استعانة المتهم بمحام في القانون الأردني

يعتبر حق المتهم ففي الاستعانة بمحام هو أحد أهم الحقوق والضمانات التي قررتها التشريعات الجنائية في الدول المختلفة، إذ أن هذا الحق يضمن أن تتم المحاكمة بشكل يتفق مع صحيح القانون وإجراءات المقررة ويضمن للمتهم ذاته ألا يتم التعدي على أي حق من حقوقه الدستورية أو القانونية أثناء محاكمته ومن أهمها حقه في الدفاع عن نفسه سواء بواسطته أو بواسطة محامي يوكله في الدفاع عنه .

ولما كان هذ الأمر بالأهمية بمكان فإن المشرع الجزائي الأردني قد راعى إفراد بعض النصوص القانونية لتنظم هذا الحق وتوضح أحكامه وشروطه  والاستثناءات الواردة عليه وهو ما سوف نتناوله خلال هذا المقال على النحو الآتي :

أولا: المقصود باستعانة المتهم بمحام وأهميته

ثانيا: حق المتهم في الاستعانة بمحام أثناء مرحلة التحقيق الابتدائي

ثالثا: بعض الاجتهادات القضائية فيما يتعلق بحق الاستعانة بمحام

أولا: المقصود باستعانة المتهم بمحام وأهميته

يقصد بالاستعانة بالمحامي بأنه :  قيام المتهم بتوكيل أحد المحامين المشتغلين للقيام بدوره في الدفاع عنه، فيما وجه إليه من اتهامات ومراقبة تطبيق القانون بشكل صحيح في مراحل سير الدعوى الجزائية.

  • كما عرفه البعض بأنه : (  إسناد مهمة الدفاع عن المتهم لمحام يباشره، أو ما يطلق عليه “حق الدفاع بالوكالة”، مستندا إلى توكيل من المتهم أو ندب من المحكمة، في الأحوال التي تتطلب ذلك، فيتابع كافة الإجراءات ويحضر مع المتهم أو نيابة عنه في الأوضاع التي يجيز فيها القانون ذلك ). [1]
  • وتكمن  أهمية استعانة المتهم بمحام  إذ يكون  الملاذ الأول للمتهم والشخص الأول الذي يأتي في فكره وعقله، لحظة القبض عليه أو توجيه الاتهام إليه، كونه الأكثر علما ودراية بموقف المتهم والأجدر في الوقوف على مواطن براءته أو تخفيف عقابه، وهو  جل ما يتمناه المتهم في هذه اللحظة، كما أن وجود المحامي يحفظ حق المتهم في أن يتلقى المعاملة الصحيحة أمام الجهات الشرطية، والنيابية، والقضائية، كما يتولى  المحامي مهمة مراقبة تطبيق هذه الجهات للإجراءات الصحيحة وعدم التعسف فيها أو الجور على حق المتهم، وهو بذلك أحد جناحي العدالة التي لا تستقيم ولا تحلق عالية إلا بوجوده،  لذلك كان تواجده رفقة المتهم  ضروريا ويحقق مصلحة المتهم، خاصة وأنه الشخص الذي سيتولى مهمة الدفاع عنه، و يتمتع بالكفاءة والتأهيل  اللازم للذود عن حقه في مواجهة خصومه والتي تتمثل في هذه الحالة في النيابة العامة باعتبارها سلطة اتهام.[2]
  • لذا فلا ريب أن وجود المحامي بجانب المتهم يشعره بالطمأنينة التي لا يسهل على المتهم الشعور بها وهو في هذا الموقف، فغالبا ما يظهر المتهم مرتبكا ومضطربا في أفكاره ما يحجبه عن الدفاع عن نفسه بشكل صحيح، كونه لا يفترض فيه علمه  بالإجراءات القانونية الصحيحة، وهذا لا شك قد يجعله يقع في أخطاء تؤدي إلى تسويئ موقفه،  أو تأخر تحقيق العدالة، ولا شك أن حق المتهم في الاستعانة بمحام للدفاع عنه لا يخل بحق في إبداء دفوعه ودفاعه وان يمارس حقه كأصيل بالزود عن حقه ولإثبات براءته من الجرم المسن اليه حتى لو تعارض ذلك مع وجهة نظر المحامي في الدعوى وطريقة دفاعه إذ المتهم هو الأصيل وهو صاحب الحق في إبداء ما يريده من دفوع وان المحامي نائبا عنه فلا تقدم الإنابة على الأصل ، [3] كما أن الواقع والتجربة يؤكدان على خوف المتهم في الدفاع عن نفسه بنفسه حتى لو كان ممتعا بالخبرة اللازمة، لذلك نجد في وقائع كثيرة يقوم المتهم وهو على علم بالقانون – سواء كان محاميا أو قاضيا- يستعين بأحد المحامين للدفاع عنه رغم خبرته، لعلمه أنه غير مؤهل نفسيا للقيام بهذه المهمة ولو توافر لديه التأهيل العلمي.

ثانيا: حق المتهم في الاستعانة بمحام أثناء مرحلة التحقيق الابتدائي

– يعرف التحقيق الابتدائي بأنه: الإجراءات التي تقوم بها النيابة العامة للكشف عن حقيقة الجريمة،  وإمداد المحكمة بالأدلة اللازمة التي تمكنها من الفصل في الدعوى الجزائية، وتتمثل هذه الإجراءات في نوعين من الإجراءات الأولى ما تقوم به النيابة العامة من فحص للأدلة ومدى صحة نسبتها للمتهم، وكذلك معاينة مكان الجريمة وسماع الشهود والخبراء وإصدار امر ضبط المتهم ومواجهته واستجوابه، والنوع الثاني من الإجراءات في هذه المرحلة هو ما تقوم به النيابة العامة من إجراءات تحفظية تهدف إلى المحافظة على الأدلة من العبث بها وتقييد حرية المتهم لمنعه من الهرب. [4]

وقد عهد المشرع الأردني بمهمة التحقيق الابتدائي إلى المدعي العام من حيث الأصل، مع جواز أن يحل محله أحد قضاة الصلح أو أحد موظفي الضابطة العدلية في بعض أمور التحقيق، باستثناء القيام باستجواب  المتهم حيث نصت المادة ( 51 /أ ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على : ( 1. يباشر المدعي العام التحقيق في الجنايات وما يري التحقيق فيه من الجنح، إلا إذا نص القانون على وجوبه في جنحة ما أو بناء على طلب من النائب العام المختص ).

كما نصت المادة ( 92 ) من ذات القانون على : ( 1. يجوز للمدعي العام أن ينيب أحد قضاة الصلح في منطقته أو مدعي عام آخر لإجراء معاملة من معاملات التحقيق في الأمكنة التابعة للقاضي المستناب وله أن ينيب أحد موظفي الضابطة العدلية لأية معاملة تحقيقية عدا استجواب المشتكى عليه .

  1. يتولى المستناب من قضاة الصلح أو موظفي الضابطة العدلية وظائف المدعي العام في الأمور المعينة في الاستنابة ).

–  وفي خلال هذه المرحلة وأما المحقق يترتب للمتهم  عدة حقوق من أهمها الحق في تنبيه من قبل المحقق بحقه في الاستعانة بمحام وكذلك حق المتهم في التمسك بالاستعانة بمحام أثناء التحقيق على التفصيل الآتي :

أ– وجوب تنبيه المتهم بحقه في الاستعانة بمحام عند المواجهة الأولى : ويستمد المتهم حقه بتنبيه بالاستعانة بمحام في هذه المرحلة من خلال صريح نص المادة ( 63 ) من قانون أصول المحاكمة الجزائية والتي قررت في معرض حديثها عن الإجراءات الواجب أن يتبعها المحقق عندما يمثل المتهم أمامه للتحقيق لأول مرة، فبجانب تدوين المحقق لبيانات المتهم ووصفه بشكل دقيق وغيرها من إجراءات ،  يجب عليه أيضا أن ينبه المتهم إلى حقه بعدم الجواب على أسالته إلا في حضور محامي، بل إن المشرع لم يكتفي بمجرد الإخبار الشفهي، واشترط أن يدون ذلك في محضر التحقيق حيث نصت المادة ( 63 ) من قانون العقوبات على : (  1. عندما يمثل المشتكي عليه أمام المدعي العام يتثبت من هويته ويتلو عليه التهمة المنسوبة إليه ويطلب جوابه عنها منبها إياه أن من حقه أن لا يجيب عنها إلا بحضور محام ، ويدون هذا التنبيه في محضر التحقيق فاذا رفض المشتكى عليه توكيل محام أو لم يحضر محامياً في مدة اربع وعشرين ساعة يجري التحقيق بمعزل عنه ).

وإذا كان المشرع قد أوجب على المحقق تنبيه المتهم إلى حقه في الاستعانة بمحامي عند مواجهته لأول مرة، إلا أنه قد جعل هذا الحق مقررا لصالح المتهم وحده، بحيث يكون له التنازل عنه،  وفي هذا الحالة يسري التحقيق دون وجود محامي مع المتهم، وقد اشترط المشرع في المادة آنفة الذكر أن يرفض المتهم صراحة الاستعانة بمحام أو أن تمر مدة 24 ساعة دون أن يبدي رغبته في الاستعانة بمحام.

  • إلا أن المشرع الأردني أجاز على سبيل الاستثناء عدم تنبيه المتهم وعدم انتظار مدة الأربعة وعشرون ساعة المقررة إذا توافرت حالة من حالات الاستعجال أو الضرورة اللازمة لإظهار الحقيقة، حيث يجوز للمحقق استجواب المتهم بغض النظر عن هذا الشرط، إلا أنه يشترط أن   يكون القرار الصادر بالاستمرار في استجواب المتهم دون انتظار تقريره الاستعانة بمحام من عدمه مسببا حيث نصت المادة ( 63 /ب) على : ( 2. يجوز في حالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وبقرار معلل سؤال المشتكى عليه عن التهمة المسندة إليه قبل دعوة محاميه للحضور على أن يكون له بعد ذلك الاطلاع على إفادة موكله ).

ويرى البعض أن شرط تنبيه المتهم بحقه في الاستعانة بمحام لا يجوز إغفاله أو التغاض عنه، وبالتالي فيقع باطلا أي استجواب للمتهم يحدث دون أن يتم تنبيه المتهم بحقه في الاستعانة بمحام، أو  إذا تم التنبيه عليه فعلا ولكن لم يتم انتظار حتى تنتهي مدة الأربع وعشرون ساعة،  حيث نصت المادة ( 63 /4 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على : ( 4. يترتب على عدم تقيد المدعي العام بأحكام الفقرات 1 و2 و3 من هذه المادة بطلان الإفادة التي ادلى بها المشتكى عليه) .

وذلك مالم تتوافر حالة من الحالتين المنصوص عليهما في الفقرة (2 ) من ذات المادة وهما حالتي  الخوف من ضياع الأدلة أو الاستعجال.

ب- حق المتهم في الاستعانة بمحام أثناء مرحلة التحقيق الابتدائي:

إذا كان الأصل أن دور النيابة العامة ممثلة في المدعي العام يتوقف عند واجب التنبيه على المتهم بحقه في الصمت والاستعانة بمحام دون أن يلتزم المدعي بتعيين محام للمتهم أو مخاطبة نقابة المحامين بتعيين محام له في حالة رفضه أو  عدم قدرته المادية على الاستعانة بمحام، إلا أن المشرع جعل لهذا الأصل استثناء يتمثل في وجوب حضور محام مع لمتهم في جميع جلسات الاستجواب إذا كانت الجريمة المسند ارتكابها إلى المتهم من الجرائم التي لا تقل عقوبتها عن عشر سنوات، حيث رأى المشرع ما لهذه الجرائم من خطورة كبيرة وعقاب قاسي يستأهل أن يصدر بشكل ينبئ عن فحص أدلة الدعوى الجزائية فحصا مستفيضا ويقدم من خلاله أوجه إدانة المدعي من النيابة العامة، كما يقدم من قبل المتهم ودفاعه أوجه براءته أو بطلان الإجراءات التي اتخذت في مواجهته، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف ألزم المشرع المدعي العام في تحقيق هذه الجنايات تعيين محام للمتهم في الحالات التي يرفض المتهم فيها الاستعانة بمحام أو لم يكن لديه القدرة المالية للاستعانة بمحام .

وفي حالة استعانة المتهم بمحامي أو تعيين محام له من قبل المدعي العام يجب أن يُمَكن المحام من حضور جميع جلسات الاستجواب في هذه الجنايات، بحيث إذا ثبت منعه من حضور أحد الجلسات ترتب على ذلك بطلان إجراءات التحقيق وما تلاها من إجراءات، كما انه ولضمانة حق المتهم في الاستعانة بمحام خلال هذه الفترة فقد أوجب المشرع على المدعي العام تمكين المتهم من الاتصال بمحاميه لإعلامه بميعاد جلسة استجوابه قبلها بيوم على الأقل،  مالم يكن  المحام على علم بجلسة التحقيق كأن يكون حاضرا للجلسة السابقة.

  • والجير بالذكر أن المشرع الأردني  قرر في المادة ( 63 مكررة ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية في فقرتها الرابعة على  جواز استكمال المدعي العام للاستجواب إذا اثبت أن المتهم مصمم على عدم الاستعانة بمحامي بعد سؤاله، واعتبر شرط سؤال المتهم عن رغبته في الاستعانة بمحام من عدمه لازم يترتب على عدم اتخاذه بطلان الاستجواب الذي تم على اثر إغفال هذا الشرط ، إلا أننا نرى أن جواز استجواب المتهم في الجنايات التي تزيد عقوبتها عن عشر سنوات دون حضور محام معه يخالف ما قررته ( 63  /2 مكررة ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي أوجبت حضور محام مع المتهم في أي جناية لا تقل عقوبتها عن عشر سنوات،  حيث جاء النص بلفظ (يتعين ) وهو دال على الوجوب والإلزام كما لم ينص على أن هذا الواجب مقرر في جلسة الاستجواب الأولى فقط وبالتالي فيتعين حضوره جميع الجلسات  و يؤكد ذلك صراحة النص بقوله ( في كل جلسة استجواب )، وتأكيد من المشرع على هذا الالتزام وضع طريقا للاستعانة بمحام يحضر مع المتهم  بديلا عن الطريق الأصلي  – إبلاغ المتهم باسم محاميه – وهو أن يتخذ المدعي العام الإجراءات اللازمة لتعيين محام له، وهو بذلك جعل مسألة استعانة المتهم بمحامي في هذه الجرائم واجبا بغض النظر عن رضا المتهم من عدمه، إلا أنه في حالة استعانة المتهم بمحام فلا يجوز عزله أو استبداله من قبل المدعي العام بمحام آخر لا يوافق عليه المتهم تحقيقا لمبدأ الحق في الدفاع وتجنب أي إخلال به.

والملاحظ أن المشرع قد اشترط الاستعانة بمحام في هذه الحالة في الاستجواب فقط دون باقي إجراءات التحقيق، وبالتالي فنرى أنه لا يترتب على معاينة موقع الجريمة أو سماع شهود الإثبات أو النفي أي بطلان إذا حدث دون حضور محامي المتهم كون المشرع قيد هذا الشرط صراحة بجلسة الاستجواب دون غيرها من إجراءات التحقيق.

و غني عن البيان أن المشرع إذ اشترط في الجنايات المعاقب عليها بعقوبة لا تقل عن عشر سنوات وجوب حضور محام مع المتهم في جميع جلسات الاستجواب، فإن ذلك يعني بمفهوم المخالفة أنه في خلاف تلك الجنايات لا يشترط وجوب حضور محام ي مع المتهم ويتوقف دور المدعي العام بالتنبيه على المتهم بحقه في الصمت والاستعانة بمحامي السابق الإشارة إليه.

وفي سبيل تفعيل حق المتهم بالاستعانة بمحامي خلال مرحلة الاستجواب أو قبل بدايتها فقد منح المشرع للمتهم ومحاميه حق الاطلاع على أعمال التحقيق قبل بدء الاستجواب للوقوف على وضع المتهم القانوني وتجهيز دفوعه، واستثنى من ذلك اطلاع المتهم أو محامية على أقوال الشهود كون الاطلاع عليها قد يؤثر على مجريات التحقيق بالتأثير على الشهود، كما قرر المشرع بطلان إجراءات التحقيق في حالة عدم تمكين المتهم أو محاميه من هذا الحق، حيث نصت المادة ( 63 مكررة ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على : ( 1. للمشتكى عليه أو محاميه الحق في أن يطلب خطيا قبل بدء الاستجواب الاطلاع على جميع أعمال التحقيق، ما عدا أقوال الشهود، تحت طائلة بطلان الاستجواب في حال رفض طلبه.

  1. في الجنايات التي يبلغ الحد الأدنى لعقوبتها عشر سنوات فأكثر، يتعين حضور محام مع المشتكى عليه في كل جلسة استجواب، وإذا تعذر على المشتكى عليه تعيين محام فيتخذ المدعي العام الإجراءات اللازمة لتعيين محام له وفق أحكام التشريعات النافذة.
  2. مع مراعاة أحكام الفقرة (2) من هذه المادة، إذا لم يحضر محام جلسة استجواب موكله، فعلى المدعي العام أن يثبت في المحضر وسيلة تمكين المشتكى عليه من الاتصال بمحاميه قبل يوم على الأقل من الاستجواب ما لم يكن قد تم إشعار محاميه بموعدها في جلسة سابقة للتحقيق.
  3. على المدعي العام قبل كل استجواب لاحق للاستجواب الأول أن يسأل المشتكى عليه عما إذا كانت موافقته مستمرة بأن يتم استكمال استجوابه دون الاستعانة بمحام، وان يثبت ذلك في المحضر تحت طائلة بطلان ذلك الاستجواب اللاحق .
  4. لا يجوز للمدعي العام أن ينهي التحقيق إلا إذا استجوب المشتكى عليه، ما لم يتعذر عليه ذلك لفراره أو إذا رأى أن ما تجمع لديه من أدلة يكفي لمنع المحاكمة عنه بصرف النظر عن الاستجواب).
  • واذا كان الأمر بالنسبة للاستجواب على ذلك فإن المشرع وضمانة لحق استعانة المتهم بمحام أجاز لمحام المتهم حضور إجراءات التحقيق مثل إجراء المعاينة وغيرها من إجراءات باستثناء سماع الشهود، وأجاز المشرع للمدعي العام اتخاذ إجراءات التحقيق بمعزل عن المتهم أو محاميه، وذلك إذا توافرت حالة ضرورية تستدعي ذلك، لاستظهار الحقيقة وكذلك في حالة الاستعجال  كالخوف من طمس الأدلة أو زوالها مع وجوب إعلام المتهم أو محاميه بما انتهى إليه التحقيق، حيث نصت المادة( 64 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على 1. للمشتكى عليه والمسؤول بالمال والمدعي الشخصي ووكلائهم الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق ما عدا سماع الشهود ولا يجوز لهم الكلام إلا إذا أذن لهم المدعي العام، وإذا لم يأذن وجب تدوين ذلك في المحضر.
  1. يحق للأشخاص المذكورين في الفقرة الأولى أن يطلعوا على التحقيقات التي جرت في غيابهم .
  2. ويحق للمدعي العام أن يقرر إجراء تحقيق بمعزل عن الأشخاص المذكورين وفي حالة الاستعجال أو متى رأى ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة وقراره بهذا الشأن لا يقبل المراجعة إنما يجب عليه عند انتهائه من التحقيق المقرر على هذا الوجه أن يطلع عليه ذوي العلاقة ).
  • كما بينت المادة ( 65 ) من ذات القانون بعض الأحكام المتعلقة بحق الاستعانة بمحام في مرحلة التحقيق الابتدائي حيث نصت على : ( 1. لا يسوغ لكل من المتداعين أن يستعين لدى المدعي العام إلا بمحام واحد.
  1. يحق للمحامي الكلام أثناء التحقيق بإذن المحقق .
  2. وإذا لم يأذن له المحقق بالكلام أشير إلى ذلك في المحضر ويبقى له الحق في تقديم مذكرة بملاحظاته).

ج- حق المتهم في الاستعانة بمحام خلال إجراءات المحاكمة

يعتبر حق المتهم في الاستعانة بمحام خلال هذه المرحلة من اهم الحقوق التي قررها المشرع الأردني لصالح المتهم بل لصالح العدالة جميعها لما في حضور محام مع المتهم أثناء محاكمته أمام قاضيه الطبيعي من ضمانة لتحقيق العدالة المرجوة و يضفي على الحكم الصادر من القضاء الاحترام اللازم كونه صادرا بعد تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه بواسطة محاميه، وعلى ذلك يجوز للمتهم أن يستعين بمحاميه في الحضور نيابة عنه دون حضوره بشخصه  في بعض الجرائم وفي جرائم أخرى استوجب المشرع حضور المتهم بشخصه حتى لو استعان بمحام على النحو الاتي :

1- استعانة المتهم بمحامي ليحضر جلسات المحاكمة في جنحة أو مخالفة  نيابة عن المتهم ودون حضوره بشخصه

أجاز المشرع الأردني من حيث الأصل  استعانة المتهم بالحضور إنابة عنه في جرائم الجنح واستثنى من ذلك أن بعض الحالات التي يجب حضور المتهم فيها حتى لو استعان بمحامي للحضور معه، إذ يكون حضور المتهم في هذه الحالة وجوبيا و هذه الاستثناءات تتمثل في جلسة تلاوة الاتهام وسؤاله عنه، وكذلك جلسة تقديم  المتهم إفادته الدفاعية، أما في غير هذه الجلستان فيجوز له الاستعانة بمحام دون حضوره مع الأخذ في الاعتبار سلطة المحكمة في طلب المتهم لحضور جميع الجلسات أو جلسة محددة إذا كانت العدالة تقتضي ذلك.

وإذا كان المتهم في الجنحة شخصا معنويا فيجوز له الاستعانة بمحام للحضور عن ممثلها القانوني جميع الجلسات بما فيها جلسة الاتهام وجلسة إعطاء الإفادة مالم ترى المحكمة ضرورة حضور ممثلها القانوني بشكل شخصي، حيث نصت المادة ( 168) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على : (  1. باستثناء جلسة تلاوة التهمة على المشتكى عليه وسؤاله عنها والجلسة المخصصة لإعطاء إفادته الدفاعية يجوز للمشتكى عليه في دعاوى الجنح أن ينيب عنه وكيلا من المحامين لحضور المحاكمة بدلا عنه ما لم تقرر المحكمة أن حضوره بالذات ضروري لتحقيق العدالة

  1. على الرغم مما ورد في الفقرة 1 من هذه المادة إذا كان الظنين شخصا معنويا يسوغ له في الدعوى الجنحية أن ينيب عنه وكيلا من المحامين ما لم تقرر المحكمة حضور ممثله بالذات).
  • وترتيبا على ذلك فيظهر من النص السابق أن المشرع قد ترك مسالة استعانة المتهم بمحام من عدمه إلى محض إرادة المتهم وتحت مسئوليته بحيث لم يشترط حضور محام مع المتهم كما لم يلزم المحكمة باتخاذ إجراءات الاستعانة بمحامي للمتهم إذا كانت الجريمة من  جرائم الجنح، بخلاف الوضع في جرائم الجنايات كما سيظهر لاحقا.

والجدير بالذكر أنه إذا لم يحضر المتهم أحد الجلسات الواجب حضوره فيها بشخصه فللمحكمة أن تباشر  الدعوى باعتبار المتهم غائب وتُعمِل أحكام وإجراءات المحاكمة الغيابة، إلا أن المشرع أتاح لأقرباء المتهم وأصدقائه الحضور في جلسة المحاكمة وتقديم مبرر مشروع لغياب المتهم كسفره أو مرضه وللمحكمة تقدير هذه المبررات قبولا أو رفضا، وقد نصت المادة ( 246 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على (  1. لا يقبل وكيل عن المتهم في المحاكمة الغيابية .

  1. واذا كان المتهم خارج الأراضي الأردنية أو تعذر حضوره للمحاكمة فيحق لأقربائه وأصدقائه تقديم معذرته وإثبات مشروعيتها ).

2- استعانة المتهم بمحام أمام محاكم الجنايات

أ- الجنايات التي تكون عقوبتها عشر سنوات فأكثر

نظرا لخطورة الجنايات و العقوبات المترتبة على ثبوت ارتكابها فقد اشترط المشرع حضور محامي مع المتهم في كل جلسة ليقوم بدوره في الدفاع عنه ومراقبة تطبيق إجراءات المحاكمة بشكل يتفق مع القانون، وإذا كان الأصل العام يقتضي حق المتهم في الاستعانة بمحام أمام جميع المحاكم لكن يثار تساؤلا هاما حول الموقف في حالة رفض المتهم الاستعانة بمحامي أو عدم قدرته المالية على الاستعانة بمحام، حيث عمل المشرع الجزائي على التفريق بين الجنايات التي يعاقب عليها  بالإعدام أو الأشغال المؤبدة أو الاعتقال المؤبد أو الأشغال المؤقتة مدة عشر سنوات إذ اشترط حضور محامي مع المتهم في جميع جلسات المحاكمة، كما أوجب المشرع على المحكمة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعيين محامي للمتهم وتقدير أتعابه  في حالة إنهاء وكالة المحامي الحالي وعدم إمكانية توكيل محامي أخر من قبل المتهم و أيضا في حالة تغيب المحامي الذي اختاره المتهم عن أحد جلسات المحاكمة دون عذر مقبول .

ب- الجنايات التي تكون عقوبتها أقل من عشر سنوات

  • أما في الجنايات التي لا تصل مدة العقوبة المقررة لها لعشر سنوات فلم يشترط المشرع ضرورة حضور محامي مع المتهم في جميع الجلسات، ولم يلزم هيئة المحكمة بتعيين محامي للمتهم، إذا تغيب محاميه أو انتهت علاقته بالمتهم  إلا أنها أعطت الحق للمتهم طلب المساعدة القانونية إذا لم يكن لديه القدرة المالية على الوفاء بأتعاب المحامي وللمحكمة قبول هذا الطلب وإحالته لوزير العدل ليتولى مخاطبة نقابة المحامين للاستعانة بأحد المحامين للدفاع عن الطالب إذا كان لذلك مبرر، وقد نصت المادة ( 208 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على : ( 1. في الجنايات التي يعاقب عليها بالإعدام أو الأشغال المؤبدة أو الاعتقال المؤبد أو الأشغال المؤقتة مدة عشر سنوات فأكثر يتعين حضور محام للمتهم في كل جلسة محاكمة وإذا قام المتهم بإعلام المحكمة بانتهاء علاقته بمحاميه ويتعذر تعيين محام بديل لصعوبة أحواله المادية، فيتولى رئيس هيئة المحكمة تعيين محام له، ويدفع للمحامي الذي عين بمقتضي هذه الفقرة أتعابه وفقاً لنظام يصدر لهذه الغاية.
  1. إذا تغيب المحامي الذي اختاره المتهم أو الذي عينه المدعي العام أو رئيس الهيئة عن حضور إحدى جلسات المحاكمة دون عذر تقبله المحكمة، فعليها تعيين محام آخر لتمثيل المتهم لمتابعة إجراءات المحاكمة المقررة لتلك الجلسة، ويتم تحديد أتعاب هذا المحامي على النحو المبين في الفقرة السابقة .
  2. في الجنايات التي يعاقب عليها بالأشغال المؤقتة مدة تقل عن عشر سنوات يجوز للمدعي العام أو المحكمة المختصة في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية إحالة طلب المتهم لوزير العدل بالتنسيق مع نقابة المحامين لتقديم المساعدة القانونية له أمام المحكمة إذا وجدت مسوغات لذلك.
  3. للجهات الرسمية المختصة أو أي من المؤسسات المعنية أو أي مواطن أو مقيم في المملكة غير قادر على تعيين محام تقديم طلب إلى وزير العدل لتوفير المساعدة القانونية له وفق أحكام التشريعات النافذة وبالتنسيق مع نقابة المحامين.
  4. ينشأ في وزارة العدل صندوق يسمى (صندوق المساعدة القانونية أمام المحاكم) تشرف عليه الوزارة وتدفع منه أجور المساعدة القانونية المستحقة بموجب هذا القانون والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه.
  5. تتكون الموارد المالية لصندوق المساعدة القانونية مما يلي:

أ. المخصصات المرصودة للمساعدة القانونية ضمن الموازنة السنوية لوزارة العدل .

ب‌. نسبة مئوية من الرسوم المستوفاة على الدعاوى والطلبات والإجراءات القضائية والتنفيذية بموجب نظام رسوم المحاكم أو أي تشريع أخر.

ج. أي مساهمة تقدمها نقابة المحامين.

د. المنح والإعانات والتبرعات وبشرط موافقة مجلس الوزراء عليها إذا كان مصدرها خارجيا.

  1. تحدد بموجب نظام خاص يصدر لهذه الغاية المساعدة القانونية أمام المحاكم ومعايير وأسس استحقاقها وشروطها والية صرفها وسائر الأمور التنظيمية الأخرى المتعلقة بها بما في ذلك نسبة الاقتطاع من الرسوم القضائية وتحديد الأجور المستحقة لمن يكلف بتقديمها، وكيفية الإشراف على صندوق المساعدة القانونية ).

ثالثا: بعض الاجتهادات القضائية فيما يتعلق بحق الاستعانة بمحام

1الحكم رقم 3997 لسنة 2022 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية الصادر بتاريخ 2022-12- 29 حيث جاء فيه  : ( أما فيما يتعلق بما أثاره وكيل المتهم في مرافعته (ص 35) محضر بأن المتهم مثل أمام المدعي العام بدون محامٍ ولم يتم تعيين محامٍ للدفاع عنه وبالرجوع للمادة (208/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية فقد أوجبت في الجنايات التي يعاقب عليها بالإعدام أو الأشغال المؤبدة أو الاعتقال المؤبد أو الأشغال المؤقتة مدة عشر سنوات فأكثر تعيين محامٍ للدفاع عن المتهم وحيث إن الحد الأدنى للعقوبة المنصوص عليها في المادة (296) عقوبات هي خمس سنوات فإنه يتعين الالتفات عما أثاره وكيل المتهم. (

2- الحكم رقم 3558 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية الصادر بتاريخ 2020-02-04 حيث جاء فيه  : ( – لما كانت التهمة التي أحيل بموجبها المتهم جناية السرقة بحدود المادة (401/2) من قانون العقوبات وعقوبتها لا تقل عن عشر سنوات وأن محكمة الجنايات سارت بإجراءات المحاكمة بمواجهة المتهم (المميز) دون حضور محامٍ للدفاع عنه طبقاً لمقتضيات المادة (208) من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي أوجبت تعيين محامٍ للمتهم في كل جلسة محاكمة وإذا قام المتهم بإعلام المحكمة بانتهاء علاقته بمحاميه وتعذر تعيين محامٍ بديل لصعوبة أوضاعه المادية فيتولى رئيس هيئة المحكمة تعيين محامٍ له ، وحيث  أن محكمة الجنايات قد سارت بإجراءات المحاكمة دون التثبت أو سؤال المتهم عما إذا كان له محامٍ للدفاع عنه ولم تعين له محامٍ للدفاع عنه علماً أن له محامٍ معين أمام المدعي العام بسبب تصريحه بأنه لا يملك القدرة على توكيل محامٍ لمرافقته في الإجراءات القضائية وذلك إعمالاً لنص المادة (208/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل رقم (32) لسنة (2017) ، وحيث إن محكمة الجنايات قد سارت بإجراءات المحاكمة واستمعت لشاهد النيابة العامة دون وجود محامٍ للمتهم الأمر الذي يترتب عليه إبطال الإجراءات التي تمت في القضية الجنائية رقم (392/2019) فيما يتعلق بالمتهم (المميز) ،وحيث إن محكمة الاستئناف لم تراعِ في قرارها المستأنف ذلك وأصدرت قرارها المميز فإن قرارها يكون سابقاً لأوانه ومخالفاً للأصول والقانون . (

3-  الحكم رقم 23 لسنة 1983 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية الصادر بتاريخ 1983-01-01 حيث جاء فيه  : (إن حق المتهم في الاستعانة بمحام وكيل يعتبر من الضمانات الأساسية للدفاع التي لا يجوز للمحكمة إغفالها ابتداء وان اختيار المتهم محامياً للدفاع عنه يوجب على المحكمة تامين حضور المحامي لجلسات المحاكمة ما دام لم يستنكف عن الحضور ولم يصدر عن المتهم ما يفيد الاستغناء عن حضوره .

  • اذا تمت محاكمة المتهم أمام محكمة الجنايات الكبرى في غيبة وكيله رغم وجوده في الدعوى فتكون إجراءات المحاكمة مخالفة للقانون لما تنطوي عليه من إخلال بحق الدفاع وبما يستوجب نقض الحكم المميز الذي بني على هذه الإجراءات ).

[1] صالح عوض منصور ، ضمانة الاستعانة بمحام في مرحلة المحاكمة في النظام السعودي ، المجلة القانونية ، جامعة القاهرة فرع الخرطوم، عددا ، مجلد 7 ، 2020 ،  ص 149

[2] محمد بهاء الدين أبو شقة، ضمانات المتهمة في مرحلة المحاكمة ، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراة، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، 2005 ، ص 429

[3] حمد فتحي سرور، “القانون الجنائي الدستوري”، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى، 2001م”، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى، 2001م، ص.

[4] مبارك عبد العزيز النويبت، 1998 ،  شرح المبادئ العامة في لقانون الإجراءات والمحاكمات  الجزائية الكويتي، جامعة الكويت ، ط1، 1988  ص 629

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!