بناء على قرار مجلس الوزراء الذي اتخذه في جلسته التي عقدها بتاريخ 2001/8/21 اجتمع المجلس العالي في مبنى مجلس الأمة لتفسير أحكام الدستور وبيان ما يلي :
” في ضوء نص المادة (100) من الدستور ، هل يجوز وضع قانون خاص بتشكيل محاكم إدارية في المملكة منفصلا عن القانون الخاص الذي نصت عليه هذه المادة لتعيين أنواع المحاكم ودرجاتها وأقسامها واختصاصاتها ” .
وبعد الاطلاع على كتاب دولة رئيس الوزراء رقم د12790/1 تاريخ 14 جمادى الثانية 1422 هـ. الموافق 2001/9/2 م ، وعلى النصوص الدستورية ذات الصلة ، نجد ما يلي :
نصت المادة (100) من الدستور على ما يلي :
” تعين أنواع المحاكم ودرجاتها وأقسامها واختصاصاتها وكيفية أدارتها بقانون خاص على إن ينص هذا القانون على إنشاء محكمة عدل عليا “.
ونصت المادة (105) من الدستور على إن :
” للمحاكم الشرعية وحدها حق القضاء وفق قوانينها الخاصة في الأمور التالية …. ” .
ونصت المادة (109) (1) على إن :
” تتألف مجالس الطوائف الدينية وفاقا لأحكام القوانين التي تصدر خاصة بها وتحدد هذه القوانين اختصاصات المجالس المذكورة … ” .
والمادة (109) (2) نصت على إن :
” تعين في القوانين المذكورة … ” .
ونصت المادة (110) من الدستور على ما يلي :
” تمارس المحاكم الخاصة اختصاصاتها في القضاء وفاقا لأحكام القوانين الخاصة بها ” .
إن من القواعد الراسخة في فهم مدلول كلمة معينة النظر اليها في سياق الكلام الذي وردت فيه ، وهذه القاعدة هي المعمول بها في اطار الدستور والقوانين ، فلا يصار الى تحديد معنى كلمة في نص دستوري أو قانوني دون الاستئناس بما ارتبطت به هذه الكلمة من معان ومفردات وردت في مواد أخرى من ذات الدستور أو القانون .
وفي ضوء ما تقدم ، وفي ظل ما استقر عليه الفقه الدستوري والاجتهاد القضائي ، في موضوع تفسير النصوص التشريعية ، فان المقصود بعبارة ( بقانون خاص ) وبكلمة ( القانون ) الواردتين في المادة (100) من الدستور ، هو على التوالي ( بقوانين خاصة ) و( القوانين ) .
ومؤيدات هذا التفسير علاوة على ما تقدم ما يلي :
– إن كلمة ( بقانون ) نكرة ، والتنكير يفيد التكثير ، مما يعني إن أحكام ( أنواع المحاكم ودرجاتها وأقسامها
واختصاصاتها وكيفية أدارتها ) ينبغي إن تتم بقوانين .
– إن عبارة ( هذا القانون ) اللاحقة لا تعني إن جميع أنواع المحاكم ودرجاتها وأقسامها واختصاصاتها وكيفية
أدارتها يجب إن يستقيل بها قانون واحد . وغني عن البيان إن المشرع قد افترض إن تنظيم كل أنواع
المحاكم امر مفروغ منه عندما صاغ شطر المادة الأول ، إلا انه رغب في التأكيد على إضافة الحكم المتعلق
بأنشاء محكمة عدل عليا الى ( القانون ) بالنظر الى إن أنشاءها يشكل إضافة الى ما كان قائما من محاكم عند
وضع هذا النص .
إلا انه ، وكما تقدم ، فان معاني النص الدستوري لا تكتمل إلا بقراءتها مجتمعة في سياقها ، وأعمالا لهذه القاعدة فأننا نلاحظ إن المادة (105) من الدستور تحدثت عن ( قوانين ) خاصة تتعلق بحق المحاكم الشرعية في القضاء ، إذ جاءت كلمة ( قوانين ) بصيغة الجمع ، وكذلك الأمر فيما يتعلق بكلمة ( القوانين ) التي وردت في المادة (109) من الدستور ، وكذلك كلمة ( القوانين الخاصة ) الواردة في المادة (110) .
وعليه فان ورود عبارة ( بقانون خاص ) في المادة (100) من الدستور لا تعني قانونا خاصا واحدا ، ولا تعني إن الدستور يمنع تعيين أنواع المحاكم ودرجاتها وأقسامها واختصاصاتها وكيفية أدارتها في اكثر من قانون ، على إن ينص قانون من هذه القوانين على إنشاء محكمة عدل عليا .
وبالإضافة لكل ما تقدم ، فانه ” من المتفق عليه حسب قواعد الفقه الدستوري إن العرف الدستوري يصلح أساسا لتفسير النصوص الغامضة في الدستور أو التي تحتمل التأويل ” وقد صدر العديد من القوانين المتعلقة بتشكيل المحاكم وتعيين درجاتها وأقسامها واختصاصاتها وكيفية أدارتها منذ صدور الدستور وعلى مدى الخمسين سنة الماضية ، هذه الممارسة أصبحت عرفا دستوريا مستقرا .
وتأسيسا على ما تقدم ، فأننا نجد إن الدستور لا يمنع من وضع قانون خاص مستقل بتشكيل محاكم إدارية يتضمن نصا على إنشاء محكمة عدل عليا ، بل بالعكس ، فان في ذلك أعمالا لنص المادة (100) من الدستور وانسجاما معها .
هذا ما نقرره بالأجماع بشأن التفسير المطلوب .
صدر في يوم الثلاثاء الخامس عشر من رجب 1422 هجرية ، الموافق للثاني من تشرين الأول 2001 م .