الدفوع الشكلية في الدعوى المدنية

إن إجراءات التقاضي تتيح لكل خصم أن يقدم دفوعه في الدعوى وهذا من باب تحقيق العدالة القضائية ، والمقصود بالدفع هو الإتيان بدعوى من المدعى عليه توجب رد دعوى المدعي كلا أو جزءا مباشرة ، فالدفع أو الدفوع هو وسيلة الدفاعية التي يلجأ إليها الخصوم ،وتنقسم الدفوع إلى ثلاث أقسام، دفوع الموضوعية والتي توجه للحق المدعى به فترد الدعوى موضوعا وتمنع من إقامتها مجددا، والدفع بعدم قبول الدعوى حيث يوجه هذا الدفع لوسيلة الادعاء مثل الدفع بعدم توافر الخصومة، وأخيراً الدفوع الشكلية  والتي توجه لإجراءات الدعوى، فترد الدعوى شكلا ولا تمنع من إقامتها مجددا ، وسنخصص هذا المقال  للحديث عن الدفوع الشكلية

المقصود بالدفع الشكلي؟

هو وسيلة دفاع يقصد بها الخصم تفادي الحكم عليه بصفة مؤقتة، ويطعن بها في إجراءات الخصومة، إما لأنها رفعت إلى محكمة غير مختصة، أو رفعت بإجراء باطل، أو يتعين وقف إجراءاتها لمدة معينة حتى يستوفى أحد الإجراءات، وكل ذلك دون المساس بأصل الحق المدعى به، فما يتميز به الدفع الشكلي أنه يطعن به في إجراءات الخصومة، ويقصد به تفادي الحكم في الموضوع بصفة مؤقتة.

وعليه فإن الدفوع الشكلية دفوع متعلقة بالإجراءات، بمعنى أنها تتناول إجراءات الدعوى، سواء من حيث طريقة رفعها أو السير فيها أو الاختصاص بها، فيكون الغرض منها التخلص من الدعوى دون الخوض في موضوعها وقبل الدخول فيها.

شروط الدفوع في الدعوى المدنية

وشروط الدفوع في الدعوى المدنية هي ذات الشروط المطلوب توافرها في الدعوى ، وهي كما يلي

-أن تكون لمن يقيم الدعوى مصلحة من ذلك، وهذا شرط معترف به في كافة الدول حيث لا دعوى دون مصلحة، والمصلحة هي: “كل نفع يحصل عليه المدعي من اللجوء إلى القضاء لاستخلاصه”، وعليه فإن المصلحة هي الباعث من إقامة الدعوى كما أنها الغاية المقصودة من رفعها.[2]

– يشترط لقبول الدعوى المدنية ألّا يكون تم الحكم في موضوعها تطبيقًا لمبدأ حجّية الأمر المقضي به.

– يجب رفع الدعوى في الوقت أو المهلة التي حددها المشرع لذلك، لذلك لا تقبل الدعوى إذا تم رفعها بعد انقضاء تلك المدة.

– يجب ألّا يكون الأطراف في الدعوى قد اتفقوا على اللجوء إلى التحكيم قبل اللجوء إلى القضاء؛ لأن الخصم في التحكيم قد يتنازل مؤقتًا عن اللجوء إلى القضاء.

– ألا يكون قد تمّ الصّلح بين الخصوم بصدد الدعوى المرفوعة.

ضرورة إثارة الدفوع قبل الأساس

الدفوع الشكلية هي دفوع يجب أن تثار قبل الدخول بالأساس في الدعوى المدنية، وقد حددتها المادة 109 من قانون أصول المحاكمات المدنية. وكنا قد بينا في مقال منفصل الدفوع المتعلقة بالنظام العام في الدعوى المدنية .

وتُعرّف الدعوى بصفةٍ عامّة على أنّها: “سلطة الالتجاء إلى القضاء للحصول على تقرير حق أو لحمايته”، وعليه فإنّ الدعوى هي الوسيلة القانونية التي منحت للأشخاص في الدولة لحماية حقوقهم من أي اعتداءات داخلية أو خارجية، وتعدّ الدعوى إجراء من الإجراءات القضائية التي تحرص على أمن المجتمع واستقراره، فلولا وجود هذه الوسيلة لأقدم الأفراد على اقتضاء حقوقهم بأنفسهم مما يخل بأمن وأمان المجتمع، والدعوى هي حقّ شخصي للفرد، فله كامل الحرية إما برفعها أو بالتنازل عنها، وتنقسم الدعاوي إلى قسمين: الدعاوى المدنية المتعلقة بالحقوق المدنية للأشخاص، والدعاوى الجنائية المتعلقة بارتكاب الجرائم.[1]

وتعرف الدعوى المدنية بشكل خاص بأنها: “حق الشخص باللجوء إلى المحاكم المدنية للحصول على حق من الحقوق المدنية أو المطالبة بحمايته”،

– قبل الدخول بتفاصيل هذه الدفوع الشكلية يمكن تعريفها بأنها الوسائل التي يستعملها المدعى عليه بهدف رد طلبات المدعي في الدعوى ، وهي ما تعرف بالدفوع الشكلية التي لا تهم الحق الذي أسس المدعي عليه دعواه وإنما تتعلق فقط بالشكليات المحددة قانونا والتي يجب مراعاتها عند مباشرة الدعوى فهي وسيلة دفاع سلبية تهدف إلى تفادي الحكم على المدعي عليه بطلبات خصمه قبل الدخول بأساس الدعوى.

ونظرا لطبيعة الدفوع الشكلية يجب إثارتها في آن واحد عند بداية الدعوى أي في طلب واحد مستقل وخلال مدة محددة أي يجب مراعاة أنه يجبُ أن يتمسّك الخصم بهذه الدفوع الشكلية قبل أن يتعرض قاضي الموضوع لموضوع الدعوى الأصلية وقبل الدخول في أساسها ، وإذا حصل مثل هذا التعرض والدخول بالأساس يسقط حقّ الخصم بالدفع ولا يجوز له أن يتمسك به، ويعدّ ذلك تنازلًا ضمنيًا منه عن هذا الدفع .

هذه القاعدة نصت عليها المادة (١٠٩) فقرة ١ من قانون أصول المحاكمات المدنية حيث جاء فيها”.. للخصم قبل التعرض لموضوع الدعوى.” وتبين لنا هذه المادة أن هذه الدفوع ليست من النظام العام أي لا يمكن إثارتها في أي مرحلة من مراحل الدعوى، وإنما فقط قبل الدخول بالأساس، وهناك قرارات لمحكمة التمييز الأردنية تأكد على ذلك ومنها الحكم رقم 8331 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الذي جاء فيه :

“وفي الرد على ذلك نجد أن التقادم من الدفوع الشكلية التي هي من حق الخصوم وفقاً للمادة 109 من الأصول المدنية والتي تشترط تقديمها قبل الدخول بأساس الدعوى وحيث إن مثل هذا الطلب لم يقدم فلا حجية لهذا الدفع مما يستوجب الالتفات عنه ورده”.

وفي الحكم رقم 5060 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية قررت محكمة التمييز

“وفي ذلك نجد أن المميزة دفعت أمام محكمة بداية غرب عمان بعدم الاختصاص المكاني وردت المحكمة هذا الدفع ولم يتم الطعن بذلك أمام محكمة الاستئناف وبالتالي فهي لا تملك إثارته في هذه المرحلة باعتباره ليس من الدفوع المتعلقة بالنظام العام”.

المصلحة في الدفوع:

ويقصد بذلك أن تكون مصلحة المدعي مستمدة من حق أو وضع قانوني وتهدف إلى الاعتراف بهذا الحق أو هذا الوضع القانوني وحمايتهما، وعليه يتم اعتبار الدعوى وكأنها لم عملة نقدية، فيعتبر الطلب وجها لها والدفع هو الوجه الآخر، وبالتالي فإن ما يسري على الدعوى يسري على الدفوع والطلبات التي يقدمها الخصوم، فقد جاء في المادة 3 من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني أنه لا يقبل أي طلب أو دفع لا يتوافر لصاحبه مصلحة قائمة يفرضها القانون.

ومن خلال قراءة هذه الشروط للدعوى المدنية يتبين لنا أن الطرف في الدعوى وهو الخصم يمكنه إثارة بعض من هذه الشروط وغيرها والتي تسمى دفوع أيضا قبل الدخول بالأساس في الدعوى عن طريق طلب مستقل يقدم للمحكمة ويفصل فيه .

وهذا ما يقودنا للحديث عن موضوع الدفوع الشكلية التي يجب إثارتها قبل الدخول بالأساس في الدعوى المدنية وبيان ماهية كل دفع حسب قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني وسنقوم بتقسيمه لمطالب كالآتي:

أنواع الدفوع الشكلية:

عند استقراء نصوص المواد 109 و110 و111 من قانون الأصول المدنية نجد أن المشرع قسم الدفوع الشكلية إلى نوعين هما: دفوع شكلية متصلة بالنظام العام ودفوع شكلية غير متصلة بالنظام العام.

وما سنقوم ببحثه في هذا المقال وعلى وجه التفصيل الدفوع الشكلية التي نصت عليها المادة 109 من قانون أصول المحاكمات المدنية وهي:

الدفع بعدم الاختصاص المكاني ، الدفع بوجود شرط التحكيم، الدفع بكون القضية مقضية الدفع بمرور الزمن، الدفع ببطلان أوراق التبليغ في الدعوى.

أولا : الدفع بعدم الاختصاص المكاني

ويقصد به منع المحكمة من الفصل في الدعوى المعروضة أمامها، لخروجها عن حدود ولايتها طبقا لقواعد الاختصاص، ويقصد بالاختصاص المكاني سلطة المحاكم في الفصل في الدعاوى بحسب الموقع أو المكان، وهو يعني توزيع الاختصاص بنظر الدعاوى توزيعا جغرافيا بين المحاكم المتعددة التي تنتمي إلى صنف، واحد، ودرجة، واحدة.

فإذا كان الدفع يتعلق بعدم الاختصاص مكانيا بنظر الدعوى، فيجب التمسك فيه قبل التعرض لموضوع الدعوى أو إبداء أي دفع آخر، وإلا سقط الحق فيه لعدم تعلق قواعد الاختصاص المكاني بالنظام العام.

وقد تناولت نصوص المواد من 36-47 من قانون أصول المحاكمات المدنية قواعد الاختصاص المكاني للمحاكم وذلك حسب نوع الدعوى.

فالدفع بعدم الاختصاص المكاني قرره المشرع لمصلحة المدعى عليه، وعليه فإن من تدخل تدخلا إختصاميا لا يجوز له أن يتمسك بهذا الدفع لأنه يعتبر بحكم المدعى عليه، وكذلك الحال لمن تدخل في الدعوى تدخلا انضمامي الى المدعى عليه، فلا يجوز له التمسك بهذا الدفع في حالة كان حق المدعى عليه قد سقط في إبدائه.

وضع قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني قواعد يجب اتباعها في تحديد المحكمة المختصة مكانيا في نظر دعوى ما ، ومخالفة هذه القواعد يخول الخصم حق تقديم دفع عدم الاختصاص المكاني للمحكمة التي تنظر الدعوى قبل الدخول في أساسها. ويُحدد الاختصاص المكاني للمحاكم الأردنية كما يلي:

المادة ( 36): في دعاوى الحقوق الشخصية أو المنقولة يكون الاختصاص:

للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه .-

إذا لم يكن للمدعى عليه موطن في الأردن فللمحكمة التي يقع في دائرتها مكان إقامته المؤقت.-

. إذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم-

المادة (37) الاختصاص المكاني في الدعاوى العقارية :

-في الدعوى العينية العقارية ودعاوى الحيازة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار ، أو أحد أجزائه إذا كان واقعا في دوائر محاكم متعددة.

. إذا تعددت العقارات كان الاختصاص للمحكمة التي يقع أحدها في دائرتها –

-في الدعاوى الشخصية العقارية يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو موطن المدعى عليه

المادة (38) الاختصاص المكاني في الدعاوى المتعلقة بالشركات :

-في الدعاوى المتعلقة بالشركات أو الجمعيات القائمة أو التي في دور التصفية أو المؤسسات يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها مركز إدارتها سواء أكانت الدعوى على الشركة أو الجمعية أو المؤسسة أم من الشركة أو الجمعية أو المؤسسة على أحد الشركاء أو الأعضاء أو من شريك أو عضو على آخر.

-يجوز رفع الدعوى الى المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة أو الجمعية أو المؤسسة وذلك في المسائل المتصلة بهذا الفرع.

المادة (39) الاختصاص المكاني المتعلقة بالتركات :

الدعاوى المتعلقة بالتركات أو التي يرفعها الدائن قبل قسمة التركة تكون من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها محل فتح التركة وكذلك الدعاوى التي يرفعها بعض الورثة على بعض قبل قسمة التركة.

المادة (40) الاختصاص المكاني في المحل المختار :

في المواد التي فيها اتفاق على محل مختار لتنفيذ عقد يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو المحل المختار للتنفيذ.

المادة (41) الاختصاص المكاني المتعلق بالإفلاس أو الإعسار :

في المنازعات المتعلقة بالإفلاس أو الإعسار المدني يكون الاختصاص للمحكمة التي قضت به .

المادة (42) الاختصاص المكاني المتعلق بالتوريدات والأشغال:

في المنازعات المتعلقة بالتوريدات والأشغال وأجور المساكن وأجور العمال والصناع يكون الاختصاص لمحكمة المدعى عليه ، أو للمحكمة التي في دائرتها تم الاتفاق أو نفذ.

المادة (43) الاختصاص المكاني المتعلق بطلب التامين:

في المنازعات المتعلقة بطلب التامين يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن الشخص المؤمن عليه أو مكان المال المؤمن عليه.

المادة (44) الاختصاص المكاني في المواد التجارية :

في المواد التجارية يكون الاختصاص لمحكمة المدعى عليه أو للمحكمة التي في دائرتها تم الاتفاق وتسليم البضاعة أو التي في دائرتها يجب الوفاء .

المادة (45) الاختصاص المكاني في المنازعات المستعجلة :

في الدعاوى المتضمنة طلب اتخاذ إجراء مؤقت أو مستعجل يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو المحكمة المطلوب حصول الإجراء في دائرتها .

وفي المنازعات المستعجلة المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات يكون الاختصاص للمحكمة التي يجري في دائرتها التنفيذ.

المادة(46) الاختصاص المكاني بمصروفات الدعاوى :

في المنازعات المتعلقة بمصروفات الدعاوى وأتعاب المحاماة إذا قعت بصورة تبعية يكون الاختصاص للمحكمة التي فصلت في أصل الدعوى على ألا يخل ذلك في الأحكام الواردة في قانون نقابة المحامين .

المادة (47) الاختصاص المكاني لدائرة موطن المدعي :

إذا لم يكن للمدعى عليه موطن ولا سكن في الأردن ولم يتيسر تعيين المحكمة المختصة بمقتضى الأحكام المتقدمة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي أو محل عمله فان لم يكن له موطن ولا محل عمل في الأردن كان الاختصاص لمحكمة عمان .

النتائج المترتبة على عدم تعلق قواعد الاختصاص المكاني بالنظام العام

لا يجوز للمحكمة أن تثير أمر الاختصاص المكاني من تلقاء نفسها، فإذا قامت بذلك تكون قد أخطأت، لكون القاضي مقيد في الطلبات التي يطرحها الخصوم على المحكمة، وعليه إذا قضى بالدفع بعدم الاختصاص المكاني من تلقاء نفسه يكون قد قضى بما لم يطلب منه.

لا يجوز للخصوم التمسك بعدم الاختصاص المكاني إلا أمام محكمة الدرجة الأولى (الصلح /البداية) فإذا لم يتم التمسك به أمامها فلا يجوز لهم التمسك به في المراحل الأخرى من التقاضي (أمام محكمة الاستئناف /التمييز) بل ينبغي عليهم أن يتمسكوا فيه قبل التعرض لموضوع الدعوى، إذ يعتبر الدخول في الموضوع بمثابة تنازل عن الدفع بعدم الاختصاص ويؤدي إلى سقوط الحق في إبداء هذا الدفع.

يجوز للخصوم أن يتنازلوا عن تطبيق قاعدة الاختصاص غير المتعلقة بالنظام العام، وأن يتفقوا على مخالفتها، فهذا الاتفاق يكون جائزا وصحيحا، كونه لا ينطوي على المساس بالنظام العام.

يجب أن يتمسك بالدفع بعدم الاختصاص المكاني الخصم صاحب المصلحة والذي تقررت قاعدة الاختصاص لمصلحته، دون غيره من الخصوم، فلا يجوز للمدعي مثلا التمسك بهذا الدفع، لأن قيامه برفع دعوى أمام محكمة معينة يفيد ضمنا قبوله لاختصاصها.

الإجراء المترتب على قبول طلب الدفع بعدم الاختصاص المكاني من قبل المحكمة

في حالة تمسك المدعى عليه بهذا الطلب وقام بتقديمه قبل التعرض لموضوع الدعوى وكان قد استوفى جميع الشروط القانونية وقامت المحكمة بعد ذلك بنظر الطلب وقبوله، فإن المحكمة تقوم بإصدار قرار يقضي بإحالة الدعوى المقدمة لديها الى المحكمة المختصة مكانيا في نظر هذه الدعوى، فقرار المحكمة في هذه الحالة لا يكون برد الدعوى إنما إحالتها بحالتها الى المحكمة المختصة.

ثانيا : الدفع بوجود شرط تحكيم

بالبداية لابد من تعريف شرط التحكيم، حيث يقصد به اتفاق بين طرفين متنازعين أو قد يتنازعان لحل النزاع بواسطة شخص أو أشخاص آخرين هم المحكمون، كما يعرف أيضا بأنه اتفاق خطي يتضمن إحالة الخلافات القائمة أو المقبلة على التحكيم سواء كان اسم المحكم أو المحكمين مذكور في الاتفاق أم لا.

يقصد بالتحكيم هو اختيار المتنازعين لقاضيهم، أو التفويض بالحكم، بمعنى آخر هو نزول أطراف النزاع عن اللجوء إلى القضاء والتزامهم بعرض النزاع على شخص أو أكثر يطلق عليه المحكم أو المحكمين، وكذلك حسم النزاع بإصدار قرار نهائي وملزم.[3]

فيمكن تعريف التحكيم بأنه “ اتفاق بين طرفين أو أكثر على حسم نزاعهم الناشئ أو الذي سوف ينشأ بواسطة شخص أو أكثر يختارونهم بأنفسهم، أي إقامة محكمة خاصة دون اللجوء إلى القضاء التقليدي في الدولة، ويحددون موضوع النزاع ويفصلونه. ”

وعليه فأن وجود هذا الشرط يمنع الأطراف من اللجوء إلى المحاكم في حال حدوث نزاع بينهم ، وفي حال اللجوء للقضاء ووجود شرط التحكيم يحق للطرف الآخر الدفع بهذا الشرط أمام محكمة الموضوع قبل الدخول بالأساس.

وقد ورد النص على هذا الدفع في المادة 109 من قانون أصول المحاكمات المدنية كدفع يتوجب إبداؤه مع سائر الدفوع الشكلية غير المتصل[4]ة بالنظام العام، وقبل إبداء أي دفع إجرائي أو طلب أو دفاع في الدعوى وإلا سقط الحق فيه، كما يسقط حق الطاعن في هذا الدفع إذا لم يبده في لائحة طعنه.

وفي حالة قام أحد فريقي اتفاق التحكيم برفع دعوى بأصل الحق موضوع النزاع المتفق إحالته إلى التحكيم أمام المحكمة وشرع بالإجراءات لدى أي محكمة بإرادته المنفردة بعكس إرادة الطرف الآخر المتمسك بشرط التحكيم، فإن لهذا الطرف المتمسك بشرط التحكيم أن يدفع بوجود هذا الشرط من أجل وقف إجراءات الدعوى، ويقرر هذا الحق للمدعى عليه وفق القانون سواء بوشرت الإجراءات أمام المحكمة المختصة أم غير المختصة.

وعليه فإنه يشترط لقيام حق المدعى عليه بالتمسك بالدفع بوجود شرط التحكيم توافر الشروط التالية:

وجود اتفاق /شرط التحكيم ، ومباشرة المدعي باتخاذ الإجراءات أمام المحكمة في موضوع النزاع وأن يقدم المدعى عليه الدفع بوجود شرط التحكيم قبل التعرض لموضوع الدعوى.

الأثر المترتب على عدم تمسك المدعى عليه بالدفع بوجود شرط التحكيم:

إذا لم يتمسك المدعى عليه بالدفع بوجود شرط التحكيم مع سائر الدفوع الشكلية الأخرى غير المتصلة بالنظام العام، وقبل أي دفع إجرائي آخر أو طلب دفاع في الدعوى فإن ذلك يعتبر تنازلا عن حقه في إبداء هذا الدفع ويسقط حقه فيه.

والمحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه شرط تحكيم يتوجب عليها أن تحكم برد الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل الدخول في أساس الدعوى.

ثالثا : الدفع بكون القضية مقضية

تعريف الدفع بكون القضية مقضية: هو دفع يثيره أحد الخصوم في مواجهة دعوى خصمه بهدف منع قبولها نظرا لصدور حكم قطعي في موضوعها، ويعتبر هذا الدفع من الدفوع التي لا يمكن نقضها وذلك لأن الأحكام القطعية تعتبر قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس.

شروط الدفع بكون القضية مقضية:

عند الحديث عن هذا الدفع يفترض توافر ثلاثة شروط لإمكانية الدفع به وهذه الشروط هي:

  • اتحاد الخصوم: والخصوم في الدعوى هم أطرافها الذين يتنازعون فيها، فهم أطراف متقابلة، لوجود مصالح متعارضة يدعي كل واحد منهم أن الحق له وأن خصمه ينازعه في هذا الحق أو يعتدي عليه.
  • وحدة الموضوع (موضوع الدعوى): ويراد بموضوع الدعوى الطلبات التي رفع المدعي دعواه من أجل المطالبة بها، وكل دعوى يتم بيان موضوعها في لائحتها فهو عنصر أساسي يجب تحديده فيها، لأنه ينبني عليه مسائل قانونية مهمة مثل معرفة المحكمة المختصة.
  • وحدة السبب: حيث يقصد بالسبب مصدر الحق المتنازع فيه، فيجب أن يكون مصدر الحق /السبب واحد حتى يكون الدفع المقدم صحيحا.

فإذا توافرت هذه الشروط، يمنع رفع الدعوى مجددا لسبق الفصل فيها، كونها تخلو من المصلحة القانونية المشروعة التي يتطلب القانون وجوب توافرها كشرط أساسي لرفعها.

الطبيعة القانونية للدفع بكون القضية مقضية

ورد النص على الدفع بكون القضية مقضية في أكثر من موقع في قانون أصول المحاكمات المدنية، حيث نصت المادة 109 فقرة 1 من هذا القانون على عدة دفوع من بينها الدفع بكون القضية مقضية، لذلك نجد أن المشرع الأردني جعل هذا الدفع من ضمن الدفوع المتعلقة بالنظام العام، على خلاف باقي الدفوع الواردة في نص المادة المشار إليها أعلاه، حيث اعتبرها من الدفوع غير المتعلقة بالنظام العام.

وعلى الرغم من هذا الاختلاف بين طبيعة هذه الدفوع، إلا أن المشرع أوردها جميعا في نص المادة 109 فقرة 1، وأعطاها حكما واحدا وهو اشتراط تقديمها دفعة واحدة وبطلب مستقل وذلك خلال المدة المحددة في المادة 59 من قانون أصول المحاكمات المدنية وهي المدة المحددة لتبادل اللوائح.

وعليه إذا لم يمتثل الخصم لشروط تقديمها دفعة واحدة وفي طلب مستقل عن لوائح الدعوى وضمن المدة القانونية المحددة وبدأت المحكمة بالنظر في موضوع الدعوى امتنع على الخصم إثارة أي من تلك الدفوع، بما فيها الدفع بكون القضية مقضية.

ولكن عند قراءة المادة 111 من قانون أصول المحاكمات المدنية، نجد ان المشرع أكد على طبيعة الدفع بحجية الأمر المقضي به وبأنه من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، حيث سمح للخصم إثارته في اي مرحله من مراحل الدعوى، كما أكد على ان تباشر المحكمة صلاحياتها بالتصدي له من تلقاء نفسها.

وعليه فأننا نجد وبوضوح تناقض قائم ما بين نص المادة 109 ونص المادة 111 من قانون أصول المحاكمات المدنية بشأن الدفع بكون القضية مقضية.

كيفية إثارة الدفع بكون القضية مقضية

ويراد بإثارة الدفع تقديمه في مواجهة طلب الخصم في الدعوى، بهدف عدم الحكم له بهذا الطلب، حيث لا يجوز للخصم أن يقدم أي دفع ما لم تكن مصلحه فيه، والمصلحة في هذا الدفع هي إنهاء الخصومة ورد الدعوى لتي سبق الفصل فيها.

ويثار هذا الدفع أمام محكمة الصلح من قبل المدعى عليه في الدعوى الصلحية في جوابه على لائحة الدعوى، كما يستطيع ان يثيره في أي مرحله كانت عليها الدعوى أمام محكم الصلح، ولا يمنعه من ذلك أن المحكمة تنظر في موضوع الدعوى، لأن هذا الدفع من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، وكذلك على القاضي ليس فقط أن يستجيب لهذا الدفع ويحكم به، بل عليه ومن تلقاء نفسه أن يحكم بهذا الدفع متى ثبت له صحته وتيقن من تحققه.

أما عن إثارة هذا الدفع أمام محكمة البداية، فيستطيع الخصم في الدعوى البدائية أن يتمسك بهذا الدفع في مرحلة تبادل اللوائح، على أن يقوم بوضعه مع غيره من الدفوع في طلب مستقل عن لائحته الجوابية وذلك إعمالا لنص المادة 109 من قانون أصول المحاكمات المدنية، وكذلك فأنه يستطيع أن يثير هذا الدفع في أي مرحله من مراحل الدعوى كونه يتعلق بالنظام العام، كما يتوجب كذلك على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها متى ثبت لها صحته وتحققت شروطه.

وأما عن إثارة هذا الدفع أمام محكمة الاستئناف فأننا نكون أمام حالتين، الحالة الأولى إذا تم إثارة هذا الدفع من بين أسباب الاستئناف، وبالتالي يتوجب على محكمة الاستئناف وبما لها من صلاحية في نظر الدعوى المستأنفة أن تتصدى لأسباب الاستئناف ومن بينها عدم أخذ محكمة الدرجة الأولى بهذا الدفع والذي أثير أمامها من قبل الخصم الذي تمسك به ورغم توفر شروطه وأحكامه، فيتوجب على محكمة الاستئناف في هذه الحالة فسخ الحكم المستأنف، وإصدار حكمها في الدعوى في ضوء ثبوت هذا الدفع والذي يترتب عليه رد الدعوى.

أما الحالة الثانية فتتمثل بإثارة الدفع أمام محكمة الاستئناف لأول مره، ففي هذه الحالة لا يكون الخصم قد أثار هذا الدفع مسبقا أمام محاكم الدرجة الأولى ولم يذكره كسبب من أسباب استئنافه، فإذا أثير هذا الدفع أثناء نظر محكمة الاستئناف الدعوى، سواء أكان نظرها لها تدقيقا أو موضوعا يجب على المحكمة التصدي له والحكم فيه، فإذا تبين لها توافر شروطه فإنها تفسخ الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الأولى وتحكم برد الدعوى.

وبالنسبة لإثارة هذا الدفع أمام محكمة التمييز، فإننا أيضا نكون أمام حالتين، الأولى إذا تم التمسك بهذا الدفع أمام محكمة التمييز استمرارا لإثارته في مراحل سابقه ففي هذه الحالة إذا تبين لمحكمة التمييز أن شروط هذا الدفع متحققة فإنها تقضي بفسخ الحكم المميز وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لمراعاة أسباب الفسخ.

أما الحالة الثانية وهي إثارة الدفع بكون القضية مقضية أمام محكمة التمييز لأول مرة، حيث يثار هذا الدفع من قبل أحد الفرقاء ولم يكن قد أورده في أسباب التمييز (في لائحته التمييزية) فإذا تحققت المحكمة من توافر شروطه وأحكامه أخذت به باعتباره من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، بل يتوجب عليها حتى في حال عدم إثارته أن تتصدى للحكم فيه من تلقاء نفسها متى تحققت من وجوده ومن تكامل شروطه.

رابعا : الدفع بمرور الزمن (التقادم)

يمكن توضيح مفهوم هذا الدفع بمضي مدة من الزمن، محددة في القانون دون اتخاذ أي إجراء من إجراءات الدعوى خلال تلك المدة، مما يترتب على ذلك انقضاء الحق في رفع الدعوى، ولا يجوز للمحكمة أن تنظر الدعوى متى ما تم الدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم.

ولم يمنح المشرع المحكمة سلطة إثارة الدفع بالتقادم في الدعاوى الحقوقية، إنما اقتصر في ذلك على جعله حق من حقوق المدعى عليه، وذلك ضمن المدة المقررة لتقديم اللائحة الجوابية، وقبل الدخول في أساس الدعوى، وهذا الدفع /الإجراء يكون في القضايا الصلحية والبدائية على حد سواء، كون هذا الدفع غير متعلق /متصل بالنظام العام.

ويتم إثارة هذا الدفع من خلال طلب مستقل يتم تسجيله في سجل الطلبات مع البينات المؤيدة له، كما يتم دفع الرسم القانوني عليه، شريطة أن يتم تقديمه قبل التعرض لموضوع الدعوى كما سبق وذكرنا، ويتوجب على القاضي عند تقديم هذا الدفع أن يوقف السير في الدعوى الأصلية وينتقل للنظر في موضوع الدفع، فإذا تأكد القاضي من جدية هذا الدفع يقوم برد الدعوى لمرور الزمن المانع من سماعها، أما إذا تبين له أن الدفع غير محق فإنه يصدر القرار برد الدفع والسير في الدعوى الأصلية.

يعرف التقادم أنه مرور الزمن المانع من سماع الدعوى ، وعدم تمكين الشخص من المطالبة بحقه عند مرور فترة زمنية محددة.

والتقادم الذي نحن بصدده هو تقادم مسقط هو وسيلة أو طريقة ابتدعها المشرع لانقضاء الالتزام، أو لسقوط الحق بمرور فترة محددة من الزمن، لم يقم الدائن أو صاحب الحق خلالها بأي عمل قانوني للحصول على حقه. وبمعنى آخر هو: «وسيلة سقوط حق تقاعس صاحبه عن اقتضائه أو المطالبة به أو استعماله مدة معينة». والهدف من النص على التقادم المسقط تثبيت وضع واقعي دام فترة زمنية معينة، وذلك بمنع طرح الموضوع على القضاء، للحيلولة دون إقامة دعاوى من الصعب التحقيق والبت فيها بسبب مرور الزمن عليها.

فعند قيام المدعي بالمطالبة بحق قد مر عليه الزمن(مدة التقادم) ، يحق للمدعي عليه أن يقدم طلب رد الدعوى لمرور الزمن وقبل الدخول في أساس الدعوى.

خامسا: الدفع ببطلان أوراق تبليغ الدعوى

ويمكن تعريف الدفع ببطلان أوراق تبليغ الدعوى بأنه الحكم ببطلان أوراق المحضرين والتي يقصد بها دعوة المدعى عليه إلى الحضور في يوم معين وساعة معينة إلى المحكمة المختصة في دعوى مرفوعة عليه،

وتطبيقا لمبدأ المواجهة بين الخصوم، نظم المشرع الأردني قواعد خاصة بالتبليغ تكفل وصوله إلى المطلوب تبليغه، وذلك في المواد من 4-16 من قانون أصول المحاكمات المدنية، سواء فيما يتعلق ببيانات ورقة التبليغ أو زمنه أو الأشخاص الذي يجري التبليغ لهم.

تعد التبليغات القضائية من الأمور المهمة في الدعوى المدنية ، إذ أن أي إجراء يتم بحق شخص أو الادعاء عليه بموجب لائحة دعوى يجب تبليغه هذه اللائحة ومرفقاتها جميعها.

ويتم تبليغ المطلوب تبليغه أو زوجه أو من يكون مقيما معه من أصهاره أو أقاربه المستخدمين وإذا امتنع المطلوب تبليغه عن تسلم الورقة يحرر القائم بالتبليغ شرحا يثبت فيه ذلك ويدون فيه تاريخ ومحل حصول الامتناع ويوقعه ويعتبر تبليغا ،وإذا لم يكون الشخص المطلوب تبليغه في محل الإقامة فعلى القائم بالتبليغ أن يلصق نسخة من التبليغ على مكان ما ويشرح ذلك في ورقة التبليغ مع وجود شاهد ،وإذا تحقق للمحكمة أن المطلوب تبليغه ليس له محل إقامة معين أو مسكن معلوم فيجري تبليغه عن طريق الصحف المحلية.

ويعتبر التبليغ باطلا إذا شابة عيب أو نقص جوهري يخل بصحته أو يفوت الغاية منة كما لو كان التبليغ يخص دعوى أخرى لارتباط لها بالدعوى المنظورة أو كان المطلوب تبليغه هو غير الشخص المطلوب تبليغه ،ويترتب على تقرير بطلان التبليغ اعتباره كأن لم يكن..

وورد هذا الدفع في نص المادة 109 فقرة 1 من قانون أصول المحاكمات المدنية، ويعتبر هذا الدفع من الدفوع غير المتعلقة بالنظام العام، وهذا الدفع له طبيعة خاصة كون المشرع أعطى للخصم الحق في إثارته قبل الدخول في موضوع الدعوى لكنه لم يوجب عليه ذلك، واعتبر مجرد حضوره إلى الدعوى وبالرغم من وجود عيب يشوب التبليغ يسقط حقه في الدفع بالبطلان وعليه يزول الدفع ببطلان التبليغ إذا حضر المطلوب تبليغه أو من يقوم مقامه في الموعد المحدد لنظر الدعوى.

وهذا الدفع لا يؤدي عند ثبوت صحته إلى ضياع الحق المدعى به، إنما إلى تأجيل البت فيه إلى حين تصحيح مسار التبليغات القضائية.

اجتهادات محكمة التمييز على الدفوع الشكلية في الدعوى المدنية

قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم 1319/2016 فصل 23/1/2016) الدفع بمرور الزمن)

“حيث إن المادة 109 من قانون أصول المحاكمات المدنية أوجبت على الخصم قبل التعرض لموضوع الدعوى أن يتقدم بطلب مستقل يبن فيه الدفوع التي يرغب بتقديمها ومنها الدفع بمرور الزمن مما يستفاد منه أن الدفع بمرور الزمن يجب أن يقدمه الخصم الراغب بالتمسك به قبل التعرض لموضوع الدعوى وبطلب مستقل وفي حال عدم تقديم الطلب وفق الكيفية المحددة بالمادة 109 من الأصول المدنية يكون الخصم قد تنازل عنه وأسقط حقه بالدفع.

وحيث إن المدعى عليه لم يتقدم بطلب برد الدعوى لمرور الزمن وفق أحكام المادة 109 من قانون الأصول المدنية فإنه يكون قد أسقط حقه بهذا الدفع

وحيث إن محكمة الاستئناف توصلت لهذا النتيجة فيكون قرارها موافق للقانون”

[1] احمد أبو الوفا (1979)، أصول المحاكمات الحقوقية (الطبعة الثالثة)، بيروت: الدار الجامعية، صفحة 118

[2] عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشر)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 221-224.

[3] علاء باريان-الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية-2008-ص24

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!