التنفيذ بمقابل( تنفيذ الالتزام بطريق التعويض)

التنفيذ بمقابل ( تنفيذ الالتزام بطريق التعويض) :

إذا لم يتمكن الدائن من الحصول على التنفيذ العيني من المدين لا باختياره ولا جبراً عليه بوسائل الإجبار السابق شرحها ، فأنه لا سبيل أمام الدائن إلا اللجوء إلى طريق التعويض ، والتعويض هو الجزاء العام عن قيام المسؤولية المدنية ، والتنفيذ بطريق التعويض يتناول كل أنواع الالتزامات وأياً كان مصدرها (العقد-الإرادة المنفردة-الفعل الضار-الفعل النافع-القانون) ، وبتالي يمكن تنفيذها عن طريق اللجوء إلى التعويض والذي يقدره القاضي وفقاً لسلطة التقديرية .

وقبل الحديث عن أنواع التعويض ، يجب الإشارة إلى مرحلة سابقة على التعويض وهي ما تعرف بأعذار المدين ، فالقوانين المدنية (كالمصري والأردني والعراقي والجزائري والكويتي والإماراتي) تنص على مبدأ (لا تعويض إلا بعد أعذار المدين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك) ، أي أنه الأصل أن يقع الاعذار بإنذار المدين عن طريق كاتب العدل أو أي طريق رسمي آخر على أن المدين مخل بالالتزام سواء عن عدم القيام بتنفيذ الالتزام أو التأخر فيه أو تنفيذه بصوره معيبة أو تنفيذه بصوره جزئية ، و الفكرة الجوهرية من الاعذار هي ( إظهار الدائن لرغبته بأن يقوم المدين بتنفيذ الالتزام طبقاً لمضمونه وحسب طبيعته ودعوة الدائن هذه بالإعذار المبيّن يوجب التعويض لأن حلول الأجل يجعل الدين مستحقاً …إلا أن هناك حالات لا ضرورة لأعذار المدين فيها وهي :

1- إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكناً أو غير مجد ٍ بفعل المدين.
2-إذا كان محل الالتزام تعويضاًَ ترتب على عمل غير مشروع (الفعل الضار أو المسؤولية التقصيرية)
3-إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين بأنه مسروق ، أو شي تسلمه بدون حق وهو عالم بذلك.
4-إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بإلتزامه .
5- حالة الاستعجال إذا اقتضتها طبيعة الالتزام في التنفيذ على نفقة المدين .

* وللتعويض أنواع يمكن استعراضها على النحو التالي :

أ) التعويض القضائي:
يكون التعويض وفقاً لسلطة القاضي التقديرية في الحالة التي يكون التعويض غير مقدر في العقد (التعويض الاتفاقي) أو بنص القانوني ، فيتولى القاضي تقدير التعويض ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب ، وعناصر التعويض عن الضرر المباشر الذي لحق بالدائن في مجال الضرر المالي أو المادي هما عنصرين :

1- ما لحق الدائن من خسارة مالية مباشرة متوقعة في نطاق المسؤولية العقدية (كاضطراره إلى شراء بضاعة بثمن أعلى) ، وفي الإصابة الجسدية فأن الخسارة التي تلحق الضرر بالدائن تتمثل في مصاريف العلاج وأجور الطبيب وثمن الدواء والتحليلات الطبية والنفقات الأخرى.

2- ما فات على الدائن من كسب مالي ،كفوات صفقة رابحة ثبت أن الدائن كان سيحصل عليها لو قام المدين بتنفيذ التزامه في الميعاد المحدد ، فاللاعب الذي لا يقوم بالتزامه باللعب لفريقه يلتزم بدفع التعويض للمتعاقد الآخر( رئيس النادي) عما أصابه من خسارة بسبب ما أنفقه من مصاريف لتجهزيه للمباراة وعما ضاع عليه من ربح “الجوائز المالية للاندية الفائزة ” والتي كان سيحصل عليها لو أن اللاعب نفذ التزامه ولعب المباراة.
…أما التعويض عن الضرر المعنوي فأنه يقدر جملة واحدة وفقاً للاعتبارات والظروف الخارجية المؤثرة ( فتشويه وجه فتاه نتيجة لحادث سير يختلف عن تشوه وجه المرأة كبيرة في السن ، وذهاب صوت فنان مشهور بناء على خطأ طبي يختلف تعويض عن ذهاب صوت شخص عادي وهكذا) .

ب) التعويض الإتفاقي (الشرط الجزائي) :
تجيز القوانين اتفاق المتعاقدين على تقدير التعويض بالنص عليه في العقد عند إخلال احد المتعاقدين بالتزامه وهذا ما يعرف بالشرط الجزائي ، والتعويض الاتفاقي لا يستحق على المدين إذا ثبت أن الدائن لم يلحقه ضرر بسبب إخلال المدين بالتزامه سواء عن التأخر في التنفيذ أو عن التنفيذ المعيب للالتزام أو التنفيذ بصورة جزئية أو عن عدم القيام بالتنفيذ أصلا ، والفكرة التي يقوم عليها التعويض الاتفاقي ، أن الطرفين يتفقان مسبقاً في العقد أو في عقد لاحق يكمله على مقدار التعويض عن الضرر الواقع عن الإخلال بتنفيذ الالتزام وهو شرط صحيح طالما أنه لا يخالف النظام العام والآداب العامة.

والسؤال المطروح هل يستطيع القاضي التعديل في التعويض الاتفاقي ؟ الجواب نعم يجوز له ذلك ويخضع لسلطة التقديرية متى ما وجد أن التعويض اكبر من الضرر ويجوز له رفع التعويض اذا كان اقل من الضرر …وأما عن التطبيقات العملية للشرط الجزائي فهي كثيرة ومتنوعة وكثيراً ما ترد في نطاق عقود المقاولات فيذكر مقدار التعويض عن التأخير عن انجاز العمل ويطلق عليه تسمية (الغرامات التأخيرية) .

وللشرط الجزائي شروط يمكن لنا استعراضها على النحو التالي ( وهي نفس شروط المسؤولية المدنية في قواعدها العامة) : 1- خطأ عقدي من جانب المدين يتمثل في عدم قيامه بتنفيذ الالتزام أو التأخر في التنفيذ أو بتنفيذ الالتزام معيباً أو تنفيذه جزئياً ومصدر الخطأ هو الإخلال بالعقد.
2- الضرر وهو الأذى أو الخسارة المالية كما أنه شرط ضروري لإستحاق التعويض لأن الغرض من الشرط الجزائي هو جبر الضرر وإزالته ، وهنا وخلافاً للقواعد العامة ( فإن عبء الإثبات يقع على المدين لإثبات أن الدائن لم يلحقه الضرر حتى يستحق التعويض الإتفاقي ، وقلنا أنه خلافاً للقواعد العامة لأنه في الإثبات الأصل يقع على الدائن ) .

3- علاقة سببيه بين الخطأ والضرر ، ويقصد بها أن يكون الضرر نتيجة طبيعية لعدم قيام المدين بتنفيذ الالتزام أو التأخر فيه أو تنفيذه بشكل معيب أو جزئي ، فإذا انتفت (أي قطعت) رابطة السببية لقيام السبب الأجنبي فأنها تهدم احد أركان المسؤولية العقدية وبتالي لا يقوم التعويض.

4- الإعذار ، لا بد من إعذار المدين من الدائن فهو شرط لازم لاستحقاق التعويض ، وهو غير لازم وضروري اذا وجد نص او اتفاق لا يتطلبه .
– وهناك حالات لا يستحق الدائن التعويض الاتفاقي وهي على النحو التالي :
أولاً :إذا كان الضرر غير مباشر.
ثانياً: اذا كان الضرر مباشراً ولكنه غير متوقع ولم يرتكب المدين غشاً ولا خطأً جسيماً .
ثالثاً : إذا كان الضرر المباشر متوقعاً وحصل بسبب أجنبي بخطأ الدائن أو خطأ الغير أو القوة القاهرة.

وتجدر الإشارة إلى أن العربون يتشابه مع الشرط الجزائي بأن مصدرهما الاتفاق بين المتعاقدين ، كما أن الغرض من الشرط الجزائي والعربون هو ضمان تنفيذ الالتزام وعدم الإخلال به ، إلا أن الشرط الجزائي يجوز تعديله بالزيادة أو النقصان (الحط منه) وهذا لا يمكن في العربون ،كما أن العربون يفقده المتعاقد اذا عدل عن اتمام العقد.

ج) التعويض القانوني (الفائدة)
يقصد بالفائدة مبلغ من النقود يقدر بنسبة مئوية من المبلغ الذي التزم به المدين عن كل سنة وقد يتفق الطرفان على تحديد هذه النسبة مقدماً كشرط جزائي عن التأخير في الوفاء بالالتزام وتسمى الفوائد عندئذ (بفوائد التأخير الاتفاقية) ، وللفوائد القانونية أنواع هي :

1- فوائد تأخيرية يستحقها الدائن عن التأخير في تنفيذ الالتزام لأن محل تنفيذ الالتزام دفع مبلغ من النقود ومحل الأداء من المدين هذا يكون ممكنا دائماً منه ومصدره العقد (عقد القرض) أو الإرادة المنفردة أو العمل غير المشروع أو الفعل النافع أو نص القانون كالنفقة الواجبة أو أجرة الحضانة.
2- الفوائد الاستثمارية وهي الفوائد المستحقة مقابل انتفاع المدين بمبلغ من النقود يترتب للدائن في ذمته ويكون العقد مصدره كالفوائد المستحقة على المقترض مقابل انتفاعه بمبلغ النقود المقترضة كحال الوديع الذي يستحق الفائدة من رصيده في البنك عن وديعة النقود الثابتة وكذلك الحال في سندات القرض.

وللفوائد التأخيرية شروط ( نفس شروط التعويض الإتفاقي لابد من خطأ وضرر وعلاقة سببية يمكن الرجوع لها في ما ذكر سابقاً) .

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!