التعدي على العلامة التجارية
تحتل العلامة التجارية مكانة هامة ومميزة بين حقوق الملكية الصناعية والتجارية ، بحيث أصبح لها قيمة إضافية تضاف لقيمة المحل التجاري ، ولعل السبب في ذلك يعود إلى انتشار العلامة التجارية واتصالها الوثيق بالتجارة والاقتصاد أكثر من باقي حقوق الملكية الصناعية والتجارية الأخرى، ذلك أن ازدياد المنافسة بين التجار وقيام المستهلك بالشراء بالاعتماد على نوعية المنتج أو الخدمة دفع التجار إلى استخدام علامات تميز منتجاتهم وخدماتهم عن غيرها من المنتجات والخدمات المشابهة. وفي هذا المقال سنبين الحماية القانونية للعلامة التجارية ، وسنبين صور التعدي على العلامة التجارية ومنها تزوير العلامة التجارية وتقليد العلامة التجارية.
إن الاعتداء على العلامة التجارية بتقليدها وتزييفها ، هو جرم يستوجب إقامة دعوى مدنية ودعوى جزائية، ذلك أن هذا الاعتداء يضر بكل من المنتج والمستهلك والدولة، فهو يسيء للمنتج من خلال خسارته في تسويق منتجاته، كما أنه يسيء للمستهلك لأن التقليد غير القانوني للبضائع والخدمات سوف يقلل من جودة المنتج أو الخدمة الأصلية، وفي بعض الصناعات كالصناعات الدوائية فإن التقليد غير القانوني قد يؤثر سلباً على الصحة العامة للمرضى، هذا بالإضافة الى أن التقليد والتزييف للعلامات التجارية سوف يضعف من فرص الاستثمار وخاصة الأجنبية في الدولة .
ونظراً لدور العلامة التجارية في تسويق المنتجات والخدمات المحلية والدولية، ونظراً لأهمية العلامة التجارية في الحياة التجارية، فقد ظهرت صور متعددة للتعدي منها : القرصنة على العلامة التجارية، كأن يقوم تاجر باستخدام علامة تجارية مطابقة أو علامة مشابهة تخص الغير بوضعها على منتجاته أو خدماته دون إذن من مالكها، أو استخدام هذه العلامة التجارية لأغراض الإعلان عن منتجاته أو خدماته، أو الادعاء الباطل بتسجيل علامة تجارية، هذا على المستوى المحلي . أما على المستوى الدولي فقد تستخدم بعض العلامات التجارية المشهورة من قبل غير أصحابها كوسيلة لتسويق منتجاتهم أو خدماتهم عبر وسائل الاتصال الحديثة وخاصة برامج الإنترنت الأمر الذي استدعى توفير الحماية القانونية الملائمة مدنياً وجزائياً محلياً ودولياً .
إن المادة (34) من قانون العلامات التجارية لسنة (1952) قد اشترطت تسجيل العلامة التجارية في المملكة حتى تستحق التعويض في حالة التعدي عليها، وقد بقي هذا القيد مطلوباً رغم صدور القانون المعدل لقانون العلامات التجارية لسنة (1999).
والحماية المدنية للعلامة التجارية لا تقتصر على طلب التعويض بل يشمل كذلك وقف التعدي ، إلا أن الحق في طلب التعويض الذي عادةً ما يقترن بطلب وقف التعدي، يعتبر أهم حق من حقوق مالك العلامة التجارية في حالة تعرض علامته التجارية للاعتداء من قبل شخص آخر، وهذا الحق مقرر بموجب المبادئ العامة في المسؤولية المدنية، إذ منحت المادة (256) من القانون المدني الأردني كل متضرر الحق في المطالبة بالتعويض جراء تعرضه لفعل ضار، وبالتالي فإن هذا الحق مرتبط بواقعة التعدي على العلامة التجارية وحدوث الضرر في جانب مالك العلامة التجارية سواء أكانت العلامة التجارية مسجلة أم غير مسجلة.
إن الحماية الجزائية للعلامة التجارية مرتبطة بتسجيل تلك العلامة التجارية المعتدى عليها، وعليه، فإن العلامة التجارية غير المسجلة لا تتمتع بأية حماية جزائية، كما أن هذه الحماية تنصب على ذات الحق في العلامة التجارية بغض النظر عن قيمة السلع، أو البضائع، أو الخدمات التي تستخدم العلامة التجارية لتمييزها، حتى ولو لم يلحق مالك العلامة التجارية ضرر جراء الاعتداء على علامته التجارية.
والحماية الجزائية للعلامة التجارية مقيدة من حيث الزمان والمكان، فمن حيث الزمان لا حماية للعلامة التجارية إلا خلال فترة تسجيلها وهي عشر سنوات، أو في مرحلة تجديدها، أما من حيث المكان فنطاق الحماية قاصرة على إقليم الدولة التي سجلت فيها العلامة التجارية، مع عدم الإخلال بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية وسوف نعمل على دراسة هذا الموضوع في ثلاث مطالب :
1 – المطلب الأول : ماهية العلامة التجارية .
2 – المطلب الثاني : حماية العلامة التجارية .
3 – المطلب الثالث : الأساس القانوني لحق المطالبة بالتعويض جراء التعدي على علامة تجارية .
4 – المطلب الرابع : الجرائم الواقعة على العلامة التجارية .
المطلب الأول : ماهية العلامة التجارية .
اختلف الفقهاء في وضع تعريف ثابت ومحدد للعلامة التجارية، وذلك حسب الزاوية التي ينظر منها لتلك العلامة، وهذا الاختلاف جعل الباب مفتوحاً أمام الفقه القانوني في تحديد المقصود بالعلامة التجارية، وسوف نتناول في هذا المطلب تعريف العلامة التجارية وأنواع وأشكال العلامة التجارية .
الفرع الأول : تعريف العلامة التجارية .
تعّرف العلامة التجارية على أنها (( إشارة توسم بها البضائع والسلع والمنتجات والخدمات أو تعلم تميزاً لها عما يماثلها من بضائع أو سلع أو خدمات)) (1) ، وتعّرف العلامة التجارية كذلك على أنها ((كل إشارة أو دلالة أو رمز يضعها التاجر أو الصانع على المنتجات التي يقوم ببيعها أو صنعها وتهدف إلى تيسير التعرف على مصدر بيع المنتجات أو صنعها بحيث لا تختلط بغيرها من السلع المماثلة في الأسواق مما يساعد على سهولة التعرف عليها من قبل المشترين أو المتعاملين معها )) ( 2 ) .
وقد عرفت المادة (2) من قانون العلامات التجارية الأردني العلامة التجارية على أنها ( أي إشارة ظاهرة يستعملها أو يريد استعمالها أي شخص لتمييز بضائعه، أو منتجاته، أو خدماته، عن بضائع أو منتجات أو خدمات غيره). فمع تطور التجارة وسهولة الاتصال بين الدول وانسياب حركة التجارة وانتقال السلع والبضائع والخدمات بين دول العالم، كان هناك حاجة لحماية العلامات التجارية المشهورة التي تجاوزت شهرتها حدود البلد الذي سجلت فيه، كما أخذ القانون المعدل بالعلامة التجارية الجماعية، والتي عرفتها المادة (2) من ذات القانون بأنها ((العلامة التي يستعملها شخص اعتباري لتصديق مصدر بضائع ليست من صنعه أو المواد المصنوعة منها أو جودتها أو طريقة إنتاجها أو الدقة المتبعة في صنعها أو غير ذلك من ميزات وخصائص لتلك البضائع)). وجميع هذه العلامات سواء أكانت علامات بضائع، أو خدمات، أو علامات مشهورة ،أو علامات جماعية تخضع جميعها لأحكام قانون العلامات التجارية .
وقد عرفت محكمة العدل العليا العلامة التجارية في قرارها رقم ( 49/1988 ) والصادر بتاريخ 31/12/1988 والمنشور في مجلة نقابة المحامين على أنها (( حروف، أو رسوم، أو علامات، أو خليط من هذه الأشياء ذي صفة فارقة وعلى شكل يكفل تمييز بضائع صاحبها عن بضائع غيره من الناس)).
وبناء على ما تقدم فإنه يمكننا أن نعرف العلامة التجارية على أنها (( أي شكل يمكن تصوره كعلامة فارقة غير مخالفة للنظام العام ويكون الهدف منها تمييز بضاعة أو سلعة أو خدمة عن أخرى )) .
وبحسب المادة السابعة من قانون العلامات التجارية الأردني يجب أن تكون العلامة التجارية المنوي تسجيلها مؤلفة من أسماء، أو حروف، أو رسوم، أو أرقام، أو أشكال، أو ألوان، أو خليط من هذه الأشياء، ذي صفة فارقة وقابلة الإدراك عن طريق النظر بشكل يكفل تمييز بضائع أو خدمات مالك العلامة التجارية عن بضائع أو خدمات غيره من الناس .
الفرع الثاني: أنواع وأشكال العلامات التجارية .
تناول المشرع الأردني في المادتين ( 7 و8 ) من قانون العلامات التجارية أنواع وأشكال العلامات التجارية وسوف نتعرض لهذه الأنواع والأشكال وذلك على النحو التالي :
أولا : أنواع العلامات التجارية :
1 – ذهب بعض الفقهاء إلى التفرقة بين العلامة التجارية وبين العلامة الصناعية( 3 ) ، إلا أن هذه التفرقة قد حسمها المشرع الأردني واعتبر أن أعمال الصناعة أعمال تجارية بحكم ماهيتها الذاتية، وهذا ينطبق على العلامات التجارية والعلامات الصناعية وهذا ما نصت عليه المادة ( 6 ) من قانون التجارة الأردني حيث جاء فيها (( تعد الأعمال التالية بحكم ماهيتها الذاتية أعمال تجارية :
- أعمال الصناعة على أن تكون مقترنة باستثمار زراعي .
2 – كما يمكن تقسيم العلامة التجارية إلى علامة فردية وعلامة جماعية ، وتعريف العلامة الجماعية هو نفس ذلك التعريف الوارد في المادة ( 2 ) من قانون العلامات التجارية وهي (( أي علامة استعملت أو كان في النية استعمالها على أي بضائع للدلالة على أن تلك البضائع تخص صاحب العلامة بحكم صنعها أو إنتاجها أو الإتجار بها أو عرضها للبيع ))، والعلامة التجارية الفردية قد تكون مملوكة لفرد أو لشركة، أما العلامة التجارية الجماعية فقد تكون مملوكة لأكثر من جهة، كالعلامة المملوكة لعدد من المؤسسات( 4 ) ، وقد عالج المشرع الأردني في المادة ( 10 ) من قانون العلامات التجارية موضوع العلامات الجماعية ، على أن الفارق الرئيسي بين العلامة التجارية الفردية والعلامة التجارية الجماعية هو أن العلامة الفردية يمكن نقلها وتحويلها بدون حاجة لإذن وموافقة مسجل العلامات التجارية في حين أن العلامة الجماعية لا يجوز نقلها أو تحويلها إلا بإذن وموافقة مسجل العلامات التجارية( 5 ) .
3 – العلامة التجارية المشهورة :
عرف القانون الأردني العلامة التجارية المشهورة في المادة 2 بأنها ، العلامة التجارية ذات الشهرة العالمية التي تجاوزت شهرتها البلد الأصلي الذي سجلت فيه واكتسب شهرة في القطاع المعني من الجمهور في المملكة الأردنية الهاشمية مع مراعاة التعليمات التي يصدرها الوزير بهذا الخصوص وبما يتفق مع الالتزامات والواجبات المترتبة بمقتضى الاتفاقيات المتعلقة بحماية العلامة التجارية المشهورة والتي تكون المملكة ، طرفا فيها وعلى ان تنشر هذه التعليمات في الجريدة الرسمية.
كما أن محكمة العدل العليا قد تطرقت في الكثير من أحكامها لموضوع العلامة المشهورة، ومن هذه القرارات القرار رقم (8/1969 ) والذي ورد فيه (( إذا كانت العلامة التجارية ( ناشد إخوان ) سورية الجنسية معروفة في الأردن فإن تسجيل علامة ( ناشد ) لتوضع على ذات نفس صنف البضاعة من شأنه أن يؤدي إلى غش الجمهور ويكون من حق المعترض بوصفه أحد أفراد الجمهور أن يعترض على طلب تسجيل هذه العلامة ما دام أن قانون العلامات التجارية يمنع أصلاً تسجيل أي علامة عند توافر هذا السبب )) ، مع خلو قانون العلامات العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1952 من ذكر العلامة التجارية المشهورة وبيان أحكامها إلا أن المشرع قد عاد ونظم ذلك النوع من العلامات في القانون المعدل لقانون العلامات التجارية رقم ( 34 ) لسنة 1999 حيث عرف في المادة ( 2 ) من هذا القانون العلامة المشهورة بأنها ( العلامة التجارية ذات الشهرة العالمية والتي تجاوزت شهرتها البلد الأصلي الذي سجلت فيه واكتسبت شهرة القطاع المعني من الجمهور في المملكة الأردنية الهاشمية ) ولقد منح المشرع الأردني العلامة التجارية المشهورة حماية خاصة تفوق الحماية الممنوحة للعلامات التجارية الأخرى، ولقد تمثلت هذه الحماية في أن العلامة المشهورة تكون محمية على جميع الأصناف دون حاجة الى تسجيلها لدى مسجل العلامات التجارية .
4- الفرق بين العلامة التجارية المشهورة، والعلامة التجارية المعروفة وذات السمعة .
الفرق بين العلامة التجارية المشهورة، والعلامة التجارية المعروفة والعلامة التجارية ذات السمعة ( هناك نوع من الالتباس أو الخلط بين مفهوم العلامة التجارية المشهورة والعلامة التجارية المعروفة في استخدام هذين المفهومين بشكل تبادلي للدلالة على العلامة التجارية المشهورة. فأحيانا Famous Trade mark ويظهر ذلك جليا تسمى العلامة التجارية المشهورة بالعلامة التجارية المعروفة بينما تسمى العلامة التجارية المعروفة في أحيان أخرى بالعلامة التجارية ً بين المفهومين ويرجع هذا الفرق الى حقيقة أن المستوى المطلوب من الشهرة لتحقيق صفة المشهورة. ولكن الحقيقة أن هناك فرقا العلامة التجارية المشهورة يعد أعلى من المستوى المطلوب توفره لتحقيق صفة العلامة التجارية المعروفة. وبوجه عام فإن الفرق بين العلامة التجارية المشهورة والعلامة التجارية المعروفة غير واضح في أي من الاتفاقيات الدولية أو قوانين العلامات التجارية الداخلية للدول وكذلك الحال في الدراسات والأبحاث التي يقوم بها فقهاء القانون أو المحامين. وفي هذا السياق يقول فريدريك موستيرت (Mostert Frederic (من الولايات المتحدة الأمريكية والمدير السابق للمنظمة الدولية للعلامات التجارية (” (أن المفهوم العادي لمصطلح ” well-known “وفقا لقاموس ميريام وبستر يعني “المعروف بشكل واسع” و”المعروف للكثير” (2010, Thu Nguyt ) ، وفي القانون الأردني كلها نعتبر شيء واحد ومثال ذلك اعتبرت محكمة العدل العليا علامة ناشد علامة مشهورة ، والصحيح أنها ذات سمعة في الأردن لا أكثر.
5- معايير تحديد شهرة العلامة :
معلوم أن الحماية القانونية للعلامة التجارية المشهورة تقوم على مدى شهرة هذه العلامة وسعياً لإيجاد معيار موحد لمعرفة ما إذا كانت العلامة مشهورة أم لا عقدت الجمعية العامة لاتحاد باريس لحماية الملكية الصناعية الجمعية العامة للمنظمة العالمية للملكية للفكرية (الوايبو) في سبتمبر 1999م دورة مشتركة تم خلالها وضع توصية تتعلق بالعلامة التجارية المشهورة حددت فيها عدد من الموجهات والمعايير التي يمكن للدول الأعضاء في اتحاد باريس الاسترشاد بها في تحديد متى تكون العلامة مشهورة منها ما يلي :
1/ مدى شهرة العلامة أو معرفتها لدى قطاع الجمهور المعني ويمكن معرفة ذلك عن طريق الدراسات الاستقصائية للأنماط الاستهلاكية واستطلاع آراء المستهلكين.
2/ مدى استعمال العلامة في أي وجه من وجوه الاستعمال ومجالات ونطاقها الجغرافي.
3/ مدة الدعاية والترويج للعلامة بأي وجه من الوجود ودرجة نجاح حملات الدعاية والإعلان ونطاقها الجغرافي وعرض المنتجات التي تميزها العلامة في الأسواق والمعارض الداخلية الدولية وكمية المنتجات المطروحة في الأسواق وحجم المبيعات.
4/ عدد البلدان التي سجلت بها العلامة أو طلبات التسجيل ونطاقها الجغرافي والمدة الزمنية التي نصت على تسجيلها ولا يشترط أن تكون العلامة مسجلة في كل البلدان باسم صاحب العلامة فقد تكون العلامة مملوكة لعدة شركات مختلفة تعمل في بلدان مختلفة ولكنها تنتمي إلى مجموعة واحدة أو تربطها صلات وثيقة أو علاقات مشاركة وتعاون.
5/ ما يدل على نجاح إنفاذ الحقوق في العلامة في الدول المجاورة ولاسيما إقرار السلطات المختصة بأنها علامة مشهورة وينبغي تفسير كلمة (الإنفاذ) تفسيراً واسعاً يشمل إجراءات الاعتراض التي يمنع فيها مالك العلامة المشهورة من تسجيل علامة تشابه علامته.
6/ قيمة العلامة إذ أنه قد يستفاد من القيمة المرتفعة للعلامة أنها علامة مشهورة.
أشكال العلامات التجارية .
نصت المادة ( 7 ) من قانون العلامات التجارية على ((يجب أن تكون العلامة التجارية المنوي تسجيلها مؤلفة من أسماء، أو حروف، أو رسوم، أو أرقام، أو أشكال، أو ألوان، أو خليط من هذه الأشياء ذي صفة فارقة وقابلة الإدراك عن طريق النظر بشكل يكفل تمييز بضائع أو خدمات مالك العلامة التجارية عن بضائع أو خدمات غيره من الناس)) وعلى ذلك فان العلامة التجارية يمكن أن تتخذ الأشكال التالية:
1 – الأسماء .
أجاز المشرع الأردني للتاجر أن يتخذ اسما أو لقباً كعلامة تجارية، ولكن شريطة أن يكون هذا الاسم أو اللقب ذو شكل مميز عن غيره من الأسماء ، كما يجوز استخدام اسم أو لقب الغير كعلامة تجارية، ولكن شريطة موافقته على ذلك، وإذا كان الاسم أو القب المستخدم لشخص متوفى فيجب أخذ موافقة ورثته .
2 – الحروف والأرقام .
ذهبت محكمة العدل العليا في قرارها رقم 4/53 إلى أنه يجوز تسجيل الرقم كعلامة تجارية إذا كان هذا الرقم يؤلف بمفرده كعلامة تجارية، أما إذا كان جزء من العلامة التجارية أو أنه أبرز في شكل خاص فلا يوجد ما يمنع من تسجيله . كما أجاز المشرع تسجيل العلامة التجارية على شكل حروف معينة إلا أنه يشترط لاعتبار الحروف والأرقام علامات تجارية ألا تؤدي إلى غش الجمهور .
3 – الرموز والصور والنقوش والرسوم .
الرموز هي تلك الرسوم المرئية المجسمة كوجه إنسان أو حيوان أو غيرها، أما فيما يتعلق بالصور فالمقصود بها هي الصور الفتوغرافية( 6 ) ، كأن يستعمل أحد الأشخاص صورته الشخصية كعلامة تجارية ومثال على ذلك استخدام مؤسس مطاعم كنتاكي صورته الشخصية كعلامة تجارية ، أما النقوش فلم تعتبر محكمة العدل العليا في قرارها رقم 12/96 النقوش علامة تجارية بحد ذاتها وإنما تشمل الطريقة التي يمكن أن توضع بها العلامة التجارية على المنتجات .
4: الألوان .
لقد اعتبرت محكمة العدل العليا في قرارها رقم 16/1964 على أنه لا يوجد تشابه بين علامتين تجاريتين من شأنه أن يؤدي إلى غش الجمهور إذا اختلف لون كل علامة منهما .
حماية العلامة المشهورة في الأردن :
أ-حماية منع تسجيل علامة مشابهة لعلامة تجارية مشهورة :
في قانون العلامات التجارية الأردني نصت المادة 8 فقرة 12
العلامة التجارية التي تطابق أو تشابه أو تشكل ترجمة لعلامة تجارية مشهورة وذلك لاستعمالها لتمييز بضائع مشابهة أو مماثلة للبضائع التي اشتهرت بها ويكون من شانها ايجاد لبس مع العلامة المشهورة أو لاستعمالها لغير هذه البضائع بشكل يحتمل ان يلحق ضرراً بمصلحة مالك العلامة التجارية المشهورة ويوحي بصلة بينه وبين هذه البضائع وكذلك العلامات التي تشابه أو تطابق الشارات الشرفية والأعلام والشعارات الأخرى والأسماء أو الأسماء المختصرة الخاصة بالمنظمات الدولية أو الإقليمية أو التي تسيء الى قيمنا التاريخية والعربية والإسلامية .
ب- حماية منع استعمال العلامة التجارية المشهورة:
حيث يمنع القانون الأردني استعمال علامة مشابهة لعلامة تجارية مشهورة حتى وان لم تكن مسجلة في الأردن ، وهذا يعني ان العلامة المشهورة محمية من الاستعمال حتى قبل تسجيلها في الأردن .
حيث نصت المادة 25 فقرة ب. إذا كانت العلامة التجارية مشهورة وان لم تكن مسجلة فيحق لمالكها ان يطلب من المحكمة المختصة منع الغير من استعمالها على منتجات أو خدمات مماثلة أو غير مماثلة شريطة ان يدل الاستعمال لهذه العلامة على صلة بين تلك المنتجات أو الخدمات وبين العلامة المشهورة واحتمال ان تتضرر مصالح صاحب هذه العلامة نتيجة هذا الاستعمال ويفترض احتمال حدوث لبس في حالة استعمال علامة تجارية مشهورة مطابقة على منتجات مماثلة .
ج – الحماية من التعدي على العلامة التجارية المشهورة .
إذا كانت العلامة التجارية المشهورة مسجلة في الأردن فتتمتع بكافة أشكال الحماية الجزائية والمدنية ، ولكن السؤال الذي يثور هو
هل يجوز المطالبة بالتعويض عن التعدي على علامة تجارية مشهورة في الأردن إذا كانت غير مسجلة ؟
ففي القانون الأردني فان نص المادة 33 حرم صاحب العلامة المشهورة من المطالبة بالتعويض على التعدي على علامته داخل الأردن إذا لم تكن مسجلة ،
لا يحق لاحد ان يقيم دعوى بطلب تعويضات عن اي تعد على علامة تجارية غير مسجلة في المملكة الا انه يحق له ان يتقدم الى المسجل بطلب لأبطال علامة تجارية سجلت في المملكة من قبل شخص لا يملكها بعد ان كانت مسجلة في الخارج إذا كانت الأسباب التي يدعيها هي الأسباب الواردة في الفقرات 6 و7 و10 و12 من المادة (8) من هذا القانون.
المطلب الثاني : حماية العلامة التجارية .
قرر المشرع الأردني حماية للعلامة التجارية، ولكن جعل تمتع العلامة التجارية بتلك الحماية مقروناً بشروط ومحددات، كاشتراطها أن تكون العلامة التجارية مسجلة وذلك حسبما جاء في المادة 34 من قانون العلامات التجارية، كما جعل تلك الحماية محددة بنطاق زماني ومكاني ، كما وضع قيوداً خاصة تنصب على ذات العلامة التجارية وسوف نعمل على تفصيل كل محدداً من تلك المحددات وبشيء من التفصيل وذلك على النحو التالي :
الفرع الأول: الحماية الجزائية قاصرة على العلامات التجارية المسجلة:
لا حماية جزائية لعلامة تجارية ما لم تكن مسجلة في الأردن وفقا للإجراءات والشروط الشكلية والموضوعية التي يتطلبها القانون ، ويقصد بالشروط الموضوعية : هي تلك الشروط التي تنصب على ذات العلامة التجارية المنوي تسجيلها أي أن تكون العلامة التجارية فارقة جديدة مشروعة وقابلة للإدراك عن طريق النظر ، ويقصد بالعلامة التجارية الفارقة أن يكون لها ذاتيتها الخاصة لمنع وقوع العملاء في الخلط بين المنتجات التي تحمل علامة تجارية مشابهة ( 7 ) ؛ وعليه لا يجوز تسجيل علامة تجارية تستعمل عادة في التجارة لتمييز أنواع البضائع وأصنافها ، إلا إذا أبرزت بشكل خاص وأصبح هذا الشكل الخاص هو المميز لبضائع مالك تلك العلامة، فلا يجوز تسجيل رقم كعلامة تجارية إلا إذا أبرز الرقم بشكل خاص؛ وترجع العلة في اشتراط أن تكون العلامة التجارية فارقة وذلك للحيلولة دون غش الجمهور وانخداعه جراء استعمال الغير علامة تجارية مطابقة أو مشابهة للعلامة التجارية المسجلة، حتى ولو اختلف الصنف الذي استعمل المعتدي العلامة عن الصنف الذي من أجله سجلت العلامة، ويستفاد من المادتين 7/2و 8/10 من قانون العلامات التجارية أن التشابه الممنوع بالقانون هو التشابه الحاصل في مجموع العلامة التجارية لا في جزء من أجزائها فقط .
وقد قضت محكمة العدل العليا في قرارها رقم 39/1988 ((لا يمنع الغير من استخدام نفس العلامة لتمييز سلعة أخرى تختلف عنها إذ لا ينشأ عن ذلك لبس أو خلط بين السلع الحاملة ذات العلامة ما لم تكن السلع متقاربة، ولا يجوز لمالك العلامة الاحتجاج بها إلا في مواجهة منافسين يمارسون تجارة أو صناعة من ذات النوع، ذلك أن الغرض من العلامة هو تمييز المنتجات ومنع الخلط بينها وبين منتجات مماثلة لها)).
وهذا القرار من شأنه أن يضيق من معيار التشابه ويعطي حرية أكبر للتجار باستخدام ذات العلامة التجارية أو علامة أخرى مشابهة على أنواع أو سلع أخرى .
نستنتج من ذلك أن المعيار في حماية علامة تجارية مسجلة هو غش الجمهور وانخداعه جراء استعمال الغير علامة تجارية مطابقة، أو مشابهة للعلامة التجارية المسجلة، ولا تثور أية مشكلة في تحديد العلامات التجارية المطابقة، ولكن المشكلة تكمن في تحديد العلامات التجارية المتشابهة.
وقد أجملت محكمة العدل العليا في قرارها رقم 108/65 معايير التشابه المؤدية إلى غش الجمهور وهي على النحو التالي: معيار الفكرة الأساسية التي تنطوي عليها العلامة التجارية، والتي يجب أن تكون مميزة وفارقة ، ومعيار أن العبرة بالمظاهر الرئيسية للعلامة لا تفاصيلها الجزئية، إذ إن التقليد الذي يشكل اعتداءً على علامة تجارية هو ذلك التقليد الذي يقع على الجزء الرئيسي للعلامة، لا على تفاصيلها الجزئية ومعيار نوع البضاعة التي تحمل العلامة، ومعيار احتمال وقوع التباس بينهما وبين العلامة الأخرى عن طريق النظر، أو سماع إثمها، ومعيار عدم افتراض أن المستهلك عند شراء البضاعة يفحص علامتها التجارية فحصاً دقيقا ويقارنها بالأخرى.
والهدف من هذه المعايير هو حماية جمهور المستهلكين، ومنع وقوعهم في الغش وبالتالي فإذا زالت شبهة الوقوع في الغش، فلا مجال للادعاء بوجود تشابه بين العلامات التجارية.
أما فيما يتعلق بالمشروعية، فيجب أن تكون العلامة التجارية مشروعة ، وتكون العلامة التجارية غير مشروعة إذ خالفت نصاً قانونياً أو جاءت مخالفة للنظام العام أو الآداب ، ولمسجل العلامات التجارية رفض تسجيل العلامة إذا كان لفظها يتنافى مع الأخلاق والآداب العامة، وقد بينت المادة الثامنة من قانون العلامات التجارية ما لا يجوز تسجيله كعلامة تجارية نظراً لتعلق هذه العلامة بالصفة الرسمية أو الدينية أو لتشابهها مع علامة تجارية أخرى أو لغيرها من الأسباب،( 8 ) ولقد حددت ذات المادة من ذات القانون الحالات التي لا يجوز فيها تسجيل العلامة التجارية ومنها العلامات التي تشبه شعار الملك أو شعار وأوسمة الحكومة أو العلامات التي تدل على صفة رسمية .
ولقد وردت الشروط الموضوعية محددة على سبيل الحصر وهي شرط الصفة وشرط الجدة وشرط المشروعية وعليه فإنه لا يجوز فرض شروط أخرى لتسجيل العلامة التجارية، كشرط كتابة العلامة التجارية مثلاً والذي لا يعتبر شرطاً الزامياً وإنما شرطاً اختياريا وذلك استنادا إلى المادة 22 من قانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1952 .
إضافة إلى الشروط الموضوعية التي لا بد من توافرها في العلامة التجارية حتى تتمتع بالحماية ، لا بد من توافر شروط شكلية في هذه العلامة، ويقصد بالشروط الشكلية تلك الإجراءات التي تتبع لتسجيل العلامة التجارية، حيث تبدأ من تاريخ تقديم طلب التسجيل وتنتهي بإصدار شهادة تسجيل للعلامة التجارية،( 9 ) وإذا ما سجلت العلامة التجارية فإنها تصبح تتمتع بحماية داخلية من تاريخ تقديم الطلب، وتعطي أولوية لمقدم الطلب في مواجهة أي شخص يستخدم نفس العلامة أو علامة مشابهة بعد تاريخ تقديم الطلب، أما العلامة غير المسجلة فإن الحماية لها محدودة وفقاً لقانون العلامات التجارية في تلك الحالات التي تكون فيها العلامة مشهورة، إلا أن الاعتداء على العلامة التجارية غير المسجلة يُخول مالكها حمايتها من خلال إقامة دعوى منافسة غير مشروعة، إذ أن دعوى المنافسة غير المشروعة تسري على العلامات التجارية المسجلة وغير المسجلة المشهورة وغير المشهورة، كما أن أعمال المنافسة غير المشروعة أعمال مادية يمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود.
بتمام عملية تسجيل العلامة التجارية بالشكل المنصوص عليه في القانون، فإن القانون يوفر للعلامة التجارية نوعان من الحماية وهما: الحماية المدنية، والحماية الجزائية ، وعليه تدور الحماية الجزائية وجوداً وعدماً مع التسجيل، فإن تم التسجيل قامت الحماية الجزائية وإن انعدم التسجيل انعدمت الحماية الجزائية، إي أن الاعتداء على العلامة التجارية المسجلة يشكل جريمة يعاقب عليها القانون طوال فترة تسجيلها ، ولكن متى تعتبر العلامة التجارية مسجلة حتى تقوم الحماية الجزائية التي قررها لها القانون هل تعتبر مسجلة من تاريخ تقديم طلب التسجيل أم من تاريخ صدور شهادة التسجيل ، لا يمكن القول بأن الحماية الجزائية تبدأ من تاريخ تقديم طلب التسجيل وإنما تبدأ بتمام عملية التسجيل المنصوص عليها في القانون حيث نصت المادة ( 38/1 ) من قانون العلامات التجارية على ( يستعمل علامة تجارية مسجلة بمقتضى القانون … ) والمقصود بالمسجلة تلك العلامة التجارية التي استوفت كامل المتطلبات الواردة في القانون، ولا يسري الأمر على الطلبات التي تقدم من أجل تسجيل علامة تجارية لإن هذه الطلبات لا تنتج أي أثر قانوني لمقدمها يتعلق بالحماية القانونية ، وتجدر الإشارة إلى أن الحماية الجزائية للعلامة التجارية تسقط في حالتين(10 ) :
1 – كون العلامة التجارية عبارة عن الاسم الشخصي أو العنوان التجاري للغير، وهذا ما نصت عليه المادة 36 من قانون العلامات التجارية .
2 – بطلان تسجيل العلامة التجارية، وذلك يكون عندما تفقد العلامة التجارية شرط المشروعية أو شرط الجدة أو غيرها من الشروط الشكلية والموضوعية .
الفرع الثاني : نطاق الحماية للعلامة التجارية زمانيا ومكانيا .
إن حماية العلامة التجارية قاصرة على مدة ملكية العلامة التجارية وهي عشر سنوات من تاريخ تسجيلها، غير أنه يجوز تجديد تسجيل العلامة من حين إلى آخر وفقاً لأحكام القانون ، ويمكن لمالك العلامة التجارية المسجلة تجديد علامته استنادا للمادة (21/2) لمدة عشر سنوات اعتبارا من تاريخ انتهاء مدة التسجيل الأول أو من تاريخ انتهاء التسجيل الأخير، وإذا لم يقم مالك العلامة التجارية بتجديدها جاز للمسجل شطبها من السجل وفقدت الحماية القانونية.
أما من حيث المكان فنطاق الحماية الجزائية قاصر على إقليم الدولة التي سجلت فيها العلامة التجارية، مع عدم الإخلال بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وعليه فلا حماية لعلامة تجارية مسجلة في الأردن ووقع الاعتداء عليها خارج الأردن، كما لا حماية لعلامة تجارية مسجلة خارج الأردن ووقع الاعتداء عليها في الأردن، ما لم تكن محمية بموجب معاهدة دولية منظمة إليها الأردن(11 ).
وفي هذا السياق، وفرت المادة (2) من اتفاقية مدريد بشان التسجيل الدولي للعلامات لعام 1891م حماية دولية للعلامات التجارية في دول الإتحاد طالما، سجلت تلك العلامة التجارية في بلدها الأصلي، وتم إيداع العلامة المسجلة بالمكتب الدولي لحماية الملكية الصناعية، إلا أن المادة العاشرة من قانون علامات البضائع قد جرمت كل من أرشد، أو شارك، أو ساعد، أو عاون، وهو في الأردن، في تدبير ارتكاب فعل خارج الأردن مما يعد جريمة بموجب هذا القانون يعاقب كفاعل للجريمة، وتتخذ الإجراءات بحقه، ويحكم ويدان في المملكة، كما لو كان الجرم قد أرتكب فيها.
الفرع الثالث: القيود الخاصة بالعلامة التجارية ذاتها:
حتى تستحق العلامة التجارية الحماية التي قررها له القانون فإنها يجب أن تكون مؤلفة من أسماء، أو حروف، أو رسوم، أو أرقام، أو أشكال، أو ألوان، أو خليط من هذه الأشياء ذي صفة فارقة، وعلى شكل يكفل تمييز بضائع صاحبها عن بضائع غيره من الناس، وهذا ما نصت عليه المادة 7/1 من قانون العلامات التجارية، وعليه لا يجوز تسجيل علامة تجارية تستعمل عادة في التجارة لتمييز أنواع البضائع وأصنافها إلا إذا أبرزت بشكل خاص، وأصبح هذا الشكل الخاص هو المميز لبضائع مالك تلك العلامة، فلا يجوز تسجيل رقم كعلامة تجارية إلا إذا أبرز الرقم بشكل خاص، وقد أصدرت محكمة العدل العليا في قرارها رقم 4/53 (لا يجوز تسجيل الرقم كعلامة تجارية إذا كان هذا الرقم يؤلف بمفرده العلامة التجارية، أما إذا كان هذا الرقم هو جزء من العلامة التجارية، أو أنه أبرز في شكل خاص فلا يوجد في هذا القانون ما يمنع تسجيله) .
كما لا يجوز تسجيل وصف، أو رسم شائع، وتسجيله لا يكسب العلامة ولا يمنحها الحماية القانونية، وفي هذا قررت محكمة العدل العليا في قرارها رقم 6/53 (إذا كان الرسم المستعمل في العلامة التجارية المطلوب حذفها من الرسوم الشائعة، فلا يشكل بحد ذاته علامة فارقة، وليس من شأنه أن يميز بضائع صاحبه عن بضائع غيره من الناس، وأن مجرد استعمال هذا الرسم وحده من قبل المستدعين لا يشكل تعدياً على هذه العلامة التي سجلها المستدعي ضده ) .
الفرع الرابع: الحماية الجزائية تنصب على الحق في العلامة .
تقوم الحماية الجزائية للعلامة التجارية إذا ما اعتدي على أصل الحق في العلامة التجارية، وهذا الحق يتمثل في استعمال العلامة التجارية، أي أنه يجب أن يقع الاعتداء على استعمال علامة تجارية مسجلة وبمجرد وقوع هذا الاعتداء فإنه لا يلزم صاحب العلامة التجارية المسجلة أن يثبت أنه لحقه ضرر من جراء هذا الاعتداء، وتقوم الحماية الجزائية سواء حقق المعتدي ربحاً أم لحق به خسارة من جراء الاعتداء على علامة تجارية مسجلة( 12 ) ، وبالتالي لا ينتفي وقوع الاعتداء على الحق في العلامة التجارية المسجلة كون البضائع المقلدة أقل جودة أو أكثر جودة من البضائع المخصصة لوضع العلامة التجارية عليها في الأصل ، وتقوم الحماية الجزائية للعلامة التجارية المسجلة سواء وقع الاعتداء على العلامة التجارية أو على جزء منها وهذا ما نصت عليه المادة ( 2 ) من قانون علامات البضائع .
المطلب الثالث : الأساس القانوني لحق المطالبة بالتعويض جراء التعدي على علامة تجارية .
تنص المادة (256) من القانون المدني الأردني(26) على أنه :”كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو كان غير مميز بضمان الضرر”. وبموجب هذه المادة فإن الحماية المدنية مقررة لكافة الحقوق استناداً للقواعد العامة في المسؤولية في القانون المدني، إذ يحق لكل من وقع عليه اعتداء المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق به، وبالتالي يحق لكل من وقع عليه اعتداء في علامته التجارية أن يطالب بالتعويض استنادا لهذه المادة،
كما أن الاعتداء على علامة تجارية بالتقليد أو التزوير أو بالاستعمال دون موافقة مالكها يشكل اعتداءات صارخاً على قانون العلامات التجارية وفعل من أفعال المنافسة غير المشروعة.
وبالتالي فإن العلامة التجارية يفترض أن تكون محمية مدنياً من ثلاث جهات :
أولاً : من جهة قانون العلامات التجارية الذي يمنع كل صور التعدي والقرصنة على العلامات التجارية ويوفر للمعتدى على علامته التجارية حق المطالبة بالتعويض ووقف التعدي على علامته.
ثانياً : من جهة قانون المنافسة غير المشروعة .
ثالثاً : من جهة القواعد العامة في المسؤولية المدنية إذ أن التعدي على علامة تجارية يلحق ضرراً بالتجار يستوجب التعويض.
وعليه فإننا سنبحث في الأساس القانوني لحق التعويض في كل من قانون العلامات التجارية وقانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية والقانون المدني الأردني وذلك في ثلاثة فروع :
الفرع الأول: حق التعويض في قانون العلامات التجارية :
تنظم المادة (34) من قانون العلامات التجارية الأردني رقم (33) لسنة (1952) موضوع حق المطالبة بالتعويض جراء التعدي على علامة تجارية، واشترطت هذه المادة تسجيل العلامة التجارية في المملكة لأغراض المطالبة بالتعويض في حالة التعدي عليها، وقد كان هذا النص منتقداً من قبل الفقه التجاري بسبب اشتراطه تسجيل العلامة التجارية في المملكة من أجل المطالبة بالتعويض جراء التعدي عليها، وذلك لأن التعويض مرتبط بوقوع الضرر وتحققه والذي يترك للقضاء أمر تحديده، ولا يرتبط التعويض بإجراءات تسجيل العلامة التجارية التي يتطلبها قانون العلامات التجارية الأردني.
ويبرر البعض اشتراط المشرع الأردني تسجيل العلامة التجارية في المملكة لإمكانية المطالبة بالتعويض في حالة التعدي عليها إلى رغبة المشرع على تشجيع أصحاب العلامات التجارية للقيام بتسجيلها لدى وزارة الصناعة والتجارة بهدف حصرها ومعرفة أصحابها،(13 ) إلا أن هذا التبرير لا يصلح سبباً كافياً لمخالفة أحكام المبادئ العامة في المسؤولية المدنية والتي تعطي لكل متضرر الحق في المطالبة بالتعويض كما بينت ذلك المادة (256) من القانون المدني الأردني ،خاصة إذا ما علمنا أن القضاء هو الفيصل في تحديد استحقاق ومقدار التعويض .
وبتحليل موقف المشرع الأردني من اشتراط تسجيل العلامة التجارية لأغراض المطالبة بالتعويض جراء التعدي عليها ، وبإصراره على تطلب مثل هذا الشرط حتى بعد صدور القانون المعدل لقانون العلامات التجارية لعام 1999، يجدر بنا الرجوع لأحكام اتفاقية تريبس المنظمة للعلامة التجارية وخاصة النص المتعلق بالإجراءات والجزاءات ، صحيح أن اتفاقية تريب قد رتبت كثيراً من الآثار القانونية على تسجيل العلامة التجارية، إلا أنها لم تشترط تسجيل العلامة التجارية لأغراض المطالبة بالتعويض جراء الاعتداء عليها، فالتسجيل وفقاً لاتفاقية تريبس هو السبب المنشئ لملكية العلامة التجارية رغم أنها لم تعول على الاستعمال الفعلي للعلامة التجارية كشرط مسبق للتقدم بطلب لتسجيلها ، كما أن التسجيل يمنح صاحب العلامة التجارية الحق المطلق في منع الغير من استخدام ذات العلامة أو علامة مشابهة في أعماله التجارية بخصوص نفس نوع السلع أو الخدمات المماثلة لتلك التي سجلت العلامة بشأنها ما دام قد تم هذا الاستخدام بدون موافقة مالك العلامة التجارية المسجلة وهذا ما نصت عليه ، وعليه فإن اتفاقية تريبس المنظمة لحقوق الملكية الفكرية ومنها العلامة التجارية رغم ترتيبها لكثير من الآثار القانونية على تسجيل العلامة التجارية إلا أنها لم تشترط التسجيل المسبق لأغراض المطالبة بالتعويض جراء التعدي عليها ، ( 14 ) خاصة إذا ما علمنا أن المشرع الأردني قد قام بتعديل قانون العلامات التجارية بما يتلاءم مع أحكام اتفاقية تريبس وهذا ما كان ينبغي حصوله بخصوص المادة (34) من قانون العلامات التجارية الأردني، وبالرجوع للمادة (45) من اتفاقية تريبس نجد أنها قد منحت السلطات القضائية في الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية الصلاحية بأن تأمر المعتدي بأن يدفع لصاحب الحق تعويضات عادلة مناسبة عن الضرر الذي لحق به بسبب التعدي على حقه في العلامة التجارية، وعليه لا نجد مبرراً واضحاً لموقف المشرع الأردني خاصة بعد صدور القانون المعدل لقانون العلامات التجارية والذي أخذ بالكامل عن اتفاقية تريبس ، ولذلك كان من المفترض تعديل أحكام المادة (34) من هذا القانون بما يتلاءم مع أحكام هذه الاتفاقية الدولية .
الفرع الثاني : حق التعويض في قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية .
لقد صدر قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية لعام 2000على أثر انضمام الأردن لمنظمة التجارة العالمية وذلك لينظم كلاً من المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية ، وفي مجال المنافسة غير المشروعة بيّن هذا القانون الأعمال التي يعد القيام بها أعمال منافسة غير مشروعة وهي على سبيل المثال لا الحصر ، كما بيّن الحماية المدنية في حالة القيام بأعمال المنافسة غير المشروعة وهي المطالبة بالتعويض عن الضرر ووقف التعدي، ومن أعمال المنافسة غير المشروعة بموجب المادة (2/ب) تلك المتعلقة بعلامة تجارية مستعملة في الأردن سواء أكانت مسجلة أو غير مسجلة وتؤدي إلى تضليل الجمهور، وبالتالي فإن القيد الذي وضعه قانون العلامات التجارية الأردني لإمكانية المطالبة بالتعويض جراء التعدي على علامة تجارية وهو التسجيل قد تجاوزه قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية.
وبعبارة أخرى يمكن القول أن النقص الذي شاب المادة (34) من قانون العلامات التجارية الأردني قد سُد من قبل المادة (2/ب) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية وأصبح بالإمكان المطالبة بالتعويض جراء التعدي على علامة تجارية على اعتبار أن هذا التعدي يشكل فعلاً من أفعال المنافسة غير المشروعة، وهذا ما أقرته المادة (3) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية التي أعطت الحق لكل ذي مصلحة المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر جراء أي فعل منافسة غير مشروعة.
وعليه يمكن تأسيس دعوى المطالبة بالتعويض جراء التعدي على علامة تجارية مسجلة في المملكة استناداً للمادة (34) من قانون العلامات التجارية التي أعطت الحق للمتضرر بالمطالبة بالتعويض جراء التعدي على علامته التجارية المسجلة، واستناداً أيضاً للمادة (2/ب) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية على اعتبار أن التعدي يشكل فعلاً من أفعال المنافسة غير المشروعة، أما إذا كانت العلامة التجارية غير مسجلة في المملكة فلا يمكن تأسيس دعوى المطالبة بالتعويض إلا وفقاً للمادة (2/ب) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية التي لم تشترط تسجيل العلامة التجارية في المملكة لاعتبار التعدي على العلامة التجارية فعلاً من أفعال المنافسة غير المشروعة.
الفرع الثالث : حق التعويض في القانون المدني الأردني :
إن المسؤولية المدنية بشكل عام هي الالتزام بتعويض الضرر، وهي قد تكون مسؤولية عقدية ناشئة عن عقد كما قد تكون مسؤولية تقصيرية ناشئة عن الإخلال بالتزام قانوني وهو عدم الإضرار بالغير، وتكون مسؤولية المعتدي على علامة تجارية مسؤولية تقصيرية لا عقدية لأنه إذا وجد اتفاق ما بين تاجرين ينص على تنظيم المنافسة أو عدم المنافسة ، ففي حالة مخالفة مثل هذا الاتفاق تقوم المسؤولية العقدية ليس على أساس أنه فعل منافسة غير مشروعة، بل منافسة ممنوعة، وفيما عدا ذلك تكون المسؤولية تقصيرية.
وقد نظمت المادة (256) من القانون المدني الأردني المسؤولية التقصيرية ، إذ أعطت الحق لكل من وقع عليه ضرر المطالبة بتعويضه ولو كان غير مميز، وبالتالي استناداً للمادة (256) فإنه يحق لمن وقع اعتداء على علامته التجارية المطالبة بالتعويض إذا ما أثبت الضرر الذي وقع عليه ، ولا يشترط تسجيل العلامة التجارية في المملكة للمطالبة بالتعويض وفقاً لهذه المادة التي تنظم المسؤولية المدنية، وعليه فإنه يمكن المطالبة بالتعويض في حالة الاعتداء على علامة تجارية مسجلة أم غير مسجلة استنادا للمادة (256) من القانون المدني الأردني دون استلزام شكليات معينة كالتسجيل المسبق للعلامة التجارية ، ما دام بوسع المدعي إثبات عناصر المسؤولية المدنية، وهي : الفعل، الضرر وعلاقة السببية.
كما أن الأضرار في القانون المدني الأردني قد يكون بالمباشرة أو بالتسبب، فإن كان بالمباشرة لزم الضمان ولا شرط له، وإذا وقع بالتسبب فيشترط التعدي أو التعمد أو أن يكون الفعل مفضياً الى الضرر وهو ما نصت عليه المادة ( 257 ) من القانون المدني الأردني، ووفقاً للقانون الأردني فان المباشر يتحمل تعويض الأضرار التي يسببها للغير دون الاعتداد فيما إذا كان فعله خطأ أو لا، وهذا ما أشارت له المادة (256) من القانون المدني .
وفي كل الأحوال لإقامة دعوى المطالبة بالتعويض جراء التعدي على علامة تجارية مسجلة في المملكة أم غير مسجلة (مع مراعاة السند القانوني لإقامة الدعوى بين العلامة التجارية المسجلة وغير المسجلة)، لا بد للمتضرر من إثبات واقعة التعدي كتزوير أو تقليد العلامة التجارية أو استعمالها بدون موافقة صاحبها أو أي فعل آخر ألحق به ضرراً، كما يجب أن يثبت المدعي الخسارة التي لحقت به جراء فعل الاعتداء، ويدخل في حساب الخسارة تلك التي لحقت بالمدعي فعلاً بالإضافة إلى الربح الفائت كانخفاض مبيعات المدعي، كما لا بد من إثبات قيام علاقة سببية بين واقعة التعدي والضرر الذي لحق بالمدعي وذلك وفقاً للقواعد العامة في المسؤولية المدنية، وبالتالي فإن مظلة الحماية المدنية والمطالبة بالتعويض في كل الأحوال هي دعوى المنافسة غير المشروعة .
النصوص القانونية التي تحكم التعويض عن تقليد العلامة التجارية
نصت المادة 256 من القانون المدني على انه ” كل أضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر”.
ونصت المادة 266 من ذات القانون على انه ” يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط ان يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار”.
ونصت المادة 267 من ذات القانون ” 1. يتناول حق الضمان الضرر الأدبي كذلك . فكل تعد على الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسئولا عن الضمان …”.
أركان المسؤولية التقصيرية :
الفعل الضار أو الأضرار: وهو كل فعل يؤدي الى الحاق الضرر بالغير على وجه غير مشروع دون النظر الى تمييز فاعله وهنا وفي مجال تطبيق النصوص مجتمعه فيقصد بالفعل الضار هنا هو الخطأ الجسيم الصادر عن صاحب العمل والمتمثل بالتقصير والإهمال في الصيانة أو توفير وسائل السلامة العامة للعاملين لديه .
الضرر: وهو كل أذى يلحق بالشخص وهو نتيجة محققة للفعل الضار والذي قد يكون ماديا يصيب الذمة المالية للشخص وقد يكون معنويا يصيب الكرامة أو الشرف أو العرض أو العاطفة أو الاعتبار المالي أو الاجتماعي وفي مجال تطبيق النصوص مجتمعه فيقصد به هنا إصابة العمل والضرار المادية والمعنوية الناشئة عنها.
العلاقة السبئية بين الأضرار والضرر: وهي ارتباط الضرر بالفعل الضار ارتباط السبب بالمسبب ، بان يكون الضرر ناتجا ومترتبا على الأضرار بحيث تؤدي الأفعال الصادرة عن المتسبب بالضرر الى الضرر المادي و- أو المعنوي الضي أصاب المضرور حالا ومباشرة دون تداخل فعل الغير أو المضرور أو السبب الأجنبي .
ويشترط لكي يكون هذا الضرر قابلا للتعويض توافر الشروط التالية:
ان يكون الضرر المعنوي مباشرا .
ان يكون الضرر المعنوي محققا حالا أو مستقبلا.
ان لا يكون قد سبق التعويض عنه .
ان يكون شخصيا .
ان يكون نتيجة التعدي على حق أو مصلحة مشروعة للمضرور .
ويكون تقدير هذا الضرر بناءا على ما ثبت في واقعة الضرر بان أصاب المضرور في احدى الصور السالف ذكرها سواء في الحرية أو العرض أو الشرف أو السمعة أو المركز الاجتماعي أو المالي.
ومن حيث الاجتهاد القضائي نجد ان القضاء الاردني قد استقر على ان يؤخذ بعين الاعتبار عند تقدير مسالة التشابه بين العلامتين التجاريتين الأمور التالية:
ا- الفكرة الأساسية التي تنطوي عليها العلامة التجارية .
ب- المظاهر الرئيسية للعلامة التجارية لا تفاصيلها الجزئية .
ج- نوع البضاعة التي تحمل العلامة .
د- احتمال وقوع لبس بين العلامة الأصلية والعلامة المقلدة عن طريق النظر اليها أو سماع اسمها .
ه- عدم افتراض ان المستهلك عند شراءه البضاعة لفحص علاماتها فحصا دقيقا ويقارنها بالأخرى .
المطلب الرابع : الجرائم الواقعة على العلامة التجارية .
نظم المشرع الأردني الجرائم الواقعة على العلامة التجارية في المواد ( 38 و 39 ) من قانون العلامات التجارية والمواد ( 3 و 11 ) من قانون علامات البضائع ، حيث نصت المادة 38 من قانون العلامات التجارية على ( كل من يرتكب بقصد الغش فعلاً من الأفعال التالية أو حاول ارتكابها أو ساعد أو حرض شخصاً آخر على ارتكابها يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تتجاوز مائة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين ) كما نصت المادة ( 3 ) من قانون علامات البضائع ( كل من زور علامة تجارية أو استعمل للبضائع استعمالا باطلاً علامة تجارية أو علامة أخرى قريبة الشبه من علامة تجارية بصورة تؤدي إلى الانخداع أو استنال للبضائع أي وصف تجاري زائف أو تسبب في إجراء أحد الأفعال المذكورة في هذه المادة يعاقب بالحبس سنة واحدة أو بغرامة لا تتجاوز مائة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين ) .
من خلال قراءتنا لهاذين النصين فإننا نستطيع القول بأن الجرائم الواقعة على العلامة التجارية يمكن تحديدها بالجرائم التالية:
- تزوير العلامة التجارية أو تقليدها وقد أشارت إليها المادة ( 38/1 ) من قانون العلامات التجارية والمادة ( 3/1 ) من قانون علامات البضائع .
- الاستعمال الباطل للعلامات التجارية المسجلة وقد أشارت إلى هذه الجريمة المادة ( 38/1/ب ) من قانون العلامات التجارية .
- جريمة إحراز بضاعة بقصد البيع أو بيع بضاعة أو عرض بضاعة تحمل علامة مزورة أو مقلدة ولقد أشارت إلى هذه الجريمة المادة ( 38/1/ج ) من قانون العلامات التجارية والمادة ( 3/2 ) من قانون علامات البضائع .
الفرع الأول : تزوير العلامة التجارية أو تقليدها .
نظمت المواد ( 38/1 ) من قانون العلامات التجارية والمادة ( 3/1 ) من قانون علامات البضائع الأحكام الخاصة بجريمة تزوير علامة تجارية ، ومن خلال قراءتنا لهاذين النصيين نلاحظ أن المشرع قد استخدم مصطلحين: وهما تزوير العلامة التجارية وتقليد العلامة التجارية ، وهنا يثور التساؤل التالي: هل هنالك فرق بين التزوير والتقليد ام ان لهما نفس المعنى ؟ للوهلة الأولى من يقرا هاذين المصطلحين من الممكن ان يرى بينهما اختلاف بالمعنى إلا أنه بعد التدقيق نجد بأن هاذين المصطلحين يؤديان الى ذات المعنى ، إلا ان هناك من يرى أن التزوير لا يكون إلا من خلال النقل الحرفي للعلامة التجارية نقلاً كاملاً ومطابقاً في حين أن التقليد يكون من خلال النقل الذي يرافقه تفسير أو تعديل ويؤدي إلى التشابه بين العلامتين ( 15 ) ، في حين أن المشرع الأردني قد ذهب إلى عدم التمييز بين تزوير العلامة التجارية وبين تقليدها ، وقد جعل منهما صورتين من صور الركن المادي للجريمة، فهاتان الصورتان هما وجهان لجريمة واحدة وهي تزوير العلامة التجارية ، ويبدو موقف المشرع الاردني جلياً حول هذه المسألة في نص المادة ( 5 ) من قانون علامات البضائع ومن خلال هذا النص يتضح لنا بأن الأفعال التي يقوم عليها الركن المادي لجريمة تزوير علامة تجارية ينقسم إلى قسمين : أولهما اصطناع علامة تجارية مطابقة للعلامة الأصلية، وثانيهما إيجاد تغييرات على علامة تجارية أصلية موجودة أصلا .
وقوام الركن المادي في هذه الجريمة هو فعل التزوير، والذي يتحقق باصطناع علامة مطابقة تماماً للعلامة الأصلية، أو نقل الأجزاء الرئيسية منها، بحيث تقترب العلامة المزورة من العلامة الأصلية، إذ يعد الشخص بأنه قد زور علامة تجارية إذا صنع تلك العلامة التجارية، أو أية علامة قريبة الشبة منها بصورة تؤدي إلى الانخداع وبدون موافقة مالكها، أو إذا زور أية علامة تجارية حقيقية سواء بتغييرها، أو الإضافة إليها، أو بتشويهها، أو بغير ذلك( 16 ) .
ويلاحظ أنه حتى يشكل فعل التزوير هذا ركناً مادياً في جريمة تزوير العلامة، فإنه لا بد من توافر أمرين، الأول: أن يتم بصورة تؤدي إلى انخداع الغير وتضليله، وبالتالي عدم استطاعته التمييز بين البضائع التي تحمل العلامة المزورة أو المقلدة، والبضائع التي تحمل العلامة الأصلية، الثاني: أن يتم بدون موافقة مالك العلامة ، أما إذا كان الفعل لا يؤدي إلى انخداع الغير، وتم بموافقة مالك العلامة، فلا يشكل تزويراً، وعندئذ تنتفي عنه صفة الاعتداء ، ويقع عبء إثبات موافقة مالك العلامة على المتهم وفي كل الأحوال يلزم أن تقع أفعال التزوير أو التقليد للعلامة المستعملة على ذات الصنف من البضائع التي سجلت العلامة التجارية من أجلها .
ويتمثل الركن المعنوي في جريمة تزوير العلامة التجارية أو تقليدها بقصد الاحتيال إذ يلزم لقيام هذه الجريمة توافر نية الاحتيال لدى الفاعل، فالتزوير لا عقاب عليه إلا إذا تم بسوء نية .
وتقليد العلامة التجارية : هو اتخاذ علامة تشبه في مجموعها العلامة الأصلية للمنتج، مما قد يؤدى إلى تضليل الجمهور أو خداعة لظنه أنها العلامة أصلية وهي تختلف عن جريمة التزوير للعلامات التجارية والتي تكون عبارة عن نقل العلامة المسجلة نقلاً حرفيًا وتامًا بحيث تبدو مطابقة تمامًا للعلامة الأصلية.
جرم: التعدي على علامة تجارية ( تقليد علامة تجارية) مسجلة خلافا لأحكام القانون وتقليدها بطريقة تؤدي الى تضليل الجمهور خلافا لأحكام المادة 37/1/ا من قانون العلامات التجارية .
النصوص القانونية التي تحكم تقليد علامة تجارية : – نصت المادة 37 من قانون العلامات التجارية.
أركان جريمة تقليد علامة تجارية
الركن المادي : وهو واقعة التزوير والتقليد ولم يشترط المشرع العلم المسبق لدى المشتكى عليه بان العلامة التجارية التي تحملها البضائع مقلدة للعلامة التجارية المملوكة للمشتكية وهو بهذا أعفي المشتكي من عبء إثبات سوء نية المعتدي، فاذا ثبت من خلال العينات المضبوطة ومن خلال تقرير الخبرة ان المشتكى عليه قام بتقليد العلامة التجارية فهذا يستوجب أدانته بهذا الجرم وسندا لأحكام المادة 38/4 فلا بد من مصادرة البضائع المضبوطة وإتلافها حسب الأصول على ان تكون نفقات الإتلاف على المشتكى عليه.
الفرع الثاني: جريمة الاستعمال الباطل للعلامة التجارية .
نظمت أحكام هذه الجريمة المادة ( 38/1/ب ) من قانون العلامات التجارية والمادة ( 3 ) من قانون علامات البضائع والتي نصت على ( كل من استعمل للبضائع استعمالاً باطلاً علامة تجارية أو علامة قريبة الشبه من علامة أخرى بصورة تؤدي إلى الانخداع يعاقب بالحبس سنة واحدة أو بالغرامة مائة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين ) ويقصد بالاستعمال في هذه الجريمة هو مجرد وضع العلامة المزورة أو المقلدة على السلعة بصورة تؤدي إلى خداع أو تضليل الجمهور ولقد أكدت المادة ( 6 ) من قانون علامات البضائع على أنه لا فرق بين الطريقة أو الكيفية التي يتم بها استعمال العلامة التجارية ويستوي في ذلك أن يكون الاستعمال قد تم عن طريق نسخها أو نقشها أو طباعتها أو بأي صورة أخرى .
اذاً الاستعمال الباطل للعلامة التجارية المسجلة يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون وتؤدي إلى قيام الركن المادي لها ، أما فيما يتعلق بالركن المعنوي لهذه الجريمة فيكون بضرورة توافر القصد الجرمي أي أن تتجه إرادة الشخص إلى استعمال علامة تجارية مسجلة استعمالا باطلاً وأن هذه العلامة مقلدة أو مزورة وأن استعمالها على هذا الشكل يؤدي الى غش الجمهور وخادعهم (17 ) .
اذاً نستنتج من ذلك أن هذه الجريمة هي من الجرائم العمدية والتي ترتكب بقصد الغش ويمكن للشخص إثبات حسن نيته من خلال إثبات عدم علمه بملكية العلامة التجارية للغير .
الأوصاف القانونية للجرائم التي تنطبق جنحة استعمال دون حق علامة تجارية يملكها الغير أو ترتبط بها :
جنحة استعمال دون حق علامة تجارية يملكها الغير خلافا لأحكام المادة 37/1/ب من قانون العلامات التجارية
جنحة التلاعب بالمعلومات الواردة في بطاقة البيان خلافا لأحكام المادة 36/ا/8 من قانون المواصفات والمقاييس
جنحة خداع المستهلك من خلال الإعلان المضلل عن المنتجات خلافا لأحكام المادة 36/ا/10 من قانون المواصفات والمقاييس
النصوص القانونية التي تحكم جنحة استعمال دون حق علامة تجارية يملكها الغير
نصت المادة 25/1/ا من قانون العلامات التجارية والمادة 38 من القانون ذاته ، و المادة 36 من قانون المواصفات والمقاييس.
الفرع الثالث: جريمة إحراز بضاعة بقصد البيع، أو بيع بضاعة، أو عرض بضاعة تحمل علامة مزورة، أو مقلدة للبيع.
جريمة بيع أو عرض أو اقتناء بضاعة تحمل علامة تجارية مقلدة
المقصود بجريمة التقليد للعلامة التجارية، أو بيعها، أو عرضها للبيع ،أو اقتناء هو اتخاذ علامة تشبه في مجموعها العلامة الأصلية للمنتج، مما قد يؤدى إلى تضليل الجمهور أو خداعة لظنه أنها العلامة أصلية
ويسمى جرم: بيع أو عرض أو اقتناء بضاعة تحمل علامة تجارية مقلدة خلافا لأحكام المادة 37/2 من قانون العلامات التجارية وبدلالة المادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية.
النصوص القانونية التي تحكم جريمة بيع أو عرض أو اقتناء بضاعة تحمل علامة تجارية مقلدة:
نص المادة 37 والمادة 38 والمادة 25/1/ا من قانون العلامات التجارية
أركان جريمة بيع أو عرض أو اقتناء بضاعة تحمل علامة تجارية مقلدة
ان المشرع قد تطلب في تحقق وقوع هذه الجريمة الركن المادي وهو واقعة بيع بضاعة تحمل علامة تجارية مقلدة عبر اي وسيلة ، ولم يشترط المشرع العلم المسبق لدى المشتكى عليه بان العلامة التجارية التي تحملها البضائع مقلدة للعلامة التجارية الأصلية
غالبا المحكمة تحكم عملا بأحكام المادة 178 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الحكم بإدانة المشتكى عليه بجرم بيع بضائع تحمل علامة تجارية مقلدة خلافا لأحكام المادة 37/2 من قانون العلامات التجارية والحكم عليه بالغرامة بمبلغ (50) دينار والرسوم، ومن الممكن للمحكمة ان تأخذ بالحد الأعلى حسب قناعتها في تقدير العقوبة المناسبة .
الخاتمة
أولاً: إن القانون المعدل لقانون العلامات التجارية رقم (34) لسنة 1999 رغم قيامه بتعديل معظم نصوص قانون العلامات التجارية لسنة 1952 انسجاما مع انضمام الأردن لمنظمة التجارة العالمية، إلا أنه أبقى على نص المادة (34) من قانون العلامات التجارية كما هو، والتي اشترطت تسجيل العلامة التجارية في المملكة لإمكانية المطالبة بالتعويض .
ثانياً: إن قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية رقم (15) لسنة 2000 قد اعتبر من قبيل أعمال المنافسة غير المشروعة تلك المتعلقة بعلامة تجارية مستعملة في الأردن سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة ما دامت تؤدي إلى تضليل الجمهور. هذا بالإضافة إلى أن المادة (256) من القانون المدني الأردني تعطي الحق لمن وقع عليه اعتداء في علامته التجارية أن يطالب بالتعويض وفقا للمبادئ العامة في المسؤولية المدنية.
ثالثاً: للمطالبة بالتعويض جراء التعدي على علامة تجارية مسجلة أم غير مسجلة لا بد من إقامة دعوى المنافسة غير المشروعة، وهذا يتطلب أولا أن يكون المعتدى عليها علامة تجارية بالمعنى الذي يقصده القانون وذلك من خلال استكمالها لمجموعة من الشروط الموضوعية (إذا كانت العلامة التجارية مسجلة وغير مسجلة) واستكمالها للشروط الموضوعية والشروط الشكلية معاً(إذا كانت العلامة التجارية مسجلة فقط). ولقيام دعوى المنافسة غير المشروعة لا بد من قيام عناصر المسئولية المدنية وهي: -الفعل، الضرر وعلاقة السببية. ويتمثل الفعل في حالة التعدي على علامة تجارية باستعمال ذات العلامة أو علامة مشابهة من قبل تاجر آخر دون إذن مالك العلامة التجارية أو محاولة استخدام العلامة في الإعلان والتسويق لمنتجاته. أما الضرر فلا بد أن يكون محقق الوقوع بأن يكون قد وقع بالفعل أو سيقع حتميا في المستقبل، وقد يكون الضرر مادياً يصيب التاجر في ذمته المالية أو معنوياً يصيبه في سمعته وسمعة منتجاته، والضرر المعنوي هو ضرر متحقق دائماً بمجرد حصول واقعة الاعتداء على علامة تجارية وذلك من خلال عزوف الناس عن التعامل بالمنتجات التي تحملها علامته التجارية وهذا يؤدي الى انخفاض مبيعات التاجر وخسارته، كما لا بد من توافر علاقة سببية ما بين فعل التعدي على العلامة التجارية والضرر الذي أصاب المعتدى على علامته .
رابعاً: هنالك عدة جرائم من الممكن أن تقع على العلامة التجارية ومنها جريمة تزوير العلامة التجارية أو تقليدها جريمة إحراز بضاعة بقصد البيع، أو بيع بضاعة، أو عرض بضاعة تحمل علامة مزورة، أو مقلدة للبيع ، وجريمة الاستعمال الباطل للعلامة التجارية .
الهوامش :
( 1 ) محمد حسن عباس ، الملكية الصناعية والمحل التجاري ، دار النهضة العربية ، 1971 ، ص 230 .
( 2 ) صلاح الدين زيدان ، الملكية الصناعية والتجارية ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، 2000 ، ص 193 .
( 3 ) سميحه القليوبية ، الملكية الصناعية ، الطبعة الثانية ، 1996 ، دار النهضة العربية ، ص 120 .
( 4 ) رمسيس بهنام ، القسم الخاص في قانون العقوبات ، ص 420 .
( 5 ) صلاح الدين الناهي ، الوجيز في الملكية الصناعية والتجارية ، دار الفرقان للنشر والتوزيع ، 1982 ، ص 267 .
( 6 ) صلاح الدين زيدان ، مرجع سابق ، ص 218 .
( 7 ) عبدالله الخشروم ، الوجيز في الملكية الصناعية والتجارية ، ط1 ، دار وائل للنشر ، 2005 ، ص 178 .
( 8 ) سميحه القليوبي ، مرجع سابق ، ص 164 .
( 9 ) عبدالله الخشروم ، مرجع سابق ، ص 190 .
( 10 ) صلاح الدين زيدان ، مرجع سابق ، ص 230 .
( 11 ) عبدالله الخشروم ، مرجع سابق ، ص 211 .
( 12 ) محمد حسن عباس ، مرجع سابق ، ص 255 .
( 13 ) صلاح الدين زيدان ، مرجع سابق ، ص 244 .
( 14 ) صلاح الدين الناهي ، مرجع سابق ، ص 280 .
( 15 ) محمد حسن عباس ، مرجع سابق ، 269 .
( 16 ) عبدالله الخشروم ، مرجع سابق ، ص 222 .
( 17 ) أكثم أمين الخولي ، الوسيط في القانون التجاري ، ج 3 ، ط 1964 ، 320 .
——————————————————————————————