أحكام الاعتراف الجزائي
يُعتبر الاعتراف أحد عناصر أدلة الإثبات في الدعاوى القضائية، حيث إن الاعتراف يُعد سيد الأدلة، ويكون للاعتراف -إذا توافرت شروطه الموضوعية- أهميةً كبيرةً في الدعوى الجنائية، وتكمن أهميته فيما يترتب عليه من آثار قانونية في الدعوى الجنائية في ظل قوة الأدلة الإقناعية القائمة على قناعة القاضي الوجدانية نظرًا لما هو متعارف عليه فقهًا وقضاءً بإيجابية القاضي الجنائي، فله أن يأخذ من الأدلة ما يطمئن إليه منها ويطرح ما سواها؛ لذا فإن سلامة الاعتراف قانونًا وصدقه موضوعًا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بكفالة الحرية الشخصية وضماناتها. وسنتناول في هذا المقال جميع ما يتعلق بالاعتراف، وذلك في العناصر الرئيسية الآتية:
أولًا: ماهية الاعتراف
ثانيًا: أركان الاعتراف
ثالثًا: أنواع الاعتراف
رابعًا: مشروعية الاعتراف
خامسًا: شروط صحة الاعتراف
سادسًا: حجية الاعتراف في الإثبات
سابعًا: حجية الاعتراف الصادر من الغير
ثامنًا: أثر عدول المتهم أو الظن عن اعترافه
تاسعًا: المواد النظامية المتعلقة بموضوع الاعتراف
عاشرًا: سوابق قضائية فيما يخص الاعتراف
ونقدم شرح تفصيلي لكل عنصر من العناصر الرئيسية السابقة فيما يلي:
أولًا: ماهية الاعتراف
“الاعتراف لغةً: هو إظهار الحق لفظًا أو كتابةً أو بالإشارة”([1]).
أما الاعتراف اصطلاحًا، فقد عرفه الحنفية بأنه: “إخبار عن ثبوت حق للغير على نفسه”([2]).
والاعتراف قضاءً: هو إقرار المتهم بصحة ارتكابه للتهمة المنسوبة إليه، ويلزم أن يصدر هذا الاعتراف بإرادة المعترف الحرة والشرعية الكاملة.
ثانيًا: أركان الاعتراف
يتكون الاعتراف من عدة أركان تتمثل في الآتي:
1-المُعتَرِف:
هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يُقر بما هو منسوب إليه سواء عن قصد أو بغير قصد.
2-المعتَرَف له:
هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يصدر الاعتراف لصالحه، ويثبت حقه فيما تم الاعتراف به.
3-المُعتَرَف به:
هو الحق الذي أفصح عنه المعترِف، ويمكن أن يتعلق بحق للمولى عزَّ وجلَّ، أو للبشر، ويشمل المال، والأعيان، وارتكاب الجرائم أو الأفعال، والعفو عن القصاص، والإبراء، وحقوق الارتفاق، والمقاصة، وغير ذلك مما يكون محلًا للمطالبة في الدعوى.
4-صيغة الاعتراف:
هي الطريقة أو الوسيلة التي يُخبر بها المُعترِف عما يريد الاعتراف به، ويمكن أن تكون شفويًا، أو كتابةً، أو بالإشارة، أو بالسكوت؛ لأن السكوت في معرض الحاجة إلى بيان يُعد بيانًا بذاته، ذلك مثل سكوت الشفيع بعد علمه بالبيع.
ثالثًا: أنواع الاعتراف
إن الاعتراف له عدة أنواع تختلف باختلاف السلطة التي يصدر أمامها، وطريقة الإدلاء به، وذلك على التفصيل الآتي:
1-معيار السلطة التي يصدر أمامها:
فقد يصدر الاعتراف أمام السلطة القضائية أو خارج دار القضاء؛ لذا فينقسم الاعتراف من حيث هذا المعيار إلى الآتي:
–الاعتراف القضائي:
يكون الاعتراف قضائيًّا إذا صدر من المتهم أمام المحكمة ناظرة الدعوى، ويُقر به المتهم بنفسه بحضور محاميه أو بدونه. وهذا النوع من الاعتراف له أهمية كبيرة في الإثبات حال تطابق مع الوقائع، والحقائق، والملابسات، والظروف المحيطة بالجريمة.
–الاعتراف غير القضائي:
يكون الاعتراف غير قضائي إذا وقع خارج مجلس القضاء، أو وقع أمام جهة غير قضائية، ولا يكون لهذا النوع من الاعتراف ذات الحجية التي يجوزها الاعتراف القضائي؛ لأنه يكون خالي من الضمانات التي يمنحها القانون.
2-معيار الشكل:
ويعتمد هذا المعيار على طريقة الإدلاء بالاعتراف أو طريقة تقديمه إلى السلطة القضائية المختصة، وينقسم الاعتراف من حيث هذا المعيار إلى الآتي:
-الاعتراف الشفوي:
وهو الذي يصدر شفويًا من المُعترف عن طريق الإدلاء به أمام الشرطة، أو النيابة، أو المحكمة، وحجية في الإثبات تكون أقل من الاعتراف المكتوب، خاصةً إذا لم يكن صادرًا أمام المحكمة ناظرة الدعوى، حيث يمكن أن يجحده المتهم.
-الاعتراف المكتوب:
هو الذي يصدر عن المعترِف كتابةً بموجب إرادته الشرعية الكاملة، وهذا النوع من الاعتراف لا يكون له شكل بعينه، فيمكن أن يكون مكتوبًا بآلة كاتبة أو بخط اليد، ويكون خاضعًا لتقدير المحكمة واقتناعها فلها أن تفحص كافة أجزائه، ولا تأخذ منه إلا بما يقنعها أو تطرحه كله إذا لم تطمئن إلى صحته.
-الاعتراف بالإشارة
يمكن أن يصدر الاعتراف عن طريق الإشارة وذلك في حال عدم قدرة المعترف على الكتابة أو النطق، وهذا النوع من الاعتراف يُعد حالة استثنائية.
رابعًا: مشروعية الاعتراف
إن مشروعية الاعتراف تكمن فيما ورد من الكتاب، والسنة، القياس، والإجماع من جواز استخدام الاعتراف كوسيلة من وسائل الإثبات، ونبين ذلك فيما يلي:
1-الكتاب:
وردت العديد من الآيات في القرآن الكريم تدل على قبول الاعتراف كدليل من أدلة الإثبات القاطعة، ومن هذه الآيات:
قول المولى عز وجل: “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم”([3])والشهادة على النفس هي بمثابة الاعتراف.
2-السنة:
لقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تدل على إقراره الاعتراف في الإثبات، وإلزام القاضي العمل به، ومن ضمن هذه الأحاديث، “حديث ماعز الذي أتى المسجد، وقال: “يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات… قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهبوا فارجموه) وفي رواية أخرى: (فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنى… فرجمه)”([4])
3-الإجماع:
اتفق جميع الفقهاء على أن الاعتراف حجةٌ لإثبات الحق وإظهاره، وأنه حجةٌ على من صدر منه.
خامسًا: شروط صحة الاعتراف
يُشترط لصحة الاعتراف مجموعة من الشروط يتعين توافرها؛ لكي يمكن الأخذ بهذا الاعتراف كدليل قاطع على المُعترِف، وهذه الشروط تتمثل في الآتي:
1-أن يكون المعترف عاقلًا بالغًا:
يتعين لصحة الاعتراف أن يكون صادرًا من شخص عاقل بالغ، فلا يصح إقرار الصبي أو المجنون أو السكران.
2-أن يكون المعترف مختارًا:
فلا يجوز إكراه المتهم أو الظن على الاعتراف بالتهمة الموجهة إليه، وإذا صدر الاعتراف عن طريق الإكراه سواء المادي أو المعنوي فلا يصح الاستناد إليه، ويجب على المحكمة إبعاده من الأدلة المستند إليها في الدعوى.
3-أن يكون الاعتراف صريحًا واضحًا ومطابقًا للواقع:
حيث يجب أن يكون الاعتراف صريحًا لا لبس فيه ولا يحتمل أكثر من معنى دالًا بذاته على الفعل المسند إلى المتهم. كما يتعين أن يفهم المتهم تمامًا ماهية التهمة المقررة إليه، وما سينتج عن اعترافه هذا، علاوةً على ذلك فإنه يجب أن يكون الاعتراف مطابقًا للحقيقة والوقائع الثابتة في الدعوى.
4-أن يكون الاعتراف صادرًا عن إجراءات صحيحة ومشروعة:
فيتعين أن يكون الوصول إلى الاعتراف بطرق مشروعة، حيث يجب أن يكون الاعتراف مبنيًا على إجراءات صحيحة؛ لكي يمكن الاستناد إليه في الإثبات. فإذا شاب البطلان أي إجراء من إجراءات التحقيق وكان اعتراف المتهم وليد هذا الإجراء الباطل، أو كان نتيجة قبض أو تفتيش باطلين؛ فلا يجوز التعويل عليه، ويُعد الاعتراف باطلًا.
أما إذا كان الاعتراف مستقلًا عن الإجراء الباطل؛ فلا يكون الاعتراف اللاحق عليه باطلًا، ويمكن اعتباره دليلًا مستقلًا بذاته
سادسًا: حجية الاعتراف في الإثبات
تختلف حجية الاعتراف باختلاف ما إذا كان صادرًا من المعترف في مرحلة ما قبل المحاكمة أم إذا كان صادرًا من المعترف في مرحلة المحاكمة، وذلك على التفصيل الآتي:
1-حجية الاعتراف الصادر في مرحلة ما قبل المحاكمة
تنقسم مرحلة ما قبل المحاكمة إلى مرحلتين هما مرحلة التحقيق الأولي، ومرحلة التحقيق الابتدائي، ونبين حجية اعتراف المتهم أو الظنين في تلك المرحلتين فيما يلي:
–حجية الاعتراف الصادر في مرحلة التحقيق الأولي أمام الشرطة:
يتولى رجال الضابطة العدلية ( الشرطة ) في تلك المرحلة التحري عن الجريمة، وضبط آثارها، والبحث عن مرتكبيها، والتحقيق معهم، وأثناء إجراء التحقيق مع الظنين أو المتهم قد يُدلي باعتراف صريح عن ارتكابه الجريمة المتهم بها، ولكي يمكن الاستناد غلى ذلك الاعتراف كدليل من أدلة الإثبات، ويكون له حجيته، فيتعين توفير بعض من الضمانات إلى المشتبه به أثناء التحقيق معه أمام الضابطة العدلية، وتتمثل هذه الضمانات في الآتي:
إحاطة المشتبه به علمًا بالجريمة المنسوبة إليه، فهذه ضمانة هامة إلا أن “قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردنية لم يوجب إعلام المشتبه فيه قبل إدلائه بإفادته عن الجريمة المشتبه نسبتها إليه”([5])
وتأتي الضمانة الثانية في إعطاء المشتبه به الحق في الصمت لحين علمه بالجريمة المنسوبة إليه، وتكمن الضمانة الثالثة في تدوين الإفادة الصادرة من المشتبه أمام الضابطة العدلية، ومن ثمَّ توقيع المشتبه به على ما أدلى به من اعترافات، وإذا امتنع عن التوقيع يثبت الموظف المختص ذلك مع بيان سبب امتناعه، وذلك وفقًا لما نصت عليه الفقرة الخامسة من (المادة 100) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني: “5-توقيع المحضر ممن ورد ذكرهم في البنود (2) و (3) و (4) من هذه الفقرة ومن المشتكى عليه وفي حالة امتناعه عن التوقيع يشار إلى ذلك في المحضر مع بيان السبب”([6]).
ويُعد الاعتراف الصادر أمام الضابطة العدلية اعترافًا غير قضائي؛ كونه صادرًا خارج مجلس القضاء أو أمام جهة غير قضائية، وأجاز المشرع الأردني الاستناد إلى الإفادة أو الاعتراف الصادر عن المشتبه به أمام الضابطة العدلية، وذلك وفقًا لما ورد في (المادة 159) من قانون أصول المحاكمات الجزائية: “إن الإفادة التي يؤديها المتهم أو الظنين أو المشتكى عليه في غير حضور المدعي العام ويعترف فيها بارتكابه جرمًا تقبل فقط إذا قدمت النيابة بينة على الظروف التي أديت فيها واقتنعت المحكمة بأن المتهم أو الظنين أو المشتكى عليه أداها طوعًا واختيارًا”([7]).
وقد ربط المشرع حجية الاعتراف الصادر أمام الضابطة العدلية بتقديم النيابة العامة بينة على أن هذا الاعتراف قد صدر من المشتبه به طوعًا واختيارًا.
–حجية الاعتراف الصادر في مرحلة التحقيق الابتدائي أمام المدعي العام:
التحقيق الابتدائي هو: مجموعة من الإجراءات القضائية تتخذها النيابة العامة، وتتمثل هذه الإجراءات في إجراءات جمع الأدلة التي تُثبت أو تنفي ارتكاب المشتبه به للجريمة، مع إمكانية اتخاذ بعض الإجراءات الاحتياطية ضد المشتبه به.
ويعد استجواب المشتكى عليه من أهم إجراءات التحقيق الابتدائي، حيث “يصنف الاستجواب من الناحية الفنية ضمن إجراءات جمع الأدلة، الذي يربط بين جميع وقائعها، ويبحث في مدى جديتها؛ لتحقيق هدفها في الوصول إلى الحقيقة وتوقيع العقاب على الجاني، فاستجواب المشتكى عليه ذو طبيعة خاصة تميزه عن سائر إجراءات التحقيق، وليس الهدف منه البحث عن أدلة الاتهام بغية الحصول على اعتراف المشتكى عليه فقط، بل ينظر إليه أيضًا على أنه وسيلة دفاع للمشتكى عليه”([8]).
وقد يعترف المشتكى عليه أثناء استجوابه بارتكاب التهمة المنسوبة إليه، ولأهمية الاستجواب، ولكي يكون للاعتراف الصادر عن المشتكى عليه أهمية؛ فقد أخضع المشرع الأردني الاستجواب أمام الادعاء العام لعدة ضمانات تمثلت في إحاطة المشتكى عليه بالتهمة الموجه إليه، مع منحه الحق في الصمت لحين حضور المحامي الخاص به، ووجوب تدوين إفادة المشتكى عليه ثم تلاوتها عليه من جانب الموظف المختص، كما يوقع المشتكى عليه على الإفادة الصادرة عنه، وإذا امتنع عن التوقيع يُثبت الموظف المختص ذلك، وجاءت هذه الضمانات على التفصيل في (المادة 63) من قانون أصول المحاكم الجزائية: “1-عندما يمثل المشتكى عليه أمام المدعي العام يتثبت من هويته ويتلو عليه التهمة المنسوبة إليه ويطلب جوابه عنها منبهًا إياه أن من حقه أن لا يجيب عنها إلا بحضور محامِ، ويدون هذا التنبيه في محضر التحقيق فإذا رفض المشتكى عليه توكيل محامِ أو لم يحضر محاميًا في مدة أربع وعشرين ساعة يجري التحقيق بمعزل عنه .
2-يجوز في حالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وبقرار معلل سؤال المشتكى عليه عن التهمة المسندة إليه قبل دعوة محاميه للحضور على أن يكون له بعد ذلك الاطلاع على إفادة موكله.
3-إذا أدلى المشتكى عليه بإفادة يدونها الكاتب ثم يتلوها عليه فيوقعها بإمضائه أو ببصمته ويصدق عليها المدعي العام والكاتب، وإذا امتنع المشتكى عليه عن توقيعها بإمضائه أو ببصمته يدون الكاتب ذلك بالمحضر مع بيان سبب الامتناع ويصادق عليها المدعي العام والكاتب”([9]).
وإذا لم يتقيد المدعي العام بالضمانات المذكورة سابقًا فإن الإفادة الواردة في التحقيق الابتدائي تكون باطلةً ولا يجوز الاستناد إليها، وذلك وفقًا لما نصت عليه الفقرة الرابعة من (المادة 63) من قانون أصول المحاكم الجزائية الأردني، بما نصها: “4-يترتب على عدم تقيد المدعي العام بأحكام الفقرات (1) و (2) و (3) من هذه المادة بطلان الإفادة التي أدلى بها المشتكى عليه”([10])
أما إذا التزم الادعاء العام بجميع الضمانات التي وضعها المشرع أثناء استجواب المشتكى عليه، وكان يتضمن اعترافه بالتهمة المنسوبة إليه؛ فيكون هذا الاعتراف منتجًا لأثاره القانونية، ويمكن للمحكمة الاستناد إليه في حكمها.
ولم ينص قانون أصول المحاكم الجزائية على حجية الاعتراف في مرحلة التحقيق الابتدائي صراحةً، ولكن بالنظر إلى ما نصت عليه (المادة 159) من القانون ذاته: “إن الإفادة التي يؤديها المتهم أو الظنين أو المشتكى عليه في غير حضور المدعي العام ويعترف فيها بارتكابه جرمًا تقبل فقط إذا قدمت النيابة بينة على الظروف التي أديت فيها واقتنعت المحكمة بأن المتهم أو الظنين أو المشتكى عليه أداها طوعًا واختيارًا”، وبمفهوم المخالفة لهذه المادة يتضح أن وجود المدعي العام في التحقيق يُضفي الحجية إلى اعترافات المتهم دون الحاجة إلى إثبات أنها صدرت منه طوعًا واختيارًا.
“وتنبع أهمية قصر إجراء الاستجواب على سلطة التحقيق “النيابة العامة” متمثلة بالمدعي العام؛ لكونها جهة قضائية، ويترتب على ذلك مراعاتها لضمانات الاستجواب المتعددة، وسلامة الإجراءات المتخذة في استجواب المشتكى عليه؛ مما يحافظ على حجية محضر الاستجواب أمام القضاء، خاصةً إذا أدى الاستجواب إلى اعتراف المشتكى عليه”([11])
وأما عن التطبيق القضائي من حيث حجية الاعتراف أمام المدعي العام، فقد تواردت أحكام محكمة التمييز على اعتباره بينةً قانونيةً يجوز الاعتماد عليها في الحكم، وأنه إذا اقتنعت محكمة الموضوع بصحة اعتراف المشتكى عليه أمام المدعي العام، فلا يكون هنالك رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك، ورغم ذلك فإن الأخيرة ذاتها قد أقرت أن الاعتراف أمام المدعي عام ليس حجة بذاته مطلقًا، وأنه إذا تبين للمحكمة أنه أُخذ بالقوة أو تحت إكراه؛ فيتعين عليها إبعاده من أدلة الإثبات، كما أقرت محكمة التمييز الحق للمشتكى عليه في الطعن على اعترافه أمام المدعي العام بالتزوير، ولكن يلزم أن يكون طعنه قائمًا على أسباب جدية.
ويتضح من جميع ما سبق الفرق الشاسع بين حجية الاعتراف في مرحلة التحقيق الأولى أمام الضابطة العدلية، وحجية الاعتراف في مرحلة التحقيق الابتدائي أمام المدعي العام، ويمكن تلخيص هذا الفرق في اعتبار الاعتراف في مرحلة التحقيق الأولى مجرد قرينة أو بينة بسيطة بعكس الاعتراف في مرحلة التحقيق الابتدائي الذي يعتبر بينة قانونية قائمةً بذاتها، ولكن يمكن الطعن عليها إذا توافرت أسباب هذا الطعن.
2-حجية الاعتراف الصادر في مرحلة المحاكمة:
ويقصد هنا بمرحلة المحاكمة: “المرحلة التي يتم فيها محاكمة المشتكى عليه -ظنيًا كان أم متهمًا- أمام قضاء الحكم بدرجاته كافة”([12])
وبالطبع تختلف مرحلة المحاكمة عن المرحلة السابقة عليها (التحقيق الأولي والابتدائي)، حيث إن الأخيرة تعتمد على سرية الإجراءات بعكس مرحلة المحاكمة التي تنتهج العلنية في جميع إجراءاتها، هذا فضلًا عن أنه في مرحلة المحكمة يُتخذ القرار بعقوبة المتهم بناءً على أدلة حاسمة وقاطعة، بعكس المرحلة السابقة عنها التي يمكن فيها إحالة المشتكى عليه إلى المحاكمة بناءً على أدلة يتخللها الشك.
وقد قرر المشرع الأردني مجموعة من الضمانات للمشتكى عليه -ظنيًّا كان أم متهمًا- أثناء نظر الدعوى من المحكمة (مرحلة المحاكمة)، وقد تمثلت هذه الضمانات فيما ورد بشأن محاكمة الظنيين والمتهم في كلًا من المواد (172) و (216) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتمثلت هذه الضمانات في إحاطة المتهم أو الظنيين بالتهمة المنسوبة إليه، عن طريق تلاوة ممثل النيابة العامة وقائع الدعوى علنيًّا، ومن ثمَّ يسأل فضيلة القاضي المتهم عن صحة التهمة المسندة إليه، وفي حال اعترافه يدون ذلك الاعتراف بكلمات أقرب ما تكون إلى الألفاظ التي استعملها في اعترافه، أما إذا سكت المتهم أو الظنيين عن الرد واستخدم حقه في الصمت -الذي يُعد ضمانة أخرى- فلا يكون اعترافًا منه بل يُعد إنكارًا للتهمة المنسوبة إليه.
ومن الضمانات الأخرى التي وضعها المشرع حق المتهم في الاستعانة بمحامٍ أثناء حضور الجلسات، وهذا الحق يكون فرضًا لا اختيارًا في الجرائم التي حددها المشرع في (المادة 208) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بما نصها: “1-بعد أن يودع المدعي العام إضبارة الدعوى إلى المحكمة، على رئيس المحكمة أو من ينيبه من قضاة المحكمة في الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد أن يحضر المتهم ويسأل منه هل اختار محاميًا للدفاع عنه فإن لم يكن قد فعل وكانت حالته المادية لا تساعده على إقامة محامِ عين له الرئيس أو نائبه محاميًا”([13])، وتُعد هذه الضمانة من أهم الضمانات التي أقرها المشرع للمتهم أو الظنيين.
وتوجد ضمانات متعلقة بحالات خاصة مثل الأبكم أو الأصم، فقد نص المشرع في (المادة 230) من القانون المذكور سابقًا على أنه: “إذا كان المتهم أو الشاهد أبكم أصم ولا يعرف الكتابة عين الرئيس للترجمة بينه وبين المحكمة من اعتاد مخاطبته أو مخاطبة أمثاله بالإشارة أو بالوسائل الفنية الأخرى”([14]).
وإذا تخلفت أي من الضمانات المذكورة واعترف المتهم أو الظنيين بالتهمة المنسوبة إليه فيكون اعترافه باطلًا ولا يجوز الاستناد إليه، أما إذا توافرت جميع الضمانات المذكورة في مرحلة المحاكمة، واعترف المتهم أو الظنين بالتهمة المنسوبة إليه، فيكون لهذا الاعتراف حجية في الإثبات لدرجة أنه يمكن أن يكتفي به القاضي ويصدر حكمه بناءً على اعترافه إذا اطمئن إلى صحته، وذلك وفقًا لما نصت عليه الفقرة الثانية من (المادة 216) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بما نصها: “2-إذا اعترف المتهم بالتهمة، يأمر الرئيس بتسجيل اعترافه بكلمات أقرب ما تكون إلى الألفاظ التي استعملها في اعترافه، ويجوز للمحكمة الاكتفاء باعترافه، وعندئذٍ تحكم عليه بالعقوبة التي تستلزمها جريمته إلا إذا رأت خلاف ذلك”([15])، والأمر ذاته في حال اعتراف الظنين، وذلك بناءً على ما نصت عليه الفقرة الثانية من (المادة 172) التي لم تختلف في نصها عن سابقتها([16]).
ويتضح مما نص عليه المشرع مدى قوة حجية وقطعية اعتراف المتهم أو الظنين في مرحلة المحاكمة، ما دام قد اقتنع فضيلة القاضي بصحة ذلك الاعتراف، وقناعة المحكمة بالاعتراف لا تكون مطلقة مبنية على الهوى دون قيد، بل إن لها مجموعة من الضبوط والقيود، نذكرها باختصار في النقاط الآتية:
1-وجوب أن تكون قناعة المحكمة مبنيةً على اعتراف صحيح ومشروع في الدعوى
2-أن يكون للاعتراف المبني عليه الحكم أصل في أوراق الدعوى.
3-أن تبنى القناعة بالاعتراف على الجزم واليقين بصحته لا الشك والتخمين.
4-وجوب تسبيب الحكم المستند إليه الاعتراف، بذكر أن الحكم صدر مبنيًا على ذلك الاعتراف.
5-انسجام القناعة الوجدانية بالاعتراف مع المنطق والعقل.
فإذا توافرت هذه الضوابط في الحكم المبني على اعتراف المتهم؛ كان الحكم صحيحًا منتجًا لآثاره، وإذا أخل الحكم بأي منها؛ كان باطلًا، حريًا بإلغائه.
ويمكن للمحكمة أن تجزء الاعتراف بأن تأخذ ما تقتنع به، وتطرح جانبًا ما لم تقتنع به، ما دامت الوقائع الخاصة بذلك الاعتراف غير مترابطة، ويمكن فصلها. “ونرى أن سلطة المحكمة في تجزئة الاعتراف سلطة مستمدة من مبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته، وبالتالي فإن للقاضي الحرية في تقدير الاعتراف، واخذ ما يطمئن إليه وطرح ما لا يقتنع به إذا كان الاعتراف يحتمل التجزئة؛ لأن الاعتراف يُعد من الأدلة القولية الإقناعية في القانون الجنائي”([17]).
سابعًا: حجية الاعتراف الصادر من الغير
لا شك أن الاعتراف يكون مقتصرًا في حجيته على من صدر منه، لكن في بعض الأحوال يشمل هذا الاعتراف اتهام شخص آخر بارتكابه جريمةً ما أو المساعدة على ارتكابها ما إلى ذلك، وهنا يثور التساؤل ما حجية ذلك الاعتراف الصادر في حق الغير؟ وللرد على هذا السؤال نتناول حالات الاعتراف على الغير فيما يلي:
1-اعتراف متهم ضد متهم:
أن الأقوال التي يدلي بها متهم ضد متهم آخر تُعد أقوالًا ضده في الدعوى، ولا يكون لخا حجيةً قاطعةً في الدعوى، وإنما تؤخذ على سبيل الاستدلال، ومن ثم لا يصبح الاستناد لها بمفردها للحكم على المتهم الآخر ما لم تقترن بقربته تؤيدها، وذلك وفقًا لما نصت عليه الفقرة الثانية من (المادة 148) من قانون أصول المحاكمات الجزائية: “2-يجوز الاعتماد على أقوال متهم ضد متهم آخر إذا وجدت قرينة أخرى تؤيدها ويحق للمتهم الآخر أو وكيله مناقشة المتهم المذكور”([18]).
2-اعتراف محامي عن موكله:
“إن تسليم المحامي بالتهمة المنسوبة إلى موكله ورغم عدم اعتراض الأخير، لا يعتبر اعترافًا صريحًا أو ضمنيًا، وإذا أنكر المتهم ما سلم به محاميه من إسناد الجرم إليه، فلا يعتبر حجةً عليه، وسكوت المتهم على ما سلم به المحامي، وعدم اعتراضه عليه لا يعتبر اعترافًا من جانبه، من ثمَّ لا يصح أن تعتبر المحكمة تسليم المحامي بصحة إسناد التهمة إلى موكله أو بدليل من أدلة الدعوى حجة على المتهم المُنكر”([19])، ولكن في حال تسليم المحامي بصحة ارتكاب موكله للتهمة المسندة إليه، وصادق المتهم صراحةً على ذلك؛ فإن ذلك يُعد اعترافًا منه يمكن التعويل عليه.
ثامنًا: أثر عدول المتهم أو الظن عن اعترافه
يُقصد بالعدول عن الاعتراف: “هو رجوع المتهم عن الأقوال التي سبق أن أدلى بها أمام الضابطة العدلية أو المدعي العام”([20]). ويكون للمتهم أو الظن حق العدول عن اعترافه في أي وقت حتى قفل باب المرافعة، ولم يتضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية نصًا يُعالج حالة عدول المتهم أو الظن عن اعترافه، ونرى أن سكوت المشرع الأردني عن هذا الأمر يرجع إلى منحه المحكمة الجزائية السلطة التقديرية دائمًا في تقدير حجية الاعتراف، وأن الأمر ذاته من حيث العدول عنه، ويجب على المحكمة إذا أخذت بالاعتراف بعد الرجوع عنه أمامها أن تبين في حكمها سبب عدم أخذها برجوع المتهم أو الظن عن اعترافه أمامها، وكذلك إذا استبعدت اعتراف المتهم لاقتناعها بالرجوع عنه؛ فيكون عليها أن تسبب قرارها وإلا شابه القصور.
تاسعًا: المواد النظامية المتعلقة بموضوع الاعتراف
لقد نصت (المادة 63) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على ضوابط الحصول على اعتراف المتهم أمام المدعي العام: “1-عندما يمثل المشتكى عليه أمام المدعي العام يتثبت من هويته ويتلو عليه التهمة المنسوبة إليه ويطلب جوابه عنها منبهًا إياه أن من حقه ألا يجيب عنها إلا بحضور محامِ، ويدون هذا التنبيه في محضر التحقيق فإذا رفض المشتكى عليه توكيل محامِ أو لم يحضر محاميًا في مدة أربع وعشرين ساعة يجري التحقيق بمعزل عنه.
2-يجوز في حالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وبقرار معلل سؤال المشتكى عليه عن التهمة المسندة إليه قبل دعوة محاميه للحضور على أن يكون له بعد ذلك الاطلاع على إفادة موكله.
3-إذا أدلى المشتكى عليه بإفادة يدونها الكاتب ثم يتلوها عليه فيوقعها بإمضائه أو ببصمته ويصدق عليها المدعي العام والكاتب، وإذا امتنع المشتكى عليه عن توقيعها بإمضائه أو ببصمته يدون الكاتب ذلك بالمحضر مع بيان سبب الامتناع ويصادق عليها المدعي العام والكاتب.
4-يترتب على عدم تقيد المدعي العام بأحكام الفقرات (1) و (2) و (3) من هذه المادة بطلان الإفادة التي أدلى بها المشتكى عليه.
كما جاء في (المادة 64) قانون أصول المحاكمات الجزائية ما يلي: “1-للمشتكى عليه والمسؤول بالمال والمدعي الشخصي ووكلائهم الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق ما عدا سماع الشهود.
2-يحق للأشخاص المذكورين في الفقرة الأولى أن يطلعوا على التحقيقات التي جرت في غيابهم.
3-ويحق للمدعي أن يقرر إجراء تحقيق بمعزل عن الأشخاص المذكورين وفي حالة الاستعجال أو متى رأى ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة وقراره بهذا الشأن لا يقبل المراجعة إنما يجب عليه عند انتهائه من التحقيق المقرر على هذا الوجه أن يطلع عليه ذوي العلاقة”.
وورد في (المادة 100) قانون أصول المحاكمات الجزائية الآتي: “1-في الأحوال التي يتم بها القبض على المشتكى عليه وفقًا لأحكام المادة (99) من هذا القانون يتوجب على موظف الضابطة العدلية وتحت طائلة بطلان الإجراءات القيام بما يلي:
أ. تنظيم محضر خاص موقع من ويبلغ إلى المشتكى عليه وإلى محاميه إن وجد ويتضمن ما يلي:
1-اسم الموظف الذي أصدر أمر القبض والذي قام بتنفيذه.
2-اسم المشتكى عليه وتاريخ إلقاء القبض عليه ومكانه وأسبابه.
3-وقت إيداع المشتكى عليه وتاريخه ومكان التوقيف أو الحجز.
4-اسم الشخص الذي باشر بتنظيم المحضر والاستماع إلى أقوال المشتكى عليه.
5-توقيع المحضر ممن ورد ذكرهم في البنود (2) و (3) و (4) من هذه الفقرة ومن المشتكى عليه وفي حالة امتناعه عن التوقيع يشار إلى ذلك في المحضر مع بيان السبب.
ب. سماع أقوال المشتكى عليه فور إلقاء القبض عليه وإرساله خلال أربع وعشرون ساعة إلى المدعي العام المختص مع المحضر المشار إليه في البند (أ) من هذه الفقرة ويتوجب على المدعي العام أن يثبت في المحضر التاريخ والوقت الذي مثل المشتكى عليه أمامه لأول مرة، ويباشر إجراءات التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة حسب الأصول.
2-تسري أحكام الفقرة (1) من هذه المادة على جميع الحالات التي يتم فيها إلقاء القبض على أي شخص وفقًا لأحكام القانون”.
وقد ورد في (المادة 147) من قانون أصول المحاكمات الجزائية: “2-تقام البينة في الجنايات والجنح والمخالفات بجميع طرق الإثبات ويحكم القاضي حسب قناعته الشخصية”.
وجاء في (المادة 148) من قانون أصول المحاكمات الجزائية: “2-يجوز الاعتماد على أقوال متهم ضد متهم آخر إذا وجدت قرينة أخرى تؤيدها ويحق للمتهم الآخر أو وكيله مناقشة المتهم المذكور”([21]).
ونصت (المادة 159) من قانون أصول المحاكمات الجزائية علي: “إن الإفادة التي يؤديها المتهم أو الظنين أو المشتكى عليه في غير حضور المدعي العام ويعترف فيها بارتكابه جرمًا تقبل فقط إذا قدمت النيابة بينة على الظروف التي أديت فيها واقتنعت المحكمة بأن المتهم أو الظنين أو المشتكى عليه أداها طوعًا واختيارًا”.
وجاء في (المادة 172) من قانون أصول المحاكمات الجزائية: “1-عند البدء في المحاكمة يتلو كاتب المحكمة قرار الظن والأوراق والوثائق الأخرى إن وجدت، ويوضح ممثل النيابة العامة والمدعي الشخص أو وكيله وقائع الدعوى، ثم تسأل المحكمة الظنين عن التهمة المسندة إليه.
2-إذا اعترف الظنين بالتهمة، يأمر الرئيس بتسجيل اعترافه بكلمات أقرب ما تكون إلى الألفاظ التي استعملها في اعترافه بالعقوبة ومن ثم تدينه المحكمة وتحكم عليه بالعقوبة التي تستلزمها جريمته إلا إذا بدت لها أسباب كافية تقضي بعكس ذلك.
3-إذا رفض الظنين الإجابة يعتبر أنه غير معترف بالتهمة ويأمر رئيس المحكمة بتدوين ذلك في الضبط.
4-إذا أنكر الظنين التهمة أو رفض الإجابة عليها أو لم تقنع المحكمة باعترافه تشرع في استماع البينات وفقًا لما هو منصوص عليه فيما بعد”.
ونصت (المادة 208) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على: “1-بعد أن يودع المدعي العام إضبارة الدعوى إلى المحكمة، على رئيس المحكمة أو من ينيبه من قضاة المحكمة في الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد أن يحضر المتهم ويسأل منه هل اختار محاميًا للدفاع عنه فإن لم يكن قد فعل وكانت حالته المادية لا تساعده على إقامة محامِ عين له الرئيس أو نائبه محاميًا”.
وقد قررت (المادة 215) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ما يلي: “1-ينبه الرئيس وكيل المتهم إن وجد أن يدافع عن موكله بشكل لا يخل بحرمة القانون
2-ينبه الرئيس المتهم أن يصغي إلى كل ما سيتلى عليه ويأمر كاتب المحكمة بتلاوة قرار الظن وقرار الاتهام ولائحة الاتهام وقائمة أسماء الشهود والضبوط والوثائق الأخرى.
3-وبعد ذلك يلخص الرئيس للمتهم مآل التهمة الموجهة إليه ويوعز إليه بأن ينتبه إلى الأدلة التي سترد بحقه.
وورد في (المادة 216) من قانون أصول المحاكمات الجزائية أنه: “1-بعد أن يتلو الكاتب ما ذكر في المادة السابقة من قرارات ووثائق وبعد أن يوضح ممثل النيابة العامة وقائع الدعوى، والمدعي الشخصي أو وكيله شكواه، يسأل الرئيس، المتهم عن التهمة المسندة إليه.
2-إذا اعترف المتهم بالتهمة، يأمر الرئيس بتسجيل اعترافه بكلمات أقرب ما تكون إلى الألفاظ التي استعملها في اعترافه، ويجوز للمحكمة الاكتفاء باعترافه، وعندئذٍ تحكم عليه بالعقوبة التي تستلزمها جريمته إلا إذا رأت خلاف ذلك.
3- إذا رفض المتهم الإجابة يعتبر غير معترف بالتهمة ويأمر رئيس المحكمة بتدوين ذلك في الضبط.
4-إذا أنكر المتهم التهمـة أو رفض الإجابـة أو لم تقنـع المحكمـة باعترافـه بها تشـرع -المحكمة- في الاستماع إلى شهود الإثبات.
وقررت (المادة 230) من القانون المذكور سابقًا أنه: “إذا كان المتهم أو الشاهد أبكم أصم ولا يعرف الكتابة عين الرئيس للترجمة بينه وبين المحكمة من اعتاد مخاطبته أو مخاطبة أمثاله بالإشارة أو بالوسائل الفنية الأخرى”
عاشرًا: سوابق قضائية فيما يخص الاعتراف
نقدم مجموعة من السوابق القضائية الصادرة من محكمة التمييز الأردنية يتضح منها حجية الاعتراف في الإثبات وشروط صحته، وذلك فيما يلي:
الحكم رقم (2234) لسنة 2020م،
الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية بتاريخ 15/10/2020م، بما نصه: “للأخذ بأقوال المتهمة كبينة في الدعوى سواء كانت الأقوال الأولية أو لدى المحكمة لا بد وأن تكون هذه الأقوال صادرة عن إرادة حرة وواعية تتوافق مع مجريات الدعوى وظروفها، وأن تتوافر لديه الأهلية السليمة، وحيث وجدت المحكمة من خلال التقرير الطبي أن المميز ضدها تعاني من الفصام العقلي المزمن وكانت تمر بانتكاسة مرضية وأُخضعت للعلاج واستقرت حالتها.
وما جاء بشهادة منظمي التقرير (أن المميز ضدها تعاني من مرض الفصام العقلي المزمن وكانت تمر بانتكاسة مرضية وهي من الأمراض العقلية وعندما يكون شخص تحت تأثير الانتكاسة المرضية يكون غير مدرك لكل أقواله وأفعاله …. وأن المتهمة لا تدرك أي شيء من أقوالها أو أفعالها أثناء الانتكاسة المرضية، وأيدت هذه الحالة المرضية بشهادة أطباء المركز الوطني للصحة النفسية؛ مما ينبني عليه أن المميز ضدها وعند أخذ أقوالها الأولية لدى الشرطة ولدى المدعي ومنذ 2/8/2019م (واقعة وفاة ابنتها….) كانت تمر بانتكاسة مرضية شديدة وغير مدركة لكل أقوالها؛ وبالتالي فإن استبعاد محكمة الجنايات اعترافات المتهمة في محله واقعًا وقانونًا”([22]).
2-لقد ورد في الحكم رقم (649) لسنة 2020م
الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية بتاريخ 9/6/2020م، ما نصه: “فبالنسبة للسبب الثاني :- نجد أن محكمة الاستئناف قد أشارت إلى حجية اعتراف المميز مما يعني أنها بسطت رقابتها على محضر إلقاء القبض الذي نجده مستكملًا كافة الشروط الواردة في أحكام المادة (100) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ذلك أن العبرة في أخذ إفادة المتهم ضمن مدة الأربع والعشرين ساعة أما التأخر في إرساله للمدعي العام فقد استقر اجتهاد محكمتنا على أن ذلك لا يبطل محضر إلقاء القبض والإجراءات المبنية عليه وإن كان يعرض من تسبب بالتأخير للمسألة التأديبية؛ وعليه فإن هذا السبب لا يرد على القرار المميز ويتعين رده”([23]).
3-لقد نص الحكم رقم (204) لسنة 2020م
الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية بتاريخ 12/4/2020م على: “وفي ردنا على هذه الأسباب نجد ومن استعراض محكمتنا أوراق الدعوى نجد أن محكمة الاستئناف ناقشت أسباب الاستئناف مناقشة وافية وكافية وتوصلت بتدقيقها أوراق الدعوى إلى أن المستأنف وبأقواله لدى المحقق في دائرة المخابرات العامة اعترف اعترافًا واضحًا ومفصلًا بالأفعال الجرمية التي قارفها وبإرادة حرة وواعية لا يشوبها أي إكراه أو ضغط بأي شكل من الأشكال.
وهو بمثابة اعتراف قضائي يصلح كدليل إدانة ما دام أنه أدلى بها بهذه الظروف وأمام جهة تحقيق مختصة باعتبار أن أسباب إلقاء القبض عليه هي القيام بأعمال من شأنها تعريض أمن وسلامة المجتمع للخطر والإخلال بالنظام العام مما يندرج تحت قانون منع الإرهاب، وإن مدعي عام محكمة أمن الدولة قرر منع محاكمته عن هذه التهمة وإعلان عدم اختصاصه بالنظر بجناية الرشوة، وباعتبار أن المميز ولدى مثوله أمام مدعي عام شمال عمان أفاد بأنه لم يتعرض للضرب أو الإكراه من قبل مدعي عام المخابرات.
مما ينبني على ذلك أن محكمة الاستئناف اعتمدت بقرارها الطعين على اعترافات المستأنف لدى جهة قضائية مختصة وباعتمادها لبينة النيابة فإن ذلك يعني الالتفات عن البينة الدفاعية التي لم تنل من بينة النيابة العامة. وحيث إن القرار المميز جاء مستوفيًا لعلله وأسبابه ومتفقُا ومقتضيات المادة (237) من قانون أصول المحاكمات الجزائية مما يجعل أسباب الطعن غير واردة وجديرة بالرد”([24]).
4-كما ورد في الحكم رقم (3232) لسنة 2019م
الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية بتاريخ 31/12/2019م ما يلي: “1. أن محكمة الشرطة وبقرارها المطعون فيه أحاطت بواقعة هذه الدعوى وظروفها إحاطة تامة وناقشت الأدلة الواردة فيها مناقشة وافية وتوصلت إلى أن المتهمة ….. وفي معرض سؤالها عن التهمة المسندة إليها ذكرت أنها مذنبة عن تهمة المشاجرة التي نجم عنها وفاة إنسان وقد تأيد هذا الاعتراف بشهادة شهود النيابة العامة الذين أجمعوا أن الذي ضرب المجني عليه …. بالعصا الخشبية على رأسه هي المتهمة …. حيث كانت تنوي ضرب المدعو …. الذي كان يتشاجر مع المجني عليه ………..الأمر الذي يولد القناعة بصحة اعتراف المتهمة أمام محكمة الشرطة عند سؤالها عن الجرم المسند إليها؛ وعليه وحيث إن الاعتراف الذي يدلي به المشتكى عليه أمام المحكمة يصلح أن يكون دليلًا ضده إذا ما قنعت به المحكمة، وحيث إن محكمة الشرطة قنعت باعتراف المتهمة الذي تأيد بشهادات شهود النيابة العامة وشهادة الطبيب الشرعي؛ فإن ما ورد بأسباب التمييز المقدمة من المتهمة إخلاص لا يرد على القرار المميز مما يتعين رد التمييز”([25])
5-وورد أيضًا في الحكم رقم (1376) لسنة 2010م
الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائي بتاريخ 17/2/2011م ما نصه: “وعن الأسباب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس من أسباب التمييز المقدم من المحكوم عليه والذي ينعى فيه المميز على محكمة الجنايات الكبرى خطأها بالأخذ باعتراف المتهم الذي أدلى به في مراحل هذه الدعوى.
وفي ذلك نجد أن اعتراف المتهم سواء أكان أمام الشرطة أو أمام المدعي العام فإنه أدلى به بطوعه واختياره وبدون أي إكراه، وأن اعتراف المتهم أمام المدعي العام هو اعتراف قضائي وجاء منسجمًا مع البينات المقدمة بهذه القضية، ويصلح لبناء حكم قضائي سليم عليه وخاصة وأنه ثبت من خلال البينة المقدمة ومن ضمنها تقرير الطبيب الشرعي وتقرير المختبر الجنائي أن المتهم هو الأب البيولوجي للجنين الذي أنجبته المجني عليها
أما ما يدعيه المميز من أن هنالك تناقضًا بين ما ورد بإفادته وما ورد في البينات المقدمة ومن ضمنها شهادة المجني عليها نجد أنه لا يوجد أي تناقض جوهري يؤثر على صحة اعتراف المتهم المذكور وخاصة وأن علاقته مع المجني عليها قد استمرت مدة طويلة وتخللها وقائع كثيرة وأن عدم ذكر أو نسيان بعض الوقائع نتيجة لذلك لا يؤثر على البينة المقدمة بهذه القضية ومن ضمنها اعتراف المتهم وشهادة المجني عليها وبالتالي فإن ما ورد بهذه الأسباب لا يرد على القرار المميز مما يتعين عليه ردها”([26]).
6-لقد ورد في الحكم رقم (539) لسنة 2010م
الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية في تاريخ 13/8/2010م بما نصه: “وعن باقي أسباب الطعن ويخطئان فيها القرار المطعون فيه بإسناده إلى تحقيقات باطلة وإفادات مأخوذة تحت الإكراه وعلى أقوال الطاعنين لدى المدعي العام العسكري والتي لا تشكل اعترافًا صريحًا أو ضمنيًا وخطأ المحكمة في وزن البينة.
وفي ذلك نجد أن الأدلة المقدمة في الدعوى المتمثلة في اعتراف الظنين الصريح والواضح أمام المدعي العام وهو اعتراف قضائي وبإرادة حرة منهما، وأيد هذه الاعترافات ما ضبط في منزلهما من مادة بنية اللون والبايب وأعقاب السجائر المستعملة والمشارط التي ثبت بتقرير إدارة المختبرات والأدلة الجرمية على أنها تحتوي على مركبات الحشيش المخدر وشهادة كل من الملازم ………. والملازم …… اللذين أكدوا على ضبط ما ذكر في منزل الظنين.
وجميع هذه البينات قانونية وثابتة في أوراق الدعوى ولم يرد ما يناقضها أو يدحضها وتؤدي إلى الواقعة التي استخلصتها المحكمة ومحكمتنا بصفتها محكمة موضوع تقرها عليها”([27]).
الحكم رقم 60 / 2019 – محكمة تمييز الجزاء
الاعتراف القضائي الذي يعتد به هو الاعتراف الواضح والصريح الذي لا لبس ولا غموض فيه وذلك وفقا لمقتضيات المادتين (172 و219) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
يعد قرار الحكم قانونيا حال كونه مستوفيا لجميع شروطه القانونية واقعة وعقوبة وتسبيب سندا لنص المادة 237 من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
الحكم رقم 435 / 2019 – محكمة تمييز الجزاء
الاعتراف القضائي بمستند اليه كدليل من ضمن الأدلة مادام أنه إرادة حرة وواعية .
يُعد قرار الحكم قانونياً ، حال كونه مستوفياً لجميع شروطه القانونية واقعة وعقوبة وتسبيباً ،سنداً لنص المادة (237) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وخالياً من أي عيب من العيوب التي تستوجب نقضه سنداً لنص المادة (274) من ذات القانون.
حيث ان جرم الشروع التام بالسرقة خلافا لأحكام المادتين (404) ، (70) من قانون العقوبات وقع قبل تاريخ (12/12/ 2018) وان المشتكية قد أسقطت حقها الشخصي عن المتهم ، مما ينبني على ذلك أن الجرم المذكور يغدو مشمولا بأحكام المادتين (2) ، (3/ب) من قانون العف والعام (5) / 2019 .
تسقط دعوى الحق العام بالعفو العام ، عملا بأحكام المادة (337) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
الحكم رقم 3598 / 2018 – محكمة تمييز الجزاء
يعتبر الاعتراف اعتراف قضائي يعتمد عليه في الحكم بتلك التهمة طالما ان المتهم ( المميز ) لم يقدم أية بينة يمكن الركون اليها في إثبات عكسه والتي لم يقدمها وبالتالي فإن الأخذ بهذا الاعتراف لإصدار الحكم جاء متفقا وأحكام القانون .
الحكم رقم 3525 / 2018 – محكمة تمييز الجزاء
وزن البينة من صلاحيات محكمة الموضوع التي لها بموجب المادة (147) من قانون أصول المحاكمات الجزائية أن تأخذ بالدليل كله أو بجزء منه أو تطرحه كله وأن تبني حكمها على قناعتها الوجدانية دون معقب عليها في ذلك شريطة سلامة النتائج التي تتوصل إليها وأن تكون قناعتها سائغة ومقبولة مبنية على دليل مقدم في الدعوى وله أصل ثابت فيها.
الاعتراف القضائي يصلح كدليل إدانة طالما لم يرد في البينات ما يناقضه أو يمسه ولا يطعن به إلا بالتزوير .
الحكم رقم 3334 / 2018 – محكمة تمييز الجزاء
الاعتراف القضائي الذي يعتد به هو الاعتراف الواضح والصريح الذي لا لبس ولا غموض فيه وذلك وفقا لمقتضيات المادتين (172 و219) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
يعد قرار الحكم قانونيا حال كونه مستوفيا لجميع شروطه القانونية واقعة وعقوبة وتسبيب سندا لنص المادة 237 من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
لا يقبل التمييز الا للأسباب الواردة على سبيل الحصر في المادة (274) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
لا تطبق المادة (100) من قانون أصول المحاكمات الجزائية في حالة الجرم المشهود من حيث وجوب تنظيم محضر
ضبط خاص بألقاء القبض على المشتكى عليه .
الاعتراف القضائي يصلح كدليل إدانة طالما لم يرد في البينات ما يناقضه أو يمسه.
وفقاً للقاعدة القانونية المقررة بموجب المادة (147) من قانون أصول المحاكمات الجزائية فإن القاضي الجزائي يحكم حسب قناعته الشخصية وان الحكم وجدان الحاكم والقاضي الجزائي حر في اختيار الدليل الذي يقنع به ويرتاح اليه ضميره ويطرح ما دونه.
الإقرار يعتبر بمثابة اعتراف من خارج مجلس القضاء ويصلح كبينة صالحة لإقامة حكم عليه طالما لم يثبت خلافه .
حال ارتكبت جريمة وكان محلها الأموال العامة فتعد جريمة اقتصادية ، سندا لنص المادتين (3) و ( 4 ) من قانون الجرائم الاقتصادية .
– حال اتجاه إرادة الجاني لارتكاب فعل ما ، وعلمه يقيناً ان فعله يشكل جريمة يعاقب عليها القانون واقترنت أرادته بالبدء بتنفيذ فعل من الأفعال التي تؤدي لحدوث النتيجة الجرمية التي يرغب بتحقيقها ، الا ان تدخل ظرف خارج أرادته حال دون إتمام الجريمة ، يعاقب الفاعل على فعل الشروع في هذه الجريمة وفقاً لنص المادة (70) من قانون العقوبات .
[1] المصباح المنير (ج2/ص681)
[2] الزحيلي، تبيين الحقائق (ج5/ص2)
[3] سورة النساء، أية رقم (135)
[4] الرواية الأولى رواها البخاري (ج4/ص120)، ومسلم (ج11/ص193)، والرواية الثانية رواها مسلم فقط
[5] يحيي عبد الله محمد العدوان، الصلاحيات الأصلية للضابطة العدلية في التحقيق الأولي، ص105
[6] انظر الفقرة الخامسة من (المادة 100) من قانون أصول المحاكم الجزائية.
[7] انظر (المادة 159) من قانون أصول المحاكمات الجزائية
[8] عثمان جبر محمد عاصي، ضمانات المشتكى عليه في التحقيق الجزائي الابتدائي في الأردن، ص120
[9] انظر (المادة 63) من قانون أصول المحاكم الجزائية.
[10] الفقرة الرابعة من (المادة 63) من قانون أصول المحاكم الجزائية الأردني
[11] عبد السلام مفرح العموش، استجواب المشتكى عليه في مرحلة التحقيق، ص45
[12] القبائلي، ضمانات حق المتهم أمام القضاء الجنائي، ص34
[13] انظر (المادة 208) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
[14] انظر (المادة 230) من قانون أصول المحاكمات الجزائية
[15] انظر الفقرة الثانية من (المادة 216) من قانون أصول المحاكمات الجزائية
[16] انظر الفقرة الثانية من (المادة 172) من قانون أصول المحاكمات الجزائية
[17] سامي صديق الملا، اعتراف المتهم، ص293
[18] انظر (المادة 148) من قانون أصول المحاكمات الجزائية
[19] محمود محمد مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، ص471
[20] محمد علي سالم الحابي، الوسيط في شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ص348
[21] انظر (المادة 148) من قانون أصول المحاكمات الجزائية
[22] الحكم رقم (2234) لسنة 2020م، الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية بتاريخ 15/10/2020م
[23] الحكم رقم (649) لسنة 2020م الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية بتاريخ 9/6/2020م
[24] الحكم رقم (204) لسنة 2020م الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية بتاريخ 12/4/2020م
[25] الحكم رقم (3232) لسنة 2019م الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية بتاريخ 31/12/2019م
[26] الحكم رقم (1376) لسنة 2010م الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائي بتاريخ 17/2/2011م
[27] الحكم رقم (539) لسنة 2010م الصادر من محكمة التمييز بصفتها الجزائية في تاريخ 13/8/2010م
——————————————————————————————