قد يواجه الإنسان في حياته الكثير من المواقف ويتعرض للكثير من الأفعال غير المشروعة سواءا حدثت معه أو مع آخر يستعين به حال تأديته لعمل معين لحسابه وهذه الأفعال غير المشروعة قد تؤدي إلى إضرار في الغير مما يوجب لجبر هذا الضرر دفع التعويض لهذا المضرور.
ولا شك أنه في حال ارتكب الشخص نفسه فعلا أضر بالغير أن التعويض سوف يكون على عاتقه وحده وهذا ما اتفق عليه الجميع منذ القدم وحتى وقتا الحالي سواءا القوانين الشرعية أو القوانين الوضعية لمختلف دول العالم.
أما في حال قيام شخص آخر بعمل معين لصالح هذا الشخص وأدى هذا العمل إلى الإضرار بالغير فاختلفت وجهات النظر وتعددت ووضعت هناك شروط وقواعد وضوابط لحل هذه المسألة.
ومناط بحثنا هنا بيان مسؤولية المتبوع حينما يقوم بعمل معين بواسطة غيره (التابع) ويؤدي ذلك إلى الإضرار بالآخرين واهم الشروط لذلك بإيجاز بسيط مع تركيزنا على شرط وجود علاقة بين هذين الشخصين وهي ما يطلق عليها هنا علاقة التبعية ومدى توفرها لتحقق مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه.
إن من أهم صور المسؤولية التقصيريّة وأكثرها انتشارا هي مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه ورغم أن الواقع والمنطق للأشياء يفترض مسؤولية مرتكب الضرر عن فعله، ويكون هو الوحيد المسؤول عن التعويض، ولكن في هذه المسؤولية – مسؤولية المتبوع – نلاحظ أن شخصاً آخر غير مرتكب الفعل الضار هو من يقوم بتعويض المتضرر عن الضرر الذي حدث له، ولكون المتبوع في الواقع لم يقم بأي فعل، فقد وضع المشَرع شرطان لقيام مسؤوليته عن فعل تابعه وهذه الشروط تتمثل في: –
- وقوع الفعل الضار عن التابع حال تأديته لعمله أو بسببه.
- قيام علاقة التبعية بين التابع والمتبوع.
ويجب توفر هذين الشرطان معاً لتحقيق مسؤولية المتبوع، وأن فقدان أيا من هذين الشرطان يُفقد المتبوع مسؤوليته، وسيقتصر بحثي على شرط علاقة التبعية بقدر ما يقتضي من تفصيل.
حيث سأقوم بتقسيم الدراسة إلى عدة مباحث، وسأتناول في المبحث الأول بيان معنى التابع والمتبوع وعلاقة التبعيّة وشروط تحققها، وفي المبحث الثاني بعض المسائل والحالات التي تثيرها علاقة التبعيّة وكذلك مسألة إثبات علاقة التبعية، وفي المبحث الثالث: موقف الشريعة الإسلامية من مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة.
المبحث الأول: بيان معنى التابع والمتبوع وعلاقة التبعيّة وشروط تحققها:
يعتبر قيام علاقة التبعية الشرط الثاني والأهم لتحقيق مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه وسنقوم بدراسة هذا الشرط بشيء من التفصيل.
المطلب الأول: بيان معنى التابع والمتبوع:
أولا: التابع: –
وهو شخص يقوم بعمل معين لحساب شخص آخر هو المتبوع ويرتبط به برابطه التبعيّة والخضوع بحيث يكون مراقبة التابع وتوجيهه فيجب أن يكون بالإضافة إلى عنصر الرقابة والتوجيه أن يكون العمل لحساب المتبوع لتكتمل علاقة التبعية ويأخذ التابع هذه الصفة [1].
ثانيا ً: المتبـــــوع: –
وهو شخص يعمل لمصلحة شخص آخر ( التابع ) الذي يخضع لسلطته الفعلية ، ويتلقى منه الأوامر والتوجيهات للقيام بالعمل فيعتبر المتبوع صاحب السلطة في إصدار التوجيهات والأوامر والتعليمات ولا يشترط أن يكون قادرا ً على رقابة تابعه من الناحية الفنية ، بل يكفي أن يباشر هذه الرقابة من الناحية الإدارية [2]ولا يشترط أن يكون هناك مطلق رقابة وتوجيه ، بل لا بد أن تكون هذه الرقابة والتوجيه في عمل معيَن يقوم به التابع لحساب المتبوع ، وهذا ما يميز المتبوع عن الأب وعن معلم الحرفة ، فهذه العلاقات الأخيرة قد تفتقد إلى العمل لحسابهم رغم أنهم يملكون عنصر المتابعة والتوجيه [3].
المطلب الثاني: – بيان معنى علاقة التبعية
هي علاقة بين شخصين أو أكثر يكون فيها أحدهما (تابع ) خاضع لرقابة وتوجيه الآخــر (متبوع ) بحيث يكون للمتبوع سلطه فعليه في رقابة وتوجيه تابعه ويكون الأخير في حالة خضوع للمتبوع كما ويكون المتبوع مسؤولا ً عن كافة الأضرار التي تلحق بالغير من أفعال تابعه إذا ما تحققت هذه العلاقة ،فقد تنشأ علاقة التبعية بموجب السلطة التي للرئيس على المرؤوس وقد تنشأ علاقة التبعية استنادا لعقد معين كعقد العمل ولا يشترط في علاقة التبعية أن يتقاضى التابع أجراً كما هو الأمر في حالة السخرة ، كما لا يشترط أن يكون عمل التابع مستمرا ً بل يمكن أن يكون مؤقتا ً ، ولا يشترط أيضا ً لقيام علاقة التبعية أن يكون المتبوع حرَاً في اختيار تابعه [4].
المطلب الثالث: – شروط قيام علاقة التبعية: –
1. أن تكون هناك سلطة فعليه يمارسها المتبوع على التابع: –
فيجب لقيام علاقة التبعية أن تكون هناك سلطه فعلية يمارسها المتبوع على التابع بحيث يكون الأخير خاضع للمتبوع، وليس من الضروري أن تكون هذه السلطة عقديه تقوم على الاختيار ولا أن تكون شرعية ولا يشترط أن يكون هناك عقد بين التابع والمتبوع، ولو وجد العقد، فليس من الضروري أن يكون هذا العقد صحيحا ً، فلو كان هذا العقد باطلا ً لبقيت هناك علاقة التبعية موجودة، مادام هناك سلطه فعلية للمتبوع على التابع كما انه لا يشترط أن يكون المتبوع حـرّاً في اختيار التابع [5]
وقد نصت المادة 288/1/ ب من القانون المدني الأردني بقولها ” أن يكون للمتبوع سلطه فعلية ………… ولو لم يكن حرّاً في اختياره “
ومن الأمثلة على ذلك الموظف في وزارة الصحة، فيعتبر الموظف تابع لوزارة الصحة وتسأل عن كافة الإعمال والأفعال الضارة التي يقوم بها بوظيفته رغم أنها – وزارة الصحة – لم تكن حرة في اختيارها لهذا التابع حيث ان تعيينه قد تم مثلا من قبل ديوان الخدمة المدنية، ولكن يكفي أن يكون لها سلطه فعليه تمارسها عليه لتحقق مسؤوليتها عن أفعاله تجاه الغير.
2. أن تنصب هذه السلطة على الرقابة والتوجيه: –
والسلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه هي العنصر الأساسي لقيام علاقة التبعية والمقصود بسلطة الرقابة والتوجيه أن يكون للمتبوع السلطة في إصدار الأوامر والتعليمات لتابعه لتوجيهه ومراقبته في عمل معين وطريقه أدارته لهذا العمل والـتأكد من قيام التابع بعمله وفقا ً للتعليمات والأوامر الصادرة إليه ومحاسبته عند خروجه عليها [6].
ولا يكفي أن يكون هناك مطلق رقابة وتوجيه ، فالأب له الرقابة على ولده ، ومعلم الحرفة يوّجه صبيّه ، ولا يلزم أن يكون في هذه الحالة الولد أو الصبي تابع ، بل لا بد من أن تكون هذه الرقابة والتوجيه في عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع وتتراخى علاقة التبعية بتراخ الرقابة والتوجيه حتى إذا لم يبقى لدى المتبوع سلطة كافية في الرقابة والتوجيه انعدمت علاقة التبعية كالطبيب الذي يعمل في مستشفى خاص لحسابه فلا يعتبر تابعا ً للمستشفى [7] ، وقد أكدت على ذلك محكمة التمييز الأردنية بقولها ” إن علاقة التبعية تتراخى بتراخي الرقابة والتوجيه فإذا لم يبق لدى المتبوع سلطة كافية في الرقابة والتوجيه انعدمت علاقة التبعية[8] “
ولا يكفي أن يعمل شخص لحساب شخص آخر بشكل مستقل دون ان يخضع لرقابته وتوجيهه، فهنا لا يعتبر تابعـاً، كما هو الحال بالنسبة للمقاول الذي يلتزم بإنجاز عمل لحساب شخص آخر دون أن يخضع لإشرافه أو إدارته أو رقابته، فلا يعتبر المقاول تابعاً لرب العمل إلا إذا كان لهذا الأخير عليه سلطه فعليه في الرقابة والتوجيه [9].
وقد تتوزع الرقابة والتوجيه بين أكثر من شخص واحد ، فإذا استخدم عدة أشخاص شخصا واحدا ً في عمل مشترك لهم كانوا كلهم متبوعين لمستخدمهم ، وكانوا مسؤولين عن عمله بالتضامن فيما بينهم[10] ، كما انه ليس من الضروري أن يكون المتبوع قادرا ً على الرقابة والتوجيه من الناحية الفنية ، بل يكفي أن يكون من الناحية الإدارية هو صاحب الرقابة والتوجيه ، فصاحب السيارة مثلا حتى لو لم يكن يعرف القيادة فهو متبوع لسائقها ،بما انه يملك سلطه فعليه عليه بالرقابة والتوجيه وكذلك الكادر الطبي متبوع لصاحب المستشفى الذي يعمل لحسابه في المستشفى [11].
المطلب الرابع: معيار التبعية
تنازعت فكرة التبعية بين التابع والمتبوع باتجاهات مختلفة فكان لا بد من تحديد الأساس الذي تقوم عليه سلطه المتبوع على تابعه، فظهر هناك عدّة آراء واتجاهات، أولها نادى بأن تبعية التابع للمتبوع هي رابطه قانونيه مصدرها العقد، وبينما نادى الاتجاه الآخر بأن تبعية التابع للمتبوع لا تنبثق من مركزه القانوني المستمد من العقد، بل تنبثق من العمل الذي يؤديه التابع لمصلحة المتبوع، أي أن التبعية هنا تبعية اقتصاديه [12] ، وسنقوم ببيان هذه الآراء بصورة أشمل
معيار التبعية القانونية
ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن تبعية التابع للمتبوع وخضوعه له هي رابطه قانونية تربطه بها، ومنشؤها العقد المبرم بينهما فالتابع عندما يتعهد بتقديم عمله الى المتبوع، إنما يلتزم بأن يقوم بذلك تحت إشراف المتبوع وأدارته، وهو التزام قانوني يجعله خاضعا ً لأوامره وتعليماته في تنفيذ العمل [13].
فالتزام التابع بخضوعه لأوامر المتبوع وتعليماته يعطي المتبوع الحق بإصدار الأوامر إلى التابع وتوجيهه أثناء تأدية عمله بحسب رأي أصحاب هذا المذهب أن رابطه التعيين بين التابع والمتبوع وخضوع الأول لأوامر الثاني فيما يتعلق بتنفيذ العمل نتيجة طبيعية لكون المتبوع يتحمل مخاطر المشروع الذي يعمل فيه التابع في حين لا يتحمل التابع أية مخاطر، بل له أجره سواء كان المشروع رابحا ً أو كان خاسرا ً، لذلك كان على المتبوع أن يملي على التابع إرادته ويصدر إليه التعليمات.
ومن هنا فإن أنصار هذا القول يرون أن سلطة المتبوع يجب أن تستمد من مركز قانوني، يتيح للمتبوع قانونا ً إصدار الأوامر إلى تابعه، فإذا ارتكب التابع عملا ً غير المشروع كان المتبوع مسؤولا ً عما اقترفه هذا التابع، ويلتزم بدفع التعويض إلى المتضرر [14].
وقد تعرضت وجهة النظر هذه الى الانتقاد ومن أهم الانتقادات التي وجهت لهذا الاتجاه: –
- إن وجود علاقة قانونية بين شخصين لا يتطلب بالضرورة وجود علاقة، فلا يوجد هناك أي علاقة تبعية تربط أعضاء الشرطة أو اتحاد معين رغم وجود علاقة قانونية بينهم [15].
- إن علاقة التبعية قد توجد بين شخصين خارج الإطار القانوني كعلاقات المجاملة [16] .
- كما لوحظ أن ثبوت هذا الحق من شأنه أن يقتصر علاقة التبعية، ومسؤولية المتبوع إلى الحالات التي تكون فيها بين التابع والمتبوع رابطه قانونية منشئه لهذا الحق [17].
- إن الاستناد إلى طبيعة العقد للكشف عن علاقة التبعيّة يحتاج بدوره إلى معيار آخر تميز به عقد العمل عن غيره من العقود، ويتركز أساساً في سلطة الإشراف والرقابة التي يتحقق بواسطتها مدى توفر علاقة التبعيّة، فمناط تلك العلاقة إذن وجود سلطة فعلية يخضع لها التابع وهذه لا تقتضي بالضرورة قيام عقد عمل إذ أن تلك العلاقة قد تنشأ من عقد وقد تنشأ بدونه أيضا ً، ومن ثم فإن تلك العلاقة تنشأ عرضا ً بين شخصين دونما اختيار لصفتهما الاجتماعية [18].
معيار: التبعية الاقتصادية:
إن هذه التبعية من وجهة نظر مؤيديها تعني أن مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه لا تنبثق من مركزه القانوني المستمد من العقد المبرم بينه وبين التابع، بل تنبثق من العمل الذي يقوم به التابع لمصلحة المتبوع [19] .
فالتابع بنظرهم هو من لا يستطيع تدبير وجوده المستقل وإنما يوجد تحت تبعية شخص آخر في كل شؤونه الاقتصادية [20] .
فالسلطة التي يمتلكها المتبوع على التابع بمقتضي علاقة التبعية ترجع إلى خضوع التابع له اقتصاديا لأنه مضطر إلى كسب عيشه من عمله اضطرارا ً بجعله تابعا ً اقتصاديا ً لرب العمل، أي يعتمد عليه اقتصاديا فنادى أصحاب هذه النظرية تبعا لذلك بالتبعية الاقتصادية كمعيار يمكن التحقق به عن وجود علاقة التبعية الموجبة لمساءلة المتبوع بوصفه كذلك.
ولم يسلم هذا الرأي أيضا من الانتقادات، فقد وجهت إليه عدّة انتقادات ومن أهمها: –
- إن هذا المعيار يقصر فكرة المتبوع على فئة رجال الأعمال فحسب وذلك لارتباط فكرة الربح التي يستند إليها المعيار بالمشاريع التجارية والصناعية بينما على العكس من ذلك فإن اعتبار الشخص متبوعا لا يقتصر على هذا المجال[21].
- إن معيار التبعية الاقتصادية ليس إلا رجوعا ً بطريقه أخرى لمعيار سلطة الإشراف والرقابة، إذ يقرر أنصاره إن التبعية الاقتصادية هي التي تبرر إصدار الأوامر والتعليمات [22].
- إن هذه التبعية يقتصر دورها على مجرد تبرير ممارسة المتبوع لحقه في إصدار الأوامر والتعليمات من ناحية، ووجوب خضوع التابع لتلك التعليمات والتوجيهات من ناحية أخرى [23] .
- إن فكرة التبعية الاقتصادية ليست إلا عودة على فكرة الأجر إذ أن فئة الإجراء هي التي تتحقق لها التبعية الاقتصادية، بينما رأينا أن القانون والقضاء لم يشترط الأجر لتحقيق علاقة التبعية [24].
- إن القول بأن التبعية الاقتصادية تقدم ضمانا للمتضررين من إعسار التابع هو قول غير كاف، فبالإضافة إلى أن الإعسار لا يفترض فإن هذا الضمان لا يلعب دورا ً في حالة التأمين من المسؤولية كما أن الإعسار لا يرتبط بوضع اقتصادي معين[25].
- إن هذه الفكرة ليست صحيحة في ذاتها وأنها تتعارض مع المبادئ المقررة لأن التسليم بها يؤدي إلى عدم قدرة المتبوع الرجوع على تابعه بما دفعه المتبوع للمتضرر وذلك الرجوع الذي نصت عليه المادة 288/2 من القانون المدني الأردني [26].
معيار: الرقابة والتوجيه الفعلي:
فالنوعين السابقين لم يستطيعا أن يشملا أنواع التبعية المقصودة والمحققة لمسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه لِما تعرضت له من الانتقادات المتعددة، كما أن مجال تنوع علاقة التبعية واسع جدا ً وأن ما يحكم هو وجود مبدأ الرقابة والتوجيه من المتبوع ومبدأ الخضوع من التابع وبتحقيقها تكتمل علاقة التبعية دون الحاجة لإثبات أساس هذه العلاقة سواء بالعقد أو بالاتفاق أو بالمجاملة، وحتى لو لم يرض التابع والمتبوع بهذه العلاقة التي تربطهما فإنها تحقق رغم رفضهم.
المبحث الثاني: – بعض المسائل والحالات التي تثيرها علاقة التبعيّة
المطلب الأول: – حــالة المتبوع العرضي
وتتحقق هذه الحالة عندما يكون فيها هناك شخص تابع لشخص، ومن ثم يقوم هذا المتبوع بوضع تابعة تحت تصرف آخر يطلق عليه المتبوع العرضي ومن أمثلة ذلك ” شخص يعير سيارته مع سائقها لشخص آخر ليصبح معها السائق تابعا ً لذلك الشخص ” [27] فذلك الشخص الذي استعار السيارة أصبح متبوعا ً عرضيا ً للسائق بشرط أن تكون الرقابة والتوجيه للتابع انتقلت إلى ذلك الشخص (المتبوع العرضي).
وفي هذه العلاقة يوجد متبوعان، متبوع أصلي ومتبوع عرضي، وهنا يثور سؤال أي من هؤلاء المتبوعان يكون مسؤولا ًعن الفعل الضار الذي أحدثه التابع؟
ونجد الإجابة عن ذلك في أن المسؤولين في الحقيقة منوطة بالسلطة الفعلية عن التابع، أي رقابته وتوجيهه، فمن كانت له هذه السلطة يكون مسؤولا ً عن الأعمال غير المشروعة التي يرتكبها التابع [28] ، ولا يجوز للتابع أن يعتبر نفسه تابعاً لشخصين في وقت واحد لأنه إما أن يبقى خاضعا ً لمتبوعة الأصلي وإما أن يكون تحت سلطة المتبوع العرضي فيعتبر تابعا ً له وتنقطع صلته بالمتبوع الأصلي [29] .
وتجدر الإشارة الى قرار محكمة النقض المصرية في هذا الخصوص في الطعن رقم 306 لسنة 28 ق جلسة 1963/10/24 س 14 ص 974) ” الى المرشد يعتبر أثناء قيامه بعملية إرشاد السفينة تابعًا للمجهز لأنه يزاول نشاطه في الفترة لحساب المجهز ويكون الحال كذلك ولو كان الإرشاد إجباريا وليس في هذا خروج على الأحكام المقررة في القانون المدني في شأن مسئولية المتبوع ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 174 منه تقضي بأن رابطة التبعية تقوم ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متي كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه. والمجهز يمارس سلطة الرقابة التوجيهية على المرشد بواسطة ربانه. وقد قررت القاعدة المتقدمة معاهدة بر وكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالمصادمات البحرية والتي وافقت مصر عليها وصدر مرسوم بالعمل بأحكامها إذ تقضي المادة الخامسة منها ببقاء مسئولية السفينة في حالة ما إذا حصل التصادم بسبب خطأ المرشد حتى ولو كان الإرشاد إجباريا. ومؤدي ذلك أن المرشد ينسلخ في الفترة التي يباشر فيها نشاطه على ظهر السفينة عن الجهة التي يتبعها أصلا وعلى ذلك فلا تسأل الجهة عن الأخطاء التي تقع منه في تلك الفترة.” [30]
المطلب الثاني: – حالة التابع الظاهر:
التابع الظاهر هو الذي يتخذ له تجاه الغير صفة التابع لشخص آخر لا يمارس عليه هذا الشخص سلطة فعلية في الرقابة والتوجيه، فهل يسأل هذا الشخص عن فعل التابع الظاهر؟ يتجه الفقه إلى أن المتبوع لا يسأل إلا عن فعل التابع الذي كان يتلقى الأوامر فعليا ً وقت وقوع الحادث ويضيف انه لا محل لنظرية التابع الظاهر في إطار مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه لأنه لا يمكن تصور ممارسته السلطة الفعلية على التابع الظاهر [31] .
المطلب الثالث: – حالة تعدد المتبوعين
من الممكن أن تتوزع سلطه الرقابة والتوجيه بين أكثر من شخص واحد، فإذا أستخدم مجموعة من الأشخاص شخصا ً واحدا ً لإنجاز عمل مشترك لهم كان هؤلاء الأشخاص جميعاً متبوعين لهذا الشخص المستخدم ويسألون جميعاً عن أعماله بالتضامن، ومثال على ذلك الراعي الذي يقوم برعي الأغنام لمجموعة من الأشخاص فإنه يعتبر تابعا ً لهم ويسألون عن فعله [32] .
كما انه قد يقوم تابع بأعمال متعددة لدى مجموعة من الأشخاص على التوالي فيما بينهم فيكون في مثل هذه الحالة المتبوع الذي يكون عمل التابع عنده لحظة وقوع الضرر هو المسؤول عن الضرر الذي ألحقه التابع، ومثال ذلك الخادمة التي تقوم بالشؤون المنزلية لأسر متعددة في أوقات متعاقبة، فتنتقل من منزل إلى آخر، وتكون في مثل هذه الحالة تابعة للمخدوم الذي تقوم بشؤون منزله في الوقت الذي تؤدي فيه هذا العمل [33].
المطلب الرابع: علاقة التبعيّة بين المتبوع وتابع تابعه
وهذه الحالة تنقسم إلى حالتين رئيسيتين: –
أولا ً: حالة التابع الذي يعين شخصا ً آخر للقيام بعمل لحسابه الخاص
، وفي هذه الحالة تنتفي مسؤولية المتبوع الأصلي عن ذلك الشخص [34] ، فقد قام التابع بتعيينه ليأتمر بأمره ويعمل لحسابه الخاص وتحت رقابته وتوجيهه وهذه الشروط كفيلة لتحقيق مسؤوليته التابع عن أعمال هذا الشخص ليصبح التابع تابعا ً ومتبوعا ً في ذات الوقت، ومن الأمثلة على ذلك أن موظفا ً في إحدى الوزارات يستخدم خادماً في منزله فيكون هذا الموظف تابعا ً لتلك الوزارة ومتبوعا ً للخادم في ذات الوقت ويكون هو المسؤول عن الأعمال التي يقوم بها الخادم.
ثانيا ً: – حالة التابع الذي يعيّن شخصا ً آخر لخدمة متبوعة ولحساب ذلك المتبوع: –
ففي هذه الحالة تنتفي علاقة التبعّية بين التابع والمتبوع والشخص الذي عينه، فيعتبر هذا الشخص تابعا ً للمتبوع الأصلي ويسأل هذا عن عمله مسؤولية مباشرة ولا يغير من ذلك كون التابع هو الذي عينه، إذ يكفي في مساءلة المتبوع الأصلي عن هذا الشخص أن يكون هو قد أمر تابعه الأصلي بتعيينه أو رخص له بذلك أو أمر له صراحة أو ضمنا ً [35]
ومن الأمثلة على ذلك أن يقوم خادم بتعيين خادم آخر بناء على طلب سيده فيصبح الخادم الجديد تابعا للسيد رغم أن الخادم الأول هو من قد عينه مادام يعمل تحت إشراف ورقابة السيـد ولحسابه.
المطلب الخامس: – حالة الشخص المعنوي
وتعتبر الأشخاص المعنوية، كالأشخاص الطبيعيين، تتمتع بشخصية قانونية خاصة، لها ذمة مالية مستقلة ومنفصلة عن تلك الخاصة بأعضائها المكونين لها فهي بالتالي تسأل عن تصرفاتها التي يباشرها الممثلون لها بنيابة عنها وباسمها [36].
وقد أثار تساؤلات حول تلك المسؤولية فهل تعتبر مسؤولية متبوع عن أفعال تابعه بحيث يعتبر ممثليها تابعين لها أم أنها مسؤولية ذاتية ومباشرة تأسيسا ً على أن نشاط الممثلين ليس في الحقيقة إلا نشاطا ً لها ويبرمون التصرفات باسمها ونيابة عنها.
وهذا القول بأن مسؤوليتها عما يصدر عن ممثليها من أفعال غير مشروعة هي مسؤولية غير مباشرة، يترتب عليه أن يكون للمضرور الحق في الرجوع على ذلك الشخص المعنوي بالإضافة إلى من وقع منه الخطأ من ممثليها.
وإذا ما وصفنا تلك المسؤولية بأنها مباشرة فإن المساءلة تقتصر في هذه الحالة على الشخص المعنوي وحده، بحيث يلزم يجبر الضرر الذي وقع من ممثليه باعتباره خطأ واقع من الشخص المعنوي نفسه.
والأشخاص المعنوية عادة تقوم بتصريف شؤونها عن طريق الأشخاص الطبيعيين، هؤلاء منهم من يتصرف باسم الشخص المعنوي الذين يمثلونه قانونيا ً وكثير من الأشخاص يأتمرون بأمر هؤلاء الممثلين ويلتزمون بإتباع تعليماتهم وتوجيهاتهم فيما عهد إليهم من أعمال تخص ذلك الشخص المعنوي، ولكن المتفق عليه هو أن الخطأ الصادر من ممثلي الأشخاص المعنوية تسأل عن الأشخاص المعنوية مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة.
وقد أيدت محكمة التمييز الأردنية ذلك في قرارها بقولها ” يعتبر قيام وزارة الأشغال العامة بفتح الشارع في أراضي المدعين من خلال المقاول الذي يعمل تحت إشرافها يجعلها مسؤوله عن تعويض الضرر الذي لحق بأراضي المدعين نتيجة فتح الشارع استنادا ً لمسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة طبقا ً لأحكام المادة 288 من القانون المدني [37] ، فوزارة الأشغال وهي شخصية معنوية كانت مسئولة عن عمل ممثلها وهو المقاول مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة.
المطلب السادس: إثبات علاقة التبعيّة
تعتبر علاقة التبعيّة واقعة قانونية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات التي يقرها القانون، سواء بسماع الشهود أو باليمين أو أي طريقة أخرى أجازها القانون، فعلاقة التبعية بين التابع والمتبوع- في حال وجود نزاع – لا تعتبر قائمة إلا إذا تم إثباتها، فعلاقة التبعية غير مفترضة، فيجب تواجدها لكي يسأل المتبوع عن فعل تابعه الضار باعتبار أن علاقة التبعية تعتبر شرطاً رئيسا ً لقيام مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه [38].
ووفقا ً للقواعد العامة فإن عبء الإثبات يقع على عاتق المضرور، فمن يدعي أمرا ً يجب عليه إثباته وفقا ً للقاعدة القانونية ” البينة على من ادعى واليمين على من أنكر “، وان منح المضرور كافة طرق الإثبات لإثبات علاقة التبعية هو أمر منطقي ذلك كون هذا المضرور شخص غريب عن علاقة المتبوع بتابعه إذا كانت عقديّة، وذلك الحال عندما لا يكون هناك عقد فالمضرور لا يكون عالما ً بتفاصيل علاقة التبعيّة [39] .
أما في حالة إن عجز المضرور عن إثبات علاقة التبعية فلا يجوز مساءلة المدعي علية بوصفة متبوعا ً، وعندما يثبت المضرور علاقة التبعيّة فإن عبئ إثبات العكس ينتقل إلى خصمه أي المتبوع ينفي تلك العلاقة بينه وبين مرتكب الفعل الضار حتى يتمكن من التخلص من المسؤولية التبعيّة [40] ، وإذا ما لم يتم إثبات علاقة التبعيّة فيكون قد أختل ركنا ً أساسيا ً ، ومن الأركان الواجب تحقيقها لقيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ، وورد في ذلك قرار لمحكمة التمييز قالت ” حيث انه لا توجد علاقة تبعيّة بين المدعي علية كاظم والمدعي عليه عماد ، لا علاقة عمل ولا أي علاقة أخرى تتعلق بالمكتبة ، فإن الحكم برد الدعوى عن المدعي عليه كاظم وبفسخ حكم البداية المتضمن إلزام المدعي عليه كاظم بالمبلغ المدعي به استنادا ً لنظرية مسؤولية المتبوع عن أعمل تابعة ومن ثم رد الدعوى عن كاظم موافقة لحكم القانون لانتقاء هذه المسؤولية عنه ” [41]
المبحث الثالث: موقف الشريعة الإسلامية من مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة.
حثت الشريعة الإسلامية على عدم جواز الإضرار بالغير قبل أن تضع الحل لوقوع الضرر فالقاعدة الشرعية القائلة بأن ” درء لمفاسد أولى من جلب المكاسب ” تبين لنا أن الأساس الوقاية من وقوع الضرر.
وان القاعدة الشرعية التي اعتمد عليها معظم الباحثين المعاصرين في الفعل الضار ومسؤوليته المالية مقارنين بين الشريعة والقانون انطلقت من ذلك الحديث النبوي العظيم الذي اتخذ منه الفقهاء قاعدة فقهية مشهورة وهو قوله صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار “[42]
وإذا ما سلمنا بتحقق الضرر فقد بينت للشريعة الإسلامية رأيها في هذا المجال كما هو في جميع مجالات الحياة فالقاعدة المقررة في الشريعة الإسلامية تقضي بان كل فرد مسئول عن نتائج أعماله الضارة ولا يجوز أن يتحمل أحد وزر غيره ووردت أدله كثيرة على ذلك منها[43] وذلك هو الأصل في الشريعة الإسلامية الغراء: –
1- قوله تعالى “ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى “[44]
2- قوله تعالى ” كل نفس بما كسبت رهينة “[45]
3- قوله تعالى ” لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت “[46]
وأن المسؤولية الفردية موجودة ومعروفة لدى الشرائع التي سبقت الشريعة الإسلامية وحثت على أن يكون الفرد مسئولا عن عمله لا عن عمل غيره فقد ورد في القران الكريم في سورة يوسف ( يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنّا نراك من المحسنين * قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنّا إذاً لظالمون )[47] ويتضح من هذه الآية الكريمة أن الأمم السابقة كانت تعرف مبدأ التبعيّة الفردية الذي يمنع أن يأخذ أحد بجريرة غيره[48] أمّا فيما يتعلق بمسؤوليّة المتبوع عن فعل تابعه فقد أختلف الفقهاء في شأنها فمنهم من يرى أن الفقه الإسلامي لا يعرف هذا النوع من هذه المسؤوليّة وأن الحالات الاستثنائية الواردة في شأن المكره والآمر مسؤولية عن فعل الغير[49].
حيث يكون المكره في الشريعة مسئولا عن فعل من أكرهه إذا كان الإكراه الذي حصل منه قد توافرت شروطه وكان بدون حق[50] ويرى فريق آخر أن الحالات الواردة بشأن المكره والآمر لا تخرج عن كونها مسؤوليّة شخصيّة عما صدر عنهما من إكراه أو أمر وأن مالك الرق يُسأل مسؤوليّة شخصيّة باعتباره مالكاً لذلك الرقيق الذي يدخل ضمن ممتلكاته [51].
ولتوضيح الصورة عن موقف الشريعة الإسلاميّة من مسؤوليّة المتبوع عن أعمال تابعه في ثلاثة فروع نخصص الأول لمسؤوليّة المكره والثاني لمسؤوليّة الآمر والثالث للمسؤوليّة الناشئة عن عمل الأمير وعمال الدولة.
المطلب الأول مسؤوليّة المكره:
إن القاعدة الشرعية المقررة هي ألا يسأل إنسان عن ضرر أحدثه غيره إلا إذا أكره شخص غيره إكراهاً يجعله كالآلة في يد المكره وهو الإكراه الملجئ المعتبر شرعاً فعندئذٍ يكون المكرِه مسئولا لتنزيله حينئذٍ منزلة المباشر والمباشر منزلة الآلة[52].
وورد تعريف الإكراه في مجلة الأحكام العدليّة في المادة 948 بأنه “إجبار أحد على أن يعمل عملاً بغير حق من دون رضاه بالإخافة ويقال له المُكرَه ويُقال لمن أجبرهُ مُجبر”
وفي تعريفات أخرى للإكراه عُرّف على أنه: – ” تهديد القادر غيره على ما هدد بمكروه على أمرٍ بحيث ينتفي به رضاه”[53]
والإكراه عند الحنفية يقسم إلى قسمين[54] :
أولاً: الإكراه المُلجئ وهو الذي يكون بالضرب الشديد المؤدي إلى إتلاف النفس أو قطع عضو.
ثانياً: الإكراه غير المُلجئ وهو الذي يوجب الغم والألم فقط كالضرب غير المُبرح والحبس غير المديد.
ويتبين لنا من هذا التقسيم أن الإكراه المُلجئ وهو التام هو الوحيد الذي يعتبر نافياً لضمان المكروه عن فعله كونه كان مسلوب الإرادة كالآلة
أما الإكراه غير المُلجئ أو الناقص فيكون عليه الضمان لأن هذا الإكراه لم يجعل المكره آلة بيد المُكره ولا يكون مسلوب الاختيار [55]
وقد ذكرت المادة (1007) من مجلة الإحكام العدلية قولها ” لو قال أحد لأخر اتلف مال فلان وإلا أقتلك أو اقطع أحد أعضائك وأتلف ذلك المال يكون الإكراه معتبراً ويلزم الضمان على المُجبر فقط أمّا لو قال أتلف مال فلان وإلا أضربك أو أحبسك وأتلف ذلك فلا يكون الإكراه معبراً ويلزم الضمان على المُتلِف”
أمّا الإكراه عند الشافعيّة فقد عُرف بأنه ” الالتجاء لفعل الشيء قهراً ويؤخذ على هذا التعريف بأنّه يقترب من الإكراه الشديد الذي يوجب الالتجاء وهو أخص مما يعدم الرضا وفي القول بأنه ” فعل الشيء” قد أخرج من التعريف المنع من الفعل “[56]
والضمان عن الشافعية يقع الأغلب على المكره كونهم اعترفوا بالإكراه الملجئ فقط[57]
وفي المذهب المالكي يرى بعضهم وجوب الضمان على المكره وحده إلا إذا كان عديما أي – لا يملك شيئا – فيكن الضمان على الآمر المكره، ولكن الرأي الراجح عند المالكية يقضي بتضمين المكره والمكره مع بعضهما البعض [58]
أما بالنسبة للمذهب الحنبلي فلم يرد في مذهبهم تعريف محدد للإكراه وإنما تكلموا في معنى الإكراه واشترطوا لتحققه وجود المكره والمكره والتصرف المكره عليه والوسيلة المكره بها [59]
إما بالنسبة للضمان عند الحنابلة فلم يستقر الرأي على ذلك فيرى البعض أنه على المكره ويرى البعض الآخر أنه على الاثنين معا [60]
أما عند أصحاب المذهب الظاهري فقد انقسم الإكراه إلى قسمين: –
أولا: – كل ما تبيحه الضرورة مثل الأكل والشرب فهذا يبيحه الإكراه فمن أكره على شيء من هذا فلا ضمان عليه لأنه أتى مباحا له أن يأتيه
ثانيا: – مالا تبيحه الضرورة كالقتل والجرح والضرب وإتلاف المال فهذه الأفعال لا يبيحها الإكراه فلو أكره أحد على إتلاف مال وأتلفه فالضمان على المأمور المكره وحده لأن الإكراه لا يبيح إفساد المال[61]
المطلب الثاني: – مسؤولية الآمر
لقد تبين لنا أن الإكراه الملجئ هو سبب مسؤولية المكره عن الضرر الذي أحدثه غيره على اعتبار أن المكره هو المحدث للضرر وذلك على أساس أن سببه أقوى من المباشر وموضوع مسؤولية الآمر شبيهه بمسؤولية المكره وقريب منها[62]
والمقصود بالآمر هو من يأمر غيره بان يعمل عملا في ملكه أو في ملك غيره فإذا كان العمل المأمور به في ملك الآمر وترتب على هذا العمل تلف فلا ضمان على فاعله لأن الأمر في هذه الحالة من نوع الإذن الصريح[63] ويُعرّف الفقه الأمر بأنه “من يأمر غيره على وجه الاستعلاء بأن يأتي عملاً في ملك الآمر أو في ملك الغير[64]”
فإذا كان العمل المأمور به وقع في ملك الآمر فلا ضمان على الفاعل أمّا إذا كان العمل المأمور به واقعاً في ملك غيره فلا عبره لأن الأمر بالتصرف في ملك غير الباطل وعلى ذلك فلا يُرتب على الآمر أي ضمان[65].
وجاء في المادة 89 من مجلة الأحكام العدليّة بأن الفعل يضاف إلى الفاعل لا الأمر ما م يكن الفاعل مجبراً كما ذكرت المجلة في المادة 1510 قولها إنه لا ينفذ أمر أحد إلا في مُلكه فلو قال لأخر خذ هذا المال وألقه في البحر فأخذه المأمور وألقاه في البحر وهو عالم بأنه لغير الآمر فلصحاب المال أن يضمن الذي ألقاه ولا شيء على الآمر ما لم يكن مجبراً.
فإذا لم يكن المأمور مجبراً وجب عليه الضمان وليس على الآمر فمعيار مسؤوليّة الآمر دون المأمور أن يكون هناك إكراه تام مُلجئ وعلى هذا يكون الآمر مسئولاً عن فعل المأمور سواء كان العمل في مُلكه أو في مُلك الغير إذا كان الأمر من نوع الإكراه التام[66]
ففي حالة الابن المأمور فقد جاء في كتب الحنفية ما يفيد أنّه إذا أمر الأب ابنه البالغ أن يشعل ناراً في أرضه ففعل واستمرت النار وانتشرت إلى أرض جاره فأتلف بعض ما فيها فالضمان هنا على الأب والسبب في عدم ضمان الابن هو اعتبار أن أمر الوالد لأبنه بمنزله الإكراه المعنوي الذي يقضي بوجوب طاعة الابن لأبيه[67] .
أمّا بالنسبة للأجير فقد عرّف الفقهاء الأجير الخاص بأنه ” الذي يعمل لواحد عملاً مؤقتاً بالتخصيص ويستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل “
ومن أمثلته الخادم في المنزل والعامل في المصنع والأجير في المحل والموظف في الحكومة والسائق للسيارة بالنسبة لمالكها، ومن أهم أحكام الأجير الخاص أنه لا يضمن ما هلك في يده بلا صفه أو هلك عن عمله المأذون فيه وإنما الضمان في هذا الشأن على السيد والمخدوم فأجير القصار لا يضمن ما تخرق من عمل مأذون إلا أن يخالف الأستاذ وإذا تخرق ثوب القصارة من دق الأجير المعتاد فلا يضمن الأجير ويبقى الضمان على الأستاذ أما إذا كان الدق غير معتاد فإن الضمان يكون على الأجير[68].
المطلب الثالث: – المسئوليّة عن عمل الأمير وعمال الدولة
لا يوجد في الشريعة الإسلامية أي شخص بمنجاة من المسئوليّة بدءاً براس الدولة الممثل بالخليفة أو الحاكم حتى أصغر فرد من الناس فكل شخص مسئول عن أفعاله وأقواله أمام الله بالإضافة إلى مسئوليّته أمام المجتمع فقد روي أن عُمر بن الخطاب أرسل في طلب مغنيّة فقيل لها أجيب عُمر ففزعت المرأة وكانت حاملاً وقالت يا ويلي مالي ولعُمر فأجهضت فأستشار عُمر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأشار عليه بعضهم أن ليس عليه شيء وإنما هو والٍ مؤدب وكان علي بن أبي طالب لم يُبدِ رأيه فقال عُمر ما تقول قال إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك أرى أن ديته عليك لأنك أنت أفزعتها وألقت ولدها في سبيلك فقال عُمر له عزمت عليك لا تبرح حتى تقسمها على قومك[69] .
وروي أيضاً أن الخليفتين أبا بكر وعُمر بن عبد العزيز رضى الله عنهما كانا يعوضان من بيت مال المسلمين الأضرار الناجمة عن أعمال الموظفين فقد دفع أبو بكر الصديق ديّة مالك بن نويرة من بيت المال عندما قتله خالد بن الوليد بطريق الخطأ[70].
وقد كانت الدولة تعود على الفاعل فيما قام به من فعلٍ ضار فالمسئوليّة التي تتحملها الدولة بدفع التعويض للمضرور لا ترفع مسئوليّة الفاعل نفسه إذ للدولة أن تعود عليه بما دفعته من التعويض إذا كان متعدياً فقد روي عن الخليفة عُمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّه كان يقتص من عماله ويقول “إنّي لم آمرهم بالتعدي فهم أثناء عملهم يعملون لأنفسهم لا لي “[71]
ومما يتقدم نخلص إلى أن الشريعة الإسلاميّة مُمّثلة بخلفائها وقضاتها وفقهاها قد عرفت مسئوليّة المتبوع عن أعمال تابعه وذلك استثناءاً من مبدأ التبعيّة الفردية الذي أخذت به، بحيث أصبح المرء مسئولاً عن عمل غيره في بعض الأحوال التي أشرت اليها في مسئوليّة المُكره والآمر بالإضافة إلى الأحوال الشبيهة بالإكراه كما في حالة الصبي المأمور من أبيه والخادم المأمور من سيده [72] .
فتوى مجلس الدولة المصري
وفي نهاية هذا المطلب تجدر الإشارة الى فتوى من مجلس الدولة المصري حول مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه في الفتوى رقم 206 – بتاريخ 21/3/2004 – ملف رقم 32/2/3419 – جلسة 14/1/2004.
” مسئولية – مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه – نزاع – أن الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي له مكنه السيطرة على شيء يلتزم بحراسته حتى لا يسبب ضرراً للغير فإذا ما أخل بهذا الالتزام افترض الخطأ في جانبه والتزم بتعويض الغير عما لحقه من ضرر بسبب الشيء الخاضع لحراسته ولا تنتقل هذه الحراسة إلى تابعه المنوط به استعمال الشيء لأنه وإن كان للتابع السيطرة المادية على الشيء وقت استعماله إلا أنه إذ يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته فإنه يكون خاضعاً للمتبوع مما يفقده العنصر المعنوي للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء كما ولو كان هو الذي يستعمله ولا يعفيه من المسئولية إلا أن يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي رغم ما بذله من عناية في الحراسة- المادتان ( 174-178 ) من القانون المدني .
استظهرت الجمعية العمومية أن الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي له مكنه السيطرة على شيء يلتزم بحراسته حتى لا يسبب ضرراً للغير فإذا ما أخل بهذا الالتزام افترض الخطأ في جانبه والتزم بتعويض الغير عما لحقه من ضرر بسبب الشيء الخاضع لحراسته ولا تنتقل هذه الحراسة إلى تابعه المنوط به استعمال الشيء لأنه وإن كان للتابع السيطرة المادية على الشيء وقت استعماله إلا أنه إذ يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته فإنه يكون خاضعاً للمتبوع مما فقده العنصر المعنوي للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء كما لو كان هو الذي يستعمله ولا يعفيه من المسئولية إلا أن يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي بالرغم ما بزله من عناية في الحراسة وقد يكون السبب الأجنبي قوة قاهرة أو حادثاً مفاجئاً أو خطأ المضرور أو الغير – الثابت من الأوراق أن أتوبيس هيئة النقل العام رقم 1000 هيئة خط …….. بقيادة السائق /……….. قد اصطدم بعامود الإنارة الكائن أمام مدخل إدارة المجندين بدائرة قسم أول مدينة نصر والمملوك للهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة وأحدث التلفيات المبينة تفصيلاً بالأوراق. وقد ثبت الخطأ في جانب السائق بموجب الحكم الصادر من محكمة مدينة نصر الجزئية بجلسة 28/2/1998 في القضية رقم 1832 لسنة 1997 مخالفات بتغريم السائق مبلغ خمسون جنيه والمصروفات. وإذا كانت لحراسة الأتوبيس المذكور وقت وقوع الحارس معقودة لهيئة النقل العام باعتبارها صاحبة السيطرة عليه ولم يقم دليل من الأوراق على أن هناك سبباً أجنبياً أدى إلى حدوث الأضرار التي حاقت بعامود الإنارة المشار إليه. فمن ثم تلتزم هيئة النقل العام بالقاهرة بتعويض الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة عما لحقها من ضرر تمثل في قيمته إصلاح عامود الإنارة على أساس التكلفة الفعلية التي بلغت 5240 جنيه بالإضافة على مبلغ 524 جنيه نظير الأعمال الفنية وذلك دون الاعتداد بمبلغ 524 جنيه شملتها المطالبة كمصروفات إدارية أخذاً بما استقر عليه إفتاء الجمعية العمومية في هذا الشأن من أنه لا محل للمطالبة بالمصروفات الإدارية فيما بين الجهات الإدارية بعضها البعض إلا حيث يتعلق الأمر بتقديم خدمات فعلية وهو ما لا يتوافر في الحالة الماثلة – لا ينال مما تقدم القول بعدم صيرورة الحكم الجنائي الصادر بإدانة السائق نهائياً بما يعنى عدم ثبوت الخطأ في جانبه بحكم نهائي ذلك أن مناط المسئولية الشيئية هو ثبوت وقوع الضرر بفعل الشيء محل الحراسة باعتبار أن الضرر الواقع في هذه الحالة يعتبر من قبيل الضرر المفترض الذي لا ينفيه إلا السبب الأجنبي الذي لا يد للحارس فيه.
لذلك انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوح والتشريع إلى إلزام هيئة النقل العام بالقاهرة أداء إلى الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة قيمة التلفيات التي لحقت بعامود الإنارة. “[73]
وأخيرا فتقوم مسؤولية المتبوع على أساس نظرية تحمل التبعة والتي تقوم فكرتها على أساس انه طالما ان المتبوع يستفيد من نشاط التابع فإنه يقع عليه تحمل تبعة هذا النشاط ومائنتي عنه من ضرر يصيب الغير باعتبار ان الغرم بالعنم.
الخاتمة والتوصيات
لقد تناولت في هذه الدراسة شرط قيام علاقة التبعية لتحقق مسؤولية التابع عن إعمال متبوعه وهو الشرط الثاني من شروط قيام مسؤولية المتبوع، وقد تحدثت عنه بشيء من التفصيل مع بيان موقف الشريعة الإسلامية من هذه المسؤولية فتناولت في الفصل التمهيدي شرط وقوع الفعل الضار من التابع حال تأديته لعمله أو بسببه وهذا هو الشرط الأول لتحقق كامل المسؤولية عن التابع وقد تحدثت في هذا الشرط بإيجاز بسيط.
وفي الفصل الثاني تحدثت عن الشرط الثاني وهو شرط قيام علاقة التبعية وتحدثت فيه من خلال أربعة مباحث، بينت في المبحث الأول معنى التابع والمتبوع وعلاقة التبعية وشروط تحققها، وفي المبحث الثاني قمت ببيان أهم أنواع علاقة التبعية وفي الثالث قمت ببيان كيفية إثبات علاقة التبعية وقمت بطرح بعض المسائل والحالات التي قد ترد على علاقة التبعية في المبحث الرابع أما المبحث الخامس والأخير فكان لموقف الشريعة الإسلامية من مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه.
ومن خلال هذه الدراسة البسيطة كان لابد لي من الإشارة إلى بعض المشكلات التي قد تاجه الباحث في هذا المجال والمآخذ على المشرع الأردني
أولا: – قلة الأبحاث والباحثين في هذا المجال وقد يكون السبب عائد إلى كون القانون المدني الأردني حديث المنشأ وأن نصوص القانون التي تنظم هذه المسالة بحاجه إلى تدعيم إذ أنها لم تذكر سوى بالمادة (288) من القانون المدني الأردني.
ثانيا: – قلة الأحكام القضائية الواردة في هذا المجال مع تناقضها في بعض الأحيان مع نصوص القانون ومن ذلك أن كثير من الأحكام القضائية ورد فيها كلمة (الخطأ) رغم ان المشرع الأردني لم يتطرق إلى هذه الكلمة ولم يأخذ بها وأورد في نصوصه لفظ الفعل الضار فكان جدير بمحكمة التمييز الموقرة التأكد من ألفاظها وانتقائها بدقة أكثر.
قرار حديث لمحكمة التمييز الأردنية حول مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع
مسؤولية دائرة الأحوال المدنية عن الأخطاء التي يرتكبها موظفوها …
الحكم رقم 8250 لسنة 2018 – محكمة التمييز بهيئتها العامة..
إذا كانت الهيئة عامة لمحكمة التمييز في قرار النقض قد توصلت الى أن موظفة الأحوال المدنية قد قامت بالتصديق على صورتي هويتي الأحوال المدنية المزورتين اللتين كانتا بحوزة كل من المشتكى عليهما في القضية الجزائية ووضع خاتم دائرة الأحوال المدنية (صورة طبق الأصل) والتي جرى تقديمهما إلى دائرة الأراضي والكاتب العدل لإظهارهما على أنهما يملكان قطعــــة الأرض المباعة بموجب وكالة.
دون أن تقوم بالرجوع إلى السجلات وتتأكد من الصورة الشخصية على الهوية والبيانات الموجودة على صورتي الهويتين ومطابقتهما مع الصور الشخصية والبيانات الموجودة في ملف الأحوال المدنية وفق ما تقتضيه التعليمات والأصول والقانون، وتوصلت وفقا للمادة 288 من القانون المدني إلى مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه وحق الرجوع عليه بالتعويض بصفته مسؤولاً عن أعمال موظفيه وأنه يجب يكون الفعل الضار الذي لحق بالغير كانت نتيجة الأفعال والأخطاء الصادرة عن التابع أو بسببها.
وحيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن موظفة الأحوال المدنية هي التي قامت بالتصديق على صورتي الأحوال المدنية مما حمل المدعيين على دفع ثمن قطعة الأرض وألحق بهما الضرر دون أن يقوم موظف الأحوال المدنية بواجبات الوظيفة وإهماله بعدم الرجوع إلى السجلات والقيود لمطابقة صورتي الهويتين على الأصول الموجودة لديه، كما توصلت محكمة التمييز بهيئتها العامة إلى القول بان إهمال موظف الأحوال المدنية وخطأه ساهم مباشرة مع الفاعلين في حصول الفعل المحقق للضرر بالمدعيين.
وعليه فإن دائرة الأحوال المدنية والجوازات المدعى عليها الأولى تكون مسؤولة عن التعويض عن الضرر الذي يلحقه موظفوها بالآخرين …..). وحيث إن محكمة الاستئناف امتثلت لقرار الهيئة العامة وعملت بموجبه فيكون قرارها موافق للقانون والأصول.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المراجع
الكتب والمؤلفات: –
1- د. السنهوري عبد الرزاق احمد الوسيط في شرح القانون المدني الجديد نظرية الالتزام بوجه عام مصادر الالتزام ج1 دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان بلا سنة نشر.
2- عجاج طلال مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع في القانون المدني اللبناني والأردني دراسة مقارنة بلا ط المؤسسة الحديثة للكتاب طرابلس لبنان 2003.
3- د. عمر محمد الشيخ مسؤولية المتبوع دراسة مقارنة بلا دار نشر بلا موطن 1970.
4- حماد رأفت محمد احمد مسؤولية المتبوع عن انحراف (خطأ) تابعه بل ط دار النهضة العربية القاهرة بلا سنة نشر.
5- حمزة محمود جلال العمل غير المشروع باعتباره مصدرا للالتزام القواعد العامة دراسة مقارنة بلا دار نشر بلا موطن بلا ط 1985.
6- الزرقا مصطفى احمد الفعل الضار والضمان فيه ط1 دار العلم للطباعة والنشر دمشق 1988.
7- د. السرحان عدنان إبراهيم – د. خاطر نوري احمد شرح القانون المدني مصادر الحقوق الشخصية الالتزامات دراسة مقارنة ط1 دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن 2009.
8- المحامي مدغمش جمال شرح القانون المدني الفعل الضار ط2 بلا دار نشر بلا موطن 2002.
9- أبو حسن ربيع ناجح راجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني دراسة مقارنة (رسالة ماجستير غير منشوره) جامعة النجاح الوطنية نابلس فلسطين 2008.
10- مجلة نقابة المحامين الأردنيين.
القوانين وقرارات المحاكم: –
1- القانون المدني الأردني
2- مجلة الأحكام العدلية
3- قرارات محكمة التمييز الأردنية.
الهوامش
[1][1] انظر –محمود حمزة- العمل غير المشروع باعتباره مصدرا ً للالتزام – دون طبعه – دون دار نشر – 1985ص184.
[2] محمود حمزه – العمل غير المشروع باعتباره مصدر للالتزام مرجع سابق ص 185-186.
[3] عبد الرزاق السنهوري – الوسيط في القانون المدني الجديد – ج 1 – مرجع سابق ص 1017-1018.
[4] د. عدنان السلطان – د. فوزي خاطر, شرح القانون المدني, مصادر الحقوق الشخصي, الالتزامات ودار الثقافة, عمان, الأردن 2009 ص 502.
[5] انظر عبد الرزاق السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – ج1, مرجع سابق ص1015-1016
[6] عجاج طلال مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه مرجع سابق ص 96
[7] عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ج 1 مرجع سابق ص 1017
[8] قرار محكمة التمييز الأردنية حقوق رقم 1215 /2008 فصل 30/6/2008 منشورات مركز عدالة
[9] عجاج طلال مسؤولية التابع عن أعمال متبوعة مرجع سابق ص 97
[10] عبد الرزاق السنهوري, الوسيط في شرح القانون المدني الجديد مرجع سابق ص 1022
[11] عبد الرزاق السنهوري, الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ج 1, مرجع سابق ص 1022
[12] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني
[13] محمود حمزه, العمل غير المشروع باعتباره مصدرا للالتزام, مرجع سابق ص 179
[14] محمود حمزه, العمل غير المشروع باعتباره مصدراً للالتزام, مرجع سابق ص 179-180
[15] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 74
[16] المرجع السابق ص 74
[17] المرجع السابق ص 75
[18] محمد الشيخ عمر, مسؤولية المتبوع – مرجع سابق – فقرة 171 ص 220
[19] محمود حمزه, العمل غير المشروع باعتباره مصدرا ً للالتزام, مرجع سابق ص 180
[20] محمد الشيخ عمر, مسؤولية المتبوع, مرجع سابق ص223
[21] المرجع السابق ص 225
[22]المرجع السابق ص 227
[23] محمد الشيخ عمر, مسؤولية المتبوع, مرجع سابق ص 227
[24] المرجع السابق ص 227
[25] حماد رأفت مسؤولية المتبوع عن انحراف (خطأ) تابعه ص 57
[26] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه مرجع سابق ص 76
[27] أنظر عبد الرزاق السنهوري, الوجيز في شرح القانون المدني الجديد, ج 1, مرجع سابق, ص 1022
[28] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 81
[29] عجاج طلال, مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع, مرجع سابق ص 105
[31]أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل التابع في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 81
[32] عجاج طلال, مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع, مرجع سابق, ص 105/106
[33] عبد الرزاق السنهوري, الوسيط في شرح القانون المدني الجديد, مرجع سابق, ص1022
[34] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل التابع في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 83
[35] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني ص 83
[36] محمد الشيخ عمر, مسؤولية المتبوع, مرجع سابق, ص 235 /236.
[37] قرار محكمة التمييز الأردنية /حقوق /رقم 1757 /2005, فصل 19/12/2005 هـ. خماسية. منشورات مركز عدالة.
[38] عجاج طلال, مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع, مرجع سابق, ص 106
[39] أنظر, عجاج طلال, مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع, مرجع سابق ص 106
[40] محمد الشيخ عمر, مسؤولية المتبوع, مرجع ابق, ص 279, 281
[41] قرار محكمة التمييز الأردنية /حقوق رقم 1996/2000 تاريخ 24/12/2000 هـ. خمايسة منشورات مركز عدالة
[42] انظر مصطفى احمد الزرقا الفعل الضار والضمان فيه ط1 دار القلم دمشق 1988 ص 17
[43] انظر طلال عجاج / مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه مرجع سابق ص 27
[44] سورة الأنعام (146) وقد ورد لفظ “ولا تزر وازرة وزر أخرى ” في عدة سور الإسراء (25) فاطر (18) الزمر (7) النجم (27)
[45] سورة المدثر (38)
[46] سورة البقرة (286)
[47] سورة يوسف (78-79)
[48] طلال عجاج مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة مرجع سابق ص 27
[49] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 51
[50] عجاج طلال مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة مرجع سابق ص 28
[51] الدكتور محمد الشيخ عمر مسؤوليّة المتبوع مرجع سابق ص 20-22
[52] المحامي جمال مدغمش شرح القانون المدني – الفعل الضار – دون طبعه – دون دار نشر – دون موطن – 2002 ص 214
[53] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 52
[54] عجاج طلال مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة مرجع سابق ص 29
[55] المرجع سابق ص 30
[56] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 53
[57] المرجع السابق ص 54
[58] طلال عجاج مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة مرجع سابق ص 30
[59] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 54
[60] رأفت حماد مسؤولية المتبوع عن انحراف (خطأ) تابعه مرجع سابق ص 39
[61] طلال عجاج مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة مرجع سابق ص 30-31
[62] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 54
[63] حماد رأفت مسؤولية المتبوع عن انحراف (خطأ) تابعه مرجع سابق ص 30-31
[64] المرجع سابق ص 30
[65] عجاج طلال مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة مرجع سابق ص 32
[66] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 56
[67] المرجع السابق ص 56
[68][68][68] طلال عجاج مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة مرجع سابق ص 35
[69] طلال عجاج مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة مرجع سابق ص 36
[70] أبو حسن ربيع ناجح مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني مرجع سابق ص 58
[71] المرجع السابق 58
[72] طلال عجاج مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة مرجع سابق ص 38