قال الله سبحانه وتعالى” ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا، وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم” صدق الله العظيم.
ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل، ويتطور عقل الإنسان مع المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان، إلا أنه قد يمر الإنسان بفترات من حياته يكون بحاجة فيها إلى من يرعاه ويدير شؤونه المالية، فيمنع من كل تصرف ضاراً ضرراً محضاً ويجاز له كل تصرف يحقق له النفع المحض وكل تصرف يدور بين النفع والضرر موقوف على إجازة من له حق الولاية عليه، وسنتعرف على مفهوم الحجر في هذا المقال بشكل أكثر.
مفهوم الحجر
إن الحجر ما هو إلا سلب لإرادة الإنسان ومنعه من فعل كل ما لا يليق أو يضر، والحجر يقع على ما يصدر من المحجور عليه من أقوال لا أفعال لأن الفعل إذا وقع لا يمكن رده.
أسباب الحجر
صغر السن، الجنون، العته، السفه، الغفلة، الدين.
الحجر على من تتوافر فيه أسباب الحجر
سنداً لنص المادة (127) من القانون المدني والذي جاء فيها “الصغير والمجنون والمعتوه محجورون لذاتهم
أما السفيه وذو الغفلة فتحجر عليهما المحكمة وترفع الحجر عنهم وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في القانون.
الحكمة من مشروعية الحجر
ما من أمر جاء به الدين الإسلامي إلا لكن فيه حكمة وأن كان ظاهره يدل على السوء إلا أن الخير يكمن فيه، فالحجر ما كان مشروعاً إلا لأنه جاء ليحافظ على أموال المحجور عليهم وعلى عدم ضياعه، وأيضا للمحافظة على أموال الغير.
مدى صحة تصرفات المحجور عليهم
تصرفات المحجور عليهم قبل وقوع الحجر نافذه وصحيحة، أما بعد الحجر
الصغير غير المميز، والمجنون جنون مطبق
بالنسبة للصغير غير المميز والمجنون جنون مطبق فعقودهم كلها باطلة وهذا يتعلق بتصرفات الصغير غير المميز والذي لم يبلغ السابعة من عمره والمجنون جنون مطبق لا يفيق منه، فلا يصح بيعهم وشراؤهم وإيجارهم ورهنهم وأقوالهم كلها لا يعتد بها، ولا يعتبر إقرارهم بدين عليهم لغيرهم ولا إبراؤهم من الدين وأفعالهم في المعاملات باطله، سنداً للقانون المدني والذي جاء في نصوصه في المادة (117) ” ليس للصغير غير المميز حق التصرف في ماله وتكون جميع تصرفاته باطله “.
أما المعتوه والسفيه والمجنون جنون غير مطبق
فتصرفاتهم في حكم الصغير المميز، فالمعتوه هو من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم كالمجانين، والمجنون غير المطبق فتصرفاته في حال إفاقته كتصرف العاقل، والسفيه هو المبذر لأمواله الذي هو الذي يصرف ماله في غير موضعه، فحكمه حكم الصغير المميز في التصرفات فإن كانت فإن كانت تصرفاته ضارة ضرراً محضاً فلا تنفذ وإن كانت نافعة نفعاً محضاً فتنفذ وان كانت دائرة بين النفع والضرر فموقوفة على إجازة وليه أو وصيه ” ، ومثال على التصرفات النافعة نفعاً محضاً قبول الهبة .
متى يرفع الحجر عن المحجور عليه الصغير، والمجنون، والسفيه، والمعتوه ؟
متى زال سبب الحجر رُفع الحجر عن المحجور عليه، فالصغير حتى يبلغ سن الرشد إذا لم يكن مصاب بسبب من أسباب الحجر الأخرى كالجنون، والمجنون متى شُفي من جنونه، والسفيه متى ظهر رشده وحكمته في إدارة أموره.
دعوى الحجر
أن الحجر قرار خطير بفقد فيه الشخص الحق في التصرف في إدارة أمواله وشؤونه ، لذلك لا بد من إثباته ، وحتى تصدر المحكمة الشرعية حكماً بالحجر أو رفعه فإنها تعتمد على سائر وسائل الإثبات الشرعية والقانونية كما تعتمد على خبرة الطبيب، وشهادة الشهود ، فإذا كان المطلوب الحجر عليه مجنون أو معتوه لا بد أن يرفق في دعوى الحجر تقرير طبيبي من طبيب مختص مؤيد شهادتها أمام المحكمة ، فإذا اقتنعت المحكمة بتقرير الطبيب المؤيد بشهادته تعلن المحكمة ثبوت الحجر على المدعى عليه ، ولا يشترط حضور من أريد حجره من طرف المحكمة ويصح حجرهما غيابا ولكن يجب وصول خبر الحجر إلى المحجور ولا يكون محجورا إذا لم يصل إليه حجره ، سنداً لنص المادة (127/3) والذي جاء فيه “يبلغ قرار الحجر للمحجور ويعلن للناس سببه ….” ، ويكون حكم المحكمة قابلاً للاستئناف .
حُكم المحكمة في دعوى الحجر
تصدر بعض المحاكم الشرعية أحكامها بإلقاء الحجر لأي سبب من أسبابه بعد ثبوت موجبه بطرق مختلفة ، فبعض المحاكم الشرعية الابتدائية تصدر حكمها بثبوت موجب الحجر وبأن المحجور عليه محجور لذاته وتصرفاته القولية غير نافذة وتكتفي بذلك ، وبعض المحاكم تصدر حكمها بثبوت موجب الحجر وبأن المحجور عليه محجور لذاته وتصرفاته القولية غير نافذة وتنهي وصاية الوصي المؤقت الذي أقيم للمخاصمة عن المطلوب إلقاء الحجر عليه ، وبعضها تصدر حكمها بثبوت موجب الحجر وبأن المحجور عليه محجور لذاته وتصرفاته القولية غير نافذة وغير معتبرة وتنهي وصاية الوصي المؤقت الذي أقيم للمخاصمة في هذه الدعوى وتثبت وألية جدا إن وجد أو وجد وصي من قبله فإن لم يوجد تحققت من قدرة و أمانة من يستطيع أبا أو الولي إدارة شؤون من يثبت عليه الحجر بما يحقق النفع والمصلحة لجهته .
إعلان الحجر
يشترط لإعلان الحجر بسبب السفه أو العته بيان سببه للناس وذلك حتى يعلم الغير بذلك ويكون على بينة من الوضعية القانونية للمعني بالأمر عند إرادة التعاقد معه، وتحديد وسائل الإشهار أسندها القانون إلى المحكمة التي عليها أن تحددها حسب أهمية كل قضية حيث قد يكتفي بتعليق الحكم في لوحة المحكمة وقد يعلق في أماكن متعددة وينشر في الجرائد وغير ذلك ن وسائل الإشهار.
الدين سبب من أسباب الحجر
أن انشغال ذمة المدين بالديون مع قدرته المالية على السداد وامتناعه عن ذلك سبباً يدعو الدائنين إلى رفع دعوى حجر على المدين ، وذلك خوفاً من تهريب أمواله أو إضاعتها ، فإذا ثبت للمحكمة أن المدين لديه القدرة المالية لسداد ديونه لكنه ممتنع عن السداد تصدر قراراً بالحجر على مال المدين ويمنع من التصرف فيها ويترك للمدين ما يحتاج اليه من ثياب ونفقه وسكنى وحاجات ضرورية لأن حاجاته الأصلية مقدمه على حقوق الدائنين ، ويترك من ماله ما يقوم بنفقه زوجته وأولاده ومن تجب عليه نفقتهم ، وباقي أمواله النقدية أن وجدت تقسم بين الدائنين والعينية تباع بأمر من المحكمة وتقسم بين باقي الدائنين حسب القانون ، والحجر على المدين ينفذ على المال الذي كان قائما وقت الحجر فإذا تملك مال بعد ذلك لم يشمله الحجر وتنفذ فيه تصرفاته .
——————————————————————————————
قوانين أردنية مهمة
