نظرا لما تمثله الوكالة من أهمية كبيرة في مجال المعاملات المدنية والتجارية، خاصة مع التطور الكبير الذي لحق هذا العقد وأصبح من العقود الشائع التعامل بها، فقد أورد القانون المدني العديد من الأحكام التي تضبط هذا العقد وتضبط العلاقة بين أطرافه، ومن اهم هذه الأحكام ما يتعلق بتجاوز الوكيل حدود ما وكل فيه، وفي خلال هذا المقال سوف نتناول حكم تجاوز الوكيل حدود وكالته على التفصيل الآتي:
ثانيا: الأثار المترتبة على تجاوز الوكيل حدود وكالته
ثالثا: حالات نفاذ تصرفات الوكيل التي تجاوزت حد الوكالة
رابعا: بعض الاجتهادات القضائية فيما يتعلق بتجاوز الوكيل حد الوكالة
أولا : مفهوم الوكالة
عرف المشرع الأردني الوكالة في المادة ( 833 ) من القانون المدني على أنها : ( الوكالة عقد يقيم الموكل بمقتضاه شخصا آخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم ).
وعرفت المادة ( 1449 ) من مجلة الأحكام العدلية الوكالة بقولها : ( الوكالة : تفويض أحد أمره الى آخر وإقامته مقامه؛ ويقال لذلك الشخص : موكل ، ولمن أقامه مقامه : وكيل ، ولذلك الأمر : موكل به ).
- وقد عرف البعض الوكالة بأنها: الاتفاق الذي يقع بين شخصين بموجبها يقوم الوكيل بالقيان بعمل أو تصرف قانوني لحساب الموكل. [1]
- كما عرفها الفقيه (كاربونييه) بأنها: القواعد القانونية التي تخول النائب القيام بتصرف قانوني لحساب الأصيل. [2]
- وترتيبا على تلك التعريفات فإن الوكيل لا يمنح هذه الصفة القانونية إلا بعد أن يفوضه الموكل في أداء أحد التصرفات القانونية نيابة عنه، فهي عقد من العقود الرضائية التي يقصد منها أداء عمل قانوني معين وبالتالي فيجب أن يتوافر في التصرف المفوض فيه الوكيل عدة شروط مثل:
1- أن يكون للموكل الحق في القيام بالعمل القانوني الذي وكل غيره فيه، فإذا كان الموكل ممنوع من أداء العمل القانوني أو القيام به فلا يجوز بداهة أن يوكل غيره في القيام به، كأن يوكل غيره في بيع ما لا يملكه.
2- ألا يكون الوكيل ممنوع من التصرف فيما وكل به.
3- أن يكون العمل محل الوكالة معلوما علما نافيا للجهالة، وقابلا بطبيعته أن يكون محلا في الوكالة وقابلا للنيابة.
وقد نصت المادة ( 834 ) من القانون المدني على : (1. يشترط لصحة الوكالة : أ . أن يكون الموكل مالكا حق التصرف بنفسه فيما وكل فيه .
ب. أن يكون الوكيل غير ممنوع من التصرف فيما وكل به .
ج. أن يكون الموكل به معلوما وقابلا للنيابة .
- ولا يشترط لصحة الوكالة بالخصومة رضا الخصم ).
ثانيا: الأثار المترتبة على تجاوز الوكيل حدود وكالته
إذا كان الأثر الأساسي المترتب على تجاوز الوكيل حدود وكالته هو عدم نفاذ التصرف الذي جاوز حد الوكالة في مواجهة الموكل، ومن المهم لتحديد هذا الأثر وإيقاعه التفرقة بين نوعي الوكالة التي قد تمنح للوكيل فقد يكون الوكيل ممنوح وكالة عامة من قبل موكله، وهي في هذه الحالة تتوقف عند قيام الوكيل بأعمال الإدارة دون أعمال التصرف، أما اذا كانت الوكالة خاصة فإنها تكون مقيدة بحدود ما ورد في التوكيل الخاص من أعمال يجوز للوكيل القيام بها بصفته وكيل عن الموكل، وعلى ذلك فنرى أنه من الضروري بيان بعض صور تصرفات الوكيل التي قد تتناول تجاوزا منه لحدود الوكالة ومنها :
أ- قيام الوكيل بالبيع لنفسه
وهو أن يقوم الوكيل بإبرام التصرف وإنجازه لصالحه هو، فان كانت الوكالة واردة على بيع ارض أو منزل ملك للموكل فيقوم الوكيل في هذه الصورة ببيع الأرض أو المنزل لنفسه بصفته وكيلا عن الموكل (المالك) وهذه الصورة تتوقف صحتها ونفاذها على ما انطوى عليه التوكيل، فإذا كانت الوكالة لا تنص صراحة على جواز تصرف الوكيل في المبيع لنفسه فلا ينعقد اثر هذا العقد في مواجهة الوكيل، وهو ما قرره القانون المدني الأردني صراحة من عدم جواز تعاقد الوكيل مع نفسه باسم من ينوب عنه، حيث نصت المادة ( 115) من القانون المدني على : (لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء أكان التعاقد لحسابه هو أم لحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل على انه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد وهذا كله مع مراعاة ما يخالفه من أحكام القانون أو قواعد التجارة).
- والجدير بالذكر أن المشرع أجاز إنجاز هذا التصرف في مواجهة الوكيل اذا أجاز الوكيل هذا التصرف بعد إبرامه باعتبار أن الإجازة اللاحقة تساوي الإذن المسبق.
ب- قيام الوكيل بالشراء ء لنفسه فيما وكل بشرائه
إذا كان الموكل قد فوض الوكيل في شراء شيء معين لصالحه فلا يجوز للوكيل أن يشتريه لنفسه، إذا أن في قيام الوكيل بذلك ما يتعارض مع الغرض من الوكالة وهي تحقيق مصلحة الوكيل، إلا اذا كان المبيع مما يوجد بكثرة في السوق وبنفس السعر أو بسعر أعلى من السعر الذي حدده الموكل في الوكالة، ومثالا لذلك أن يكون الموكل قد وكل أحد الأشخاص في شراء سيارة معينة أو منزل معين لصالحه، إلا أن الوكيل أعجبته السيارة أو المنزل و اشتراها لنفسه، فللموكل في هذه الحالة أن يطلب عدم نفاذ التصرف الصادر من الوكيل كونه اشترى ما وكل بشرائه.
- كذلك إذا كان الموكل قد فوض الوكيل في شراء شيء ما و كان الوكيل يمتلك نوع هذا الشيء فاشتراه من نفسه لصالح الوكيل فيكون تصرف الوكيل في هذه الحالة غير نافذ ويعتبر تجاوزا لعقد الوكالة، ما لم يجزه الموكل أو يثبت الوكيل أن الوكالة تضمن ما يجيز ذلك.
وقد نصت المادة ( 849 ) من القانون المدني الأردني على
1. لا يجوز لمن وكل بشراء شيء معين أن يشتريه لنفسه ويكون الشراء للموكل ولو صرح بانه يشتريه لنفسه .
- ولا يجوز للوكيل بالشراء أن يبيع ماله لموكله) .
كما نصت المادة ( 1485 ) من مجلة الأحكام العدلية على : ( ليس لمن وكل باشتراء شيء معين أن يشتري ذلك الشيء لنفسه، حتى وإن قال عند اشترائه : اشتريت هذا لنفسي، لا يكون له بل يكون للموكل. إلا أن يكون قد اشتراه بثمن أزيد من الثمن الذي عينه الموكل أو بغبن فاحش ، إن لم يكن الموكل قد عين الثمن ، فحينئذ يكون ذلك المال للوكيل ، وأيضا لو قال الوكيل : اشتريت هذا المال لنفسي حال كون الموكل حاضرا يكون ذلك المال للوكيل).
ج- قيام الوكيل ببيع ما وكل فيه لأصوله أو فروعه
لم يجز المشرع المدني من حيث الأصل للوكيل حق التصرف في الأموال التي وكل في بيعها أن يتصرف فيها بالبيع الى أحد أصوله، أو فروعه، أو أحد أزواجه، إذ رأى المشرع في ذلك ما يتعارض مع طبيعة عقد الوكالة، وقد يؤدي الى تضارب مصلحة الوكيل مع الموكل فيميل الوكيل الى تحقيق مصلحة أصوله أو فروعه على مصلحة موكله، وسدا لهذا الباب فقد قرر المشرع أصلا عاما بعد جواز تصرف الوكيل بالبيع الى أصوله أو فروعه أو زوجته ما دام لم يمنح هذا الإذن من الموكل وإلا اصبح متجاوزا لحدود الوكالة ما يجعل للموكل الحق في المطالبة بعدم نفاذ تصرف الوكيل في مواجهته، وقد نصت المادة ( 853 ) من القانون المدني والتي عنونها المشرع بعنوان بيع الوكيل غير الجائز على : ( 1. لا يجوز للوكيل بالبيع أن يشتري لنفسه ما وكل ببيعه .
- وليس له أن يبيعه الى أصوله أو فروعه أو زوجه أو لمن كان التصرف معه يجر مغنما أو يدفع مغرما إلا بثمن يزيد عن ثمن المثل .
- ويجوز البيع لهؤلاء بثمن المثل اذا كان الموكل قد فوضه بالبيع لمن يشاء ).
كما نصت المادة ( 1497 ) من المجلة على : (ليس للوكيل بالبيع أن يبيع مال موكله لمن لا تجوز شهادتهم له إلا أن يكون قد باعه بأزيد من ثمن مثله ، فحينئذ يصح؛ وأيضا أن كان الموكل قد وكله وكالة عامة بقوله : بعه لمن شئت؛ ففي ذلك الحال يجوز بيعه بثمن مثله لهؤلاء ).
د – بيع الوكيل لمال الموكل بأقل من الثمن المذكور في عقد الوكالة
وفي هذه الصورة يقوم الموكل بتفويض الوكيل ببيع شيء يملكه ويحدد له الثمن الذي لا يجب على الوكيل أن يبيع الشي بأقل منه، فإذا قام الوكيل بالتصرف في الشيء بالبيع بسعر اقل من السعر المتفق عليه فلا يسري هذا البيع في مواجهة الموكل، ولا يجوز للوكيل التمسك بالوكالة كونه جاوز الحد الذي تم الاتفاق عليه، وقد أورد المشرع الأردني هذه الصوة في المادة ( 852 ) من القانون المدني الأردني و قرر فيها إضافة الى حق الموكل في مطالبة الوكيل باسترداد المبيع، فله أن يجيز هذا البيع كما أن له إجازة البيع مع مطالبة الوكيل بضمان فرق السعر بين سعر البيع والسعر المتفق عليه وكذلك أيضا في حالة هلاك المبيع بعد قيام الوكيل ببيعه باقل من السعر المتفق عليه، أما اذا كان الموكل لم يحدد للوكيل سعرا معينا ليبيع الوكيل الشيء الموكل ببيعه به فإن الالتزام الذي يقع على الوكيل في هذه الحالة هو التزامه ببيع الشيء الموكل في بيعه بالسعر المناسب والذي يمكن معرفته بتقدير التجار و والخبراء، وهو السعر السائد في السوق لما يماثل المبيع محل هذه الوكالة، فإذا ثبت أن الوكيل قد تصرف في الشيء الموكل في بيعه بسعر اقل من السعر المناسب كان للموكل الحق في طلب استردا المبيع أو في إجازته مطلقا أو في إجازته مع مطالبة الوكيل بضمان فرق السعر، وقد نصت المادة ( 852 ) من القانون المدني على : ( 1. للوكيل الذي وكل ببيع مال موكله بصورة مطلقة أن يبيعه بالثمن المناسب .
- واذا عين له الموكل ثمن المبيع فليس له أن يبيعه بما يقل عنه.
- فاذا باعه بنقص دون ادن سابق من الموكل أو إجارة لاحقه وسلم الى المشتري فالموكل بالخيار بين استرداد المبيع أو إجازة البيع أو تضمين الوكيل قيمة النقصان ).
وفي ذلك فقد نصت المادة ( 1449 ) من المجلة على : (للوكيل بالبيع مطلقا أن يبيع مال موكله 1449 بالثمن الذي رأه مناسبا ، قليلا كان أو كثيرا (انظر المادة ( 64)).
كما نصت المادة ( 1495) على : ( ليس للوكيل أن يبيع بأنقص مما عينه الموكل . يعني : اذا كان الموكل قد عين ثمنا فليس للوكيل أن يبيع بأنقص من ذلك ، واذا باع فينعقد البيع موقوفا على إجازة موكله ، ولو باعه بنقصان الثمن بلا إذن الموكل وسلم المال الى المشتري فللموكل أن يضمنه ذلك المال ).
هــ – أن يفوض الوكيل غيره في أعمال الوكالة أو في بعضها
لما كان عقد الوكالة من العقود التي تقوم على الاعتبار الشخصي المتوفر في شخص الوكيل والذي بسببه اقدم الموكل على تفويض الوكيل في القيام ببعض الأعمال القانونية نيابة عنه، فإن ذلك يقتضي ألا يتجاوز الوكيل هذا الاعتبار الشخصي المقرر لصالحه وحده، وذلك بأن يقوم بتوكيل غيره في أداء أحد الأعمال أو كل الأعمال التي وكل في أدائها، وإذا كان هذا هو الأصل فإنه يستثنى من ذلك أن يجيز الموكل لوكيله توكيل غيره في أداء كل أو بعض أعمال الوكالة، حيث نصت المادة ( 843 / 1 ) من القانون المدني الأردني على : ( 1. ليس للوكيل أن يوكل غيره فيما وكل به كله أو بعضه إلا اذا كان مأذونا من قبل الموكل أو مصرحا له بالعمل برايه ويعتبر الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل الأصلي .
- فاذا كان الوكيل مخولا حق توكيل الغير دون تحديد فانه يكون مسؤولا تجاه موكله عن خطئه في توكيل غيره أو فيما أصدره له من توجيهات).
- وترتيبا على هذا النص فيكون للموكل التنصل من التصرف الذي قام به وكيل الوكيل على اعتبار أنه صادر ممن لم يوكله الموكل ولم يجيز للوكيل الأصلي توكيله فيه، فإذا كان الموكل قد أجاز للوكيل توكيل غيره في أداء بعض أعمال الوكالة فيكون الوكيل الثاني وكيلا عن الوكيل الأصلي وتسري تصرفاته التي لم تتجاوز حد الوكالة في حق الموكل.
ثالثا: حالات نفاذ تصرفات الوكيل التي تجاوزت حد الوكالة
1- حالة انقضاء الوكالة دون علم الوكيل أو الغير
تنقضي الوكالة بانتهاء مدتها أو بموت الموكل أو بعزل الوكيل ولا تثور مشكلة بالنسبة لحالة انقضاء الوكالة بانتهاء مدتها إذ يترتب على قيام الوكيل بأي عمل من أعمال الوكالة بعد انتهاء المدة المتفق عليها في عقد الوكالة إلى عدم نفاذ تصرفات الوكيل في حق الموكل، ولا يجوز للوكيل في هذا الحالة التمسك بعدم العلم بانتهاء مدة عقد الوكالة كون العلم بها من قبل الوكيل والموكل امر بديهي ويتوقف حقه عند المنازعة في ميعاد انتهاء الوكالة اذا لم يكن الميعاد مكتوبا.
- ومع ذلك فقد تنتهي الوكالة بطرق أخرى كالعزل أو موت الموكل وقد يحدث أي منهما دون علم ودون علم من يبرم معه الوكيل التصرف لصالح الموكل (المتصرف إليه)، وفي هذه الحالة فقد رأى المشرع سريان التصرف الذي قام به الوكيل في مواجهة الموكل وكذلك في مواجهة ورثته مع اشتراط توافر حسن النية لدى كل من الوكيل والمتصرف إليه والذي يتمثل في عدم علمهم بوفاة الموكل أو عزله للوكيل من الوكالة، و على ذلك فبالرغم تجاوز الوكيل لحدود وكالته بان ابرم التصرف بعد انقضاء الوكالة إلا أن هذا التصرف يبقى صحيحا ومنتجا لأثره ما دام لم يعلم الوكيل بانتهائها ويستفيد من ذلك الحكم أيضا المتصرف إليه حسن النية ما داما لم يعلم بانتهاء الوكالة ولم يكن العلم بها ممكنا وقت إبرام التصرف. [3]
وفي ذلك فقد نصت المادة ( 114 ) من القانون المدني الأردني على : (اذا كان النائب ومن تعاقد معه يجهلان معا وقت إبرام العقد انقضاء النيابة فان اثر العقد الذي يبرمه يضاف الى الأصيل أو خلفائه ).
وقد ورد في المادة ( 79 ) من المذكر الإيضاحية للقانون المدني الأردني أنه : ( قد تنقضي النيابة دون أن يعلم النائب بذلك، كما إذا كان يجهل موت الأصيل وإلغاء التوكيل فإذا تعاقد في هاتين الحالتين مع شخص حسن النية لا يعلم بانقضاء النيابة، كان تعاقده هذا ملزما للأصيل وخلفائه، وقد قصد من تقرير هذا الحكم إلى توفير ما ينبغي للمعاملات من أسباب الثقة والاستقرار ).
2- تجاوز الوكيل حدود وكالته لتحقيق مصلحة الموكل
اذا كان الأصل أن الوكيل يجب عليه الالتزام بحدود الوكالة بحيث لا يجاوزها ولا يتصرف إلا في حدود الوكالة، إلا أن طبيعة عقد الوكالة وما يقتضيه من تحقيق مصلحة الموكل قد تقتضي في بعض الحالات أن يتجاوز الوكيل حدود الوكالة وذلك إذا ترتب على هذا التجاوز تحقيق مصلحة للوكيل، خاصة إذا عجز الوكيل عن إبلاغ موكله بالظروف القائمة للحصول منه على إذن مسبق قبل تجاوز حدود الوكالة، فيتصرف الوكيل تصرف مجاوزا لحدود الوكالة وهو يعتقد أن الموكل إذا كان في مقدوره العلم بتصرفه لوافق عليه، كونه أنفع له وبالتالي فينصرف تصرف الوكيل في هذه الحالة الى الموكل ،[4] فالموكل الذي يفوض وكيله في شراء منزل معين بسعر محدد ثم يتمكن الوكيل من شراء المنزل بسعر اقل من السعر المحدد يكون قد تجاوز حدود وكالته لكن حقق منفعة أكبر لصالح موكله .
– وترتيبا على ذلك فيشترط لنفاذ تصرف الوكيل في هذه الحالة الاتي:
1- أن يكون تجاوزه حد الوكالة بقصد تحقيق مصلحة اكبر نفعا لموكله.
2- أن يتعذر على الوكيل الحصول على إذن الموكل قبل تجاوز حدود الوكالة.
3- أن يعتقد أن الوكيل سيختار ما فعله الوكيل اذا ما عرض عليه الأمر قبل التصرف
وقد نصت المادة ( 840 ) من القانون المدني على: ( تثبت للوكيل بمقتضى عقد الوكالة ولاية التصرف فيما يتناوله التوكيل دون أن يتجاوز حدوده إلا فيما هو اكثر نفعا للموكل ).
رابعا: بعض الاجتهادات القضائية فيما يتعلق بتجاوز الوكيل حد الوكالة
1- الحكم رقم 2260 لسنة 2022 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 2022-07-31 حيث جاء فيه : ( هذا ولما كان الثابت من خلال عقد الوكالة وكما توصلت إليه محكمة الاستئناف , بأن الوكالة الخاصة المعطاة من المدعي عبد المحسن للمدعى عليه الرابع فراس قد تم تحديد صلاحياته فيها في ما ورد فيها على وجه الخصوص والتحديد , وأنه لم يرد من ضمنها بأنه يحق له الإقرار بالاستدانة وترتيب دين بذمة الموكل (المدعي) وبالتالي فإن هذا الإقرار من قبل الوكيل لا ينفذ بحق الموكل فيكون الوكيل والحالة هذه قد تجاوز حدود الوكالة والخصوص الموكل به فيكون سند التأمين والحالة هذه باطلاً ومعاملة الرهن التي بنيت عليه قد وقعت باطلة , ذلك أن ما بني على باطل فهو باطل مما يتعين إبطاله , ويكون ما توصلت إليه محكمة الاستئناف من هذه الناحية واقعاً في محله وموافقاً للقانون) .
2– الحكم رقم 723 لسنة 2021 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 2021-03-18 حيث جاء فيه : ( ومن المقرر قانوناً وفقاً للمادتين(836/2 و840) من القانون المدني أن الوكالة تكون خاصة إذا اقتصرت على أمر أو أمور معينة وعامة إذا اشتملت كل أمرٍ يقبل النيابة وإذا كانت عامة جاز للوكيل مباشرة المعاوضات والتصرفات عدا التبرعات فلا بد من التصريح بها وتثبت للوكيل بمقتضى عقد الوكالة ولاية التصرف فيما يتناوله التوكيل دون أن يتجاوز حدوده إلا فيما هو أكثر نفعاً للموكل .
وحيث إن الفصل في الدعوى يتعين البحث فيما إذا التزم المدعى عليه بصفته وكيلاً بحدود الوكالة وأن تصرفاته فيما يتناوله التوكيل وإن تجاوز الوكيل حدوده فيها أكثر نفعاً للوكيل.
وحيث إنه كان يتعين على محكمة الاستئناف كمحكمة موضوع أن تبحث أن المدعى عليه قام بالتصرفات ضمن حدود وكالته وشراء العقار للموكل المدعي وفيه نفعاً للمدعي وأن تبحث فيما إذا طلب المدعى عليه من المدعي تحويل مبالغ محددة لشراء العقار لمطالبة المدعي الفرق بين المبلغ المحول والمبلغ المسدد ثمناً للعقار لكي يطلب المحاسبة والاسترداد وأيضاً إن ما قام به المدعى عليه فيما يتعلق بتسجيل جزء من قطعة الأرض باسم شقيقته ومن ثم بيعها لشقيقه ومن ثم تسجيلها باسم المدعي أن الغاية منه هو مصلحة المدعي وتسهيل الإفراز وليس الخروج عن حدود الوكالة.
وحيث إنه كان يتعين على محكمة الاستئناف وزن البينة بشكل سليم والفصل في المسائل السابقة الذكر قبل إجراء خبرة فإن ما توصلت إليه محكمة الاستئناف قبل الفصل في هذه المسائل في غير محله فإن هذه الأسباب ترد على الحكم المميز ويتعين نقضه).
3– حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم 1177 لسنة 1996 بتاريخ 24-7-1996 حيث جاء فيه:(في العقود أن لا تنفذ إلا بحق عاقديها ولا يلتزم صاحب الحق بما يصدر عن غيره من تصرفات بشأن هذا الحق، إلا أن المشرع اعتد في حكم المادة ( 11 ) من القانون المدني بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة واستقرار المعاملات ومؤدى ذلك أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه سلبًا أو إيجابًا في ظهور المتصرف بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد مع المتصرف للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة. وينبني على ذلك نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الموضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق تأسيسا على نظرية الوكالة الظاهرة التي صاعها القضاء وأيده فيها الفقه، وعليه فإن الشركة صاحبة المولد الكهربائي المباع ساهمت بخطئها في ظهور موظفيها بمظهر صاحب الحـق اللـذين باعـا المولـد الـكـهـربـائـي للغـيـر عنـدمـا سـمـحـت للموظفين في غيـاب الـنـائـب عنـهـا والمفوض بالتوقيع عنها خارج البلاد بأن سمحت لهما بالدوام في مقر الشركة وتسليمهما مطبوعات الشركة والإيصالات ومفاتيح المستودع ومثل هذه الشواهد بظهور الموظفين حملت المتعاقد على الاعتقاد بأنهما صاحبا الحق في بيع المولد على إبرام العقد معهما بحسن نية وحيث أنه تم بعوض وليس على سبيل التبرع فان حقوق العقد تضاف إلى الأصيل وينفذ بحقه، وتكون حيازة المدعية للمولد الكهربائي عن طريق الشراء من مالكه بموجب عقد صحيح قرينة على الملكية ما لم يثبت غير ذلك عملاً بالمادة ( 1189/2 ) من القانون المدني، ويكون الحكم باستحقاق المدعية (المميز ضـدهـا) للمولد الكهربائي موضوع الدعوى متفقا وأحكام القانون. يتفق وحكمة القانون تطبيق أحكام المادتين ۱۱۸۹/ ۱۱۹۰ من القانون المدني على وقائع الدعوى طالما أن حيازة المميز ضدهما (للمولد الكهربائي) تستند إلى سبب صحيح وأن الحكم الجزائي عن جرم سرقة المولد الكهربائي لم يكتسب الدرجة القطعية، كما هو ثابت من نسخة الحكم المميز بأنه حكم غيابي وليس له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية ) .
[1] موريس نخلة ، الكامل في شرح القانون المدني ، دراسة مقارنة، ج8، منشورات الحلبي ، بيروت 2010 ، ص 10
[2] نزيه نعيم شلالا، دعاوى إبطال الوكالات دراسة مقارنة/ ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، ، بيروت 2010، ص 11
[3] السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، العقود الواردة على العمل والوكالة ، المجلد الأول ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 1964 ، ص 582، 583