الجنحة هي أحد أنواع الجرائم، وقد سبق أن تحدثنا بمقال سابق عن مفهوم الجريمة وأنواعها بشكل عام إلا أننا سنخصص هذا المقال للحديث عن النوع الثاني من الجرائم وهي الجرائم الجنحوية، والتي تلي الجنايات من حيث الخطورة وشدة العقوبات التي تقع على مرتكبيها، فما المقصود بالجنحة؟
مفهوم الجنحة في القانون الأردني
لم يضع المشرع الأردني تعريف محدد للجرائم، بل بينها في الضوء العقوبة المقررة لها، فقسمها حسب العقوبات، فالجرائم التي عقوبتها الحبس والغرامة من خمس دنانير إلى مائتي دينار ، هي من الجرائم الجنحوية، سنداً لنص المادة (15) من قانون العقوبات الأردني ، فالحبس تتراوح مدته من بين أسبوع واحد وثلاث سنوات ، والغرامة من خمس دنانير إلى مائتي دينار.
الوصف القانوني للجنحة
الوصف القانوني يكون حسب العقوبة وذلك استناداً لنص المادة (55/1) من ذات القانون والتي جاء فيها (تكون الجريمة جناية أو جنحة أو مخالفة حسبما يعاقب عليها بعقوبة جنائية أو جنحيه أو مخالفة) ولا يتغير الوصف القانوني إذا أبدلت العقوبة المنصوص عليها بعقوبة أخف مع الآخذ بالأسباب المخففة استناداً لنص المادة (56) من ذات القانون، فالعبرة بالوصف القانوني منذ تقريره بالبداية في نصوص القانون.
ويُطلق على الشخص الذي يُعزى إليه ارتكاب جنحة (ظنين)، وذلك إذا كان الحد الأعلى للعقوبة المفروضة على الفعل المنسوب إليه ارتكابه الحبس ثلاث سنوات، ويقدم إلى محكمة البداية بموجب (قرار ظن) صادر عن المدّعي العام، ويطلق عليه (مُشتكَى عليه)، وذلك إذا كان الحد الأعلى للعقوبة المفروضة على الفعل المنسوب إليه ارتكابه الحبس سنتين، ويقدم إلى محكمة الصلح بناءً على شكوى من المتضرر، أو إخبار من الضابطة العدليّة كالشرطة وجميع الموظفين المخولين بموجب القوانين والأنظمة بوظائف الضابطة العدليّة.
الشروع في الجنح
لا شروع في الجنح إلا بنص القانون وذلك على عكس الجنايات فالشروع مقرر فيها دون الحاجة إلى نص خاص وذلك بالاستناد على النص القانوني الذي يقرر عقوبة الشروع في الجنايات .
هل الشروع في الجنح معاقب عليه؟
لا، كما ذكرنا لا شروع في الجنح إلا في الحالات التي نص عليها القانون صراحةً ، مثل الشروع في السرقة وإذا نص القانون على عقوبة الشروع في الجنح ، تكون العقوبة بما لا يزيد على نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها فيما لو تمت فعلاً ما لم ينص القانون على غير ذلك ، سنداً لنص المادة (71) من ذات القانون
عاقب القانون الاردني على الشروع في جنحة السرقة، وهو البدء في تنفيذ الفعل بقصد ارتكاب السرقة إلا أنها أوقفت أو لم تتحقق لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها.
إذا توقف التنفيذ لأسباب خارجة عن إرادة الفاعل كان الشروع ناقصا مثل اقتراب الجاني من المال المسروق كعمل من أعمال التنفيذ وعدولة يعتبر شروع ناقص، اما إذا وصل الى المال ووضع يده عليه ولم يتمكن من أخذه أصبح شروعا تاما، وإذا تمت كل أفعال التنفيذ ولم تظهر الجريمة الى عالم الوجود كان ذلك شروع تام وإذا استولى على المال وأخرجه من حيازة صاحبه وجعله في قبضة يده وتحت تصرفه فالسرقة تعتبر تامة وليست شروعا
لتحقق الشروع التام في السرقة يجب ان تكون الأفعال اللازمة لتحقق الجريمة قد تمت دون ان تتحقق النتيجة لأسباب مانعة لا دخل لإرادة الجاني فيها.
ما يخرج عن نطاق الشروع
يشترط في الشروع ان يبدأ الفاعل بتنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤدي اليه اما مجرد العزم والأعمال التحضيرية مثل ( حمل الأدوات المعدة لارتكاب الجريمة ) لا يعتبر شروعاً في هذه الجريمة لان العزم والأعمال التحضيرية ليست من أعمال البدء بالتنفيذ المقصودة ، فرجوع شخص عن كسر باب دكان كان ينوي سرقته بمحض إرادته لا يعتبر شارعاً في السرقة لان الشروع هو البدء بالتنفيذ وليس التحضير له .
أمثلة على الجرائم الجنحوية
السرقة البسيطة، الاعتداء البسيط، القتل من غير قصد (القتل الخطأ)، الاحتيال، الزنا، الانتحار، مخالفة قانون الآثار، إطلاق العيارات النارية، المقاومة والاعتداء على الموظفين ……. .
مبدأ في اعتبار جنحة التزوير مشمولة بالعفو العام
1- ينتفي حق المتهم بالطعن في الحكم من حيث اعتبار جنحة التزوير التي ارتكبها مشمولة بالعفو العام لانتفاء مصلحته إضافة الى ان البينات المقدمة في الدعوة ومنها اعترافه تؤكد قيامه بالتزوير .
2- قناعة محكمة الموضوع من البينات المقدمة في الدعوى قيام المميز بالتصرف بالكوبونات التي كانت تسلم اليه بتعبئة سيارته الخاصة بدلا منها وانه كان يقوم بسرقة الكوبونات المسلمة لزملائه والموجودة في السيارات التي يقودونها ومن ثم يقوم بوضع أسماء زملائه على تلك الكوبونات ويزور تواقيعهم عليها ويستلم الوقود بموجبها ويضعه في سيارته الخاصة فان الطعن المنصب على ذلك هو طعن بالصلاحية التقديرية لمحكمة الموضوع ، وحيث ان محكمة الموضوع اعتمدت بينات قانونية للوصول لهذه النتيجة وكان استخلاصها للنتيجة سائغا ومقبولا فلا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك .
3- استلزمت المادة (174 / 3) من قانون العقوبات لمعاقبة الموظف المختلس ان يكون المال المختلس سلم اليه بحكم وظيفته ولا يكون كذلك اذا لم يكن الموظف مختصا بمقتضى القوانين والأنظمة بإدارته أو جبايته أو حفظه وحيث ان المتهم سائق فلا يعتبر من الموظفين المختصين بأمر إدارة أو حفظ كوبونات البنزين وان استلامه لها لا يكون الا بشكل عارض ولغاية استعمالها ووضع الوقود في السيارة التي يعمل عليها في الجامعة ، وان يده على تلك الكوبونات والى حين استعمالها ووضع الوقود في سيارة الجامعة تكون يد أمانة وان تصرفه بالكوبونات لأغراضه الخاصة يشكل إساءة الائتمان وليس الاختلاس.