هل يمتنع على رئيس الوزراء بمقتضى أحكام الدستور استرداد مشروع قانون سبق له وأحاله الى مجلس النواب سواء كان المجلس منعقدا أو منحلا ؟
بناء على قرار مجلس الوزراء الذي اتخذه في جلسته التي عقدها بتاريخ 2001/8/14 اجتمع المجلس العالي في مبنى مجلس الأمة ، لتفسير أحكام الدستور وبيان ما يلي :
” في ضوء نص الفقرة ( ب ) من المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب ، هل يمتنع على رئيس الوزراء بمقتضى أحكام الدستور استرداد مشروع قانون سبق له وأحاله الى مجلس النواب سواء كان المجلس منعقدا أو منحلا ؟ .
وبعد الاطلاع على كتاب دولة رئيس الوزراء
رقم د 12144/1 تاريخ 30 جمادى الأولى 1422 هـ الموافق 2001/8/19 ، وتدقيق النصوص الدستورية المتعلقة بعملية التشريع وهي المواد ( 91 ) ، ( 92 ) و ( 93 ) و ( 94 ) و ( 95 ) من الدستور ، نجد إن هذه المواد لم تتعرض لمسالة استرداد مشروع القانون الذي يحيله رئيس الوزراء على مجلس النواب بموجب المادة ( 91 ) من الدستور .
وللإجابة عن سؤال مجلس الوزراء وأمام عدم تعرض الدستور لهذه المسالة ، يتعين على المجلس العالي إن يتحرى بيان حكم الإجابة عن طريق المبادئ الدستورية العامة وقرارات المجلس العالي لتفسير الدستور ومنها القرار رقم ( 1 ) لسنة 1955 الذي ورد فيه :
” …. إن الدستور جعل القانون في هذه المملكة ثمرة عمليات ثلاث مجتمعة ومتكاملة وهي :
أ . تقديم المشروع من رئيس الوزراء الى مجلس الأمة .
ب. موافقة مجلس الأمة على المشروع .
ج. تصديق جلالة الملك عليه .
ولا يمكن إن يعتبر أي عمل من هذه الأعمال الثلاثة بمفرده هو التشريع ، وإنما التشريع هو ثلاثتها معا ومجتمعة .
ومنها كذلك القرار رقم ( 2 ) لسنة 1990 الذي ورد فيه :
” نجد انه من المتفق عليه حسب قواعد الفقه الدستوري إن العرف الدستوري يصلح أساسا لتفسير النصوص الغامضة في الدستور أو التي تحتمل التأويل . “
بالنسبة للمبادئ الدستورية العامة
وعلى ضوء نصوص المواد الدستورية ( 91-95 ) المتعلقة بعملية التشريع التي جعلت هذه العملية في المملكة منوطة بإرادة اطراف العملية التشريعية الثلاث ( مجلس الوزراء ومجلس الأمة وجلالة الملك ) فان ما ينبني على ذلك انه اذا طلب رئيس الوزراء استرداد أي مشروع قانون من مجلس النواب ، فان ذلك من حقه .
إما بالنسبة للعرف الدستوري ، فقد قامت الحكومات المتعاقبة ومنذ صدور الدستور عام 1952 باسترداد مشاريع قوانين سبق وان أحالتها على مجلس النواب ، وهذه الممارسة أصبحت عرفا دستوريا مستقرا .
إما بخصوص الفقرة ( ب ) من المادة (65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 1996 ونصها :
” يجوز لمجلس الوزراء استرداد مشروع القانون قبل التصويت على أحالته للجنة المختصة “
أي إن الحالة الوحيدة التي يجيز فيها النظام الداخلي لمجلس النواب استرداد مشروع القانون هي ما نصت عليه أحكام الفقرة ( ب ) من المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب دون غيرها ، أننا نرى إن حكم هذه الفقرة مخالف لأحكام المادة ( 83 ) من الدستور التي صدر النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 1996 بالاستناد اليها والتي أعطت لكل من المجلسين ( الأعيان والنواب ) الحق بان يضع انظمة داخلية لضبط وتنظيم إجراءاته دون غيرها من أحكام موضوعية ، على إن تعرض تلك الأنظمة على جلالة الملك للتصديق عليها .
المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب
والحكم الذي نصت عليه الفقرة ( ب ) من المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب هو حكم موضوعي ليس من قبيل ضبط وتنظيم إجراءات المجلس التي أجازت المادة ( 83 ) إصدار نظام بشأنها ، وتكون والحالة هذه قد أوردت حكما ليس له سند من الدستور وإنما أوردت قيدا على مجلس الوزراء في استرداد أي مشروع قانون أحاله رئيس الوزراء على مجلس النواب وفقا لأحكام المادة ( 61 ) من الدستور المنظمة لعلاقة السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية فيما يتعلق بكيفية إصدار القوانين .
وبالتالي فانه لا يعمل بما ورد في الفقرة ( ب ) من المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب لمخالفتها للدستور .
وعليه ، وباستبعاد الأخذ بما نصت عليه الفقرة ( ب ) من المادة ( 65 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب من حكم ، واستناد الى ما سبقت الإشارة اليه في هذا القرار ، نجد انه لا يمتنع على رئيس الوزراء استرداد مشروع قانون سبق له وان أحاله على مجلس النواب ، يستوي في ذلك إن يكون مجلس النواب منعقدا أو منحلا .
هذا ما نقرره بالأجماع بشان التفسير المطلوب .
صدر في يوم الثلاثاء التاسع من جمادى الثانية 1422 هـ
الموافق للثامن والعشرين من أب 2001 م .