أتعاب المحاماة

المحاماة من المهن الشريفة الدفاعية التي تظهر الحق وتنصر المظلوم، وهي ركن من أركان العدالة القائم على الفصل بين الحق والباطل وتحقيق العدالة، وهي المهنة التي يحترفها شخص يدرس القانون والنصوص القانونية ويحاول تكييف الوقائع والأحداث لإظهار الحقيقة، فالمحامي في الأردن هو ممثل العدالة في الأرض وطبيعة عمل المحامي تلزمه بتقديم خدمات المحامي المنصوص عليها في قانون نقابة المحامين الأردنيين وتمثيل المتقاضيين أمام المحكمة، ويحصل المحامي في الأردن مقابل هذه الأعمال والخدمات التي يؤديها على ما يسمى بأتعاب المحاماة، فسوف نوضح كل ما يتعلق بأتعاب المحاماة من خلال العناصر الرئيسية التالية:

أولًا: تعريفات مهمة

ثانيًا: الدليل على مشروعية المحاماة في الأردن

ثالثًا: ما هو الأساس القانوني لأتعاب المحاماة في الأردن

رابعًا أهمية فهم تفاصيل أتعاب المحامي

خامسًا: أسس تقدير أتعاب المحاماة في الأردن

سادسًا: كيفية الاعتراض على قرارات لجنة تقدير أتعاب المحاماة

سابعًا: ما هي ضوابط تحديد الرسوم في قضايا تقدير أتعاب المحامين

ثامنًا: الأحكام القضائية الخاصة بأتعاب المحاماة

سوف نقدم شرحًا تفصيليًا لكلًا من عنصر من العناصر الرئيسية السابقة:

أولًا: تعريفات مهمة

هناك عدة تعريفات مهمة لا بد من إيضاحها والمرتبطة بموضوع أتعاب المحاماة في الأردن، وهي كالتالي:

١. مهنة المحاماة

هي مهنة قائمة على تقديم المساعدة للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في اقتضاء حقوقهم والمعاونة في العمل وفقًا للقوانين المتبعة في كافة المجالات والدفاع عن حقوق الآخرين والتوعية القانونية للمواطنين بحقوقهم وواجباتهم.

٢. المحامون في الأردن

المحامون هم من أعوان القضاء الذين اتخذوا مهنة لهم تقديم المساعدة القضائية والقانونية لمن يطلبها لقاء أجر ويشمل ذلك الآتي:

أ. التوكل عن الغير للادعاء بالحقوق والدفاع عنها لدى كافة المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها عدا المحاكم الشرعية ولدى المحكمين ودوائر النيابة العامة والحكام الإداريين والضابطة العدلية، ولدى كافة الجهات الإدارية، والمؤسسات العامة والخاصة.

ب. تنظيم العقود والقيام بالإجراءات التي يستلزمها ذلك.

ت. تقديم الاستشارات القانونية، وذلك وفقًا لنص (المادة ٦) من قانون نقابة المحاميِن الأردنيين.

 ٣. أتعاب المحاماة

“هي ما يتلقاه المحامي من أموال ممن وكله في أداء خدمة من خدمات المحاماة مثل الاستشارة القانونية أو صياغة العقود، أو الدفاع أو المرافعة عنه أمام المحاكم أو غيرها من أعمال”([1]).

٤. لجنة تقدير أتعاب المحاماة

هي لجنة أو أكثر يشكلها مجلس نقابة المحامين الأردنية تتكون من ثلاثة محامين أساتذة مزاولون ممن أمضوا مدة لا تقل عن عشر سنوات في ممارسة المهنة ويسمي من بينهم رئيس لها للنظر في قضايا تقدير الأتعاب. وللمجلس أن يسمي أعضاء احتياط لهذه اللجنة، وفقًا لما جاء في (المادة ٥٢) من نقابة المحاميِن الأردنيين لسنة ١٩٧٢م،

٥. هيئة الاعتراض على قرارات لجنة تقدير أتعاب المحاماة

هي هيئة اعتراض أو أكثر تتألف من خمسة محامين ممن أمضوا مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة في ممارسة المهنة ويسمي من بينهم رئيس لها للنظر في الاعتراض على قرارات لجنة قضايا تقدير الأتعاب وللمجلس أن يسمي أعضاء احتياط لهذه الهيئة، وفقًا لما جاء في (المادة ٥١) من قانون نقابة المحامين الأردنيين.

ثانيًا: الدليل على مشروعية المحاماة في الأردن

هناك أدلة على مشروعية عمل المحاماة سواء من القرآن الكريم والسنة النبوية على النحو التالي:

١. من القرآن الكريم:

قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ)

٢. من السنة النبوية:

أخرج البخاري ومسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صدق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعة من النار فليأخذها، أو يتركها.

ثالثًا: ما هو الأساس القانوني لأتعاب المحاماة في الأردن

 يستمد الأساس القانوني لحق المحامي في الحصول على أتعاب مقابل الخدمات أو الأعمال التي قام بها في الأردن من النصوص الصريحة سواء في قانون نقابة المحامين الأردنيين لسنة ١٩٧٢م، والقانون المدني الأردني من خلال التالي:

١. قانون نقابة المحامين الأردنيين

“للمحامي الحق في تقاضي بدل أتعاب عما قام به من أعمال ضمن نطاق مهنته كما له الحق في استيفاء النفقات التي دفعها في سبيل القضية التي وكل بها”، وفقًا لما جاء في (المادة ٤٥) من قانون نقابة المحاميِن الأردنيين لسنة ١٩٧٢م.

٢. القانون المدني الأردني

يمكننا الاستناد إلى حق المحامي في الحصول على أتعاب التي يتقاضاه مقابل الخدمات أو الأعمال التي قام بها أساسها من القانون المدني الأردني، وذلك لأن مهنة المحاماة تعتبر عقدًا من عقود الوكالة؛ وبالتالي فتخضع لأحكام عقد الوكالة في القانون المدني الأردني، ومنها: “على الموكل أداء الأجر المتفق عليه للوكيل متى قام بالعمل فإن لم یتفق على الأجر وكان الوكيل ممن يعملون به فلها أجر المثل وإلا كان متبرعًا” وفقًا لما جاء في (المادة ٨٥٧) من قانون القانون المدني الأردني.

رابعًا أهمية فهم تفاصيل أتعاب المحامي

إن فهم تفاصيل الأتعاب التي يتقاضاها المحامي مقابل خدماته يؤسس لعلاقة صحية ومثمرة ما بين المحامي والموكل، ويبعد الطرفان عن أي مفاجآت فيما يتعلق بتوقعات الدفع والتحصيل، فمصاريف المحاكمات وتسجيل القضايا وغيرها تتزايد على نحو متسارع، ومن المهم كذلك أن يطلب المحامي أتعابًا تلائم حجم العائد المتوقع من القضية ولا يكون مبالغًا فيها في غير مقتضى، وإلا فإنه سيخسر موكله المحتمل، ولكي لا تتحول مهنة المحاماة إلى وسيلة للإثراء على حساب الموكلين والعدوان على حقوقهم المالية، ولا تكون متدنية عن الأعمال التي أداها وما تفرضه عليه أعباء الوكالة.

خامسًا: أسس تقدير أتعاب المحاماة في الأردن

لقد نظم المشرع الأردني ضوابط تقدير أتعاب المحاماة في الأردن على النحو التالي:

١. للمحامي الحق في تقاضي بدل أتعاب عما قام به من أعمال ضمن نطاق مهنته، كما له الحق في استيفاء النفقات التي دفعها في سبيل القضية التي وكل بها، وفقًا لما جاء في (المادة ٤٥) من قانون نقابة الأردنيين لسنة ١٩٧٢م.

٢. يتقاضى المحامي أتعابه وفقًا للعقد المعقود بينه، وبين الموكل على ألا يتجاوز بدل هذه الأتعاب 25% من القيمة الحقيقية للمتنازع عليه إلا في أحوال استثنائية يعود أمر تقديرها الى مجلس النقابة.

٢. “إذا لم تحدد أتعاب المحامي باتفاق صريح، يحدد مجلس النقابة هذه الأتعاب بعد دعوة الطرفين، ويراعى في التحديد جهد المحامي وأهمية القضية وجميع العوامل الأخرى.

٣. إذا تفرع عن الدعوى موضوع الاتفاق دعاوى غير ملحوظة كان من حق المحامي أن يطالب ببدل أتعاب عنها، وذلك حفاظًا على حقوق المحامي؛ لأنه لا يجوز أن تبقي أتعاب المحامي كما هي في ظل وجود هذه الدعاوى المتفرعة عن الدعوى موضوع الاتفاق.

٤. على المحكمة بناء على طلب الخصم أن تحكم على خصمه بأتعاب المحاماة، ويعود لها تحديد مقدارها على ألا تقل في المرحلة الابتدائية عن (5%) من قيمة المحكوم به وألا تزيد عن (500) دينار في أي دعوى مهما بلغت قيمة المحكوم به فيها وألا تزيد أتعاب المحاماة في المرحلة الاستئنافية عن نصف ما تحكم به المحكمة الابتدائية”، وفقًا لما جاء في (المادة ٤٦) من قانون نقابة المحامِين الأردنيين.

٥. إذا أنهى المحامي القضية صلحًا أو تحكيمًا وفق ما فوضه به موكله، أو عدل الموكل عن متابعة القضية بعد توقيعه الوكالة لأي سبب من الأسباب استحق المحامي الأتعاب المتفق عليها ما لم يكن هناك اتفاق مخالف، وفقًا لما جاء في (المادة ٤٧) من قانون نقابة المحاميِن الأردنيين.

٦. للموكل أن يعزل محامِيه وفي هذه الحالة يكون ملزمًا بدفع كامل الأتعاب عن تمام المهمة الموكلة إلى المحاكم إذا كان العزل لا يستند إلى سبب مشروع.

 ٧. للمحامي أن يعتزل الوكالة لأسباب حقة، بشرط أن يبلغ موكله هذا الاعتزال، ولا يجوز له استعمال هذا الحق في وقت غير مناسب، وللمحامي في هذه الحالة الاحتفاظ بما قبضه من أتعاب، كما يفصل مجلس النقابة في كل خلاف حول مشروعية الاعتزال والنتائج المترتبة عنه، وفقًا لما جاء في (المادة ٤٨) من قانون نقابة المحامين الأردنيين

٨. في حالة وفاة الوكيل أو اعتزاله المهنة يقدر مجلس النقابة أتعاب المحامي على ضوء الجهد المبذول والاتفاق المعقود إذا طلب ذو مصلحة ذلك، وفقًا لما جاء في (المادة ٤٨) من قانون نقابة المحامين الأردنيين.

٩. تنظر في قضايا الأتعاب لجنة تشكل في كل لواء فيه محكمة بدائية يؤلفها مجلس النقابة من ثلاثة محامِين أساتذة وتتبع أصول المحاكمات فيما لم يرد عليه نص في هذا القانون.

١٠. على المحامي أن يسلم موكله كلا ما تسلمه من النقود والأوراق الأصلية التي في حوزته عندما يطلب الموكل ذلك.

 ١١. عند وجود اتفاق كتابي على الأتعاب يحق للمحامي حبس النقود والأوراق بما يعادل مطلوبة أما في حال عدم وجود اتفاق كتابي فيرفع الأمر إلى مجلس النقابة مع حق الوكيل بالاحتفاظ بما في حوزته من نقود وأوراق وطلب الحجز على أية أموال للموكل لنتيجة الفصل في النزاع حول الأتعاب.

١٢. يسقط حق الموكل في استعادة الأوراق والمستندات بعد مرور عشر سنوات على انتهاء القضية، وفقًا لما جاء في (المادة ٥٠) من قانون نقابة المحامين الأردنيين

١٣. لأتعاب المحامي حق امتياز على ما آل إلى موكله نتيجة الدعوى موضوع التوكيل.

١٤.للمحامي الذي صدر أمر بتقدير أتعابه بمصالحة مصدق عليها من لجنة تقدير الأتعاب أو من هيئة الاعتراض المشكلة وفق أحكام قانون نقابة المحامين الأردنيين أو من المحكمة أو بحكم صادر عن محكمة الاستئناف أن يحصل على أمر من رئيس التنفيذ باعتبار هذه الأتعاب دينًا ممتازًا على الأموال والعقارات موضوع الدعوى العائدة لمن يصدر أمر التقدير أو المصالحة أو الحكم ضده، وفقًا لما جاء في (المادة ٥١) من قانون نقابة المحامين الأردنيين

سادسًا: كيفية الاعتراض على قرارات لجنة تقدير أتعاب المحاماة

يتم الاعتراض على قرارات لجنة تقدير أتعاب المحاماة على النحو التالي:

١. يتم الاعتراض على قرارات لجنة تقدير الأتعاب إلى مجلس النقابة.

٢. للمجلس تفويض أي من صلاحياته في هذه الفقرة لهيئة اعتراض أو أكثر تتألف من خمسة محامين ممن أمضوا مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة في ممارسة المهنة ويسمي من بينهم رئيس لها للنظر في الاعتراض على قرارات لجنة قضايا تقدير الأتعاب وللمجلس أن يسمي أعضاء احتياط لهذه الهيئة.

  1. تطبق كلا من هيئة الاعتراض ولجنة قضايا تقدير الأتعاب قانون أصول المحاكمات المدنية فيما لم يرد عليه نص في قانون نقابة المحامين الأردنيين وتكون القرارات الصادرة عن لجنة قضايا تقدير الأتعاب قابلة للاعتراض لدى هيئة الاعتراض خلال عشرة أيام تبدأ من اليوم التالي لصدور القرار إذا كان وجاهيًا أو من اليوم التالي لتبليغه إذا كان بمثابة الوجاهي أو وجاهي اعتباري وتكون القرارات الصادرة عن هيئة الاعتراض أو المجلس قابلة للاستئناف أمام محكمة الاستئناف التي تقع هيئة الاعتراض ضمن دائرتها خلال (15) يومًا تبدأ من اليوم التالي لصدورها إذا كانت وجاهية أو من اليوم التالي لتبليغها إذا كانت بمثابة الوجاهي أو وجاهي اعتباري ويكون حكم المحكمة نهائيًا وينفذ بوساطة دائرة التنفيذ .

٤. على رئيس محكمة الاستئناف خلال ثلاثة أيام من تاريخ طلب المحكوم له إعطاء صيغة التنفيذ للقرارة الصادرة عن لجنة قضايا تقدير الأتعاب أو هيئة الاعتراض إذا لم تستأنف لمحكمة الاستئناف لتنفيذها بوساطة دائرة التنفيذ” وفقًا لما جاء في (المادة ٥٢) من قانون نقابة المحامين الأردنيين

سابعًا: ما هي ضوابط تحديد الرسوم في قضايا تقدير أتعاب المحامين

 تحدد الرسوم في قضايا تقدير أتعاب المحامين على النحو التالي:

أ. يستوفى من المدعي ما نسبته (5%) من المبلغ المدعى به لدى لجنة تقدير الأتعاب على ألا يقل الرسم الواجب استيفاؤه في هذه الحالة عن خمسين دينارًا ولا يزيد على خمسمائة دينار.

ب. يستوفى عن طلب الحجز الاحتياطي نصف رسم الدعوى التي يتعلق بها الحجز على ألا يزيد الرسم على مائتين وخمسين دينارًا 0

ت. يستوفى من المعترض ما نسبته (5%) من قيمة المبلغ المعترض عليه لدى مجلس النقابة من المبلغ المحكوم به من لجنة تقدير الأتعاب على ألا يزيد الرسم الواجب استيفاؤه في هذه الحالة على الرسم الذي تم استيفـاؤه وفقًا لأحكام الفقرتين (١) و (٢) من هذه المادة.

ث. يستوفى من المحكوم له رسم تصديق حكم نسبته (2%) من المبلغ المحكوم به عن الحكم المكتسب الدرجة القطعية على ألا يقل الرسم الواجب استيفاؤه عن ثلاثين دينارًا ولا يزيد على مائتي دينار، وفقًا لما جاء في (المادة ١٠) من نظام الرسوم وطوابع المرافعة لسنة 1966م

ثامنًا: الأحكام القضائية الخاصة بأتعاب المحاماة

ما ذكر في الحكم رقم( 5893) لسنة 2021م، الصادر من محكمة التمييز بصفتها الحقوقية، الصادر بتاريخ ١٣/٢/٢٠٢٠م، بما نصه: “ولما كان ذلك وحيث إن الثابت بإقرار المميز بجوابه على لائحة الدعوى أن المميز ضده كان وكيلًا عنه بالدعاوى التي يطالب بأتعابه عنها ومقدار الأتعاب محدد بموجب الاتفاقية بنسبة محددة وحيث إن للمحامي بموجب المادة (45) من قانون نقابة المحامين الحق في تقاضي بدل أتعاب عما قام به من أعمال ضمن نطاق مهنته كما له الحق في استيفاء النفقات التي دفعها في سبيل القضية التي وكل بها وهو غير مكلف بتحقيق نتيجة والتزامه باعتباره وكيلًا بأجر بمقتضى المادة (841) من القانون المدني ببذل عناية الرجل المعتاد وليس بتحقيق نتيجة وكسب الدعوى فيكون ما توصله القرار المميز بخصوص هذه المطالبة موافق للعقد والقانون وخلافًا لما يبديه المميز بهذه الأسباب كما أن الخبرة التي يطلبها المميز غير منتجة لكون نسبة الأتعاب محددة بالاتفاقية مما يوجب رد هذه الأسباب لعدم ورودها على الحكم”.

[1] د. خالد رضوان السمامعة، الجهة المختصة في تحديد أتعاب المحاماة، (ص١٩٣).

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!