الشكوى الكيدية

كما تحدثنا في مقال سابق عن أن الدعوى الكيدية هي من أوجه إساءة استعمال الحق في التقاضي فإن الشكوى الكيدية هي أيضا إحدى أوجه إساءة استعمال حق اللجوء للقضاء ، وغالباً ما يتم تحريك الشكوى الكيدية من قبل المشتكي إما للانتقام أو الابتزاز والتبلي بسبب قضايا مشاجرات لإجبار المشتكي بالتنازل عن الشكوى أو في قضايا المطالبات المالية لإجبار المدعي بالحق المالي بالتنازل عن حقه.

الفرق بين الدعوى الكيدية والشكوى الكيدية

لما تقدم تتحد كل من الشكوى الكيدية والدعوى الكيدية من حيث الغاية من إقامتهما لدى القضاء وهي الإضرار بالغير ، على الرغم من اختلاف الطبيعة  القانونية لكل من الدعوى الكيدية  والشكوى الكيدية  فالدعوى الكيدية هي من الدعاوى الحقوقية التي ترفع أمام محكمة الحقوق بينما الشكوى الكيدية هي من القضايا المتعلقة بالجزاء وتنظر  أمام محكمة جزائية بناءً على تقديم الشكوى لدى الجهات الأمنية .

انتشار الشكاوى الكيدية

كما أننا نرى أن نطاق انتشار الشكوى الكيدية في المجتمع أكبر حيث إن الشكاوى الكيدية وسيلة مستخدمة منذ زمن طويل في قضايا المشاجرات وللأسف يصبح صاحب الحق متعدياً بعد أن كان معتدى عليه ليجد نفسه مطراً للتنازل عن حقه بسبب الشكوى الكيدية المقدمة ضده .

الكيدية في قضايا المشاجرات

أن إثبات الشكوى الكيدية من قبل المشتكي اكثر سهولة من إثبات الدعوى الكيدية ، فعلى سبيل المثال شخص تعرض للضرب  باداه حادة على خلفية مشادة كلامية مع شخص آخر فذهب إلى المركز الأمني لتقديم شكوى ضد من قام بضربه فتفاجئ بأن هناك شكوى مقدمة ضده  مدعمه بتقرير طبي وأنه مطلوب وأن الشكوى مقدمه من الشخص الذي قام بالاعتداء عليه بالضرب ومن جاء لتقديم شكوى بحقه لدى المركز الأمني ، ليجد نفسه أمام شكوى كيدية  محاولاً الإثبات بأنه هو المعتدى عليه وليس المعتدي ، لكن وجود تقارير طبية من قبل الطرفين يجعل القضية قضية مشاجرة تؤدي إلى توقيف الطرفين تمهيداً لتحويلهما للقضاء ، فهنا يجد الطرف المتضرر وصاحب الحق نفسه مضطراً إما للمصالحة أو التنازل عن حقه مقابل تنازل الطرف الأخر أيضاً عن حقه وذلك تفادياً للحبس دون وجه حق.

فقد يجد أي شخص نفسه أمام شكوى كيدية في قضايا المشاجرات وذلك لسهولة الحصول على تقرير طبي ، وهنا نجد أن هناك خلل يجب معالجته للحد من الشكاوى الكيدية وهو اعتماد جهة رسمية دون غيرها للحصول على التقارير الطبية ، والتي من الممكن أن يكون لها دور في الكشف عما إذا كان أحد الأشخاص قام بإيذاء نفسه للادعاء على شخص آخر أم لا. حيث إن اقتصار التقارير الطبية على وصف حالة الشخص دون الاستعانة بالخبرات والدلائل العلمية والطبية التي تكشف عما إذا كان الشخص قد تعرض للاعتداء أم أنه أقدم على إيذاء نفسه ، ساهم في انتشار فكره تقديم الشكاوى الكيدية لدى فئة من المجتمع .

قرارات القاضي في الشكوى الكيدية

لكن لا بد من إحقاق الحق وكثير من الشكاوى يتضح للقاضي من مجريات القضية والبينات المقدمة براءة أو عدم مسؤولية المشتكى عليه بدعوى كيدية ، وفي هذه الحالة يحق للمشتكى عليه بشكوى كيدية صدر بحقه حكم بالبراءة أو عدم مسؤولية أن يتقدم شكوى افتراء ، الافتراء هو جرم تناوله المشرع الأردني بنص قانوني خاص سنتناول الحديث عنه في مقال منفصل إن شاء الله ، كما أن له أن يطالب المشتكي بالتعويض المادي عن الأضرار التي لحقته من تقديم هذه الشكوى بحقه .

النصوص القانونية في قانون العقوبات

المادة 209

من أخبر السلطة القضائية أو أية سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية عن جريمة يعرف أنها لم ترتكب ، ومن كان سببا في مباشرة تحقيق تمهيدي أو قضائي باختلاقه أدلة مادية على جريمة كهذه ، عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على عشرة دنانير أو بكلتا هاتين العقوبتين .

المادة 210

1- من قدم شكاية أو إخبارا كتابيا الى السلطة القضائية أو أية سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية ، فعزا الى أحد الناس جنحة أو مخالفة وهو يعرف براءته منها أو اختلق عليه أدلة مادية تدل على وقوع مثل هذا الجرم عوقب بحسب أهمية ذلك الأسناد بالحبس من أسبوع الى ثلاث سنوات .

2- وإذا كان الفعل المعزو يؤلف جناية ، عوقب المفتري بالأشغال المؤقتة .

المادة 211

إذا رجع المخبر عن أخباره أو المفتري عن افترائه قبل أية ملاحقة ، يحكم عليه بسدس العقوبات المنصوص عليها في المادتين السابقتين ، وإن كان رجوعه عما عزاه أو اعترافه باختلاق الأدلة المادية بعد الملاحقات القانونية ، حط عنه ثلثا العقوبات المنصوص عليها في المادتين السابقتين .

بعض الأحكام المتعلقة بالشكوى الكيدية : –

الحكم رقم 377 لسنة 1999

“ان المشرع قد ركن الى ضمير ووجدان المحكمة الجزائية في بناء أحكامها على ضوء قناعتها الشخصية بالبينات المساقة بحق المتهم ، فان قنعت بها قضت بتجريمه والا قضت بالبراءة ، وبما ان محكمة الجنايات الكبرى وبحكمها المميز قد خلصت الى إعلان براءة المتهم مما اتهم به وقد بنت قرارها بعد ان ناقشت بينة النيابة مناقشة وافية وأوردت التناقضات التي شابتها وادت الى عدم قناعتها بها كما انهها أخذت بالبينة الدفاعية التي قدمها المتهم والتي توصلت من خلالها الى ان الشكوى كيدية فيكون إعلان براءة المتهم قد بني على أسس تؤدي الى ذلك”

الحكم رقم 1368 لسنة 2007

“1.من المقرر فقهاً وقضاءً أن القاضي الجزائي يحكم بقناعته المستمدة من البينات المطروحة عليه وان له كامل الحرية في أن يستخلص منها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وانه لا رقابة لمحكمة التمييز على محكمة الموضوع في تقديرها ووزنها للبينات المطروحة عليها والتي تناقش فيها الخصوم ما دام أن النتيجة المستمدة منها وكما توصلت إليها سائغة ومقبولة ولها اصلها الثابت في الأوراق ولا يجوز مجادلتها لان الحكم في القضايا الجزائية هو وجدان القاضي وفق مقتضى المادة 147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي أعطت قاضي الموضوع الصلاحية الكاملة في تقدير الأدلة والحكم حسب قناعته الشخصية .

وان القاضي في سبيل تكوين قناعته يستطيع أن يأخذ بأقوال الشهود الذين يطمئن إليهم ويستبعد الشهادات التي لا يطمئن إليها كما انه يجوز له أن يأخذ بجزء من هذه الشهادات وينبذ الباقي ولو أدى ذلك إلى تجزئة بعض أقوال الشهود.

وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى وبعد اتباعها لقرار النقض والاستماع لشهادة المحقق وبصفتها محكمة موضوع لم تقنع من البينة التي قدمتها النيابة العامة بأن المميز ضده صالح قد ارتكب جناية هتك العرض المسندة إليه وأنها لتكوين قناعتها ناقشت ادله الدعوى مناقشة سليمة واستخلصت منها النتيجة استخلاصاً سائغاً ومقبولاً وتوصلت إلى أن المشتكية عبير وهي الشاهدة الرئيسية في الدعوى تشك بأقوالها حول واقعة قيام المميز ضده بالاعتداء عليها بشدها نحوه وإمساكه بها وملامسة جسمه من الأمام لجسمها من الأمام من جهة بطنها.

وأنها لا تطمئن إليها للتناقضات الجوهرية الواردة فيها ولتناقضها مع بينات النيابة ومنها شهادة زوج المشتكية وتناقضها مع أقوال ابنتيها حلا وحبيبة المأخوذتين على سبيل الاستدلال كما وجدت تلك المحكمة أن شكوى المشتكية عبير كيدية ولا تخلو من الغرض لوجود مشاكل بين المتهم ووالدة المشتكية ووجود شكوى بذلك لدى المحافظ. وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى بصفتها محكمة موضوع هي صاحبة الاختصاص في استثبات جميع أركان الجريمة فإن ثبت لديها قضت بالتجريم لأن القضاء بالتجريم مشروط بثبوت الفعل ، وثبوت الفعل يعني الجريمة مستوفية لعناصرها القانونية (انظر تمييز جزاء 1086/2007 ورقم 384/2003 و32/91).

وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى بصفتها محكمة موضوع توصلت إلى أن بينة النيابة العامة المقدمة لربط المتهم- المميز ضده- صالح بما اسند إليه تم استبعادها لعدم الاطمئنان إليها ولعدم الثقة بها وعدم الاقتناع بها واعتمدت البينة الدفاعية ومنها جواز سفر المتهم والذي تبين لها منه أن المتهم قد غادر البلاد بتاريخ 30/5/2006 وعاد بتاريخ 6/6/2006 وتبين لها عدم صحة مزاعم المشتكية. مما ينبني على ذلك كله أن محكمة الجنايات الكبرى قامت بوزن البينة إلا أنها لم تقنع ببينة النيابة العامة وهذا من صميم صلاحيتها كما أسلفنا.
2.اذا اشتمل القرار الطعين على متطلبات المادة 237 من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، حيث احتوى على ملخص الوقائع الواردة في قرار الاتهام والمحاكمة ومطالب النيابة العامة والدفاع وعلى الأدلة والبينات المقدمة والمستمعة وأورد في ذلك مقتطفات منها واشتمل الحكم على الأسباب الموجبة له مما ينبني عليه أن الحكم المطعون فيه واقع في محله وموافق للقانون ولا ترد عليه هذه الأسباب التي لا تعدو أن تكون جدلاً بتقدير البينة ووزنها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز”

الحكم رقم 607 لسنة 1998 تمييز جزاء

“1.تعلن محكمة الموضوع عدم مسؤولية المتهم اذا كان الفعل لا يشكل جرماً ولا يستوجب عقاباً , وتعلن براءته في حال كان لا يوجد بينة كافية للحكم عليه وتقضي على المدعي الشخصي أن يطالب بالتعويض إذا تبين أن الدعوى أقيمت عليه بصورة كيدية (178) من قانون أصول المحاكمات الجزائية

2.في حال تم استئناف الحكم من قبل النائب العام أو المدعي العام لدى محكمة الاستئناف يعود لها الحق في الحكم بالعقوبة التي تراها مناسبة مع ظروف الجريمة عملاً بنص المادة (262) من قانون أصول المحاكمات الجزائية

3.في حال تقديم طلب نقض القرار بأمر خطي بموجب الفقرة الأولى من المادة (291) من قانون أصول المحاكمات الجزائية فانه لا يأثر الا اذا كان متعلق بمصلحة المحكوم عليه أو المسؤول بالمال سندا لنص الفقرة الرابعة من نفس ال مادة”.

——————————————————————————————

قوانين أردنية مهمة

قانون التنفيذ الأردني وفق أحدث التعديلاتقانون العقوبات الأردني مع كامل التعديلات 
قانون المخدرات والمؤثرات العقليةقانون أصول المحاكمات الجزائية
قانون الملكية العقارية الأردنيالقانون المدني الأردني
قانون الجرائم الإلكترونيةقانون محاكم الصلح
جدول رسوم المحاكمقانون العمل الأردني
قانون البينات الأردنيقانون أصول المحاكمات المدنية
تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة؛ اسم الملف هو --1.jpg
الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!