تعتبر الإنابة القضائية من أهم الوسائل التي وضعت في القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية لغايات تحقيق العدالة وعدم حرمان أي شخص من المثول أمام المحكمة والدفاع عن نفسه نتيجة بعد المحكمة عن مكان إقامته مثلاً أو لوجودها في دولة أخرى، أو تفويض سلطة لسلطة أخرى بمباشرة بعض الأعمال بالنيابة عنها ، وبالتالي كان لزاماً إيجاد الإنابة القضائية كحل لأي إشكالية قد تواجه الإجراءات القضائية . سنتحدث عن الإنابة القضائية المحلية والإنابة القضائية الدولية .
الإنابة القضائية في القانون الأردني :
تستخدم المحاكم الأردنية فيما بينها الإنابة في بعض الإجراءات القضائية وذلك لتسهيل وتسريع الفصل في الدعاوى المرفوعة أمامها ، فالإنابة هي شكل من أشكال التعاون القضائي بصيغة رسمية ، فهي بمثابة تفويض يصدر من جهة قضائية إلى جهة قضائية أخرى لمباشرة الأعمال المنصوص عليها في الإنابة ، مثلاً قد يتعذر على الشاهد الحضور إلى المحكمة لتتمكن من سماع أقواله ، فإذا اقتنعت المحكمة بأسباب عدم تمكنه من الحضور كأن يكون مريض عاجز عن الحركة وموجود في منطقة بعيدة عن المحكمة كأن يكون موجود في محافظة أخرى.
فللمحكمة أن تنيب المحكمة الموجود ضمن دائرتها محل إقامة الشاهد لسماع أقوال الشاهد ، أو قد يتعذر إجراء الكشف والخبرة على قطعة أرض موجودة ضمن دائرة محكمة أخرى غير المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى ، ففي تلك الحالات للمحكمة أن تنيب رئيس المحكمة أو القاضي الذي توجد قطعة الأرض المطلوب إجراء الكشف والخبرة عليها في دائرته لإجراء الكشف والخبرة وفقاً لما تقرره قرار الإنابة وتقوم المحكمة التي تمت إنابتها باختيار الخبراء ، وذلك سنداً لنص المادة (84) في قانون أصول المحاكمات المدنية :- ( إذا كان المال أو الأمر الذي تقرر إجراء الكشف والخبرة عليه في منطقة غير منطقة المحكمة التي أصدرت القرار، فيجوز لها أن تنيب رئيس المحكمة أو القاضي الذي يوجد موضوع الكشف والخبرة في دائرته لإجراء الكشف والخبرة وفقاً لما تقرره المحكمة التي اتخذت قرار الإنابة وعلى أن تقوم المحكمة التي تمت إنابتها باختيار الخبراء ) .
الإنابة القضائية في قانون أصول المحاكمات المدنية
قانون الأصول المحاكمات المدنية الأردني لم ينفرد بالإنابة في الإجراءات القضائية ، فقد نص أيضاً قانون أصول المحاكمات الجزائية على الأحوال التي تجوز فيها الإنابة القضائية في الإجراءات الجزائية ، فمثلاً للمدعي العام إنابة أفراد الضابطة العدلية في إجراء معين أو أكثر من إجراءات التحقيق الابتدائي ، على الرغم من أن إجراءات التحقيق الابتدائي من اختصاص النيابة العامة فيها المكلفة بمباشرتها ، وذلك لما تقتضيه الضرورة ولسرعة الإنجاز ولما يتمتع به إفراد الضابطة العدلية من كفاءة وتمييز في الأداء الوظيفي . سنداً لنص المادة (48) من قانون أصول المحاكمات الجزائية يمكن المدعي العام أثناء قيام بالوظيفة في الأحوال المبينة في المادتين )29 و 42 ) ان يعيد الى احد موظفي الضابطة العدلية كل حسب اختصاصه و بقسم من الأعمال الداخلة في وظائفه اذا رأى ضرورة لذلك ما عدا استجواب المشتكى فًي غير الأحوال المبينة فًي الفقرة 1 من هذه المادة اذا عهد المدعً العام الى أي من موظفً الضابطة العدلٌية بقسم من الأعمال الداخلة فيً وظائفه وفقا الأحكام هذا القانون وجب عليه ان يصدر مذكرة خطٌة بذلك تتضمن الزمان والمكان المعين لإنفاذ مضمونها كلما كان ذلك ) . إذا يستثنى أمر إنابة أفراد الضابطة العدلية من استجواب المشتكى عليه فلا تصح الإنابة في هذا الإجراء .
الإنابة من المدعي العام
كما أن للمدعي العام أن ينيب أحد قضاة الصلح في منطقته لإجراء أي معاملة من معاملات التحقيق في الأماكن التابعة للقاضي ، ما عدا إجراء استجواب المشتكى عليه ، وذلك سنداً لنص المادة (92) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ما يلي :-
( يجوز للمدعي العام ان ينيب احد قضاة الصلح في منطقته أو مدعي عام آخر إجراء معاملة من معاملات التحقيق في الأمكنة التابعة للقاضي المناب وله أن ينيب احد موظفي الضابطة العدلية لأية معاملة تحقيقية عدا استجواب المشتكى عليه . ويتولى المناب من قضاة الصلح أو موظفي الضابطة العدلية وظائف المدعي العام في الأمور المعينة في الإنابة . )
كما نص قانون التنفيذ على إعطاء صلاحية لرئيس التنفيذ إذا كانت التدابير التنفيذية خارج دائرة التنفيذ أن ينيب دائرة التنفيذ التي ستتخذ فيها هذه التدابير، فقد تكون القضية منفذة في أحدى الدوائر وإجراء وضع اليد والبيع بالمزاد العلني لا يمكن أن يتم من خلال دائرة التنفيذ هذه كون العقار يقع ضمن حدود دائرة تنفيذ تابعة لمحكمة أخرى فهنا لا بد من إنابة دائرة التنفيذ للقيام بإجراءات وضع اليد والبيع بالمزاد وبعد إتمام الإجراءات تستطيع الدائرة إعادة ملف الإنابة مع كافة الإجراءات التي تمت إلى دائرة التنفيذ المنيبة ويتم حفظه في الملف التنفيذي الأصلي ، وإتمام الإجراءات الأخرى.
الإنابة القضائية الدولية :-
الإنابة القضائية الدولية هي وسيلة لتحصيل الحقوق الموجودة وإثباتها في دولة أخرى غير دولة الشخص طالب الإنابة
ومن الواقع العملي للإنابة الدولية فإن هناك العديد من القضايا التي تقوم فيها المحاكم الأردنية بإنابة محاكم دول أخرى ، وبمقتضى اتفاقيات التعاون القضائي فيما بينها ، فعلى سبيل المثال هناك اتفاقية تعاون قضائي بين الأردن والسعودية بحيث إذا أرادت أي منها إنابة محكمة معينة في اتخاذ إجراء معين تقوم وبشكل مباشر بإرسال كتاب يتضمن فيه مضمون الإنابة ونسخة عن ملف الدعوى ، وتقوم المحكمة المنابة بدورها بتبليغ الأطراف المرتبطين بتنفيذ الإنابة ومن ثم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتنفيذها وبعد ذلك إرسال الأوراق مع ما يفيد بأن الإنابة قد نفذت للمحكمة المختصة، وقد حدث أن قمنا بعمل إنابة قضائية لمحكمة جدة لغايات تبليغ أحد الأطراف وحضوره لحلف يمين وتضمن الكتاب صيغة اليمين وما هو المطلوب من المحكمة ، وتم اتخاذ هذا الإجراء لعدم تمكن هذا الشخص من الحضور للأردن لحلف هذه اليمين.
ولا بد من القول بأن الإجراءات المتبعة لغايات الإنابة الدولية خاصة فيما بين الأردن والسعودية لا تتطلب إجراءات التبليغ الدبلوماسية المعروفة وإنما يكفي أن تقوم المحكمة الأردنية أو السعودية بمخاطبة المحكمة الأخرى بشكل مباشر وتكون نفقة إرسال هذه الأوراق على الطرف الذي طلب إجراء الإنابة ، لكن هناك دول يتطلب إجراء التبليغات لها بالطرق الدبلوماسية سنداً لنص المادة (13) من قانون أصول المحاكمات المدنية فقد جاء فيها ما يلي :-
( إذا كان المطلوب تبليغه مقيماً في بلد أجنبي وكان موطنه فيه معروفاً تسلم الأوراق لوزارة العدل لتبليغها إليه بالطرق الدبلوماسية ما لم يرد نص على خلاف ذلك في البلد المقيم فيها ). .
——————————————————————————————
قوانين أردنية مهمة
