اليمين الحاسمة في القانون الأردني
اليمين الحاسمة هي اليمين التي يوجهها الخصم إلى خصمه عند عجزه عن إثبات حقه حسماً للنزاع بمعنى أن يجزم الخصم أمره دون تردد ويلجأ لضمير خصمه لاقتضاء حقه فيطلب توجيه اليمين الحاسمة المشرع لم يعين وقتاً محدداً لتوجيهها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى ما لم تكن الواقعة المراد التحليف عليها ممنوعة بالقانون أو مخالفة للنظام العام والآداب العامة وفقاً لأحكام المادة 53 من قانون البينات فإن مؤدى ذلك إمكان توجيهها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى حتى يصدر حكم نهائي في موضوعها وحيث أن المميز ضدها – المدعية – طلبت توجيه اليمين الحاسمة بمرافعتها أمام محكمة الاستئناف والتي هي محكمة موضوع وحيث استقر الاجتهاد على أنه يجوز توجيه اليمين الحاسمة في أي مرحلة تكون عليها الدعوى فيكون إصرار محكمة الاستئناف على قرارها المنقوض من حيث جواز توجيه اليمين الحاسمة في أي مرحلة متفقاً والقانون ولما استقر عليه الاجتهاد.
لا زال حديث الرسول الله صلى عليه و سلم ” البينة على من إدعى و اليمن على من أنكر ” أهم قاعدة في الإثبات ، فعندما يتنازع شخص ما في له في ذمة شخص آخر مبلغ مالي فإنه من حقه استخدام طرق الإثبات المتاحة له في قانون البينات الأردني ومن هذه الطرق أن يلجأ لليمين الحاسمة والتي من خلالها يحسم النزاع الذي نشأ بينه وبين خصمه وبشكل نهائي وعند اللجوء لهذا الحق فإنه يتنازل عن حقه في البينات المقدمة في الدعوى مهما كانت هذه البينات ومدى قوتها فما هي اليمين الحاسمة وما هي شروطها وما هي أنواع اليمين في القانون الأردني وهل هناك فرق بينها وبين الأنواع الأخرى وما هو الأثر القانوني لها هذا ما سنتحدث عنه في مقالنا هذا من خلال ما يلي:
جدول المحتويات
المطلب الثاني: الشروط الواجب توافرها لتوجيه اليمين
المطلب الرابع : الفرق بين اليمين الحاسمة واليمين المتممة
اجتهادات محكمة التمييز الموقرة فيما يتعلق باليمين الحاسمة :
المطلب الأول: ماهية اليمين
وللحديث عن اليمين الحاسمة لا بد أولاً من تعريف اليمين عموماً من خلال تعريفها لغة وتعريفها فقهياً ومن ثم التعريف القانوني لها :
الفرع الأول : مفهوم اليمين
وتعرف اليمين لغة : بالقسم والحلف ، ويقال يمينك بما يصدقك به صاحبك .
اليمين في الفقه الإسلامي :
عند الحنفية اليمين : هي ” تقوية أحد طرفي الخبر بذكر الله عز وجل أو بالتعليق بالشرط أو الجزاء”
والشافعية عرفوا اليمين على أنها ” تحقيق أمر محتمل سواء كان ماضياً أو مستقبلاً نفياً أو إثباتاً بذات الله تعالى أو صفة له “.
وعرفها الحنابلة على أنها ” تأكيد حكم بذكر معظم على وجه مخصوص أو الحلف على المستقبل إرادة تحقيق خبر في المستقبل ممكن بقول يقصد به الحث على فعل الممكن أو تركه “.
أما المالكية فقد عرفوا اليمين على أنها ” تحقيق ما لم يجب بذكر اسم الله تعالى أو وصفه “.
وعرفها الفقهاء بأنها : قول يتخذ به الله شاهداً على صدق القول.
أما اليمين الحاسمة : هي تلك اليمين الذي يقوم أحد الخصوم بتوجيهها لخصمه الآخر ويحتكم فيها لضميره وذلك لحسم النزاع الواقع بينهم.
اليمين الحاسمة في القانون
وقد عرفت المادة 53 من قانون البينات اليمين الحاسمة على أنها :
“اليمين الحاسمة هي التي يوجهها أحد المتداعين لخصمه ليحسم بها النزاع”
وقد يتم اللجوء لليمين الحاسمة سواء من قبل المدعي أو المدعى عليه في حال عجز عن الإثبات وعند اللجوء لليمين الحاسمة فإن النزاع حتماً ينتهي بين طرفي التقاضي، حتى لو كان هناك بينات أخرى في الدعوى.
فاللجوء لليمين الحاسمة تنازل واستغناء عن كافة البينات و/أو جزء منها وبالتالي تكون كالعدم ولا محل لها من الإثبات في الدعوى ولا بد أن يتم توجيه اليمين من أحد أطراف الدعوى إلى الأخر ولا يمكن أن يتم توجيه اليمين لشخص آخر ليس طرفاً في الدعوى.
وكذلك لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة من قبل المحكمة دون أن يتم طلب ذلك من قبل أي من الخصوم وفي حال عجز أحد الخصوم عن إثبات دعواه فإن دور المحكمة ينحصر في جواز وليس إلزام بأن تقوم بتذكيره بأن من حقه توجيه اليمين الحاسمة للطرف الآخر ، ويجوز توجيه اليمين الحاسمة في أية مرحلة من مراحل الدعوى قبل صدور حكم فيها.
ولا يحق لمن يوجه له اليمين حلفها إلا في حال إجازتها وتوجيهها له من قبل المحكمة بقرار ، ويجب أن تكون الواقعة التي تم توجيه اليمين عليها متعلقة بالشخص الذي وجهت إليه وإذا لم تكن كذلك يجب أن تنصب اليمين على مجرد علمه بالواقعة فقط دون التعرض لموضوعها، بشرط عدم مخالفة اليمين للنظام العام والآداب العامة أو القانون نفسه ، ولا بد من توضيح المقصود بالقاعدة القانونية ” البينة على من أدعى واليمين على من أنكر”
فالمدعي ليس محصوراً بمركز قانوني لخصم دون الأخر فقد يكون المدعى عليه مدعي أيضاً فعلى سبيل المثال قام س برفع دعوى مطالبة مالية بمبلغ عشرة آلاف دينار وقدم بينة على ذلك شيك بنكي وقام ص بتقديم ورقة مخالصة محررة وموقعة من س بأن ذمة ص غير مشغولة له بأي مبالغ فهنا يكون الادعاء الأول من قبل المدعي وتقدم ببينة الشيك البنكي كدليل على أن ذمة ص مشغولة له بالمبلغ ، وقد اتخذ المدعى عليه أيضاً مركز قانونياً بصفته مدعياً من خلال تقديمه بينة تدحض مزاعم خصمه وحصوله على مخالصة خطية منه تبين أن ذمة ص بريئة ، فإذا لم يكن لدى س بينة تخالف بينة س فإنه يكون أمام خيار توجيه اليمين للطرف ص فإما أن يحلفها أو يردها على خصمه وإما أن ينكل عنها أو في حال إنكار س للمخالصة فإنه يحق للطرف ص توجيه اليمين وفي هذه الحالة يكون تنازل عن جميع البينات المقدمة من قبله وهنا أيضاً يكون س أمام خيارات إما حلف اليمين أو ردها على خصمه أو النكول عنها .
المطلب الثاني: الشروط الواجب توافرها لتوجيه اليمين
1.أن يكون الشخص الموجه له اليمين بالغ عاقل وأن لا يكون مكرهاً على حلف اليمين.
- يجب أن تكون اليمين موجهه في دعوى صحيحة ، أي ألا تكون الدعوى مخالفة للنظام العام والآداب العامة.
- يجب أن يكون هناك إنكار من قبل أحد الخصوم ليتمكن الخصم الأخر من توجيه اليمين الحاسمة .
- يجب أن تكون اليمين شخصية ، أي موجهه لشخص الحالف وترتبط به أو توجه على علمه بالشيء.
- أن يتم طلب توجيه اليمين من قبل أحد أطراف الدعوى ، أو توجهها المحكمة من تلقاء نفسها.
- يجب أن تحلف اليمين باستخدام لفظ الجلالة والله وفي التطبيق العملي في المحاكم تستخدم عبارة ” أقسم بالله العظيم “
- على الحالف أن يضع يده على القرآن الكريم أو الكتاب المقدس (الإنجيل ) حسب الديانة التي يعتنقها الحالف.
وفي حال كان الحالف أخرس فإنه يتم حلف اليمين من خلال لغة الإشارة فإن كان يعرف الكتابة فحلفه ونكوله بها وإذا كان لا يعرف الكتابة تقوم المحكمة بتكليف خبير في لغة الإشارة لإفهام الحالف كنه اليمين ويعيد ترجمة لغة الإشارة على المحكمة من خلال الكلام لتثبيت قيام الشخص بحلفها.
المطلب الثالث : أنواع اليمين
اليمين الحاسمة واليمين المتممة
واليمين المتممة يتم توجيهها من قبل المحكمة ومن تلقاء نفسها بشرط ألا يكون في دعوى دليل كامل وألا تكون الدعوى خالية من أي دليل ، وتختلف عن اليمين الحاسمة من حيث إنها لا ترد على الخصم وعند توجيهها من قبل المحكمة لطرف من أطراف الدعوى يتوجب عليه حلفها ويجوز للمحكمة الرجوع عن قرارها بتوجيه اليمين المتممة قبل أن يقوم من وجهت إليه بالحلف وذلك ما نصت عليه المادة 70 من قانون البينات .
الحالات التي يجوز توجيه اليمين الحاسمة من قبل المحكمة من تلقاء نفسها
حددت المادة 54 من قانون البينات الحالات التي يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها وهي :
1.لا يجوز تحليف اليمين الا بناء على طلب من الخصم وقرار من المحكمة
2. على المحكمة من تلقاء نفسها تحليف اليمين في أي من الحالات التالية:
أ-اذا اثبت احد ادعاءه بحقه في التركة فتحلفه المحكمة على انه لم يستوف بنفسه أو بواسطة غيره هذا الحق من الميت ولم يبرؤه منه ولم يحله على غيره ولم يستوف دينه من الغير ولم يكن للميت رهن مقابل هذا الحق
ب-اذا استحق احد المال واثبت ادعاءه تحلفه المحكمة على انه لم يبع هذا المال ولم يهبه لاحد ولم يخرجه من ملكه باي وجه من الوجوه.
ج-اذا أراد المشتري رد المبيع لعيب فيه تحلفه المحكمة انه لم يرض بالعيب صراحة أو دلالة.
د-اذا اثبت طالب الشفعة دعواه تحلفه المحكمة بانه لم يسقط شفعته باي وجه من الوجوه.
وهذه اليمين المنصوص عليها في المادة السابقة تعتبر من قبيل اليمين المتممة وليست يمين حاسمة وتقسم إلى عدة أقسام يمين الاستظهار وهي التي تتعلق بموضوع التركة الوارد في الفقرة أ من المادة ، ويمين الاستحقاق والواردة ضمن البند ب ، ويمين رد المبيع لعيب فيه والواردة في البند ج ، ويمين الشفعة والواردة ضمن بند د .
يتوجب على أي طرف يرغب بتوجيه اليمين الحاسمة أن يبين بدقة الوقائع التي يريد أن يوجه اليمين عليها وذلك من خلال تقديم صيغة يمين مقترحة يبين فيها العبارات التي يريد من خصمه حلفها ويحق للمحكمة تعديل الصيغة لتكون أدق وتنصب على وقائع واضحة محددة ، وعندما تجتمع عدة مطالب فيكفي توجيه يمين واحدة والحلف عليها جملة وهذا ما نصت عليه المادة 59 من قانون البينات.
يحق لمن وجهت له اليمين أن يعترض عليها في حال كانت غير منتجة أو غير جائزة وفي هذه الحالة على المحكمة أن تصدر قراراً بهذا الاعتراض إما أن تحلف اليمين لمن وجهت له وإما ألا تجيزها أو تقوم بتعديلها.
وفي حال توفر لمن وجهت له اليمين الحاسمة عذر مشروع ولم يستطع الحضور للمحكمة لحلفها فيكون على المحكمة أن تنتقل إليه أو تنتدب قضاتها لتحلفيه وهذا الأمر يأتي للتسهيل على من لا تسمح لهم ظروفهم الصحية مثلاً أو السكنية من التنقل والذهاب للمحكمة وبالتالي لا بد من تحقيق العدالة بذهاب قاضي وكاتب الجلسة لمكان وجود الشخص المطلوب تحليفه ويقوم القاضي والكاتب والمحلف بعد التحليف بتوقيع المحضر كإجراء قضائي وشكلي لصحة اليمين وفق ما نصت عليه المادة 65 من قانون البينات الأردني.
ولا بد للشخص الذي تم توجيه اليمين له ولم ينازع في توجيهها أن يقوم بحلفها أو يردها على خصمه أم فيما عدا ذلك يعتبر ناكلاً عن حلف اليمين ، ويحق للمحكمة أن تمنحه مهلة لحلف اليمين فإما أن يحضر لحلفها وإلا فإنه يعتبر ناكلاً ولا يجوز في حال رد اليمين أن يقوم من ردت عليه اليمين أن يقوم بردها مره أخرى ويكون أمام خيارين الحلف أو النكول فقط.
عندما يقوم الشخص بحلف اليمين الحاسمة فإن النتيجة الحتمية هي خسارة الدعوى من قبل من وجه اليمين ، وأثر اليمين ينحصر على الخصوم والخلف العام والخاص لهم ولا أثر قانوني لليمين على غيرهم ، ولا يجوز له أن يثبت كذب اليمين من خلال قضية مدنية ، وإنما يكون هذا الأمر من خلال حكم جزائي فقط وفي حالة إثبات كذب اليمين يحق للطرف الخاسر الطعن بالحكم الصادر بناءً على حلف اليمين وفي حال تتضرر من حلفها يحق له المطالبة بالتعويض.
المطلب الرابع : الفرق بين اليمين الحاسمة واليمين المتممة
لا بد من بيان وتوضيح الأمور التي تتشابه فيها اليمين الحاسمة مع اليمين المتممة ، وما هي الاختلافات بينهما :
الفرع الأول: حالات التشابه بين اليمين الحاسمة واليمين المتممة
تتشابه اليمين الحاسمة واليمين المتممة بما يلي:
إن كلتا اليمينين توجه أمام القضاء وفي القضايا المدنية فقط، أيضاً كلتاهما تتفقان من حيث الشروط الواجب توافرها للحلف ، ولكي تترتب آثر اليمينين لا بد من أدائها ولا يكفي مجرد أن يقبل بها الطرف الموجهة له، بل لا بد من أن يقوم بحلفها ، ولا يجوز توجيهها في قضايا الجزاء حتى وإن كانت المحكمة تنظر بالشق المدني كون الأمور الجزائية تعتبر من النظام العام، بخلاف ما ذكرت فإنه يجوز توجيه كلتا اليمينين في أي دعوى ومهما كانت قيمتها ولا يتم توجيهها إلا لشخص واحد فقط ولا يجوز توجيهها للطرفين في آن واحد.
الفرع الثاني: حالات الاختلاف بين اليمين الحاسمة واليمين المتممة
تختلف اليمين الحاسمة عن اليمين المتممة في الكثير من الأمور نوضحها في التالي:
الاختلاف من الناحية القانونية:
بحكم القانون فإن اليمين الحاسمة تلزم الطرف الذي يرغب بتوجيهها بالتنازل عن كافة البينات المقدمة في الدعوى واللجوء إلى ضمير خصمه ويحق لأي طرف من أطراف الدعوى رد اليمين على الخصم الأخر ويتم توجيهها في حال لم يكن هناك دليل يثبت دعواه .
أما اليمين المتممة فهي تكميل لإجراءات التقاضي وهي غير ملزمة للقاضي وله أن يعود عن قراره بتوجيه اليمين إذا رأى أن القرار بتوجيه اليمين لم يعد منتجاً أو ضرورياً .
الاختلاف في أحقية توجيه اليمين:
فاليمين الحاسمة حق محصور في أطراف الدعوى ولا يجوز للمحكمة توجيه اليمين الحاسمة من تلقاء نفسها وفقط ينحصر دورها في تنبيه الخصم الذي يعجز عن إثبات دعواه أن من حقه أن يوجه اليمين الحاسمة لخصمه ليحسم النزاع من خلالها .
أما اليمين المتممة فهي ملك للمحكمة وقد يطلب الخصوم توجيهها ويكون القرار للمحكمة وحدها في توجيهها من عدمه فوجود اليمين المتممة يهدف إلى تكملة دليل نقاص وليس تعزيز دليل كامل ولا توجه في حال لم يكن هناك دليل في الدعوى.
الاختلاف في شروط التوجيه:
فاليمين الحاسمة يجب أن توجه على واقعة أو وقائع يجوز إثباتها بها ويجب أن تكون حاسمة للنزاع ، ولا بد من أن تكون اليمين متعلقة بالشخص الذي وجهت له اليمين كون الطرف الذي لجأ لليمين وضع حقه أمام ضمير خصمه ، وإلا فإن توجيه اليمين يكون على مجرد العلم بالواقعة فقط على سبيل المثال في القضايا العمالية ضد الشركات في حال تم توجيه اليمين فإنه يتم توجيهها للمفوض بالتوقيع عن الشركة وهو في الغالب غير مرتبط بالعامل بشكل مباشر ولا يعلم بالتفاصيل إلا من خلال اطلاعه على سجلات أو أمور تتعلق بالعمل وبشكل غير مباشر دون احتكاك بالعامل نفسه وهنا يتوجب توجيه اليمين له حسب علمه ولا يجوز أن تكون غير ذلك، أما اليمين المتممة فإنه يجب ألا يكون في الدعوى دليلاً كاملاً وألا تكون خالية من أي دليل .
الاختلاف في الرجوع عن اليمين وردها :
اليمين الحاسمة يحق لمن وجهت له أن يردها على خصمه ولا يجوز الرجوع عن الرد في حال قبول الخصم الآخر حلف اليمين فهي تقبل الرد ولا تقبل الرجوع ، والقاضي ملزم بما ينتج عن اليمين الحاسمة أي يجب أن يحكم القاضي لصالح من حلف وفي حال النكول فإنه يخسر الدعوى ، أما اليمين المتممة فإنه يحق للقاضي الرجوع عنها ولكن في حال تم توجيهها فإنه لا يجوز لمن وجهت إليه أن يردها على خصمه ، ولا يتقيد القاضي بما ينتج عن اليمين المتممة وله أن يحكم للطرف الآخر في حال كانت البينات المقدمة من قبله أقوى وبالتالي فإن اليمين الحاسمة لا سلطة تقديرية فيها على عكس اليمين المتممة .
وينحصر دور القاضي في اليمين الحاسمة في أمرين :
التحقق من الشروط التي يتطلبها القانون لتوجيه اليمين الحاسمة ، وفي حال انتفائها لا يستطيع توجيه اليمين ، والأمر الآخر يحق للقاضي تعديل صيغة اليمين الحاسمة في حال كانت غير واضحة أو يلبسها غموض أو قصور أو تعسف
ولا بد من التطرق لاجتهادات محكمة التمييز الأردنية الموقرة فيما يتعلق باليمين الحاسمة والمتممة:
اجتهادات محكمة التمييز الموقرة فيما يتعلق باليمين الحاسمة :
توجيه اليمين الحاسمة يتضمن تنازلا عما عداها من البينات
وفي ذلك قضت محكمة التمييز الأردنية
إن القول بأن محكمة الاستئناف قد خالفت الأصول والقانون في تكليفها للجهة المميزة بتقديم الاتفاق الخطي على أتعاب المحاماة رغم علمها باليمين الحاسمة التي حلفتها المميزة على وجود اتفاق على أتعاب المحاماة هو قول مستوجب الرد ذلك أن ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف في قرارها المميز بعد اتباع النقض من تكليف للجهة المستأنفة بإبراز الاتفاق الجاري بين طرفي الدعوى حول أتعاب المحاماة عن القضايا الواردة في قائمة بينات المستأنف ضده ينسجم مع قرار النقض ويوافق أحكام المادة 202 من قانون أصول المحاكمات المدنية رقم 24 لسنة 1988 وتعديلاته.
إن توجيه اليمين الحاسمة يتضمن تنازلا عما عداها من البينات بالنسبة للوقائع التي ترد عليها وان حلف الخصم للصيغة المقررة من شأنه حسم النزاع حول هذه الوقائع وذلك وفقا لأحكام المادة 61 من قانون البينات وعليه فلا وجه للقول بأن محكمة الموضوع لم تكلف المميز ضده بتقديم كشف الحساب الذي تمخض عنه المبلغ المطالب به طالما أن الجهة المميزة ادعت بوجود اتفاق صريح على رصيد أتعاب المحاماة وطلب توجيه اليمين الحاسمة للتدليل على وجوده ومقدار الأتعاب المترصدة وحلفها المميز ضده فبالتالي يكون القرار المميز القاضي برد الاستئناف وتصديق قرار محكمة البداية والمتضمن الزام المدعى عليهما بدفع المبلغ المدعى به بالتكافل والتضامن مع الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة، متفقا وأحكام القانون.
قرار التمييز رقم 1198/2016
“حيث أن المسألة الجوهرية حسمت باليمين الحاسمة التي وجهتها الطاعنة للمدعى عليه حول طبيعة عقد العمل وهل كان لمدة محددة أم جاء مطلقاً دون تقييد بمدة أو بمرحلة من المشروع وحيث أن اليمين الحاسمة تحسم النزاع وتعني التنازل عن البينة المقدمة حول الواقعة وفقاً لأحكام المادتين (53 و 61) من قانون البينات “.
قرار التمييز رقم 247/2017
” وحيث أن اليمين الحاسمة هي إحدى البينات الواردة في المادة الثانية من قانون البينات يوجهها أحد المتداعين لخصمه ليحسم بها النزاع ويجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أن تفهم الخصم أن من حقه توجيه اليمين في حال عجز أحد أطراف الدعوى عن إثبات دعواه أو دفعه ويجوز لمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه وللمحكمة أن تعدل صيغة اليمين بحيث توجه بكل وضوح ودقه على الواقعة المطلوب الحلف عنها “.
قرار تمييز رقم 3880/2019
إن اليمين الحاسمة هي من عداد البينات ويجوز للخصم التمسك بها أمام محكمة الاستئناف.
قرار تمييز رقم 6564/2019
إن اليمين الحاسمة مُنهية للنزاع بالنسبة إلى الواقعة التي تناولتها اليمين ويُعتبر من وجهها مُتنازلاً عن كافة بيناته المتعلقة بتلك الواقعة وذلك وفقاً لنص المادة (61) من قانون البينات.
قرار تمييز رقم 7678/2019
لمحكمة الموضوع من تلقاء نفسها أن تفهم الخصم أن من حقة توجيه اليمين الحاسمة في حال عجز أحد طرفي الدعوى بإثبات دعواه وذلك استنادا لأحكام المادة (53/2) من قانون البينات.
إن توجيه اليمين المتممة المنصوص عليها في نص المادة (70) من قانون البينات امر متروك لتقدير المحكمة كونها من مسائل الواقع التي تستقل بوزنها محكمة الموضوع.
قرار تمييز رقم 8143/2019
يُستفاد من أحكام المادة (70) من قانون البينات إن اليمين المتممة ليست تصرفاً قانونياً، بل هي وسيلة من وسائل التحقق التي يوجهها القاضي حسب تقديره لأي من الخصمين إذا رأى إن أحد الخصمين قدم أدلة على ادعائه في الدعوى أو في الدفع أرجح من أدلة الخصم الآخر.
اليمين الحاسمة هي التي يوجهها أحد المتداعين لخصمه ليحسم بها النزاع ، وفقا ًلأحكام المادة (53) من قانون البينات.
النصوص القانونية المتعلقة باليمين الحاسمة في قانون البينات
المادة 55
1- يجب أن تكون الواقعة التي تنصب عليها اليمين متعلقة بشخص من وجهت اليه اليمين ، فان كانت غير شخصية انصبت اليمين على مجرد علمه بها.
2- يجوز أن توجه اليمين الحاسمة في أية حالة كانت عليها الدعوى في كل نزاع إلا أنه لا يجوز توجيهها في واقعة ممنوعة بالقانون أو مخالفة للنظام العام وللآداب.
المادة 56
إذا اجتمعت مطالب مختلفة يكفي فيها يمين واحدة .
المادة 57
1- يجوز لمن وجهت اليه اليمين أن يردها على خصمه على أنه لا يجوز الرد إذا انصبت اليمين على واقعة لا يشترك فيها الخصمان بل يستقل فيها شخص من وجهت اليه اليمين.
2- لا يجوز لمن وجه اليمين أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه أن يحلف.
المادة 58
لا تكون اليمين إلا أمام المحكمة ولا اعتبارا للنكول عن اليمين خارجها .
المادة 59
يجب على من يوجه لخصمه اليمين أن يبين بالدقة الوقائع التي يريد استحلافه عليها ويذكر صيغة اليمين بعبارة واضحة جلية .
وللمحكمة أن تعدل صيغة اليمين التي يعرضها الخصم بحيث تتوجه بوضوح ودقة على الواقعة المطلوب الحلف عليها .
المادة 60
كل من وجهت اليه اليمين فنكل عنها دون أن يردها على خصمه وكل من ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواه .
المادة 61
1- توجيه اليمين يتضمن التنازل عما عداها من البينات بالنسبة الى الواقعة التي ترد عليها ، فلا يجوز للخصم أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخصم الذي وجهت اليه أو ردت عليه.
2- على أنه إذا ثبت كذب اليمين بحكم جزائي فان للخصم الذي أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض.
المادة 62
يرفض توجيه اليمين إذا كانت واردة على واقعة غير منتجة أو غير جائز إثباتها باليمين .
المادة 63
إذا لم ينازع من وجهت اليه اليمين في جوازها ولا في تعلقها بالدعوى وجب عليه أن كان حاضراً بنفسه أن يحلفها فورها أو يردها على خصمه والا اعتبر ناكلا ،ويجوز للمحكمة أن تعطيه مهلة للحلف إذا رأت لذلك وجهاً فان لم يكن حاضراً وجب أن يدعى لحلفها بالصيغة التي أقرتها المحكمة وفي اليوم الذي حددته فان حضر وامتنع دون أن ينازع أو لم يحضر بغير عذر اعتبر ناكلا .
المادة 64
إذا نازع من وجهت اليه اليمين في جوازها أو في ورودها على واقعة منتجة في الدعوى ورفضت المحكمة منازعتها وحكمت بتحليفه بينت في قرارها صيغة اليمين ، ويبلغ هذا القرار للخصم أن لم يكن حاضراً بنفسه ويتبع ما نص عليه في المادة السابقة ويجوز حلف اليمين بغياب من طلبها .
المادة 65
إذا كان لمن وجهت اليه اليمين عذر يمنعه عن الحضور فتنتقل المحكمة أو تنتدب أحد قضاتها لتحليفه ،ويحرر محضر بحلف اليمين يوقعه الحالف والمحكمة أو القاضي المنتدب والكاتب .
المادة 66
تكون تأدية اليمين بان يقول الحالف “والله” ويذكر الصيغة التي أقرتها المحكمة .
المادة 67
يعتبر في حلف الأخرس ونكوله إشارته المعهودة أن كان لا يعرف الكتابة فان كان يعرفها فحلفه ونكوله بها .
المادة 68
تجري النيابة في التحليف، ولكن لا تجري في اليمين .
المادة 69
إذا كان من وجهت اليه اليمين يقيم خارج منطقة المحكمة فلها أن تنيب في تحليفه محكمة محل إقامته .
المادة 70
- للمحكمة من تلقاء نفسها أن توجه اليمين المتممة الى أي من الخصمين لإصدار حكمها في موضوع الدعوى أو في قيمة ما تحكم به شريطة ألا يكون في الدعوى دليل كامل وان لا تكون الدعوى خالية من أي دليل .
- لا يجوز للخصم الذي وجهت اليه المحكمة اليمين المتممة أن يردها على خصمه .
- للمحكمة أن ترجع عن توجيه اليمين المتممة قبل حلفها .
الخاتمة:
في الختام لا بد من أن يعي كل إنسان أهمية اليمين وخطورتها في الحياة فهي أقوى وأهم وأخطر طرق الإثبات في القانون الأردني وساء كانت حاسمة أم متممة فإن هذا الأمر لا يقلل من أهميتها وخطورتها ، فعندما يقبل الإنسان أن يحلف اليمين فإنه يتوجب أن يحلفها على كتاب الله عز وجل قرآن والإنجيل وهذا لتعظيم اليمين ، وإن كانت اليمين تنهي النزاع أو تكسب الشخص حقاً دنيوياً إلا أن خطورتها فيما إذا كان الحالف كاذباً وغير محق ولا يستحق ما حلف عليه وهنا فإن حسابه سيكون عند الله عز وجل فإن لم تتحقق العدالة أمام المحكمة والقانون تتحقق العدالة في السماء أمام الله لذا يتوجب تجنب اليمين أو حلفها قدر المستطاع وألا يتم الحلف إلا في حال كان الشخص متأكداً من أنه على حق وأنه لا ملجأ له إلا اليمين لإثبات ذلك .
المراجع:
1.محمد بن منظور، لسان العرب، المجلد الخامس عشر ، دار صادر ، بيروت ، 2003 ، صفحة 4969.
- يحيى بن شرف أبو زكريا النووي، شرح النووي على مسلم كتاب الأيمان ، باب اليمين على نية المستحلف، دار إحياء التراث العربي، بيروت ، ط2 ، 2010 ، صفحة 1653.
- علي بن محمد السيد الشريف الجرجاني ،كتاب التعريفات ، تحقيق عبد المنعم الحنفي ، دون دار نشر ، دون طبعة ، دون سنة نشر ، صفحة 290 .
- شهاب الدين أحمد القليوبي وشهاب الدين أحمد البرسلي الملقب بعميرة، على منهاج الطالبين ، كتاب الأيمان ج 4 ، دار الفكر ، صفحة 270 و271.
- الدردير أحمد بن محمد ، شرح الكبير ، مكتبة زهران القاهرة .
- أطروحة ماجستير بعنوان اليمين المتممة ، للطالبة أمل سليمان عبد الكريم أبو ظاهر، جامعة الأزهر، غزة ، كلية الحقوق، قسم القانون الخاص ، 2017.
- عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني ، نظرية الالتزام بوجه عام ، ج 2 ، م 1، تنقيح مصطفى محمد الفقي ، دار النهضة العربية ، طبعة 2 ، سنة 1989 صفحة 674.
- أطروحة ماجستير بعنوان اليمين المتممة ، مرجع سابق ، صفحة 11 و12.
- مقال منشور للمحامي مصطفى محمود فراج ، طرق الإثبات في القانون الأردني ، منشور على موقعه http://www.farrajlawyer.com/viewTopic.php?topicId=120
- أطروحة ماجستير بعنوان اليمين المتممة ، مرجع سابق ، صفحة ، 35.
- أحمد صدقي محمود ، القضاء باليمين الحاسمة ، دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية ، صفحة 11.
- قانون البينات الأردني
- مجموعة من أحكام محكمة التمييز الأردنية منشورة على موقع الموسوعة الأبدية .
- مجموعة من أحكام لمحكمة التمييز الأردنية منشورة على موقع قسطاس.