العفو العام لسنة 2011
المقال هنا عن القانون الذي صدر سنة 2011 . للاطلاع على النص الكامل لقانون العفو العام لسنة 2018 ، اضغط هنا.
ما هو العفو العام ؟
كثر الحديث الفترة الأخيرة حول العفو العام خاصة بعد تصريحات جلالة الملك بأن قانون العفو العام قيد الدراسة وكذلك تصريحات رئيس الوزراء من بعده ، ولكن العفو العام مصطلح قانوني قد لا يعلم معناه الكثير وقد يختلط على البعض أحيانا، وللاختصار فسأتحدث فقط في مفهوم العفو العام وخصائصه وآثاره وسأجملها على شكل نقاط وبالقدر الضروري من التفصيلات فقط لتوضيحه للناس بشكل عام وسأبتعد عن الجدل وعن وجهات النظر فيه وفوائده ومضارة تاركا ذلك لمئات الكتب التي تحدثت فيه.
وابتداءً لا بد من تمييز العفو العام عن العفو الخاص الذي يختلف عما نحن بصدده ، فالعفو الخاص يصدر من قبل جلالة الملك بناءً على تنسيب من مجلس الوزراء ، ويكون فقط في الأحكام الجزائية التي اكتسبت الدرجة القطعية، وهو شخصي لا يستفيد منه إلا من صدر لمصلحته”.
اما العفو العام فهو مبدأ دستوري مقرر بموجب نص المادة 38 التي ورد فيها “ وأما العفو العام فيقرر بقانون خاص”. لذا فالعفو العام يجب ان يصدر بقانون سواء أكان عادي ام مؤقت وهذا ما أكده المشرع في قانون العقوبات حين نص في المادة 50/1 “يصدر العفو العام عن السلطة التشريعية”.
ما هي آثار وخصائص العفو العام:
تنص المادة 50/2 من قانون العقوبات “يزيل العفو العام حالة الإجرام من أساسها ، ويصدر بالدعوى العمومية قبل اقترانها بحكم وبعد الحكم بها بحيث يسقط كل عقوبة أصلية كانت أم فرعية، ولكنه لا يمنع من الحكم للمدعي الشخصي بالإلزامات المدنية ولا من إنفاذ الحكم الصادر بها”.
وهذا يعني ما يلي:
أولا : يزيل العفو العام حالة الإجرام من أساسها اي ان الجريمة تصبح بعد العفو كأن لم تكن بحيث يترتب عليه محو جميع النتائج الجنائية المترتبة على الجريمة محوا ذا أثر رجعي ومن هذه الآثار وجوب الإفراج عن المحكوم عليهم فور صدور العفو العام وكذلك تعود للمحكوم عليه أهليته وحقوقه التي فقدها بسبب الحكم وذلك بحكم قانون العفو العام دون الحاجة الى رد اعتبار وكذلك الجرم المرتكب ينتهي من كونه اسبقيه جرمية.
ثانيا : تسقط العقوبات التبعية المقررة بقرار الحكم والتدابير الاحترازية التي لم تنفذ، ولكن لا تسترد الغرامات المستوفاة أو الأموال المصادرة أو الرسوم التي استوفيت قبل صدور العفو العام.
ثالثا : العفو العام عندما يصدر يشمل كل الناس ولا يستهدف أشخاص محددين ، وإنما هو تدبير عام يمنح من اجل طائفة معينة من الجرائم ارتكبت في ظروف معينة أو في فترة معينة من الزمن.
رابعا: العفو العام من النظام العام فعلى المحكمة ان تثيره من تلقاء نفسها وكذلك لا يقبل من المتهم طلب الاستمرار بالقضية لإثبات براءته لأن العفو كالبراءة من حيث النتيجة.
خامسا: العفو العام يصدر بالدعوى قبل الحكم أو بعده ولا يشترط ان يكون الحكم مكتسب الدرجة القطعية بعكس العفو الخاص.
سادسا : من الناحية المدنية ، العفو العام لا يؤثر في الحقوق المدنية فليس للعفو العام اي تأثير على حقوق الشخص المتضرر من الجريمة فيبقى حقه في المطالبة بالتعويض قائما لكونه حقا مكتسبا له ، و في هذا يفرق بين أمرين الأول اذا كانت القضية الجزائية معها ادعاء بالحق الشخصي ففي هذا الحال تسقط الدعوى الجزائية و تستمر نفس المحكمة بنظر الشق المدني من القضية و فقا لنص المادة 337/2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية و الحالة الثانية ان لا يكون المتضرر قد أقام ادعاء بالحق الشخصي قبل صدور العفو فهنا يعود الاختصاص للمحكمة المدنية.
ماذا يشمل العفو العام؟
لا يشترط في العفو العام ان يشمل جميع الجرائم فمن الممكن ان ترد عليه استثناءات و غالبا ما تستثنى الجرائم التي تضر بهيبة الدولة مثل التجسس و الخيانة و الإرهاب و الجرائم الخطيرة مثل القتل القصد و المخدرات ، و قد تستثنى جرائم أخرى اقل شأنا كما هو الحال في قانون العفو العام رقم 6 لسنة 1999 الذي استثنى مجموعة كبيرة من الجرائم ( التجسس ، المخدرات ، التعامل بالرق ، الخيانة ، الفتنة ، جمعيات الأشرار ، الإخلال بالوظيفة العامة ، تزوير العملة ، و التزوير الجنائي ، و هتك العرض و الاغتصاب و الاختطاف ، و القتل قصدا ، و بعض أنواع السرقة ، و الشيك ، و الإفلاس الاحتيالي ، و الغش إضرارا بالدائنين ).
وارى ان يكون العفو العام أوسع من العفو السابق وان يشمل كل الجرائم باستثناء الخطيرة أو التي تمس هيبة الدولة ، وكذلك ذكر الجرائم المستثناة فقط بالتكييف القانوني لها دون التعرض للمواد فليس من العدالة ان يستثنى زيد من العفو لكون النص استثنى المادة كذا من قانون العقوبات العادي بينما يشمل العفو عبيد لكونه خاضع لقانون العقوبات العسكري مثلا .
وأخيرا نسأل الله ان يكون العفو فاتحة خير لهؤلاء القامعين في السجون ليخرجوا الى حياتهم وأعمالهم وبيوتهم ونسأل الله لهم التوبة والمغفرة والهداية.
عمان 27 نيسان 2011