يُمكن تعريف النقض بأنه : الطعن على حكم محاكم الاستئناف في حال أن شابها مخالفة في القانون أو خطأ في تطبيق القانون أو تأويله، أو في حالة وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات كان له تأثير على الحُكم.
والجدير بالإشارة أنه لا يترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الحكم، بيد أن القانون أعطى لمحكمة النقض جواز الأمر بوقف تنفيذه بشكل مؤقت في حال أن طُلب ذلك في صحيفة الطعن وكان متوقعًا من التنفيذ وقوع ضرر جسيم لا يُمكن تداركه.
فرغم اجتهاد القاضي في محاولة إرساء قواعد القوانين الوضعية، إلا أن بعض الأحكام قد يشوبها قصور أو خطأ.
فلا يُمكن أن يكون الحكم الصادر عن معرفة مضبوطة للقانون وللوقائع بشكل دائم، بل قد يُعبر أيضُا عن معرفة مبالغ فيها أو ناقصة.
فمن الوارد وقوع خطأ في الحكم القضائي بشكل عام، والحُكم بشكل خاص وذلك باعتبار القاضي بشرًا قد يصيب وقد يُخطأ نظرًا لقصور إمكانياته أن يحيط إحاطة شاملة بكافة عناصر الدعوى.
وفي حال أن رأي أحد الخصوم وجود عوار أو قصور من القاضي في إصداره للحُكم فمن الأفضل أن يكون متاحًا له فرصة إعادة عرضه أو بعثه على القضاء حتى إذا ثبت الخطأ فيتم إصلاحه تفاديًا للضرر.
نقض التمييز
إن عملية التقاضي تحتاج إلى دقة ومتابعة مستمرة ، وذلك نظراً لكثرة الإجراءات الشكلية التي من الواجب إتباعها في النظام القضائي ، فإذا تُركت أحكام القضاة دون رقابة وتقييم فإن ذلك قد يؤدي إلى حدوث فساد في نظام التقاضي ، إذ أن احتمال الخطأ من الإنسان موجود بالفعل والقضاة بشر يصيبون ويخطئون، لذلك إن عرض القضية على محكمة أعلى من المحكمة التي أصدرت الحكم فيه مصلحة واضحة للخصوم ، وتأكيد على تحقيق العدالة ، والتي تتحقق في إقرار مبدأ جواز الطعن في الأحكام ، وتعد محكمة التمييز محكمة ذات درجة عُليا تقوم بالرقابة على الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى والثانية من حيث مدى التزامها بما نص عليه القانون من إجراءات ، فكل حكم قضائي لم يستوفِ الشروط المطلوبة فيه يستوجب الاعتراض عليه ونقضه .
المقصود بالطعن بالنقض
إن المقصود بنقض الحكم هو مراجعة الحكم الصادر عن القاضي وإبطاله إذا وجد ما يستوجب ذلك، والطعن بالنقض هو طريق غير عادي من طرق الطعن بالأحكام والذي تختص بنظره محكمة التمييز حيث تقوم بنقض الحكم المطعون فيه لوجود سبب من الأسباب التي تستوجب النقض كمخالفة أحكام القانون مثلاً.
الطعن بالتمييز ونقض التمييز
قد تعرفنا في مقال سابق على أسباب الطعن بالتمييز وهي محددة على سبيل الحصر في قانون أصول المحاكمات المدنية في المادة، فهل تختلف أسباب الطعن بالتمييز عن أسباب نقض الحكم بالتمييز؟
إن الطعن بالتمييز ونقض الحكم بالتمييز كلاهما يبنى على أساس مخالفة القانون، فالنقض والتمييز كلاهما من طرق الطعن في أحكام محاكم الاستئناف إذا شابها مخالفة في القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله أو إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر ذلك الحكم.
ويعد النقض نتيجة للتمييز، أي في حال كانت أسباب التمييز وارده في الحكم فيتم إصدار حكم بنقض الحكم المميز، إلا أن قانون أصول المحاكمات المدنية نص في المادة 199 على نقض التمييز لمخالفة قواعد الاختصاص، فما الذي قصده المشرع من النص على هذه المادة؟
تمييز الطعن بالنقض عن طرق الطعن الأخرى
يتميز الطعن بالنقض على طرق الطعن الأخرى في عدة أمور نجملها في الاتي:
الطعن بالنقض لا يجوز الا لأسباب محددة حصرًا، أما الطعن بالاستئناف فهو يشمل جميع الأحكام والقرارات الابتدائية التي تصدر من محاكم الدرجة الأولى.
الطعن بالاستئناف يستند لأسباب قانونية أو واقعية ولا يستند لأسباب محددة على سبيل الحصر، والخصـم من حقه أن يطرح دعواه أمام محكمة الاستئناف بكافة تفاصيلها وأن يتقدم بأوجه دفاع جديدة إذا استلزم الأمر ذلك.
يترتب على الطعن بالاستئناف وقف تنفيذ الحُكم المطعون فيه بقوة القانون وذلك حتى صدور حكم حاسم في الاستئناف، إلا في حالتين، الأولى أن كان القرار أو الحُكم المُستأنف مشمولاً بالنفاذ المُعجل وفقًا للقانون، والثانية أن كان الحُكم أو القرار المُستأنف مأمورًا به في القرار أو الحُكم.
أما الطعن بالنقض فلا يترتب عليه وقف تنفيذ الحُكم المطعون فيه مالم تقرر المحكمة غير ذلك.
والطعن بالاستئناف يكون أمام المحكمة التي أصدرت الحكـم لتفصـل فيه مـن جديد مـن حيث القانون أو الواقع وبأسباب خاصة بالمُعترض، إلا أن النقض يتم أمام محكمة غير التي أصدرت الحُكم وذلك على خلاف الاستئناف.
أسباب الطعن بالنقض
الأحكام التي يجوز الطعن فيها بالنقض هي الأحكام النهائية الصادرة من محاكم الاستئناف إذا توافر سبب من أسباب الطعن بالنقض وتلك الأسباب سنوضحها في الاتي :
مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله
يُعتبر مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والخطأ في تأويله من أسباب الطعن بالنقض وهي ما سنتناولها فيما يلي :
أولاً تعريف مخالفة القانون :
عُرف عيب مخالفـة القـانون بأنه تأكيد قاعدة قانونية غير موجودة أو إنكـار قاعـدة قانونية لهـا وجـود ،ويرى البعض أنه عدم تطبيق نص قانوني واجب التطبيق.
ويرى أخرون أن مخالفـة القـانون تعنى تأكيد القاضي لقاعدة قانونية غير موجودة أو إنكـاره لقاعـدة قانونيه موجـودة ، بغض النظر كانت القاعدة من القواعد الإجرائية أو الموضوعية.
فمخالفة القانون بشكل عام تعني أن يقوم القاضي بإعمـال القـانون بعكس ما يقتضيه.
ثانيا شروط الطعن لمخالفة القانون :
وجود قاعدة قانونية واجبة التطبيق :
وذلك مثل ان يكون هناك قاعدة قانونية أو نصًا قانونيًا واجب التطبيق ظهر وفقًل للأدلة والمستندات التي أثبتها الحُكم المطعون فيه.
أن يكون الحُكم مخالفًا للقاعدة واجبة التطبيق :
يُعد القاضي مخالفًا للقانون إذا أغفل أو خالف قاعدة قانونية صريحة أو أعمل قاعدة قانونية ملغاه على النزاع المعروض عليه.
أن تكون المخالفة واقعة في مسألة معروضة على المحكمة :
فيجب أن تكون المسألة القانونية المدعى مخالفة القاعدة القانونية التي تحكمها أو وقوع الخطأ فيها قد تكون المحكمة واجهتها من تلقاء نفسها أو عُرضت على المحكمة التي أصدرت الحُكم.
وجوب ارتباط المخالفة بنتيجة الحُكم :
فلابد من وجود علاقة سببية تربط مخالفة الحُكم القانوني بقرار المحكمة في القضية بحيث تكون المخالفة مؤثرة في الحُكم أو القرار.
وهو يعني تطبيق أو إعمال النص القانوني على حالة لا ينطبق عليها، بحيث يؤدي لنتائج قانونية مخالفة لتلك التي أرادها المُشرع.
ويعني أيضًا الخطأ في التكييف السليم للوقائع أو العمل في الدعوى بقاعدة قانونية لا تنطبق عليها أو قاعدة مغايرة لتلك القاعدة التي كان يجب تطبيقها على واقعة الدعوى.
وهو يعني إساءة القاضي فهم النصوص القانونية الملتبسة أو الغامضة ويفسرها تفسيرًا معيبًا لا يتماشى مع الفهم الصحيح السليم لأحكام القانون.
ويقصد به أيضًا إعطاء النص القانوني الواجب التطبيق معنى غير معناه الحق.
بطلان الحكم وبطلان الإجراءات التي تؤثر في الحُكم
بطلان الحُكم والإجراءات المؤثرة فيه جعلها المشرع من أسباب الطعن بالنقض سنوضح معنى كل منهما تباعًا كما سيلي :
عدم النفاذ أو عدم الصحة الذي يُتبع تصرفًا ما بسبب مخالفته لأمر أو نهي من القانون، أو يُمكن أن نقول إنه عيب يُلحق التصرف القانوني ومن ثم يحرمه من أثاره.
هو عيب في أحد إجراءات الدعوى بداية من رفعها حتى ميعاد صدور الحُكم فيها بشرط وجود ارتباط وصلة قوية بين هذا العيب وبين الحُكم الصادر في الدعوى.
التناقض والطعن لمصلحة القانون
يُعتبر تناقض الحُكم مع حُكم سابق له حجية الأمر المقضي به، وكذلك الطعن لمصلحة القانون من ضمن الأسباب التي يُمكن الاعتماد عليها للطعن في الحُكم بطريق النقض، وهو سنبينه في الاتي :
تناقض الحكم مع حُكم سابق له حائز لقوة الأمر المقضي به
التناقض بين الأحكـام يتحقق في حالة صدور حكـم قضائي يعارض حكمـاً آخـر يكون سابقًا عليه كخطأ في الإجراءات بحيث يكون مـن شـأن اللاحـق حذف وإزاله حقوق ومركز الحُكم السابق التـي أنشـأها بـإقرار وجـود حـق قرر بالسابق نفي وجوده أو عدم وجوده.
وفي معنى قـوة الأمـر المقضـي بـه فقد عرفـت محكمـة الـنقض المصرية بأنـه (مرتبـه يصل إليها الحكـم إذا
أصـبح أثـرة الملـزم نهائيًا غير قابـل للطعـن فيه بطريق مـن طـرق الطعـن الاعتيادية وإن ظـل قـابلاً
للطعن فيه بطريق غير عادي )
يُقصد بتناقض الأسباب مع المنطوق أي الحالة التي تكون الأسباب التي أسس الحكم على أساسها تتعارض مع ما توصل إليه القاضي في منطوق الحكم، أي مناقضة الأسباب مع المنطوق مناقضة تامة من غير المُمكن علاجه.
الطعن بالنقض لمصلحة القانون هو طعن يقوم به النائب العام ويهدف من خلاله تحقيق المصلحة العامة والتي تتمثل في ضمان وحدة تفسير القانون في الدولة وضمان عـدم مخالفـة المحـاكم للقـانون فلا يستفيد منه الخصوم ولا يُضار به.
وبالاطلاع على قانون المرافعات المصري مادة 250 نجد أن المُشرع المصري قد نظـم الطعـن بـالنقض لمصـلحة القـانون حيث نصت المادة سالفة الذكر علــى أنــه ( للنائــب العــام أن يطعن بطريق الــنقض لمصــلحة القانون في الأحكام الانتهائية ـ أيا كانـت المحكمـة التـي أصـدرتها ـ إذا كـان الحكـم مبينًا علـى مخالفـة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله وذلك في الأحوال الآتية:
1- الأحكام التي لا يجيزها القانون للخصوم الطعن فيها.
2- الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن.
ويرفع هذا الطعن بصحيفة يوقعها النائب العـام، وتنظـر المحكمـة الطعـن فـي غرفـة المشـورة
بغير دعوه الخصوم، ولا يفيد الخصوم من هذا الطعن(
والمشرع المصري هدف من استحداث هذا النص لمجابهة صـعوبات من الوارد وجودها في العمل وينتج عنها وجود تعارض في أحكام المسألة القانونية الواحدة، وبناء على ذلك ولمصلحة إرساء العدالة وتحقيقها فوجب أن تُعـرض هـذه المسائل القانونية على المحكمة العليا لتقول فيها قولتها الفصل للحد من تعارض وتضارب الأحكام.
هل يترتب على الطعن بالنقض وقف الحكم المنقوض؟
لا يترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الحكم، ولكن يجوز لمحكمة النقض أن تأمر بوقف تنفيذه مؤقتاً إذا طلب ذلك في صحيفة الطعن وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه.
من هي محكمة النقض؟
في العديد من الدول تسمى أعلى محكمة نظامية بمحكمة النقض ومثال ذلك في مصر ، وفي الأردن تسمى محكمة التمييز .
نقض التمييز لمخالفة قواعد الاختصاص
نصت المادة 199 من قانون أصول المحاكمات المدنية على نقض التمييز لمخالفة قواعد الاختصاص أي إبطال الحكم المميز نتيجة لمخالفته لقواعد الاختصاص، وقواعد الاختصاص هي من تحدد اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، فإذا تبين لمحكمة التمييز أن الحكم المطعون فيه قد خالف قواعد الاختصاص بحيث تبين أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه غير مختصة بنظر الدعوى، فلها أن تحكم في مسألة الاختصاص، وأن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة في النظر والفصل فيها،
_ إذا كان نقض الحكم المميز قد وقع بسبب مخالفة في أصول المحاكمة، فما هو مصير الإجراءات اللاحقة للمخالفة؟
يعد البطلان شاملاً للإجراءات اللاحقة للإجراء الباطل الذي تسبب بنقض الحكم.
_ ماذا يتوجب على محكمة التمييز فعله في حال نقضت الحكم لسبب غير شكلي وغير متعلق بالنظام العام؟
يتعين عليها الفصل في جميع أسباب الطعن الموضوعية المعروضة أمامها.
مخالفة المادة 202 من قانون أصول المحاكمات المدنية
اذا قامت محكمة الاستئناف وبعد ان اعتيدت الدعوى اليها منقوضة من قبل محكمة التمييز وترافع الأطراف حول ما ورد بقرار النقض، بالإصرار على قرارها السابق وأضافت الى قرارها الجديد أسبابا وعللا لم يتضمنها قرارها المنقوض وقامت بمناقشة قرار النقض الصادر عن محكمة التمييز والرد عليه خلافا لمقتضيات أحكام المادة 202 من قانون أصول المحاكمات المدنية فانه كان عليها ان تقرر الإصرار على قرارها السابق فقط دون إضافات جديدة ولما لم تفعل فيكون حكمها معيبا لمخالفته لأحكام المادة 202 من قانون أصول المحاكمات المدنية وحريا بالنقض.
المادة 202 من قانون أصول المحاكمات المدنية
في اليوم المعين تتلو المحكمة قرار التمييز المتضمن نقض الحكم وتسمع أقوال الفرقاء بشأن قبول النقض أو عدم قبوله ثم تقرر قبول النقض أو الإصرار على الحكم السابق فاذا قررت القبول تسير في الدعوى بدءا من النقطة المنقوضة وتفصل فيها، وإذا قررت الإصرار على حكمها السابق للعلل والأسباب التي استندت اليها في الحكم المنقوض واستدعى أحد الطرفين تمييز قرار الإصرار يجوز لمحكمة التمييز أن:
1- تدقق فيه مرة ثانية وتصدر قرارها اما بتأييد الحكم أو نقضه فاذا قررت نقضه للأسباب التي أوجبت النقض الأول تعيد الدعوى الى المحكمة التي أصدرت الحكم فيها وعندئذ يترتب عليها أن تمتثل لهذا القرار أو
2- تتولى رؤية الدعوى مرافعة وتفصل فيها .
والحكم الذي يصدر بهذه الصورة لا يقبل أي اعتراض أو مراجعة أخرى.
——————————————————————————————