التقادم المُكسِب في القانون
يقصد بالتقادم المُكسِب ، هو اكتساب حق عند مرور مدة من الزمن يحددها القانون يُصبح فيها واضع اليد على الشيء مالكاً له .
كنا قد تحدثنا في مقال سابق أن التقادم من المواضيع ذات الأهمية في القوانين الأردنية ، وقد تحدثنا عن التقادم المسقط ، فعرفنا المقصود به وما هي الحالات والمدد التي تؤدي إلى تقادم الحقوق ،فالحقوق لا تنقضي ولا تسقط بتقادم الزمن أنما الذي يتقادم هو عنصر المسؤولية في أداء الحقوق.
تجدر الإشارة إلى أن الوفاء بعد مضي خمس عشرة سنه لا يعتبر تبرعاً إنما هو وفاء بدين صحيح ، وتحدثنا عن الدفع بالتقادم هو من حق الخصوم بالدعوى وليس من المحكمة فليس لها أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها وإنما بناءً على طلب يُقدم من أحد الخصوم أو ممن له مصلحة .
وفي مقال منفصل تحدثنا عن التقادم المسقط. ، وذكرنا أن الدفع بالتقادم من الدفوع الشكلية التي على الرغم من أنه يجب الدفع به في بداية الدعوى إلا أنه يصح الدفع به من خلال الدعوى عند ثبوت الحق به ، هذا أبرز ما جاء في مقال التقادم المسقط في القانون المدني الأردني ، وسنخصص هذا المقال للحديث عن النوع الآخر من التقادم وهو التقادم المُكسب .
جدول المحتويات
على ماذا يقع التقادم المُكسِب؟
تعريف التقادم المُكسب للحق
هو اكتساب حق عند مرور مدة من الزمن يحددها القانون يُصبح فيها واضع اليد على الشيء مالكاً له ، والحقيقة وإن كان التقادم المُكسب يتنافى مع العدالة إذ ليس من العدل أن يصبح حائز الشيء مالكاً له عند توافر شروط التقادم المُكسب التي سنتحدث عنها لاحقاً ، فالذي دفع المشرع لتشريع التقادم المكسب أو التقادم المُسقط أن التقادم ما هو إلا دليل وقرينة على إهمال صاحب الحق بمطالبة خصمه مع تمكُنه من هذه المطالبة ، وقرينة تنازله عن حقه ، مما يؤدي إلى أحقية كسب الحق أو استحقاق سقوطه .
على ماذا يقع التقادم المكسب؟
يقع التقادم المكسب على الحقوق العينية دون الحقوق الشخصية وتحديداً على أسباب ملكية هذه الحقوق، والحقوق العينية الأصلية جميعاً يجوز كسبها بالتقادم، سواء كانت ملكية أو حقوقاً متفرعة عن الملكية كالانتفاع والارتفاق وحق الاستعمال وحق السكن، فالتقادم المُكسب مقترن بالحيازة، فللحائز أن يمتلك ما تقع عليه يده من أشياء منقولة أو عقارية بعد أن تستمر في حيازته فترة محددة من الزمن وبالاستناد إلى شروط أخرى محددة ، فما هي شروط التقادم المُكسب ؟ .
شروط التقادم المُكسب
لكي يكون التقادم مكسبا فلا بد من توافر الشروط التالية مجتمعة به :
شرط الحيازة
كما أشرنا سابقاً ان التقادم المُكسب مقترن بالحيازة، فالحيازة هي أحد شروط التقادم المُكسب، ولكن لا يكفي أن يضع الحائز يده على المنقول أو العقار، بل لا بد من أن تكون هذه الحيازة ظاهرة لا غموض فيها بأن تتجه نية الحائز قد اتجهت لملكية الشيء، وألا يكون هناك منازع للملكية، أي قصد كسب ومباشرة حق ملكية أو حق عيني. فالحيازة العرضية أي الحيازة لحساب الغير كحيازة المستأجر لا تصلح أساساً للتقادم المكسب، فمثلاً وضعت يدك على العقار ليس له مالك كحيازة هادئة مستمرة لم ينازعك فييها أحد لمدة يحددها القانون يكون لك الحق في استملاك ذلك العقار .
شرط المدة
حتى لا تسمع دعوى المالك أو دعوى الحق العيني على حائز الشيء محل الحيازة لا بد أن تستمر فيه الحيازة مدة معينة من الزمن ودون انقطاع ، وقد نص القانون الأردني في المادة (1181) على ما يلي ( من حاز منقولاً أو عقاراً غير مسجل في دائرة التسجيل باعتباره ملكاً له أو حاز حقاً عينياً على منقول ، أو حقاً عينياً غير مسجل على عقار ، واستمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة فلا تسمع عليه عند الإنكار دعوى الملك أو دعوى الحق العيني من أحد ليس له عذر مشروع ) .
هل تطول أو تقصر المدة المشترطة لمنع سماع الدعوى ؟
إن مدة الخمس عشرة سنة هي الأصل المنع لسماع دعوى المالك أو دعوى الحق العيني ، ولكن المدة تختلف فمثلاً إذا وقعت الحيازة على عقار أو حق عيني عقاري وكان غير مسجل في دائرة التسجيل وكان الحائز حسن النية ، وحسن النية هو جهل الحائز أنه يعتدى على حق الغير أو هو اعتقاده انه تلقى الحق عن صاحب حق واستند في الوقت ذاته إلى سبب صحيح فإن المدة التي تمنع من سماع الدعوى تكون سبع سنوات ، كما لا تسمع دعوى أصل الوقف مع التمكن وعدم وجود عذر شرعي على من كان واضعاً يده على عقار متصرفاً فيه تصرف المالك بلا منازعة وانقطاع مدة ست وثلاثين سنة .
ما هو السبب الصحيح ؟
هو السند القانوني الذي يستند إليه الحائز في حيازته والذي كان من شأنه أن ينقل الملكية لو أن الحائز كان قد تلقاه عن مالك أو صاحب حق، كالهبة بين الأحياء بعوض، أو بغير عوض ، أو انتقال الملك بالإرث ،أو الوصية ، أو الفراغ، أو البيع الرسمي ،أو العادي ، أو الاستيلاء على الأراضي الموات ، وإثبات السبب الصحيح يقع على الحائز .
ما هي الأموال التي لا يُمكن كسبها بالتقادم؟
الأموال والعقارات المملوكة للدولة أو الهيئات العامة التابعة لها، وكذلك أموال وعقارات الأوقاف الخيرية والعقارات المتروكة والمحمية، فلا يجوز كسبها ولا كسب أي حق عيني عليها بمرور الزمن.
متى لا تسري مدة التقادم المكسب؟
إذا كان هناك عذر مشروع يمنع صاحب الحق من المطالبة بحقه.
أثر التقادم المُكسب؟
يخضع التقادم المكسب من حيث وجوب التمسك به وجواز النزول عنه بعد تمامه للأحكام التي يخضع لها التقادم المسقط. ويترتب على التقادم المكسب اكتساب الملكية والحق العيني، وجواز التمسك بهذا الاكتساب عن طريق الدفع والدعوى. ويرجع تاريخ الكسب إلى وقت بدء الحيازة التي أدت إلى التقادم. ويترتب على ذلك عدم إلزام الحائز برده وسقوط الحقوق التي قررها المالك السابق خلال سريان التقادم ونفاذ الحقوق التي رتبها الحائز .
تسري قواعد التقادم المسقط على التقادم المكسب فيما يتعلق بحساب المدة ووقف التقادم وانقطاعه والتمسك به أمام القضاء والتنازل عنه والاتفاق على تعديل المدة وذلك بالقدر الذي لا يتعارض فيه هذه القواعد مع طبيعة التقادم المكسب ، وللاطلاع على هذه القواعد راجع مقال التقادم المُسقط في القانون المدني الأردني .
——————————————————————————————