تفسير المادة (3) من قانون الإعفاء من الأموال العامة

بتاريخ 21 ذو القعدة 1427هـ الموافق 12/12/2006 ميلادية، اجتمع الديوان الخاص بتفسير القوانين بطلب من دولة رئيس الوزراء بكتابه رقم (ب ن 2/ / 5005) تاريخ 30/10/2006 ميلادية وذلك لتفسير المادة (3) من قانون الإعفاء من الأموال العامة رقم (28) لسنة 2006 والبند (2) من الفقرة (أ) من المادة (11) والفقرة (ن) من المادة (14) من قانون بنك الإنماء الصناعي رقم (5) لسنة 1972 وبيان ما يلي:

هل يملك مجلس إدارة البنك صلاحية الإعفاء من القروض المتعثرة أم أن الإعفاء يتم وفقاً للصلاحية المنصوص عليها في المادة (3) من قانون الإعفاء من الأموال العامة المعمول به؟

وبالرجوع إلى النصوص القانونية المطلوب تفسيرها والنصوص المتعلقة بطلب التفسير نجد ما يلي:

أولاً: تنص المادة (3) من قانون الإعفاء من الأموال العامة رقم (28) لسنة 2006 على ما يلي:

أ‌- يجوز لوزير المالية بناءً على تنسيب مبرر من الجهة المختصة، إعفاء أي مكلف من الأموال العامة لا يزيد مقدارها على ألفين وخمسمائة دينار.

ب‌- يجوز لمجلس الوزراء بناءً على تنسيب من وزير المالية والجهة صاحبة العلاقة إعفاء أي مكلف من الأموال العامة التي يزيد مقدارها على ألفين وخمسمائة دينار على أن تحدد في التنسيب الشروط والإجراءات اللازمة لإتمام هذا الإعفاء.

ثانياً: نصت المادة (2) من قانون الإعفاء من الأموال العامة على ما يلي:
لمقاصد هذا القانون :
أ‌- تعني عبارة الأموال العامة جميع أنواع الضرائب والرسوم والغرامات والذمم والديون والعوائد والأجور العائدة للخزينة العامة والمؤسسات العامة الرسمية والمؤسسات العامة أو البلديات أو أي جهة يعطي القانون الخاص بها هذه الصفة لأموالها.

ب‌- وتعني عبارة الأموال الأميرية حيثما وردت في أي تشريع آخر الأموال العامة.

ثالثاً: أ- تنص المادة (3) من قانون بنك الإنماء الصناعي رقم (5) لسنة 1972 على ما يلي:
] يؤسس في المملكة بموجب أحكام هذا القانون بنك يسمى (بنك الإنماء الصناعي) يكون له شخصية معنوية واستقلال مالي وإداري وخاتم خاص به وله أن يقاضي ويقاضى بهذه الصفة وأن ينيب عنه في الإجراءات القضائية المتعلقة بها أو لأي غايات أخرى النائب العام أو أي شخص آخر ويمارس الصلاحيات المنصوص عليها في أي قانون أو نظام أو تعليمات صادرة بمقتضاه.

رابعاً: وجاء في المادة (5) من القانون ذاته
] تسري على البنك أحكام قانون الشركات المعمول به ما لم يرد نص على خلاف ذلك في هذا القانون أو في أنظمة البنك وتعليماته [.

خامساً: تنص الفقرة (2) من المادة (11) من قانون البنك ذاته على ما يلي:
] بالرغم مما هو وارد أو يرد في أية تشريعات أخرى:
أ‌- تعتبر أموال البنك وحقوقه كأموال الخزانة العامة وحقوقها، وله حق الامتياز في كافة ديونه ومطالبه على أموال المدين والكفيل والمشروع الصناعي المنقولة وغير المنقولة سواء كانت مرهونة أو مؤمناً عليها لديه أو غير ذلك، ولاستيفاء كافة ديونه وحقوقه بصرف النظر عن تاريخ نشوء هذه الديون والحقوق …………… وله تحصيل ديونه وفق قانون تحصيل الأموال الأميرية أو بموجب أي نظام يصدر لهذه الغاية[.

سادساً: تنص الفقرة (ز) من المادة (14) من قانون البنك على ما يلي:
تحقيقاً لغايات هذا القانون، يخول البنك الصلاحيات والسلطات التالية:
……………………………………………………………..

ز- تحصيل أي حق من حقوق البنك أو المصالحة عليها
– جاء في المادة (17) من قانون بنك الإنماء الصناعي أن رأسمال البنك المصرح به ستة ملايين دينار مقسومة على ستة ملايين سهم قيمة كل منها دينار واحد، وتقسم الأسهم إلى نوعين.
أ‌- أسهم عادية عددها (1110000) سهماً تساهم بها الحكومة.
ب‌- أسهم ممتازة عددها (4890000) سهماً يساهم بها القطاع الخاص.

سابعاً: نصت الفقرة (ب) من المادة (20) من قانون البنك ذاته على ما يلي:
] ب- إذا نقصت الأرباح المعدّة للتوزيع في سنة ما عن الحد الأدنى المضمون (وهو 6% سنوياً) ، فإن الحكومة ملزمة بمقتضى هذا القانون بتغطية النقص ودفع الفرق للبنك لتوزيعه على الأسهم الممتازة، ولا تعتبر هذه الدفعات ديناً للحكومة على البنك [.

وجاء في الفقرة (د) من المادة (20) ذاتها:
]د- تعفى أرباح البنك الموزعة وغير الموزعة من ضريبتي الدخل والشؤون الاجتماعية[.

ثامناً: وجاء في المادة (24) من قانون البنك ذاته ما يلي:
]أ- لا يجوز إلغاء البنك أو تصفيته إلا بقانون.
ب- في حالة تصفية البنك توزع موجوداته على أسهمه وتدفع أولاً قيمة الأسهم الممتازة على أنه لا يقل ما يصيب السهم الواحد عن قيمته الإسميّة.
ج- يعفى البنك من أية متطلبات أو واجبات مترتبة أو ستترتب في المستقبل على البنوك.

تاسعاً: يعفى البنك من جميع الضرائب والرسوم والرخص والتكاليف الأخرى من أي نوع كانت وسواء كانت مباشرة أو غير مباشرة وعائدة للخزينة العامة أو الدوائر أو المؤسسات الحكومية الأخرى بما في ذلك رسوم الجمارك والاستيراد، وسواء كانت تتناول رأس مال البنك أو أمواله الاحتياطية أو دخله أو أرباحه أو العقارات التي يملكها أو أمواله المنقولة وكافة معاملاته وكفالاته وينطبق هذا الإعفاء أيضاً على معاملات القروض التي يمنحها أو يعقدها مع الغير، ويشمل ذلك رسم الطوابع المستحقة على العقود أو المستندات الناشئة عنها ومعاملات التأمين وعقد الرهن وفكه وتنفيذه وغير ذلك.

وبعد التدقيق في النصوص والأحكام القانونية التي أسلفنا بيانها والمداولة توصلنا إلى ما يلي:
أولاً: إن المشرع قد اعتبر أموال بنك الإنماء الصناعي وحقوقه كأموال الخزانة العامة وحقوقها، وخوّله الحق في تحصيل ديونه وفق قانون تحصيل الأموال الأميرية، وله أن ينيب عنه في الإجراءات القضائية النائب العام (المحامي العام المدني) أو أي شخص آخر.

وقد جاءت جميع هذه النصوص والأحكام لحماية أموال البنك ولتمكينه من تحقيق الأهداف والغايات التي أنشأ من أجل تحقيقها.

ثانياً: إن النصوص والأحكام التي استعرضناها وخاصة المادة (17) من قانون بنك الإنماء الصناعي ذاته تبين أن أمواله ليست من الأموال العامة وليست أموالاً أميرية وإنما هي أموال المساهمين ومن بينهم الحكومة التي تساهم بما لا يجاوز 9% من رأسمال البنك، وباقي رأسمال المال هو للمساهمين من القطاع الخاص.

ثالثاً: إن المشرع قد أعطى بنك الإنماء الصناعي صفة الشخصية الاعتبارية (المعنوية) ذات الاستقلال المالي والإداري، وأسبغ عليه بعض أنواع الحماية التي أسبغها على الأموال الأميرية، أو المال العام ومنحه بعض الامتيازات التي منحها للدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية العامة.

وخول إدارته بعض الصلاحيات التي خولها للإدارات القائمة على إدارة وصيانة وتحصيل الأموال العامة،

رابعاً: سبق لهذا الديوان أن فسر نص المادة الثالثة من قانون بنك الإنماء الصناعي بالقرار التفسيري رقم (4) لسنة 1974 الصادر بتاريخ 27/1/1974 وقرر أن بنك الإنماء الصناعي في حقيقته مؤسسة عامة، أنشئت بقانون وأنه ليس شركة.

كما سبق لهذا الديوان أن قرر بتاريخ 3/2/1990 في قراره رقم (5) الذي نشر في العدد 3684 من الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 17/3/1990 (… أن قانون بنك الإنماء الصناعي قد وضع البنك كمؤسسة عامة في مصاف الدوائر الحكومية بما يكفي لإسباغ الصفة الرسمية عليه واعتباره مؤسسة عامة رسمية لغايات المادة 22/ب من قانون التقاعد المدني…).

خامساً: إلا إننا نجد – وعلى الرغم من أن هذا الديوان في قراريه السابقين المشار إليهما قد اعتبر بنك الإنماء الصناعي “مؤسسة عامة رسميّة” – أن أموال هذا البنك ليست في الحقيقة أموالاً عامة، لأنه من الثابت على صورة يقينية من نص المادة (17) من قانون البنك ذاته أن أموال البنك هي ملك المساهمين من القطاع الخاص، وأن الحكومة تساهم بما لا يجاوز 9% من رأسماله، ولذلك فإنه لا يصح القول بأن أموال البنك أموال عامة، لأن قول المشرع في المادة 11/2 من قانون البنك؛ تعتبر أموال البنك وحقوقه كأموال الخزانة العامة وحقوقها، لا يجعل هذه الأموال أموالاً عامة، ولو أراد المشرع ذلك لقال بكل صراحة ووضوح أن أموال البنك أموال عامة إلا أنه قال تعتبر أموال البنك وحقوقه كأموال الخزانة العامة، وذلك لحرصه الشديد على هذه الأموال ورغبته الواضحة في دعم هذا البنك لتحقيق الأهداف والغايات التي أنشئ من أجلها.

سادساً: لم يرد في قانون بنك الإنماء الصناعي وهو قانون خاص أي نص يخول وزير المالية أو مجلس الوزراء، أو مجلس إدارة البنك صلاحية إعفاء الغير من أموال البنك وإنما خوّل نص الفقرة (ز) من المادة (14) من قانون البنك، مجلس إدارته “تحصيل أي حق من حقوق البنك أو المصالحة عليها” ولكنها لم تخوّله إعفاء الغير من ديون البنك وحقوقه وأمواله.

وبناءً على ما تقدم نقرر بالإجماع أنه ليس في الأحكام التي تضمنتها المادتان (11/1/2)، (14/ز) من قانون بنك الإنماء الصناعي المشار إليهما ما يخوّل مجلس إدارة بنك الإنماء الصناعي صلاحية الإعفاء من القروض المتعثرة.

كما أنه ليس من صلاحية مجلس الوزراء أو وزير المالية إعفاء الغير من أموال البنك المذكور لأن أمواله ليست أموالاً عامة.

قراراً صدر في 21 ذو القعدة لسنة 1427 هجرية الموافق 12/12/2006.

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!