جرائم احتيال بيع الدولارات بأقل من سعر السوق وأحكامها والأسئلة الشائعة عنها هو ما سنفصله هنا. احتيال دولار للبيع ، دولارات صدام، دولارات بشار، دولارات القذافي، دولارات ليبيا.
ظهرت في الآونة الأخيرة أشكال كثيرة متنوعة من جرائم الاحتيال يقوم المحتالون فيها باستخدام وسائل مبتكرة في سبيل الاستيلاء على أموال الغير ، وتتركز الحيل في إيقاع المجني عليه ضحية للطمع فغالباً الحيلة تتمثل بمشروع يدر ربحاً سريعاً وهائلا ، فيعمد الجناة على إيهام الضحية بمشروع من شأنه أن يحقق أرباح كبيرة وسريعة ، ومن الحيل الجديدة المبتكرة ما يطلق عليه دولارات صدام أو دولارات العراق أو ما يدعون انه دولارات مسروقة من قاعدة أمريكية في العراق أو دولارات سوريا ودولارات بشار الأسد .
احتيال الدولارات بأقل من سعر السوق
ان الطريقة التي يستخدمها المحتالون تتمثل بإيهام الضحية ان لديهم دولارات من العراق وأن هذه الدولارات تحمل أرقام متسلسلة ، و ان التعامل بها داخل الأردن ممنوع و غير مشروع ، وفي حقيقة الأمر أن هؤلاء المحتالون يستخدمون دولارات حقيقية وغير مزيفة في سبيل إيهام الضحية بمصداقيتهم ، فغاية الضحية الأولى هي أن يتأكد أن الدولارات صحيحة وغير مزورة ، فعندما يحضر إلى مكان المحتالين يقوم بمعاينة الدولارات وفحصها ويجد أنها جميعها صحيحة ، وأنها بالفعل تحمل أرقام متسلسلة ومن ثم يقتنع الضحية أن الصفقة رابحة ، وهؤلاء المحتالين غالباً ما يحتالون على أشخاص من جنسيات أخرى نظراً للإمكانيات المادية خاصة عند أبناء الخليج ، و لاعتبار ان الأجنبي يبقى خائفا و قد لا يعود لتقديم شكوى.
في الغالب يحضر الضحية إلى الأردن أول مرة لغاية معاينة الأموال وفحصها وأحياناً يقوم بعض الضحايا بطلب مجموعة من الأوراق النقدية – الدولارات – لكي يقوم بفحصها عند عودته لكي يتأكد أنها غير مطلوبة في بلده .
وبالفعل عندما يصل إلى موطنه ويعرض الدولارات التي أخذها من المحتالين ويقوم بعرضها على بنك أو على صراف ويجد أن الدولارات غير مطلوبة ولا غبار عليها ، عندها يقتنع أنه فقط المطلوب تحريك الأموال من دولتها وما يلبث أن يحضر للأردن ليقوم بشراء دولارات فيقوم بإحضار مبلغ مالي للشراء من هذه الأموال مقابل نسبة ربح قد تصل لخمسين بالمئة أقل أو أكثر .
حيلة دولارات صدام الممنوع تداولها
وعندما يحضر في المرة الثانية ويحضر معه أمواله لكي يقوم بالمبادلة ، و عند وصوله الى مكان المحتالين ومعه ماله ففي الغالب يتم الاستيلاء على أمواله عنوة و تحت الإكراه في أحسن الأحوال أن يتم إقناع الضحية بأن الأموال ستنتقل الى بلده بواسطة شاحنة تقوم بتهريب المال و ان الضحية سيستلم المال في بلده هناك ، هذه هي ملامح عامة في غالب القضايا من هذا النوع ، ونظراً لتعاملنا مع مثل هذه القضايا فمن واجبنا توضيح بعض الأسئلة التي تثور في ذهن الضحية وفي الأحيان هذه الأسئلة قد تكون عبارة عن مخاوف تمنعه من العودة للأردن لرفع دعوى ضد المحتالين وهي كالآتي :
حيلة دولارات ليبيا القذافي الممنوع تداولها
وهذه الحيلة ظهرت بعد سقوط معمر القذافي ، حيث ظهر محتالين يدعون انه لديهم أموال من القذافي وأسرته وان هذه الدولار معمم عليها في البنوك بمنع التداول ، وهي حيلة مشابهة تماما لحيلة أموال صدام حسين وغيره من الحيل التي تهدف للاستيلاء على مال الضحية والهروب بعدها .
الأسئلة الشائعة حول جرائم احتيال الدولار
وهذه الأسئلة على لسان أحد الضحايا :
السؤال الأول : لقد قمت بالفعل بمعاينة الدولارات ووجدت أنها سليمة وتحمل أرقام متسلسلة :
الجواب : في الواقع ان هذه الأموال التي رأيتها ليست مسروقة من العراق أو غيره ، وان هذه القصة وهمية برمتها وليست صحيحة البتة ، ولا يوجد دولارات مطلوبة في الأردن أو ممنوعة من التداول ، وبالنسبة للأرقام المتسلسلة فيمكن لأي شخص أن يحصل على مبلغ مالي من أي بنك أو محل صرافة وان تكون الدولارات جديدة ومختومة بختم البنك وفي هذا الحال تكون تحمل أرقام متسلسلة .
السؤال الثاني : رأيت وعاينت بنفسي أموال كثيرة تبلغ عدة ملايين فلماذا يحتالوا على بمبلغ مئة ألف دولار ؟
في الحقيقة ان الأموال التي رأيتها ليست كلها صحيحة ففي الغالب تكون مجموعة من رزم الأموال صحيحة والباقي عبارة عن أوراق بيضاء وأحياناً بعض المحتالين لكثرة ضحاياه قد يصبح لديه مبلغ مالي كبير ، وأما بالنسبة لماذا يحتالوا عليك ومعهم الكثير من المال ففي الغالب هذه أصبحت عادة عندهم .
السؤال الثالث : وما قصة دولارات صدام أو دولارات العراق أو الدولارات المسروقة من القاعدة الأمريكية .
الحقيقة أن هذه القصة وهمية وليست موجودة على أرض الواقع وأن بعض المحتالين قام بنشر هذه القصة على الأنترنت ليؤيد مزاعمه وبكل حال وحتى لو كانت حدثت بالفعل ونشرت مقالات في صحف عالمية عن مثل ذلك فهي غير موجودة حالياً وتكون تلك الأموال ذهبت أدراج الرياح ، و، حتى لو وجدت حقيقة فلا داعي لبيعها لأنها غير ممنوعة من التداول إذا كانت غير مزورة.
السؤال الرابع : عندما حضرت إلى المحتالين فقد كان بعضهم يرتدي ثوب عربي وكان صاحب البيت كريم جداً وقام بتقديم عشاء فاخر جداً ومنزله عبارة عن قصر فاخر أيضا وسيارته فارهة ؟
الجواب : الحقيقة أن كل تلك المظاهر هي وسائل يستخدمها المحتالون لإيقاع الضحية بإقناعه بأنهم لجسو بحاجة للأموال وأنهم أغنياء .
السؤال الخامس : أنا لا أعرف أسماء الأشخاص ولا عناوينهم ولم أنتبه لأرقام السيارات لأنهم كانوا يحملوني من عمان بسيارة مضللة إلى مكانهم وكان كل واحد يكني نفسه بأبو على وأبو محمد وأبو أحمد والمسافة بعيدة من عمان ولا أعرف في أي اتجاه سارت بي السيارة التي حملتني ؟
الجواب : هذه الجرائم مشهورة وتتركز في بؤر معينة ، وجهاز الأمن العام الأردني وخاصة قسم البحث الجنائي لهم جهود حميدة في العثور على مثل هؤلاء الأشخاص ، وغالباً ان إدارة البحث الجنائي لديها صور للأشخاص المشبوهين يتمكن الضحية من خلالها أن يتعرف على المحتالين مباشرة .
السؤال السادس : ان الموضوع يتعلق بدولارات وفي بلدي عقوبة صارمة على من يتعامل بالدولارات ، فماذا افعل ؟
الجواب : أن الموضوع احتيالي برمته وأنك لم تكن تهدف للحصول على دولارات وأموال مزورة ، فلو كنت تسعى للحصول على دولارات مزورة لكانت مشكلة، ولكن انت كنت قد تأكدت من أنها دولارات صحيحة وبالتالي لا يوجد أي عائق يمنع من إقامة شكوى ولن يلحق بك أي أذى أو مسؤولية بسبب تقديم الشكوى لا بل أن هناك الكثير من الأشخاص استطاعوا أن يستعيدوا أموالهم كاملة .
السؤال السابع : تذكرت أنني وقعت معهم على عقد وكمبيالة لأنهم وعدوني أنهم سيرسلون كمية أكبر من المال الذي أحضرته فهل سيقدمون قضية ضدي بالكمبيالة أو سيحتجون على بالعقد ؟
الجواب : في الحقيقة أن مثل هؤلاء الأشخاص لا يستطيعوا أن يقتربوا من المحكمة ولن يحضروا لتقديم قضية ضدك وكذلك أن تقديم شكوى الاحتيال ضدهم يبطل العقد والكمبيالة ويصبح كأنه لم يكن .
السؤال الثامن : حصل أن هاتفني رقم أردني وفصل وعندما اتصلت به فهمت أنها دائرة الجمارك العامة الأردنية فقمت بأقفال الخط مباشرة واعتقدت أني مطلوب للجمارك كونهم قبضوا على السائق الذي كان متوجه لبلدي ليسلمني الدولارات وأن العصابة أخبروني أنه بلغ الجمارك عني وأني أصبحت مطلوب للسلطات الأردنية . ، فما هذا ؟
وهذه وسيلة احتيال مبتكرة فالمحتال بعد أن يخبرك أنه قد أُلقي القبض على سائق الشاحنة التي كانت متوجهة إلى بلدك وأنه بلغ عنك وعنهم وأنتم جميعاً أصبحتم مطلوبين ففي الحقيقة هو اتصل عليك من رقم هاتف معه وفصل الخط وبذات الوقت يكون قد قام بعمل تحويل لجميع المكالمات الواردة على رقم دائرة الجمارك الأردنية فعندما قمت بالاتصال بالرقم ظهر لك الرقم الآلي يقول ( دائرة الجمارك العامة ترحب بكم ) .
السؤال التاسع : خسرت أموالي ولا أريد أن أخسر أموال أخرى في السفر إلى الأردن ودفع مصاريف الفنادق، وأتعاب المحاماة ،والمصاريف، وغيرها. فما افعل ؟
أن إهمال الحق يعدمه، ومتابعته قد تعيده ، وأيضاُ أن بإمكانك أن تطالب بالتعويض عن كل خسارة لحقت بك بما فيها مصاريف الطيران والقامة وأتعاب المحاماة وبدل تعطيل أعمالك وأي ضرر لحق بك.
السؤال العاشر : إنني اسمع ان القانون لا يحمي المغفلين ، فهل هذا ينطبق على ؟
الجواب : ان هذه المقولة بدعة ، والقانون يحمي الجميع .
عقوبة جريمة احتيال الدولار وأحكامها
عقوبة احتيال الدولارات في القانون:
المادة 417 عقوبات والتي تنص على انه:
1- كل من حمل الغير على تسليمه مالا منقولا أو غير منقول أو إسنادا تتضمن تعهدا وإبراء فاستولى عليها احتيالا
ا- باستعمال طرق احتيالية من شانها إيهام المجني عليه بوجود مشروع كاذب أو حادث أو امر لا حقيقة له أو إحداث الأمل عند المجني عليه بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي اخذ بطريق الاحتيال والإيهام بوجود سند دين غر صحيح أو سند مخالصة مزور, أو ب- بالتصرف في مال منقول أو غير منقول وهو يعلم انه ليس له صفة للتصرف بهاو ج -باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة 0 عوقب بالحبس من ستة اشهر الى ثلاث سنوات وبالغرامة من مائتي دينار الى خمسمائة دينار
ماذا قررت المحاكم في قضايا الدولارات؟
وقضت محكمة التمييز الأردنية الموقرة وبصفتها الجزائية بقرارها رقم 506/2008 تاريخ 15/5/2008 بانه:
.يستفاد من المادة (417) عقوبات انه لاعتبار الفعل احتيالا لا بد من توافر العناصر التالية: –
. الركن المادي / وهو فعل الخداع والنتيجة المترتبة عليه وهي تسليم المجني عليه مالا الى المحتال .
. الركن المعنوي / الاحتيال من الجرائم القصدية ولا بد من توافر القصد العام والخاص اي نية الاستيلاء على المال موضوع الاحتيال .
وحيث ان الكتابين المصطنعين من قبل المتهم هما في حقيقتهما مصدقتين كاذبتين وفق مفهوم المادة (266) من قانون العقوبات لكونهما يتضمنان بيانات كاذبة خلافا للحقيقة استعان بهما وأبرزهما لتدعيم ادعائه الكاذب لغايات موافقة البنك على القرض واستلام قيمته وقد انخدع البنك ووافق على القرض وتسليم المبلغ المقترض . فيكون ما توصلت اليه المحكمة من حيث النتيجة بالحكم بعدم مسؤولية المتهم عن أفعال التزوير باعتبارها من عناصر الاحتيال في محله موافقا للقانون والأصول .
وقضت محكمة التمييز الأردنية الموقرة وبصفتها الجزائية بقرارها رقم 256/2004 تاريخ 7/3/2004 بانه:
. يستفاد من المادة 417 من قانون العقوبات ، انه لا بد لقيام المسؤولية الجزائية من توافر العناصر التأليه: –
– استعمال طرق احتياليه من شانها إيهام المجنى عليه .
التصرف في مال منقول أو غير منقول وهو يعلم ان ليس له حق التصرف فيه .
– باتخاذه اسما كاذبا أو صفه غير صحيحة .
وان النية الجرمية في الاحتيال ترمي الى الاستيلاء على المال احتيالا ، وان الركن المادي فيها هو الوسيلة التي يلجا اليها الفاعل في سبيل تحقيق الغرض الذي يهدف اليه شريطه ان تكون تلك الوسيلة منطوية على معنى الغش والخديعة وان خدع احد العاقدين للآخر بوسائل احتياليه قوليه كانت أو فعليه تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به بغير تلك الوسائل لا يشكل احتيالا بالمعني المقصود في المادة 417 من قانون العقوبات لان ما يرمي اليه العاقد من تغريره بالعاقد الآخر هو الحصول على شروط افضل ، مما ينبني عليه ان ما نسبه المشتكي المدعي بالحق الشخصي للمحكوم عليه محمود خليل ان كان يشكل تغريرا بالمعني المقصود في المادة 143 من القانون المدني فلا يشكل احتيالا بالمعني المقصود في المادة 417 من قانون العقوبات .
ما هي أركان جريمة احتيال الدولار ؟
أولا: الركن المادي:
وقوامه فعل الخداع الذي يرتكبه المدعى عليه والنتيجة الجرمية التي تترتب عليه ويتطلب بعد ذلك موضوعا ينصب عليه ذلك الفعل وتتعلق به الحقوق التي ينالها الاحتيال بالاعتداء ، ويتطلب في النهاية ركنا معنويا .
ويعني ذلك ان هذا الركن يضم عناصر ثلاث وهي: –
فعل الخداع: وهو تشويه للحقيقة في شان واقعة يترتب عليها الوقوع في الغلط ويعني ذلك ان جوهر الخداع انه كذب ،وموضوع هذا الكذب واقعة ،ويترتب عليه خلق الاضطراب في عقيدة شخص وتفكيره بجعله يعتقد غير الحقيقة ، والخداع باعتباره جوهر الفعل الجرمي في الاحتيال يجب ان تتوافر له هذه العناصر جميعا. كمن ذكر وجود مشروع يحقق أرباحا طائلة يعتبر قوله كذبا على الرغم من وجود ذلك المشروع وتحقيقه أرباحا اذا كانت هذه الأرباح في حقيقتها غير طائلة
تسليم المال: وفي تعبير موجز نستطيع القول ان هذه النتيجة هي (التسليم) الصادر من المجني عليه الى المحتال تحت تأثير الغلط الذي أوقعه فيهولا يجوز النظر الى التسليم على انه(واقعة مادية) تتمثل في مناولة مادية ترد على شيء ينقله المجني عليه من سيطرته الى حوزة المحتال
علاقة السببية: تربط صلة السببية في الاحتيال بين فعل الخداع وتسليم المال، ويتوسط بين ذلك الفعل وهذه النتيجة حلقة اتصال تجمع بينهما ، وهذه الحلقة هي الغلط الذي يترتب على فعل الخداع وينبغي ان يتم التسليم تحت تأثيره .ويعني ذلك ان صلة السببية بين الفعل والنتيجة تضم جزأين مرتبطين مع ذلك فيما بينهما، صلة السببية بين فعل الخداع والغلط ، وصلة السببية بين الغلط والتسليم .اي بمعنى (ويجب لكي ان تتوفر جريمة الاحتيال ان تتكون علاقة سببية بين وسائل الاحتيال وبين تسليم المال اي ان يكون التسليم نتيجة طبيعية وأكيدة لعمل المدعى عليه) .
ثانيا: الركن المعنوي:
المتمثل بقيام الجاني بهذه الأفعال عن علم وإرادة كاملة لارتكاب هذه الأفعال .
ان المشرع الاردني عدَد الصور التي تقع فيها جريمة الاحتيال بثلاث صور على سبيل الحصر وهي على النحو الاتي:
استعمال الطرق الاحتيالية التي من شانها إيهام المجني عليه بوجود مشروع كاذب أو امر لا حقيقة له أو إحداث الأمل عند المجني عليه بحصول ربح وهمي..)
التصرف في مال منقول أو غير منقول وهو يعلم انه ليس له صفة التصرف به
اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
وعلى ضوء ذلك فان الصورة الأولى وكما ومتفق عليه فقها وقضاء ان مجرد الأكاذيب الشفوية أو الكتابية ومن باب أولى كتمان امر من الأمور بالغا ما بلغ قدره لا تقع في الصورة الأولى من جرم الاحتيال بل لا بد وحتى تدخل هذه الأكاذيب في دائرة الاحتيال المعاقب عليه ان تدعمها بعض المظاهر الخارجية ومن هذه المظاهر والوقائع على سبيل المثال:
إعداد لوقائع مادية أو مظاهر خارجية
حيازة الجاني لصفة خاصة تحمل على الثقة فيه
ويجب ان تكون هذه الأعمال المادية مستقلة عن الكذب ويجب ان تكون على درجة متقنة من الإخراج قادرا على خداع الأفراد بحيث يتوه الأمر على الرجل العادي متوسط الذكاء.
والراي الغالب في الفقه ان مدى تأثير هذه الوسائل ينظر اليها وتقدر بشكل نسبي لا بشكل مجرد وإنما ينظر الى حالة وشخصية المجني عليه اما الصورة الأخرى التي يقوم بها الركن المادي بجريمة الاحتيال فهي اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة .
واتخاذ صفة غير صحيحة يتضمن معنيين: – الأول: انه يتعذر حصر الصفات الكاذبة التي يحتمل ان يتخذها المحتالون، ولكن اتفق في الصفة ان كل صفة تضفي على الجاني مكانة خاصة في نظر المجني عليه تحمله على تصديقه أو الثقة فيه وتسليمه ما يطلبه منه وتقوم بها هذه الصورة .
والثاني: ان مجرد اتخاذ الصفة الكاذبة لوحدها تكفي لقيام الركن المادي لجرم الاحتيال ودون ضرورة لمرافقة ذلك بطرق أو وسائل احتيالية أو مظاهر خارجية تؤيد الجاني في ادعائه .
ما هي الأسباب التي توجب مكافحة جرائم الدولارات؟
أولاً : منعا لتكاثر العصابات التي تمارس هذا النوع من الاحتيال .
فمن الملاحظ أنه في الغالب في كل عملية احتيال تتكون العصابة من أربعة أفراد على الأقل ، يكون لكل منهم جزء من العملية ، والخطورة تكمن في أنّ العصابة في كل فترة تتكاثر بحيث يقوم كل فرد من أفراد العصابة بتشكيل عصابة جديدة .
ثانيا : أنَ مرتكبي هذه الجرائم لا يقفوا عند حد معين .
أنّ من يرتكب هذه الجريمة يرتكبها عشرات المرات ولا يقف عند مرة أو مرتين ، إنما مجرد قيامه بالعملية لأول مرة يجعله يكررها ما استطاع ، فبعض مرتكبي هذه الجريمة مقيد عليهم ما يفوق الخمسين أسبقية من هذا النوع .
ثالثا : أن هذه الجريمة تتطور وتتعقد وتزداد خطورتها في كل مرة .
والتطور هنا على نوعين ، الأول : أن مرتكب هذه الجريمة يصبح في كل مرة متقناً للجريمة أكثر بحيث يصل لمرحلة يصبح فيها بارعاً في ارتكاب هذا النوع من الاحتيال ، لابل إنً بعضهم قد ابتكر مخرجا ًقانونيا لجريمته أثناء عملية الاحتيال . والثاني: أن نفس الجريمة تتطور ، فتجد الحيطة والحذر والخوف يرافقهم في بداية هذا المشوار وما يلبث ان يتطور الإجرام من احتيال ثم إلى سرقة ثم الرشوة ثم الى حيازة سلاح ناري ثم إلى سلب بالإكراه، ثم مقاومة رجال الأمن ،ثم تعاطي المخدرات ،ثم تجارته ، ثم حيازة أسلحة أوتوماتيكية. وأخشى إن استمروا على ما هم عليه أن يصل بهم الأمر إلى مرحلة قتل الأبرياء .
رابعا : إن مثل هذه العصابات تشكل خطر حقيقي على جهاز الأمن العام نفسه
فهذه العصابات تتحصل على أموال طائلة في كل عملية احتيال، وذلك من شأنه أن يعود على الجهاز الشرطي بالخطر من خلال ما يلي :
- أن بعض المحتالين بعد أن يقيد بحقه عشرات الأسبقيات وخشية على حريته وحبه للبقاء بجانب المال الذي معه، وخوفا من البقاء في السجن لمدة طويلة فلن يتورع عن استخدام السلاح لمقاومة رجال الأمن ، لا بل ان بعضهم قد يرتهن حياة أشخاص مقابل حريته .
- أن بعض المحتالين لن يتورع عن دفع رشاوي طائلة لأي كان – مع إيماني الكامل أن جهاز الأمن العام يخلوا ممن يقبل بذلك – في سبيل عدم الإمساك به.
- أن بقاء مثل هؤلاء الأشخاص أحراراً طلقاء من شأنه أن يهز الثقة في جهاز الأمن العام كله .
خامسا : الخطر الاقتصادي :
النظرة السلبية من جهة الأجانب والتخوف من دخول الأردن خشية التعرض للاحتيال ، هذا من جهة ومن جهة أخرى السمنة المالية الهائلة التي تحدث لبعض المحتالين من شأنها أن تخلق فجوة اقتصادية تشوه بنية المكان الذي يتواجد فيه المجرمين وتعدم التناسق ما بين الأفراد فتجد قصرا بجانب خرابة بما يعود بالخراب على المكان. وارتفاع أسعار الأراضي يعدّ مظهراً واضحا داخل مثل تلك المناطق.
سادسا : الخطر السياسي :
إنه بالفعل تم الاحتيال على بعض الأشخاص من أصحاب المكانة الاجتماعية والسياسية من دول أخرى ، وبشكل عام بلغ عدد الضحايا المئات من الأجانب وخاصة أبناء الدول الخليجية ، وبناء على ذلك فإن ترك المحتالين دون ردع ودون رد أموال الضحايا من شأنه أن يفقد ثقة أبناء الخليج بالشعب الأردني وبالأردن بشكل عام .
سابعا : الخطر الاجتماعي :
والخطر الاجتماعي يتمثل في زيادة عدد المجرمين مرتكبي هذه الجرائم ، وبقائهم دون رادع يحفز الآخرين على ارتكاب هذه الجريمة ، فيلاحظ أنه في القرى التي تتشكل فيها عصابة ما تلبث بعد فترة أن تجد مجموعة عصابات تزاول ذات النشاط في ذات القرية ،وهو ما من شأنه هدم سلوكيات أبناء القرية ، وإذا ما كثر المجرمين في ذات المكان قد يصبح سلوكا عاما للجميع وعلى الأقل سيحول النظرة السلبية عن المحتالين إلى إيجابية .
ثامنا : ان الأسبقيات لا تمثل عدد المرات الفعلية التي ارتكبها المحتالين:
الحقيقة إن الأسبقيات والقضايا المقيدة ضد هؤلاء الأشخاص لا تمثل العدد الحقيقي لارتكاب مثل هذه الجريمة ، فهناك الكثير من الضحايا لا يتقدموا بقضايا ضد هؤلاء الأشخاص لأحد الأسباب التالية :
- الضحايا في الغالب أجانب ، وغالبهم لا يعود للأردن.
- بعض الضحايا يتخوف من تقديم القضية لكونها تتعلق بالدولارات ويخشى أن يصبح محلا لاتهام بقضية .
- بعض الضحايا ذو مكانة اجتماعية مهمة في دولهم، ويخشوا على سمعتهم ومكانتهم وبالتالي يضحي بفرصة استعادة المال .
- بعض مرتكبي هذه الجرائم يستطيعون أن يوهموا الضحية أنه مطلوب في الأردن بسبب تعامله بالدولار، وأحيانا يكونوا قد حصلوا على سندات أو كمبيالات من الضحية بطريقة احتيالية ، مما يرهب الضحية من العودة للأردن .
- أيضا إن مرتكبي هذه الجرائم غالبا ما يستخدمون أسماء وهمية وكنى غير صحيحة حتى بالنسبة للمكان ، فقد ينقل الضحية من عمان الى المفرق ويخبر في الطريق أنه متوجه للكرك ، وبعض التحقيقات في مثل هذه القضايا بائت بالفشل بسبب ذلك ، خاصة وأن صور المشبوهين الموجودة على أجهزة البحث الجنائي تكون قديمة أحيانا وقد لا يتوافر لبعضهم صور ، واعتقد أن ربط الصور الموجودة في دائرة الأحوال المدنية مع أجهزة البحث الجنائي سيحل جزء من هذه المشكلة.
تاسعا : سهولة القبض عليهم باستخدام القوة اللازمة :
إن أكثر مرتكبي هذه الجرائم معروف مكان إقامتهم ويستخدمون الهواتف النقالة في اتصالاتهم ، واعتقد أن إلقاء قنبلة غاز كافية لإخراجهم من المنزل والقبض عليهم .
عاشرا : ردعاً للأخرين .
نعلم أن مثل هذه العصابات خطيرة ،وغالبا تتركز في مناطق عشائرية يصعب التعامل معها وقد تشكل خطرا على أفراد الشرطة أنفسهم، ولكن تركهم دون عقاب سيحفز الآخرين على تقليدهم مما يزيد من خطورة المكان كله بحيث يصبحون خطرا داهما على الجميع ، ومن جهة أخرى أن هناك الكثير من الشرفاء من أبناء العشيرة وأبناء المنطقة من يتمنوا التخلص من هذا السرطان الذي يهدد أمنهم وأمانهم و يعيق تربية أبنائهم ، ولعله من المفيد إظهار قدرات قوات الأمن في مثل تلك المناطق لكي يرتدع الأخرين عن ارتكاب مثل هذه الجرائم.