اجتمع المجلس العالي لتفسير الدستور للنظر في الطلب الوارد من معالي رئيس مجلس النواب بكتابه رقم 156/2/15/3 تاريخ 1999/1/30 والمتضمن إن مجلس النواب الثالث عشر قرر في جلسته الثالثة عشرة من الدورة العادية الثانية المنعقدة بتاريخ 1999/1/24 توجيه السؤال التالي للمجلس العالي لتفسير الدستور ” هل تجيز أحكام الدستور لمجلس النواب عند إعادة مشروع القانون معدلاً من مجلس الأعيان إن يقدم اقتراحات جديدة على المواد المختلف عليها أم يجب عليه إن يصر على قراره السابق أو يؤيد قرار مجلس الأعيان ” .
وبعد الاطلاع على الكتاب المشار اليه والمداولة تبين لنا انه سبق للمجلس العالي لتفسير الدستور بالقرار 55/1 الصادر بتاريخ 1955/1/4 إن فسر وحدد مدلول كلمة التعديل الواردة في المادة 91 من الدستور التي تنص ” يعرض رئيس الوزراء مشروع كل قانون على مجلس النواب الذي له حق قبول المشروع أو تعديله أو رفضه وفي جميع الحالات يرفع المشروع الى مجلس الأعيان ولا يصدر قانون إلا اذا افره المجلسان وصدق عليه الملك ” . وقد بين هذا التفسير إن التعديل المقصود بنص المادة 91 هذه ينحصر في حدود أحكام مشروع القانون وأهدافه ومراميه سواء أكان ذلك التعديل بالزيادة أو النقصان .
بمعنى إن المجلس حدد مدلول كلمة التعديل الواردة في نص المادة 91 بانه التعديل الذي لا يتضمن إضافة أحكام جديدة لا صلة لها بموضوع المشروع أو الهدف الذي وضع من اقله وقد علل المجلس هذا الأمر بانه اذا أجيز لمجلس النواب وضع مثل هذه الأحكام والمعاني الجديدة عن طريق التعديل في المشروع فانه يترتب على ذلك مخالفة للدستور الذي حدد المادة 91 منه المراحل التي يمر فيها مشروع القانون بحيث يجب عرضه من قبل رئيس الوزراء على مجلس النواب ثم يرفع الى مجلس الأعيان ثم يقترن بالإرادة الملكية السامية فاذا اعطي الحق لمجلس النواب إن يضيف للمشروع المقدم من الحكومة أحكاما جديدة لا صلة لها بموضوع المشروع فان ذلك يعني وقوع مخالفة لأحكام الدستور .
يستفاد مما تقدم إن المجلس العالي قد حدد بالقرار المشار اليه مدلولاً محدداً لمعنى التعديل الذي يحق لمجلس النواب إدخاله على المشروع سواء عند قبول مجلس النواب للمشروع كما قدم من الحكومة أو عند ممارسة حقه بأجراء التعديل ضمن الحدود المبينة بقرار التفسير إذ انه بذلك يكون قد استعمل حقه واستنفد ولايته بإحالته الى مجلس الأعيان وبهذا يكون ملزماً بما قرره وعند وصول المشروع الى مجلس الأعيان يمارس هذا المجلس حقه كاملاً في بحث المشروع فله الموافقة عليه كما ورد من مجلس النواب أو إجراء اي تعديل عليه أو رده وفي هاتين الحالتين الأخيرتين يعاد المشروع الى مجلس النواب الذي عليه إما إن يوافق على المشروع كما ورد من مجلس الأعيان أو يصر على قراره الأول . وعليه فلا يجوز له إن يعيد البحث في المواد التي سبق وان وافق أو ابدى رايه فيها . لان إجازة إجراء تعديلات جديدة على المشروع من قبل مجلس النواب بعد إن بين مجلس الأعيان رايه في المشروع يترتب عليه أغفال أعمال المادة 92 التي بينت انه إذ رفض احد المجلسين مشروع اي قانون مرتين وقبله المجلس الأخر معدلاً أو غير معدل يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة .
وعليه نني انه لا يجوز لمجلس النواب إن يقوم بأجراء تعديلات جديدة على مشروع القانون الذي سبق وان وافق عليه وذلك بعد أعادته من مجلس الأعيان وإنما يقتصر دوره إما الموافقة على ما ورد من مجلس الأعيان أو الإصرار على قراره الأول .
وفي حالة إصرار مجلس النواب على رايه يعاد المشروع الى مجلس الأعيان الذي له حق الموافقة على ما ورد بقرار النواب أو الإصرار على قراره السابق وفي هذه الحالة تطبق المادة 92 من الدستور .
وان هذه النتيجة التي وصلنا اليها تتفق مع ما جرى عليه العمل خلال سريان أحكام الدستور في تطبيق المادتين 91،92 من الدستور ومع النسق الدستوري المقرر لإقرار مشاريع القوانين .
وعليه نرى إن المادتين 91 ، 92 من الدستور لا تجيزان لمجلس النواب عند إعادة مشروع القانون اليه معدلاً من مجلس الأعيان إن يقدم اقتراحات جديدة على المواد المختلف عليها وبالضرورة غيرها وينحصر حقه إما بالموافقة على ما ورد بقرار مجلس الأعيان أو الإصرار على رايه السابق .
وهذا ما نقرره بالأجماع بخصوص التفسير المطلوب .
قرارا صدر عن المجلس العالي لتفسير الدستور بتاريخ 1999/4/13