المحكمة الجنائية الدولية: ضمان العدالة للمرأة

المحكمة الجنائية الدولية: صحيفة الوقائع 7 ضمان العدالة للمرأة

“كثيراً ما ينشب الصراع في أشد المجتمعات عجزاً عن تحمل تكاليفه، وتنصب ويلاته على أقل الناس استحقاقاً للمعاناة، ويكتوي بلظاه أوهنهم قدرة عن الزود عن أنفسهم وقد أضحى المدنيون أهدافاً رئيسية للعمليات القتالية. وتتحمل المرأة قسطاً من المعاناة يفوق نصيبها العادل، بدءًا من التعرض للاغتصاب والتشريد إلى حرمانها من الحق في الطعام والدواء.”
كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة في الاحتفال بيوم الأمم المتحدة لحقوق المرأة والسلام الدولي، 6 مارس/آذار 2000، بيان صحفي (SG/SM/7325,WOM/1190).

بعد انقضاء أكثر من نصف قرن على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مازال التمييز والعنف ضد المرأة حقيقة من حقائق الحياة اليومية في شتى أرجاء العالم. وتشتد قابلية المرأة للتعرض لانتهاكات حقوق الإنسان في حالات الصراع المسلح. وقد أدرج نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية منظوراً جنسانياً لضمان أن تجد النساء، ممن يتعرضن لأبشع الجرائم التي يؤثمها القانون الدولي، الباب مفتوحاً لنيل العدالة وأن تلعب المرأة دوراً في ساحة المحكمة الجنائية الدولية؟
ما الجرائم المعرضة لها المرأة التي يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تنظر في شأنها؟
يعطي النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولاية قضائية على الإبادة الجماعية الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. ورغم أن الرجال والنساء على السواء يمكن أن يتعرضوا لمعظم هذه الجرائم، لكن بعضها، مثل الحمل القسري، قاصر على النساء وحدهن. وهناك جرائم أخرى مثل الاغتصاب والاعتداءات الجنسية ترتكب ضد النساء بنسبة تفوق الرجال.
هل يمكن أن تصل الاعتداءات التي تتعرض لها المرأة إلى حد الإبادة الجماعية؟
يمكن أن يستخدم العنف ضد المرأة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. ورغم أن المرأة ليست من المجموعات التي تخضع للحماية صراحة في اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 (الاتفاقية الخاصة بالإبادة الجماعية)، لكن بعض الأنواع المعينة من الاعتداءات التي تتعرض لها النساء ممن ينتمين إلى إحدى المجموعات الأربع المحمية (الوطنية والعرقية والعنصرية والدينية) بنية إبادة تلك الجماعة، كلياً أو جزئياً، يمكن أن يمثل ضرباً من الإبادة الجماعية على هذا النحو.
وفي الحكم التاريخي الصادر في قضية أكايسو في عام 1998، رأت الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا أن الاغتصاب عندما يستخدم كوسيلة لتدمير جماعة محمية بإلحاق أضرار بدنية وعقلية خطيرة بأفرادها، يمثل عملاً من أعمال الإبادة الجماعية. وعلاوة على ذلك، أوضح الحكم أن الاغتصاب يمكن أن يستخدم أيضاً لمنع التناسل في جماعة ما. ومثال ذلك أن اغتصاب امرأة بنية أن تحمل من مغتصبها طفلاً من شأنه في الجماعات التي تتحدد فيها الهوية العرقية للطفل تبعاً لهوية الأب، أن يمنع تلك المرأة من أن تلد طفلاً ينتمي لجماعتها.
ما الجرائم ضد الإنسانية التي تمس المرأة بشكل خاص؟
اعترفت المادة 7 (1) (ز) بأن الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي والإكراه على البغاء والحمل القسري والتعقيم القسري وأي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي بهذه الدرجة من الخطورة جرائم ضد الإنسانية. كما أنها اعترفت صراحة بأن جريمة الاسترقاق تشمل الاتجار في النساء. وعلاوة على ذلك، فالمادة 7 (1) (ح) قالت إن ممارسة الاضطهاد ضد جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان بناءً على أسباب جنسانية يمثل ضمن ما يمثل جريمة ضد الإنسانية، إن ارتكب على نحو يتصل بأية جريمة أخرى تقع في نطاق ولاية المحكمة الجنائية الدولية.
ويجب أن ترتكب هذه الجرائم في إطار “هجوم” واسع النطاق أو منظم موجه ضد سكان مدنيين إعمالاً لسياسة دولة أو منظمة تستهدف شن اعتداءات من هذا القبيل أو تدعيماً لهذه السياسة. وكلمة “هجوم” لها معنى خاص في النظام الأساسي يتضمن تدابير أخرى إلى جانب الأعمال العسكرية، ويمكن أن يشمل التشريعات (انظر صحيفة الوقائع 4).
هل يوجد في النظام الأساسي جرائم حرب أخرى تمس المرأة على نحو مماثل؟
تنص المادة 8 على أن الأفعال الفردية لجرائم الاغتصاب والاستعباد الجنسي والدعارة القسرية والحمل القسري والتعقيم القسري وأي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي التي تمثل خرقاً أو انتهاكاً لأحكام المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات لعام 1949 يمكن للمحكمة أن تنظرها باعتبارها جرائم حرب إن ارتكبت في خضم صراعات مسلحة دولية أو داخلية (انظر صحيفة الوقائع 5). وتعريفات جرائم الحرب هذه تطابق من الناحية الجوهرية تعريفات الجرائم المشابهة ضد الإنسانية التي تنطوي على عنف جنسي.
ما الدور الذي ستمارسه المرأة في المحكمة الجنائية الدولية؟
تلزم المادة 44 (2) المدعي ومسجل المحكمة بأن يراعيا عند تعيين مرؤسيهم ضمان “توافر أعلى معايير الكفاءة والمقدرة والنزاهة”، وعليهما أن يأخذا في الحسبان المعايير الخاصة باختيار القضاة التي تتضمن ضرورة وجود تمثيل عادل بين الرجال والنساء والتمرس على معالجة قضايا محددة من بينها العنف ضد المرأة. وهو شرط هام بالنسبة للمدعي العام المسؤول عن تعيين المحققين الذين يحتاجون إلى التمرس على جمع الأدلة الخاصة بجرائم العنف ضد المرأة على نحو يتسم بالحساسية والكفاءة.
هل ستجلس المرأة على منصة القضاء؟
الدول الأطراف ملزمة بموجب المادة 36 (8) (أ) أن تراعي في اختيار القضاة ضرورة التمثيل العادل للنساء والرجال في مناصب القضاء، وملزمة أيضاً بموجب المادة 36 (8) (ب) بضرورة تعيين قضاة متمرسين على معالجة قضايا معينة من بينها العنف ضد المرأة.
هل سيوجد مكتب خاص في المحكمة الجنائية الدولية لمعالجة احتياجات المرأة
تقضي المادة 43 (6) بأن ينشئ المسجل وحدة للمجني عليهم والشهود في قلم المحكمة لكي تقدم المشورة للمدعي العام والمحكمة بشأن عدة أمور من بينها تدابير لتوفير الحماية المناسبة والترتيبات الأمنية وتقديم الاستشارات والمساعدة إلى المجني عليهم،الذين سيمثلون أمام المحكمة والذين سيكون من بينهم الكثير من النساء وكذلك الشهود وغيرهم ممن قد يتعرضون للخطر بسبب إدلاء الشهود بأقوالهم. ويجب أن يكون العاملين في الوحدة متمرسين على معالجة الصدمات، بما في ذلك الصدمات المتصلة بجرائم العنف الجنسي.
هل المحكمة الجنائية الدولية ملزمة بحماية النساء المجني عليهن والشاهدات؟
من المشكلات التي تعترض سبيل الملاحقة القضائية لمرتكبي هذه الجرائم الخطيرة ضد المرأة أن بعض النساء من ضحايا أعمال العنف تلك يترددن في الإدلاء بأقوالهن. ونتيجة لذلك، فإن المادة 68 (1) تقضي بأن تتخذ المحكمة الجنائية الدولية التدابير اللازمة لأن تحفظ للمجني عليهم والشهود أمنهم وسلامتهم النفسية والبدنية وكرامتهم خصوصياتهم، خاصة حيثما انطوت الجريمة على عنف جنسي أو جنساني. ويجب على المحكمة عند القيام بذلك أن تولي الاعتبار إلى جميع العوامل ذات الصلة، بما في ذلك العمر ونوع الجنس والحالة الصحية وطبيعة الجريمة، بما في ذلك إذا ما كانت تنطوي على عنف جنسي أو جنساني، على ألا تمس تلك التدابير أو تتعارض مع حقوق المتهم والحق في المحاكمة العدالة النزيهة؟
كيف ستحمي المحكمة المجني عليهن والشاهدات؟
في استثناء لمبدأ علانية المحاكمة، أجازت المادة 68 (2) للدائرة التمهيدية وللدائرة الابتدائية ولدائرة الاستئناف، من أجل حماية المجني عليهم أو الشهود أو المتهمين، أن تعقد أي جزء من المحاكمة في جلسة سرية (أي مغلقة أمام الصحافة والجمهور العام) أو تقديم الأدلة عن طريق وسائل إلكترونية أو سبل خاصة أخرى. وهذه التدابير واجبة التطبيق بخاصة في ضحايا العنف الجنسي، وذلك بعد أخذ جميع الظروف في الحسبان، خاصةً آراء المجني عليهم والشهود.
وعلاوة على ذلك، فالمادة 21 (3) أدرجت المبدأ الأساسي الذي يحتم أن يتفق تفسير وتطبيق النظام الأساسي وأركان الجريمة الواعد الإجرائية وقواعد الاستدلال “مع حقوق الإنسان المعترف بها دولياً، وأن يكونا خاليين من أي تمييز ضار يستند إلى أسباب مثل نوع الجنس.”
نشرة صادرة في إطار مشروع العدالة الدولية.

الرئيسية
إختصاصات
مقالات
واتساب
إتصال
error: المحتوى محمي !!