حالة الدفاع الشرعي

يتعرض بعض أفراد المجتمع لاعتداء من قبل الغير، و تختلف أسباب وظروف  وشكل هذا الاعتداء  إلا أن الأكيد أن كل فرد يتعرض للاعتداء سيبادر بالدفاع عن نفسه ، كردة فعل طبيعية لما يتعرض له وتختلف ردة  الفعل من الشخص لأخر من حيث قوتها وطريقتها ، فيقوم المعتدى عليه بالدفاع عن نفسه بالوسائل المتاحة أمامه ، وقد يستخدم وسائل تؤدي إلى قتل الشخص المعتدي أو تؤذيه، ومن الناحية النفسية إن الشخص دافع عن نفسه وهو تحت تأثير الخوف والهلاك وعدم القدرة على التحكم  ، لكنه قد يصبح قاتل ! ، فما  المقصود بالدفاع الشرعي ؟، وما رأي القانون بالدفاع ؟ ومتى يعتبر الدفاع شرعياً.

حق الدفاع عن النفس

إن مصطلح الدفاع الشرعي يدخل ضمن حق الدفاع عن النفس ، فمن حق أي شخص يتعرض لاعتداء أن يقوم بصد هذا الاعتداء ليحمي نفسه ، وكثر من الأحيان يتجاوز شعورنا بضرورة الدفاع عن أنفسنا ليصل إلى ضرورة الدفاع عن الغير ، فقد ترى شخص يتعرض لاعتداء ولا تستطيع أن تقف مكتوف الأيدي فتبادر إلى إنقاذه فهل هذا يدخل ضمن نطاق الدفاع الشرعي أم أن حالة الدفاع الشرعي مقتصره على النفس ؟  ،  كما أن أياً منا قد يرى أمواله تتعرض للاعتداء فأيضاً يقوم بالدفاع عنها وقد يسبب أذى للشخص المعتدي أو يقوم بقتله  ، فهل هذا يدخل في حالات الدفاع الشرعي ؟ ، للوقوف على الإجابات لا بد من معرفة الشروط التي تُكسبهُ الصفة الشرعية  .

شروط الاعتداء الموجب للدفاع الشرعي

نصت المادة (341 ) من قانون العقوبات الأردني على الأفعال التي تعد دفاعاً شرعياً وهي

1_ فعل من يقتل غيره أو يصيبه بجرح أو بأي فعل مؤثر دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو نفس غيره أو عرضه بشرط.

إذا بالاستناد على ما ورد بنص المادة السابقة نجد الإجابة على أحد أسئلتنا السابقة وهي هل الدفاع عن الغير أو عن المال يدخل ضمن حالات الدفاع الشرعي؟

الإجابة نعم، فالدفاع الشرعي يشمل الدفاع عن النفس أو المال أو عن نفس الغير أو ماله، ولكن ضمن شروط وهي:-

أ_ أن يكون الدفع حال وقوع الاعتداء. وهذا يعد شرط للدفاع الشرعي وشرط للاعتداء بأن يكون الخطر حالا أو وشيك الوقوع   فمثلاً قام (أ) بالاعتداء على (ب)  بالضرب ، فسكت (ب) وذهاب في اليوم التالي لضرب (أ) ، هنا تنتفي حالة الدفاع الشرعي لانتفاء أحد شروطها وهو أن يكون الدفاع حالاً للخطر  أي لقيام حالة الدفاع الشرعي كان يجب على (ب) الرد على الاعتداء الموجه له من قبل (ب) في نفس لحظة الاعتداء أو عند قيام (أ) بأفعال تظهره بماشرة الاعتداء فهنا ل(ب) الدفاع عن نفسه وليس عليه الانتظار لوقوع الاعتداء ليكسب حالة الدفاع الشرعي ،  كما لا يجب أن  لا يكون الاعتداء محتمل الوقوع في المستقبل  ، كأن يذهب (ب) للاعتداء على  (أ)  لتصوره بأن (أ)  في المستقبل سيقوم بالاعتداء عليه ، ف المقصود بأن يكون الدفاع حالاً وقت وقوع الاعتداء  هو أن يكون الخطر حالاً أو وشيك الحلول .

ب _ أن يكون الاعتداء غير محق

إذا كان الاعتداء لا يشكل جريمة فلا يجوز دفعه بالقوة ، وإذا تم ذلك لا تقوم حالة الدفاع الشرعي ، فيشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون الاعتداء فعل غير مشروع في القانون كالسرقة  أما إذا كان من الأفعال المباحة فلا دفاع شرعي في مواجهته ، مثال على ذلك استعمال الزوج لحقه في تأديب زوجته أو الوالد لحقه في تأديب ولده  ، أو يقوم شخص  مطلوب بمقاومة رجال الأمن لمنع توقيفه ،  ولكن إذا تجاوزت الأفعال المباحة حدود الإباحة وأصبحت تعدياً فإن قيام المعتدى عليه من أفعال عنف لدفع الاعتداء  تعد مبرراً للدفاع الشرعي .

ج _ ألا يكون باستطاعة المعتدى عليه التخلص من هذا الاعتداء إلا بالقتل أو الجرح أو الفعل المؤثر.

بناءً على هذا الشرط هل من الممكن القول إنه يشترط أن يكون الاعتداء جسيم حتى لا يتمكن معه المعتدى عليه من دفعه إلا بالقتل أو الجرح أو فعل مؤثر؟

لا يشترط بالاعتداء أن يكون على درجة معينة من الجسامة، يكفي ألا يستطيع المعتدى عليه دفعه إلا بالقوة، إذا نستطيع القول إن المشرع اعتمد على قوة المعتدى عليه في الدفع وحالته الشخصية وعلى ظروف الاعتداء كمعيار لقيام الدفاع الشرعي عن الاعتداء، فإذا كان المعتدى عليه بإمكانه دفع الاعتداء بأي وسيلة أخرى غير القوة فلا يحق له الدفاع الشرعي، وإذا زال الخطر فلا محل للدفاع الشرعي، ويرجع بتقدير ذلك إلى المحكمة .

فيشترط في فعل الدفاع أن يكون ضرورياً ومتناسباً مع الاعتداء

د_ أن يكون الاعتداء غير مثار.

أي ألا يكون المعتدى عليه هو من اضطر المعتدي إلى القيام بالفعل الذي ولد الخطر.

شروط الدفاع الشرعي عن مال الشخص أو مال غيره الموجود في حفظه

يشترط لقيام الشرعي في هذه الحالة عدة شروط وهي

1_ أن يقع الدفاع أثناء النهب أو السرقة المرافقين لعنف

2_ أن تكون السرقة مؤدية إلى ضرر جسيم من شأنه أن يخل بإرادة المسروق منه ويفسد اختياره ولو لم يرافقها عنف، وألا يمكن في كلتا الحالتين دفع السارقين والناهبين واسترداد المال بغير القتل أو الجرح أو الفعل المؤثر.

هل موانع المسؤولية تنفي حالات الدفاع الشرعي؟

إن موانع المسؤولية لا تنفي الحالات الدفاع الشرعي ولذلك لأن موانع المسؤولية في الجرائم الجنائية لا تنفي الصفة الجرمية عن الفعل، فمن يتعرض للاعتداء من شخص مجنون أو معتوه يجوز له دفع هذا   الفعل بالقوة المادية دفاعاً عن نفسه، أو مثلاً قد ترتكب جريمة السرقة من شخص صغير السن.

لمحكمة الموضوع بحث قيام حالة الدفاع الشرعي من تلقاء نفسها ما دامت واقعة الدعوى تشير اليها فيكون عدم بحث محكمة الموضوع قيام حالة الدفاع الشرعي مخالفا للقانون ، وإذا كان الاعتداء الذي قام به المجني عليه على المتهم مبررا للمتهم لرد الاعتداء الا ان هذا الرد أدى الى إصابة المجني عليه بعاهة دائمة مما يشكل تجاوزا لحق الدفاع ويكون هذا التجاوز محكوما بالمادة (3/60) عقوبات التي أجازت إعفاء الفاعل من العقوبة إذا كان فعل الرد متناسبا والخطر الذي كان يتهدد وفقا لأحكام المادة (89) من قانون العقوبات

يستفاد من نص المادة (89) والمادة (3/60) من قانون العقوبات أن الشروط الواجب توافرها لاعتبار الفاعل متجاوزا حق
الدفاع المشروع تتلخص فيما يلي:
1 – أن يوجد خطر جسيم على النفس أو المال.
2 – أن لا يكون لإرادة الجاني دخل في حلول الخطر.
3 – أن لا يكون في الإمكان اتقاء الخطر بجريمة أقل جسامة من الجريمة التي ارتكبها بالفعل.
4 – أن يقع الفعل أثناء استعمال حق الدفاع المشروع وقبل الانتهاء من الاعتداء.
5 – أن يقع الفعل بسلامه نيه.
2- ان شرط أن يقع الفعل بسلامه نيه ضمن الشروط الواجبة لاعتبار الفاعل متجاوزا حق الدفاع المشروع وان لم يرد له ذكر في نص القانون ، الا أنه مستفاد من طبيعة الفعل إذ أن حالة تجاوز حدود حق الدفاع لا تفهم على وجهها الصحيح بغير شرط حسن النية ، كما انعقد على ذلك إجماع الفقه والقضاء.
3- اذا أنشأ الحق في الدفاع المشروع بتوفر شروطه ولكنه انتهى فورا بسبب انتهاء الاعتداء قبل أن يباشر المعتدى عليه حقه في استعمال القوه ، فلا يمكن أن يعد هذا الأخير في حالة تجاوز لحق الدفاع اذا ما استعمل القوه بعد انتهاء الاعتداء وزوال الخطر لان الحالة عندئذ تكون من قبيل إساءه استعمال الحق في صورة الانتقام وبسوء نيه لا من قبيل تجاوز حق لم يعد له وجود في الواقع.

ومن اجتهادات محكمة التمييز في الدفاع الشرعي :

مبادئ قانونية عن حالة الدفاع الشرعي

قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(476/2006فصل9/5/2006).

1_ وحيث أن المادة 341/1 من قانون العقوبات تنص على (تعد الأفعال الآتية دفاعاً مشروعاً:1-فعل من يقتل غيره أو يصيبه بجراح أو بأي فعل مؤثر دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو نفس غيره بشرط أن: يقع الدفع حال وقوع الاعتداء وأن يكون الاعتداء غير محق وألا يكون في استطاعة المعتدى عليه التخلص من هذا الاعتداء إلا بالقتل أو الجرح أو الفعل المؤثر

وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى قنعت بأنه كان بإمكان المتهم ألا يلجأ إلى إطلاق الأعيرة النارية على المجني عليه الذي لم يأت بعمل غير محق وعلى جانب من الخطورة وعليه فإن ما توصلت إليه محكمة الجنايات الكبرى موافقاً للقانون

راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(476/2006فصل9/5/2006).

قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(1568/2005فصل4/6/2006)

2_ وحيث أن المادة 341 من قانون العقوبات تشترط لاعتبار الفعل دفاعاً مشروعاً

1_ أن يقع الفعل دفاعاً عن النفس أو العرض2-أن يقع الدفاع حال وقوع الإعتداء3 -أن يكون الاعتداء غير محق.4-أن لا يكون في استطاعة المعتدى عليه التخلص من هذا الاعتداء إلا بالقتل أو الجرح أو الفعل المؤثر .

الأمر غير المتوفر في فعل المتهم كما أن حالة الدفاع الشرعي هي مسألة موضوعية لمحكمة الموضوع وحدها حق تقديرها بما يقوم لديها من الأدلة والظروف إثباتاً أو نفياً وقد توصلت محكمة الجنايات الكبرى إلى أن المتهم لم يكن في حالة دفاع مشروع على ضوء ما ورد في أدلة الدعوى وظروفها فيكون قررها موافقاً للقانون.

راجع بذلك قرار محكمة التمييز الصادر عن الهيئة العادية رقم(1568/2005فصل4/6/2006)

الحكم رقم 2892 لسنة 2019 – محكمة تمييز جزاء

ورد في القرار ( ان شروط الدفاع الشرعي واردة على سبيل الحصر في المادة ( 341 ) من قانون العقوبات .)

الحكم رقم 2648 لسنة 2019 – محكمة تمييز جزاء

1- لمحكمة الموضوع مطلق الصلاحية في تقدير و وزن البينة و ترجيحها أو طرحها وفقاً لأحكام المادة (147) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، طالما أن ما توصلت اليه مستخلص من بينات قانونية مقدمة في الدعوى وجرى استخلاصها بطريقة سليمة ومستساغة عقلاً و قانوناً.

2- يُعد القرار قانونياً في حال مستجمعاً لمقوماته ومشتملاً على أسبابه وخالياً من مخالفة القانون أو الخطأ في التطبيق ، عملاً بأحكام المادة (274) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

3- تقبل الإفادة التي يؤديها المتهم في حال قدمت النيابة بينة على الظروف التي أديت فيها الإفادة ، واقتنعت محكمة الموضوع بان المتهم قد ادلى بإفادته طوعاً و اختياراً ، عملاً بأحكام المادة (100) ، (159) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!