التجارة هي عصب الحياة في أي مجتمع، وتعتبر المصدر الأول لجلب المال والنهضة في أي مجتمع؛ لذلك وفي سبيل المحافظة على قيام التجارة ومصالح التجار، ولكون من الجائز أن يتعثر أي تاجر -لأي سبب- عن الوفاء بالتزاماته التجارية؛ فأنشأ المشرع نظام الإفلاس، الذي يهدف إلى تقوية الائتمان ودعم الثقة في المعاملات المالية، وذلك بمجموعة من القواعد والإجراءات لحماية مصالح الدائنين وصيانة حقوقهم، إذ يؤدي نظام شهر الإفلاس إلى تصفية أموال التاجر المفلس وتقسيمها بقسمة غرماء بين الدائنين، ويعد شهر الإفلاس من الأحكام الخطيرة التي تصدر من القضاء، حيث إنه يُمثل إنهاءً للحياة التجارية للتاجر المفلس؛ لذا سوف نتناول مفهوم الإفلاس في القانون الأردني، خصائصه، شروطه، والآثار المترتبة عليه، وذلك من خلال العناصر الرئيسية الآتية:
أولًا: مفهوم الإفلاس في القانون الأردني
ثانيًا: ماهية خصائص نظام شهر الإفلاس
ثالثًا: شروط شهر الإفلاس في القانون الأردني
رابعًا: ماهية حالات شهر الإفلاس في القانون الأردني
خامسًا: آليات الفصل في دعوى شهر الإفلاس في القانون الأردني
سادسًا: ماهية الآثار المترتبة على شهر الإفلاس
سابعًا: إجراءات الإفلاس في القانون الأردني
ثامنًا: السوابق القضائية المتعلقة بشهر الإفلاس في القانون الأردني
وسوف نتناول شرح تفصيلي لكلًا من العناصر الرئيسية السابقة فيما يلي:
أولًا: مفهوم الإفلاس في القانون الأردني
لقد عرفت (المادة 316) من قانون التجارة الأردني حالة الإفلاس بما يلي:” يعتبر في حالة إفلاس كل تاجر يتوقف عن دفع ديونه التجارية، وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية إلا بوسائل يظهر بجلاء أنها غير مشروعة”.
ويتضح من نص المادة السابقة أن هذا النظام خاص بالتجار دون غيرهم؛ فلا يخضع له إلا المدين التاجر، وأن الإفلاس يظهر إذا توقف التاجر عن دفع ديونه، والديون التي تجعل المدين التاجر في حالة إفلاس -إذا توقف عن دفعها- هي الديون التجارية، أما التوقف عن دفع الديون المدنية؛ فلا تجعله مفلس، وأن من حالات الإفلاس في القانون الأردني ألا يدعم التاجر الثقة المالية به، وأن الوسائل غير المشروعة التي تدعم الثقة بالتاجر لا عبرة لها.
ثانيًا: ماهية خصائص نظام شهر الإفلاس
يتسم نظام شهر الإفلاس بمجموعة من الخصائص على النحو الآتي:
١- شهر الإفلاس نظام خاص بالتجار:
إن شهر الإفلاس نظام خاص بالتجار، ولا يخضع غير التجار لنظام الإفلاس، ويرجع سبب عدم خضوع غير التجار إلى أحكام الإفلاس إلى أن عدم وفاء غير التاجر بديونه في مواعيد استحقاقها قد يضر بالمصالح الخاصة لدائنه فقط؛ وبالتالي لا يؤثر بالضرورة في الوضع الاقتصادي العام؛ مما لا يمس كثيرًا المصلحة العامة، أما توقف أحد التجار عن الوفاء بديونه التجارية في مواعيد استحقاقها؛ فإنه يمثل أزمة بالنسبة للتجار، ويصيبهم بضرر بالغ؛ وبالتالي يمس المصلحة العامة.
٢- شهر الإفلاس إجراء قضائي:
إن شهر الإفلاس يُعد إجراءً قضائيًّا، ويرجع ذلك إلى أن شهر إفلاس التاجر المدين لا يكون إلا بحكم قضائي، ولا يترتب على التوقف عن دفع الديون قبل صدور هذا الحكم أي أثر ما لم ينص القانون على غير ذلك؛ وبالتالي فلا تنشأ حالة الإفلاس إلا بحكم قضائي، كما تخضع إجراءات التفليسة لرقابة محكمة البداية، كما يُعد الإفلاس إجراء من إجراءات الحجز على أموال المدين، غير أن الحجز هنا يقع على جميع أموال المفلس التي يملكها عند صدور حكم الإفلاس، أو في أثناء سير التفليسة.
“كما يعد حكم الإفلاس كاشفًا ومنشئًا في نفس الوقت، إذ إنه يُقرر أو يكشف حالة وقوف التاجر عن دفع الديون التجارية المستحقة، وهي الحالة التي يستند إليها صدور الحكم نفسه، كما أن حكم الإفلاس بتقريره لهذه الحالة ينشئ حالة جديدة تتمثل بالتصفية الجماعية وغل يد المدين، وحرمانه من حقوقه، ووقف الدعاوى والإجراءات الفردية”([1]).
3- سرعة الإجراءات:
حيث بذل المشرع جهدًا كبيرًا للوصول بالتفليسة إلى نهايتها في أسرع وقت مستطاع، فاختصر مواعيد الطعن في حكم الإفلاس وشمل الحكم بالنفاذ المعجل.
ثالثًا: شروط شهر الإفلاس في القانون الأردني
لا بد من توافر شروط معينة، منها شروط شكلية، ومنها شروط موضوعية؛ لشهر حكم الإفلاس، وذلك على النحو الآتي:
١- الشروط الشكلية:
لا بد من توافر شروط شكلية لشهر حكم الإفلاس، والتي تتمثل في رفع الدعوى، حيث لا يمكن شهر الإفلاس بمجرد التوقف عن الدفع، بل يتعين إقامة دعوى أمام محكمة البداية باعتبارها المحكمة المختصة بدعاوي الإفلاس بغض النظر عن قيمتها، وتُقام الدعوى أمام محكمة البداية التي يقع بدائرتها المركز الرئيسي للشركة التجارية، باعتبارها هي الأقدر على معرفة مركز التاجر وجرد أمواله التي توجد في مركز نشاطه التجاري، وذلك وفقًا لنص (المادة ٣١٧) من القانون التجاري الأردني على أنه: “يشهر الإفلاس بحكم من محكمة البداية التي يوجد في منطقتها المركز الرئيسي للمؤسسة التجارية”.
٢- الشروط الموضوعية:
لا بد من توافر شروط موضوعية لشهر حكم الإفلاس على النحو الآتي:
- صفة التاجر:
المدين المفلس يجب أن يكون تاجرًا، فنظام الإفلاس نظام خاص بالتجار دون غيرهم؛ فلا يخضع له إلا المدين التاجر، ولقد نصت الفقرة الأولى من (المادة ٩) من قانون التجارة الأردني على أنه:” ١-التجار هم: أ – الأشخاص الذين تكون مهنتهم القيام بأعمال تجارية. ب- الشركات التي يكون موضوعها تجاريًا”.
ويتضح من نص المادة السابقة أن التاجر هو كل من اشتغل بالمعاملات التجارية واتخذها حرفةً معتادةً، ويكون تاجرًا كل من زاول على وجه الاحتراف باسمه ولحسابه عملًا تجاريًّا، وكان أهلًا لممارسة الأعمال التجارية، فلا يجوز شهر إفلاس القاصر أو المحجوز عليه إلا إذا أذنت له المحكمة بالاتجار، فهو كامل الأهلية بالنسبة لما أذنت له المحكمة بمباشرته، واكتسب صفة التاجر وجاز شهر إفلاسه، ويعد تاجرًا أيضًا كل شركة يكون غرضها مزاولة أحد الأعمال التجارية التي حددها قانون التجارة، ولا يلزم أن تكون التجارة هي الحرفة الوحيدة للشخص حتى يكون تاجرًا، ولا يجوز شهر إفلاس شركة محاصة تجارية؛ لأنها لا تتمتع بشخصية مستقلة غير أنه يجوز شهر إفلاس المدين الذي يباشر بنفسه عملًا تجاريًا.
“ويجوز إفلاس الشركة التجارية الصحيحة كما يجوز تفليس الشركة التي يُحكم بإبطالها متى ترتب على هذا الإبطال خلق شركة واقعية” ([2]). وإذا ثار نزاع حول ثبوت صفة التاجر؛ فإنه يقع عبء إثبات هذه الصفة على من يدعيها، وله أن يسلك في سبيل ذلك جميع طرق الإثبات، ويجب على المحكمة أن تتأكد من أن المدين المطلوب شهر إفلاسه تاجرًا، ولا يُعتبر القيد في السجل التجاري حُجةً على اكتساب الشخص صفة التاجر إذا لم يُباشر الأعمال التجارية على سبيل الاحتراف.
- التوقف عن الدفع:
لقد نصت (المادة 316) من قانون التجارة الأردني على أنه: “يُعتبر في حالة إفلاس كل تاجر يتوقف عن دفع ديونه التجارية، وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية إلا بوسائل يظهر بجلاء أنها غير مشروعة”.
ويتبين من نص المادة السابقة أنه من ضمن شروط شهر إفلاس التاجر، أن يتوقف التاجر عن دفع ديونه التجارية، فالتوقف عن الدفع هو نظام خاص بالقانون التجاري، فإذا عجز التاجر عن الوفاء بديونه التجارية في تواريخ استحقاقها، يُعتبر متوقف عن الدفع بغض النظر أن تكون أصول ذمته المالية تتجاوز ديونه، فقد يكون للتاجر عقارات يصعب بيعها، أو له حقوق بذمة الغير، بحيث تكون هذه الأصول أكثر من ديونه، غير أنه توقف عن دفع ديونه التجارية.
ويشترط أن يكون الدين حالًا وخاليًا من النزاع، ويجب أن يكون سبب التوقف عن الدفع يكشف عن اضطراب المركز المالي للتاجر وفقد ائتمانه التجاري، فمجرد التوقف عن الدفع لا يعتبر مبررًا في حد ذاته للحكم بالإفلاس، وتستقل محكمة الموضوع بتقديرها، باعتبارها من مسائل الموضوع، حيث يكون لها سلطة استخلاص التوقف عن الدفع.
رابعًا: ماهية حالات شهر الإفلاس في القانون الأردني
سوف نتعرف على حالات شهر الإفلاس وفقًا للقانون الأردني، حيث يُشهَر إفلاس التاجر بناءً على طلبه أو طلب أحد الدائنين أو النيابة العامة، ويجوز للمحكمة أن تقضى بشهر الإفلاس من تلقاء ذاتها.
١- شهر الإفلاس بناءً على طلب المدين:
لقد نصت (المادة ٣١٨) من القانون التجاري الأردني على أنه: “1- يجوز أن ترفع القضية إلى المحكمة من التاجر نفسه.
2- ويجب عليه أن يقدمها خلال عشرين يومًا من تاريخ توقفه عن الدفع تحت طائلة إدانته بجنحة الإفلاس التقصيري.
3- وعليه أن يودع في الوقت نفسه ميزانية مفصلة يصدق على مطابقتها لحالة موجوداته والديون المطلوبة منه”، ويتبين من نص المادة المذكورة أن للمدين الحق بأن يتقدم لدى المحكمة بطلب شهر إفلاسه إذا اضطربت أعماله التجارية وتوقف عن دفع ديونه التجارية، وذلك باعتبار أن المدين هو أعلم الناس بحالته التجارية، وحقيقة وضعه المالي، ويجب على المدين تقديم طلب شهر الإفلاس خلال عشرين يومًا من تاريخ توقفه عن الدفع تحت طائلة إدانته بجنحة الإفلاس التقصيري، وأن يرفق ميزانية مفصلة يُصدِق على مطابقتها لحالة موجوداته والديون المطلوبة، أي يذكر ما لديه من أموال منقولة وأموال ثابتة، وماله من ديون، ويحق لوكيل التفليسة التحري فيما إذا كان للمفلس أموالًا لم يتم ذكرها في الميزانية.
وللمحكمة إذا ما تحققت من شروط شهر الإفلاس، وأن التاجر متوقف عن الدفع أن تقضي بشهر الإفلاس، وإذا تبين لها غير ذلك، فلها أن تقضي برد طلب شهر الإفلاس.
٢- شهر الإفلاس بناءً على طلب الدائن:
لقد نصت (المادة ٣١٩) من القانون التجاري الأردني على أنه: “1- يجوز أن ترفع القضية إلى المحكمة بلائحة يقدمها دائن أو عدة دائنين”
يتضح من نص المادة السابقة أن للدائن الحق في أن يتقدم بطلب شهر إفلاس مدينه إذا توقف عن دفع ديونه التجارية غير المتنازع فيها، سواء كان دائن بدين عادي أو ممتاز أو مضمون برهن، ويجوز لكل دائن أن يطلب شهر إفلاس مدينه التاجر، ويجوز تقديم طلب شهر الإفلاس إلى المحكمة من جميع الدائنين أو بعضهم، ويجوز للدائن أن يطلب شهر إفلاس مدينه أيًا كانت قيمة دينه، أي حتى ولو كانت قيمة دينه ضئيلة. “ويجب على الدائن أن يثبت أن المدعي عليه تاجر ومتوقف عن دفع ديونه التجارية”([3]).
٣- إشهار الإفلاس بناءً على طلب النيابة العامة:
يجوز للنيابة العامة أن تطلب شهر الإفلاس المدين، وذلك عند وقوع جريمة تتعلق بالمدين، ومباشرة التحقيق فيها، فإذا تحققت النيابة العامة عند إجراء تحقيق أن المدين تاجر وتوقف عن الدفع، جاز لها أن تطلب إشهار إفلاس المدين حماية للدائنين، وذلك باعتبار النيابة العامة لها الولاية العامة في تحريك الدعوى العامة بالنسبة لكل الجرائم.
٤-شهر الإفلاس من قبل المحكمة من تلقاء نفسها:
الأصل أن المحاكم لا تقضي بشيء لم يطلب منها، ولكن المشرع خرج عن هذا الأصل، فأجاز لمحكمة البداية أن تشهر الإفلاس ولو لم يتقدم لها طلب بذلك من المدين أو النيابة العامة أو أحد الدائنين، وذلك حماية للدائنين والائتمان العام، وإحباط طرق الغش التي من المحتمل أن يلجأ إليها بين المدين وبعض الدائنين لتحقيق منافع خاصة بينهم، أو إضرار بحقوق دائنين آخرين، ورغبة من المشرع في علاج حالة المدين المتوقف عن الدفع بأسرع وقت ممكن.
خامسًا: آليات الفصل في دعوى شهر الإفلاس في القانون الأردني
تتضمن قانون التجارة الأردني آليات الفصل في دعوى شهر الإفلاس على النحو الآتي:
١- حكم شهر الإفلاس:
لقد نصت (المادة ٣٢٢) على أنه: “1- يجب أن يتضمن الحكم بشهر الإفلاس تعيين وقت التوقف عن الدفع.
2- ويجوز للمحكمة أن ترجع وقت التوقف عن الدفع إلى تاريخ أسبق بحكم أو عدة أحكام بتبديل التاريخ المذكور تصدرها المحكمة بناءً على تقرير القاضي المنتدب أو من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب كل ذي مصلحة لا سيما طلب الدائنين، ويحق لكل من الدائنين أن يقوم بالمراجعة على حدة.
3- ولا يجوز قبول هذا الطلب بعد انقضاء الميعاد المنصوص عليه في المادة (377) وبعد انقضاء هذا الميعاد يصبح التاريخ الذي عين للتوقف عن الدفع محددًا على وجه لا يقبل المراجعة من جهة الدائنين.
4- وفي جميع الأحوال لا يمكن إرجاع تاريخ التوقف عن الدفع إلى أكثر من ثمانية عشر شهرًا قبل الحكم بشهر الإفلاس”.
ويتضح مما سبق أنه يتم شهر الإفلاس بحكم من محكمة البداية التي يوجد في منطقتها المركز الرئيسي للمؤسسة التجارية، ويتضمن هذا الحكم شهر الإفلاس، وتاريخ التوقف عن الدفع، ولهذا التاريخ أهمية بالغة؛ لأنه قد تنقضي فترة زمنية بين توقف التاجر عن الدفع وبين صدور حكم بشهر الإفلاس؛ وبالتالي يتعين على المحكمة بيان تاريخ الوقف عن الدفع في حكمها، حيث إنه قد يعمد المدين خلال تلك الفترة في التصرف في أمواله تصرفًا ضارًا بالدائنين، إذ يعتبر القانون أن التصرفات التي يجريها المدين بشأن أمواله خلال تلك الفترة تصرفات باطلة.
ويتضح أيضًا من خلال النص السابق أن تعيبن تاريخ الوقف عن الدفع لا يعد تعيين نهائيًا، فيجوز للمحكمة أن ترجع وقت التوقف عن الدفع إلى تاريخ أسبق بحكم أو عدة أحكام، وعلى الرغم أن المحكمة تتمتع بسلطة تقديرية في الرجوع عن تاريخ الوقف عن الدفع، غير أنه لا يجوز للمحكمة إرجاع تاريخ التوقف عن الدفع إلى أكثر من ثمانية عشر شهرًا قبل الحكم بشهر الإفلاس، والحق في تعديل تاريخ الوقف عن الدفع يكون لكل ذي مصلحة، كما يحق للمحكمة من تلقاء نفسها، أو لوكيل التفليسة الذي يشمل جماعة الدائنين.
“والحكم بشهر الإفلاس له طبيعة خاصة فهو حكم منشئ وكاشف، فهو باعتباره وصفًا لحالة توقف التاجر عن دفع ديونه يُعتبر حكمًا كاشفًا؛ لأنه يُشهِر حالة قائمة وهي إفلاس المدين، ويعتبر حكمًا منشئًا؛ كونه ينشئ مركز قانوني جديد وهو التصفية الجماعية لأموال المدين، كما يُرتب آثارًا لم تكن موجودة من قبل كغل يد المدين عن إدارة أمواله، وإنشاء جماعة الدائنين، وسقوط آجال الديون، وهذه الآثار يلزم لترتبيها صدور حكم شهر الإفلاس”([4]).
ومن الآثار المترتبة على شهر الإفلاس أن له حجة على الناس كافة، وبالنسبة لأموال المدين جميعًا، وذلك على خلاف القاعدة العامة في الأحكام العادية، والتي لا يمتد آثارها بالنسبة لم لا يكن طرفًا فيها.
٢- نشر حكم الإفلاس:
حتى يكون لحكم الإفلاس حجية مطلقة وأثر منشئ على الكافة، قد أوجب المشرع الأردني نشر هذا الحكم ليصل إلى علم جميع الدائنين ومن يهمه الأمر، غير أنه لا يترتب على عدم نشر الحكم أو تأخير نشره بطلان الحكم، أو عدم سريان آثاره؛ لأن المشرع يرتب بعض الآثار القانونية، بمجرد صدور الحكم، كغل يد المدين عن إدارة أمواله، وإنشاء جماعة الدائنين، وسقوط آجال الديون دون أن يتوقف ذلك على استكمال إجراءات النشر.
ولقد نصت (المادة ٣٢٣) من القانون التجاري الأردني على وسائل نشر الحكم على أنه: “١- يجب أن يلصق الحكم بشهر الإفلاس والأحكام القاضية بتبديل تاريخ التوقف عن الدفع في خلال خمسة أيام من صدورها بواسطة وكلاء التفليسة في ردهة المحكمة التي أصدرتها وفي أقرب مركز للبورصة إن وجدت وعلى باب مؤسسة المفلس التجارية.
2- ويجب أيضًا أن تنشر خلاصتها في خلال الميعاد نفسه في إحدى الصحف اليومية.
3 – ويجب أن يتم هذا النشر في المكان الذي شهر فيه الإفلاس وفي سائر الأماكن التي يكون للمفلس فيها مؤسسات تجارية.
٤- ويجب في الوقت نفسه أن تسجل هذه الأحكام في سجل التجارة وأن تُبلغ إلى النيابة العامة”
سادسًا: ماهية الآثار المترتبة على شهر الإفلاس
سوف نعرض الآثار المباشرة المترتبة على الحكم بشهر الإفلاس في القانون الأردني والمنصوص عليها في قانون التجارة الأردني على النحو الآتي:
١- إدراج أسماء كل تاجر شهر إفلاسه على باب المحكمة:
لقد نصت (المادة325) من القانون التجاري الأردني على الآثار المباشرة للحكم بشهر الإفلاس: “١- تدرج أسماء التجار الذين شهر إفلاسهم ولم يستعيدوا اعتبارهم في جدول يلصق على باب كل محكمة وفي الردهة العامة لجميع البورصات إن وجدت.
2 – ولا يدرج اسم التاجر في الجدول إذا كان متوفيًا وقت شهر إفلاسه.
3 – أما في سائر الأحوال فيشطب اسم التاجر المفلس بعد وفاته بستة أشهر”
٢- سقوط حقوق المفلس السياسية والمنع من الترشح بشهر إفلاسه:
من ضمن الآثار التي تُعتبر غير مألوفة بعض الشيء بالنسبة إلى آثار الإفلاس بشكل عام هو سقوط حقوق الُمفلس السياسية، حيث لا يجوز له أن يكون ناخبًا أو منتخبًا في المجالس السياسية البلدية أو المختصة بالمهن ولا أن يقوم بوظيفة أو بمهمة عامة، وذلك وفقًا لنص (المادة ٣٢٦) من القانون التجاري الأردني.
٣- تخلي المفلس لوكلاء التفليسة عن إدارة جميع أمواله:
لقد نصت (المادة 327) من القانون التجاري الأردني على أنه: “١- يترتب حتمًا على الحكم بشهر الإفلاس ومن تاريخ صدوره تخلي المفلس لوكلاء التفليسة عن إدارة جميع أمواله بما فيها الأموال التي يمكن أن يحوزها في مدة الإفلاس”.
وكذلك فلا يجوز للمفلس بيع أي من ممتلكاته، بل ويُمنع من الوفاء للدائنين، وهذا وفقًا لما ورد في الفقرة الثانية من المادة السابقة: “٢- ولا يجوز للمفلس على الخصوص أن يبيع شيء من أمواله ولا يحق له القيام بأي وفاء أو قبض إلا إذا كان الوفاء عن حسن نية لسند تجاري”.
وقد وصل الأمر إلى حرمان المُفلس من حقه الأصيل في التقاضي، إذ يُمنع على المُفلس إقامة الدعاوى فيما يخص التفليسة، وذلك بناءً على ما ورد في الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها سابقًا: “٣- ولا يمكنه أن يتعاقد ولا أن يخاصم أمام القضاء إلا بصفة متدخل في الدعاوى التي يخاصم فيها وكلاء التفليسة”، ويرجع هذا الأثر إلى منع المفلس من تعطيل سير إجراءات شهر الإفلاس بما يُقيمه من دعاوى.
ولعدم الحجر على المُفلس بشكل كامل أعطى المشرع له الحق في القيام بجميع الأعمال اللازمة لصيانة حقوقه، وهذا استنادًا إلى ما ورد في الفقرة الرابعة من المادة المذكورة: “4 – على أنه يستطيع القيام بجميع الأعمال الاحتياطية لصيانة حقوقه”
ولا يشمل تخلي المفلس الحقوق التي تختص بشخص المفلس أو بصفته رب أسرة، أو الحقوق التي تتناول مصلحة أدبية محضة، وكذلك لا يشمل التخلي الأموال التي نص القانون على عدم قابليتها للحجز ولا الأرباح التي يمكن أن يحوزها المُفلس بنشاطه أو صناعته، وذلك على قدر ما يعتبره القاضي المنتدب متناسبًا مع حاجة المفلس إعالة نفسه وأسرته، وذلك وفقًا لنص (المادة ة ٣٢٨) من القانون التجاري الأردني.
٥- وقف خصومة الدائنين العاديين أو الحائزين لامتياز عام في المداعاة الفردية:
يترتب على لحكم بشهر الإفلاس إيقاف خصومة الدائنين العاديين أو الحائزين لامتياز عام في المداعاة الفردية، وتنحصر الخصومة بعد صدور هذا الحكم في وكلاء التفليسة من غير تفريق بين الديون التجارية والديون المدنية، وذلك وفقًا لنص (المادة ٣٢٩) من القانون التجاري الأردني.
٦- سقوط آجال الديون المترتبة في ذمة المفلس:
يسقط الحكم بشهر الإفلاس آجال الديون المترتبة في ذمة المفلس، ولا يشمل هذا السقوط شركاؤه في الالتزام، ويستفيد من سقوط الأجل الدائنين الحائزون على تأمين، وذلك وفقًا لنص (المادة ٣٣١) من القانون التجاري الأردني.
٧- خضوع الحكم بشهر الإفلاس لقواعد الشهر المختصة بالرهون والتأمينات العقارية:
فإذا كان المفلس مالكًا لعقارات أو لحقوق عينية عقارية؛ فيكون الحكم بشهر الإفلاس خاضعًا لقواعد الشهر المختصة بالرهون والتأمينات العقارية، ويسجل الحكم بشهر الإفلاس في السجل العقاري بواسطة وكلاء التفليسة، وينشأ عن هذا التسجيل من تاريخ وقوعه تأمين جبري لمصلحة كتلة الدائنين، وذلك وفقًا لنص (المادة ٣٣٢) من القانون التجاري الأردني.
٨- بطلان بعض التصرفات التي قام بها المدين بعد تاريخ توقفه عن الدفع:
لقد نصت (المادة ٣٣٣) من القانون التجاري الأردني على أنه: “١- تكون التصرفات الآتية باطلةً حتمًا بالنسبة إلى كتلة الدائنين إذا قام بها المدين بعد تاريخ توقفه عن الدفع كما عينته المحكمة أو في خلال العشرين يومًا السابقة لهذا التاريخ.
أ- التصرفات والتفرغات المجانية باستثناء الهدايا الصغيرة المعتادة.
ب- وفاء الديون قبل استحقاقها مهما كان شكل وقوعه.
ج- وفاء ديون نقدية مستحقة بغير نقود أو أسناد سحب أو أسناد (لأمر) أو حوالات وبوجه عام كل وفاء بمقابل.
د – إنشاء تأمين عقاري أو رهن عقاري على أموال المدين أو إنشاء رهن على منقول من تلك الأموال كل ذلك لتأمين دين سابق”.
“قيد الرهن أو التأمين بعد تسجيل الحكم بشهر الإفلاس باطل تجاه كتلة الدائنين، وتكون قابلة للإبطال القيود المتخذة بعد التوقف عن الدفع أو في خلال العشرين يومًا الذي سبقته إذا مضى أكثر من خمسة عشر يومًا من تاريخ إنشاء الرهن أو التأمين وتاريخ القيد وإذا كان التأخير قد أضر بالدائنين”، وذلك وفقًا لنص (المادة ٣٣٦) من القانون التجاري.
سابعًا: إجراءات الإفلاس في القانون الأردني
بعد إشهار الإفلاس بحكم من المحكمة المختصة وفقًا لما ورد بقانون التجارة الأردني؛ تبدأ إجراءات الإفلاس التي تهدف إلى تنفيذ حكم شهر الإفلاس، ويكون ذلك عن طريق إدارة موجودات المفلس، وتثبيت الديون المترتبة عليه، وذلك تمهيدًا لمعرفة الحل الذي سيختاره الدائنون لإنهاء التفليسة.
١- هيئة التفليسة:
هيئة التفليسة وهم القائمون بإجراءات الإفلاس، ويكون من ضمن مهامهم الآتي:
- تعيين وكيل أو وكلاء عدة للتفليسة:
“تُسلم إدارة أموال المفلس إلى وكيل مأجور يدعى وكيل التفليسة تعينه المحكمة، ويتضمن الحكم بشهر الإفلاس تعيين وكيل أو عدة وكلاء للتفليسة، ويمكن في أن يزاد عدد الوكلاء إلى ثلاث، وتحدد نفقاتهم ومرتباتهم بقرار من القاضي المنتدب، ويحق للمدين وللدائن أن يعترضوا على قرار النفقات في ميعاد ثمانية أيام وتفصل المحكمة الاعتراض في غرفة المذاكرة” وذلك وفقًا لنص (المادة ٣٣٨) من قانون التجارة الأردني، ولا يجوز أن يعين وكيلًا للتفليسة قريب أو مصاهر للمفلس.
- تعيين المحكمة قاضي منتدب ومهام هذا القاضي:
لقد نصت (المادة ٣٤٦) من قانون التجارة الأردني على أنه: “تُعين المحكمة في حكمها بشهر الإفلاس أحد أعضائها ليكون قاضي منتدب”
“للمحكمة في كل وقت أن تبدل القاضي المنتدب للتفليسة بغيره من أعضائها ولا يكون هذا القرار وقرار تعيين قابلين للطعن”، وذلك وفقًا لنص (المادة ٢٤٩) من قانون التجارة الأردني.
“يُكلف القاضي المنتدب على وجه خاص أن يُعجل ويُراقب أعمال التفليسة وإدارتها. وعليه أن يرفع إلى المحكمة تقريرًا عن جميع المنازعات التي تنشأ عن التفليسة وتكون داخلة في اختصاص المحكمة”، وذلك وفقًا لنص (المادة ٣٤٧) من قانون التجارة الأردني
إذا وقع اعتراض على بعض أعمال الوكلاء فيفصله القاضي المنتدب في ميعاد ثلاثة أيام، ويكون قرار القاضي المنتدب معجل التنفيذ، ويحق للقاضي المنتدب بناءً على الشكاوى المقدمة إليه من المفلس أو من الدائنين أو من تلقاء نفسه أن يقترح عزل وكيل أو عدة وكلاء، وإذا لم ينظر القاضي المنتدب في تلك الشكاوى في ميعاد ثمانية أيام فيمكن رفعها إلى المحكمة، وتسمع عندئٍذ المحكمة في غرفة المذاكرة تقرير القاضي المنتدب وإيضاحات الوكلاء وتبت في أمر العزل في جلسة علنية.
“توضع قرارات القاضي المنتدب قلم المحكمة حال صدورها، وتكون على كل حال قابلة لاعتراض كل ذي مصلحة أمام المحكمة، ويجوز للمحكمة أن تنظر فيها من تلقاء نفسها، ويقدم الاعتراض في شكل استدعاء إلى قلم المحكمة في ميعاد خمسة أيام من تاريخ القرار وعلى المحكمة أن تفصله في ميعاد ثمانية أيام بقرار لا يقبل الطعن”، وذلك وفقًا لنص (المادة ٣٤٨) من قانون التجارة الأردني.
٢- إدارة موجودات المفلس:
يتم إدارة موجودات المُفلِس عن طريق الخطوات الآتية:
– وضع الأختام على موجودات المفلس:
على المحكمة أن تأمر في حكمها بشهر الإفلاس بوضع الأختام، ويقوم القاضي المنتدب بوضع الأختام وله أن ينيب في ذلك قاضي الصلح في المنطقة التي يجري فيها هذا التدبير، وتوضع الأختام على المخازن والمكاتب والصناديق والدفاتر والأوراق ومنقولات المفلس وأشياءه، وإذا رأى القاضي المنتدب أنه يمكن جرد موجودات المفلس في يوم واحد؛ فلا توضع الأختام، بل يشرع حالًا في تنظيم الجرد.
ويكون على القاضي المنتدب أن يأمر بناءً على طلب وكلاء التفليسة بعدم وضع الأختام على الأشياء الآتية أو أن يمنح الترخيص باستخراجها، الثياب والملبوسات والأثاث والأمتعة الضرورية للمفلس وأسرته، ويجري تسليم ما سمح به القاضي المنتدب وفاقًا للبيان الذي رفعه إليه وكلاء التفليسة، وذلك وفقًا (المادة ٣٥٤) من قانون التجارة الأردني.
ويستخرج القاضي المنتدب الدفاتر التجارية من بين الأشياء المختومة ويُسلمها إلى وكلاء التفليسة بعد أن يؤشر على آخر قيودها ثم يثبت في محضر باختصار الحالة التي كانت عليها تلك الدفاتر، ويستخرج القاضي المنتدب من بين الأشياء المختومة إضبارة الأسناد ذات الاستحقاق القريب أو المعدة للقبول أو التي تستلزم معاملات احتياطية ويسلمها بعد ذكر أوصافها إلى وكلاء التفليسة لتحصيل قيمتها، أما الديون الأخرى فيستوفيها وكلاء التفليسة مقابل سند إيصال منهم.
ويدعو الوكلاء المفلس لإغلاق الدفاتر وإيقاف حساباتها بحضوره، وإذا لم يُلبِ الدعوة يُرسل إليه إنذار بموجب الحضور في خلال ثمانٍ وأربعين ساعة على الأكثر، ويمكنه أن ينيب عنه وكيلًا بكتاب خاص بشرط أن يبدي أسباب تمنعه عن الحضور يراها القاضي المنتدب جديرة بالقبول، وذلك وفقًا (المادة ٣٥٨) من قانون التجارة الأردني.
– رفع الأختام للشروع في جرد أموال المفلس:
يطلب الوكلاء رفع الأختام للشروع في جرد أموال المفلس بحضوره أو بعد دعوته حسب الأصول وذلك في ميعاد ثلاثة أيام من تاريخ وضع الأختام أو من تاريخ صدور الحكم بشهر الإفلاس إذا كان هذا التدبير قد جرى قبل صدوره، وذلك وفقًا (المادة ٣٦٢) من قانون التجارة الأردني.
إذا شهر الإفلاس بعد وفاة المفلس، ولم تكن قائمة الجرد قد نظمت قبل شهر فيشرع حالًا بتنظيمها على بحضور الورثة أو بعد دعوتهم حسب الأصول، ويجري الأمر على هذه الصورة إذا توفي المفلس قبل افتتاح قائمة الجرد، وذلك وفقًا (المادة ٣٦٤) من قانون التجارة الأردني.
ولقد نصت (المادة ٣٦٦) من قانون التجارة الأردني على أنه: “يحق لقضاة النيابة العامة أن ينتقلوا إلى موطن المفلس للوقوف على تنظيم قائمة الجرد ولهم في كل وقت أن يطلبوا إبداعهم جميع المعاملات والدفاتر والأوراق المختصة بالتفليسة”.
وبعد الانتهاء من قائمة الجرد تسلم البضائع والنقود وأسناد الدين المطلوبة للمفلس والدفاتر والأوراق وأثاث المدين وأمتعته إلى وكلاء التفليسة فيوقعون على استلامهم إياها في ذلك قائمة الجرد، وذلك وفقًا (المادة ٣٦٧) من قانون التجارة الأردني.
يحق للقاضي المنتدب بعد سماع أقوال المفلس أو بعد دعوته حسب الأصول أن يأذن للوكلاء في بيع الأشياء المنقولة والبضائع، ويقرر إجراء هذا البيع إما بالتراضي وإما بالمزاد العلني بواسطة دائرة الإجراء، ويحق للقاضي المنتدب بعد استماع المفلس واستطلاع رأي المراقبين إذا وجدوا أن يأذن للوكلاء على وجه استثنائي في بيع العقارات لا سيما العقارات التي لا تلزم لاستثمار المتجر وفاقًا للإجراءات المعينة فيما يلي للبيوع العقارية بعد تقرير اتحاد الدائنين.
٣- تثبيت الديون على المفلس التي تقوم بها هيئة التفليسة:
يستطيع الدائنون لمجرد صدور الحكم بشهر الإفلاس أن يسلموا وكلاء التفليسة أسنادهم مع جدول بها، وبالمبالغ المطلوبة. ويوقع الدائن أو وكيله على هذا الجدول ويضم إليه تفويض الوكيل، وإذا لم يبرز الدائنون الذين قيدت أسماؤهم في الميزانية أسناد ديونهم في الثمانية أيام التي تلي الحكم بشهر الإفلاس يبلغون في نهاية هذا الميعاد بواسطة النشر في الجرائد أو بكتاب من الوكلاء أنه يجب عليهم تسليم إسنادهم مع الجدول التفصيلي إلى وكلاء التفليسة في ميعاد خمسة عشر يومًا من تاريخ النشر.
“يجري تحقيق الديون بواسطة وكلاء التفليسة وبمعاونة المراقبين إذا وجدوا مع الاحتفاظ بموافقة القاضي المنتدب وبحضور المفلس أو بعد دعوته حسب الأصول، وإذا عارض وكلاء التفليسة في صحة الدين كله أو بعضه فيبلغون الأمر إلى الدائن بكتاب مضمون، ويعطى الدائن ثلاثين يومًا لتقديم إيضاحاته الخطية أو الشفهية.”، وذلك وفقًا (المادة ٣٧٥) من قانون التجارة الأردني”
“الدائنون الذين تخلفوا عن الحضور أو عن إبراز أسناد ديونهم في المواعيد المعينة لهم سواء أكانوا معلومين أم مجهولين لا يشتركون في توزيع موجودات التفليسة. على أن باب الاعتراض يظل مفتوحًا أمامهم لغاية الانتهاء من توزيع النقود. أما نفقات الاعتراض فتبقى على عاتقهم، لا يوقف هذا الاعتراض تنفيذ التوزيعات التي أمر بها القاضي المنتدب. ولكن إذا شرع في توزيعات جديدة قبل الفصل في اعتراضهم فيشتركون فيها بالمبلغ الذي تعينه المحكمة بصورة مؤقتة ويحتفظ بهذا المبلغ إلى ما بعد الفصل في اعتراضهم، وإذا اعترف لهم فيما بعد بصفة الدائنين فلا يحق لهم المطالبة بشيء من التوزيعات التي كان قد أمر بها القاضي المنتدب، ولكن يحق لهم أن يقتطعوا من الموجود الذي لم يوزع الحصص التي تعود لديونهم من التوزيعات الأولى”، وذلك وفقًا (المادة ٣٨١) من قانون التجارة الأردني.
ثامنًا: السوابق القضائية المتعلقة بشهر الإفلاس في القانون الأردني
ماورد في الحكم رقم (٥٨٩٢) لسنة ٢٠١٩م الصادر من محكمة تمييز حقوق بتاريخ ٢٨/١٠/٢٠١٩م بما نصه على أنه: “١- يُستفاد من أحكام (المواد ٣١٦ و٣١٧و٣٢٤و٣٤٦و٣٤٩و٣٥٠) أن الحكم بشهر الإفلاس يصدر عن محكمة البداية التي يوجد في منطقتها المركز الرئيس للمؤسسة التجارية وتكون ذات اختصاص في رؤية جميع الدعاوى التي يكون منشؤها القواعد المختصة بالإفلاس، وتكون أحكامها تابعة لجميع أطراف الطعن، أما إذا كانت المحكمة من قاض فرد فيقوم بنفسه بوظائف القاضي المنتدب. ٢- أن القواعد القانونية بالإفلاس وفقًا لأحكام (المادة ٣٢٦) من قانون التجارة وما بعدها قد نظمت الإفلاس من حيث الأشخاص القائمين على إدارة التفليسة ومهام كل واحد منهم وأن محكمة البداية المؤلفة من قاض فرد هي المختصة بإصدار حكم شهر الإفلاس ويعين في الحكم قاضي التفليسة المنتدب ووكيل الدائنين وأن الديون من الدائنين تقدم بعد صدور حكم شهر الإفلاس، إما إلى وكيل الدائنين أو إلى قلم المحكمة التي أصدرت حكم شهر الإفلاس، وبعد تقديم الديون إما قبولها أو عدم قبولها من وكيل الدائنين أو من قاضي التفليسة، وبالنتيجة يكون من حق الدائن الاعتراض على عدم قبول دينه أمام المحكمة المختصة القاضي الفرد وهي التي أصدرت حكم شهر الإفلاس. ٣- على محكمة الموضوع معالجة جميع أسباب الطعن معالجة وافية وبكل وضوح وتفصيل وذلك وفقًا لأحكام (المادة ٤/١٨٨) من قانون أصول المحاكمات المدنية”.
كما ورد في الحكم رقم (١٨٦) لسنة ٢٠١٨م الصادر من محكمة تمييز حقوق بتاريخ ٦/١/٢٠١٨م بما نصه على أنه: “بعد التدقيق والمداولة نجد أن المستدعي تقدم بالطلب رقم (٤٩٨) لدى محكمة بداية حقوق المفرق في مواجهة المستدعى ضده التي موضوعها إشهار إفلاس سندًا لأحكام (المادة ٣١٦) من قانون التجارة الأردني، وبتاريخ ٧/٢/٢٠١٧م أصدرت محكمة بداية حقوق المفرق القرار رقم (٤٩٨) الذي قضت فيه عملًا بأحكام (المادة ٣١٦) من قانون التجارة رد طلب شهر الإفلاس وتضمين المستدعي الرسوم والمصاريف. ولم يقبل المستدعي بالقرار فطعن فيه استئنافًا فقضت محكمة استئناف حقوق إربد بقرارها رقم (٤٤٩٢) بتاريخ ١٥/١٠/٢٠١٧م ما يلي: رد الاستئناف موضوعًا وتأييد القرار المستأنف، ولم يقبل المستأنف بالقرار الاستئنافي فطعن فيه تمييزًا للأسباب الواردة في لائحة التمييز المقدمة بتاريخ ١٤/١١/٢٠١٧م. ودون حاجة للرد على أسباب الطعن نجد أن هذا الطعن مستوجب الرد شكلًا لعلة أن موضوع الطلب هو إشهار إفلاس سنداً لأحكام (المادة ٣١٧) من قانون التجارة وهي دعوى غير مقدرة القيمة؛ وبالتالي فإن الطعن بالحكم الاستئنافي الصادر فيها يحتاج إلى إذن بالتمييز، وحيث إن الطاعن لم يحصل على هذا الإذن حسب مشروحات قلم طلبات الإذن المحفوظة بالملف؛ وبالتالي يكون الطعن مردود شكلًا، وعليه وعملًا (بالمادة١٩٦) من قانون أصول المحاكمات المدنية نقرر رد الطعن التمييزي شكلًا وإعادة الأوراق إلى مصدرها”.
كما ورد في الحكم رقم (٢٤٤٩) لسنة ٢٠١٨م الصادر من محكمة تمييز حقوق بتاريخ ١٠/٥/٢٠١٨م، بما نصه على أنه: “إن المستفاد من نص (المادة ٣٢٧) أن المشرع قد منع وحظر على المدين المفلس أن يتولى إدارة أمواله أو بيعها بعد قرار بشهر إفلاسه، ولما كان المدين المفلس محظور عليه إدارة أمواله أو بيعها والتصرف بها؛ فإنه من باب أولى ألا يدير أو يبيع أو يتصرف بأموال غيره. وحيث إن المميز طالب إعادة المحاكمة يستند في طلبه لإعادة المحاكمة في الدعوى البدائية الحقوقية رقم (١٢٥١) لسنة ٢٠٠٦م هو حصوله على إقرار ومستند خطي موقع من المدعو …… بصفته مفوضًا بالتوقيع عن المميز ضدها ……..، وحيث إن الثابت أن المدعو ….. كان قد صدر حكم بالطلب رقم (١١٤٥) لسنة ٢٠٠٢م من محكمة بداية حقوق عمان يقضي بشهر إفلاسه، وإن الإقرار موقع بعد شهر الإفلاس بتاريخ ٣/١٢/٢٠٦م؛ فإنه وعلى فرض صحة هذا الإقرار؛ فإن هذا الإقرار لا يُرتب أثرًا ولا يعتد به سندًا لأحكام (المادة ٣٢٧) من القانون التجاري الأردني، وحيث إن محكمة الاستئناف توصلت لهذه النتيجة وعللت قرارها؛ فإن أسباب التمييز لا ترد على القرار المميز ويتعين ردها، ولهذا وتأسيسًا على ما تقدم نقرر رد التمييز وإعادة الأوراق إلى مصدرها”.
[1] د. الهياجنة، آثار حكم شهر الإفلاس على جماعة الدائنين، (ص٣٥).
[2] د. عوض علي جمال الدين، الإفلاس في قانون التجارة الجديد، ص٤٠.
[3] د. عيد ادوار، أحكام الإفلاس، ص٩٦.
[4] د. عوض علي جمال الدين، الإفلاس في قانون التجارة الجديد، (ص١٢٧).