3- اليمين

نصت المادة (53) من قانون البينات الأردني على (1- الیمین الحاسمة ھي التي یوجھھا أحد المتداعین لخصمه لیحسم بھا النزاع .2- ویجوز للمحكمة من تلقاء نفسھا أن تفھم الخصم أن من حقه توجیه الیمین في حال عجز احد طرفي الدعوى عن إثبات دعواه أو دفعه)

وكذلك نصت المادة (54/2) من قانون البينات الأردني على (على المحكمة من تلقاء نفسھا تحلیف الیمین في أي من الحالات التالیة:

أ . اذا اثبت احد ادعاءه بحقه في التركة فتحلفه المحكمة على انه لم یستوف بنفسه أو بواسطة غیره ھذا الحق من المیت ولم یبرؤه منه ولم یحله على غیره ولم یستوف دینه من الغیر ولم یكن للمیت رھن مقابل ھذا الحق.

ب. اذا استحق احد المال واثبت ادعاءه تحلفه المحكمة على انه لم یبع ھذا المال ولم یھبه لاحد ولم یخرجه من ملكه باي وجه من الوجوه .

ج. اذا أراد المشتري رد المبیع لعیب فیه تحلفه المحكمة انه لم یرض بالعیب صراحة أو دلالة .

د. اذا اثبت طالب الشفعة دعواه تحلفه المحكمة بانه لم یسقط شفعته باي وجه من الوجوه.)

ومن خلال تلك النصوص نجد أن اليمين كدليل قد نصت على حالاته قصرًا بشروط معينة وبذلك فأي يمين دون أن يكون له مصوغ قانوني يطابق أي من المواد سابقة البيان فلا يكون إلا دليل مصطنع يدخل تحت القاعدة بعدم جواز اصطناع الدليل للنفس.

رابعًا: دفاتر التجار كشكل من أشكال الخروج عن القاعدة

نصت المادة (16) من قانون البينات الأردني على ( دفاتر التجار الإجبارية: 1. تكون حجة على صاحبها سواء أكانت منظمة تنظيماً قانونياً أم لم تكن، ولكن لا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلاً لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها ويستبعد ما كان مناقضاً لدعواه.2. تصلح لان تكون حجة لصاحبها في المعاملات المختصة بتجارته اذا كانت منظمة وكان الخلاف بينه وبين تاجر. وكذلك المادة (17) من ذات القانون نصت على (اذا تباينت القيود بين دفاتر منظمة لتاجرين تهاترت البينتان المتعارضتان).

ومن تلك النصوص يمكن استخلاص شروط قبول دفاتر التجار كدليل للنفس وتلك الشروط هي:

1- تجارية المعاملة

لابد لكي يتمسك الخصم بالدليل المصطنع من قبله أن يكون النزاع تجاريًا صرفًا، فلا يكفي أن يكون أحد الأطراف تاجرًا، بل لابد أن يكون طرفا التعاقد تجار.

2- أن تكون منظمة

لكي تعتد المحكمة بالدفتر التجاري المقدم من الخصم ليثبت حق لنفسه أو يدفع ادعاء عنه أن تكون تلك الدفاتر منتظمة، علة ذلك ضمان عدم التلاعب في اصطناع الأدلة بتقديم أوراق عشوائية، ومثال على ذلك وجود دفتر توريد مسلسل.

3- عدم تجزئة الدليل أو تناقضه

لابد أن لا يعمل الخصم الذي يقدم دليل من صنع يده على تجزئة ما رود من دفاتر ليستخدم ما يصلح لدعاوه ويطرح الباقي، كذلك فلابد أن لا يكون ما قدم من أدلة مناقضا للدعوى المطروح بها الدليل.

4- طرح الأدلة المتناقضة

قررت المادة السابق بيانها أنه في حالة المعاملات التجارية وطرح كلًا من الطرفان أدلة من الدفاتر التجارية وفي حال كون تلك الأدلة متناقضة فتستبعد المحكمة الدليلان المتناقضان.

خامسًا: أثر التقدم التكنولوجي على المبدأ

بفضل ثورة الاتصالات ظهرت بعض الأدلة الإلكترونية الجديدة التي أضحت تنافس الأدلة بالمفاهيم التقليدية، والسؤال الذي يطرح نفسه في ذلك السياق هل طبيعة تلك الأدلة تؤثر على قاعدة عدم جواز أن يصطنع الإنسان دليل لنفسه؟ الإجابة أنه بالنظر للأدلة الإلكترونية نجد أن لها طبيعة خاصة، فممكن أن يكون الدليل الإلكتروني عملا مزدوجا بين طرفين كالرسائل الإلكترونية وذلك النوع من الأدلة  يرجع فيه في الإثبات للقواعد العامة الخاصة بإثبات صحه صدور الدليل من صاحبه، أما النوع الأخر وهو العمل المنفرد من الخصم فيمكن تقسيمها إلى نوعين أعمال يمكن العبث والتعديل فيها وأعمال لا يمكن العبث والتعديل فيها، فالعمل الإلكتروني الذي يمكن العبث فيه وتعديله لا يصلح أن يكون دليل من الأساس واذا قدمه الخصم يعد دليلا مصطنع للنفس لا يجوز التعويل عليه ومثال على ذلك المنشورات النصية  على وسائل التواصل الاجتماعي لا تصلح لإثبات تاريخ معين ذلك لان تلك المنشورات يمكن تعديلها والعبث بها، أما العمل الإلكتروني المنزه عن التعديل والعبث فيصلح لأن يكون دليلا إلكترونيا ولكن هل يعد مصطنع للنفس؟ الإجابة لا، والتوضيح أكثر سنورد مثالا لبيان حجتنا في هذا الرأي، فلو أن أحد الأشخاص كان حائزا لمكان ما ثم نازعه في تلك الحيازة أخر وكان ذلك مراقب من قبل الحائز بكاميرات تسجل ويحتفظ بتلك التسجيلات في هذه الحال نرى أن تلك الفيديوهات تعد أدلة على الحيازة ولا تعد من قبيل الاصطناع للنفس ذلك لأنها لم تخضع لعبث وتعديل من الخصم ولم يكن لإرادته دخل في تكوينه.

سادسا : من اجتهادات محكمة التمييز في لا يجوز للخصم ان يصطنع دليلا لنفسه

الحكم رقم 3228 لسنة 2015 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 3/3/2016

وحيث إن الجهة الطاعنة (المستأنف عليها) قدمت الكتاب المشار إليه لدى محكمة الاستئناف التي لم تأخذ به بمقولة أنه لا يعتبر (… بينة رسمية حول سجلات ووثائق تسجيل المدعية من الناحية الرسمية وإنما هو عبارة عن وجهة نظر صادرة عن أحد مستشاري وزير النقل العراقي للشؤون المالية والإدارية وليس موظفاً مختصاً بتوثيق السجلات كما أنه صادر من جهة تمثل أحد الخصوم وهو من قبيل اصطناع الدليل ، إذ لا يكفي أن يصدر الكتاب عن موظف رسمي حتى يقال أن ذلك بينة تشكل ورقة رسمية خاصة إذا كان الكتاب صادراً عن أحد الخصوم وإنما يتعين أن يكون مضمون ذلك الكتاب مطابقاً لسجلات رسمية مسبقة خاصة في حالتنا هذه التي تتعلق بمسألة صحة الخصومة خاصاً إذا كان الكتاب صادراً عن أحد الخصوم وإنما يتعين أن يكون مضمون ذلك الكتاب مطابقاً لسجلات رسمية مسبقة خاصة في حالتنا هذه التي تتعلق بمسألة صحة الخصومة وهي من النظام العام ).

الحكم رقم 2866 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 2/6/2019

وعن السبب الرابع ومفاده تخطئة محكمة الاستئناف بالسماح للمميز ضدها بإبراز وتقديم تقديرات غير أصولية ومجحفة. في ذلك نجد أن وكيل الجهة المدعى عليها قدم للمحكمة قرارات صادرة عن محكمة الاستئناف والتمييز مرفق فيها تقارير تتعلق بأراضي مجاورة لأراضي المدعي ولأشقاء المدعي أحمد وقد ضمت هذه الأوراق على يمين الملف وبالتالي فإن الخبراء الذين اختارتهم المحكمة وهم ذات الخبراء بالتقارير المقدمة للمحكمة قاموا بتقدير التعويض للمدعي أكثر مما جاء بتقاريرهم السابقة.

وعليه فإن إبراز أوراق مرفق بها قرارات حكم صادرة عن محكمة التمييز مقبول ولا تعتبر اصطناع دليل لمصلحة من قدم التقارير وعليه فإن هذا السبب لا يرد على القرار المميز مما يتعين رده.

وحيث إن الكتاب الصادر عن وزارة النقل في الجمهورية العراقية المشار إليه يعتبر من السندات الرسمية التي تكون حجة على الناس كافة ولا يطعن فيها إلاّ بالتزوير وفق ما هو مستفاد من أحكام المادتين (6 و 7) من قانون البينات.

وما ورد في هذه الأسباب لا يشكل طعناً قانونياً عليها وأن محكمة الاستئناف أخذت بهذه الخبرة كبينة صالحة لإصدار حكم بالاستناد إليها وفقاً لصلاحياتها المستمدة من المادة (34/1) من قانون البينات في وزن وتقدير البينة وما أرفقته الطاعنة في لائحة التمييز هو من باب اصطناع الدليل الذي لا مجال للأخذ به والاعتماد عليه في دحض بينات المميز ضده في هذه المرحلة من التقاضي مما يجعل من هذه الأسباب حريةً بالرد.

الحكم رقم 3228 لسنة 2015 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 3/3/2016

وحيث إن الجهة الطاعنة (المستأنف عليها) قدمت الكتاب المشار إليه لدى محكمة الاستئناف التي لم تأخذ به بمقولة أنه لا يعتبر (… بينة رسمية حول سجلات ووثائق تسجيل المدعية من الناحية الرسمية وإنما هو عبارة عن وجهة نظر صادرة عن أحد مستشاري وزير النقل العراقي للشؤون المالية والإدارية وليس موظفاً مختصاً بتوثيق السجلات كما أنه صادر من جهة تمثل أحد الخصوم وهو من قبيل اصطناع الدليل ، إذ لا يكفي أن يصدر الكتاب عن موظف رسمي حتى يقال أن ذلك بينة تشكل ورقة رسمية خاصة إذا كان الكتاب صادراً عن أحد الخصوم وإنما يتعين أن يكون مضمون ذلك الكتاب مطابقاً لسجلات رسمية مسبقة خاصة في حالتنا هذه التي تتعلق بمسألة صحة الخصومة خاصاً إذا كان الكتاب صادراً عن أحد الخصوم وإنما يتعين أن يكون مضمون ذلك الكتاب مطابقاً لسجلات رسمية مسبقة خاصة في حالتنا هذه التي تتعلق بمسألة صحة الخصومة وهي من النظام العام ).

الحكم رقم 2310 لسنة 2013 – محكمة تمييز حقوق

1- لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية في وزن البينة و ترجيح بينة على أخرى ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها ما دامت النتيجة التي توصلت إليها مستخلصة استخلاصا سائغاً ومقبولاً ومن بينة قانونية ثابتة ولها أساس في الدعوى وذلك وفقاً لأحكام المادة (33) و (34) من قانون البينات.

2- إن السند العادي حجة بما فيه على من حرره ما لم يُنكر توقيعه عليه وذلك وفقاً لأحكام المادة (11) من قانون البينات .

3- لا يجوز للخصم في الدعوى أن يصطنع دليلاً لنفسه .

الحكم رقم 3129 لسنة 2002 – محكمة تمييز حقوق

1- لا يجوز للخصم ان يصطنع دليلا لنفسه وعليه فان استبعاد التقرير الأولي للحادث الصادر عن المدعى عليه والكتاب الموجه من المدعى عليها للمدعي المتضمن عدم شمول أصابه المدعي بعقد التأمين يتفق وأحكام القانون.

2- استقر الاجتهاد القضائي أن شرط إبلاغ شركة التأمين بوقوع الحادث لا يعتبر شرطا لاستيفاء قيمة التعويض بل هو مجرد واجب على المدعي اشترطته شركة التأمين للوفاء الطوعي، اما لغايات الدعوى فان ثبوت الإصابة نتيجة الحادث منوط بالبينة القانونية ولا يرتب القانون على مخالفة هذا الشرط إعفاء شركة التأمين من التزامها ما دام ان شركة التأمين لم تثبت انه قد لحق بها ضرر نتيجة التأخير بإبلاغها بوقوع الحادث.

3- يقع عبء إثبات ان الإصابة التي يعاني منها المؤمن عليه سابقة على عقد التأمين وان المؤمن عليه كتم إصابته المرضية وحيث لم تقدم المدعى عليها أية بينة كافية لإثبات هذا الادعاء فيكون ما ورد في طعنها من هذه الناحية في غير محله.

4- لا يخالف القانون اعتماد محكمة الاستئناف على التقرير الطبي الصادر عن اللجنة اللوائية المبرز في الدعوى وهو بينة رسمية صادر عن دائرة حكومية وتضمن صراحة نسبة العجز الدائم الذي أصاب المدعي نتيجة الحادث الذي تعرض له ولا يرد القول ان المدعى عليها اعترضت على هذا التقرير وأنه لم يبرز بواسطة منظميه.

الحكم رقم 1070 لسنة 1999 – محكمة تمييز حقوق

1- لا يجوز للخصم أن يصطنع دليلاً لنفسه .

2- إذا إدعى أحد شيئا ، وكان يترتب على إقرار المدعى عليه حكم بتقدير إقراره ، فيكون بإنكاره خصماً في الدعوى وإقامة البينة ، وإن كان لم يترتب حكم على إقرار المدعى عليه إذا أقر لم يكن خصما بإنكاره وذلك وفقاً لنص المادة (1634) من مجلة الأحكام العدلية .

الخاتمة

في هذا المقال تحدثنا عن قاعدة “عدم جواز اصطناع الخصم دليل لنفسه” وبينا أن أساس هذه القاعدة هو إرساء مبدأ المساواة بين الخصوم فلا يمكن أن يدلي أي من الخصوم بأقوال ويصطنع دليلًا لإثبات تلك الأقوال، وبينا تباين سريان القاعدة مع الأدلة المختلفة حيث أن بعضها يخرج من نطاق عمل القاعدة حتى ولو قدمها الخصم مثل السندات الرسمية وبعضها يدخل تحت القاعدة مثل الأوراق المصطنعة من الخصم، وأوضحنا أن خروجًا عن تلك القاعدة فيجوز أن يقدم الشخص دليلًا من صنعه إذا كانت المخاصمة بخصوص عملًا تجاريًا وبين تجار وليس مقدم دليل مضاد له، وتحدثنا أيضًا أن الدليل الإلكتروني قد أثر بطبيعته الخاصة على سريان القاعدة.

[1] د. أمل مصطفى رمزي شربا، قانون البيّنات، الجمهورية العربية السورية، جامعة الشام الخاصة، كلية الحقو ق، 2019-2020، صـ30

[2] أخرجه الترمذي في أبواب الأحكام، باب ما جاء في أن البينة على المدعى، واليمني على المدعى عليه 3/618 رقم 1341, وصححه الألباني الإرواء 8/279.

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!