إن النظام القضائي في المملكة الأردنية الهاشمية يهدف إلى حل النزاعات المتشكلة بين الأفراد بأسرع وقت ممكن ، وأقل جهد بحيث يتم تخفيف العبء على القضاء ، وبطرق وأساليب قانونية ، فلم يقتصر النظام القضائي على حل المنازعات عن طريق التقاضي فقط ، بل تضمن وسائل أخرى بدلية عن التقاضي لحل النزاعات وهي : بنود الاحتكام التجارية ، الوساطة الاتفاقية ، المصالحة ، فالمشرع يسعى إلى أن يتسم النظام القضائي بالمرونة بحيث يكون قابل للتفاوض والتقليل من جموده وقواعده المفروضة وسنتناول في هذا المقال الحديث عن الإحالة للوساطة.
جدول المحتويات
كيفية الإحالة للوساطة وإجراءاتها
النصوص القانونية المتعلقة بالإحالة للوساطة
بعض من اجتهادات محكمة التمييز فيما يتعلق بالإحالة للوساطة
ما هي الوساطة القضائية
الوساطة القضائية تعتبر وسيلة بديلة لحل النزاعات القضائية، ودور الوساطة قد يقتصر على الحد الأدنى من التدخل وقد يصل الى دور تنفيذي، وقد نظم المشرع الأردني الوساطة في قانون الوساطة لتسوية النزاعات المدنية لعام 2006. طبقاً لقانون الوساطة لسنة 2006.
فإن إدارة الوساطة في المحكمة تتألف من عدد من قضاة محكمة الصلح وقضاة من محكمة البداية الذين يعينهم رئيس محكمة البداية. بالإضافة إلى قضاة الوساطة، فإن رئيس المجلس القضائي له أن يرشح وسطاء خاصين يتألفون من قضاة متقاعدين ومحامين ومهنيين يتمتعون بخبرة واسعة، معروفين بالحياد والنزاهة.
ما هو المقصود بالوسائل البديلة لحل النزاعات
قبل الخوض في الحديث عن الوساطة وكيفية الإحالة إليها، سنستعرض بشكل عام الوسائل البديلة لحل النزاعات وهي بنود الاحتكام التجارية والوساطة بالإضافة إلى الوساطة.
بنود الاحتكام التجارية هي بنود تحكم العمل التجاري بين العملاء والتجار وتتم بالتراضي فيما بينهم، وتعتبر هذه الوسيلة هي الوسيلة الأفضل التي تستخدمها المؤسسات التجارية الكبرى لتسوية الخلافات كبديل عن اللجوء للقضاء، أن الطابع العام للقضايا أمام المحاكم أخذ يشكل سداً أمام الخصوم الذين يسعون إلى عدم إظهار خلافاتهم أمام المنافس، والمورد، والزبون.
المصالحة وهي اتفاق شخصين أو أكثر على وضع حل للخلاف القائم بينهما عن طريق الاتفاق، أو التخلي عن الادعاء خارج المحكمة من خلال المحكم.
المقصود بالوساطة في قانون محاكم الصلح
نص قانون محاكم الصلح لسنة 2017 في المادة 7 منه على الإحالة للوساطة، فما المقصود بالوساطة؟
إن الوساطة هي شكل من أشكال فض المنازعات المدنية والتجارية، وهي من الوسائل البديلة لحل النزاعات في القانون الأردني، فهي طريق فعال في إنهاء الخلافات بعيداً عن القضاء، لما تقوم به من السعي لحل النزاع، وتقريب وجهات النظر بين الخصوم، وقد صدر قانون الوساطة لتسوية النزاعات المدنية، والذي نظم عمل الوساطة من خلال إدارة قضائية تنشأ في مقر المحكمة البدائية، وتسمى هذه الإدارة إدارة الوساطة، وتتشكل من عدد من قضاة البداية والصلح يسمون قضاة الوساطة.
من هو الوسيط وما هي الوساطة؟
هو طرف يتدخل في نزاع قائم بين طرفين بهدف إنهائه، وقد يكون مقابل أجر أو بدون، وقد يتقيد في عمله بقواعد معينة، وقد لا يخضع لها، والوساطة هي آلية لحل المنازعات المدنية بين فريقين، أو أكثر بمعاونة شخص ثالث يوجه عملية المفاوضات، ويقرب وجهات النظر بين الخصوم، ويساعد على إيجاد حلول مناسبة للنزاع.
أنواع الوساطة
الوساطة القضائية والتي تتم من خلال قضاة محاكم الصلح أو البداية المزاولين والذين يتم اختيارهم من قبل رئيس محكمة البداية.
الوساطة الخاصة والتي تتم من خلال القضاة المتقاعدين، والمهنيين، والمحامين، وأصحاب الخبرة الذين يشهد لهم بالنزاهة، والحيادية، وهؤلاء يتم تسميتهم من قبل رئيس ً المجلس القضائي بتنسيب من وزير العدل.
الوساطة الاتفاقية والتي تتم من خلال وسيط يتفق عليه أطراف الخصومة.
أنواع الوسطاء
الوسطاء لحل النزاع بين المتخاصمين ثلاث أنواع وهم:
1_ القاضي الوسيط هو قاضي من القضاة المزاولين للعمل القضائي، وهو قاضي الوساطة في ظل قانون الوساطة وقد يكون قاضي من قضاة محاكم الصلح أو البداية، وهو قاضي الصلح في ظل قانون محاكم الصلح.
2_ الوسيط الخاص هو شخص أو عدة أشخاص يكون أجنبي عن النزاع أي طرف محايد عن أطراف النزاع، يختاره المتنازعان لإيجاد حل للنزاع من خلال توصية يصدرها بعد البحث، والتحقيق بناء على ما يقدمه له الطرفان من بينات، ومعلومات، وبعد محاولة تقريب ً وجهات نظر كل منهما وحملهما على إبرام ا اتفاق يضع حدا لحالة النزاع بينهما، وذلك مقابل أجر.
3_ الوسيط الاتفاقي هو القاضي الذي يختاره المتنازعان بالاتفاق فيما بينهم للوصول إلى حل يقبله الطرفان.
أهمية الوساطة
تظهر أهمية الوساطة فيما تسعى إليه من حل النزاع بين الأطراف بطريقة تهدف إلى الحفاظ على العلاقات الودية بين الأطراف المتنازعة ، كما تسعى لتحقيق الإنصاف بين الأطراف المتنازعة ، كما أن فض النزاعات بالوساطة يتمتع بالسرية التامة وهذا ما يميز الوساطة لحل النزاعات ، كما أنها تقوم بتوفير الوقت والجهد والمال ، ذلك أن إجراءات التقاضي العادية قد تكون مكلفه على الأطراف المتنازعة حيث أنها ليست مجانية هناك رسوم تتقضاها الجهات القضائية بالإضافة إلى أتعاب المحاماة ، كما أن لوسيط يسعى جاهداً من خلال البحث عن نقاط الاتفاق بين الأطراف، فهو يعمل على إبراز أهمية الوساطة؛ لتحقيق المصالح المشتركة بين أطراف النزاع؛ لدفعهم على تقبل الحلول المطروحة فيما بينهم .
التشجيع على الوساطة
فقد شجع المشرع الأردني المتنازعين على اللجوء إلى الوساطة باعتبارها وسيلة حل النزاعات البديلة؛ وذلك من خلال إعطاء الصلاحية للخصوم لاتفاق على وسيط خاص يحال له النزاع، ويظهر جليا التشجيع عند توصل المتنازعين إلى تسوية النزاع وديا، فيستطيعا أن يستعيدا الرسوم القانونية التي سبق أن دفعت.
وفي حال توصل الوسيط الخاص الى تسوية بين الطرفين فيقتصر دور قاضي غدارة الدعوى على أن يصادق على التسوية وتعتبر ذلك بمثابة حكم نهائي. ومن مظاهر التشجيع على الوساطة أن إجراءات الوساطة تعتبر سرية بعكس المحاكمات القضائية العادية التي يجب ان تكون علانية.
كيفية الإحالة للوساطة وإجراءاتها
تتم إحالة النزاع للوساطة حسب نوع القضية فإذا كانت من قضايا محكمة البداية يتم إحالة النزاع في هذا النوع من القضايا من قبل قاضي إدارة الدعوى من تلقاء نفسه، وذلك بعد اجتماعه بالوكلاء القانونيين للخصوم، أو بناء على طلب أطراف النزاع، أو بعد موافقتهم، أما في القضايا الصلحية ويتم ذلك من خلال قاضي الصلح من تلقاء نفسه وبناء على طبيعة النزاع، أو بناء على طلب أطراف النزاع، وذلك سنداً لنص المادة 7 من قانون محاكم الصلح.
هل يتقاضى الوسيط أتعاب مقابل عمله عند إحالة النزاع إليه من قاضي الصلح؟
نعم، ويحدد ذا ما تم الوسيط أتعابه بالاتفاق مع أطراف النزاع، إذا تم حل النزاع ودياً يسترد المدعي الرسوم التي دفعها.
شروط الوساطة
1_حضور أطراف النزاع لجلسات الوساطة.
2_السرية.
3_مدة الوساطة يجب ألا تزيد عن ثلاثة أشهر
4 _ ألا يكون للقاضي الوسيط أن سبق ونظر النزاع المحال اليه بالوساطة.
إجراءات الإحالة للوساطة
تختلف إجراءات الإحالة للوساطة باختلاف الوسيط، فإذا كانت الوساطة من نوع الوساطة القضائية أي أن يكون الوسيط قاضي، فيجب أن يحال إليه الملف بالكامل ومن حقه تكليف أطراف النزاع بتقديم أقوالهم، أو مذكرات بأقوالهم، وأن يرفقوا بها أهم البيانات التي سوف يستندون إليها.
وفي حال كانت الوساطة خاصة فلا يحال ملف الدعوى وإنما يعمل كل طرف من أطراف النزاع على تقديم مذكرة موجزة بأقواله، ويرفق بها أهم البيانات التي سوف يستند إليها ثم يتم تعيين جلسة، وتبليغ أطراف الخصومة، أو الوكلاء، وعند حضور هؤلاء لجلسات الوساطة يتم التداول معهم بموضوع النزاع، وطلبات كل فريق منهم، وللوسيط الحق بالانفراد بكل طرف، وله الحق أيضاً باتخاذ ما يجده مناسباً، لتقريب وجهات النظر، ومن حقه أن يبدي رأيه، ويقدم الأدلة، وغيرها مما يسهل إجراءات كل الوساطة.
مراحل الوساطة
1_ مرحلة الجلسة المشتركة.
2_ مرحلة الاجتماعات المغلقة.
3_مرحلة تبادل العروض، والمطالب.
4_ مرحلة الاجتماعات الأخيرة.
نتائج الوساطة
تنتهي الإحالة للوساطة إما بنجاح الوسيط في حل النزاع بين الأطراف المتنازعة، أو فشله في الوصول إلى حل يرضي كل من الأطراف المتنازعة.
مسؤولية القاضي الوسيط
متى تقوم مسؤولية القاضي الوسيط عند فشله بحل النزاع؟
يسأل الوسيط عن تصرفاته بحال إخلاله بالتزاماته المدنية نتيجة توليه مهمته في عملية الوساطة، ويسأل في حال خروجه عن القواعد القانونية التي تحكم طبيعة عمله كقاضي وسيط.
ما هو نوع مسؤولية القاضي الوسيط؟
مسؤولية تقصيرية عن إهماله، وسوء تدبيره في إدارة النزاع للوصول ل إلى حل يرضي للطرفين.
شروط قيام المسؤولية المدنية على القاضي الوسيط
1_ يجب أن يكون مرتكب الفعل الضار القاضي الوسيط.
2_ أن يرتكب الفعل أثناء تأديته لوظيفته، أو واجبه.
3_ إذا تجاوز الحدود المرسومة له بالفعل الصادر عنه.
متى تنتفي مسؤولية القاضي الوسيط في النزاعات المدنية؟
تنتفي مسؤولية القاضي الوسيط المدنية لانقطاع العلاقة السببية كأن يثبت أن الضرر ناتج عن المتضرر، أو أثبت أن الغير هو السبب الوحيد في وقوع الضرر.
النصوص القانونية المتعلقة بالإحالة للوساطة
قانون محاكم الصلح
المادة 7:
أ. إذا تبين للقاضي ابتداء ان النزاع يمكن تسويته بالوساطة فله بموافقة الخصوم أن يحيل الدعوى على الوساطة أو أن يبذل الجهد في الصلح بين الخصوم فاذا تم الصلح يجري إثبات ما اتفق عليه الطرفان في محضر الجلسة ويوقع عليه منهما أو من وكلائهما، وإذا كان الطرفان قد كتبا ما اتفقا عليه يصادق عليه القاضي ويلحق الاتفاق المكتوب بمحضر الجلسة ويثبت محتواه فيه ويكون بمثابة الحكم الصادر عن المحكمة ولا يقبل أي طريق من طرق الطعن، وتعطي صورته وفقا للقواعد المقررة للأحكام.
قانون الوساطة لتسوية النزاعات المدنية وتعديلاته
المادة 3:
أ. لقاضي إدارة الدعوى أو قاضي الصلح وبعد الاجتماع بالخصوم أو وكلائهم القانونيين إحالة النزاع بناء على طلب أطراف الدعوى أو بعد موافقتهم الى قاضي الوساطة أو الى وسيط خاص لتسوية النزاع وديا وفي جميع الأحوال يراعي القاضي عند تسمية الوسيط اتفاق الطرفين ما أمكن.
ب. لأطراف الدعوى بموافقة قاضي إدارة الدعوى أو قاضي الصلح الاتفاق على حل النزاع بالوساطة وذلك بإحالته الى اي شخص يرونه مناسبا، وفي هذه الحالة يحدد الوسيط أتعابه بالاتفاق مع أطراف النزاع، وفي حالة تسوية النزاع وديا يسترد المدعي الرسوم القضائية التي دفعها.
المادة 4:
أ. عند إحالة النزاع الى قاضي الوساطة، يحال اليه ملف الدعوى، وله تكليف الأطراف بتقديم مذكرات موجزة بادعائهم أو دفاعهم.
ب. عند إحالة النزاع الى وسيط خاص، يقدم اليه كل طرف من أطراف النزاع خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة مذكرة موجزة تتضمن ملخصا لادعاءاته أو دفوعه، مرفقا بها المستندات التي يستند اليها، ولا يتم تبادل هذه المذكرات والمستندات بين أطراف النزاع.
بعض من اجتهادات محكمة التمييز فيما يتعلق بالإحالة للوساطة
الحكم رقم 4201 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية:
القرار الصادر بنجاح الوساطة يعتبر حكما قطعياً غير قابل للطعن.
تمت إحالة الدعوى إلى إدارة الوساطة لدى محكمة بداية عمان لدى الوسيط القاضي وحملت الرقم (601/2012) حيث تم إبرام اتفاقية تسوية بتاريخ 6/5/2012 بين طرفي هذه الدعوى واعتبار هذا الاتفاق قراراً قطعياً غير قابل للطعن وتم تصديقه من قبل محكمة صلح حقوق عمان وقد تضمن الاتفاق أن يقوم المدعى عليه بدفع المبلغ على أربع دفعات القسط الثالث منها بتاريخ 1/1/2013 وتضمنت الاتفاقية أنه في حال استحق قسط ولم يدفع في تاريخه تعتبر باقي الأقساط مستحقة حالاً حيث سيقوم المدعي بطرح هذا القرار لدى دائرة التنفيذ المختصة.