ذكرنا أنه يقتضي التسجيل كركن شكلي لقيام بعض التصرفات القانونية وهذا يتطلب مثول أطراف العقد أمام الموظف المختص، وقيامه بتوثيق العقد في السجل
الخاص وفقاً للإجراءات الشكلية المقررة قانوناً.وعليه فإن التسجيل كركن شكلي يتحقق بتعبير طرفي العقد عن إرادتيهما أمام
الموظف المختص وإفراغ ذلك في السجل الخاص.
وإذا علمنا أن المادة (٦) من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني تنص على عدم سريان أحكام هذا القانون على التصرفات الواردة على العقارات وأية عقود تنظم وفقا لشكل معين، فإن ذلك يستتبع القول أن جميع العقود الواردة على هذه
الأموال لا تتم بوسيلة الكترونية وفي حال إجرائها بهذه الوسيلة تقع باطلة ولا
يترتب عليها أي أثر قانوني.
ولعل نص المادة (٦) المشار إليه من القانون المذكور ينسجم مع القواعد العامة التي تستلزم ركن التسجيل في هذه التصرفات والتي توجب كما قلنا على أطراف العلاقة الذهاب إلى دوائر التسجيل الخاصة وإفراغ تصرفاتهم في سجلاتها أمام
الموظف المسؤول.
لكن السؤال الذي تبقى الإجابة عليه على قدر من الأهمية هو هل يمكن استعمال السجل الإلكتروني من قبل الموظف المسؤول وإفراغ إرادات أطراف التصرف
الماثلين أمامه في هذا السجل.
الفقرة الأولى: ما هو السجل الإلكتروني؟
عرفت المادة (۲) من قانون المعاملات الإلكترونية السجل الإلكتروني بأنه القيد أو العقد أو رسالة المعلومات التي يتم إنشاؤها أو إرسالها أو تسلمها أو تخزينها بوسائل الكترونية، ولعله يلاحظ أن تعريف السجل الإلكتروني ينطوي على عدم الدقة بالنظر إلى إدخال العقد في مفهومه ورسالة المعلومات أيضاً، ويؤكد صحة ما نقول أن المشرع انتقل بعد ذلك لتعريف التعاقد الإلكتروني مباشرة بعد أن سبقه بتعريف رسالة المعلومات أيضاً، وللأصل أن لكل واحد من هذه المصطلحات ذاتيته وتعريفه الخاص به وتأكيداً لذلك نصت المادة / من ذات القانون على أن يعتبر السجل الإلكتروني والتعاقد الإلكتروني والرسالة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني
منتجاً لآثاره القانونية.
وإذا أمعنا النظر بكافة النصوص القانونية التي تعرضت للحديث عن السجل الإلكتروني في قانون المعاملات الإلكترونية (٢١) نستطيع استخلاص تعريف دقيق ومحدد للسجل الإلكتروني، فهو في أبسط تعبير يماثل السجل العادي في كافة متطلباته ويختلف عنه في أنه مثبت على دعامة الكترونية وقد سبق أن عرضنا الشروط السجل الإلكتروني الذي يرتب له القانون أثراً وتكون له صفة النسخة الأصلية في سياق حديثنا عن نص المادة (۸) من قانون المعاملات الإلكترونية .
الفقرة الثانية: تحقيق ركن الشكل في السجل الإلكتروني:
إذا استجمع السجل الإلكتروني الشروط المحددة الواردة في المادة 8 من قانون المعاملات الإلكترونية كان له ذات الأثر القانوني للسجل العادي، ولو فرضنا أن الموظف المختص المسؤول عن السجل الإلكتروني في الدوائر الرسمية ذات العلاقة قام بإفراغ إرادات أطراف التصرف سواء كان على عقار أم على مركبة أم سفينة أم طائرة في سجله الإلكتروني ثم قام كلاهما بتوقيع السجل الكترونيا اكتمل عندئذ ركن الشكل الذي يتطلبه القانون لإبرام تلك التصرفات، ويؤكد صحة ما نقول أن المشرع في المادة ۱۰ / جعل للتوقيع الإلكتروني ذات المكانة التي للتوقيع العادي، واعتبر أن التوقيع الإلكتروني يقوم مقام التوقيع العادي ويفي بمتطلباته كلما نص تشريع معين على وجوب تحققه على معاملة أو مستند معين، وبعبارة أخرى فإن التوقيع الإلكتروني يساوي في نظر المشرع التوقيع العادي من حيث الأثر القانوني
المترتب على أي منهما .
فالسجل الإلكتروني في هذه الأحوال ليس خروجا على الأصل وإنما هو مجرد طريقة تطابق في وظيفتها ما يقوم به السجل العادي من وظيفة وهي توثيق التصرف أمام الموظف المختص بحضور أطراف العلاقة، وتختلف هذه الحالة التي يصح بها التصرف ويقوم بمقتضاها الشكل، عن حالة بطلان التصرف ذاته إذا تم الكترونياً؛ لأن هذا التصرف يتم بين أطرافه عن بعد ودون التقاء بينهما أمام موظف التسجيل المختص، فالعقود الإلكترونية عقود تنعقد بوسيلة الكترونية، أي يتم تلاقي إرادات أطرافها على الإنترنت) وهي تصلح كلما كانت رضائية لم يتطلب المشرع لإبرامها ركن التسجيل فإذا تطلب هذا الركن لم تصح هذه العقود لعدم إمكان مراعاة الشكل المطلوب، والذي يقتضي حضور أطراف العلاقة أمام الموظف المختص والتعبير عن إراداتهم في مواجهته ويستوي بعد ذلك أن يوثق عقدهما بالكتابة العادية أم بالكتابة الإلكترونية في سجل خاص بدائرته، ومن هنا جاء موقف المشرع الأردني في المادة (٦) من قانون المعاملات الإلكترونية ليطلب عدم سريان أحكامه على بعض أنواع من التصرفات القانونية ومن بينها تلك المتعلقة بالأموال غير المنقولة وقد سبق أن ذكرنا أن هذه المادة تنسجم مع القواعد العامة في القانون.