هي الحماية التي يتمتع بها فئة معينة من الأشخاص بحيث يمنع من اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم وإيقاع العقوبات عليهم ، وهي استثناء على الأصل ، قد يرى البعض أن الحصانة ما هي إلا دليل على الواسطة والمحسوبية والعنصرية ، كما أنها تعطي للشخص المجال للتمادي في أفعاله وأعماله التي يمارسها لما يتمتع به من حصانة ، إلا أن القوانين جاءت منظمة لموضوع الحصانة ، فالحصانة لا تمنح لأي شخص كان ولها شروط وليست مطلقة ، وللحصانة أنواع تختلف باختلاف الغاية منها ، فما المقصود بالحصانة وما هي أنواعها وما رأي القانون الأردني بموضوع الحصانة .
أنواع الحصانة
1_ الحصانة الدبلوماسية
حصانة دبلوماسية وهي نوع من الحصانة القانونية وسياسة متبعة بين الحكومات تضمن عدم ملاحقة ومحاكمة الدبلوماسيين تحت طائلة قوانين الدولة المضيفة، وفهي تمنح الدبلوماسيين الحق في أن يظلوا خاضعين لسلطة القوانين في بلادهم، فمن هم الدبلوماسيين؟ مثل الوزراء أو السفراء، هل هذا يعني أن لهؤلاء الحق في ارتكاب الجرائم خارج بلدهم؟ !، لا، ليس لهم الحق بارتكاب الجرائم، كيف ذلك ونحن نمنع إخضاعهم لقانون الدولة الموجودين فيها، هذا ما تحدثنا عنه في مقدمة هذا المقال قد يظن البعض أن الحصانة وسيلة تجبر وتجاوز لجميع الحدود الموضعة لتنظيم الحياة في المجتمعات من كافة الجوانب، فإذا ارتكب شخص ممن يتمتع بالحصانة الدبلوماسية جريمة معاقب عليه فإن حكوماتهم قد تطالب باستدعائهم، وهناك اتفاقات دولية تنظم معاملة الوكلاء الدبلوماسيين والمكان الطبيعي الذي تشغله السفارات وأماكن المندوبين الرسميين، والقنصليات في البلاد الأجنبية .
2_ الحصانة السيادية
وهي حصانة دولة ذات سيادة فهي حصانة على مستوى الدول وليست محددة بأفراد أو أشخاص معينين فلا يجوز مقاضاة الدولة ذات السيادة رغماً عنها، هو مبدأ قانوني يرى الدولة غير قادرة على اقتراف الأخطاء التي لا يسمح بها القانون ويحميها من مواجهة الدعاوى المدنية أو الملاحقة الجنائية. ويمثل أحد مبادئ القانون الدولي، ما يجعل الدولة ذات السيادة معفاة أمام المحاكم الأجنبية.
تعتمد الحصانة السيادية على مفهوم السيادة فلا يجوز إخضاع سيادة الدولة دون موافقة هذه الدولة على الولاية القضائية التابعة لسيادة أخرى، باستثناء الحالة التي تتنازل بها عن هذه الحصانة، كما يحول دون فرض أحكام صادرة عن محاكم تابعة لبلد أجنبي على دولة ذات سيادة من غير موافقة الأخيرة.
3_ حصانة التقاضي وحصانة التنفيذ
حصانة التقاضي هي إعفاء المستفيد منها من الخضوع للولاية القضائية للدولة التي يرفع إليها النزاع الموجه ضده وبالتالي إعفائه من الخضوع إلى قضائها وإلى إجراءات التقاضي لديها، أما حصانة التنفيذ هي الامتياز الاستثنائي القانوني الذي لا يخضع بموجبها المدين إلى وسائل التنفيذ الجبري التي تضعها الدولة لضمان نفاذ قوانينها وإنفاذ أحكامها وغيرها من السندات التنفيذية التي تصدرها أو التي تأذن بتنفيذها على ترابها، وهي تؤول إلى إعفائه من الخضوع إليها.
4_ الحصانة البرلمانية
أن يكون النّائب في حالة حصينة تمنع مقاضاته إلاّ إذا رفع مجلس النُّواب الحصانَة عنه فترفع الحصانة البرلمانيّة، سنخصص الحديث هنا عن الحصانة البرلمانية في المملكة الأردنية الهاشمية.
أولاً الحصانة البرلمانية مقررة بموجب الدستور الأردني في نص المادة (86) والتي جاء فيها
“1_ لا يوقف احد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ولا يحاكم خلال مدة اجتماع المجلس ما لم يصدر من المجلس الذي هو منتسب اليه قرار بالأكثرية المطلقة بوجود سبب كاف لتوقيفه أو لمحاكمته أو ما لم يقبض عليه في حالة التلبس بجريمة جنائية وفي حالة القبض عليه بهذه الصورة يجب أعلام المجلس بذلك فوراً.
2_ اذا أوقف عضو لسبب ما خلال المدة التي لا يكون مجلس الأمة مجتمعاً فيها فعلى رئيس الوزراء ان
يبلغ المجلس المنتسب اليه ذلك العضو عند اجتماعه الإجراءات المتخذة مشفوعة بالإيضاح اللازم “.
بالاطلاع على النص الدستوري السابق نجد
أهم سمات الحصانة البرلمانية
1_ أن الحصانة البرلمانية تمنح للنواب طالما يطلق عليهم نواب أي أن الحصانة تمنح للنواب خلال مدة تواجدهم في المجلس فإذا زالت صفة النائب عنهم زالت الحصانة.
2_ وهذا يعني أن الحصانة النيابية ذات نطاق زمني محدد وهو مدة عمل مجلس النواب.
3_ كما أن الحصانة البرلمانية حصانة إمهال وليس إهمال فإذا أُتهم أحد النواب بجرم جزائي توقف الإجراءات الجزائية بحقه خلال انعقاد الدورات البرلمانية دون رفع الصفة الجرمية للفعل الجرمي المنسوب للعضو.
4_ إن الحصانة البرلمانية تقسم إلى قسمين موضوعية وإجرائية ، الموضوعية تحول دون ملاحقة النواب جزائياً عما يصدر منهم من أراء ومواقف أثناء تأدية عملهم وإجرائية تحول دون توقيف أو محاكمة النائب أو العين عن أي جريمة جزائية إلا بموافقة المجلس.
رفع الحصانة النيابية
ترفع الحصانة عن النائب إذا كان هناك سبب كافي لتوقيفه أو محاكمته وصدر قرار من المجلس بالأكثرية المطلقة على رفع الحصانة عن هذا النائب أو في حالة تلبس النائب بجريمة جنائية وهنا يجب إعلام المجلس فوراً
الحصانة الدبلوماسية لا تشمل الدعاوي العمالية
استقر اجتهاد محكمة التمييز بهيئتها العامة على ان الحصانة الدبلوماسية لا تشمل الدعاوي العمالية التي يمكن إقامتها ضد البعثات الدبلوماسية أمام القضاء الأردني ولا تحول دون مطالبة هذه البعثات الدبلوماسية بالحقوق العمالية المترتبة لعمالها ومستخدميها نظرا لما لهذه الحقوق من طبيعة خاصة تقوم على اعتبارات اجتماعية وإنسانيه وقانونية أدت بالمشرع الأردني الى وضع نصوص خاصة لحمايتها وتسهيل إجراءات التقاضي بها واختصار مدة الطعن بها وإعفائها من الرسوم ، ومن شأن تطبيق الحصانة الدبلوماسية على الدعاوي العمالية إهدار هذه الحماية وترتيب أعباء وتكاليف مقاضاة رب العمل الدبلوماسي أمام محاكم دولية ليس في مقدور العامل تحملها ، وعلى ذلك يكون رد دعوى المدعي لعدم الاختصاص بداعي ان مركز اللغات الأمريكي يتبع للسفارة الأمريكية ويتمتع بالحصانة الدبلوماسية في غير محله مستوجبا النقض .
يتمتع موظفو الأمم المتحدة بالحصانة القضائية
1- يتمتع موظفو الأمم المتحدة بالحصانة القضائية فيما يتعلق بالأعمال التي يقومون بها بصفتهم الرسمية سواء أكانت شفوية أو كتابية عملا بالمادة (5/18/أ) من اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة ، كما أوضحت الفقرة (20) من ذات المادة ان هذه الحصانة تعطى لموظفي الأمم المتحدة لمصلحة الأمم المتحدة وليس لمصلحتهم الشخصية ويجب على الأمين العام رفع هذه الحصانة في جميع الحالات التي يرى فيها ان هذه الحصانة تحول دون تحقيق العدالة وحيث يمكن رفعها دون ان يضر ذلك بمصالح المنظمة وللأمين العام تحديد فئات الموظفين الذين تشملهم الحصانة ويجري تبليغ حكومات الدول الأعضاء بأسماء هؤلاء الموظفين ، سواء أكان الموظف من رعايا الدولة المعنية أو من الأجانب ، وعليه فان إعلان عدم اختصاص المدع العام عن نظر الشكوى كون المشتكى عليه من الموظفين المدرجة أسماءهم في قائمة الموظفين المشمولين بهذه الحصانة وقبل التثبت من انه تم تبليغ الحكومة الأردنية بذلك يكون مخالفا للقانون مستوجبا النقض من هذه الناحية .
2- ان ثبوت ان المشتكى عليه يتمتع بالحصانة الدبلوماسية كونه موظفا لدى الأمم المتحدة يستوجب إصدار القرار بمنع ملاحقته وليس بعدم الاختصاص لان الأصل هو اختصاص المحكمة بإجراء محاكمة المشتكى عليه ما لم يوجد سبب قانوني يجعل المشتكى عليه محصنا عن المحاكمة.
هل يوجد حصانة قضائية للأمراء؟
إن لقب الأمير لقب فخري قد يترتب عليه بعض الحقوق المالية داخل العائلة المالكة وقد يترتب عليه حصول الأمير على أوسمة أو ما شابه، ولكن لا يترتب عليه أي حصانة قضائية لا مدنية ولا جزائية، ويجوز ملاحقة الأمير ملاحقة قضائية عن أي جريمة يرتكبها، كما ويجوز رفع الدعاوى المدنية ضد الأمير ، و الأمير يحاكم أمام المحكمة المختصة ولا يوجد محكمة خاصة للأمراء، حتى بالنسبة للتبليغات فإن الأمراء يبلغوا بالطرق العادية وإن كان قد جرت العادة إرسال التبليغات إلى الديون الملكي إلا أن ذلك من قبيل العادة وليس له أي إلزام قانوني وهذا ما قررته محكمة التمييز ( وعن السبب الأول : ومؤداه تخطئة محكمة الاستئناف بحكمها باعتمادها على أن المميزين قد تبلغا تبليغاً قانونياً حيث اعتمدت على تبليغ غير أصولي حيث لا يوجد بروتوكول أو قانون ينص على تبليغ الأمراء في الديوان الملكي حيث إن التبليغ جاء على عنوان مغاير لعنوان المميز الأول وإن تقديم البينات والجواب يكون خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استلام لائحة الدعوى وليس من تاريخ التبليغ على الديوان الملكي ) ( الحكم رقم 7342 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية).
فإذا أرتكب الأمير جريمة جنحية يحاكم أمام محكمة الصلح المختصة وإذا أرتكب جناية يحاكم أمام محكمة الجنايات وإذا كان جريمته تتعلق بنظام الحكم مثل الانقلاب والتحريض ضد الدولة أو المؤامرة أو الخيانة العظمى فيحاكم أمام محكمة أمن الدول كونها صاحبة الاختصاص.
هل يوجد حصانة قضائية للأشراف؟
أيضا إن لقب الشريف ما هو إلا لقب فخري لا يترتب عليه أي حصانة قضائية لا مدنية ولا جزائية، ويجوز ملاحقة الشريف ملاحقة قضائية عن أي جريمة يرتكبها، كما ويجوز رفع الدعاوى المدنية ضده، ويحاكم أمام المحاكم النظامية ولا يوجد محكمة خاصة للأشراف، ويتم تبليغهم بالطرق العادية.