القرار رقم (2) لسنة 2008 الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور
قرار تفسيري رقم 2 لسنة 2008 ( تفسير دستور ) المنشور على الصفحة 1558 من عدد الجريدة الرسمية رقم 4903 تاريخ 30/4/2008 اجتمع المجلس العالي في مبنى مجلس الأمة للنظر في طلب التفسير الذي ورد في كتاب دولة رئيس الوزراء ( د أ -6457 ) تاريخ 9/4/2008 الموجه الى دولة رئيس مجلس الأعيان / رئيس المجلس العالي ، المتضمن ما يلي : ( … قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 1/4/2008 ، ان يطلب التفسير من المجلس العالي لتفسير الدستور وعلى النحو التالي : ( هل تجيز أحكام الدستور لمجلس النواب ان يحيل الى النائب العام مباشرة ، اذا وجد في التقرير السنوي الذي يقدمه رئيس ديوان المحاسبة ، مخالفات مرتكبة مما أشارت اليه المادة (22) من قانون ديوان المحاسبة ، ام ان مجلس النواب يخاطب رئيس الوزراء بهذا الشأن ) .
للإجابة عن السؤال الذي تضمنه طلب التفسير :
يجد المجلس العالي انه لا بد من استقصاء النصوص الدستورية التي حددت اختصاصات وصلاحيات مجلس النواب ، وعلاقته مع السلطة التنفيذية ، أخذين بالاعتبار انه من القواعد الدستورية الجوهرية المتفق عليها فقها وتشريعا وقضاء ، ان الدستور هو المرجع الوحيد الذي يحدد اختصاصات السلطات وأسلوب ممارستها لها ، وانه لا يجوز إضافة اي اختصاصات جديدة لأية سلطة دستورية غير الاختصاصات التي نص الدستور عليها ، كما انه لا يجوز التعدي على الصلاحيات الدستورية لأية سلطة او الانتقاص منها او المشاركة فيها من قبل أية جهة أخرى . فعندما ينيط الدستور بسلطة من السلطات اختصاصات محددة او صلاحية معينة ، امتنع على السلطات الأخرى ممارسة هذا الاختصاص او هذه الصلاحية ، إذ انه لا يؤخذ في القواعد والأحكام الدستورية بالقاعدة المأخوذ بها في الأحكام والقواعد المدنية القائلة ( ان الأصل في الأمور الإباحة ما لم يرد دليل التحريم نصا او دلالة ) .
ومن استعراض النصوص الدستورية :
نجد أنها أناطت بمجلس النواب الاختصاصات والصلاحيات التالية : أولا : الاختصاص التشريعي : وهذا الاختصاص يتمثل في : أ. حق مجلس النواب في قبول مشروعات القوانين التي يعرضها عليه رئيس الوزراء او تعديلها او رفضها ( المواد 25 ، 91 – 93 من الدستور ) . ب. حق مجلس النواب بإقرار او تعديل او رفض القوانين المؤقتة ( المادة 94 من الدستور ) . ج. حق مجلس النواب باقتراح القوانين على الحكومة والطلب اليها صياغة مشروعات القوانين المقترحة وتقديمها له حسبما جاء في المادة ( 95) من الدستور . د. صلاحية المجلس في وضع أنظمة داخلية لضبط وتنظيم إجراءاته على ان تعرض هذه الأنظمة على جلالة الملك للتصديق عليها ( المادة 83 من الدستور ) . ثانيا : أناط الدستور في المواد ( 51 ، 53 ، 54 ، 96 ) بمجلس النواب صلاحية الرقابة على الحكومة ومساءلتها مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة ، او مساءلة كل وزير عن أعمال وزارته ، وخول كل نائب الحق بان يوجه الى الوزراء أسئلة واستجوابات حول اي امر من الأمور العامة وفاقا لما هو منصوص عليه في النظام الداخلي للمجلس .
وللمجلس بموجب هذه المواد الدستورية الحق بطرح الثقة بالحكومة او بأحد وزرائها ، وله ان يقرر عدم الثقة بها او بوزير او أكثر منها بالأكثرية المطلقة من مجموع عدد أعضائه .
ثالثا : خولت المادة (56) من الدستور مجلس النواب حق اتهام الوزراء
حول ما ينسب إليهم من جرائم ناتجة عن تأدية وظائفهم ، بما في ذلك جمع الأدلة ، والتحقيق ، والإحالة الى المحاكمة أمام المجلس العالي ، وان يعين من أعضائه من يتولى تقديم الاتهام وتأييده أمام المجلس العالي . وبما ان الدستور لم يخول مجلس النواب أية صلاحية او اي اختصاص لملاحقة مرتكبي الجرائم من غير الوزراء وأحالتهم الى النيابة صاحبة الاختصاص بملاحقة مرتكبي الجرائم والتحقيق معهم وجمع الأدلة بمجرد علمها بوقوع أية جريمة دون حاجة الى طلب الملاحقة من مجلس النواب او أية جهة أخرى ،
فأننا نقرر جوابا على السؤال الوارد في طلب التفسير ما يلي :
أولا : إذا كانت المخالفات التي تضمنها التقرير الذي يقدمه رئيس ديوان المحاسبة منسوبة الى وزير وتشكل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون محاكمة الوزراء رقم ( 35 لسنة 1952 ) فمجلس النواب هو صاحب الصلاحية بملاحقة الوزير والتحقيق معه وجمع الأدلة واتهامه بما اسند اليه وعلى المجلس ان يعين من أعضائه من يتولى تقديم الاتهام وتأييده وإحالة الوزير ليحاكم أمام المجلس العالي .
ثانيا : اما اذا كانت المخالفات والجرائم التي تضمنها تقرير ديوان المحاسبة منسوبة الى غير الوزراء فيجوز لمجلس النواب إحالتها على رئيس الوزراء لاتخاذ الإجراءات التي تستجوبها التشريعات النافذة وأعلام مجلس النواب ، وذلك لان مجلس الوزراء هو الذي يتولى بموجب المادة ( 45 من الدستور ) إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية ، باستثناء ما قد عهد او يعهد به من تلك الشؤون بموجب الدستور او اي تشريع أخر الى شخص او هيئة أخرى ، ولا يجوز لمجلس النواب ان يطلب من النيابة العامة مباشرة التحقيق في تلك الجرائم لان الدستور لم يخوله هذه الصلاحية . هذا ما نقرره بالأجماع بشأن التفسير المطلوب . قرار صدر يوم السابع عشر من شهر ربيع الأخر عام 1429 هجرية الموافق للثالث والعشرين من شهر نيسان سنة 2008 ميلادية .